ماذا جنيتُ لكي تَمِلَّ وِصالي
إني سألتُك هل تجيبُ سؤالي؟
حاولتُ أن ألقى لهجرِك حجةً
فوقعتُ بين حقيقةٍ وخيالي
كنتُ القريبَ وكنتَ أنت مُقَرِّبي
يومَ الوِفاقِ وبهجةِ الإقبالي
فغدوتَ أشبهَ بالخصيم لخصمه
عجبًا إذًا لتقلُّبِ الأحوالي
مُزِجَت روحُك في روحي كَما
تُمزَجُ الخَمرَةُ بالماءِ الزُّلالِ
فإذا مسَّك شيءٌ مسَّني
فإذا أنت أنا في كلِّ حالِ
وَكَانَ يَأوي إلىٰ قَلبي ويسكنُهُ
وَكَان يَحمِلُ فِي أضْلاعهِ دَارِي
وإنني لّما مِلتُ إليك اتّزنت
وفي ميلي إليك حُسن اعتدالي
يا ربِّ فاجمعني بمن أحببتُهم
وكـفـى بـربي قـادراً ومُـجـيـبا
مَا أسعدَ العينَ إن فازَتْ برُؤيَتِهِم
ويا سعَادةَ قلبٍ فيهِ قد نزَلُوا
كأنّهُ البدرُ لمّا جاءَ مُختالا
يُجاذبُ الحسنَ أحبابًا وعذّالا
ما للرسائلِ بيننا
قد أصبحتْ مُتثاقِلة!
صوتُ البرودِ يلُفّها
وكأنّ كُلّ حروفِها
صارَت فُتاتَ عواطفٍ
مثلَ الزهورِ الذابلة
ما كنت في دنيايَ إلا غَيمةً
تَحنو عليّ بظِلِّها أو تُمْطِرُ
فتفائلي ياحلوةً أحببتها
إن التفاؤلَ للجَمال رَفيقُ
عيناكِ لم تخلقْ ليسكنها الأسى
أبداً وليسَ بها البكاء يليقُ
فتبسمي إن الحياة جميلةٌ
كالورد من شفتيك حين يفيقُ
أنتَ الحيــاةُ و أنتَ كلّ مـودتي
وأنتَ المُحبّ إذا جَفوني أحِبّتي
لُقيا الأحبّةِ طِبٌ يُستطبُّ بهِ
وغيثُ لُطفٍ علىٰ الأرواحِ هتانًا
وألَذُّ من طيب الشرابِ على الظما
لُقْيا الأحبةِ بعد طولِ غيابِ
ولقَد رأيتُك في المَنامِ فَلَم أَقُم
إنَّ المَنامَ يُخَفّفُ الآلامَ
وَلقَد ذَكرتُك في صَلاتي غَفلةً
فأقَمتُ مِن بَعدِ الصَلاةِ قِيامَا
شَوقِي إليك مَحِلّهُ في خَاطِري
وَالشَّوقُ باتَ فَريضَةً وَلزَامَا
يُربي على رُوحِ الحَبيبِ صَبابَةً
فَورَبِّ رُوحي مَالقِيتُ سَلامَا
ولمحتُ طيفكِ خلف أستار السحَر
وكأنهُ قمرٌ من الخجَلِ استتَر
والشوقُ في جنبيَّ رعدٌ بارقٌ
هزّ الفؤادَ ففاضَ عِشقاً وانهمرْ
فتلاقت الأرواحُ بعد شتاتِها
وحنَا علينا العُمرُ وابتسمَ القدَر
وضَمَمْتُ حُبكِ في السماءِ كأنني
تلكَ الغيومُ وأنتِ زخّاتُ المطرْ
يُرَاقُبِني وَيَدرِي أنَّ قَلبي
يَحسُ بِأنَّهُ منّي قَرِيبٌ
فَلَا هُوَ بِالذَّي أبدى هَوَاهُ
وَلَا هُوَ بِالذّي عَنِّي يَغَيبُ
هل يعلمُ المحبوبُ أنّ قلوبنا
تهفو إليه و تستلذُّ رُؤاهُ
و بأنّنا في شوقِنا و ودادِنا
نتصنّعُ الأسباب كي نلقاهُ
يَا سَارِقَ الأنفاسِ كيفَ عَبثتَ بي؟
وأنا الكتومُ الحَاذِقُ المُتَحَذّرُ
جِدْ لي جَوَاباً للسؤالِ لكي تَرى
إنّي أحبَّكَ فوقَ مَا تتصوَّرُ
آمَنتُ أنَّ الحُبَّ فيكَ نُبوءَتي
وَهواكَ شبه الموتِ لا يَتَكرَّرُ
وَلا هَمَمتُ بِشُربِ المَاءِ مِن عَطَشٍ
إِلَّا رَأَيتُ خَيالاً مِنك في الكَأسِ
2024/05/03 17:17:17
Back to Top
HTML Embed Code: