في الحقيقة سؤالك مهم، ويُطرح كثيرًا في فترة الخطوبة من أحد الطرفين، لأنه يمس الجانب الشرعي والنفسي والاجتماعي. فمن الناحية الشرعية، الخطبة ليست عقدًا أو زواجًا، بل وعد بالزواج، وعليه فأنت في حكم الأجنبية بالنسبة إليه، ويجب أن تكون العلاقة في هذا الإطار، المحاط بالاحترام والتعامل وفق ذلك مما يتعلق بالزواج ويعمق التفاهم حول العلاقة بينكما العقلية والنفسية. ولا بد أن تدركي أنك لست مطالبة ولا أحد يفرض عليك أن تتجاوزي حدود الكلام مع خطيبك الآن ولا تجدين مصداقه في قلبك؛ لما يخشى أن يترتب عليه من المآلات التي قد تفسد الخطوبة نفسها أو الزوج لاحقًا، بل المهم أن يكون هناك قبول وارتياح مبدئي، وألا يوجد نفور أو كره مستند إلى محسوس وليس على أوهام وتخيلات، فالخطبة غرضها معرفة وتفاهم لما سيأتي بعده. والزواج لا يُبنى فقط على العاطفة اللحظية، وإنما على المودة والرحمة التي تنمو مع الزمن منذ اللحظة الأولى للزواج المبني على التفاهم.
ومن الأمور النفسية المهمة، أن تعلمي أن شعور الطرفين لا يتساوى في الوقت نفسه، فقد يعبر أحدهما عن مشاعره بسرعة، بينما يحتاج الآخر إلى وقت لينفتح ويتعلّق. وهنا بصورة عامة يختلف الرجل عن المرأة، وأنا هنا أتحدث خصوصًا عن لحظة الزواج وما بعدها، فالرجل طبيعته خارجيَّة: يتميز بالجرأة والسرعة والمبادرة وربما التهور وقصر النَّفَس. والمرأة طبيعتها داخليَّة: وتتميز بالحياء والخجل والتردد وطول النَّفَس والتعمق والتمعن والتفكير في التفاصيل.
وفي مسألة الكلام عن الحب والتعلق، ففي رأي الشخصي، أن المرأة تشتاق لمثل هذا الكلام من زوجها إذا كان الزوج مقتصدًا متوازنًا فيه، فإذا أكثر وزاد منه قلَّت قيمة هذا النوع من الكلام عندها وربما عافته، خصوصًا إذا خالف الأفعال، وهذا طبيعة المرأة، وربما يختلف الناس في ذلك، فإن الكلام في الحب مما تحبه المرأة إذا كان صادرًا ممن ترغب فيه وتحبه وكان موزنًا بقدر تظل تنتظر مثله وتشتاق إليه، لأنه إذا زاد عن حده انقلب إلى ضده وزهدت فيه، وهذا مجرب ومشاهد، بعكس الرجل الذي يحب أن يسمع هذا الكلام كثيرًا من زوجته حتى وإن ظل صامتًا، فصمته ليس تجاهلاً بل شعور بالراحة وإرادة المواصلة. وإذا كان التمنع الجسدي من المرأة مما يغري الزوج، فإن التمنع اللفظي للزوج في الكلام في الحب -بقدره الموزون- مما يعطيه الإغراء ويمنحه قيمته وتأثيره في قلب الزوجة.
وعودًا على السؤال، فيظهر لي أن خطيبك إما طيب القلب وصريح، أو أنه مشتاقٌ جدًا وبكرٌ في هذا الأمر (وكلها أمور إيجابية لما بعدها)، ومن ثَمَّ فلا يقدر أن يزن مقدار الكلام المطلوب أو المسموح به في مثل هذه الفترة. نحن أحيانًا نخلط بين الراحة والقبول (وهو شعور مبدئي طبيعي في البداية) وبين الحب العميق الذي غالبًا يتشكل مع المواقف والوقت والتجارب المشتركة. والخطورة أن تظلي غير قادرة على تجاوب وجداني مطلقًا (أي برود كامل أو رفض داخلي)، فهذا قد يكون إشارة إلى عدم استعدادك أو عدم وجود توافق عاطفي. اسألي نفسك بصدق: هل أرتاح معه؟ هل يطمئن قلبي في وجوده؟ هل هناك تقدير لصفاته وأخلاقه؟ استندي إلى حقائق ملموسة وصفات حقيقية، وأعطي نفسك الوقت، ولا تستعجلي الشعور بالحب، أحيانًا يحتاج القلب لوقت أطول. وتحدثي معه بلطف أنك ما زلت في مرحلة التعرف وأن مشاعرك تتطور تدريجيًا، وهذا أفضل من ادعاء الحب وأنتِ لا تشعرين به.
