Telegram Web Link
#حملة_الأطفال_الصليبية.
#حملة_غريبة_عجيبة.
حدثت حملة ألأطفال الصليبية سنة 609 هجرية وهي تبين الى أي مدى كانت الروح الصليبية منتشرة في الغرب في تلك الحقبة فقد تسلطت الشياطين على المجتمع الغربي الصليبي فأصبحت تؤزهم أزاً.

فقد زعمت المصادر الغربية أن المسيح ( بزعمهم ) ظهر لهم ثلاث مرات مصلوبا في السماء في مقاطعة كولونيا في المانيا وأنهم شاهدوا مئات الصلبان تسبح في السماء وكل تلك الرؤى الشيطانية ليزدادوا ضلالا على ضلالهم.

ومن ضمن تلك الخرافات والرؤى الشيطانية أن فتى فرنسي يسمى ستيفن كان راعيا للغنم ادعى ان المسيح ظهر له وكلفه برسالة وهي أن يدعو الى حملة صليبية جديدة فاقتحم ستيفن فجأة مجلس الملك الفرنسي فيليب أغسطس الذي سبق وان اشترك في الحملة الصليبية الثالثة ضد صلاح الدين وابلغ الملك انه مرسل من قبل المسيح ولكن الملك الفرنسي استخف به وطلب منه ان يترك هذا الامر للملك وامرائه ، وامره ان يعود الى بيته ولكن ستيفن أعلن انه سيقود حملة من الاطفال لاسترداد البلاد المقدسة في بلاد الشام من المسلمين وانتزاع بيت المقدس من أيديهم واعلن ستيفن ان المسيح أخبره بأنه ستحدث معجزة

وهي ان البحر سينفلق له ولجيشه من الاطفال مثلما انفلق لموسى وقومه وسوف يمشون في قاع أرض البحر حتى يصلون الى الشام وكان ستيفن خطيباً مفوهاً فتأثر به الاف الاطفال وأنظم الى حملته نحو خمسين ألف طفل تتراوح أعمارهم مابين الثانية عشرة والخامسة عشرة من السنين من جمبع أنحاء فرنسا ، وصنع له بعض اتباعه عربة مسقوفة تقودها الخيول لتقيه من حرارة الشمس باعتباره في نظرهم رسول نبي مرسل من قبل ربهم المسيح وسارت الحملة من وسط فرنسا متجهة جنوباً صوب ميناء مرسيليا وكان الناس في كل مكان يمرون به يبدون اعجابهم بهؤلاء الاطفال الذين سوف يستردون القدس من المسلمين كما تبعهم الاف من الناس الى مرسيليا ليروا المعجزة التي ستحدث بانفلاق البحر لهم ووصلت الحملة الى مرسيليا واجتمع الناس ليروا المعجزة التي ستحدث!!! ومر يوم ويومان وثلاثة ولم تحدث المعجزة ولم ينشق البحر لدرجة أن بعض الاطفال اتهم ستيفن بالكذب وبعضهم رماه بالحجارة ولكنه ظل مصرا على أن المعجزة ستقع وبعد عدة أيام جاء الى ستيفن تاجران فرنسيان احدهما اسمه هيو الحديدي والثاني اسمه وليام الخنزير وعرضا على ستيفن ان ينقلاه مع اتباعه بالسفن الى الشام فوافق على ذلك واستقل ستيفن سبع سفن مع اتباعه وابحروا في البحر المتوسط ولم تعرف فرنسا شيئا عنهم الا بعد مضي 18 سنة .

لما سمع أطفال المانيا بنبأ حملة الاطفال الفرنسية ظهر بينهم فتى يسمى نيقولا ادعى النبوة هو الاخر وانه سيقود اطفال المانيا وانه سيتغلب على المسلمين ليس بالحرب ولكن بالتبشير حيث يدخلهم في النصرانية ويبدو انه تأثر بحركة الرهبان الفرنسيسكان والدومنيكان التي ظهرت في ذلك الوقت في أوائل القرن السابع واتجهت للعمل على تنصير المسلمين. واعلن نيقولا ان المسلمين سيعتنقون النصرانية ويصبحون رعايا للكنيسة الكاثوليكية واحتشد مع نيقولا عدد كبير من الاطفال وانقسموا الى دفعتين كل دفعة تقارب عشرين الف طفل وسارت الدفعتان صوب ايطاليا وكانت المسافة بعيدة ويلزم ان يعبروا ممرات جبال الالب حتى يصلوا الى ايطاليا ومات عدد كبير منهم بسبب طول المسافة ووعورة الطريق اما الباقون فقد وصلوا الى جنوة وقابل البابا انوسنت الثالث عدداً منهم ونصحهم بالعودة الى بلادهم ولكن نيقولا أصرّ على ان البحر سينفلق لهم ولما لم ينفلق تأثر معظم الباقين واصبحوا تائهين فتبنتهم بعض الاسر الايطالية ولم يرتحل الا القليل منهم مع تجار جنوة الذين كانت مصالحهم التجارية فوق كل اعتبار فباعوهم في اسواق الرقيق.

اما خبر حملة الاطفال الفرنسية فقد عاد احد الاساقفة بعد 18 سنة الى فرنسا واخبر انه كان ضمن الاطفال الذين ركبوا السفن السبع مع هيو الحديدي ووليام الخنزير وانهم اتجهوا جنوبا فتحطمت سفينتان عند جزيرة كورسيكا وغرقت بمن فيها من الاطفال اما باقي السفن فسارت جنوبا وفجأة طوقها اسطول اسلامي وتسلم رجال الاسطول كل الاطفال ونقلوهم الى ميناء بجاية في الجزائر وباعوهم في اسواق الرقيق وتوزعوا بين البلاد فوصل بعضهم الى مصر واخرون وصلوا الى بغداد وذكر الاسقف العائد انه كان ضمن 700 طفل اشتراهم والي الاسكندرية وشغلهم في مزارعه وبساتينة . وتمكن ذلك الاسقف من العودة ليخبر بمصير تلك الحملة.

والملاحظ ان الروح الصليبية كانت قوية في تلك السنة التي قامت فيها الحملة سنة 609 ففيها حدثت معركة العقاب التي حشد فيها البابا انوسنت الثالث كل القوى الغربية فقصمت المعركة ظهر الوجود الاسلامي في الاندلس وقررت مصيرها ومن الادلة على الروح الصليبية الجارفة في تلك الحقبة ان الكثير من البرصي والعميان والمعاقين بل وكثير من النساء العاهرات قد اتخذوا شعار الصليب لقتال المسلمين لكن البابا انوسنت الثالث امر رجال الدين ان لا يقبلوا الا من كان قادرا على القتال وان يحلوا أولئك العجزة من قسمهم.
كتبها . أ . د / علي بن محمد عودة الغامدي.
#معركة_حطين_الثانية
كما يسميها بعض المؤرخين
وهي :
#معركة_غزة_سنة٦٤٢هجري
بعد أقل من نصف قرن من وفاة صلاح الدين الأيوبي حدثت منازعات ومشاحنات وحروب بين ملوك بني أيوب في بلاد الشام ومصر أدت الى ركون بعضهم الى الصليبيين فجرت عليهم هذه السنة التي لاترد ولاتتحول . انفرد الصالح ايوب( ابن الكامل محمد بن العادل شقيق صلاح الدين) بحكم مصر في اواخر سنة 637 هجرية. وقرر استعادة دمشق من عمه الصالح اسماعيل الملقب بأبي الخيش الذي انتزعهامن الصالح ايوب غدرا . وهنا لم يجد أبو الخيش اسماعيل غضاضة في الاتصال بالصليبيين وطلب التحالف معهم ضد ابن أخيه صاحب مصر . ومن الطبيعي ان يرفض الصليبيون تقديم مساعدتهم لأبي الخيش اسماعيل بدون مقابل ، ولذلك أعطاهم أبو الخيش صفد وقلعة الشقيف، وهونين، وتبنين، كما تنازل عن حقوق المسلمين في مناصفات صيدا وطبرية وبعض بلاد الساحل وذلك سنة 638 هجرية .
ولم يجد أبو الخيش حرجا حينما منح الصليبين هذه البلاد في الوقت الذي تنصل فيه بعض أتباعه من ذلك الجرم مثل نائبه على قلعة الشقيف ويدعى الحاج موسى الذي رفض أمر أبي الخيش بتسليمه للصليبين فرفض قائلا” والله لا جعلته في صحيفتي” فقبض أبو الخيش عليه وضربه ضربا مبرحا حتى قتله وصادر كل أمواله وممتلكاته غير أن حامية القلعة بزعامة رجل يدعى أحمد الشقيفي عصوا أمر أبي الخيش إسماعيل ، وعندما اتضح لأبي الخيش حميتهم للمسلمين وانتصارهم للدين ، خرج من دمشق بعسكره وحاصر الشقيف حتى أخذه منهم بعد أن طلبوا منه الأمان على أنفسهم قائلين ” أنت أمرتنا أن نسلمه للفرنج أما نحن فما يحل لنا أن نسلمه لهم ونسلمه إليك تفعل فيه ماتختار” فسلمه أبو الخيش للصليبين وظل بأيديهم أكثر من عقدين من الزمان حتى استرده الظاهر بيبيرس. وتسلم الصليبيون من أبي الخيش صفد التي كانت خرابا منذ زمن الحملة الصليبية الخامسة فقرروا بنائها وجمعوا ألف أسير مسلم كانوا في سجونهم وسخروهم للعمل في بناء صفد وكان يحرسهم 200 رجل من الصليبين فاتفق الأسرى فيما بينهم على مهاجمة حراسهم وتجريدهم من أسلحتهم والاستيلاء على صفد.
ولضمان نجاح خطتهم أرسلوا إلى والي عجلون ليبعث اليهم من يتسلم صفد إذا تخلصوا من حراسهم فأرسل والي عجلون برسالة الأسرى إلى سيده الناصر داود صاحب الكرك الذي أرسلها بدوره إلى عمه أبي الخيش اسماعيل الذي أرسل رسالة الأسرى إلى الصليبين فجاء الصليبيون إلى صفد وقبضوا على الأسرى ودخلوا بهم عكا ” فذبحوهم عن آخرهم” ثم واصل الصليبيون بناء صفد بمساعدة أبي الخيش اسماعيل الذي ارتكب بعمله هذا جرما شنيعا يتنافى وكل القيم الخلقية، ناهيك عن خيانة الدين والوطن والشرف.
وسمح أبو الخيش اسماعيل للصلييين بالدخول إلى دمشق لشراء السلاح، فتحرج تجار السلاح من بيع الأسلحة للفرنج واستفتوا الشيخ عبدالعزيز بن عبد السلام فأفتى بتحريم بيعهم السلاح قائلا” انهم يشترونه ليقاتلوا به آخوانكم المسلمين”
ولقد أثارت أفعال أبي الخيش اسماعيل الرأي العالم الإسلامي في بلاد الشام؛ وقطع الشيخ عبدالعزيز بن عبد السلام خطيب جامع دمشق الدعاء لأبي الخيش اسماعيل وندد به وأكثر من التشنيع عليه واستبدله بذلك الدعاء الذي يقوله الخطباء إلى اليوم” اللهم ابرم لهذه الأمة إبرام رشد تعز فيه أوليائك وتذل فيه اعدائك ويعمل فيه بطاعتك وينهى فيه عن معصيتك” والناس يبتهلون ورائه بالدعاء . فاعتقل أبو الخيش الشيخ عبدالعزيز وأخذه إلى قرب القدس حيث اجتمع مع زعماء الصليبين وظل الشيخ معتقلا بجوار الخيمة يقرأ القرآن فقال أبو الخيش لزعماء الصليبين أتسمعون هذا الذي يقرأ القرآن؟ قالوا نعم، قال : هذا أكبر قسوس المسلمين وقد حبسته لإنكاره علي تسليمي لكم حصون المسلمين فقال زعماء الصليبين “لو كان هذا قسيسنا لغسلنا رجليه وشربنا مرقتها” …
ووصلت اثناء ذلك حملة صليبية من فرنسا نجدة للصليبيين في بلاد الشام فأرسل الصالح اسماعيل جيشا للإنضمام للصليبيين والزحف على مصر . ولما علم الصالح ايوب صاحب مصر أرسل جيشه للتصدي لذلك الحلف ولما التقى الجمعان انضم عسكر الشام إلى قوات الصالح أيوب ومالوا على الصليبين وهزموهم وأسروا عددا كبيرا منهم .
ولم يتعظ أبو الخيش من تلك الهزيمة فجند قوات جديدة وجدد التحالف مع الصليبين واستمال إليه المنصور صاحب حمص والناصر داود صاحب الكرك . ولما علم الصالح أيوب بذلك أرسل إلى الخوارزمية ” وهم بقايا جيش الدولة الخوارزمية التي انهارت أمام المغول ” وكانوا زهاء 10000فارس. وقرر أبو الخيش اسماعيل بالاتفاق مع ابن أخيه الناصر داود تسليم بيت المقدس بكامله إلى الصليبين وكذلك المسجد الأقصى وقبة الصخرة كما أعطاهم قلعة كوكب، ودخل الصليبيون بيت المقدس ولم يكتف أبو الخيش بذلك بل وعد الصليبين بجزء من ديار مصر إذا فتحوها . وأخذ الصليبيون في حشد قواتهم لتنفيذ اتفاقهم مع أبي الخيش اسماعيل والناصر داود وقد حكى المؤرخ المعاصر ابن واصل كيف انتهك الصليبيون حرمة المقدسات الإسلامية في القدس حين مر بها في آواخر سنة 641هجرية وهو في طريقه إلى مصر فقال ” ودخلت البيت المقدس ورأيت الرهبان والقسوس على الصخرة المقدسة وعليها قناني الخمر برسم القربان ودخلت الجامع الأقصى وفيه جرس معلق وأبطل بالمسجد الآذان والإقامة وأعلن فيه بالكفر.
ولما وصلت دعوة الصالح أيوب إلى حلفائه الخوارزمية بالجزيرة الفراتية التي يدعوهم فيها لمناصرته عبروا الفرات إلى بلاد الشام وساروا حتى وصلوا البيت المقدس واقتحموه على الصليبين فقتلوا كل من وجدوه بها منهم ثم دخلوا كنيسة القيامة ونهبوها وهدموا المقبرة التي يعتقد النصارى أنها مقبرة المسيح وطهروا المسجد الأقصى من براثن الصليبين وطاردوا الفارين من الصليبين إلى قرب يافا ولم ينج منهم سوى 300 شخص فقط. وباسترداد الخوارزمية لبيت المقدس أصبح في أيدي المسلمين ولم يقدر لجيش نصراني الوصول إليه حتى الحرب العالمية الأولى . وتوجه الخوارزمية إلى غزة وراسلو الصالح أيوب يخبرونه بقدومهم لنصرته وطلبوا منه إرسال عسكر مصر إليهم لقتال أعدائه جميعا فجهز الصالح أيوب جيش مصر بقيادة مملوكه ركن الدين بيبرس فوصل إلى غزة وانضم إلى الخوارزمية .
أما أبو الخيش اسماعيل فقد استدعى المنصور صاحب حمص وجعله قائدا عاما على عساكره ولما اجتمع المنصور مع أبي الخيش في دمشق اتفقا على تسليم كل البلاد التي تقع غرب نهر الأردن للصليبين إذا نجحوا في الإستيلاء على مصر بشرط أن يمضي الصليبيون بكل جيوشهم معهما إلى مصر .
وقاد المنصور العساكر من دمشق ومر بعكا ووضع معهم الإتفاق على غزو مصر بكل قواتهم وأن يكون لهم جزء من الديار المصرية واتحد المنصور بقواته مع قوات الصليبين وكان الصليبيون يكونون ميمنة الجيش بينما المنصور بعساكره وعساكر دمشق وكتيبة من حلب في القلب أما الميسرة فكانت من نصيب عساكر الناصر داود صاحب الكرك. وكانت أعلام الصليبين ترفرف فوق رؤوس المنصور وأصحابه وفي أعلى سواري الأعلام شارات الصليب ،ومعهم الرهبان والقسيسين يدورون على كتائب العساكر الشامية يصلبون عليهم ويباركونهم وبأيديهم كاسات الخمر يسقونهم .
والتقى الجمعان شمال شرق غزة يوم الآثنين 12جمادى الأولى642هجرية ودارت معركة حامية الوطيس وثبت الخوارزمية في ميدان القتال وأنزلو الهزيمة الساحقة بالقوات الشامية وانهزم المنصور صاحب حمص وعندئذ أحاطت الخوارزمية بالصليبين وحصدوهم بسيوفهم وأسروهم ولم ينج منهم إلا القليل وكان عدد القتلى من الصليبين وحلفائهم من الشاميين كما ذكر المؤرخ المعاصر سبط بن الجوزي الذي شاهدهم بنفسه فقال” ولقد أصبحت ثاني يوم الكسرة إلى غزة فوجدت الناس يعدون القتلى بالقصب فقالوا “هم زيادة على ثلاثين ألفا” وقد أيده في هذا التقدير كثير من المؤرخين . وغنم الخوارزمية وعسكر مصر أثقال الشاميين وأسلحتهم وأموال وخزائن المنصور صاحب حمص الذي طلب بعد فراره شاشا يتعمم به فلم يجده . وهناعاد له وعيه فتذكر هذه السنة التي وضعها الله جل وعلا لهذه الأمة وعبر عن مضمونها بقوله ” قد علمت أن لما سرنا تحت صلبان الفرنج أنى لا نفلح” لقد أدرك هذه السنة بعد فوات الآوان وحاول التكفير عنها بالإنضمام إلى الصالح أيوب وساعده في استرداد معظم بلاد الشام التي كانت بإيدي أولئك الحكام.
أما الصالح اسماعيل فلم يؤثر عنه أنه ندم على فعلته وقد أسره مماليك الصالح أيوب في سنة 648هجرية وأعدموه في القاهرة .
وقد جرت هذه السنة الربانية في بلاد الشام مرات عديدة وقد وضحنا في هذا المقال و احدة منها لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد.
كتبه أ.د. علي بن محمد عودة الغامدي.
#عناية_الله_هي_التي_نصرت
#المسلمين_في_عين_جالوت.
فهولاكو اجتاح حلب بجيشه الضخم الذي يزيد عن مئة ألف مقاتل مغولي بالإضافة إلى اتباعهم وحلفائهم
واخذ هولاكو يتاهب للزحف إلى مصر ، وقد أرسل رسالة الإنذار المشهورة إلى قطز وقادة المماليك. ولم يكن بمقدور دولة المماليك الناشئة - التي لا يزال وضعها قلقاً في ذلك الحين - مواجهة هذا الجيش الجبار في معركة مواجهة حاسمة.
والله سبحانه وتعالى وعد نبيه محمد صلى الله عليه وسلم أن لا يسلط على أمته عدو يستأصل شأفتها بالكلية. والمغول اجتاحوا المشرق الإسلامي بأكمله ، ولن يتركهم الله جل وعلا يجتاحون الغرب الإسلامي برمته.
وفجأة جاء الخبر من منغوليا إلى هولاكو بأن الله أهلك أخاه الخان الأكبر منقوقآأن.
وهنا انقلبت خطط هولاكو رأساً على عقب.
فقرر العودة بجيشه إلى منغوليا للمشاركة في اختيار الخان الجديد وترتيب الأمور الخاصة ببيت جنكيزخان ، حتى لا تنفرط وحدة البيت المغولي الحاكم.
وهنا توسل ملك الأرمن النصراني هيثوم لهولاكو أن يُبقي فرقة لمساعدة النصارى على استرداد القدس من المسلمين.
فأبقي هولاكو عشرة الآف فقط بقيادة كتبغا النصراني. ومعه زوجة هولاكو النصرانية دوقوز خاتون
وكان هذا الجيش الصغير هو الذي انتصر عليه المسلمون بقيادة قطز الذي ناهز جيشه اربعين ألف مقاتل.
فعناية الله هي التي حمت المسلمين بهلاك خان المغول وعودة هولاكو بمعظم جيشه إلى منغوليا.
ومن عناية الله الأخرى بالمسلمين أن بركة خان سلطان مغول روسيا ، وابن عم هولاكو ، اعتنق الإسلام وأخذ يضغط على مملكة هولاكو من الشمال ، ويسعى للانتقام منه لقتله الخليفة العباسي في بغداد ، وقد مات هولاكو دون أن يتمكن من الانتقام من المماليك.
وجرت بعد ذلك معارك كبيرة - أكبر من عين جالوت - بين سلالة هولاكو والمماليك وكان النصر في أغلبها للمماليك وذلك في عهود الظاهر بيبرس ، وقلاوون وأبناء قلاوون.
الظاهر_بيبرس_وفتح_أنطاكية
احتل الصليبيون أنطاكية سنة ٤٩١ هجرية وظلت بأيديهم حتى الرابع من رمضان سنة 666 هجرية حين افتتحها الظاهر بيبرس عنوة من أيدي الصليبيين.
وإمارة انطاكية الصليبية وما يتبعها من بلاد تزيد مساحتها عن فلسطين التي يحتلها الصهاينة ، وهي من اغنى الإمارات الصليبية التي أقامها الصليبيون في بلاد الشام والجزيرة الفراتية.

