إن قصة الحب التي أراها دائمًا الأكثر عذوبة وشاعرية وجمالًا، وكانت ولا زلت تطيبُ لي حدّٙ الافتتان:
هي قلبان تعيسان مُحطّمان، يأوى كلاهما إلى بعض، لا ليُرمم أحدُهما الآخر، لا، أبدًا؛ فا هذه صورة غارقة في الذاتية تُحمّل الحب أكثر من طاقاته وتخليت عنها منذ زمن، وإنما ليأنس كلُ واحدٍ منهما بخرابه في وجود الآخر.. تخيل؟ أن يراك أحدُهم وأنت خرابة مُحطّمة ويظل قلبك رغم ذلك مطمئنا.
خرابة مُحطمة ولكن هذه المرة أخيرًا نقية من الخوف وكراهية الذات والشعور بالعار لكونها كذلك..
إن مشهدي الرومانسي الأنبل والأكثر سِحرًا: قلبان تعيسان مُحطّمان يعتذر كلاهما للآخر عن قُبح العالم وآثامه، فيتحول فيهما السخطُ إلى رضا والزوابع إلى نسٙمات صيف، لا لأن العالم يستحق الغفران له ولكن كرامةً وتكريمًا للشفيعِ فيه.
إنّ فكرة الحبيب الأسطوري، المُنقِذ صاحب الخٙلاص والترياق والكتف الذي لا يميل، لم تعد تستهويني كما تفعل في نفوس الناس، بل صِرت أراها نرجسية ظالمة لبشريتنا الضعيفة.
إني لا أنتظر من الحبيب أن يأتيني بالشفاء، وإنما أن يمنحني في حضرته سلامًا مع المرض. هذه الفكرة وحدها، وبحد ذاتها، أراها جليلة شافية.

عزيزي.. ماذا يمكنني أن أقول لك؟ الأمور لا تمضي على ما يرام أبدًا، إنني أكثر حزنًا وضجرًا مما أستطيع أن أصفه لك، ولم أعد أعرف في أيّ نقطة أنا.

‏- فان جوخ إلى ثيو | ٢٩ أبريل ١٨٩٠.