ختامًا، ما تشعرين به أمر عادي في البداية، لكن الأهم أن تتعرفي إلى كل ما يقربك من زوجك المستقبلي، ثم تراقبي تطور مشاعرك مع الوقت، فإذا نما الحب -المستند إلى حقائق ملموسة-فهذا طبيعي، وإن ظل جافًا تمامًا فالأفضل أن تراجعي نفسك بصدق وتتأملي وتستشيري في تلك العلاقة ممن تثقين فيه من أهلك، واستخيري دومًا وألحي بالدعاء لما فيه خيركما.
ومن الأمور النفسية المهمة، أن تعلمي أن شعور الطرفين لا يتساوى في الوقت نفسه، فقد يعبر أحدهما عن مشاعره بسرعة، بينما يحتاج الآخر إلى وقت لينفتح ويتعلّق. وهنا بصورة عامة يختلف الرجل عن المرأة، وأنا هنا أتحدث خصوصًا عن لحظة الزواج وما بعدها، فالرجل طبيعته خارجيَّة: يتميز بالجرأة والسرعة والمبادرة وربما التهور وقصر النَّفَس. والمرأة طبيعتها داخليَّة: وتتميز بالحياء والخجل والتردد وطول النَّفَس والتعمق والتمعن والتفكير في التفاصيل.
وفي مسألة الكلام عن الحب والتعلق، ففي رأي الشخصي، أن المرأة تشتاق لمثل هذا الكلام من زوجها إذا كان الزوج مقتصدًا متوازنًا فيه، فإذا أكثر وزاد منه قلَّت قيمة هذا النوع من الكلام عندها وربما عافته، خصوصًا إذا خالف الأفعال، وهذا طبيعة المرأة، وربما يختلف الناس في ذلك، فإن الكلام في الحب مما تحبه المرأة إذا كان صادرًا ممن ترغب فيه وتحبه وكان موزنًا بقدر تظل تنتظر مثله وتشتاق إليه، لأنه إذا زاد عن حده انقلب إلى ضده وزهدت فيه، وهذا مجرب ومشاهد، بعكس الرجل الذي يحب أن يسمع هذا الكلام كثيرًا من زوجته حتى وإن ظل صامتًا، فصمته ليس تجاهلاً بل شعور بالراحة وإرادة المواصلة. وإذا كان التمنع الجسدي من المرأة مما يغري الزوج، فإن التمنع اللفظي للزوج في الكلام في الحب -بقدره الموزون- مما يعطيه الإغراء ويمنحه قيمته وتأثيره في قلب الزوجة.
وعودًا على السؤال، فيظهر لي أن خطيبك إما طيب القلب وصريح، أو أنه مشتاقٌ جدًا وبكرٌ في هذا الأمر (وكلها أمور إيجابية لما بعدها)، ومن ثَمَّ فلا يقدر أن يزن مقدار الكلام المطلوب أو المسموح به في مثل هذه الفترة. نحن أحيانًا نخلط بين الراحة والقبول (وهو شعور مبدئي طبيعي في البداية) وبين الحب العميق الذي غالبًا يتشكل مع المواقف والوقت والتجارب المشتركة. والخطورة أن تظلي غير قادرة على تجاوب وجداني مطلقًا (أي برود كامل أو رفض داخلي)، فهذا قد يكون إشارة إلى عدم استعدادك أو عدم وجود توافق عاطفي. اسألي نفسك بصدق: هل أرتاح معه؟ هل يطمئن قلبي في وجوده؟ هل هناك تقدير لصفاته وأخلاقه؟ استندي إلى حقائق ملموسة وصفات حقيقية، وأعطي نفسك الوقت، ولا تستعجلي الشعور بالحب، أحيانًا يحتاج القلب لوقت أطول. وتحدثي معه بلطف أنك ما زلت في مرحلة التعرف وأن مشاعرك تتطور تدريجيًا، وهذا أفضل من ادعاء الحب وأنتِ لا تشعرين به.