ومدينة انطاكية اكثر مدن الشام تحصينا تحيط بها المرتفعات من الجنوب والشرق ويكتنفها نهر العاصي من الغرب وتكثر بها الغابات والمستنقعات من جهة الشمال ويحرسها سور مرتفع بالغ التحصين طوله 12 ميلاً وبه 360 برجا وتقع قلعة انطاكية على قمة الجبل داخل اسوار المدينة وقد زاد الصليبيون في تحصينها كثيرا.

ولم ينجح الصليبيون في احتلالها قبل 175 سنة الا بعد حصار طويل ومعارك دامية استمرت اكثر من ثمانية اشهر مع أهل السنة من الاتراك والعرب والاكراد.

وتعتبر انطاكية من المدن المقدسة في عالم النصرانية ولذلك اتجهت اليها جيوش الصليبيين قبل القدس , وكانت انطاكية من أغنى وأبهى الامارات الصليبية .

وقد انساق امير انطاكية الصليبي بوهمند السادس وراء حميه هيثوم ملك الارمن في التحالف مع المغول بقيادة هولاكو ضد المسلمين وشاركت قواته معهم في احتلال بغداد سنة 656 وحلب سنة 658 هجرية كما كان بنفسه مع كتبغا وحميه هيثوم في احتلال دمشق سنة 658 وشاركت قواته في التنكيل بالمسلمن مثل المغول.

وقد انتقم الظاهر بيبرس من ملك الارمن هيثوم سنة 664 هجرية فأرسل الجيش الى بلاده في جنوب جبال طوروس ودمرها وعاد ومعه 40 ألف اسير وغنائم لاتحصى.

وقد ارتقى السلطان الظاهر بيبرس بتدريب الجيش المسلم ورفع قدرته القتالية حتى بلغ درجة لم يبلغها من قبل لا في عهد نور الدين ولا في عهد صلاح الدين .

خرج الظاهر بيبرس بجيشه من مصر في 3 جمادى الاخرة 666 هجرية دون ان يفصح لاحد من قادته عن هدفه ووصل الى يافا فتسلمها من الصليبيين بدون قتال.

ثم سار شمالا وحاصر قلعة الشقيف واستولى عليها ثم تسلم بيروت سلما من الصليبيين الذين وقع الرعب في قلوبهم فطلبوا منه الامان فاجابهم الى طلبهم.

وتوجه بيبرس بجيشه الى طرابلس الصليبية وقتل الصليبيين خارجها ودمر قراها وقطع اشجارها وغور مياهها وانهارها بهدف اضعافها حتى يسهل فيما بعد فتحها وتسلم بيبرس من فرسان الاسبتارية الصليبيين حصن الاكراد وانطرطوس وصافينا بالامان بعد ان وقع الرعب في قلوبهم ثم ارتحل بيبرس من عند طرابلس في 24 شعبان دون ان يعرف احد هدفه الحقيقي فوصل الى حمص ومنها الى حماة وقسم جيشه الى ثلاثة اقسام للاطباق على انطاكية .

قسم : أمره ان يستولي على ميناء السويدية وهو ميناء انطاكية ليمنع وصول أي نجدة او حملة قادمة من الغرب لنجدة انطاكية او من دولة قبرص الصليبية.
وقسم : يطوق انطاكية من الشمال ليمنع اي مساعدة من جانب الارمن في جنوب جبال طوروس.
وقسم قاده بيبرس بنفسه للهجوم على انطاكية وانتزاعها من الصليبيين.
وفي يوم الاربعاء أول رمضان 666 أصبح بيبرس بجيشه امام أسوار انطاكية فخرج قائد الصليبيين سيمون بفرقة لمواجهة جيش بيبرس فانزلوا به الهزيمة واسروه واحضروه امام بيبرس فطلب منه ان يعود الى المدينة ليطلب من أهلها تسليمها بالامان حقنا لدمائهم فعاد سيمون الى انطاكية وترك ابنه رهينة لدى بيبرس.

ولم ينجح سيمون ومن معه من رجال الدين باقناع الصليبيين بالتسليم بالامان.

وفي الساعة الرابعة من يوم السبت 4 رمضان 666 أمر بيبرس جنوده بالهجوم وتسلق الجنود اسوار انطاكية بطريقة اسطورية غير مسبوقة وكأنهم الفهود والنمور مما يدل على التدريب الشاق المسبق والعالي لهذه العملية الفريدة .

وبسرعة البرق فتحوا الابواب وتدفقت قوات البطل الظاهر بيبرس الى داخل انطاكية وشرعت في حصد الصليبيين بلا هوادة ولم يبقوا من الصليبيين احدا.

اما نساء وابناء الصليبيين فقد اصبحوا رقيقا للمسلمين وبلغوا من الكثرة ان سعر الغلام انخفض الى 12دينار والجارية الى 6 دنانير والجاموسة درهمين .

اما الاموال من الذهب والفضة والحلي فبلغت من الكثرة حدا انها وزعت على الجنود بالطاسات وليس بالعدد لان انطاكية كانت اغنى الامارات الصليبية.

واستسلمت للظاهر بيبرس سائر القرى والحصون التابعة لانطاكية وحصل منها على غنائم اخرى وفيرة.

اما امير انطاكية بوهمند الذي كان في طرابلس فلم يعلم بسقوط امارتة الا من الرسالة التي ارسلها اليه الظاهر بيبرس يشرح له تفاصيل هذا الفتح الذي تم كما قال في رسالته في التاريخ المشار اليه
رسالة بيبرس إلى الامير بوهمند السادس

« قد علم القومص الجليل [ المبجل المعزز الهمام ، الأسد الضرغام ، بيمند فخر الأمة المسيحية ، رئيس الطائفة الصليبية كبير الأمة العيسوية بيمند المنتقلة مخاطبته بأخذ أنطاكية [ منه ] من البرنسية إلى القومصية ، ألهمه اللَّه رشده ، وقرن بالخير قصده ، وجعل النصيحة محفوظة عنده .

ما كان من قصدنا طرابلس وغزونا له في عقر الدار ، وما شاهده بعد رحيلنا من إخراب العمائر ، وهدم الأعمار ، وكيف كنست تلك الكنائس من بساط الأرض ، ودارت الدوائر على كل دار ، وكيف جعلت تلك الجزائر من الأجساد على ساحل البحر كالجزائر ، وكيف قتلت الرجال ، واستخدمت الأولاد ، وتملكت الحرائر ، وكيف قطعت الأشجار ، ولم يترك إلا ما يصلح لأعواد المجانيق [ إن شاء اللَّه ] والستائر ، وكيف نهبت لك ولرعيتك الأموال والحريم والأولاد والمواشي ، وكيف استغنى الفقير وتأهل العازب واستخدم الخديم وركب الماشي » .

« هذا وأنت تنظر نظر المغشى عليه من الموت ، وإذا سمعت صوتا قلت فزعا :
على هذا الصوت ، وكيف رحلنا عنك رحيل من يعود ، وأخرناك وما كان تأخيرك إلا لأجل معدود . وكيف فارقنا بلادك ، وما بقيت ماشية إلا وهى لدينا ماشية ، ولا جارية إلا وهى في ملكنا جارية ، ولا سارية إلا وهى في أيدي المعاول سارية ، ولا زرع إلا وهو محصود ، ولا موجود لك إلا وهو منك مفقود ، ولا منعت تلك المغاير التي هي في رؤس الجبال الشاهقة ، ولا تلك الأودية التي هي في التخوم مخترفة وللعقول خارقة . وكيف سقنا عنك ولم يسبقنا إلى مدينتك أنطاكية خبر .
وكيف وصلنا إليها وأنت لا تصدق أننا نبعد عنك ، وأن بعدنا فسنعود على الأثر . وها نحن نبلغك بماتم ، ونفهمك بالبلاء الذي عم »

« كان رحيلنا عنك عن طرابلس يوم الأربعاء رابع عشرين شعبان ، ونزولنا أنطاكية في مستهل شهر رمضان . وفى حالة النزول خرجت عساكرك المبارزة فكسروا ، وتناصروا فما نصروا ، وأسر من بينهم كندا اسطبل ، فسأل مراجعة أصحابك . فدخل إلى المدينة ، فخرج هو وجماعة من رهبانك وأعيان أعوانك فتحدثوا معنا ، فرأيناهم على رأيك في إتلاف النفوس بالغرض الفاسد ، وأن رأيهم في الخير مختلف ، وقولهم في الشر واحد ، فلما رأيناهم قد فات فيهم الفوت ، وأنهم قد قدر اللَّه عليهم الموت رددناهم وقلنا : « نحن الساعة لكم نحاصر ، وهذا هو الأول في الإنذار والآخر » فرجعوا متشبهين بفعلك ومعتقدين أنك تدركهم بخيلك ورجلك ، ففي بعض ساعة مر شأن المرشان ، وداخل الرهب الرهبان ، ولان للبلاء القسطلان ، وجاءهم الموت من كل مكان » .
« وفتحناها بالسيف في الساعة الرابعة من يوم السبت رابع شهر رمضان ، وقتلنا كل من أخترته لحفظها والمحاماة عنها ، وما كان أحد منهم إلا وعنده شئ من الدنيا ، فما بقي أحد منا إلا وعنده شئ منهم ومنها . فلو رأيت خيّالتك وهم صرعى تحت أرجل الخيول ، وديارك والنهاية فيها تصول ، والكسّابة فيها تجول ، وأموالك وهى توزن بالقنطار ، وداماتك وكل أربع منهن تباع ، فتشترى من مالك بدينار ، ولو رأيت كنائسك وصلبانها قد كسرت ونشرت ، وصحفها من الأناجيل المزورة قد نثرت ، وقبور البطارقة قد بعثرت. ولو رأيت عدوك المسلم وقد داس مكان القداس والمدبح ، وقد ذبح فيه الراهب والقسيس والشماس ، والبطارقة وقد دهموا بطارقة ، وأبناء الملوك وقد دخلوا في المملكة . ولو شاهدت النيران وهى في قصورك تخترق ، والقتلى بنار الدنيا قبل الآخرة تحترق ، وقصورك وأحوالها قد حالت ، وكنيسة بولص وكنيسة القسيان قد زلَّت كل منها وزالت ، لكنت تقول : « يا ليتني كنت ترابا ، ويا ليتني لم أوت بهذا الخبر كتابا » ، ولكانت نفسك تذهب من حسرتك ، ولكنت تطفى تلك النيران بماء عبرتك . ولو رأيت مغانيك وقد أقفرت من معانيك ، ومراكبك وقد أخذت في السويدية بمراكبك ، فصارت سوانيك من من شوانيك ، لتيقنت أن الإله الذي أنطاك أنطاكية منك استرجعها ، والرب الذي أعطاك قلعتها منك قلعها ، ومن الأرض أقتلعها . ولتعلم أنا قد أخذنا بحمد اللَّه منك ما كنت أخذته من حصون الإسلام وهو : دير كوش ، وشقيف تلميس ، وشقيف كفردنين ، وجميع ما كان من بلاد أنطاكية ، واستنزلنا أصحابك من الصياصي وأخذناهم بالنواصي ، وفرقناهم في الداني والقاصى ، ولم يبق شئ يطلق عليه اسم العصيان إلا النهر ، فلو استطاع لما سمى بالعاصي ، وقد أجرى دموعه ندما ، وكان يذرفها عبرة صافية ، فهو أجراها بما سفكناه فيه دما ».
‏« وكتابنا هذا يتضمن البشرى لك بما وهبك اللَّه من السلامة وطول العمر ، بكونك لم تكن لك في أنطاكية في هذه المدة إقامة ، وكونك ما كنت بها فتكون إما قتيلا ، وإما أسيرا ، وإما جريحا ، وإما كسيرا . وسلامة النفس هي التي يفرح بها الحي ، إذا شاهد الأموات ، ولعل اللَّه ما أخرك إلا لأن تستدرك من الطاعة والخدمة ما فات . ولما لم يسلم أحد يخبرك بما جرى خبّرناك ، ولما لم يقدر أحد يباشرك بالبشرى بسلامة نفسك وهلاك ما سواها باشرناك بهذه المفاوضة وبشّرناك ، لتتحقق الأمر على ما جرى . وبعد هذه المكاتبة لا ينبغي لك أن تكذب لنا خبرا ، كما أن بعد هذه المخاطبة يجب أن لا تسأل غيرها مخبرا »

هذه الرسالة ليس فيها مبالغة فقد اجمعت عليها المصادر.
التسامح الكبير مع الصليبيين جرى زمن عماد الدين ونور الدين وصلاح الدين.
فلما جاء سلاطين المماليك وعلى رأسهم بيبرس وجدوا أن تلك السياسة لا تنفع مع الصليبيين الذين كانوا لايتركون مسلما حيا في حالة انتصارهم بل قتلوا حتى الحيوانات العائدة للمسلمين بما فيها القطط والكلاب مثلما حدث في القدس.
عندئذ عاملهم بيبرس بنفس سياستهم. والبادئ اظلم.

والظاهر بيبرس كان أمامه خيار قرأني هو قول الله تعالى : ( وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُم بِهِ ۖ وَلَئِن صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِّلصَّابِرِينَ) النحل : اية ١٢٦ .
وقد اختار الظاهر بيبرس الخيار الأول في الآية الكريمة بهدف أن يردع الغرب الصليبي عن تنظيم حملة صليبية كبيرة وإرسالها الى الشام. وقد نجح في تحقيق هذا الهدف فلم يجرؤ الغرب على تنظيم وإرسال حملة صليبية جديدة طوال العصر المملوكي كله رغم مناشدات وخطط المئات من البابوات والدعاة النصارى ورجال الدين المهووسين بالحروب الصليبية للسلطات الحاكمة في الغرب لتنظيم هذه الحملة
#بيبرس_والباطنية_الإسماعيلية
قال عز الدين بن شداد من مآثر بيبرس: ( مافعله بالإسماعيلية، فإنه قهرهم وقسرهم واستعبدهم ، حتى صار يبعثهم لقتل من عاداه وناوأه، ممن بعُد وقرُب) ومن أمثلة ذلك تنفيذ أمره لهم بقتل أمير صور الصليبي فيليب دي مونتفرات سنة ٦٦٧ هجرية.
عزالدين بن شداد ، تاريخ الملك الظاهر/ص ٣١٣
#أبرز_منعطفات_العدوان_الفكري#والعسكري_الغربي_على_أمة#الإسلام_عبر_العصور
لا يوجد في تاريخ الخلائق كلها منذ أن خلقها الله تعالى على هذه الارض أمة بغت على أمة وظلمتها وأذتها مثل ظلم الغرب وبغيه على أمة الاسلام.
وهذه أبرز الأمثلة على طغيان وبغي الغرب على أمة الإسلام.
#صفرونيوس أسقف القدس الذي سلمها لعمر رضي الله عنه سلماً دون قتال سنة 17 هجرية وكتب له عمر العهدة العمرية المشهورة التي اصبحت مضرب المثل في التسامح.
تجول صفرونيوس مع عمر ودخل معه كنيسة القيامة ولما أراد عمر ان يصلي طلب منه يصلي داخل الكنيسة فرفض وقال لو فعلت لاخذها المسلمون وقالوا : (هاهنا صلى عمر) وخرج عمر وصلى امام باب الكنيسة وشاهد صفرونيوس بأم عينيه أسمى وأعظم توحيد في صلاة عمر التى تلقاها من سيد البشر صلى الله عليه وسلم .
وبعد ذلك يلقي صفرونيوس عدة مواعظ في اتباعه ويصف المسلمين بالوثنيين أي ظلم وأي بغي اقترفه صفرونيوس وورّثه لاجيال النصارى من بعده!!!
ويصف صفرونيوس الفتح الاسلامي للقدس الذي لم ترق فيه قطرة دم واحدة برجسة الخراب التي تنبأ بها النبي دانيال وهكذا نزل النبؤة على فتح المسلمين وتناسى صفرونيوس الاحتلال الفارسي للقدس قبل 20سنة من ذلك التاريخ عندما قتل الفرس من النصاري 90 ألفا ودمروا القدس دماراً مابعده دمار. كل ذلك نسيه. وتناسى صفرونيوس مافعله الاباطرة الرومان نيرون وهادريان وتيتوس الذين دمروها بالكامل ونزل نبؤة دانيال على الفتح الاسلامي الذي كان سلمياً.
وقد تبنى المؤرخ الانجليزي الحديث ستيفن رنسيمان نفس رؤية صفرونيوس وافتتح بها الفصل الاول من كتابه(تاريخ الحروب الصليبية) واشهر الكتب عنها كتاب رنسيمان المترجم الى العربية في 3 مجلدات وتجد عنوان الفصل الاول من المجلد الأول(رجسة الخراب) فنزل نبؤة دانيال على الفتح الاسلامي بغى وطغى.
وتظهر في القرن الاول نبؤة ‎#ميثوديوس وتبدو وكأنها كُتبت قبل ظهور الاسلام وهي تصور المسلمين وكأنهم الردة التي تسبق المسيح الدجال التي جاءت في الاناجيل.
وتتوارث أجيال النصارى في بلاد الروم والغرب عقيدة باغية بان المسلمين وثنيين وان دينهم وثني وأنهم الردة الكبرى التي تسبق ظهور المسيح الدجال .
فمن صفاته صلى الله عليه وسلم” الشجاعة والصدق والامانة والوفاء والطهارة والعفاف والزهد...الخ فكل صفاته الفريدة عكسوها وقدموها لجماهيرهم ، ولا اقول هذا تجنيا فقد اعترف بهذا المؤخ الامريكي نورمال دانيال في كتابه الاسلام والغرب فقال(ان سيرة النبي جاءت معكوسة في كتاباتهم بشكل غريب) ومن الذين عكسوا صفاته صلى الله عله وسلم:يوحنا الدمشقي وثيوفانس ونيقتاس هم روم والسيرة التي كتبت في دير بنبلونة في شمال الأندلس.
وغذى الرهبان بتلك الكتابات جماهيرهم لدرجة انه ظهرت في قرطبة حركة بدأت سنة 236 يقوم افرادها بسب النبي صلى الله عليه وسلم بتلك الصفات المعكوسة.
وتسمي المصادر الغربية تلك الحركة”حركة شهداء قرطبة” وسار على نهجها بعض الدارسين العرب والإسم اللأئق بها "حركة المسعورين المقتولين في قرطبة " فياتي بعض الرهبان الى الشارع أو المسجد أو الى دار القضاء فيسب النبي صلى الله عليه وسلم بكلمات تقشعر منها الابدان من عبارات تلك السيرة السيئة فيستتاب الشاتم من جانب القاضي ولكنه يرفض التوبة فيحكم عليه بالقتل وقد اعدم من اولئك زهاء 50 شخصا وقد اعتبر النصارى اولئك المقتولين قديسين.
ومن المحرضين على تلك الحركة الاسقف أولوخيو وصديقه الفارو  وقدكتبا قصة الحركة وسير المقتولين وفلسفا ونظرا لتلك الافعال في كتب ورسائل عديدة ولكنهما أعدما في نهاية الحركة فهرب اخوة أولوخيو الى سكسونيا في المانيا ونشرا كتبه ورسائله والسيرة المكتوبة في بنبلونة في سائر ارجاء أوربا وترجم امين مكتبة البلاط البابوي انستاسيوس الى اللغة اللاتينية ماكتبه الكتاب الروم من كتابات سيئة عن الاسلام وعن النبي صلى الله عليه وسلم وانتشرت تلك الكتابات الشنيعة عن الاسلام ونبيه في سائر انحاء اوربا واصبحت كما يقول نورمان دانيال بئراً من الكراهية ضد الاسلام يجدد باستمرار .
وبلغت الكراهية للمسلمين ونبيهم حدا مفرطا حتى ان المترجمين الغربيين لما قاموا بترجمة علوم المسلمين اخذوا يقدمونها بوصفها عربية وليست اسلامية نظرا لان كلمة عربي تشير الى عنصر عرقي بينما كلمة اسلام تثير الرعب والكره والفزع والحقد في قلوب الجمهور الغربي بعد تلك الكتابات التي نشروها .
ويتراكم الكره والحقد في قلوب الغرب على الاسلام الى ان يصل حدا لا تحتمله تلك القلوب فينفجر بركانا في اواخر القرن الخامس هو الحروب الصليبية.
لقد كانت الحروب الصليبية حرباً عالمية كبرى بكل المقاييس المادية شنتها اوربا ضد المسلمين في الشرق والغرب واستمرت قرونا تحت شعار الصليب المقدس ولايظن احد ان تلك الحرب مجرد 8 حملات متباعدة كما هي في الكتب فهذا زور وكذب وتدليس على السذج فهي في
في حقيقتها مثل أمواج البحر التي لاتنتهي ، فلم يمض عام واحد الا وجاء محاربون صليبيون او حملات صليبية لقتال المسلمين سواء في الاندلس او في بلاد الشام ولعل ترقيم بعضها لشهرتها أو غرابتها وماقتله الغرب من المسلمين في تلك الحروب اكثر عددا من قتلاهم من الهنود الحمر ولكن المسلمين قتلوا منهم عددا مضاعفا ولذلك يصمتون في خزي وخجل .
كان خمسة رهبان مرافقين للحملة الاولى قد سجلوا كل تفاصيلها فيما كتبوه عنها وفي حديثهم عن المسلمين يصفونهم بالوثنيين مما يدل على الحقد المتوارث وقد روى أحد الرهبان الخمسة أن الصليبيين لما دخلوا المعرة قتلوا كل سكانها وطبخوا عددا من جثث الرجال المسلمين وشووا الاطفال على النار وأكلوهم ولما اقتحموا القدس قتلوا كل سكانها وعددهم 70ألفا وخاضوا في دماء المسلمين داخل المسجد الاقصى فوصلت الدماء الى ركبهم حسب رواية أولئك الرهبان .
وذكر احد أولئك الرهبان انهم لو بنوا من جماجم قتلاهم المسلمين سورا بجوار سور القدس لاصبح لديهم سور مساوي لسور القدس في الامتداد والارتفاع .
وذكر الرهبان ان الصليبيين قتلوا كل الكلاب والقطط التي وجدوها داخل القدس لانها ملك للمسلمين؛ فهل اتضح حجم الظلم والبغي الغربي تجاه امة الاسلام؟
وعاد كثير من الصليبيين الى اوربا واخبروا بأنتصارهم فأنتشرت الحماسة وتشكلت حملة جديدة من 300 ألف لو وصلت لتمكنت من احتلال الشام ومصر والعراق ولكن امة الاسلام أمة حية هنا يظهر بطل الانتصارات الاولى كمشتكين بن دانشمند ويدمر تلك الحشود بكاملها في اسيا الصغرى بخطط فريدة وغير مسبوقة.
وهذه الحملة التي دمرها بطلنا لم تحظ برقم في كتب التاريخ وجاءت بعد الاولى بسنتين في حين ان الثانية جاءت بعد الاولى ب 50 سنة وبينهما حملات كثيرة وتستمر هذه الحرب العالمية التي تسمي بالصليبية وبعد قرنين من الزمان نجح المسلمون في سحق الصليبيين في الشام وإزالة كل دولهم من تلك البلاد.
وتستمر تلك الحرب العالمية الصليبية فتهاجم حملات كثيرة الاسكندرية وانطالية وازمير وتونس اضافة الى الحروب القائمة ضد المسلمين في الاندلس .
وقامت الدولة العثمانية وبدأت تفتح اوربا وهنا جردت اوربا حملة كبيرة ضد الدولة العثمانية للقضاء عليها سنة 798هجرية فدمرها بايزيد الاول بكاملها وتوغلت الدولة العثمانية في اوربا بعد هزيمة الصليبيين واحاطت بدولة الروم ولكن الفرج يأتي للغرب الصليبي من جانب الرافضي المغولي تيمورلنك.
هاجم الرافضي تيمورلنك الدولة العثمانية من الخلف فعاد بايزيد من اوربا لمواجهته سنة 804 ووقع بايزيد في اسر الرافضي وانهزم الجيش العثماني وقد مدت هذه الهزيمة في عمر دولة الروم وعاصمتها القسطنطينية 50سنة أخرى واراحت اوربا من الضغط العثماني الى حين .
وفتحت الدولة العثمانية القسطنطينية سنة 857 هجرية وتوغلت بعمق في فتوحاتها في اوربا ولكن الفرج ياتي للغرب مرة اخرى من جانب طائفة الرافضة فقد ظهرت الدولة الصفوية الرافضية في ايران في اخر القرن التاسع واصبحت خنجرا مسموما في ظهر الدولة العثمانية واضطر السلطان سليم لترك فتح اوربا .
وقد صاحب الحروب الصليبية منذ بدايتها وحتى اليوم عدوان فكري شرس على الاسلام وعلى نبيه صلى الله عليه وسلم من جانب مئات الكتاب الاوربيين والحقيقة ان الحرب العالمية المسماة بالصليبية بدأت قبل اكثر من الف عام ومستمرة بأشكال مختلفة الى اليوم وهو بغي وظلم غربي لامثيل له ..
ومن مظاهر الظلم والبغي التنصير القسري لمسلمي الاندلس بعد احتلالها ولمسلمي صقلية وجنوب ايطاليا وكريت وغيرها وقتل الملايين الذين رفضوا التنصر
ومن مظاهر الظلم والبغي الغربي على امة الاسلام طرد الملايين من الاندلس بعد احتلالها وقتل ملايين اخرى من سكان الاندلس والاستيلاء على ممتلكاتهم.
ومن مظاهر ظلم وبغي الغرب على امة الاسلام حركة الاستخراب الغربية التي يسمونها الاستعمار ومافعلوه في كل البلاد التي احتلوها من قتل ونهب وخراب.
ومن مظاهر بغي الغرب على امة الاسلام مافعلوه بمسلمي غرب افريقيا من نقلهم بقوة السلاح ليعملوا عبيدا في مزارعهم في امريكا وتنصيرهم عبر الزمن .
ومن مظاهر البغي والظلم الغربي لإمة الاسلام تمزيق المسلمين الى دول صغيرة ونهب ثروات العالم الاسلامي وخيراته وافقارة ليكون تابعا ابديا للغرب .
ومن مظاهر بغي الغرب وظلمه لإمة الاسلام زرع دولة اليهود في قلب العالم الاسلامي في فلسطين وتشريد شعب فلسطين من أرضه ووطنه وتسليمها لليهود .
واخيرا العدوان الشامل الاخير تحت شعارات زائفة مثل نزع اسلحة الدمار الشامل ومحاربة الارهاب ونشر الديمقراطية ومؤازرة القتلة مثل بشار وغيره ، وأخيراً مساعدة الكيان الصهيوني الغاصب بحجة ” حق الدفاع عن النفس “.
كتبه. أ . د / علي بن محمد عودة الغامدي.
#غزوة_بحرية_رائعة_في_قلب#دولة_الروم_بقيادة#ليو_الطرابلسي#أحد_أبطال_البحرية_الإسلامية.
#في_رمضان_سنة_٢٨١_هجرية
ليو الطرابلسي ، ويُنطق اسمه أيضاً لاون وليون ، وهو غلام زرافة ، وزرافة كان حاجباً للخليفة العباسي المتوكل.
والراجح أن ليو الطرابلسي وقع في ايدي المسلمين حين كان صغيراً خلال غارة شنها الفضل بن قارن على ميناء أنطالية البيزنطي الواقع في جنوب آسيا الصغرى سنة ٢٤٦ هجرية ، واصبح ليو الطرابلسي من نصيب زرافة حاجب المتوكل ، فنشأ نشأة إسلامية ، ولكن الرواية البيزنطية تذكر انه نبذ النصرانية واعتنق الإسلام حين كان شاباً ، واستقر في طرابلس في الشام ولذلك عُرِفَ بالطرابلسي ، ولذلك تصفه المصادر البيزنطية وسائر الدراسات الغربية الحديثة عن الدولة البيزنطية بالمرتد ، وذلك من وجهة نظرهم الدينية الباطلة ، والحقيقة أنه باعتناقه الإسلام خرج من الظلمات إلى النور.
واصبح ليو ضمن المجاهدين في البحر ضد البيزنطيين ( الروم) ، وبخاصة من اهل طرسوس وطرابلس وكريت وغيرها.
وشن ليو الطرابلسي عدداً من الغزوات البحرية على سواحل آسيا الصغرى الجنوبية وفي عمق دولة الروم ، وشارك وقاد عدد من المعارك البحرية التي تصدت لغزوات بحرية قام بها الروم ضد إمارة كريت الإسلامية وغيرها . وقبل ان نتحدث عن أبرز غزواته ينبغي أن نشير ان تلك الغزوات كانت بجهوده الشخصية وبجهود من كان ينضم إليه من أهل طرسوس ومن مسلمي كريت ومن بعض موانئ الشام ومصر ، ولم يكن للخلافة العباسية أي دور في دعم غزواته لأنها كانت مشغولة حينذاك بفتن القرامطة وخطرهم وغاراتهم المتواصلة على بلاد الشام ، إضافة إلى أن مصر كانت قد انفصلت عن الخلافة زمن الدولة الطولونية التي دخلت بدورها في عصر الضعف والاضمحلال. وبهذا يمكن تقدير الغزوات الجريئة التي قادها ليو الطرابلسي ضد الدولة البيزنطية.
وسنعرض هنا أهم غزوتين قام بها ليو الطرابلسي ضد الدولة البيزنطية في سنة واحدة ، وأحرز فيهما انتصارين باهرين وكانت الغزوتان ضربتين موجعتين للدولة البيزنطية.
وحدثت الغزوة الاولى سنة ٢٩١ هجرية/٩٠٤م حيث انطلق ليو الطرابلسي من عروس الثغور الشامية مدينة ” طرسوس ” ومعه بعض المجاهدين الذين تمرسوا في الغزو في البحر واتجه في ساحل آسيا الصغرى غرباً وانقض على أكبر موانئ الروم على هذا الساحل وهو ميناء ” أنطالية ” ، وهي مسقط رأسه ، واقتحمها بالسيف عنوة وقتل من الروم نحو خمسة آلاف رجل وأسر نحواً من ذلك ، كما انقذ أربعة ألآف من الأسرى المسلمين الذين كانوا مسجونين في أنطالية. وتمكن من الإستيلاء على القاعدة البحرية البيزنطية في انطالية وغنم منها ستين مركباً ، فشحنها بكل ما غنمه من الذهب والفضة والمتاع والرقيق. واجمعت المصادر على انه قُدِّر نصيب كل رجل من اصحاب ليو الطرابلسي الذين شاركوا معه في هذه الغزوة بألف دينار ذهباً.
واستبشر المسلمون بهذا الفتح ، ووصلت الأخبار بهذا النصر المبين إلى بغداد في رمضان سنة ٢٩١ هجرية/ ٩٠٤م.
أما الغزوة الثانية وهي الأقوى والأخطر على الدولة البيزنطية (دولة الروم) فكانت في سنة ٢٩١ هجرية ، بعد الهجوم على أنطالية مباشرة. وهي غزوة سالونيك ، وكان الهدف من تلك الغزوة الانتقام من الدولة البيزنطية التي دأبت طوال نحو خمسين سنة سبقت الغزوة على شن غزوات بحرية عنيفة على إمارة كريت الإسلامية وعلى الولايات الإسلامية في صقلية وجنوب إيطاليا فضلا عن غاراتها البحرية على سواحل مصر والشام .
وكانت سالونيك في ذلك الحين قاعدة للأسطول البيزنطي ، وفيها ترسانة بحرية لصناعة السفن وإصلاحها ، وتلي سالونيك القسطنطينية في الأهمية ، وهي عاصمة إقليم مقدونيا ، وتُعتبر ملتقى طرق عديدة واهمها الطريق القديم الذي كان يربط بين روما العاصمة الرومانية القديمة وبين القسطنطينية وبلاد الشرق وتقع على راس خليج يمتد بعمق من بحر إيجه إلى داخل بلاد اليونان. وقد بُنيت سنة ٣١٥ ق.م ، وسُميت بإسم سالونيكي ابنة موحد بلاد الاغريق فيليب المقدوني ، وشقيقة ابنه الأسكندر الأكبر.
ولسالونيك أهمية دينية فقد ورد ذِكْرُها في الكتاب المقدس عند النصارى ، فقد وجَّه بولس الذي يسميه النصارى بالرسول رسالتين إلى أهل تسالونيكي ، الأولى : تقع في خمس اصحاحات وتستغرق خمس صفحات ، والثانية : تقع في ثلاث اصحاحات وتستغرق ثلاث صفحات. إضافة إلى أن ضريح المدعو ” القديس ديمتريوس ” يقع داخل هذه المدينة ، وكان الروم وبخاصة اهل تسالونيك يقدسونه إلى درجة العبادة له من دون الله ويلجأون إليه في الملمات والشدائد لينقذهم منها طبقاً لعقائدهم الباطلة. وكل هذا يشير إلى أهميتها الدينية في الوجدان الرومي ( البيزنطي ). كما كانت سالونيك مركزاً فكرياً وثقافياً وفنياً يضاهي العاصمة القسطنطينية.
ويمكن اعتبار سالونيك في ذلك الحين بمثابة العاصمة الاقتصادية للدولة البيزنطية ، فقد نمت فيها تجارة الاستيراد والتصدير بشكل كبير وأصبحت من أشهر الحواضر التجارية في الدولة البيزنطية وفي اوربا العصور الوسطى فكانت السفن التجارية تقصدها من كل مكان محملة بمنتجات الأقطار القادمة منها ، ويتم فيها تبادل السلع فتعود كل سفينة بسلع اخرى الى بلدانها غير تلك التي جاءت بها. وكان بها سوق سنوي كبير يستمر أسبوعاً ويقصده التجار من سائر ارجاء العالم يسمونه ” سوق القديس ديمتريوس ” حيث تزدحم سالونيك بالوافدين إلى ذلك السوق. وأصبحت تنافس وتضاهي العاصمة القسطنطينية في المكانة والسمعة. ومما ساعد سالونيك على الازدهار الاقتصادي انها لم تتعرض لتهديد مباشر خلال قرنين من الزمان قبل غزوة وليم الطرابلسي.
وقد خرج ليو الطرابلسي من طرسوس بعدد من السفن المحملة بالمجاهدين وانضم إليه عدد آخر من سفن إمارة كريت المسلمة أضافة الى سفن من موانئ الشام ومصر بحيث اصبح تحت إمرة ليو الطرابلسي اربعاً وخمسين سفينة تجمعت في كريت وأبحرت شمالاً صوب بحر إيجه.
وتذكر بعض المراجع الغربية ان الهدف الذي انتوى ليو الطرابلسي ان يتجه إليه هو العاصمة القسطنطينية ، لكن من الصعب التسليم بهذا الرأي ، إذا يبدو أن هؤلاء المؤرخين توهموا هذا الهدف من خط سير ليو الذي اقترب من القسطنطينية وهاجم بعض المناطق في بحر مرمرة كنوع من التضليل والتمويه على هدفه الحقيقي وهو سالونيك ، إضافة إلى أن القائد ليو الطرابلسي متمرس في الحروب البحرية ضد البيزنطيين ويعرف حصانة القسططنطينية وموقعها الفريد ، وأنه لا يمكنه ان يغزوها وينتصر عليها إلا بقوات بحرية وبرية كبيرة جداً ، وهذا غير متوفر له فليس تحت يده سوى أربع وخمسين سفينة برجالها لذلك فإن هدفه كان منذ البداية مدينة سالونيك الضعيفة التحصين والتي لا يحيط بها إلا أسوار ضعيفة وبعض أجزاء الاسوار منخفضة يسهل اقتحام المدينة منها.
وسار ليو الطرابلسي بسفنه في بحر إيجه ثم اتجه نحو مضيق الدردنيل، وأغار على مدينة أبيدوس الواقعة شرقي المضيق ، ونجح ليو الطرابلسي في خداع الروم فقد توهم الامبراطور البيزنطي ليو السادس ، المُلَقَّب بالحكيم ، أن هدف الطرابلسي هو القسطنطينية ، فامر قائد الاسطول البيزنطي إيستاثيوس Eustathius بالتصدي للطرابلسي ومنعه من الوصول للقسطنطينية، وأخذ القائد البيزنطي يراقب تحركات الطرابلسي الذي عبر الدردنيل وحاصر مدينة باريوم في جنوب بحر مرمرة ، ثم انسحب عنها وعاد أدراجه عبر مضيق الدردنيل واتجه في بحر إيجه صوب شبه جزيرة خلقدونية ، ودار حولها متجهاً إلى سالونيك ، وارتكب القائد البيزنطي خطأً فادحاً ، ولم يواجه الطرابلسي وعاد إلى القسطنطينية باسطوله ليخبر الإمبراطور بهدف الطرابلس الحقيقي. ويبدو أن الامبراطور غضب على قائده ، فعزله وأسند قيادة الأسطول لوزيره الاول هيميريوس Himerius ، لكن هيميريوس ادرك ان الطرابلسي قد فاته فعاد إلى القسطنطينية.
وحاول الامبراطور ، بعد ان ادرك ضعف تحصينات سالونيك ، تقوية تحصيناتها ، وقام بإرسال دفعات من القوات إلى سالونيك ، وعلى رأس كل دفعة قائد جديد ، فوقع الأضطراب بين أولئك القادة ، و أصبح كل قائد يضع خططه الخاصة بالدفاع ، ثم ياتي القائد الذي بعده فينقضها ويضع خطة جديدة ، وكان أولهم بتروناس Petronas الذي عدل عن تقوية الاسوار ، وأمر بإلقاء أحجار كبيرة حول رصيف الميناء لتعوق سفن المسلمين من الدخول ، وجاءت دفعة ثانية من القوات بقيادة قائد يُدعى ليون ، فامر بوقف إلقاء الأحجار في المياه المحيطة برصيف الميناء ، وشرع في ترميم الأسوار وتحصينها ، وجاءت الدفعة الثالثة من القوات بقيادة قائد يدعى نيقتاس Niketas فانضم إلى ليون وأثنا تفقدهما لأسوار سالونيك سقط ليون عن ظهر فرسه وأصيب بجروج شديدة ، فعمد نيقتاس الى تكوين جيش جديد من سكان المدينة غير المُدربين ، كما استقدم بعض الجنود الصقالبة من المناطق القريبة من سالونيك.
اما معظم سكان سالونيك فقد لاذوا بكنائسهم وبضريح ” قديسهم ديمتريوس ” يستغيثون به ويتضرعون إليه ان يحميهم من غزو المسلمين لمدينتهم.
وتقدّم ليو الطرابلسي برجاله وسفنه نحو سالونيك فوصلها يوم الاحد الثاني عشر من رمضان سنة ٢٩١ هجرية/الموافق ٢٩ يوليو ٩٠٤م. فساد الخوف والذعر بين أهالي سالونيك وانغمسوا في شركهم داخل كنائسهم يتضرعو ويستنجدون بقديسهم ديمتريوس.
وتقدم ليو الطرابلسي بقواته وشن هجمات سريعة بهدف اختبار قوة التحصينات عن سالونيك وقدرة المدافعين عنها. وفي الثالث عشر من رمضان ٢٩١ هجرية/ ٣٠ يوليو ٩٠٤م هاجم المسلمون أسوار سالونيك واستخدموا المنجنيقات والسهام وتمكن بعضهم من الوصول إلى الجزء الشرقي من الأسوار وهاجموا بوابة تُسمى بوابة روما ، وأسندوا بعض السلالم على السور للصعود إلى أعلى السور ، ولكن المدافعين تمكنوا من صد هذه المحاولة.
وطبق المسلمون في آخر اليوم خطة جديدة تتمثل في ملء قوارب صغيرة بالنفط والكبريت والحطب ونقلوها إلى جوار بوابة روما وبوابة أخرى قريبة منها وأضرموا النيران في القوارب ، فاحترقت بوابة روما والبوابة القريبة منها ، وحين انهارت البوابتان اتضح ان خلفهما بوابتان من الحجارة القوية.
وامضى المسلمون ليلتهم في الاستعداد للهجوم النهائي على سالونيك. وفي صبيحة الرابع عشر من رمضان ٢٩١ هجرية/٣١ يوليو شن المسلمون هجوماً عزوماً بالسهام والرماح وقوارير النفط الحارقة ، على المدافعين عن الأسوار فلم يستطع المدافعون الصمود فتقهقروا وهرب بعضهم ، فاندفع الابطال المسلمون وتسلقوا الأسوار ونزلوا إلى داخل سالونيك وفتحوا بقية البوابات ، ودارت معارك حامية الوطيس في شوارع سالونيك وأزقتها ، وتمكن المسلمون من القضاء على كل جيوب المقاومة وأحرزوا انتصاراً ساحقاً ، واصبحت سالونيك بكل ما فيها غنيمة سائغة لهم.
وقد مكث ليو الطرابلسي ورجاله في سالونيك عشرة أيام جمعوا فيها من الغنائم كل ما غلا ثمنه وسَهُل حمله في سفنهم وفي المراكب التي غنموها من ميناء سالونيك ، وأسروا من سالونيك اثنين وعشرين ألف أسير يشكلون عُشر سكان المدينة وكان ضمن الأسرى يوحنا كامينياتي الذي أرَخ تاريخ هذه الغزوة بالتفصيل ، ويمكن أن نستنتج من روايته – أنهم يشكلون عُشر سكان المدينة – ان المسلمين اختاروا اسراهم بعناية فلم يأخذوا إلا كل من يمكن مبادلته بأسرى مسلمين في ايدي الروم ، أو يمكن بيعه بسهولة في أسواق الرقيق.
ولم يكن هدف ليو الطرابلسي – منذ البداية – الفتح الدائم لسالونيك ، لأنه كان يُدرك أنه يصعب الاحتفاظ بهذه المدينة في قلب دولة الروم التي لن تسكت على ضياعها وسوف تحشد كل امكاناتها لاستعادتها ، وكان الهدف الرئيس لليو الطرابلسي تسديد ضربة موجعة للدولة البيزنطية رداً على غزواتها المتلاحقة على إمارة كريت الإسلامية وغيرها من بلاد المسلمين.
ثم أمر ليو الطرابلسي قواته بالرحيل بكل ما حازوه من غنائم وأسرى ، وأرسل الامبراطور ليو السادس بعض قطع الاسطول لمطاردة ليو ورجاله ، واستطاع ليو ان يتجنب الاشتباك مع السفن البيزنطية حفاظاً على الغنائم والاسرى التي بحوزته ، وتوقف للراحة في بعض جزائر بحر أيجه التي تخضع لإمارة كريت الإسلامية ، واخيراً وصل ليو ورجاله بغنائمهم وأسراهم الى مدينة الخندق عاصمة كريت الإسلامية فجرى لهم استقبال حافل من مسلمي كريت ، وجرى إرسال الغنائم والأسرى إلى طرسوس وبعض موانئ مصر والشام واستبقى أهل كريت جزءأً من تلك الغنائم والأسرى.
وقد اعتبر المؤرخون الغربيون غزوة سالونيك من أكبر الكوارث التي حلَّت بالدولة البيزنطية عبر تاريخها الطويل ، وقد أسقطت هيبتها في نظر جيرانها الآخرين مثل البلغار والروس وغيرهم وطمعوا في ممتلكاتها وحققوا بعض أطماعهم فيها.
كتبه. أ . د/ علي بن محمد عودة الغامدي
#المعتصم_وفتح_عمورية
#في_مضان_سنة_٢٢٣هجرية

