*🌸شرح قانون الإثبات اليمني، العدد (١٥)🌸*
*بقلم القاضي/ يحيى بن مرشد بن عبداللہ بن ناصر الشهاب.*
*(المادة الحادية والثلاثون: عدم حجية شهادة الطفل المميز واعتبار أقوالہ قرينة إثباتية)*
مادة (31): الطفل المميز غير أهل للشهادة، ولكن تُسْمَعُ أقوالہ فيما شاهدہ كقرينة.
- نظم المادتين (٣١، ٣٢):
....واسْمَعِ الْأَطْفَالا...
فيما رَأَوْا وَلَيْسَتِ اسْتِدْلَالا
لَكِنَّهَا قَرِيْنَةٌ، ثُمّ اسْمَعِ...
شهادةَ الأطفالِ بَيْنَهُمْ وَعِ
بشَرْطِ ألّا يَلْتَقُوْا بِغَيْرِهِمْ...
مِنَ الكِبَارِ، واعْتِقَادِ صِدْقِهِمْ
- الشرح:
★أولًا: المعنى الإجمالي للمادة:
تتناول المادة الحادية والثلاثون من قانون الإثبات اليمني موضوعًا بالغ الدقة والأهمية في نظام الشهادات القضائية، حيث تُسَلِّطُ الضوءَ على موقف القانون من الطفل المميز، أي الطفل الذي لم يبلغ سن الرشد القانوني، لكنہ بلغ من التمييز ما يجعلہ قادرًا على الفهم والإدراك والإخبار بما يشاهده.
تنطلق المادة من القاعدة القانونية الراسخة التي تشترط أهلية الشاهد لقبول شهادتہ، وتقرر أن الطفل المميز، رغم قدرتہ على التفرقة بين الأمور، ليس أهلًا للشهادة أمام القضاء؛ لأن شرط البلوغ لم يتحقق فيہ، كما أن ضبطہ وعدالتہ لا يمكن الوثوق بها على نحو تام. فالشهادة في معناها القانوني والشرعي، هي قول صادر من بالغٍ عاقلٍ عدلٍ ضابطٍ لإثبات حق لغيرہ على غيرہ أمام القضاء، وهذہ الأوصاف لا تكتمل في الطفل، حتى وإن بدا مميزًا.
لكن، ورغم هذا، لا يُعرِضُ القانون عن أقوال الطفل المميز إعراضًا تامًا، بل يتعامل معها على أنها قرينة قضائية. والقرينة -في معناها القانوني- هي علامة أو دليل غير مباشر يسترشد بہ القاضي، وَيَضُمُّهُ إلى بقية المعطيات لتكوين قناعتہ في القضية.
وبذلك يكون القانون قد سلك طريقًا وسطيًا عادلًا: فلا أهدَرَ أقوال الطفل المميز في الوقائع التي يكون شاهدًا مباشرًا عليها -كما قد يفعل من يتمسك بحرفية الأهلية- ولا منحها القوة القانونية الكاملة التي تتمتع بها الشهادة القضائية، كما قد يغفل بعض الممارسين خطورة التساهل في هذا الباب. بل منح هذہ الأقوال وزنًا معتدلًا: تُسمَعُ، ويُعتَدُّ بها على سبيل الاستئناس، دون أن تُبنَى عليها الأحكام بمفردها.
هذہ المادة تكتسب أهمية كبيرة خاصة في القضايا التي يكون الطفل هو الحاضر الوحيد لها، كما في الوقائع العائلية داخل المنزل، أو المشاهدات المدرسية، أو الأحداث التي تقع في محيط الأطفال دون حضور بالغين. فهي تتيح للقاضي أن يصغي لأقوال الطفل المميز بعين التقدير المشروط، يستنير بها، ويفحص مدى توافقها مع الأدلة الأخرى، دون أن يتقيد بها كمن يتقيد بشهادة مكتملة الشروط.
وتلتقي هذہ النظرة القانونية مع ما جاء في الفقہ الزيدي، حيث فَرَّقَ الفقهاء بين شهادة الصبي غير المقبولة، وبين أقوالہ المستأنس بها عند التواتر أو لغرض التأديب لا الحكم، كما في التاج المذهب لأحكام المذهب، حيث قال: "لا تُقبل شهادة الصبي ما لم يكثر الصبيان حتى أفاد خبرهم العلم الضروري، قُبلوا من باب التواتر لا الشهادة..."، وقال أيضًا: "وتجوز شهادتهم لإمضاء التأديب لا لإمضاء الحكم."
فالقانون في هذہ المادة لا يخرج عن روح الفقہ، بل يُتَرجِمُهَا إلى ضابط إجرائي يوازن بين التَّحَفُّظِ القانوني والحس الواقعي، في سبيل الوصول إلى الحقيقة القضائية بأقل قدر من التضحية بالعدالة أو بالثقة في إجراءات الإثبات.
★ثانياً: شرح عبارات المادة:
- قوله"الطفل المميز": هو من لم يبلغ سن الرشد (البلوغ الشرعي)، ولكنہ بلغ سن التمييز العقلي، أي أصبح قادرًا على فهم الخطاب، والتفرقة بين الأمور، والتعبير عنها بوضوح نسبي. وسن التمييز -بحسب ما جاء في القانون- هو مرحلة بلوغ الطفل سن العاشرة حتى وصولہ سن البلوغ خمس عشرة سنة كاملة، وقد يختلف حسب النضج الذهني والعقلي للطفل.
- وقولہ: "غير أهل للشهادة": أي لا يُعتَدُّ بشهادتہ كشهادة قضائية كاملة مُنتِجَةٍ للأثر القانوني؛ لأنہ لا تتوافر فيہ شروط الأهلية القانونية للشهادة، ومنها: البلوغ، والعقل، والعدالة، والضبط. والطفل المميز -رغم تمييزه- ينقصہ ركن البلوغ، وقد يعتريہ ضعف في الضبط والانفعال، مما يقدح في أهلية شهادتہ أمام القضاء.
- وقولہ: "ولكن تُسمع أقواله... كقرينة": أي أن أقوالہ لا تُهْمَلُ تمامًا، بل يُستَأنَسُ بها إذا أدلى بها على واقعة شاهدها بنفسہ، على أن يُنظَرَ إلى تلك الأقوال لا بوصفها شهادة قانونية تامة، وإنما باعتبارها قرينة قد تُعزز شهادة أخرى أو تُوَجِّهُ نظر القاضي نحو التحقيق أو الترجيح.
★ثالثاً: التحليل القانوني والفقهي:
*بقلم القاضي/ يحيى بن مرشد بن عبداللہ بن ناصر الشهاب.*
*(المادة الحادية والثلاثون: عدم حجية شهادة الطفل المميز واعتبار أقوالہ قرينة إثباتية)*
مادة (31): الطفل المميز غير أهل للشهادة، ولكن تُسْمَعُ أقوالہ فيما شاهدہ كقرينة.
- نظم المادتين (٣١، ٣٢):
....واسْمَعِ الْأَطْفَالا...
فيما رَأَوْا وَلَيْسَتِ اسْتِدْلَالا
لَكِنَّهَا قَرِيْنَةٌ، ثُمّ اسْمَعِ...
شهادةَ الأطفالِ بَيْنَهُمْ وَعِ
بشَرْطِ ألّا يَلْتَقُوْا بِغَيْرِهِمْ...
مِنَ الكِبَارِ، واعْتِقَادِ صِدْقِهِمْ
- الشرح:
★أولًا: المعنى الإجمالي للمادة:
تتناول المادة الحادية والثلاثون من قانون الإثبات اليمني موضوعًا بالغ الدقة والأهمية في نظام الشهادات القضائية، حيث تُسَلِّطُ الضوءَ على موقف القانون من الطفل المميز، أي الطفل الذي لم يبلغ سن الرشد القانوني، لكنہ بلغ من التمييز ما يجعلہ قادرًا على الفهم والإدراك والإخبار بما يشاهده.
تنطلق المادة من القاعدة القانونية الراسخة التي تشترط أهلية الشاهد لقبول شهادتہ، وتقرر أن الطفل المميز، رغم قدرتہ على التفرقة بين الأمور، ليس أهلًا للشهادة أمام القضاء؛ لأن شرط البلوغ لم يتحقق فيہ، كما أن ضبطہ وعدالتہ لا يمكن الوثوق بها على نحو تام. فالشهادة في معناها القانوني والشرعي، هي قول صادر من بالغٍ عاقلٍ عدلٍ ضابطٍ لإثبات حق لغيرہ على غيرہ أمام القضاء، وهذہ الأوصاف لا تكتمل في الطفل، حتى وإن بدا مميزًا.
لكن، ورغم هذا، لا يُعرِضُ القانون عن أقوال الطفل المميز إعراضًا تامًا، بل يتعامل معها على أنها قرينة قضائية. والقرينة -في معناها القانوني- هي علامة أو دليل غير مباشر يسترشد بہ القاضي، وَيَضُمُّهُ إلى بقية المعطيات لتكوين قناعتہ في القضية.
وبذلك يكون القانون قد سلك طريقًا وسطيًا عادلًا: فلا أهدَرَ أقوال الطفل المميز في الوقائع التي يكون شاهدًا مباشرًا عليها -كما قد يفعل من يتمسك بحرفية الأهلية- ولا منحها القوة القانونية الكاملة التي تتمتع بها الشهادة القضائية، كما قد يغفل بعض الممارسين خطورة التساهل في هذا الباب. بل منح هذہ الأقوال وزنًا معتدلًا: تُسمَعُ، ويُعتَدُّ بها على سبيل الاستئناس، دون أن تُبنَى عليها الأحكام بمفردها.
هذہ المادة تكتسب أهمية كبيرة خاصة في القضايا التي يكون الطفل هو الحاضر الوحيد لها، كما في الوقائع العائلية داخل المنزل، أو المشاهدات المدرسية، أو الأحداث التي تقع في محيط الأطفال دون حضور بالغين. فهي تتيح للقاضي أن يصغي لأقوال الطفل المميز بعين التقدير المشروط، يستنير بها، ويفحص مدى توافقها مع الأدلة الأخرى، دون أن يتقيد بها كمن يتقيد بشهادة مكتملة الشروط.
وتلتقي هذہ النظرة القانونية مع ما جاء في الفقہ الزيدي، حيث فَرَّقَ الفقهاء بين شهادة الصبي غير المقبولة، وبين أقوالہ المستأنس بها عند التواتر أو لغرض التأديب لا الحكم، كما في التاج المذهب لأحكام المذهب، حيث قال: "لا تُقبل شهادة الصبي ما لم يكثر الصبيان حتى أفاد خبرهم العلم الضروري، قُبلوا من باب التواتر لا الشهادة..."، وقال أيضًا: "وتجوز شهادتهم لإمضاء التأديب لا لإمضاء الحكم."
فالقانون في هذہ المادة لا يخرج عن روح الفقہ، بل يُتَرجِمُهَا إلى ضابط إجرائي يوازن بين التَّحَفُّظِ القانوني والحس الواقعي، في سبيل الوصول إلى الحقيقة القضائية بأقل قدر من التضحية بالعدالة أو بالثقة في إجراءات الإثبات.
★ثانياً: شرح عبارات المادة:
- قوله"الطفل المميز": هو من لم يبلغ سن الرشد (البلوغ الشرعي)، ولكنہ بلغ سن التمييز العقلي، أي أصبح قادرًا على فهم الخطاب، والتفرقة بين الأمور، والتعبير عنها بوضوح نسبي. وسن التمييز -بحسب ما جاء في القانون- هو مرحلة بلوغ الطفل سن العاشرة حتى وصولہ سن البلوغ خمس عشرة سنة كاملة، وقد يختلف حسب النضج الذهني والعقلي للطفل.
- وقولہ: "غير أهل للشهادة": أي لا يُعتَدُّ بشهادتہ كشهادة قضائية كاملة مُنتِجَةٍ للأثر القانوني؛ لأنہ لا تتوافر فيہ شروط الأهلية القانونية للشهادة، ومنها: البلوغ، والعقل، والعدالة، والضبط. والطفل المميز -رغم تمييزه- ينقصہ ركن البلوغ، وقد يعتريہ ضعف في الضبط والانفعال، مما يقدح في أهلية شهادتہ أمام القضاء.
- وقولہ: "ولكن تُسمع أقواله... كقرينة": أي أن أقوالہ لا تُهْمَلُ تمامًا، بل يُستَأنَسُ بها إذا أدلى بها على واقعة شاهدها بنفسہ، على أن يُنظَرَ إلى تلك الأقوال لا بوصفها شهادة قانونية تامة، وإنما باعتبارها قرينة قد تُعزز شهادة أخرى أو تُوَجِّهُ نظر القاضي نحو التحقيق أو الترجيح.
★ثالثاً: التحليل القانوني والفقهي:
❤1
١- أهلية الشهادة شرط في اعتبارها قانونًا:
القانون يشترط أن يكون الشاهد بالغًا عاقلًا ضابطًا عدلًا، والطفل المميز وإن كان عاقلًا ومميزًا، إلا أنہ ليس ببالغ ولا عدل ولا ضابط بالشروط المعتبرة في الشهادة القضائية، لذلك لا تُقبل شهادتہ على نحو مستقل.
وهذا يتفق مع ما قررہ الفقهاء الزيدية، حيث جاء في التاج المذهب لأحكام المذهب (4/71): "الثاني: أن تصدر (أي الشهادة) من صبي ليس ببالغ، فلا تقبل شهادتہ، ما لم يكثر الصبيان حتى أفاد خبرهم العلم الضروري، قُبلوا من باب التواتر لا الشهادة مطلقًا..." فهذہ العبارة تؤكد أن شهادة الطفل الصغير -ولو مميزًا- لا يُعتَدُّ بها إلا في حالات نادرة من قبيل التواتر، إذا اجتمع عدد كبير منهم على خبر أفاد العلم اليقيني، لا لأجل شهادتهم، بل لأن تكرار الخبر يورث الجزم. وهذا استثناء عقلي محض.
وجاء في التاج المذهب أيضا: "وتجوز شهادتهم لإمضاء التأديب لا لإمضاء الحكم." ومعنى ذلك أن أقوالهم قد يُعتَدُّ بها في مسائل تربوية تأديبية مثل إثبات أن الطفل أخطأ سلوكيا في المدرسة، لا في إصدار أحكام قضائية تفصل في الحقوق أو الحدود أو الأموال.
٢- الفرق بين الشهادة والقرينة في هذہ المادة:
الشهادة: هي قولٌ يصدر من شخصٍ أمام القاضي لإثبات حقٍ لغيرہ على غيرہ، ويشترط فيها الأهلية والشروط الشكلية والمضمونية.
أما القرينة: فهي علامة أو دليل غير مباشر يستدل بہ القاضي على وجود واقعة أو عدم وجودها، وتختلف عن الشهادة في أنها لا تتطلب الأهلية التامة، ويكون لها قوة استئناسية لا إلزامية.
وبناء عليہ، فالمادة لا تقرر قبول الطفل المميز كشاهد، وإنما تقبل أقوالہ على أنها قرينة قضائية قد يستأنس بها القاضي في تكوين قناعتہ، لا سيما إن وُجدت أدلة أخرى تدعم أقواله.
٣- أهمية هذہ المادة في الواقع العملي:
تكمن أهمية هذا النص في أنہ يمنع ضياع الوقائع في البيئات التي يكون الأطفال شهودها الوحيدين، دون أن يفتح الباب لتسلط الأطفال أو تسرعهم أو تأثير الغير عليهم.
ومثال ذلك: لو حصلت واقعة ضرب أو اعتداء بين بالغين في ساحة المدرسة، وكان الطفل المميز حاضرًا وذكر رواية واضحة، فإن القاضي لا يبني حكمہ مباشرة على قولہ، لكنہ يأخذها كقرينة تُوَجِّهُ مسار التحقيق، خاصة إن وافقها تقرير طبي أو شهادة بالغة.
٤- ضوابط اعتبار أقوال الطفل كقرينة:
تتمثل هذہ الضوابط في أن يكون الطفل مميزًا بالفعل، أي فاهمًا ومدركًا للأحداث، وأن تكون الواقعة مما شاهدہ بنفسہ مباشرة، لا نقلًا عن غيرہ، وأن تكون أقوالہ متماسكة وغير متناقضة، وأن يُستَمَعَ إليہ بحضور وليہ أو جهة مختصة نفسية أو قضائية لضمان عدم التأثير عليہ، وألا تكون أقوالہ وحدها هي الدليل الوحيد في قضية خطيرة.
*(المادة الثانية والثلاثون: قبول شهادة الصبيان على بعضهم بضوابط الانفراد وغلبة الصدق)*
مادة (32): تُقبَلُ شهادة الصبيان بعضهم على بعض فيما يحدث بينهم ما لم يختلطوا بغيرهم من الكبار مع غلبة الظن بصدقهم.
★أولًا: المعنى الإجمالي للمادة:
تشير هذہ المادة إلى حالة خاصة في باب الشهادة تتعلق بفئة عمرية لا تُعَدُّ أصلًا من أهل الشهادة في النظام القضائي المعتاد، وهم الصبيان غير البالغين. وبالرغم من أن الأصل في الشهادة ألا تُقْبَلَ إلا من بالغ عاقل، فإن المقنن اليمني في هذہ المادة أخذ بنظرة واقعية مرنة، فأجاز قبول شهادة الصبيان بعضهم على بعض، لكن ضمن نطاق ضيق ومحدد جدًا.
فحين تقع حادثة أو واقعة معينة بين مجموعة من الصغار دون وجود أو مشاركة من الكبار، وتكون هذہ الواقعة مما يحدث طبيعيًا بينهم في حياتهم اليومية -كخصومات أو مشاجرات أو تلف لمتاع أحدهم أو سرقة أدوات مدرسية أو غير ذلك مما يدور في محيطهم الصغير- ولا يكون ثَمَّةَ شهود من البالغين حاضرين، فإن المنطق والعدالة يفرضان عدم إهمال أقوالهم كلية، لا سيما حين يكون ما يدعونہ متناسقًا، ومتطابقًا، ويستند إلى قرائن أو دلائل تجعل القاضي يميل إلى تصديقهم.
لكن، ولأن الشهادة باب خطير يُبنَى عليہ القضاء بحقوق الناس، لم يُطلِقِ القانون قبول شهادة الصبيان بلا ضوابط. بل قَيَّدَ ذلك بأمرين أساسيين:
١- أن تكون الواقعة محصورة في محيطهم دون مشاركة الكبار، بمعنى ألا يكون ثَمَّةَ راشدون ممن يمكن أن يتأثر بهم الصغار، أو يُلقَّنُوا منهم، أو تتشوش شهاداتهم بسببهم.
٢- أن يَغلِب على القاضي الظَنُّ بصدقهم، أي أن تظهر من أقوالهم دلائل الصدق، كالاتساق وعدم التناقض، وخلو أقوالهم من التواطؤ أو التأثر الخارجي، وذلك بحسب تقدير المحكمة.
ومن خلال هذا المعيار، يُبنَى على شهادة الصبيان حكم قضائي في وقائعهم الخاصة، شريطة أن يكون ما قالوہ كافيًا لتكوين قناعة قضائية راجحة.
القانون يشترط أن يكون الشاهد بالغًا عاقلًا ضابطًا عدلًا، والطفل المميز وإن كان عاقلًا ومميزًا، إلا أنہ ليس ببالغ ولا عدل ولا ضابط بالشروط المعتبرة في الشهادة القضائية، لذلك لا تُقبل شهادتہ على نحو مستقل.
وهذا يتفق مع ما قررہ الفقهاء الزيدية، حيث جاء في التاج المذهب لأحكام المذهب (4/71): "الثاني: أن تصدر (أي الشهادة) من صبي ليس ببالغ، فلا تقبل شهادتہ، ما لم يكثر الصبيان حتى أفاد خبرهم العلم الضروري، قُبلوا من باب التواتر لا الشهادة مطلقًا..." فهذہ العبارة تؤكد أن شهادة الطفل الصغير -ولو مميزًا- لا يُعتَدُّ بها إلا في حالات نادرة من قبيل التواتر، إذا اجتمع عدد كبير منهم على خبر أفاد العلم اليقيني، لا لأجل شهادتهم، بل لأن تكرار الخبر يورث الجزم. وهذا استثناء عقلي محض.
وجاء في التاج المذهب أيضا: "وتجوز شهادتهم لإمضاء التأديب لا لإمضاء الحكم." ومعنى ذلك أن أقوالهم قد يُعتَدُّ بها في مسائل تربوية تأديبية مثل إثبات أن الطفل أخطأ سلوكيا في المدرسة، لا في إصدار أحكام قضائية تفصل في الحقوق أو الحدود أو الأموال.
٢- الفرق بين الشهادة والقرينة في هذہ المادة:
الشهادة: هي قولٌ يصدر من شخصٍ أمام القاضي لإثبات حقٍ لغيرہ على غيرہ، ويشترط فيها الأهلية والشروط الشكلية والمضمونية.
أما القرينة: فهي علامة أو دليل غير مباشر يستدل بہ القاضي على وجود واقعة أو عدم وجودها، وتختلف عن الشهادة في أنها لا تتطلب الأهلية التامة، ويكون لها قوة استئناسية لا إلزامية.
وبناء عليہ، فالمادة لا تقرر قبول الطفل المميز كشاهد، وإنما تقبل أقوالہ على أنها قرينة قضائية قد يستأنس بها القاضي في تكوين قناعتہ، لا سيما إن وُجدت أدلة أخرى تدعم أقواله.
٣- أهمية هذہ المادة في الواقع العملي:
تكمن أهمية هذا النص في أنہ يمنع ضياع الوقائع في البيئات التي يكون الأطفال شهودها الوحيدين، دون أن يفتح الباب لتسلط الأطفال أو تسرعهم أو تأثير الغير عليهم.
ومثال ذلك: لو حصلت واقعة ضرب أو اعتداء بين بالغين في ساحة المدرسة، وكان الطفل المميز حاضرًا وذكر رواية واضحة، فإن القاضي لا يبني حكمہ مباشرة على قولہ، لكنہ يأخذها كقرينة تُوَجِّهُ مسار التحقيق، خاصة إن وافقها تقرير طبي أو شهادة بالغة.
٤- ضوابط اعتبار أقوال الطفل كقرينة:
تتمثل هذہ الضوابط في أن يكون الطفل مميزًا بالفعل، أي فاهمًا ومدركًا للأحداث، وأن تكون الواقعة مما شاهدہ بنفسہ مباشرة، لا نقلًا عن غيرہ، وأن تكون أقوالہ متماسكة وغير متناقضة، وأن يُستَمَعَ إليہ بحضور وليہ أو جهة مختصة نفسية أو قضائية لضمان عدم التأثير عليہ، وألا تكون أقوالہ وحدها هي الدليل الوحيد في قضية خطيرة.
*(المادة الثانية والثلاثون: قبول شهادة الصبيان على بعضهم بضوابط الانفراد وغلبة الصدق)*
مادة (32): تُقبَلُ شهادة الصبيان بعضهم على بعض فيما يحدث بينهم ما لم يختلطوا بغيرهم من الكبار مع غلبة الظن بصدقهم.
★أولًا: المعنى الإجمالي للمادة:
تشير هذہ المادة إلى حالة خاصة في باب الشهادة تتعلق بفئة عمرية لا تُعَدُّ أصلًا من أهل الشهادة في النظام القضائي المعتاد، وهم الصبيان غير البالغين. وبالرغم من أن الأصل في الشهادة ألا تُقْبَلَ إلا من بالغ عاقل، فإن المقنن اليمني في هذہ المادة أخذ بنظرة واقعية مرنة، فأجاز قبول شهادة الصبيان بعضهم على بعض، لكن ضمن نطاق ضيق ومحدد جدًا.
فحين تقع حادثة أو واقعة معينة بين مجموعة من الصغار دون وجود أو مشاركة من الكبار، وتكون هذہ الواقعة مما يحدث طبيعيًا بينهم في حياتهم اليومية -كخصومات أو مشاجرات أو تلف لمتاع أحدهم أو سرقة أدوات مدرسية أو غير ذلك مما يدور في محيطهم الصغير- ولا يكون ثَمَّةَ شهود من البالغين حاضرين، فإن المنطق والعدالة يفرضان عدم إهمال أقوالهم كلية، لا سيما حين يكون ما يدعونہ متناسقًا، ومتطابقًا، ويستند إلى قرائن أو دلائل تجعل القاضي يميل إلى تصديقهم.
لكن، ولأن الشهادة باب خطير يُبنَى عليہ القضاء بحقوق الناس، لم يُطلِقِ القانون قبول شهادة الصبيان بلا ضوابط. بل قَيَّدَ ذلك بأمرين أساسيين:
١- أن تكون الواقعة محصورة في محيطهم دون مشاركة الكبار، بمعنى ألا يكون ثَمَّةَ راشدون ممن يمكن أن يتأثر بهم الصغار، أو يُلقَّنُوا منهم، أو تتشوش شهاداتهم بسببهم.
٢- أن يَغلِب على القاضي الظَنُّ بصدقهم، أي أن تظهر من أقوالهم دلائل الصدق، كالاتساق وعدم التناقض، وخلو أقوالهم من التواطؤ أو التأثر الخارجي، وذلك بحسب تقدير المحكمة.
ومن خلال هذا المعيار، يُبنَى على شهادة الصبيان حكم قضائي في وقائعهم الخاصة، شريطة أن يكون ما قالوہ كافيًا لتكوين قناعة قضائية راجحة.
❤1
وهذا التوجہ يُمَثِّلُ اختيارًا تشريعيًا عقلانيًا يستند إلى مراعاة الواقع، وخاصة واقع المدارس والأحياء السكنية، حيث تقع العديد من الحوادث بين الأطفال بعيدًا عن أنظار الكبار، ومن غير المقبول أن تُهْمَلَ حقوق أحدهم لمجرد أن الشهود غير بالغين.
ومن جهة أخرى، فإن هذا النص يتجاوز ما هو مقرر في المذهب الزيدي التقليدي، الذي لم يُجِزْ شهادة الصبي مطلقًا، إلا في حالات نادرة تتصل بالتواتر لا بالشهادة، كما سبق بيانہ. ولذلك، فهذا النص التشريعي يُعَدُّ تحديثًا ومواءمة قانونية لمقتضيات الواقع الاجتماعي والتربوي، دون إخلال بضوابط العدالة الأساسية.
★ثانيًا: شرح عبارات المادة:
- قولہ: "تُقبل شهادة الصبيان": المراد بالصبيان هنا: من لم يبلغ سن الرشد الشرعي، أي من هم دون سن البلوغ، سواء كانوا ذكورًا أو إناثًا، ولكنهم مميزون أي يُدرِكون المعاني ويفهمون الوقائع ويستوعبون ما يُطلب منهم.
- وقولہ "بعضهم على بعض": أي أن نطاق الشهادة مقصور على ما يقع من أفعال أو أقوال فيما بينهم كصبيان، دون أن يكون معهم من البالغين من يشهد الوقائع. فلا يمتد القبول إلى شهادة صبي على بالغ، أو العكس.
- وقولہ: "فيما يحدث بينهم": أي أن هذہ الشهادة مقيدة بالأحداث التي تدور بينهم، كالنزاعات، أو الاعتداءات، أو الإساءات، أو حتى الإقرارات فيما بينهم، لا ما يحدث خارج دائرتهم أو في وجود آخرين.
- وقولہ: "ما لم يختلطوا بغيرهم من الكبار": قَيْدٌ احترازيٌ مهم، ومعناہ أنہ إذا حضر الكبار الواقعة، أو تداخلوا فيها، أو وُجِدَ احتمالُ وجودِ من هو أهل للشهادة، فقد سقطت حجة شهادة الصبيان، وأُحِيلَ الأمر إلى شهادة الراشدين؛ لأن الأصل في الشهادة أن تُؤْخَذَ من أهلها.
- وقولہ: "مع غلبة الظن بصدقهم": شرطٌ جوهريٌّ للقبول: أن يغلب على ظن القاضي أن هؤلاء الصبيان صادقون في شهادتهم. وغلبة الظن تقديرية، تُسْتَخْلَصُ من طبيعة الواقعة، واتفاق الشهادات، وصفاء التعبير، وعدم التناقض، وسلامة السلوك الظاهر للشاهد الصبي، وغير ذلك مما يدركہ القاضي من واقع الحال.
★ثالثًا: فلسفة المشرع وحِكمَةُ النص:
ما قررتہ المادة (32) يعكس فقهًا دقيقًا بالمصلحة القضائية والواقعية الاجتماعية، إذ أن كثيرًا من الوقائع التي تقع بين الصغار -خاصة في البيئات المدرسية أو العائلية- لا يُشاهدها الكبار، ولا يُمكِنُ كشفها إلا من خلال شهادات الصغار أنفسهم.
فلو أُهمِلَتْ هذہ الشهادات كليًا، لَأَفْلَتَ المعتدي من العقوبة أو ضاعت حقوق الصغار، كما لو أُخِذَ بها على إطلاقها، لأدى الأمر إلى ظلم قائم على أقوال غير مأهولة.
لذا قرر المشرع قبول هذہ الشهادات بالشروط الثلاثة:
1. أن تقع الواقعة بين الصبيان فقط.
2. ألا يكون بينهم بالغون أو مختلطين بهم.
3. أن يغلب الظن بصدق أقوالهم.
وبذلك تُرَاعَى العدالة دون تفريط أو إفراط.
★رابعاً: تطبيقات قضائية:
- في حال حصل اعتداء من أحد الصبيان على آخر داخل الفصل الدراسي، ولم يكن ثمة معلم حاضر، فإن شهادة بقية الصبيان تُقْبَلُ متى غلب ظن القاضي بصدقهم.
- إذا سُرِقَتْ أداةٌ مدرسيةٌ أو حقيبة، ولم يُشَاهِدِ الواقعة إلا صبيان، فإن شهاداتهم يُمكِنُ أن تُعتَمَدَ بعد تحقق شروط المادة. أما إذا كان أحد المعلمين حاضرًا، أو اختلط الصبيان بغيرهم من الكبار، فإن شهادة الصغار تُسْتَبْعَدُ، ولا يُبْنَى عليها حكم.
ومن جهة أخرى، فإن هذا النص يتجاوز ما هو مقرر في المذهب الزيدي التقليدي، الذي لم يُجِزْ شهادة الصبي مطلقًا، إلا في حالات نادرة تتصل بالتواتر لا بالشهادة، كما سبق بيانہ. ولذلك، فهذا النص التشريعي يُعَدُّ تحديثًا ومواءمة قانونية لمقتضيات الواقع الاجتماعي والتربوي، دون إخلال بضوابط العدالة الأساسية.
★ثانيًا: شرح عبارات المادة:
- قولہ: "تُقبل شهادة الصبيان": المراد بالصبيان هنا: من لم يبلغ سن الرشد الشرعي، أي من هم دون سن البلوغ، سواء كانوا ذكورًا أو إناثًا، ولكنهم مميزون أي يُدرِكون المعاني ويفهمون الوقائع ويستوعبون ما يُطلب منهم.
- وقولہ "بعضهم على بعض": أي أن نطاق الشهادة مقصور على ما يقع من أفعال أو أقوال فيما بينهم كصبيان، دون أن يكون معهم من البالغين من يشهد الوقائع. فلا يمتد القبول إلى شهادة صبي على بالغ، أو العكس.
- وقولہ: "فيما يحدث بينهم": أي أن هذہ الشهادة مقيدة بالأحداث التي تدور بينهم، كالنزاعات، أو الاعتداءات، أو الإساءات، أو حتى الإقرارات فيما بينهم، لا ما يحدث خارج دائرتهم أو في وجود آخرين.
- وقولہ: "ما لم يختلطوا بغيرهم من الكبار": قَيْدٌ احترازيٌ مهم، ومعناہ أنہ إذا حضر الكبار الواقعة، أو تداخلوا فيها، أو وُجِدَ احتمالُ وجودِ من هو أهل للشهادة، فقد سقطت حجة شهادة الصبيان، وأُحِيلَ الأمر إلى شهادة الراشدين؛ لأن الأصل في الشهادة أن تُؤْخَذَ من أهلها.
- وقولہ: "مع غلبة الظن بصدقهم": شرطٌ جوهريٌّ للقبول: أن يغلب على ظن القاضي أن هؤلاء الصبيان صادقون في شهادتهم. وغلبة الظن تقديرية، تُسْتَخْلَصُ من طبيعة الواقعة، واتفاق الشهادات، وصفاء التعبير، وعدم التناقض، وسلامة السلوك الظاهر للشاهد الصبي، وغير ذلك مما يدركہ القاضي من واقع الحال.
★ثالثًا: فلسفة المشرع وحِكمَةُ النص:
ما قررتہ المادة (32) يعكس فقهًا دقيقًا بالمصلحة القضائية والواقعية الاجتماعية، إذ أن كثيرًا من الوقائع التي تقع بين الصغار -خاصة في البيئات المدرسية أو العائلية- لا يُشاهدها الكبار، ولا يُمكِنُ كشفها إلا من خلال شهادات الصغار أنفسهم.
فلو أُهمِلَتْ هذہ الشهادات كليًا، لَأَفْلَتَ المعتدي من العقوبة أو ضاعت حقوق الصغار، كما لو أُخِذَ بها على إطلاقها، لأدى الأمر إلى ظلم قائم على أقوال غير مأهولة.
لذا قرر المشرع قبول هذہ الشهادات بالشروط الثلاثة:
1. أن تقع الواقعة بين الصبيان فقط.
2. ألا يكون بينهم بالغون أو مختلطين بهم.
3. أن يغلب الظن بصدق أقوالهم.
وبذلك تُرَاعَى العدالة دون تفريط أو إفراط.
★رابعاً: تطبيقات قضائية:
- في حال حصل اعتداء من أحد الصبيان على آخر داخل الفصل الدراسي، ولم يكن ثمة معلم حاضر، فإن شهادة بقية الصبيان تُقْبَلُ متى غلب ظن القاضي بصدقهم.
- إذا سُرِقَتْ أداةٌ مدرسيةٌ أو حقيبة، ولم يُشَاهِدِ الواقعة إلا صبيان، فإن شهاداتهم يُمكِنُ أن تُعتَمَدَ بعد تحقق شروط المادة. أما إذا كان أحد المعلمين حاضرًا، أو اختلط الصبيان بغيرهم من الكبار، فإن شهادة الصغار تُسْتَبْعَدُ، ولا يُبْنَى عليها حكم.
Forwarded from المحامي احمد محمد نعمان
حصانة المحامي تمنع مأموري الضبط القضائي والنيابة العامة والمحكمة من استيقافه او حبسه فيما يصدر منه من اقوال او افعال تعد اخلالا بالمهنة او تشكل وقائع جنائية ، وماذا لو تجاوزت الجهات المذكورة هذه الحصانة ؟
لمعرفة المزيد من التفاصيل اضغط على الرابط 👈https://youtu.be/55tYdLPKiws
👈 ثم اضغط زر الاشتراك اسفل👇
الفيديو وعلى👈 زر الجرس ليصلك كل جديد في العلوم والثقافة والقانون
(جمعة مباركة)
لمعرفة المزيد من التفاصيل اضغط على الرابط 👈https://youtu.be/55tYdLPKiws
👈 ثم اضغط زر الاشتراك اسفل👇
الفيديو وعلى👈 زر الجرس ليصلك كل جديد في العلوم والثقافة والقانون
(جمعة مباركة)
القانون ⚖️
لا يُنصِف أصحابَ الحق،
بل يُنصِف أصحابَ الدليل،
فاحرص على حفظ حقك بالأدلة.
لا يُنصِف أصحابَ الحق،
بل يُنصِف أصحابَ الدليل،
فاحرص على حفظ حقك بالأدلة.
#توقيع_غير_المحامي_على_الطعن_بالنقض المدن
أ.د/ عبد المؤمن شجاع الدين
الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء
اشترط قانون الإجراءات الجزائية اليمني صراحة أن يتم إعداد عريضة الطعن بالنقض في الأحكام الجزائية والتوقيع عليها من قبل محامٍ مقبول أمام المحكمة العليا، أما بالنسبة للطعن بالنقض في الأحكام المدنية والتجارية والشخصية والإدارية فأنہ يجوز للمحكوم عليہ أن يقوم بنفسہ بالتوقيع على عريضة الطعن أو يتولى التوقيع على عريضة الطعن نيابة عنہ محاميہ المقبول أمام المحكمة العليا، حسبما هو مقرر في المادة (295) من قانون المرافعات اليمني، ومؤدى ذلك أن المادة (295) مرافعات قد حصرت التوقيع على عريضة الطعن بالنقض في الأحكام المدنية في الطاعن المحكوم عليہ نفسہ او محاميہ فقط، وبناءً على ذلك لا يجوز لوكيل الطاعن إذا لم يكن محامياً مقبولا أمام المحكمة العليا أن يقوم بالتوقيع على عريضة الطعن، بيد أن نص المادة (295) مرافعات قد أشارت إلى أن إشتراط توقيع المحامي المقبول أمام المحكمة العليا على عريضة الطعن بالنقص في الحكم المدني موقوف على طلب المحكمة العليا لذلك، بمعنى أنہ إذا طلبت المحكمة العليا من الطاعن التوقيع على عريضة الطعن بالنقض من قبل محامي مقبول أمام المحكمة العليا فإن التوقيع على العريضة في هذہ الحالة من قبل المحامي واجب ، أما إذا لم تطلب المحكمة العليا ذلك فإن توقيع المحامي لا يكون لازماً في هذہ الحالة، حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة التجارية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 13-4-2010م في الطعن رقم (36693)، فقد ورد ضمن أسباب الحكم المشار إليہ: (وحيث أن المطعون ضدہ يفيد في بداية ردہ على عريضة الطعن أن الطعن غير مقبول شكلاً لعدم توقيع الطاعن نفسہ على عريضة الطعن بالمخالفة للمادة (295) مرافعات التي تنص على أنہ لا يجوز التوقيع على عريضة الطعن إلا من الطاعن أو من محامٍ مقبول أمام المحكمة العليا، وحيث أنہ بإطلاع الدائرة على مرفقات الطعن فقد تبين وجود وكالة من الطاعن الأول للطاعن الثاني تتضمن توكيل الأول للأخير في رفع الطعن أمام المحكمة العليا، وبالعودة إلى نص المادة (295) مرافعات فأن نصها يوجب التوقيع من قبل الطاعن أو من محامٍ مقبول أمام المحكمة العليا إن طلبت ذلك أي إن طلبت المحكمة العليا ذلك، ولا يوجد مثل هذا الطلب في هذہ القضية، وعليہ ووفقاً لحكم المادة (279) مرافعات الواردة في القواعد العامة للطعن في الاحكام فأنها قد اجازت أن تكون عريضة الطعن موقعة اما من الطاعن أو من وكيلہ، الأمر الذي تحقق في هذا الطعن بتوقيع الطاعن الثاني نيابة عن الطاعن الأول بموجب الوكالة الصادرة لہ المرفقة بالأوراق والموثقة بقلم توثيق المحكمة)، وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين في الأوجہ الآتية:
الوجہ الأول: ماهية التوقيع على عريضة الطعن بالنقض في الحكم المدني:
نصت الفقرة (ج) من المادة (103) من قانون الإثبات على أن (يكون التوقيع على المحرر إما بالخط أو الختم أو بصمة الأصبع).
والتوقيع بالخط هو كتابة اسم الشخص الرباعي، ويكون التوقيع بالختم عن طريق خاتم يحمل اسم الشخص صاحب التوقيع، ويكون التوقيع ببصمة الأصبع ببصمة إبهام اليد اليسرى، ولم يرد في نص المادة (103) إثبات التوقيع بالإمضاء ، والامضاء عبارة عن علامة أو تأشيرة يضعها الشخص لنفسہ حتى لا يتم تقليدها، ومع ان النص السابق لم يذكر التوقيع بالإمضاء اي العلامة (الخربشة ) إلا انہ من الشائع في اليمن هو التوقيع بالإمضاء رغم مخاطر إنكارہ وفي بعض الحالات يكون التوقيع بالخط والامضاء معا.
وعند التوقيع باسم الطاعن نفسہ أو باسم المحامي المقبول أمام المحكمة العليا نفسہ فيكفي أن يكتب الطاعن أو المحامي اسمہ وإمضائہ على عريضة الطعن، اما إذا كان الطعن منسوب إلى مكتب محاماة أو شركة أو مؤسسة محاماة فينبغي إضافة الى توقيع المحامي فانہ يجب أن تمهر عريضة الطعن بختم مكتب أو مؤسسة المحاماة. (التعليق على احكام المحكمة العليا في مسائل الإثبات الجزء الثالث، ا.د. عبد المؤمن شجاع الدين ، مكتبة الصادق جولة الجامعة الجديدة صنعاء ٢٠٢٥م،ص ٤٢٣).
الوجہ الثاني: التوقيع على عريضة الطعن بالنقض في قانون المرافعات:
نصت الفقرة (أ) من المادة (295) مرافعات على أن (أ- يرفع الطعن بالنقض بعريضة موقعة من الطاعن أو من محامٍ مقبول أمام المحكمة العليا إن طلبت وبالنسبة للطعون المرفوعة من النيابة العامة في الحالات التي يقرر القانون تدخلها وجوباً أو جوازاً يجب أن يكون الطعن موقعاً من رئيس النيابة على الأقل، ويتم رفع الطعن إلى المحكمة العليا أو إلى المحكمة التي اصدرت الحكم المطعون فيه).
أ.د/ عبد المؤمن شجاع الدين
الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء
اشترط قانون الإجراءات الجزائية اليمني صراحة أن يتم إعداد عريضة الطعن بالنقض في الأحكام الجزائية والتوقيع عليها من قبل محامٍ مقبول أمام المحكمة العليا، أما بالنسبة للطعن بالنقض في الأحكام المدنية والتجارية والشخصية والإدارية فأنہ يجوز للمحكوم عليہ أن يقوم بنفسہ بالتوقيع على عريضة الطعن أو يتولى التوقيع على عريضة الطعن نيابة عنہ محاميہ المقبول أمام المحكمة العليا، حسبما هو مقرر في المادة (295) من قانون المرافعات اليمني، ومؤدى ذلك أن المادة (295) مرافعات قد حصرت التوقيع على عريضة الطعن بالنقض في الأحكام المدنية في الطاعن المحكوم عليہ نفسہ او محاميہ فقط، وبناءً على ذلك لا يجوز لوكيل الطاعن إذا لم يكن محامياً مقبولا أمام المحكمة العليا أن يقوم بالتوقيع على عريضة الطعن، بيد أن نص المادة (295) مرافعات قد أشارت إلى أن إشتراط توقيع المحامي المقبول أمام المحكمة العليا على عريضة الطعن بالنقص في الحكم المدني موقوف على طلب المحكمة العليا لذلك، بمعنى أنہ إذا طلبت المحكمة العليا من الطاعن التوقيع على عريضة الطعن بالنقض من قبل محامي مقبول أمام المحكمة العليا فإن التوقيع على العريضة في هذہ الحالة من قبل المحامي واجب ، أما إذا لم تطلب المحكمة العليا ذلك فإن توقيع المحامي لا يكون لازماً في هذہ الحالة، حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة التجارية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 13-4-2010م في الطعن رقم (36693)، فقد ورد ضمن أسباب الحكم المشار إليہ: (وحيث أن المطعون ضدہ يفيد في بداية ردہ على عريضة الطعن أن الطعن غير مقبول شكلاً لعدم توقيع الطاعن نفسہ على عريضة الطعن بالمخالفة للمادة (295) مرافعات التي تنص على أنہ لا يجوز التوقيع على عريضة الطعن إلا من الطاعن أو من محامٍ مقبول أمام المحكمة العليا، وحيث أنہ بإطلاع الدائرة على مرفقات الطعن فقد تبين وجود وكالة من الطاعن الأول للطاعن الثاني تتضمن توكيل الأول للأخير في رفع الطعن أمام المحكمة العليا، وبالعودة إلى نص المادة (295) مرافعات فأن نصها يوجب التوقيع من قبل الطاعن أو من محامٍ مقبول أمام المحكمة العليا إن طلبت ذلك أي إن طلبت المحكمة العليا ذلك، ولا يوجد مثل هذا الطلب في هذہ القضية، وعليہ ووفقاً لحكم المادة (279) مرافعات الواردة في القواعد العامة للطعن في الاحكام فأنها قد اجازت أن تكون عريضة الطعن موقعة اما من الطاعن أو من وكيلہ، الأمر الذي تحقق في هذا الطعن بتوقيع الطاعن الثاني نيابة عن الطاعن الأول بموجب الوكالة الصادرة لہ المرفقة بالأوراق والموثقة بقلم توثيق المحكمة)، وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين في الأوجہ الآتية:
الوجہ الأول: ماهية التوقيع على عريضة الطعن بالنقض في الحكم المدني:
نصت الفقرة (ج) من المادة (103) من قانون الإثبات على أن (يكون التوقيع على المحرر إما بالخط أو الختم أو بصمة الأصبع).
والتوقيع بالخط هو كتابة اسم الشخص الرباعي، ويكون التوقيع بالختم عن طريق خاتم يحمل اسم الشخص صاحب التوقيع، ويكون التوقيع ببصمة الأصبع ببصمة إبهام اليد اليسرى، ولم يرد في نص المادة (103) إثبات التوقيع بالإمضاء ، والامضاء عبارة عن علامة أو تأشيرة يضعها الشخص لنفسہ حتى لا يتم تقليدها، ومع ان النص السابق لم يذكر التوقيع بالإمضاء اي العلامة (الخربشة ) إلا انہ من الشائع في اليمن هو التوقيع بالإمضاء رغم مخاطر إنكارہ وفي بعض الحالات يكون التوقيع بالخط والامضاء معا.
وعند التوقيع باسم الطاعن نفسہ أو باسم المحامي المقبول أمام المحكمة العليا نفسہ فيكفي أن يكتب الطاعن أو المحامي اسمہ وإمضائہ على عريضة الطعن، اما إذا كان الطعن منسوب إلى مكتب محاماة أو شركة أو مؤسسة محاماة فينبغي إضافة الى توقيع المحامي فانہ يجب أن تمهر عريضة الطعن بختم مكتب أو مؤسسة المحاماة. (التعليق على احكام المحكمة العليا في مسائل الإثبات الجزء الثالث، ا.د. عبد المؤمن شجاع الدين ، مكتبة الصادق جولة الجامعة الجديدة صنعاء ٢٠٢٥م،ص ٤٢٣).
الوجہ الثاني: التوقيع على عريضة الطعن بالنقض في قانون المرافعات:
نصت الفقرة (أ) من المادة (295) مرافعات على أن (أ- يرفع الطعن بالنقض بعريضة موقعة من الطاعن أو من محامٍ مقبول أمام المحكمة العليا إن طلبت وبالنسبة للطعون المرفوعة من النيابة العامة في الحالات التي يقرر القانون تدخلها وجوباً أو جوازاً يجب أن يكون الطعن موقعاً من رئيس النيابة على الأقل، ويتم رفع الطعن إلى المحكمة العليا أو إلى المحكمة التي اصدرت الحكم المطعون فيه).
❤1
فالظاهر من النص السابق أن التوقيع على عريضة الطعن بالنقض في الحكم المدني يتم بالتوقيع عليها من قبل الطاعن نفسہ أو من قبل محامٍيہ إذا كان لدى المحامي ترخيص من نقابة المحامين بالترافع أمام المحكمة العليا، وبيان احوال التوقيع على عريضة الطعن بالنقض في الحكم المدني كما يأتي:
أولاً: التوقيع على عريضة الطعن بالنقض المدني من قبل الطاعن نفسہ: ففي هذہ الحالة يقوم الطاعن نفسہ بالتوقيع على عريضة الطعن بالنقض أمام المختصين في المحكمة حين إيداعہ عريضة الطعن، فيتم توقيع الطاعن على العريضة بعد أن يتحقق المختصون من شخصيتہ وهويتہ، ويتم إرفاق ما يدل على ذلك بعريضة الطعن ،اذ يتم ارفاق صورة من البطاقة الشخصية بعد مطابقتها على أصلها، وغالباً ما يقوم الطاعن بالاستعانة بمحامٍ لإعداد عريضة الطعن بالنقض ثم يقوم الطاعن بالتوقيع عليها أمام المختصين عند إيداعها، ويتم التوقيع في أدنى كل صفحة من صفحات العريضة.
ثانياً: التوقيع على عريضة الطعن بالنقض المدني من قبل محامٍ مرخص لہ بالترافع أمام المحكمة العليا: درجة الترافع أمام المحكمة العليا هي الدرجة الأعلى من درجات المحامين المترافعين أمام المحاكم المختلفة، وقد اشترط قانون المحاماة اليمني للقيد في جدول المحامين المقبولين للترافع أمام المحكمة العليا ان يكون المحامي قد اشتغل بمهنة المحاماة مدة أربع سنوات متصلة من تاريخ حصولہ على الترخيص بمزاولة مهنة المحاماة أمام المحاكم الاستئنافية، وقبل ذلك يكون المحامي المقبول أمام المحكمة العليا قد اشتغل في المحاماة في المحاكم في درجتيها الابتدائية والاستئنافية، ومؤدى ذلك أن المحامي المقبول أمام المحكمة العليا قد توفرت لديہ الخبرة والمعرفة القانونية اللازمة لإعداد وصياغة عرائض الطعون بالنقض أمام المحكمة العليا بإعتبارها محكمة قانون، فكان من المناسب أن يكون المحامي الذي يقوم بالتوقيع على عريضة الطعن بالنقض في الحكم المدني من المحامين المقبولين أمام المحكمة العليا، ويشترط في هذہ الحالة أن يرفق المحامي المقبول بعريضة الطعن بالنقض بطاقة قبولہ للترافع أمام المحكمة العليا والتوكيل الصادر لہ من الطاعن بإعداد عريضة الطعن بالنقض والتوقيع عليها . (التعليق على احكام المحكمة العليا في مسائل المحاماة ، ا.د. عبد المؤمن شجاع الدين ، مكتبة الصادق جولة الجامعة الجديدة صنعاء ٢٠٢٥م،ص ٣٧٠).
الوجہ الثالث: لا يكون توقيع المحامي المقبول على عريضة الطعن بالنقض وجوبياً إلا إذا طلبت ذلك المحكمة العليا:
نصت المادة (295) مرافعات على أن (أ- يرفع الطعن بالنقض بعريضة موقعة من الطاعن أو من محامٍ مقبول أمام المحكمة العليا إن طلبت ذلك)، فهذا النص يعني أن الطاعن مخير بين أن يقوم بنفسہ بالتوقيع على عريضة الطعن بالنقض أو أن يقوم الطاعن بتوكيل محامٍ مقبول أمام المحكمة العليا لإعداد وصياغة عريضة الطعن والتوقيع عليها بالوكالة عنہ، ومؤدى ذلك أن توقيع المحامي المقبول أمام المحكمة العليا ليس وجوبيا إلا إذا طلبت المحكمة العليا من الطاعن التوقيع على عريضة الطعن من قبل محامٍ مقبول أمام المحكمة العليا حسبما قضى الحكم محل تعليقنا.
الوجہ الرابع: المقصود بوكيل الطاعن:
نصت المادة (279) مرافعات في نهايتها على أن يتم التوقيع على عريضة الطعن بالنقض من قبل الطاعن نفسہ أو من قبل وكيلہ دون ان يحدد هذا النص ان يكون الوكيل محاميا أمام المحكمة العليا ، فقد نصت المادة المشار إليها على : (أن يوقع عليہ من الطاعن أو من وكيلہ وترفق المستندات المؤيدة لہ وسند توكيل الموكل)، وقد ورد هذا النص ضمن النصوص القانونية العامة المنظمة للطعن في الأحكام بصفة عامة ، وهذا النص العام يفيد أنہ يجوز لوكيل الطاعن أن يقوم بالتوقيع على الطعن بصفة عامة (إستئناف/ نقض/ إلتماس) بموجب الوكالة الصادرة لہ من الطاعن، غير أن المادة (295) مرافعات قد تضمنت حكماً خاصاً بشأن الطعن بالنقض خاصة ، لأن المادة (295) قد وردت ضمن النصوص الخاصة بالطعن بالنقض، فقد صرحت المادة (295) مرافعات على أن (يرفع الطعن بالنقض بعريضة موقعة من الطاعن أو من محامٍ مقبول أمام المحكمة العليا)، أي انها قد تضمنت حكما خاصا بشان التوقيع على عريضة الطعن بالنقض في الحكم المدني.
وعلى هذا الأساس فلا يجوز التوقيع على عريضة الطعن بالنقض إلا من قبل الطاعن نفسہ أو من قبل محامٍ مقبول أمام المحكمة العليا إن طلبت المحكمة العليا ذلك.
مع التأكيد على ان المقصود بالوكئل المذكور في المادة (279) مرافعات هو الوكيل بالخصومة الذي حدد قانون المرافعات أحكامہ في المواد (من 117 حتى 125) ومفادها أن الوكيل بالخصومة هو المحامي أو الأقارب أو الأصهار إلى الدرجة الرابعة.
أولاً: التوقيع على عريضة الطعن بالنقض المدني من قبل الطاعن نفسہ: ففي هذہ الحالة يقوم الطاعن نفسہ بالتوقيع على عريضة الطعن بالنقض أمام المختصين في المحكمة حين إيداعہ عريضة الطعن، فيتم توقيع الطاعن على العريضة بعد أن يتحقق المختصون من شخصيتہ وهويتہ، ويتم إرفاق ما يدل على ذلك بعريضة الطعن ،اذ يتم ارفاق صورة من البطاقة الشخصية بعد مطابقتها على أصلها، وغالباً ما يقوم الطاعن بالاستعانة بمحامٍ لإعداد عريضة الطعن بالنقض ثم يقوم الطاعن بالتوقيع عليها أمام المختصين عند إيداعها، ويتم التوقيع في أدنى كل صفحة من صفحات العريضة.
ثانياً: التوقيع على عريضة الطعن بالنقض المدني من قبل محامٍ مرخص لہ بالترافع أمام المحكمة العليا: درجة الترافع أمام المحكمة العليا هي الدرجة الأعلى من درجات المحامين المترافعين أمام المحاكم المختلفة، وقد اشترط قانون المحاماة اليمني للقيد في جدول المحامين المقبولين للترافع أمام المحكمة العليا ان يكون المحامي قد اشتغل بمهنة المحاماة مدة أربع سنوات متصلة من تاريخ حصولہ على الترخيص بمزاولة مهنة المحاماة أمام المحاكم الاستئنافية، وقبل ذلك يكون المحامي المقبول أمام المحكمة العليا قد اشتغل في المحاماة في المحاكم في درجتيها الابتدائية والاستئنافية، ومؤدى ذلك أن المحامي المقبول أمام المحكمة العليا قد توفرت لديہ الخبرة والمعرفة القانونية اللازمة لإعداد وصياغة عرائض الطعون بالنقض أمام المحكمة العليا بإعتبارها محكمة قانون، فكان من المناسب أن يكون المحامي الذي يقوم بالتوقيع على عريضة الطعن بالنقض في الحكم المدني من المحامين المقبولين أمام المحكمة العليا، ويشترط في هذہ الحالة أن يرفق المحامي المقبول بعريضة الطعن بالنقض بطاقة قبولہ للترافع أمام المحكمة العليا والتوكيل الصادر لہ من الطاعن بإعداد عريضة الطعن بالنقض والتوقيع عليها . (التعليق على احكام المحكمة العليا في مسائل المحاماة ، ا.د. عبد المؤمن شجاع الدين ، مكتبة الصادق جولة الجامعة الجديدة صنعاء ٢٠٢٥م،ص ٣٧٠).
الوجہ الثالث: لا يكون توقيع المحامي المقبول على عريضة الطعن بالنقض وجوبياً إلا إذا طلبت ذلك المحكمة العليا:
نصت المادة (295) مرافعات على أن (أ- يرفع الطعن بالنقض بعريضة موقعة من الطاعن أو من محامٍ مقبول أمام المحكمة العليا إن طلبت ذلك)، فهذا النص يعني أن الطاعن مخير بين أن يقوم بنفسہ بالتوقيع على عريضة الطعن بالنقض أو أن يقوم الطاعن بتوكيل محامٍ مقبول أمام المحكمة العليا لإعداد وصياغة عريضة الطعن والتوقيع عليها بالوكالة عنہ، ومؤدى ذلك أن توقيع المحامي المقبول أمام المحكمة العليا ليس وجوبيا إلا إذا طلبت المحكمة العليا من الطاعن التوقيع على عريضة الطعن من قبل محامٍ مقبول أمام المحكمة العليا حسبما قضى الحكم محل تعليقنا.
الوجہ الرابع: المقصود بوكيل الطاعن:
نصت المادة (279) مرافعات في نهايتها على أن يتم التوقيع على عريضة الطعن بالنقض من قبل الطاعن نفسہ أو من قبل وكيلہ دون ان يحدد هذا النص ان يكون الوكيل محاميا أمام المحكمة العليا ، فقد نصت المادة المشار إليها على : (أن يوقع عليہ من الطاعن أو من وكيلہ وترفق المستندات المؤيدة لہ وسند توكيل الموكل)، وقد ورد هذا النص ضمن النصوص القانونية العامة المنظمة للطعن في الأحكام بصفة عامة ، وهذا النص العام يفيد أنہ يجوز لوكيل الطاعن أن يقوم بالتوقيع على الطعن بصفة عامة (إستئناف/ نقض/ إلتماس) بموجب الوكالة الصادرة لہ من الطاعن، غير أن المادة (295) مرافعات قد تضمنت حكماً خاصاً بشأن الطعن بالنقض خاصة ، لأن المادة (295) قد وردت ضمن النصوص الخاصة بالطعن بالنقض، فقد صرحت المادة (295) مرافعات على أن (يرفع الطعن بالنقض بعريضة موقعة من الطاعن أو من محامٍ مقبول أمام المحكمة العليا)، أي انها قد تضمنت حكما خاصا بشان التوقيع على عريضة الطعن بالنقض في الحكم المدني.
