وكنت قد ابتدأتُ بكتابة أبياتٍ منها :
جَزعًا عليكَ ؛ وحُقَ لي أن أجزعا
ولظىً يُذيبُ مع الفؤادِ الأضلُعا
أجِدُّ التجلدَ في الكرامِ خطيئةً ..
كذبَ التجلُدُ ؛ لستُ أمنعُ أدمُعا
أولى بِكلِّ موحِدٍ أن يُفجعا
أولى بذي الأكبادِ أن تتصدعا
يا صاحب الظِلِّ الجليلِ رجاءُ من يرجو الكريم بأن تأوب وترجعا

ثم كفني عن إتمامها ما تأملته من ما ذكرت من المعاني ؛ ومثل أبي خالد ورفاقه لا يُرثون هكذا ..
تأبى سيوف الله قبل رحيلها
إلا بأن تُشقي العُداة وتلمعا

فارحل لربك شامخا كجبالنا
وهناك يا ابن بلادنا التكريم
#الضيف_شهيدا
#سيد_البلاد

سؤال واحد يتملكني من حين سماعي بخبر رحيله..
إلى أيّ حد يملك المرء أن ينكر ذاته..ويفنى في مبدئه وقضيته وغايته حتى تعرف به ويعرف بها؟!..

لا نميزه إلّا بصوته..وجليل عمله وأثره …
طلع على زمننا كطلعة جبريل ..يأتي الصحابة يعلمهم دينهم…

طلع علينا يذكرنا ذروة سنام هذا الدين ..ضيف طال به السفر ..عبَر ملاحم ومعارك وخطوبا…ثمّ ظهر حين ظهر ..منتصب القامة ..مرفوع الهامة ..يردد علينا أرجوزة الثبات دونما تعب أو وجل ..

كما أنتِ هنا..
مزروعٌ أنا
ولي في هذه الأرض آلاف البذور..
و مهما حاول الطغاة قلعنا..
ستنبت البذور
أنا هنا في أرضي الحبيبة الكثيرة العطاء
ومثلُها عطاؤُنا
نواصِلُ الطَّريق
لا نوقفُ المَسير!

ثمّ رحل..

وقد علّم الأمّة سبيل عزتها وتمكينها…ذكرّها بمن تكون..

رحل ..وفي بنيه وحملة رايته كلّ الأثر..

إلى أي ّ حد يملك المرء أن ينكر ذاته؟…
الحدّ الذي يُبلغه الخلود..
ينال به الشهادة…
يحيا به الحياة الحقّة..الحياة الممتدة..

لا ينكر المرء ذاته ليفنى..بل ليخلد..
يتجرد هنا من المطامع ..ليظفر بالمطامح..مطامح الرجال..نصر من الله..أو شهادة في سبيله..وطوبى لمن ظفر بالحسنيين..

بعد أن أمر الوليد بن عبد الملك بهدم حجرات زوجات النبي صلى الله عليه وآله وسلم لإضافتها إلى المسجد النبوي قال سعيد ابن المسيب رحمه الله : "والله لوددت أنهم تركوها على حالها، ينشأ ناشئ أهل المدينة، ويقدم القادم من الآفاق، فيرى ما اكتفى به رسول الله صلى الله عليه وسلم في حياته، فيكون ذلك مما يزهد الناس في التكاثر والتفاخر ؛ وقد ألهاهم التكاثر".


هكذا يعيش السادة وهكذا يعيش أهلهم ، خُمص البطون لا متخميها .
ربح البيع أبا خالد
ربح البيع

https://youtu.be/hUQ0NRe5ftY?si=noD5LS2pSnsvMbng

https://youtu.be/-AvLYdZpYSU?si=ap8g7C5Ja8vSED_n

ومما عرفنا ورأينا من الرجل الضيف على زماننا أظن يقينا أنه كان مستكثرا تلك الحصائر والغرفة التي يراها بعينه فسيحة حين يقرنها بحجرات النبي، اللاتي لو وقف وصل رأسه السقف ولو تمدد وصلت رجله الحائط
رحم الله الضيف وخلفه في أهله وأولاده بخير ما خلف مجاهدا في ذريته وأهله

سلام عليك فأنت السلام..

لقطة طريفة وجميلة لتنييه مجاهد قسامي لمراسل الجزيرة بأنه نسي أن يذكر كتيبة التفاح .
عسل
الشباب صاحيين و مركزين

اللهم شتت شملهم و فرِّق جمعهم واجعل تدبيرهم في تدميرهم ..

بابٌ في الوحشة؛

عوى الذئبُ فاستأنستُ بالذئبِ إذ عوى
وصوَّتَ إنسانٌ فكدتُ أطيرُ..

وفي افتقاد الأنيس من العامية المصرية

حلوا المراكب مع المغرب وفاتوني
عالشط واقف بلا مركب وفاتوني
ساعتها قلبي شهق
يشهد عليا الشفق
..

الطير ده مين هشُه
عالريح بنى عِشُه
يا عود ريحان أخضر
والغُربة بتحِشُه

صعبان عليا يا قلب الورد يا صغير
والله ده كان بدري تتلوع وتتحير

عواف عليكي يا نخلة مضلِلة ع الباب
راخية الضفاير وحاضنة الأهل والأحباب
مسا التماسي يا ناسي
ما تصدقوش إني ناسي
يا سهرانيين في القمر
ليل الغريب ظلمة
يا عيني يا ليلي
لا قنديل ولا نجمة
مناديل دي والّا قلوع؟
وده بحر و الّا دموع؟
خدوني يا راجعين
فايتنِي ليه ولمين ؟!!
حلّوا المراكب مع المغرب وفاتوني
ع الشط واقف بلا مركب وفاتوني

قال مولانا السقطري ( ما فيش عامية معبرة مثل المصرية )
و شعر العامية المصري فيه من الجمال ما يجعل المرأ يود أن لا يسكت إن تحدث أو تغنى بقصائده .
قبل أربع سنوات من الآن انغمست فيه وفي التلذذ به حتى أخذ مني كل مأخذ ؛ و كان أحلاهم وأطيبهم و أكثرهم أخذا بنفسي من شعراء العامية المصرية الفاجومي أحمد فؤاد نجم ؛
عرفت الفاجومي مبكرا ؛
عرفته وأغاني الشيخ إمام تملأ الساحات في ٢٠١١ وقصائد نجم تملأ قلوب شباب ٢٥ يناير ؛ ولا تزال صورة الجريدة التي حوت صور شهداء الثورة وهي على الشاشة لا تفارق ذاكرتي وفيها جملة من شعره أذكرها في كل ٢٥ يناير يمر ( صباح الخير على الوردِ اللي فتح في جناين مصر ) ، وهي من قصيدة كان قد قالها في مظاهرات الطلبة في عهد السادات ، المظاهرات التي قال فيها أيضا
( رجعوا التلامذة يا عم حمزة للجد تاني
يا مصر إنتِي اللي باقية وإنتي قطف الأماني
لا كورة نِفعِت ولا أونطة
ولا المناقشة وجدل بيزنطة )
قبل أربعٍ من الآن قرأت مذكراته ؛ وهي من أحلى المذكرات وأطرفها وأمتعها يبدأ الإنسان بقراءته ثم لا ينتبه إلا وقد وصل إلى نهاية الكتاب من لذتها ومواصلته للقراءة ؛
لا أزال أتذكر وهو يبدأ المذكرات بحديثه عن تهمته التي ولد بها وهي قتل أخته التوأم في رحم أمهما وكل حديثه طريف جميل يخرجك من حكاية إلى أخرى ؛
في طفولته قال نجم لرجل يصفه نجم بأنه لم يُر أحن منه حتى تكاد ( الحنية ) تطفر بها عيناه : ( نفسي أخلع ملابسي وانزل اسبح في بحر عنيك ) ، هذا قلب شاعر ملك البيان طفلا وإن لم يكتبه أنذاك .
في تلك السنة أكاد لم أترك مقابلة أجراها إلا شاهدتها ولا برنامجا صوره إلا ذهبت إليه وذاك استلذاذا بحديثه وإن تكرر ؛
وكان نجم يُسأل عن عُمره فيقول ( أنا مقرر مش حاموت إلا لما أشوف مصر عروسة ؛ أطمن على مصر الأول وشبابها وبعدين أموت ) .
في أخر مقابلة لنجم بعد انقلاب السيسي في مصر - وكان نجم ممن خدع و ظن أن الأمر ثورة لتصحيح المسار وليس انقلابا أرجع مصر إلى عهود الاستبداد - حين سئل قال : ( أنا دلوقتي أقدر أموت وأنا مطمن ؛ أنا خلاص اطمنت إنه الشباب فهموا الدنيا و الشعب المصري مش حياكل الأونطة تاني ) ؛ مات نجم بعد المقابلة بأشهر ؛ والشعب المصري أكل الأونطة يا عمِ نجم .
قبل سنتين تقريبا شاهدت مقابلة لابنته نوارة [١] في ال bbc وقرأت نوارة فيها قصيدة نجم ( نوارة ) ووصلت إلى المكان الذي سأضع تحته خط فبكت وأبكت ؛ وما ذاك إلا للحلم الذي عاش من أجله نجم مناضلا و لا زال المصريون يحلمون ببعضه إلى الآن
( نوارة بنتي النهاردة تبقى
بتخطي عتبة ليوم جديد
يارب خلي
يارب حافظ
يارب بارك
يارب زيد

يارب كبر
نوارة تكبر
وتبقى اكبر
في كل عيد

لأ كل جمعة
لأ كل يوم
لأ كل ساعة
لأ كل لحظة
تنول وتحظى
وتزيد نباهة
وتزيد ملاحظة

وتحظى مصر السعيدة بيهم
ويبقوا ليها
وتبقى ليهم
غيطانها جنة
وترابها حنة
والنسمة خمرة
في قزازة حمرا
والنيل نجاشي
مفيش ماجاشي
تملي ييجي
أخضر مِليجي
دايما يوفي
دايما يكفي كل الخلايق
يصبح صباحه
فلاحه يمشي علي شطه عايق
ما فيش معاكسة
مافيش مضايقة
مافيش عساكر وقهر تاني
كل الاماني بقت حقايق
يارب وفق
يارب وافق
يارب زيد
واكتب عليهم
في كل لحظة فرح وعيد . )

[١] ذكرني أيضا بهذا الحديث عن نجم أخي مدين إذ أرسل لي قصيدته البديعة ( نازل وأنا ماشي
عالشوك برجليا ) .

في بداية الطوفان ومع الإجرام الصهيوني في القطاع وهذا الصمت العربي المخزي تذكر الناس قصيدته في غزة :

(ناح الحمام في الدوح
دمعِ البنفسج سال
والورد مال مجروح
من شكِةِ الموال
قال الحمام يا ليل
ويا عيني عاللي اتقال
مين يشتري الفيروز
غزة مع الدلال )

إلى أن يقول على لسان غزة
( أبويا باني الحرم
وأمي من القدسين
ومصر فيها الهوى
والعزوة في الشرقين )

وذاك نجم ؛ الحاضر في كل مقارعة لطاغية أو جبار .

لذة على لذة
تطوف بذاكرتي الآن أبيات من قصائده
وأجمل ما أذكره الآن
(مصر يا امه يا بهية )
(كُلِّ عين تِعشق حِليوة)
(يا اسكندرية بحرك عجايب )
( أنا أتوب عن حبك )
( أتوب إزاي وأنا أيوب )
( يعيش أهل بلدي )
( أناديكم )
( أنا رحت القلعة )
( الليل ملاح )
(أهيمُ شوقا )

وذو الشوقِ القديمِ
وإن تسلَّى!..

وعلى ذكر اللهجة في الشعر
كان من أجمل ما حدث في الشهرين الأخيرين قراءة الشاعر صفوان المشولي لقصائده و اللذة التي تعتري سامعه وهو يقرأ أبياته بطريقة حلوة مُستعذبة .
كنت أحدث الناس عن صفوان المشولي الشاعر الذي لم أعرفه صورةً ولكني عرفته لحنا لا تكاد تخلو منه أعراس تعز التراثية ؛ فواحدة من أشهر الأغاني التي يؤدى على لحنها الرقص الزبيري هي من كلماته ( من أين أجيلك يا حبيبي من أين ) ؛ حتى أظهرت لي اقتراحات اليوتيوب المشولي وهو يحكي قصة قصيدته ( واحمامة ) [1] وكان لا يوجد في قناته غيرها ؛ وكانت لذة سماعها منه تفوق لذة الأغنية ؛
تمنيت أن لا ينقطع ؛ ثم كان أن ابتدأ ينشر تباعا قصائده في منصتيّ يوتيوب و فيسبوك .
تغير شعر صفوان ونزع منزع التصوف والتعبد بعد أن رافق الشيخ المهندس محمد المقرمي فكان أنك تجد نفَس الشيخ المقرمي جليا في قصائده ؛ حتى لا تدري أهذه كلمات الشيخ منظومة أم هو نظم صفوان خالصا ؛ ولعل أبرز ما اشتهُر له وعرفه الناس ( سُعيدُه من عرف ربي سُعيدُه ) .
صفوان شاعر جميل في كلماته و جميل في استلذاذه بما يقول ويجيد فن أن يبعث فيك هذه اللذة عند سماعه .

[1] https://youtu.be/vXAJ7KhTbxU?si=Gl9cgQImeW9JHed2

وللشيخ أسلوب جميل ولهجة صادقة وتأملات بديعة ؛ و هو في الوعظ والتذكير يقرع أبواب القلوب مُذّكِرا وداعيا ؛ و يلقي بساحاتها نفائسه علها تعلق فيها فتصحو من غفلتها .
و هذا الوِعاءُ من البساطة والحديث العفوي الذي اختار الشيخ أن يُقدم فيه مواعظه وإرشاداته وِعاءٌ طيِّب نديّ ؛ حقُهُ أن ينتفع به الناس .

https://www.youtube.com/watch?v=0X12Yt0pYqU

" قُول يا ربْ ... وشوف يا صاحبي ماسِكْ بِمِن؟
واركن على ربي ؛ ومن يركن على ربي ضِمِن
ولا تقول لكِن .. طوالَ العُمرْ باتجلِس تئِن
ما فيش على ربي مُحال أو مُستحيل لاقد إذِن "

" فاعذريني .. إن تأخرتُ عن الوعدِ قليلا
فلقد كان وصولي مُستحيلا ..
وبريدي مُستحيلا ..
إن ألاف الحواجزِ
وقفت ما بين عينيك وبيني ..
أطلقوا النار على الحُلمِ فأردوه قتيلا ..
أطلقوا النار على الحُبِّ فأردوه قتيلا ..
أطلقوا النار على البحرِ ؛ على الشمسِ ، على الزرعِ ، على كُتُب الأطفال
قصوا شَعر بيروتَ الطويلا ..
سرقوا العُمر الجميلا "

اللهم وهذا عُرسٌ ينتظره قلبُ كُل حرٍ في هذا العالم
هذا عُرسٌ يفرح به قلبُ كل مؤمن ، و تطرب له الأرض والسماء معا ،
فأتِّم الأمر واجمع بين الحبيبين ، وعجل بفرج حسن سلامة ورفاقه ، واعصم على قلوبهم بالصبر إن خرجوا وقد خلت ديارهم من أحِبةٍ لا تطيب بدونهم الحياة ، ومكن لهم في الأرض واكسر بهم شوكة الطغاة والغزاة .

https://youtu.be/aQzVypNTH0A?si=6LVYHGgnCMqrMfRo