ختامًا، ما تشعرين به أمر عادي في البداية، لكن الأهم أن تتعرفي إلى كل ما يقربك من زوجك المستقبلي، ثم تراقبي تطور مشاعرك مع الوقت، فإذا نما الحب -المستند إلى حقائق ملموسة-فهذا طبيعي، وإن ظل جافًا تمامًا فالأفضل أن تراجعي نفسك بصدق وتتأملي وتستشيري في تلك العلاقة ممن تثقين فيه من أهلك، واستخيري دومًا وألحي بالدعاء لما فيه خيركما.
❤15👍2👏1
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
حياك الله، تفكيرك في موضوع مهم في حياتك في سن مناسبة يدل على نضجك وعقلك، لكن قلقك وصداعك بسبب التفكير السلبي المبالغ فيه ليس أمرًا جيدًا لصحتك النفسية ولقراراتك الصحيحة في المستقبل القريب. حاولي تنقية أفكارك وترشيد سلوكك، فالتفكير بالزواج في سنك أمر طبيعي بل إيجابي، لكن لا يدفعك إلى التفكير بشكل خاطئ ومفرط، عليك:
١-العمل بالأسباب الدينية والاجتماعية.
٢-الدعاء بأن يسخر الله لك زوجًا صالحًا في دينه وعقله ونفسيته.
٣-تأملي هذا الحديث الشريف:
حياك الله، تفكيرك في موضوع مهم في حياتك في سن مناسبة يدل على نضجك وعقلك، لكن قلقك وصداعك بسبب التفكير السلبي المبالغ فيه ليس أمرًا جيدًا لصحتك النفسية ولقراراتك الصحيحة في المستقبل القريب. حاولي تنقية أفكارك وترشيد سلوكك، فالتفكير بالزواج في سنك أمر طبيعي بل إيجابي، لكن لا يدفعك إلى التفكير بشكل خاطئ ومفرط، عليك:
١-العمل بالأسباب الدينية والاجتماعية.
٢-الدعاء بأن يسخر الله لك زوجًا صالحًا في دينه وعقله ونفسيته.
٣-تأملي هذا الحديث الشريف:
💯6❤3
عنِ ابنِ عبَّاسٍ قالَ : كنتُ رِدفَ رسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ فالتفتَ إليَّ فقالَ : (يا غلامُ ، احفَظِ اللَّهَ يحفَظكَ ، احفَظِ اللَّهَ تَجِدْهُ أمامَكَ ، تَعرَّف إلى اللَّهِ في الرَّخاءِ ، يَعرِفْكَ في الشِّدَّةِ قد جفَّ القلَمُ بما هوَ كائنٌ ، فلَو أنَّ الخلقَ كُلَّهُم جميعًا أَرادوا أن ينفَعوكَ بشَيءٍ لم يقضِهِ اللَّهُ لَكَ ، لَم يَقدِروا عليهِ ، أو أرادوا أن يضرُّوكَ بشيءٍ لم يقضِهِ اللَّهُ علَيكَ ، لَم يقدِروا علَيهِ … واعلَم أنَّ ما أصابَكَ لم يكُن ليُخطِئَك وما أخطأكَ لم يكُن ليُصيبَكَ ، واعلَم أنَّ النَّصرَ معَ الصَّبرِ ، وأنَّ الفرجَ معَ الكربِ ، وأنَّ معَ العُسرِ يُسرًا).
❤21
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته حياكم الله، وجود مثلك من نعم الله على هذه الحياة، فمثلك جوهرة ومفخرة لأهلها. من كان لديه علم ولو كان حديثًا واحدًا حسن أن يعلمه من يحتاجه، ولا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة، فالإنسان يبلغ ما يعرفه حق المعرفة ولو آية، وتعليمك لغيرك يثبت في قلبك العلم ويزيده، ويحفزك على أن تواصلي في الزيادة والتعليم. علمي الآن ما تعرفينه، واستمري في تعليمهم بعد تخرجك، كتب الله على يديك الخير والعلم والمعرفة الطيبة.
❤7👍3😢2
عن أبي مسعود البدري رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (من قرأ بالآيتين من آخر سور البقرة في ليلة كفتاه) رواه البخاري ومسلم
❤12👍5
الناس -غالبًا- لا يسيطرون على أحاسيسنا، ولا يملكون قوة التأثير على مشاعرنا بصورة قهريَّة، وإنَّما يعود الأمر في الحقيقة إلى سماحنا لنفوذهم بهذا التأثير، ومن سمح للناس بالتأثير عليه إيجابيًا سمح لهم في المقابل بالتأثير عليه سلبيًا، وإذا كان هم سبب الفرح بالنسبة إليك، فلا بُدَّ أن يكونوا سبب حزنك وإحباطك وخيبتك.
لا أقول بالطبع أنَّ الناس ليس لهم تأثير ألبته! هذا خطأ كبير، بل أمرٌ غير معقول وغير واقعي، فالناس لها تأثير بصورة ما على نفسيَّة الإنسان ومشاعره، لكن القضيَّة الجوهريَّة هي حدود هذا التأثير وقوته، ومصير يوم الإنسان، بل أسبوعه، وشهره، وسنته، في ظل هذا التأثير. فالإنسان بطبعه اجتماعي يُخالط الناس، وطبيعة الخلطة مع الناس مؤثرة، ولا بُدَّ لها من تأثيرات سلبيَّة وإيجابيَّة، والعاقل من يتدرب ويتعلم ويطور قدراته في تلقي تلك التأثيرات والحد من قوتها على صحته النفسية وحماية مشاعره من الاضطراب بسبب اضطراب مواقف الناس منه أو مواقفه من الناس.
قالوا قديمًا: "من راقب الناس مات همًّا". وفي الحقيقة أيضًا من استمع للناس ولاحظ بعناية دقيقة كلامهم ولمزهم وحركاتهم وسكناتهم وضحكاتهم وغمزاتهم، وغرق في تفسيراتها يمينًا وشمالاً، مات همًّا وغمًّا في كل لحظة، وانشغل عن حياته الخاصة ونجاحاته ومستقبله في أمور سيدرك لاحقًا أنها في غاية التفاهة والهامشيَّة.
وأصل معظم البلاء عند هذا الشخص والذي مكَّن الناس من لهذا التأثير عليه، وأن يسيطروا على مشاعره: هو الضعف، ومنبع الضعف هو حاجته للتعزيز المبالغ فيها من الناس، وهشاشته النفسيَّة تجاه كلماتهم السلبيَّة من التأثير عليه بدرجة فائقة. وسر المسألة أنَّ الحاجة الخاص للشخص إلى الناس: ضعفٌ، وهي مصدر أحزانه وتعاسته، وكلما ازدادت حاجته إليهم في مشاعره وأحاسيسه وتعزيزه وإلهامهم وتشجيعه؛ زادت شقاوته وعناؤه وخيباته وتعثراته بهم، فليس من حاجة مذلة ومخيبة مثل الاعتماد والحاجة المبالغ فيها على الناس، وخصوصًا في الأمور الباطنية: المشاعر والأحاسيس ونحوها. وفي المقابل، ليس مثل الحاجة إلى الله تعالى، وهي حاجة ضرورية وتعبديَّة لازمة لا ينفك عنها العبد، وهي مصدر القوة العزة والفرح، وهي مصدر سعادة المؤمنين الذي يستغنون بالله عمَّا سواه.
وسبب شقاء الإنسان بالناس يعود إلى عوامل عدة: اضطراب الناس أنفسهم في تصوراتهم وتقييماتهم، اختلافهم فيما بينهم على الشيء، اختلاف الواحد منهم بحسب مزاجه، عدم حيادية وموضوعية أكثرهم، ضعفهم وهشاشتهم أيضًا، حاجاتهم الخاص التي تتعارض وتتصادم مع حاجاتك، وربما يوجد في كثير منهم الحسد والمكر واللؤم والخسة والدناءة، وهي من أعظم الصفات التي تشقي صاحبها وتشقي من يتصل به بعلاقة ولو عابرة.
فمن الطبيعي أن يشعر الإنسان بالإحباط والشقاء والخيبة حينما يتعلق بمثل هؤلاء الناس في تَطَلُّب مشاعره وأحاسيسه، فهو وهم أيضًا نتاج طبيعة النقص البشري والهشاشة المركبة فيهم والحاجة والصراع والمحاصصة، وربما هم أنفسهم لاموا هذا الإنسان المشتكي على أنه سبب لهم الخيبات والشقاء والتعاسة.
والسعيد الحقيقي من قوَّى نفسه بقربه من الله، وسدَّ حاجاته بالاتصال بالله، وقوى شخصيته بقوة إيمانه بالله وبقضائه وقدره، وحاول ان يستغني بالله ثم بنفسه، فإنَّ من أهم مصادر السعادة: الاستغناء، ومن أهم مصادر الشقاء: الحاجة. وفي الوقت نفسه يجب عليه الاعتدال النفسي في نظره للناس، فلا يجعلهم بصورة مبالغة مصدر سعادته ولا مصدر خيبته، وهو في الحقيقة حينئذ السبب في ذلك إذا هو من صنع ذلك الظن في الناس، والإنسان غالبًا في يعيش في ظلال تصوراته وظنونه بالآخرين.
وليس مثل الإنصاف والاعتدال في تحميل الناس مسؤولية مشاعر الشخص وإحساسه، ومن الظلم أن تلقي على الناس ضعفك وحاجتك وإحباط وخيبتك، ولولا سماحك بذلك لما حصل لك ذلك، فالإنسان يعيش نتائج ما يسمح به للآخرين وما يتصوره عنهم وحجم ما يعول عليهم فيه، فهم لهم حاجات ولك حاجات، ولهم طموحات ولك طموحات، ولهم مشاعر ولك مشاعرك، ولهم أهدافهم ولك أهدافك، وفيه نقصهم وفيك نقصك، وكما تحتاجهم فقد يحتاجك بعضهم، وفيهم وفيك الخير والشر.
والسعيد من كفَّ شره عن الناس قدر طاقته، وبذلك خيره لهم بحسب قدرته وطاقته. وكذلك من قدر على كف شر الناس عنه بقلة حاجته إليهم واستغنائه عنهم، وفي الوقت نفس ثمَّن خيرهم وشكرهم عليه ورده لهم مثله أو خيرًا منه.
لا أقول بالطبع أنَّ الناس ليس لهم تأثير ألبته! هذا خطأ كبير، بل أمرٌ غير معقول وغير واقعي، فالناس لها تأثير بصورة ما على نفسيَّة الإنسان ومشاعره، لكن القضيَّة الجوهريَّة هي حدود هذا التأثير وقوته، ومصير يوم الإنسان، بل أسبوعه، وشهره، وسنته، في ظل هذا التأثير. فالإنسان بطبعه اجتماعي يُخالط الناس، وطبيعة الخلطة مع الناس مؤثرة، ولا بُدَّ لها من تأثيرات سلبيَّة وإيجابيَّة، والعاقل من يتدرب ويتعلم ويطور قدراته في تلقي تلك التأثيرات والحد من قوتها على صحته النفسية وحماية مشاعره من الاضطراب بسبب اضطراب مواقف الناس منه أو مواقفه من الناس.
قالوا قديمًا: "من راقب الناس مات همًّا". وفي الحقيقة أيضًا من استمع للناس ولاحظ بعناية دقيقة كلامهم ولمزهم وحركاتهم وسكناتهم وضحكاتهم وغمزاتهم، وغرق في تفسيراتها يمينًا وشمالاً، مات همًّا وغمًّا في كل لحظة، وانشغل عن حياته الخاصة ونجاحاته ومستقبله في أمور سيدرك لاحقًا أنها في غاية التفاهة والهامشيَّة.
وأصل معظم البلاء عند هذا الشخص والذي مكَّن الناس من لهذا التأثير عليه، وأن يسيطروا على مشاعره: هو الضعف، ومنبع الضعف هو حاجته للتعزيز المبالغ فيها من الناس، وهشاشته النفسيَّة تجاه كلماتهم السلبيَّة من التأثير عليه بدرجة فائقة. وسر المسألة أنَّ الحاجة الخاص للشخص إلى الناس: ضعفٌ، وهي مصدر أحزانه وتعاسته، وكلما ازدادت حاجته إليهم في مشاعره وأحاسيسه وتعزيزه وإلهامهم وتشجيعه؛ زادت شقاوته وعناؤه وخيباته وتعثراته بهم، فليس من حاجة مذلة ومخيبة مثل الاعتماد والحاجة المبالغ فيها على الناس، وخصوصًا في الأمور الباطنية: المشاعر والأحاسيس ونحوها. وفي المقابل، ليس مثل الحاجة إلى الله تعالى، وهي حاجة ضرورية وتعبديَّة لازمة لا ينفك عنها العبد، وهي مصدر القوة العزة والفرح، وهي مصدر سعادة المؤمنين الذي يستغنون بالله عمَّا سواه.
وسبب شقاء الإنسان بالناس يعود إلى عوامل عدة: اضطراب الناس أنفسهم في تصوراتهم وتقييماتهم، اختلافهم فيما بينهم على الشيء، اختلاف الواحد منهم بحسب مزاجه، عدم حيادية وموضوعية أكثرهم، ضعفهم وهشاشتهم أيضًا، حاجاتهم الخاص التي تتعارض وتتصادم مع حاجاتك، وربما يوجد في كثير منهم الحسد والمكر واللؤم والخسة والدناءة، وهي من أعظم الصفات التي تشقي صاحبها وتشقي من يتصل به بعلاقة ولو عابرة.
فمن الطبيعي أن يشعر الإنسان بالإحباط والشقاء والخيبة حينما يتعلق بمثل هؤلاء الناس في تَطَلُّب مشاعره وأحاسيسه، فهو وهم أيضًا نتاج طبيعة النقص البشري والهشاشة المركبة فيهم والحاجة والصراع والمحاصصة، وربما هم أنفسهم لاموا هذا الإنسان المشتكي على أنه سبب لهم الخيبات والشقاء والتعاسة.
والسعيد الحقيقي من قوَّى نفسه بقربه من الله، وسدَّ حاجاته بالاتصال بالله، وقوى شخصيته بقوة إيمانه بالله وبقضائه وقدره، وحاول ان يستغني بالله ثم بنفسه، فإنَّ من أهم مصادر السعادة: الاستغناء، ومن أهم مصادر الشقاء: الحاجة. وفي الوقت نفسه يجب عليه الاعتدال النفسي في نظره للناس، فلا يجعلهم بصورة مبالغة مصدر سعادته ولا مصدر خيبته، وهو في الحقيقة حينئذ السبب في ذلك إذا هو من صنع ذلك الظن في الناس، والإنسان غالبًا في يعيش في ظلال تصوراته وظنونه بالآخرين.
وليس مثل الإنصاف والاعتدال في تحميل الناس مسؤولية مشاعر الشخص وإحساسه، ومن الظلم أن تلقي على الناس ضعفك وحاجتك وإحباط وخيبتك، ولولا سماحك بذلك لما حصل لك ذلك، فالإنسان يعيش نتائج ما يسمح به للآخرين وما يتصوره عنهم وحجم ما يعول عليهم فيه، فهم لهم حاجات ولك حاجات، ولهم طموحات ولك طموحات، ولهم مشاعر ولك مشاعرك، ولهم أهدافهم ولك أهدافك، وفيه نقصهم وفيك نقصك، وكما تحتاجهم فقد يحتاجك بعضهم، وفيهم وفيك الخير والشر.
والسعيد من كفَّ شره عن الناس قدر طاقته، وبذلك خيره لهم بحسب قدرته وطاقته. وكذلك من قدر على كف شر الناس عنه بقلة حاجته إليهم واستغنائه عنهم، وفي الوقت نفس ثمَّن خيرهم وشكرهم عليه ورده لهم مثله أو خيرًا منه.
❤7👍7👏2
حزين لفوات أمر من حظوظ الدينا؟
تعتقد أن مشكلتك هي محور الكون؟
لعلك تقرأ هذا المقال القصير: (غرور الحياة ولحظة اليقظة المتأخرة!).
https://atharah.net/the-ego-of-life-and-the-moment-of-late-awakening/
تعتقد أن مشكلتك هي محور الكون؟
لعلك تقرأ هذا المقال القصير: (غرور الحياة ولحظة اليقظة المتأخرة!).
https://atharah.net/the-ego-of-life-and-the-moment-of-late-awakening/
أثارة | فقه تدبير المعرفة
غرور الحياة ولحظة اليقظة المتأخرة! | أثارة
في ليلةٍ من الليالي الفارقة التي لا يمكن أن ينساها، ولا يمكن أن تكون بعيدة أبدًا عن ذاكرته مهما كانت بعيدة في الزمن. في ليلةٍ سكنت فيها الأشياء، وفي سكون الكون وصمت المكان، كان الهدوء يحيط بكل شيءٍ حول المبنى
❤7😭3💯1
موقف المؤمن تجاه الحكمة الإلهيَّة وقضية وجود الشر في العالم
https://atharah.net/موقف-المؤمن-تجاه-الحكمة-الإلهيَّة-وقض/
https://atharah.net/موقف-المؤمن-تجاه-الحكمة-الإلهيَّة-وقض/
أثارة | فقه تدبير المعرفة
موقف المؤمن تجاه الحكمة الإلهيَّة وقضية وجود الشر في العالم | أثارة
د. عايض الدوسري
❤3👍3
معظم الذين يعانون من مشكلة الشر لديهم قوة سطوع في رؤية الآلام في العالم، قوة تصويرية دقيقة تنتجها الحساسية المفرطة في أرواحهم، فمشاعرهم رقيقة ولديها قدرة على تجسيد الآلام بكافة تفاصيلها المؤذية، فتكدر حياتهم وتنغص أوقاتهم، ويغيب أمامهم مشاهدة حضور الجمال المبثوث بأركان الوجود.
❤8👍1😢1
تأمل نفسية الإنسان في الآيتين الكريمتين:
﴿إنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعاً . إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً . وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً . إِلَّا الْمُصَلِّينَ﴾.
﴿وَإِذَا أَنْعَمْنَا عَلَى الْإِنسَانِ أَعْرَضَ وَنَأَىٰ بِجَانِبِهِ ۖ وَإِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ كَانَ يَئُوسًا﴾.
﴿إنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعاً . إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً . وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً . إِلَّا الْمُصَلِّينَ﴾.
﴿وَإِذَا أَنْعَمْنَا عَلَى الْإِنسَانِ أَعْرَضَ وَنَأَىٰ بِجَانِبِهِ ۖ وَإِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ كَانَ يَئُوسًا﴾.
❤18😢6💯2
حين تستولي محبةُ شخصٍ على القلب، يعجز اللسان عن مجاراتها، إذ تصبح اللغة أضيق من أن تُفصح عما يفيض في الداخل. عندئذٍ يتحول الدعاء إلى لغة المحبة الفصيحة، فكلُّ دعوةٍ خالصةٍ تنبع من القلب إنما هي صورةٌ من صور البذل الهادئ، واعترافٌ غير معلنٍ بأن وجود المحبوب صار جزءًا من الروح نفسها. فالمحب حين يكثر الدعاء لمحبوبه، إنما يُودِع حبّه في يدي الله ورعايته، حيث لا رياء ولا انتظارٌ لمقابل. الدعاء المتواصل إذن، ليس مجرد رجاءٍ للآخر، بل هو دليل على أن القلب وجد معناه في وجوده.
❤30🥰9👍2😭2