انشغل المعتصم في بداية حكمه بمواجهة فتنة بابك الخرمي الذي أدرك عجزه عن الصمود أمام قوات المعتصم فاتصل بامبراطور الروم ثيوفيل ووعده باعتناق النصرانية والإنتما إليه إذا ساعده ، فطمع ثيوفيل سيما وان أرمينية وآذربيجان كانتا حينذاك من معاقل الخرمية ، فجاء ثيوفيل بقواته إلى أعالي الفرات واستولى على زبطرة وقتل الذكور من سكانها بعد ان سمل عيونهم وقطع أنوفهم وآذانهم ، وسبى نساءهم وأطفالهم.
ولما بلغ الخبر المعتصم استعظمه وكبُر لديه (وبلغه أن امرأة هاشمية صاحت وهي أسيرة في أيدي الروم : وامعتصماه ، فأجابها وهو على سريره : لبيك لبيك ، ونهض من ساعته وصاح في قصره النفير النفير ) كما قال ابن الأثير في تاريخه.
واخذ المعتصم في تجهيز جيشه لغزو الروم سيما وقد نجحت قواته في قتل بابك الخرمي وإخماد فتنته. واختار المعتصم امنع واكبر مدن الروم لتكون هدفه وهي عمورية مسقط رأس امبرطور الروم ثيوفيل وأسرته. وتوغل بجيوشه في قلب بلاد الروم والتقى بقوات ثيوفيل في ٢٥ شعبان سنة ٢٢٣ هجرية وأنزل بالروم هزيمة ساحقة وتمزقت قواتهم ، ثم سار الجيش الإسلامي الى أنقرة واستولى عليها بدون مقاومة. وارسل ثيوفيل الى المعتصم يطلب منه الصفح والعفو وتعهد بإعادة بناء زبطرة واطلاق سراح الاسرى من المسلمين ، لكن المعتصم رفض توسلات ثيوفيل وشيع رسله بالاحتقار والسخرية. عندئذ أدرك ثيوفيل أن الدمار ينتظر مدينته المفضلة عمورية.
وبعد تدمير انقره قاد المعتصم جيشه صوب عمورية فوصلها وفرض عليها حصاراً شديداً استمر اسبوعين ، ثم استسلمت في رمضان سنة ٢٢٣ هجرية وتم تدميرها انتقاماً لما فعله ثيوفيل بزبطرة ، ووقع في أيدي المسلمين عدداً كبيراً من الأسرى مع غنائم وفيرة. وعاد المعتصم منصوراً مظفراً.
وفي هذه الغزوة وما احرزه المعتصم من انتصار مدح ابو تمام الخليفة وجيشه بالقصيدة المشهورة التي مطلعها :
السيف أصدق أنباءً من الكتب في حده الحد بين الجد واللعب.
وهي من غرر الشعر العربي وتقع في واحد سبعين بيتاً.
أهم المصادر والمراجع : تاريخ الطبري ؛ تاريخ ابن الأثير ؛ السيد الباز العريني ، الدولة البيزنطية ؛ حسنين ربيع ، دراسات في تاريخ الدولة البيزنطية ؛ فازلييف ، العرب والروم ؛ ديوان أبي تمام.
كتبه : أ.د/علي بن محمد عودة الغامدي.
#نصر_منتصف_رمضان
#سنة_559_هجرية