وعلى هذا الأساس فلا يجوز التوقيع على عريضة الطعن بالنقض إلا من قبل الطاعن نفسہ أو من قبل محامٍ مقبول أمام المحكمة العليا إن طلبت المحكمة العليا ذلك.
مع التأكيد على ان المقصود بالوكئل المذكور في المادة (279) مرافعات هو الوكيل بالخصومة الذي حدد قانون المرافعات أحكامہ في المواد (من 117 حتى 125) ومفادها أن الوكيل بالخصومة هو المحامي أو الأقارب أو الأصهار إلى الدرجة الرابعة.
الوجہ الخامس: التوقيع على عريضة الطعن بالنقض عند تعدد الطاعنين:
الطعن في الأحكام حق وليس واجباً، ولذلك فقد يقرر بعض المحكوم عليهم الطعن بالنقض في الحكم في حين لا يقوم بعضهم الآخر بالطعن، فإذا قرر المحكوم عليهم الطعن بالنقض في الحكم، فعندئذٍ قد يقوم الطاعنون جميعهم بإعداد عريضة طعن واحدة فيقوم كل واحد منهم بالتوقيع عليها ، وقد يعد كل واحد منهم عريضة على حدة ويقوم وحدہ بالتوقيع عليها، وقد يشترك بعضهم في إعداد عريضة واحدة والتوقيع عليها من قبلهم، وفي كل هذہ الأحوال يجب على كل واحد من الطاعنين أن يقوم بالتوقيع عن نفسہ في العريضة، وفي هذہ الأحوال لا يضار الطاعن بطعنہ وكذا لا يضار الذي لم يطعن لأنہ ليس طرفاً في الخصومة، ولا يفيد الطعن إلا من رفعہ، إلا أنہ من المقرر انہ إذا كانت مخالفات الحكم المشار إليها في الطعن متعلقة بالنظام العام فإن جميع المحكوم عليهم الطاعنين وغير الطاعنين يستفيدوا من الطعن أو يتضرروا منہ.
ولا يجوز لأحد الطاعنين التوقيع عن غيرہ من الطاعنين الاخرين على عريضة الطعن بالنقض الا إذا كان محاميا مقبولا أمام المحكمة العليا ، لأن المادة (295) مرافعات قد اشترطت أن يتم التوقيع على عريضة الطعن بالنقض من الطاعن نفسہ أو محامي مقبول أمام المحكمة العليا، ومؤدى ذلك النص أن الطاعن يحق لہ التوقيع عن نفسہ فقط ولا يحق لہ التوقيع عن غيرہ إلا إذا كان محامياً مقبولاً أمام المحكمة العليا.
الوجہ السادس: الفرق بين التوقيع على عريضة الطعن بالنقض المدني والتوقيع على عريضة الطعن بالنقض الجزائي:
سبق القول أن الطاعن في الطعن بالنقض المدني مخير بين أن يقوم بنفسہ بالتوقيع على عريضة الطعن وبين أن يقوم بتوكيل محامٍ مقبول أمام المحكمة العليا بالتوقيع على عريضة الطعن بالنقض، بخلاف الحال بالنسبة للطعن بالنقض الجزائي فقد حصر قانون الإجراءات الجزائية النافذ حصر الحق في التوقيع على عريضة الطعن بالنقض الجزائي من قبل محامٍ معتمد أمام المحكمة العليا ، حسبما ورد في المادة (436) إجراءات التي نصت على أنہ إذا كان الطعن بالنقض مرفوعا من غير النيابة العامة (وجب أن يوقع الأسباب محامٍ معتمد أمام المحكمة العليا وفقاً للقانون)، ويرجع سبب قصر التوقيع على عريضة الطعن بالنقض الجزائي على محامٍ معتمد لدى المحكمة العليا يرجع ذلك إلى خطورة المسائل الجنائية ومساسها بالحريات والحقوق وخطورة الآثار المترتبة على الأحكام الجزائية والعقوبات المقررة فيها.
الوجہ السابع: المقصود بطلب المحكمة العليا توقيع الطعن المدني من قبل المحامي: وتوصيتنا للمقنن اليمني:
من المؤكد ان نص المادة (٢٩٥) مرافعات معيب، لتضمنہ عبارة: (إن طلبت ذلك) ، لأنہ يتعذر على المحكمة العليا أن تقوم بتوجيہ طلب الى الطاعن بتوقيع الطعن من قبل المحامي بالنسبة لكل طعن على حدہ، بل أن ذلك غير متصور فلا يمكن تطبيقہ، ولذلك فإن عبارة: (إن طلب ذلك) عيب قادح في نص المادة (٢٩٥)، لأن هذہ العبارة من اللغو الذي لا معنى لہ، ومن هذا المنطلق فإننا نوصي المقنن اليمني بحذف هذہ العبارة لأنها تثير إشكاليات عملية سيما أن نص المادة (295) مرافعات حكم خاص بالنقض يقيد الحكم العام للطعون بصفة عامة الوارد في المادة (279) مرافعات.
الوجہ الثامن: مدى جواز توكيل الطاعن لطاعن آخر بالتوقيع نيابة عنہ على عريضة الطعن :
أشار الحكم محل تعليقنا الى أن الطاعن الأول قام بتوكيل الطاعن الثاني بالتوقيع على الطعن نيابة عنہ، وتبعاً لذلك فقد قام الطاعن الثاني بالتوقيع على الطعن أصيلاً عن نفسہ وقام بالتوقيع على عريضة الطعن ذاتها بصفتہ وكيلاً عن الطاعن الأول، وذلك جائز لأن الطاعنين هما المحكوم عليهما ولأن عريضة الطعن واحدة ولأن المطاعن في الحكم واحدة، ولأن عريضة الطعن قد تم إعدادها من قبل الطاعنين معاً، بيد ان المقصود بالوكئل المذكور في المادة (279) مرافعات هو الوكيل بالخصومة الذي حدد قانون المرافعات أحكامہ في المواد (من 117 حتى 125) ومفاد هذہ الاحكام أن الوكيل بالخصومة هو المحامي أو الأقارب أو الأصهار إلى الدرجة الرابعة .
وعلى هذا الأساس فانہ يجوز للوكيل أن يقوم بالتوقيع على الطعون عامة عدا الطعن بالنقض إذا كان الوكيل محاميا أو من الأقارب أو الأصهار إلى الدرجة الرابعة ، أما بالنسبة للطعن بالنقض فلا يجوز التوقيع على عريضة الطعن بالنقض إلا من قبل الطاعن نفسہ أو من قبل محامٍ مقبول أمام المحكمة العليا، حسبما سبق بيانہ، (التعليق على احكام المحكمة العليا في مسائل الطعون الجزء الثالث ، ا.د. عبد المؤمن شجاع الدين ، مكتبة الصادق جولة الجامعة الجديدة صنعاء ٢٠٢٥م،ص ٣٦٥) ، واللہ اعلم.
الطعن في الأحكام حق وليس واجباً، ولذلك فقد يقرر بعض المحكوم عليهم الطعن بالنقض في الحكم في حين لا يقوم بعضهم الآخر بالطعن، فإذا قرر المحكوم عليهم الطعن بالنقض في الحكم، فعندئذٍ قد يقوم الطاعنون جميعهم بإعداد عريضة طعن واحدة فيقوم كل واحد منهم بالتوقيع عليها ، وقد يعد كل واحد منهم عريضة على حدة ويقوم وحدہ بالتوقيع عليها، وقد يشترك بعضهم في إعداد عريضة واحدة والتوقيع عليها من قبلهم، وفي كل هذہ الأحوال يجب على كل واحد من الطاعنين أن يقوم بالتوقيع عن نفسہ في العريضة، وفي هذہ الأحوال لا يضار الطاعن بطعنہ وكذا لا يضار الذي لم يطعن لأنہ ليس طرفاً في الخصومة، ولا يفيد الطعن إلا من رفعہ، إلا أنہ من المقرر انہ إذا كانت مخالفات الحكم المشار إليها في الطعن متعلقة بالنظام العام فإن جميع المحكوم عليهم الطاعنين وغير الطاعنين يستفيدوا من الطعن أو يتضرروا منہ.
ولا يجوز لأحد الطاعنين التوقيع عن غيرہ من الطاعنين الاخرين على عريضة الطعن بالنقض الا إذا كان محاميا مقبولا أمام المحكمة العليا ، لأن المادة (295) مرافعات قد اشترطت أن يتم التوقيع على عريضة الطعن بالنقض من الطاعن نفسہ أو محامي مقبول أمام المحكمة العليا، ومؤدى ذلك النص أن الطاعن يحق لہ التوقيع عن نفسہ فقط ولا يحق لہ التوقيع عن غيرہ إلا إذا كان محامياً مقبولاً أمام المحكمة العليا.
الوجہ السادس: الفرق بين التوقيع على عريضة الطعن بالنقض المدني والتوقيع على عريضة الطعن بالنقض الجزائي:
سبق القول أن الطاعن في الطعن بالنقض المدني مخير بين أن يقوم بنفسہ بالتوقيع على عريضة الطعن وبين أن يقوم بتوكيل محامٍ مقبول أمام المحكمة العليا بالتوقيع على عريضة الطعن بالنقض، بخلاف الحال بالنسبة للطعن بالنقض الجزائي فقد حصر قانون الإجراءات الجزائية النافذ حصر الحق في التوقيع على عريضة الطعن بالنقض الجزائي من قبل محامٍ معتمد أمام المحكمة العليا ، حسبما ورد في المادة (436) إجراءات التي نصت على أنہ إذا كان الطعن بالنقض مرفوعا من غير النيابة العامة (وجب أن يوقع الأسباب محامٍ معتمد أمام المحكمة العليا وفقاً للقانون)، ويرجع سبب قصر التوقيع على عريضة الطعن بالنقض الجزائي على محامٍ معتمد لدى المحكمة العليا يرجع ذلك إلى خطورة المسائل الجنائية ومساسها بالحريات والحقوق وخطورة الآثار المترتبة على الأحكام الجزائية والعقوبات المقررة فيها.
الوجہ السابع: المقصود بطلب المحكمة العليا توقيع الطعن المدني من قبل المحامي: وتوصيتنا للمقنن اليمني:
من المؤكد ان نص المادة (٢٩٥) مرافعات معيب، لتضمنہ عبارة: (إن طلبت ذلك) ، لأنہ يتعذر على المحكمة العليا أن تقوم بتوجيہ طلب الى الطاعن بتوقيع الطعن من قبل المحامي بالنسبة لكل طعن على حدہ، بل أن ذلك غير متصور فلا يمكن تطبيقہ، ولذلك فإن عبارة: (إن طلب ذلك) عيب قادح في نص المادة (٢٩٥)، لأن هذہ العبارة من اللغو الذي لا معنى لہ، ومن هذا المنطلق فإننا نوصي المقنن اليمني بحذف هذہ العبارة لأنها تثير إشكاليات عملية سيما أن نص المادة (295) مرافعات حكم خاص بالنقض يقيد الحكم العام للطعون بصفة عامة الوارد في المادة (279) مرافعات.
الوجہ الثامن: مدى جواز توكيل الطاعن لطاعن آخر بالتوقيع نيابة عنہ على عريضة الطعن :
أشار الحكم محل تعليقنا الى أن الطاعن الأول قام بتوكيل الطاعن الثاني بالتوقيع على الطعن نيابة عنہ، وتبعاً لذلك فقد قام الطاعن الثاني بالتوقيع على الطعن أصيلاً عن نفسہ وقام بالتوقيع على عريضة الطعن ذاتها بصفتہ وكيلاً عن الطاعن الأول، وذلك جائز لأن الطاعنين هما المحكوم عليهما ولأن عريضة الطعن واحدة ولأن المطاعن في الحكم واحدة، ولأن عريضة الطعن قد تم إعدادها من قبل الطاعنين معاً، بيد ان المقصود بالوكئل المذكور في المادة (279) مرافعات هو الوكيل بالخصومة الذي حدد قانون المرافعات أحكامہ في المواد (من 117 حتى 125) ومفاد هذہ الاحكام أن الوكيل بالخصومة هو المحامي أو الأقارب أو الأصهار إلى الدرجة الرابعة .
وعلى هذا الأساس فانہ يجوز للوكيل أن يقوم بالتوقيع على الطعون عامة عدا الطعن بالنقض إذا كان الوكيل محاميا أو من الأقارب أو الأصهار إلى الدرجة الرابعة ، أما بالنسبة للطعن بالنقض فلا يجوز التوقيع على عريضة الطعن بالنقض إلا من قبل الطاعن نفسہ أو من قبل محامٍ مقبول أمام المحكمة العليا، حسبما سبق بيانہ، (التعليق على احكام المحكمة العليا في مسائل الطعون الجزء الثالث ، ا.د. عبد المؤمن شجاع الدين ، مكتبة الصادق جولة الجامعة الجديدة صنعاء ٢٠٢٥م،ص ٣٦٥) ، واللہ اعلم.
*🌸شرح قانون الإثبات اليمني، العدد (٢١)🌸*
*بقلم القاضي/ يحيى بن مرشد بن عبداللہ بن ناصر الشهاب.*
*(المادة الثانية والأربعون: اشتراط وجود مدعٍ لقبول الشهادة في الحقوق الخاصة وعدم قبول الشهادة على القذف والسرقة قبل رفع الدعوى)*
مادة (٤٢): لا تصح الشهادة لغير مدعٍ في حق محض آدمي، ولا على القذف والسرقة قبل المرافعة.
- النظم:
ولا تَصِحُّ في حُقُوقٍ مَحْضَةِ...
لِغَيْرِ مُدَّعٍ ولا في السِّرْقَةِ
ولا على القَذْفِ قُبَيْلَ رَفْعِ...
دعوى الذي يَطْلُبُهَا لِلسَّمْعِ
- الشرح:
★أولًا: المعنى الإجمالي للمادة:
تنص هذہ المادة على قاعدة أساسية في قبول الشهادة المتعلقة بالحقوق الخاصة، التي تعرف بالحقوق المحضة للآدمي، مثل ملكية الممتلكات أو الحقوق المدنية التي لا تدخل في نطاق حقوق اللہ أو الحقوق العامة. فالقاعدة أن شهادة الشهود في هذہ الحقوق لا تقبل إلا بوجود مُدَّعٍ، أي شخص يرفع دعوى أو يدعي حقہ أمام المحكمة، فبدون هذہ الدعوى، لا تعتبر الشهادة صحيحة ولا يعتد بها.
وهذا الإجراء يهدف إلى منع قبول شهادات عشوائية أو غير مبررة يمكن أن تسبب نزاعات أو تظلمات بلا سند قانوني؛ إذ إن من الضروري أن تكون هناك دعوى رسمية ومطالب قانونية واضحة حتى تقبل الشهادة وتستخدم كدليل في القضاء.
أما في ما يتعلق بجرائم القذف والسرقة، فتشترط المادة أن تكون الشهادة مقبولة فقط بعد رفع الدعوى وبدء الإجراءات القضائية. فالقبول المسبق للشهادة في هذہ الجرائم قبل رفع الدعوى قد يؤدي إلى ظلم أو اتهامات جزافية تمس سمعة الأشخاص أو أموالهم، ويخشى من استخدامها بطريقة قد تخل بمبدأ العدالة.
بذلك، تحرص المادة على حماية حقوق الأفراد من الادعاءات غير المسندة، وتضمن سير العدالة وفق الأصول القانونية من خلال اشتراط وجود مدعٍ في الحقوق الخاصة، ورفع دعوى في القذف والسرقة قبل قبول الشهادة. وهذہ القاعدة تعكس حرص النظام القانوني على التوازن بين إثبات الحقوق وحماية الأفراد من الظلم والاتهامات الجائرة.
★ثانياً: شرح عبارات المادة:
- قولہ: "لا تصح الشهادة لغير مدعٍ في حق محض لآدمي": يقرر قاعدة جوهرية في نظام الإثبات القضائي، وهي أن الشهادة لا تكون مقبولة شرعًا إذا كانت واردة من غير دعوى صادرة عن صاحب الحق، متى كان هذا الحق محضًا للآدمي. أي أن الشخص الذي يملك حقًّا خالصًا، كملك العقار أو الدَّينِ أو المنفعة الخاصة، لا يُقبَلُ من غيرہ أن يأتي بالشهود لإثباتہ ما لم يرفعہ بنفسہ إلى القضاء عن طريق دعوى صريحة.
هذہ القاعدة تعكس احترام الشريعة لخصوصية حقوق الأفراد، وحرصها على ألَّا يتدخل أحد، ولو بحسن نية، في إقحام المحكمة أو القضاء فيما لم يُطلَبْ من أحد أطرافه.
وقد قرر فقهاء المذهب الزيدي هذہ القاعدة بصياغات متقاربة ومتينة، تؤكد أن الشهادة لا تُبنَى إلا على دعوى. فقد جاء في كتاب التاج المذهب (ج٤/ص١٠٩) ما يلي: «ولا تصح الشهادة لغير مدعٍ في ملك، كالدَّارِ ونحوها، أو حق آدمي محض، كالطريق الخاصة ونحوها، فإذا شهد الشهود بما لا يدعيہ مالكُهُ، أو مستحِقُّهُ من أي ملك أو حق كان، فإنها لا تصح إلا بعد دعوى، ولا تصح الدعوى لغير مدعٍ».
وهذا النص يقرر بدقة أَنَّ كُلًّا من الملكية، والمنافع الخاصة، والحقوق المالية، والطرق الخاصة، وغيرها مما يكون حَقًّا خالصًا للإنسان -لا تصح الشهادة فيہ ابتداءً ما لم تُسْبَقْ بدعوى واضحة من صاحب المصلحة؛ لأن الدعوى هي الأساس الذي تبنى عليہ الشهادة، بل إن الدعوى نفسها لا تقبل من غير صاحب الحق.
وفي شرح الأزهار (ج٨/ص٥٤٥) جاء توضيح مشابہ: «ولا تصح الشهادة لغير مدع في حق آدمي محض، نحو أن يشهد الشهود بما لا يدعيہ المشهود لہ في حقہ المحض».
فالعبارة هنا تؤكد على ذات الأصل: لا يسمح للشهود أن يتدخلوا في إثبات أمر لم يطلبہ صاحبہ، ولو كان الحق واضحًا.
وجاء في البحر الزخار (ج٤/ص٦١٤) ما نصہ: «ولا تصح لغير مدع إجماعًا، ولا المخالفة للدعوى؛ إذ القصد الحكم بها، ولا يصح بغير ما ادعاہ الخصم».
وهذہ العبارة تُظْهِرُ عِلَّةَ المنعِ بوضوح، وهي أن القصد من الشهادة هو الوصول إلى حكم قضائي، والحكم لا يمكن أن يصدر من غير مطالبة. وإذا لم يكن هناك دعوى، فلا جدوى من الشهادة، بل تكون عبثًا.
وتتأكد هذہ القاعدة بما تقررہ القواعد الأصولية من أن "الحكم فرع عن التصور"، و"الشهادة تابعة للدعوى"، ومن ثم، فليس من المقبول بناء حكم شرعي أو قضاء واقعي على شهادة أتت في غير محل نزاع، أو لم تطلب أصلاً.
وقد جاء في بعض الحواشي الفقهية للزيدية تفسير أكثر لبعض العبارات. مثل قولهم: «ولا تصح الدعوى لغير مدع»، أي لا يُقبَلُ من أحدٍ أن يرفع دعوى نيابة عن غيرہ في حق آدمي محض، إلا في صور استثنائية كالوكالة أو الولاية الشرعية.
*بقلم القاضي/ يحيى بن مرشد بن عبداللہ بن ناصر الشهاب.*
*(المادة الثانية والأربعون: اشتراط وجود مدعٍ لقبول الشهادة في الحقوق الخاصة وعدم قبول الشهادة على القذف والسرقة قبل رفع الدعوى)*
مادة (٤٢): لا تصح الشهادة لغير مدعٍ في حق محض آدمي، ولا على القذف والسرقة قبل المرافعة.
- النظم:
ولا تَصِحُّ في حُقُوقٍ مَحْضَةِ...
لِغَيْرِ مُدَّعٍ ولا في السِّرْقَةِ
ولا على القَذْفِ قُبَيْلَ رَفْعِ...
دعوى الذي يَطْلُبُهَا لِلسَّمْعِ
- الشرح:
★أولًا: المعنى الإجمالي للمادة:
تنص هذہ المادة على قاعدة أساسية في قبول الشهادة المتعلقة بالحقوق الخاصة، التي تعرف بالحقوق المحضة للآدمي، مثل ملكية الممتلكات أو الحقوق المدنية التي لا تدخل في نطاق حقوق اللہ أو الحقوق العامة. فالقاعدة أن شهادة الشهود في هذہ الحقوق لا تقبل إلا بوجود مُدَّعٍ، أي شخص يرفع دعوى أو يدعي حقہ أمام المحكمة، فبدون هذہ الدعوى، لا تعتبر الشهادة صحيحة ولا يعتد بها.
وهذا الإجراء يهدف إلى منع قبول شهادات عشوائية أو غير مبررة يمكن أن تسبب نزاعات أو تظلمات بلا سند قانوني؛ إذ إن من الضروري أن تكون هناك دعوى رسمية ومطالب قانونية واضحة حتى تقبل الشهادة وتستخدم كدليل في القضاء.
أما في ما يتعلق بجرائم القذف والسرقة، فتشترط المادة أن تكون الشهادة مقبولة فقط بعد رفع الدعوى وبدء الإجراءات القضائية. فالقبول المسبق للشهادة في هذہ الجرائم قبل رفع الدعوى قد يؤدي إلى ظلم أو اتهامات جزافية تمس سمعة الأشخاص أو أموالهم، ويخشى من استخدامها بطريقة قد تخل بمبدأ العدالة.
بذلك، تحرص المادة على حماية حقوق الأفراد من الادعاءات غير المسندة، وتضمن سير العدالة وفق الأصول القانونية من خلال اشتراط وجود مدعٍ في الحقوق الخاصة، ورفع دعوى في القذف والسرقة قبل قبول الشهادة. وهذہ القاعدة تعكس حرص النظام القانوني على التوازن بين إثبات الحقوق وحماية الأفراد من الظلم والاتهامات الجائرة.
★ثانياً: شرح عبارات المادة:
- قولہ: "لا تصح الشهادة لغير مدعٍ في حق محض لآدمي": يقرر قاعدة جوهرية في نظام الإثبات القضائي، وهي أن الشهادة لا تكون مقبولة شرعًا إذا كانت واردة من غير دعوى صادرة عن صاحب الحق، متى كان هذا الحق محضًا للآدمي. أي أن الشخص الذي يملك حقًّا خالصًا، كملك العقار أو الدَّينِ أو المنفعة الخاصة، لا يُقبَلُ من غيرہ أن يأتي بالشهود لإثباتہ ما لم يرفعہ بنفسہ إلى القضاء عن طريق دعوى صريحة.
هذہ القاعدة تعكس احترام الشريعة لخصوصية حقوق الأفراد، وحرصها على ألَّا يتدخل أحد، ولو بحسن نية، في إقحام المحكمة أو القضاء فيما لم يُطلَبْ من أحد أطرافه.
وقد قرر فقهاء المذهب الزيدي هذہ القاعدة بصياغات متقاربة ومتينة، تؤكد أن الشهادة لا تُبنَى إلا على دعوى. فقد جاء في كتاب التاج المذهب (ج٤/ص١٠٩) ما يلي: «ولا تصح الشهادة لغير مدعٍ في ملك، كالدَّارِ ونحوها، أو حق آدمي محض، كالطريق الخاصة ونحوها، فإذا شهد الشهود بما لا يدعيہ مالكُهُ، أو مستحِقُّهُ من أي ملك أو حق كان، فإنها لا تصح إلا بعد دعوى، ولا تصح الدعوى لغير مدعٍ».
وهذا النص يقرر بدقة أَنَّ كُلًّا من الملكية، والمنافع الخاصة، والحقوق المالية، والطرق الخاصة، وغيرها مما يكون حَقًّا خالصًا للإنسان -لا تصح الشهادة فيہ ابتداءً ما لم تُسْبَقْ بدعوى واضحة من صاحب المصلحة؛ لأن الدعوى هي الأساس الذي تبنى عليہ الشهادة، بل إن الدعوى نفسها لا تقبل من غير صاحب الحق.
وفي شرح الأزهار (ج٨/ص٥٤٥) جاء توضيح مشابہ: «ولا تصح الشهادة لغير مدع في حق آدمي محض، نحو أن يشهد الشهود بما لا يدعيہ المشهود لہ في حقہ المحض».
فالعبارة هنا تؤكد على ذات الأصل: لا يسمح للشهود أن يتدخلوا في إثبات أمر لم يطلبہ صاحبہ، ولو كان الحق واضحًا.
وجاء في البحر الزخار (ج٤/ص٦١٤) ما نصہ: «ولا تصح لغير مدع إجماعًا، ولا المخالفة للدعوى؛ إذ القصد الحكم بها، ولا يصح بغير ما ادعاہ الخصم».
وهذہ العبارة تُظْهِرُ عِلَّةَ المنعِ بوضوح، وهي أن القصد من الشهادة هو الوصول إلى حكم قضائي، والحكم لا يمكن أن يصدر من غير مطالبة. وإذا لم يكن هناك دعوى، فلا جدوى من الشهادة، بل تكون عبثًا.
وتتأكد هذہ القاعدة بما تقررہ القواعد الأصولية من أن "الحكم فرع عن التصور"، و"الشهادة تابعة للدعوى"، ومن ثم، فليس من المقبول بناء حكم شرعي أو قضاء واقعي على شهادة أتت في غير محل نزاع، أو لم تطلب أصلاً.
وقد جاء في بعض الحواشي الفقهية للزيدية تفسير أكثر لبعض العبارات. مثل قولهم: «ولا تصح الدعوى لغير مدع»، أي لا يُقبَلُ من أحدٍ أن يرفع دعوى نيابة عن غيرہ في حق آدمي محض، إلا في صور استثنائية كالوكالة أو الولاية الشرعية.
❤1
أما "حق آدمي محض"؛ فهو ما يختص نفعہ أو ضررہ بالآدمي وحدہ، كملك المنزل، أو الانتفاع بالأرض، أو حق المرور الخاص، أو المطالبة بِدَينٍ مالي. وهذا بخلاف الحقوق المشتركة بين اللہ والعبد كحد القذف والسرقة، أو الحقوق المحضة للہ كالزنا وشرب الخمر، والتي لها أحكام أخرى سيأتي بيانها في الفقرة التالية من المادة.
وفي هذا الإطار، يمنع أي شخص من أن يشهد بشيء لم يطلب منہ، مهما بدا لہ واضحًا، ما لم يرفع صاحب الحق دعوى صريحة؛ لأن شهادة الحسبة لا تقبل في هذا النوع من الحقوق.
- وقولہ: "ولا على القذف والسرقة": يشير إلى أن الشهادة التي تتعلق بجريمة القذف أو السرقة -وهما من الجرائم الحَدِّيَّةِ- لا تُقبَلُ ابتداءً، إلا إذا كانت مرتبطة بدعوى صريحة مقدمة من المجني عليہ، أي أن الشهادة لا تكون شرعية إذا جاءت تلقائية من الشهود من غير تحريك دعوى.
وقد عَبَّرَ فقهاء الزيدية عن هذا المعنى بوضوح؛ حيث جاء في "التاج المذهب" (٤/١١٠): "ولا تصح الشهادة على حق آدمي مشوب بحق اللہ كالسرقة، سواء أرادوا المال أو القطع، والقذف قبل المرافعة إلى الحاكم بها، فلو شهدوا أن فلانًا سرق كذا، أو قذف فلانًا قبل أن يرافعہ المسروق أو المقذوف فإنها لا تصح."
وهذا النص يقرر بوضوح أن السرقة والقذف -لكونهما حقوقًا مشوبة- لا تقبل فيهما الشهادة قبل المرافعة؛ لأن المجني عليہ قد يعفو، والعفو معتبر في هذہ الجرائم قبل رفع الدعوى، فلا وجہ لتلقي الشهادة قبل طلبه.
والمقصود بقولہ: "أرادوا المال أو القطع"، هو أن الجريمة قد يُطلَبُ بها القصاص المالي فقط (كاسترجاع المال في السرقة)، أو الحد البدني (كالقطع)، وفي الحالتين لا تقبل الشهادة قبل المرافعة.
- وقولہ: "قبل المرافعة": يقصد بالمرافعة هنا: إقامة الدعوى أمام القاضي، أي أن يتقدم المسروق منہ أو المقذوف إلى المحكمة ويطالب بحقه.
وهذہ المرافعة شرط جوهري لقبول الشهادة. فإذا حصلت المرافعة، اعتُبِرَ المجني عليہ مدعيًا، وبالتالي تصح الشهادة لصالحہ. أما إذا لم تحصل، فتكون الشهادة مردودة.
وقد أكد ذلك التاج المذهب بقولہ: "وأما بعد المرافعة فتصح؛ لأنها لمدع، ولو لم يخرج بالمرافعة عن كونہ مشوبًا، لكن الحق فيہ يصير بعد المرافعة آكد من حق الآدمي، ولهذا لا يصح العفو بعد المرافعة."
وهذا معناہ أن المرافعة تنقل الحق من كونہ مشوبًا إلى حالة يكون فيها حق اللہ غالبًا، بحيث لا يعود من حق المجني عليہ العفو، ولا يسقط الحد، وعليہ فلا بد أن تكون الشهادة تابعة لدعوى صحيحة.
وهذا يبرز ثأثر المادة ٤٢ في صياغتها بالفقہ الزيدي؛ إذ إن كليهما يربط بين أهلية الشهادة وصحة الدعوى في الحقوق المشوبة.
وقد جاء أيضا في شرح الأزهار (٨/٥٤٦): "ولا تصح الشهادة على القذف قبل المرافعة، فلو شهدوا أن فلانًا قذف فلانًا قبل أن يرافعہ المقذوف لم تصح شهادتهم."
وهو نص صريح يعزز ما سبق، ويفيد أن مجرد الإخبار من الشهود لا يكفي لإقامة حد القذف، بل لا بد من تحريك دعوى من المجني عليه.
وجاء في البحر الزخار (٤/٦١٤): "ولا تصح لغير مدع إجماعًا،… وأما في حق اللہ المحض كحد الشرب والزنا فتصح لغير مدعي حسبة… والمشوب كالمحض في ذلك، والأقرب أنها لا تصح؛ لتجويز العفو قبل الرفع، فيكون الحد ظلمًا."
وهذا النص يشير إلى وجود خلاف فقهي في قبول الشهادة في الحق المشوب. فالبعض شَبَّهَهُ بالحق المحض للہ، وأجاز الشهادة فيہ حسبة. ولكن الرأي الأقرب عند أئمة الزيدية أنہ لا تصح الشهادة فيہ إلا بعد المرافعة؛ لأن حق الآدمي يغلب ما دام لم يُطالِبْ بہ، وقد يعفو، فلو قبلت الشهادة لغير مدعٍ، لَأُقِيمَ الحَدُّ مع احتمال العفو، فيكون فيہ ظلم.
★ثالثاً: الحكمة من المادة:
١- حماية الحقوق الشخصية من الشهادات غير الموثقة بالدعوى؛ لأن حقوق الأشخاص الخاصة -كالملكيات أو الحقوق المالية- لا يجوز إثباتها بشهادة أحد إذا لم يرفع صاحب الحق دعوى رسمية، وذلك لمنع الشهادات العشوائية التي قد تفتح باب النزاعات أو تستغل لأغراض شخصية أو كيدية.
٢- منع الشهادة الباطلة في القذف والسرقة قبل رفع الدعوى؛ حيث إن القذف والسرقة من الحقوق المشوبة التي فيها حق اللہ وحق الإنسان، ولكن لا تصح شهادة القذف أو السرقة قبل أن يبدأ صاحب الحق في رفع الدعوى. وهذا يحمي المتهمين من اتهامات عشوائية بدون مسوغ قانوني، ويضمن التزام الإجراءات القضائية.
٣- الحفاظ على النظام القضائي وضبط سير التحقيقات، وذلك بوجوب وجود دعوى رسمية للبدء في قبول الشهادة في الحقوق الخاصة، ويتأكد النظام القضائي من جدية النزاع ووجود مصلحة قانونية، مما يحفظ الوقت والجهد ويمنع التعدي على حقوق الناس دون أسباب.
★رابعًا: تطبيقات قضائية على المادة:
وفي هذا الإطار، يمنع أي شخص من أن يشهد بشيء لم يطلب منہ، مهما بدا لہ واضحًا، ما لم يرفع صاحب الحق دعوى صريحة؛ لأن شهادة الحسبة لا تقبل في هذا النوع من الحقوق.
- وقولہ: "ولا على القذف والسرقة": يشير إلى أن الشهادة التي تتعلق بجريمة القذف أو السرقة -وهما من الجرائم الحَدِّيَّةِ- لا تُقبَلُ ابتداءً، إلا إذا كانت مرتبطة بدعوى صريحة مقدمة من المجني عليہ، أي أن الشهادة لا تكون شرعية إذا جاءت تلقائية من الشهود من غير تحريك دعوى.
وقد عَبَّرَ فقهاء الزيدية عن هذا المعنى بوضوح؛ حيث جاء في "التاج المذهب" (٤/١١٠): "ولا تصح الشهادة على حق آدمي مشوب بحق اللہ كالسرقة، سواء أرادوا المال أو القطع، والقذف قبل المرافعة إلى الحاكم بها، فلو شهدوا أن فلانًا سرق كذا، أو قذف فلانًا قبل أن يرافعہ المسروق أو المقذوف فإنها لا تصح."
وهذا النص يقرر بوضوح أن السرقة والقذف -لكونهما حقوقًا مشوبة- لا تقبل فيهما الشهادة قبل المرافعة؛ لأن المجني عليہ قد يعفو، والعفو معتبر في هذہ الجرائم قبل رفع الدعوى، فلا وجہ لتلقي الشهادة قبل طلبه.
والمقصود بقولہ: "أرادوا المال أو القطع"، هو أن الجريمة قد يُطلَبُ بها القصاص المالي فقط (كاسترجاع المال في السرقة)، أو الحد البدني (كالقطع)، وفي الحالتين لا تقبل الشهادة قبل المرافعة.
- وقولہ: "قبل المرافعة": يقصد بالمرافعة هنا: إقامة الدعوى أمام القاضي، أي أن يتقدم المسروق منہ أو المقذوف إلى المحكمة ويطالب بحقه.
وهذہ المرافعة شرط جوهري لقبول الشهادة. فإذا حصلت المرافعة، اعتُبِرَ المجني عليہ مدعيًا، وبالتالي تصح الشهادة لصالحہ. أما إذا لم تحصل، فتكون الشهادة مردودة.
وقد أكد ذلك التاج المذهب بقولہ: "وأما بعد المرافعة فتصح؛ لأنها لمدع، ولو لم يخرج بالمرافعة عن كونہ مشوبًا، لكن الحق فيہ يصير بعد المرافعة آكد من حق الآدمي، ولهذا لا يصح العفو بعد المرافعة."
وهذا معناہ أن المرافعة تنقل الحق من كونہ مشوبًا إلى حالة يكون فيها حق اللہ غالبًا، بحيث لا يعود من حق المجني عليہ العفو، ولا يسقط الحد، وعليہ فلا بد أن تكون الشهادة تابعة لدعوى صحيحة.
وهذا يبرز ثأثر المادة ٤٢ في صياغتها بالفقہ الزيدي؛ إذ إن كليهما يربط بين أهلية الشهادة وصحة الدعوى في الحقوق المشوبة.
وقد جاء أيضا في شرح الأزهار (٨/٥٤٦): "ولا تصح الشهادة على القذف قبل المرافعة، فلو شهدوا أن فلانًا قذف فلانًا قبل أن يرافعہ المقذوف لم تصح شهادتهم."
وهو نص صريح يعزز ما سبق، ويفيد أن مجرد الإخبار من الشهود لا يكفي لإقامة حد القذف، بل لا بد من تحريك دعوى من المجني عليه.
وجاء في البحر الزخار (٤/٦١٤): "ولا تصح لغير مدع إجماعًا،… وأما في حق اللہ المحض كحد الشرب والزنا فتصح لغير مدعي حسبة… والمشوب كالمحض في ذلك، والأقرب أنها لا تصح؛ لتجويز العفو قبل الرفع، فيكون الحد ظلمًا."
وهذا النص يشير إلى وجود خلاف فقهي في قبول الشهادة في الحق المشوب. فالبعض شَبَّهَهُ بالحق المحض للہ، وأجاز الشهادة فيہ حسبة. ولكن الرأي الأقرب عند أئمة الزيدية أنہ لا تصح الشهادة فيہ إلا بعد المرافعة؛ لأن حق الآدمي يغلب ما دام لم يُطالِبْ بہ، وقد يعفو، فلو قبلت الشهادة لغير مدعٍ، لَأُقِيمَ الحَدُّ مع احتمال العفو، فيكون فيہ ظلم.
★ثالثاً: الحكمة من المادة:
١- حماية الحقوق الشخصية من الشهادات غير الموثقة بالدعوى؛ لأن حقوق الأشخاص الخاصة -كالملكيات أو الحقوق المالية- لا يجوز إثباتها بشهادة أحد إذا لم يرفع صاحب الحق دعوى رسمية، وذلك لمنع الشهادات العشوائية التي قد تفتح باب النزاعات أو تستغل لأغراض شخصية أو كيدية.
٢- منع الشهادة الباطلة في القذف والسرقة قبل رفع الدعوى؛ حيث إن القذف والسرقة من الحقوق المشوبة التي فيها حق اللہ وحق الإنسان، ولكن لا تصح شهادة القذف أو السرقة قبل أن يبدأ صاحب الحق في رفع الدعوى. وهذا يحمي المتهمين من اتهامات عشوائية بدون مسوغ قانوني، ويضمن التزام الإجراءات القضائية.
٣- الحفاظ على النظام القضائي وضبط سير التحقيقات، وذلك بوجوب وجود دعوى رسمية للبدء في قبول الشهادة في الحقوق الخاصة، ويتأكد النظام القضائي من جدية النزاع ووجود مصلحة قانونية، مما يحفظ الوقت والجهد ويمنع التعدي على حقوق الناس دون أسباب.
★رابعًا: تطبيقات قضائية على المادة:
• التطبيق الأول:
رفضتِ المحكمةُ شهادة قدمها شهود في نزاع على ملكية أرض، حيث لم يَقُمْ صاحبُ الأرض برفع دعوى رسمية ضد المدعى عليه.
في هذہ الحالة، استندت المحكمة إلى المادة ٤٢ لعدم صحة الشهادة لعدم وجود دعوى من المدعي، وأكدت على وجوب رفع دعوى لاعتبار الشهادة قانونية.
• التطبيق الثاني:
رفضتِ المحكمة شهادةً قدمت ضد متهم بالسرقة قبل أن يرفع صاحب الحق شكوى رسمية؛ حيث قالت المحكمة إن الشهادة التي تدين المتهم بالسرقة قبل رفع الدعوى لا تصح؛ لأن المادة ٤٢ تمنع صحة الشهادة في حقوق الإنسان المشوبة بحق اللہ (كالسرقة) قبل رفع الدعوى، وهكذا في القذف.
*(المادة الثالثة والأربعون: جواز قبول الشهادة حسبةً في الحقوق المحضة للہ أو ما يؤدي إلى منكر)*
مادة (٤٣): تصح الشهادة حسبة في كل ما هو حق محض اللہ أو ما يؤدي إلى منكر.
- النظم:
لكِنْ تصِحُّ حِسْبَةُ الشَّهَادَهْ...
في حَقِّ ربِّ العالمينَ وحْدَهْ
أوْ في الذي أدَّى إلى مَنَاكِرَا...
- الشرح:
★أولًا: المعنى الإجمالي للمادة:
تنص المادة على استثناء مهم من القاعدة التي وردت في المادة السابقة، فتسمح بصحة الشهادة حسبة، أي من غير حاجة إلى وجود مدعٍ، في الأمور التي تعتبر حقوقًا محضة للہ سبحانہ وتعالى، أو في الأمور التي تؤدي إلى وقوع منكر.
والحقوق المحضة للہ: هي تلك الحقوق التي لا تتعلق بالمصالح الشخصية للأفراد فقط، بل فيها حق اللہ تعالى أولًا وأخيرًا، كحد الزنى، وشرب الخمر، وغيرها من الحدود التي تهدف إلى حفظ الدين والآداب العامة.
وهذا الاستثناء يعكس حرص الشريعة على حماية المجتمع من المنكرات، والمخالفات التي تؤدي إلى فساد عام، فلا تنتظر تدخل المدعي فقط، بل يحق للناس أو الجهات المعنية إثباتها بالشهادة وإبلاغها للسلطة القضائية حسبةً، حفاظًا على النظام والأخلاق.
★ثانيًا: شرح عبارات المادة:
- قولہ: "تصح الشهادة حسبة": يؤسس لأصل استثنائي في قانون الإثبات، مفادہ أن الشهادة لا تكون دائمًا متوقفة على وجود دعوى أو خصومة قائمة بين طرفين، بل هناك حالات يجوز فيها قبول الشهادة ولو لم يتقدم أحد بطلب أو رفع دعوى، وهو ما يعرف بشهادة الحسبة.
ومعنى حسبة: أي أن يُقَدِّمَ الشاهدُ شهادتہ بدافع الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، دون أن يُطَالَبَ بها، ودون أن يكون بين يديہ مدعٍ معين؛ وذلك لحماية الحق الشرعي العام وصيانة الأحكام التي لا يجوز السكوت عن انتهاكها.
وقد عبر الفقہ الزيدي عن ذلك في شرح الأزهار (8/545) بقولہ: «وأما الشهادة فيما يتعلق بها حق اللہ -وهي الشهادة على الحسبة- فإنها تصح، نحو أن يشهد شهود على رجل أنہ أعتق مملوكتہ، ونحو ذلك، كالطلاق البائن، والرضاع، والوقف».
والمقصود أن الشهادة تصح من غير طلب أحد في هذہ المواطن؛ لأن في تركها مخالفة ظاهرة لأحكام الشريعة.
وفي البحر الزخار (4/614) ورد ما نصہ: «ولا تصح [الشهادة] لغير مدعٍ إجماعًا... أما في حق اللہ المحض، كحد الشرب والزنا، فتصح لغير مدعٍ حسبة».
وفي التاج المذهب (4/109): «إلا في حقوق اللہ المحضة، كالزنا، وشرب الخمر، وفيما كان يؤدي إلى منكر، كالرضاع بين الزوجين، وبين السيد وأمتہ، وفي الوقف، والطلاق البائن، والعتق ولو لكبير، إذ استعباد الحر وجري الملك عليہ ولو رضي منكر، فإنها تصح من غير دعوى، كما تصح دعواها لغير مدعٍ حسبة».
كل هذہ النصوص الفقهية تُرَسِّخُ جوازَ الشهادةِ في هذہ الحالات من باب الحسبة، وتحمل القضاء على التحرك تلقائيًّا بمجرد علمہ بها أو إبلاغہ عنها بشهادة عدول.
- وقولہ: "في كل ما هو حق محض لله": المقصود بالحق المحض للہ: ما كان متعلقًا بمصلحة المجتمع أو النظام العام، وليس لآدمي معين أن يسقطہ أو يعفو عنہ. كحد الزنا، وحد شرب الخمر، وحد الحرابة، وحد الردة.
وقد نص البحر الزخار على هذا النوع من الحقوق صراحة، كما سبق، فقال: «أما في حق اللہ المحض، كحد الشرب والزنا، فتصح لغير مدعٍ حِسْبَةً».
فهذہ حقوق لا يتعلق بها ضرر خاص بشخص معين، بل تتعلق بصيانة العرض والدين والنظام الأخلاقي في المجتمع، لذا يجوز أن يُبَلَّغَ عنها ويُشهَدَ عليها دون حاجة لدعوى.
- وقولہ: "أو ما يؤدي إلى منكر": يشمل كل ما ليس من حقوق اللہ المحضة، لكنہ إذا تُرِكَ أو سُكِتَ عنہ أدى إلى مفسدة شرعية أو مخالفة صريحة لأحكام الدين، كمن يتعامل مع أمَةٍ يقال إنها معتوقة، أو من بقيت زوجتہ في عصمتہ مع وجود رضاع بينهما.
وهنا نجد نص التاج المذهب يُفَصِّلُ هذہ الصور فيقول: «... وفيما كان يؤدي إلى منكر، كالرضاع بين الزوجين، وبين السيد وأمتہ، وفي الوقف، والطلاق البائن، والعتق ولو لكبير، إذ استعباد الحر وجري الملك عليہ ولو رضي منكر...».
رفضتِ المحكمةُ شهادة قدمها شهود في نزاع على ملكية أرض، حيث لم يَقُمْ صاحبُ الأرض برفع دعوى رسمية ضد المدعى عليه.
في هذہ الحالة، استندت المحكمة إلى المادة ٤٢ لعدم صحة الشهادة لعدم وجود دعوى من المدعي، وأكدت على وجوب رفع دعوى لاعتبار الشهادة قانونية.
• التطبيق الثاني:
رفضتِ المحكمة شهادةً قدمت ضد متهم بالسرقة قبل أن يرفع صاحب الحق شكوى رسمية؛ حيث قالت المحكمة إن الشهادة التي تدين المتهم بالسرقة قبل رفع الدعوى لا تصح؛ لأن المادة ٤٢ تمنع صحة الشهادة في حقوق الإنسان المشوبة بحق اللہ (كالسرقة) قبل رفع الدعوى، وهكذا في القذف.
*(المادة الثالثة والأربعون: جواز قبول الشهادة حسبةً في الحقوق المحضة للہ أو ما يؤدي إلى منكر)*
مادة (٤٣): تصح الشهادة حسبة في كل ما هو حق محض اللہ أو ما يؤدي إلى منكر.
- النظم:
لكِنْ تصِحُّ حِسْبَةُ الشَّهَادَهْ...
في حَقِّ ربِّ العالمينَ وحْدَهْ
أوْ في الذي أدَّى إلى مَنَاكِرَا...
- الشرح:
★أولًا: المعنى الإجمالي للمادة:
تنص المادة على استثناء مهم من القاعدة التي وردت في المادة السابقة، فتسمح بصحة الشهادة حسبة، أي من غير حاجة إلى وجود مدعٍ، في الأمور التي تعتبر حقوقًا محضة للہ سبحانہ وتعالى، أو في الأمور التي تؤدي إلى وقوع منكر.
والحقوق المحضة للہ: هي تلك الحقوق التي لا تتعلق بالمصالح الشخصية للأفراد فقط، بل فيها حق اللہ تعالى أولًا وأخيرًا، كحد الزنى، وشرب الخمر، وغيرها من الحدود التي تهدف إلى حفظ الدين والآداب العامة.
وهذا الاستثناء يعكس حرص الشريعة على حماية المجتمع من المنكرات، والمخالفات التي تؤدي إلى فساد عام، فلا تنتظر تدخل المدعي فقط، بل يحق للناس أو الجهات المعنية إثباتها بالشهادة وإبلاغها للسلطة القضائية حسبةً، حفاظًا على النظام والأخلاق.
★ثانيًا: شرح عبارات المادة:
- قولہ: "تصح الشهادة حسبة": يؤسس لأصل استثنائي في قانون الإثبات، مفادہ أن الشهادة لا تكون دائمًا متوقفة على وجود دعوى أو خصومة قائمة بين طرفين، بل هناك حالات يجوز فيها قبول الشهادة ولو لم يتقدم أحد بطلب أو رفع دعوى، وهو ما يعرف بشهادة الحسبة.
ومعنى حسبة: أي أن يُقَدِّمَ الشاهدُ شهادتہ بدافع الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، دون أن يُطَالَبَ بها، ودون أن يكون بين يديہ مدعٍ معين؛ وذلك لحماية الحق الشرعي العام وصيانة الأحكام التي لا يجوز السكوت عن انتهاكها.
وقد عبر الفقہ الزيدي عن ذلك في شرح الأزهار (8/545) بقولہ: «وأما الشهادة فيما يتعلق بها حق اللہ -وهي الشهادة على الحسبة- فإنها تصح، نحو أن يشهد شهود على رجل أنہ أعتق مملوكتہ، ونحو ذلك، كالطلاق البائن، والرضاع، والوقف».
والمقصود أن الشهادة تصح من غير طلب أحد في هذہ المواطن؛ لأن في تركها مخالفة ظاهرة لأحكام الشريعة.
وفي البحر الزخار (4/614) ورد ما نصہ: «ولا تصح [الشهادة] لغير مدعٍ إجماعًا... أما في حق اللہ المحض، كحد الشرب والزنا، فتصح لغير مدعٍ حسبة».
وفي التاج المذهب (4/109): «إلا في حقوق اللہ المحضة، كالزنا، وشرب الخمر، وفيما كان يؤدي إلى منكر، كالرضاع بين الزوجين، وبين السيد وأمتہ، وفي الوقف، والطلاق البائن، والعتق ولو لكبير، إذ استعباد الحر وجري الملك عليہ ولو رضي منكر، فإنها تصح من غير دعوى، كما تصح دعواها لغير مدعٍ حسبة».
كل هذہ النصوص الفقهية تُرَسِّخُ جوازَ الشهادةِ في هذہ الحالات من باب الحسبة، وتحمل القضاء على التحرك تلقائيًّا بمجرد علمہ بها أو إبلاغہ عنها بشهادة عدول.
- وقولہ: "في كل ما هو حق محض لله": المقصود بالحق المحض للہ: ما كان متعلقًا بمصلحة المجتمع أو النظام العام، وليس لآدمي معين أن يسقطہ أو يعفو عنہ. كحد الزنا، وحد شرب الخمر، وحد الحرابة، وحد الردة.
وقد نص البحر الزخار على هذا النوع من الحقوق صراحة، كما سبق، فقال: «أما في حق اللہ المحض، كحد الشرب والزنا، فتصح لغير مدعٍ حِسْبَةً».
فهذہ حقوق لا يتعلق بها ضرر خاص بشخص معين، بل تتعلق بصيانة العرض والدين والنظام الأخلاقي في المجتمع، لذا يجوز أن يُبَلَّغَ عنها ويُشهَدَ عليها دون حاجة لدعوى.
- وقولہ: "أو ما يؤدي إلى منكر": يشمل كل ما ليس من حقوق اللہ المحضة، لكنہ إذا تُرِكَ أو سُكِتَ عنہ أدى إلى مفسدة شرعية أو مخالفة صريحة لأحكام الدين، كمن يتعامل مع أمَةٍ يقال إنها معتوقة، أو من بقيت زوجتہ في عصمتہ مع وجود رضاع بينهما.
وهنا نجد نص التاج المذهب يُفَصِّلُ هذہ الصور فيقول: «... وفيما كان يؤدي إلى منكر، كالرضاع بين الزوجين، وبين السيد وأمتہ، وفي الوقف، والطلاق البائن، والعتق ولو لكبير، إذ استعباد الحر وجري الملك عليہ ولو رضي منكر...».
فهذہ الأمور وإن لم تكن جرائم حدودية، فإن أثرها الشرعي بالغ، كأن يَثْبُتَ الرضاع الشرعي بين زوجين، فيجب التفريق، أو يثبت الوقف في مالٍ يتصرف فيہ الورثة كأنہ تركة، أو يشهد شهود أن شخصًا أعتق عبدًا، فيبقى هذا العبد مملوكًا ظلمًا بعد تحقق الحرية، وهو منكر.
وقال في شرح الأزهار: «كالطلاق البائن، والرضاع، والوقف...»؛ لأن كل واحد من هذہ الأمثلة يؤدي إلى منكر لو تُرِكَ دون تدخل قضائي، مثل دوام النكاح مع الرضاع، أو استباحة الوقف. وقول التاج: "ولو لكبير": يعني أن العتق إذا ثبت حتى لو كان المُعتَقُ رجلاً كبيرًا بالغًا راشدًا، ورضي بأن يُعَامَلَ كمملوك، فإن ذلك لا يمنع القضاء من التدخل؛ لأن الحرية لا تُبَاعُ، والرضا لا يعتد بہ في هذہ الحالات. و"استعبادُ الحُرِّ" و"جَرْيُ الملكِ عليه": تعبير فقهي مقصود بهما: معاملة شخص حر معاملة العبيد، والتصرف فيہ كالمِلك. وهذا منكر لا يجوز، وهو من المواضع التي يحرص فيها القضاء على التحقق والاستجابة فيها لشهادة الحسبة.
★ثالثًا: الحكمة من المادة:
١- حماية المجتمع والدين من المنكرات.
إعطاء السلطة القضائية القدرة على قبول الشهادة حسبة دون انتظار المدعي، يسمح بسرعة اتخاذ الإجراءات اللازمة ضد الجرائم التي تمس النظام العام والدين، وبالتالي يحفظ المجتمع من الانحراف والفساد.
٢- تفعيل دور القضاء في إقامة الحدود وحماية النظام العام.
تيسير قبول الشهادة في هذہ الحقوق يعزز من سلطة القضاء في تطبيق أحكام الشرع التي تهدف إلى ردع المخالفين، دون إعاقة بانتظار من يدعي الحق، خصوصًا أن هذہ الحقوق ليست حقًا شخصيًا بحتًا.
٣- حماية الحقوق التي فيها مصلحة عامة تفوق المصلحة الخاصة.
هذہ الحقوق تخرج عن نطاق المصلحة الفردية لتصبح مصلحة عامة أو حقا للہ، لذلك فإن قبول الشهادة فيها حسبة أمر ضروري لمنع إهمالها.
★رابعًا: تطبيقات قضائية:
• التطبيق الأول:
قضية إقامة حد الزنا بناءً على شهادة قدمها الشهود من تلقاء أنفسهم بدون وجود مدعٍ خاص فأقرت المحكمة صحةَ الشهادة وقامت بتطبيق الحد، استنادًا إلى المادة ٤٣ التي تسمح بذلك، حيث إن هذہ الحقوق محضة للہ وتتعلق بحفظ الدين والأخلاق العامة.
• التطبيق الثاني:
قضية شرب الخمر حيث أبْلَغَ الشهودُ المحكمةَ دون رفع شكوى رسمية، فأصدرت المحكمة حكمها بناءً على الشهادة حسبةً، فهذا يبرز تطبيق المادة؛ حيث أن الشهادة في حقوق اللہ المحضة تقبل بدون مدعٍ؛ إذ الأمر يخص الحفاظ على النظام العام والدين.
وقال في شرح الأزهار: «كالطلاق البائن، والرضاع، والوقف...»؛ لأن كل واحد من هذہ الأمثلة يؤدي إلى منكر لو تُرِكَ دون تدخل قضائي، مثل دوام النكاح مع الرضاع، أو استباحة الوقف. وقول التاج: "ولو لكبير": يعني أن العتق إذا ثبت حتى لو كان المُعتَقُ رجلاً كبيرًا بالغًا راشدًا، ورضي بأن يُعَامَلَ كمملوك، فإن ذلك لا يمنع القضاء من التدخل؛ لأن الحرية لا تُبَاعُ، والرضا لا يعتد بہ في هذہ الحالات. و"استعبادُ الحُرِّ" و"جَرْيُ الملكِ عليه": تعبير فقهي مقصود بهما: معاملة شخص حر معاملة العبيد، والتصرف فيہ كالمِلك. وهذا منكر لا يجوز، وهو من المواضع التي يحرص فيها القضاء على التحقق والاستجابة فيها لشهادة الحسبة.
★ثالثًا: الحكمة من المادة:
١- حماية المجتمع والدين من المنكرات.
إعطاء السلطة القضائية القدرة على قبول الشهادة حسبة دون انتظار المدعي، يسمح بسرعة اتخاذ الإجراءات اللازمة ضد الجرائم التي تمس النظام العام والدين، وبالتالي يحفظ المجتمع من الانحراف والفساد.
٢- تفعيل دور القضاء في إقامة الحدود وحماية النظام العام.
تيسير قبول الشهادة في هذہ الحقوق يعزز من سلطة القضاء في تطبيق أحكام الشرع التي تهدف إلى ردع المخالفين، دون إعاقة بانتظار من يدعي الحق، خصوصًا أن هذہ الحقوق ليست حقًا شخصيًا بحتًا.
٣- حماية الحقوق التي فيها مصلحة عامة تفوق المصلحة الخاصة.
هذہ الحقوق تخرج عن نطاق المصلحة الفردية لتصبح مصلحة عامة أو حقا للہ، لذلك فإن قبول الشهادة فيها حسبة أمر ضروري لمنع إهمالها.
★رابعًا: تطبيقات قضائية:
• التطبيق الأول:
قضية إقامة حد الزنا بناءً على شهادة قدمها الشهود من تلقاء أنفسهم بدون وجود مدعٍ خاص فأقرت المحكمة صحةَ الشهادة وقامت بتطبيق الحد، استنادًا إلى المادة ٤٣ التي تسمح بذلك، حيث إن هذہ الحقوق محضة للہ وتتعلق بحفظ الدين والأخلاق العامة.
• التطبيق الثاني:
قضية شرب الخمر حيث أبْلَغَ الشهودُ المحكمةَ دون رفع شكوى رسمية، فأصدرت المحكمة حكمها بناءً على الشهادة حسبةً، فهذا يبرز تطبيق المادة؛ حيث أن الشهادة في حقوق اللہ المحضة تقبل بدون مدعٍ؛ إذ الأمر يخص الحفاظ على النظام العام والدين.