أكبر وأضخم نصر حققه نور الدين محمود زنكي في رمضان سنة 559 هجرية ضد الحلف الصليبي الرومي الأرمني فلولا هذا النصر الذي قدره الله تعالى على يد نور الدين لما قامت الجبهة الاسلامية المتحدة ولما تم القضاء على الدولة العبيدية وذيولها في مصر والشام.
وهذا النصر العظيم وقع في منتصف رمضان 559 في معركة حارم التي حدثت في وقت عصيب,ففي ذلك العام تدخل نور الدين في مصر بعد ان استخار الله شهراً .
فقد حدث النزاع بين شاور وضرغام داخل الدولة العبيدية على السلطة وهرب شاور بعد هزيمته الى نور الدين في الشام وطلب مساعدته لاسترداد السلطة !!! .
ولكن نور الدين خشي ان تقع مصر بيد الصليبيين خصوصا وانهم يسيطرون على فلسطين كلها ويفصلونه عنها وهم الاقرب اليها منه واطماعهم في احتلالها مشهورة منذ وقت مبكر ، وقد وعد شاور نور الدين ان يعطيه ثلث خراج مصر اذا ساعده وان يمنح عساكره ممتلكات وإقطاعات في مصر ولكن نور الدين تردد وظل يقدم رجلا ويؤخر اخرى.
وازاء هذا اللبس لجأ نورالدين الى ربه ومكث يقرأ القران ويستخير ربه شهراً كاملاً كما تقول المصادر.
فعقد الله له العزم واتخذ القرار بالتدخل في مصر.
واختار نور الدين خيرة عساكره وارسلها الى مصر بقيادة قائده الكردي المحنك اسد الدين شيركوه الذي كان معه في تلك الحملة ابن اخيه الشاب صلاح الدين .
وصل جيش نور الدين الى مصر وساعد شاور في القضاء على ضرغام .
ولما سيطر شاور على مصر تنكر لعهده لنور الدين وطلب من اسد الدين شيركوه مغادرة مصر , ورفض شيركوة الانسحاب وطالب شاور بتنفيذ وعده لنور الدين واستولى اسد الدين شيركوه على بلبيس شمال شرق القاهرة كي يضغط على شاور لتنفيذ وعوده .
وهنا لم يتورع شاور عن الخيانة فارسل يستنجد بملك مملكة القدس الصليبي عموري الاول ضد جيش نور الدين فجاء عموري وحاصر شيركوه وجيشه في بلبيس.
واستشعر نور الدين الخطر على جيشه المحصور في بلبيس فبدأ يضغط على الصليبيين في الشام وارسل يستنجد بالحكام المسلمين في الموصل وحصن كيفا وغيرها.
وكان يحكم حصن كيفا في اعالي نهر دجلة فخر الدين قرا أرسلان الارتقي الذي قال لما قرأ رسالة نور الدين قولاً يعتبر شهادة بالتقوى والعبادة لنور الدين قال : - لقد تحشف نور الدين من كثرة الصوم والصلاة فاصبح يرمي بنفسه في المعارك دون خوف. واخبر اصحابه انه لن ينجد نور الدين وسيبقي في بلاده بعيداً.
وفي صبيحة اليوم التالي سمع اصحابه مناديه ينادي بالخروج للجهاد مع نور الدين فجاءوا اليه وقالو : ماعدا مما بدا ، تركناك على حال بالامس نرى الان ضدها.
فقال ان نور الدين استعمل معي طريقا إن لم انجده خرجت البلاد من يدي فقد ارسل الى العلماء والعُبّاد يحثهم على الدعوة للجهاد فاصبحوا يدعون عليّ وتلقى نور الدين النجدات من هذا الامير ومن الموصل ومن دياربكر وغيرها من مناطق الجزيرة الواقعة بين نهري دجلة والفرات .
اما الصليبيون فتحالفوا مع الروم والارمن وشكلوا جيشا نصرانيا متحدا يزيد عن 30 ألف مقاتل وكان من أشهر قادة التحالف النصراني الامراء بوهمند الثالث أمير انطاكية, وريموند الثالث أمير طرابلس , والدوك قسطنطين كولومان قائد الروم في جنوب جبال طوروس وجوسلين الثالث أمير تل باشر ,وثوروس الارمني أمير الأرمن في قيليقة وغيرهم.
وتمكن نور الدين بفضل الخطة الرائعة التي وضعها من تطويق الجيوش النصرانية عند حارم في منتصف رمضان سنة 559 هجرية وانزل بها هزيمة ساحقة ماحقة وكان عدد قتلى النصارى يزيد عن 10 ألاف قتيل ووقع من بقي حياً في اسر المسلمين بما فيهم اميري أنطاكية وطرابلس وقائد الروم وجوسلين الثالث .
ولم ينج الا القليل من الفارين ومنهم الامير ثوروس الارمني الذي فر الى جبال قيليقة وغنم المسلمون بقيادة نور الدين كل ماكان مع العدو من اسلحة ومؤن واستغل نور الدين النصر على الفور وسار بقواته الى الجولان واسترد عاصمتها بانياس في اواخر رمضان سنة 559 هجرية وتعتبر بانياس مفتاح القدس.
ولما سمع عموري ملك بيت المقدس بهزيمة قومه امام نور الدين اتصل بشيركوه داخل بلبيس واتفق معه على فك الحصارعنه على ان ينسحب الجانبان عن مصر وعاد عموري الى الشام لترميم ما اصاب الصليبيين من دمار وافتداء الاسرى الذين وقعوا في اسر نور الدين. اما مصر فسوف يفوز بها نور الدين بعد 4 سنوات
ولم يطلق نورالدين الامراء الصليبيين وحلفائهم الا مقابل فدية ضخمة بلغت 600 ألف دينار ذهب. وكان نور الدين قد أبطل الضرائب التي تبلغ مليون درهم وكان ذلك الإلغاء للضرائب قبل معركة حارم بسنوات وذلك خوفا من الله وورعا.
وقد عوضه الله بأضعاف تلك المكوس التي ألغاها بهذا المبلغ الكبير الذي استغله على احسن وجه ، فقد بنى به عشرات المدارس في بلاد الشام لتعليم النشء العقيدة الصحيحة والقضاء على العقائد الباطنية التي عمت بلاد الشام زمن العبيديين ، وعيّن المدرسين في تلك المدارس على المذاهب السنية الأربعة : الشافعية والحنبلية والمالكية والحنفية. وهذا النصر الذي حققه نور الدين في
رمضان هو أكبر انتصاراته على الإطلاق.

كتبه. أ د / علي بن محمد عودة الغامدي.
2025/07/04 04:18:08
Back to Top
HTML Embed Code: