دور_النيابة_العامة_في_حجز_ومصادرة_الأصول_الإجرامية.pptx
376 KB
مستند من م/سحر الكامل
*🌸شرح قانون الإثبات اليمني، العدد (١٥)🌸*
*بقلم القاضي/ يحيى بن مرشد بن عبداللہ بن ناصر الشهاب.*
*(المادة الحادية والثلاثون: عدم حجية شهادة الطفل المميز واعتبار أقوالہ قرينة إثباتية)*
مادة (31): الطفل المميز غير أهل للشهادة، ولكن تُسْمَعُ أقوالہ فيما شاهدہ كقرينة.
- نظم المادتين (٣١، ٣٢):
....واسْمَعِ الْأَطْفَالا...
فيما رَأَوْا وَلَيْسَتِ اسْتِدْلَالا
لَكِنَّهَا قَرِيْنَةٌ، ثُمّ اسْمَعِ...
شهادةَ الأطفالِ بَيْنَهُمْ وَعِ
بشَرْطِ ألّا يَلْتَقُوْا بِغَيْرِهِمْ...
مِنَ الكِبَارِ، واعْتِقَادِ صِدْقِهِمْ
- الشرح:
★أولًا: المعنى الإجمالي للمادة:
تتناول المادة الحادية والثلاثون من قانون الإثبات اليمني موضوعًا بالغ الدقة والأهمية في نظام الشهادات القضائية، حيث تُسَلِّطُ الضوءَ على موقف القانون من الطفل المميز، أي الطفل الذي لم يبلغ سن الرشد القانوني، لكنہ بلغ من التمييز ما يجعلہ قادرًا على الفهم والإدراك والإخبار بما يشاهده.
تنطلق المادة من القاعدة القانونية الراسخة التي تشترط أهلية الشاهد لقبول شهادتہ، وتقرر أن الطفل المميز، رغم قدرتہ على التفرقة بين الأمور، ليس أهلًا للشهادة أمام القضاء؛ لأن شرط البلوغ لم يتحقق فيہ، كما أن ضبطہ وعدالتہ لا يمكن الوثوق بها على نحو تام. فالشهادة في معناها القانوني والشرعي، هي قول صادر من بالغٍ عاقلٍ عدلٍ ضابطٍ لإثبات حق لغيرہ على غيرہ أمام القضاء، وهذہ الأوصاف لا تكتمل في الطفل، حتى وإن بدا مميزًا.
لكن، ورغم هذا، لا يُعرِضُ القانون عن أقوال الطفل المميز إعراضًا تامًا، بل يتعامل معها على أنها قرينة قضائية. والقرينة -في معناها القانوني- هي علامة أو دليل غير مباشر يسترشد بہ القاضي، وَيَضُمُّهُ إلى بقية المعطيات لتكوين قناعتہ في القضية.
وبذلك يكون القانون قد سلك طريقًا وسطيًا عادلًا: فلا أهدَرَ أقوال الطفل المميز في الوقائع التي يكون شاهدًا مباشرًا عليها -كما قد يفعل من يتمسك بحرفية الأهلية- ولا منحها القوة القانونية الكاملة التي تتمتع بها الشهادة القضائية، كما قد يغفل بعض الممارسين خطورة التساهل في هذا الباب. بل منح هذہ الأقوال وزنًا معتدلًا: تُسمَعُ، ويُعتَدُّ بها على سبيل الاستئناس، دون أن تُبنَى عليها الأحكام بمفردها.
هذہ المادة تكتسب أهمية كبيرة خاصة في القضايا التي يكون الطفل هو الحاضر الوحيد لها، كما في الوقائع العائلية داخل المنزل، أو المشاهدات المدرسية، أو الأحداث التي تقع في محيط الأطفال دون حضور بالغين. فهي تتيح للقاضي أن يصغي لأقوال الطفل المميز بعين التقدير المشروط، يستنير بها، ويفحص مدى توافقها مع الأدلة الأخرى، دون أن يتقيد بها كمن يتقيد بشهادة مكتملة الشروط.
وتلتقي هذہ النظرة القانونية مع ما جاء في الفقہ الزيدي، حيث فَرَّقَ الفقهاء بين شهادة الصبي غير المقبولة، وبين أقوالہ المستأنس بها عند التواتر أو لغرض التأديب لا الحكم، كما في التاج المذهب لأحكام المذهب، حيث قال: "لا تُقبل شهادة الصبي ما لم يكثر الصبيان حتى أفاد خبرهم العلم الضروري، قُبلوا من باب التواتر لا الشهادة..."، وقال أيضًا: "وتجوز شهادتهم لإمضاء التأديب لا لإمضاء الحكم."
فالقانون في هذہ المادة لا يخرج عن روح الفقہ، بل يُتَرجِمُهَا إلى ضابط إجرائي يوازن بين التَّحَفُّظِ القانوني والحس الواقعي، في سبيل الوصول إلى الحقيقة القضائية بأقل قدر من التضحية بالعدالة أو بالثقة في إجراءات الإثبات.
★ثانياً: شرح عبارات المادة:
- قوله"الطفل المميز": هو من لم يبلغ سن الرشد (البلوغ الشرعي)، ولكنہ بلغ سن التمييز العقلي، أي أصبح قادرًا على فهم الخطاب، والتفرقة بين الأمور، والتعبير عنها بوضوح نسبي. وسن التمييز -بحسب ما جاء في القانون- هو مرحلة بلوغ الطفل سن العاشرة حتى وصولہ سن البلوغ خمس عشرة سنة كاملة، وقد يختلف حسب النضج الذهني والعقلي للطفل.
- وقولہ: "غير أهل للشهادة": أي لا يُعتَدُّ بشهادتہ كشهادة قضائية كاملة مُنتِجَةٍ للأثر القانوني؛ لأنہ لا تتوافر فيہ شروط الأهلية القانونية للشهادة، ومنها: البلوغ، والعقل، والعدالة، والضبط. والطفل المميز -رغم تمييزه- ينقصہ ركن البلوغ، وقد يعتريہ ضعف في الضبط والانفعال، مما يقدح في أهلية شهادتہ أمام القضاء.
- وقولہ: "ولكن تُسمع أقواله... كقرينة": أي أن أقوالہ لا تُهْمَلُ تمامًا، بل يُستَأنَسُ بها إذا أدلى بها على واقعة شاهدها بنفسہ، على أن يُنظَرَ إلى تلك الأقوال لا بوصفها شهادة قانونية تامة، وإنما باعتبارها قرينة قد تُعزز شهادة أخرى أو تُوَجِّهُ نظر القاضي نحو التحقيق أو الترجيح.
★ثالثاً: التحليل القانوني والفقهي:
*بقلم القاضي/ يحيى بن مرشد بن عبداللہ بن ناصر الشهاب.*
*(المادة الحادية والثلاثون: عدم حجية شهادة الطفل المميز واعتبار أقوالہ قرينة إثباتية)*
مادة (31): الطفل المميز غير أهل للشهادة، ولكن تُسْمَعُ أقوالہ فيما شاهدہ كقرينة.
- نظم المادتين (٣١، ٣٢):
....واسْمَعِ الْأَطْفَالا...
فيما رَأَوْا وَلَيْسَتِ اسْتِدْلَالا
لَكِنَّهَا قَرِيْنَةٌ، ثُمّ اسْمَعِ...
شهادةَ الأطفالِ بَيْنَهُمْ وَعِ
بشَرْطِ ألّا يَلْتَقُوْا بِغَيْرِهِمْ...
مِنَ الكِبَارِ، واعْتِقَادِ صِدْقِهِمْ
- الشرح:
★أولًا: المعنى الإجمالي للمادة:
تتناول المادة الحادية والثلاثون من قانون الإثبات اليمني موضوعًا بالغ الدقة والأهمية في نظام الشهادات القضائية، حيث تُسَلِّطُ الضوءَ على موقف القانون من الطفل المميز، أي الطفل الذي لم يبلغ سن الرشد القانوني، لكنہ بلغ من التمييز ما يجعلہ قادرًا على الفهم والإدراك والإخبار بما يشاهده.
تنطلق المادة من القاعدة القانونية الراسخة التي تشترط أهلية الشاهد لقبول شهادتہ، وتقرر أن الطفل المميز، رغم قدرتہ على التفرقة بين الأمور، ليس أهلًا للشهادة أمام القضاء؛ لأن شرط البلوغ لم يتحقق فيہ، كما أن ضبطہ وعدالتہ لا يمكن الوثوق بها على نحو تام. فالشهادة في معناها القانوني والشرعي، هي قول صادر من بالغٍ عاقلٍ عدلٍ ضابطٍ لإثبات حق لغيرہ على غيرہ أمام القضاء، وهذہ الأوصاف لا تكتمل في الطفل، حتى وإن بدا مميزًا.
لكن، ورغم هذا، لا يُعرِضُ القانون عن أقوال الطفل المميز إعراضًا تامًا، بل يتعامل معها على أنها قرينة قضائية. والقرينة -في معناها القانوني- هي علامة أو دليل غير مباشر يسترشد بہ القاضي، وَيَضُمُّهُ إلى بقية المعطيات لتكوين قناعتہ في القضية.
وبذلك يكون القانون قد سلك طريقًا وسطيًا عادلًا: فلا أهدَرَ أقوال الطفل المميز في الوقائع التي يكون شاهدًا مباشرًا عليها -كما قد يفعل من يتمسك بحرفية الأهلية- ولا منحها القوة القانونية الكاملة التي تتمتع بها الشهادة القضائية، كما قد يغفل بعض الممارسين خطورة التساهل في هذا الباب. بل منح هذہ الأقوال وزنًا معتدلًا: تُسمَعُ، ويُعتَدُّ بها على سبيل الاستئناس، دون أن تُبنَى عليها الأحكام بمفردها.
هذہ المادة تكتسب أهمية كبيرة خاصة في القضايا التي يكون الطفل هو الحاضر الوحيد لها، كما في الوقائع العائلية داخل المنزل، أو المشاهدات المدرسية، أو الأحداث التي تقع في محيط الأطفال دون حضور بالغين. فهي تتيح للقاضي أن يصغي لأقوال الطفل المميز بعين التقدير المشروط، يستنير بها، ويفحص مدى توافقها مع الأدلة الأخرى، دون أن يتقيد بها كمن يتقيد بشهادة مكتملة الشروط.
وتلتقي هذہ النظرة القانونية مع ما جاء في الفقہ الزيدي، حيث فَرَّقَ الفقهاء بين شهادة الصبي غير المقبولة، وبين أقوالہ المستأنس بها عند التواتر أو لغرض التأديب لا الحكم، كما في التاج المذهب لأحكام المذهب، حيث قال: "لا تُقبل شهادة الصبي ما لم يكثر الصبيان حتى أفاد خبرهم العلم الضروري، قُبلوا من باب التواتر لا الشهادة..."، وقال أيضًا: "وتجوز شهادتهم لإمضاء التأديب لا لإمضاء الحكم."
فالقانون في هذہ المادة لا يخرج عن روح الفقہ، بل يُتَرجِمُهَا إلى ضابط إجرائي يوازن بين التَّحَفُّظِ القانوني والحس الواقعي، في سبيل الوصول إلى الحقيقة القضائية بأقل قدر من التضحية بالعدالة أو بالثقة في إجراءات الإثبات.
★ثانياً: شرح عبارات المادة:
- قوله"الطفل المميز": هو من لم يبلغ سن الرشد (البلوغ الشرعي)، ولكنہ بلغ سن التمييز العقلي، أي أصبح قادرًا على فهم الخطاب، والتفرقة بين الأمور، والتعبير عنها بوضوح نسبي. وسن التمييز -بحسب ما جاء في القانون- هو مرحلة بلوغ الطفل سن العاشرة حتى وصولہ سن البلوغ خمس عشرة سنة كاملة، وقد يختلف حسب النضج الذهني والعقلي للطفل.
- وقولہ: "غير أهل للشهادة": أي لا يُعتَدُّ بشهادتہ كشهادة قضائية كاملة مُنتِجَةٍ للأثر القانوني؛ لأنہ لا تتوافر فيہ شروط الأهلية القانونية للشهادة، ومنها: البلوغ، والعقل، والعدالة، والضبط. والطفل المميز -رغم تمييزه- ينقصہ ركن البلوغ، وقد يعتريہ ضعف في الضبط والانفعال، مما يقدح في أهلية شهادتہ أمام القضاء.
- وقولہ: "ولكن تُسمع أقواله... كقرينة": أي أن أقوالہ لا تُهْمَلُ تمامًا، بل يُستَأنَسُ بها إذا أدلى بها على واقعة شاهدها بنفسہ، على أن يُنظَرَ إلى تلك الأقوال لا بوصفها شهادة قانونية تامة، وإنما باعتبارها قرينة قد تُعزز شهادة أخرى أو تُوَجِّهُ نظر القاضي نحو التحقيق أو الترجيح.
★ثالثاً: التحليل القانوني والفقهي:
١- أهلية الشهادة شرط في اعتبارها قانونًا:
القانون يشترط أن يكون الشاهد بالغًا عاقلًا ضابطًا عدلًا، والطفل المميز وإن كان عاقلًا ومميزًا، إلا أنہ ليس ببالغ ولا عدل ولا ضابط بالشروط المعتبرة في الشهادة القضائية، لذلك لا تُقبل شهادتہ على نحو مستقل.
وهذا يتفق مع ما قررہ الفقهاء الزيدية، حيث جاء في التاج المذهب لأحكام المذهب (4/71): "الثاني: أن تصدر (أي الشهادة) من صبي ليس ببالغ، فلا تقبل شهادتہ، ما لم يكثر الصبيان حتى أفاد خبرهم العلم الضروري، قُبلوا من باب التواتر لا الشهادة مطلقًا..." فهذہ العبارة تؤكد أن شهادة الطفل الصغير -ولو مميزًا- لا يُعتَدُّ بها إلا في حالات نادرة من قبيل التواتر، إذا اجتمع عدد كبير منهم على خبر أفاد العلم اليقيني، لا لأجل شهادتهم، بل لأن تكرار الخبر يورث الجزم. وهذا استثناء عقلي محض.
وجاء في التاج المذهب أيضا: "وتجوز شهادتهم لإمضاء التأديب لا لإمضاء الحكم." ومعنى ذلك أن أقوالهم قد يُعتَدُّ بها في مسائل تربوية تأديبية مثل إثبات أن الطفل أخطأ سلوكيا في المدرسة، لا في إصدار أحكام قضائية تفصل في الحقوق أو الحدود أو الأموال.
٢- الفرق بين الشهادة والقرينة في هذہ المادة:
الشهادة: هي قولٌ يصدر من شخصٍ أمام القاضي لإثبات حقٍ لغيرہ على غيرہ، ويشترط فيها الأهلية والشروط الشكلية والمضمونية.
أما القرينة: فهي علامة أو دليل غير مباشر يستدل بہ القاضي على وجود واقعة أو عدم وجودها، وتختلف عن الشهادة في أنها لا تتطلب الأهلية التامة، ويكون لها قوة استئناسية لا إلزامية.
وبناء عليہ، فالمادة لا تقرر قبول الطفل المميز كشاهد، وإنما تقبل أقوالہ على أنها قرينة قضائية قد يستأنس بها القاضي في تكوين قناعتہ، لا سيما إن وُجدت أدلة أخرى تدعم أقواله.
٣- أهمية هذہ المادة في الواقع العملي:
تكمن أهمية هذا النص في أنہ يمنع ضياع الوقائع في البيئات التي يكون الأطفال شهودها الوحيدين، دون أن يفتح الباب لتسلط الأطفال أو تسرعهم أو تأثير الغير عليهم.
ومثال ذلك: لو حصلت واقعة ضرب أو اعتداء بين بالغين في ساحة المدرسة، وكان الطفل المميز حاضرًا وذكر رواية واضحة، فإن القاضي لا يبني حكمہ مباشرة على قولہ، لكنہ يأخذها كقرينة تُوَجِّهُ مسار التحقيق، خاصة إن وافقها تقرير طبي أو شهادة بالغة.
٤- ضوابط اعتبار أقوال الطفل كقرينة:
تتمثل هذہ الضوابط في أن يكون الطفل مميزًا بالفعل، أي فاهمًا ومدركًا للأحداث، وأن تكون الواقعة مما شاهدہ بنفسہ مباشرة، لا نقلًا عن غيرہ، وأن تكون أقوالہ متماسكة وغير متناقضة، وأن يُستَمَعَ إليہ بحضور وليہ أو جهة مختصة نفسية أو قضائية لضمان عدم التأثير عليہ، وألا تكون أقوالہ وحدها هي الدليل الوحيد في قضية خطيرة.
*(المادة الثانية والثلاثون: قبول شهادة الصبيان على بعضهم بضوابط الانفراد وغلبة الصدق)*
مادة (32): تُقبَلُ شهادة الصبيان بعضهم على بعض فيما يحدث بينهم ما لم يختلطوا بغيرهم من الكبار مع غلبة الظن بصدقهم.
★أولًا: المعنى الإجمالي للمادة:
تشير هذہ المادة إلى حالة خاصة في باب الشهادة تتعلق بفئة عمرية لا تُعَدُّ أصلًا من أهل الشهادة في النظام القضائي المعتاد، وهم الصبيان غير البالغين. وبالرغم من أن الأصل في الشهادة ألا تُقْبَلَ إلا من بالغ عاقل، فإن المقنن اليمني في هذہ المادة أخذ بنظرة واقعية مرنة، فأجاز قبول شهادة الصبيان بعضهم على بعض، لكن ضمن نطاق ضيق ومحدد جدًا.
فحين تقع حادثة أو واقعة معينة بين مجموعة من الصغار دون وجود أو مشاركة من الكبار، وتكون هذہ الواقعة مما يحدث طبيعيًا بينهم في حياتهم اليومية -كخصومات أو مشاجرات أو تلف لمتاع أحدهم أو سرقة أدوات مدرسية أو غير ذلك مما يدور في محيطهم الصغير- ولا يكون ثَمَّةَ شهود من البالغين حاضرين، فإن المنطق والعدالة يفرضان عدم إهمال أقوالهم كلية، لا سيما حين يكون ما يدعونہ متناسقًا، ومتطابقًا، ويستند إلى قرائن أو دلائل تجعل القاضي يميل إلى تصديقهم.
لكن، ولأن الشهادة باب خطير يُبنَى عليہ القضاء بحقوق الناس، لم يُطلِقِ القانون قبول شهادة الصبيان بلا ضوابط. بل قَيَّدَ ذلك بأمرين أساسيين:
١- أن تكون الواقعة محصورة في محيطهم دون مشاركة الكبار، بمعنى ألا يكون ثَمَّةَ راشدون ممن يمكن أن يتأثر بهم الصغار، أو يُلقَّنُوا منهم، أو تتشوش شهاداتهم بسببهم.
٢- أن يَغلِب على القاضي الظَنُّ بصدقهم، أي أن تظهر من أقوالهم دلائل الصدق، كالاتساق وعدم التناقض، وخلو أقوالهم من التواطؤ أو التأثر الخارجي، وذلك بحسب تقدير المحكمة.
ومن خلال هذا المعيار، يُبنَى على شهادة الصبيان حكم قضائي في وقائعهم الخاصة، شريطة أن يكون ما قالوہ كافيًا لتكوين قناعة قضائية راجحة.
القانون يشترط أن يكون الشاهد بالغًا عاقلًا ضابطًا عدلًا، والطفل المميز وإن كان عاقلًا ومميزًا، إلا أنہ ليس ببالغ ولا عدل ولا ضابط بالشروط المعتبرة في الشهادة القضائية، لذلك لا تُقبل شهادتہ على نحو مستقل.
وهذا يتفق مع ما قررہ الفقهاء الزيدية، حيث جاء في التاج المذهب لأحكام المذهب (4/71): "الثاني: أن تصدر (أي الشهادة) من صبي ليس ببالغ، فلا تقبل شهادتہ، ما لم يكثر الصبيان حتى أفاد خبرهم العلم الضروري، قُبلوا من باب التواتر لا الشهادة مطلقًا..." فهذہ العبارة تؤكد أن شهادة الطفل الصغير -ولو مميزًا- لا يُعتَدُّ بها إلا في حالات نادرة من قبيل التواتر، إذا اجتمع عدد كبير منهم على خبر أفاد العلم اليقيني، لا لأجل شهادتهم، بل لأن تكرار الخبر يورث الجزم. وهذا استثناء عقلي محض.
وجاء في التاج المذهب أيضا: "وتجوز شهادتهم لإمضاء التأديب لا لإمضاء الحكم." ومعنى ذلك أن أقوالهم قد يُعتَدُّ بها في مسائل تربوية تأديبية مثل إثبات أن الطفل أخطأ سلوكيا في المدرسة، لا في إصدار أحكام قضائية تفصل في الحقوق أو الحدود أو الأموال.
٢- الفرق بين الشهادة والقرينة في هذہ المادة:
الشهادة: هي قولٌ يصدر من شخصٍ أمام القاضي لإثبات حقٍ لغيرہ على غيرہ، ويشترط فيها الأهلية والشروط الشكلية والمضمونية.
أما القرينة: فهي علامة أو دليل غير مباشر يستدل بہ القاضي على وجود واقعة أو عدم وجودها، وتختلف عن الشهادة في أنها لا تتطلب الأهلية التامة، ويكون لها قوة استئناسية لا إلزامية.
وبناء عليہ، فالمادة لا تقرر قبول الطفل المميز كشاهد، وإنما تقبل أقوالہ على أنها قرينة قضائية قد يستأنس بها القاضي في تكوين قناعتہ، لا سيما إن وُجدت أدلة أخرى تدعم أقواله.
٣- أهمية هذہ المادة في الواقع العملي:
تكمن أهمية هذا النص في أنہ يمنع ضياع الوقائع في البيئات التي يكون الأطفال شهودها الوحيدين، دون أن يفتح الباب لتسلط الأطفال أو تسرعهم أو تأثير الغير عليهم.
ومثال ذلك: لو حصلت واقعة ضرب أو اعتداء بين بالغين في ساحة المدرسة، وكان الطفل المميز حاضرًا وذكر رواية واضحة، فإن القاضي لا يبني حكمہ مباشرة على قولہ، لكنہ يأخذها كقرينة تُوَجِّهُ مسار التحقيق، خاصة إن وافقها تقرير طبي أو شهادة بالغة.
٤- ضوابط اعتبار أقوال الطفل كقرينة:
تتمثل هذہ الضوابط في أن يكون الطفل مميزًا بالفعل، أي فاهمًا ومدركًا للأحداث، وأن تكون الواقعة مما شاهدہ بنفسہ مباشرة، لا نقلًا عن غيرہ، وأن تكون أقوالہ متماسكة وغير متناقضة، وأن يُستَمَعَ إليہ بحضور وليہ أو جهة مختصة نفسية أو قضائية لضمان عدم التأثير عليہ، وألا تكون أقوالہ وحدها هي الدليل الوحيد في قضية خطيرة.
*(المادة الثانية والثلاثون: قبول شهادة الصبيان على بعضهم بضوابط الانفراد وغلبة الصدق)*
مادة (32): تُقبَلُ شهادة الصبيان بعضهم على بعض فيما يحدث بينهم ما لم يختلطوا بغيرهم من الكبار مع غلبة الظن بصدقهم.
★أولًا: المعنى الإجمالي للمادة:
تشير هذہ المادة إلى حالة خاصة في باب الشهادة تتعلق بفئة عمرية لا تُعَدُّ أصلًا من أهل الشهادة في النظام القضائي المعتاد، وهم الصبيان غير البالغين. وبالرغم من أن الأصل في الشهادة ألا تُقْبَلَ إلا من بالغ عاقل، فإن المقنن اليمني في هذہ المادة أخذ بنظرة واقعية مرنة، فأجاز قبول شهادة الصبيان بعضهم على بعض، لكن ضمن نطاق ضيق ومحدد جدًا.
فحين تقع حادثة أو واقعة معينة بين مجموعة من الصغار دون وجود أو مشاركة من الكبار، وتكون هذہ الواقعة مما يحدث طبيعيًا بينهم في حياتهم اليومية -كخصومات أو مشاجرات أو تلف لمتاع أحدهم أو سرقة أدوات مدرسية أو غير ذلك مما يدور في محيطهم الصغير- ولا يكون ثَمَّةَ شهود من البالغين حاضرين، فإن المنطق والعدالة يفرضان عدم إهمال أقوالهم كلية، لا سيما حين يكون ما يدعونہ متناسقًا، ومتطابقًا، ويستند إلى قرائن أو دلائل تجعل القاضي يميل إلى تصديقهم.
لكن، ولأن الشهادة باب خطير يُبنَى عليہ القضاء بحقوق الناس، لم يُطلِقِ القانون قبول شهادة الصبيان بلا ضوابط. بل قَيَّدَ ذلك بأمرين أساسيين:
١- أن تكون الواقعة محصورة في محيطهم دون مشاركة الكبار، بمعنى ألا يكون ثَمَّةَ راشدون ممن يمكن أن يتأثر بهم الصغار، أو يُلقَّنُوا منهم، أو تتشوش شهاداتهم بسببهم.
٢- أن يَغلِب على القاضي الظَنُّ بصدقهم، أي أن تظهر من أقوالهم دلائل الصدق، كالاتساق وعدم التناقض، وخلو أقوالهم من التواطؤ أو التأثر الخارجي، وذلك بحسب تقدير المحكمة.
ومن خلال هذا المعيار، يُبنَى على شهادة الصبيان حكم قضائي في وقائعهم الخاصة، شريطة أن يكون ما قالوہ كافيًا لتكوين قناعة قضائية راجحة.
وهذا التوجہ يُمَثِّلُ اختيارًا تشريعيًا عقلانيًا يستند إلى مراعاة الواقع، وخاصة واقع المدارس والأحياء السكنية، حيث تقع العديد من الحوادث بين الأطفال بعيدًا عن أنظار الكبار، ومن غير المقبول أن تُهْمَلَ حقوق أحدهم لمجرد أن الشهود غير بالغين.
ومن جهة أخرى، فإن هذا النص يتجاوز ما هو مقرر في المذهب الزيدي التقليدي، الذي لم يُجِزْ شهادة الصبي مطلقًا، إلا في حالات نادرة تتصل بالتواتر لا بالشهادة، كما سبق بيانہ. ولذلك، فهذا النص التشريعي يُعَدُّ تحديثًا ومواءمة قانونية لمقتضيات الواقع الاجتماعي والتربوي، دون إخلال بضوابط العدالة الأساسية.
★ثانيًا: شرح عبارات المادة:
- قولہ: "تُقبل شهادة الصبيان": المراد بالصبيان هنا: من لم يبلغ سن الرشد الشرعي، أي من هم دون سن البلوغ، سواء كانوا ذكورًا أو إناثًا، ولكنهم مميزون أي يُدرِكون المعاني ويفهمون الوقائع ويستوعبون ما يُطلب منهم.
- وقولہ "بعضهم على بعض": أي أن نطاق الشهادة مقصور على ما يقع من أفعال أو أقوال فيما بينهم كصبيان، دون أن يكون معهم من البالغين من يشهد الوقائع. فلا يمتد القبول إلى شهادة صبي على بالغ، أو العكس.
- وقولہ: "فيما يحدث بينهم": أي أن هذہ الشهادة مقيدة بالأحداث التي تدور بينهم، كالنزاعات، أو الاعتداءات، أو الإساءات، أو حتى الإقرارات فيما بينهم، لا ما يحدث خارج دائرتهم أو في وجود آخرين.
- وقولہ: "ما لم يختلطوا بغيرهم من الكبار": قَيْدٌ احترازيٌ مهم، ومعناہ أنہ إذا حضر الكبار الواقعة، أو تداخلوا فيها، أو وُجِدَ احتمالُ وجودِ من هو أهل للشهادة، فقد سقطت حجة شهادة الصبيان، وأُحِيلَ الأمر إلى شهادة الراشدين؛ لأن الأصل في الشهادة أن تُؤْخَذَ من أهلها.
- وقولہ: "مع غلبة الظن بصدقهم": شرطٌ جوهريٌّ للقبول: أن يغلب على ظن القاضي أن هؤلاء الصبيان صادقون في شهادتهم. وغلبة الظن تقديرية، تُسْتَخْلَصُ من طبيعة الواقعة، واتفاق الشهادات، وصفاء التعبير، وعدم التناقض، وسلامة السلوك الظاهر للشاهد الصبي، وغير ذلك مما يدركہ القاضي من واقع الحال.
★ثالثًا: فلسفة المشرع وحِكمَةُ النص:
ما قررتہ المادة (32) يعكس فقهًا دقيقًا بالمصلحة القضائية والواقعية الاجتماعية، إذ أن كثيرًا من الوقائع التي تقع بين الصغار -خاصة في البيئات المدرسية أو العائلية- لا يُشاهدها الكبار، ولا يُمكِنُ كشفها إلا من خلال شهادات الصغار أنفسهم.
فلو أُهمِلَتْ هذہ الشهادات كليًا، لَأَفْلَتَ المعتدي من العقوبة أو ضاعت حقوق الصغار، كما لو أُخِذَ بها على إطلاقها، لأدى الأمر إلى ظلم قائم على أقوال غير مأهولة.
لذا قرر المشرع قبول هذہ الشهادات بالشروط الثلاثة:
1. أن تقع الواقعة بين الصبيان فقط.
2. ألا يكون بينهم بالغون أو مختلطين بهم.
3. أن يغلب الظن بصدق أقوالهم.
وبذلك تُرَاعَى العدالة دون تفريط أو إفراط.
★رابعاً: تطبيقات قضائية:
- في حال حصل اعتداء من أحد الصبيان على آخر داخل الفصل الدراسي، ولم يكن ثمة معلم حاضر، فإن شهادة بقية الصبيان تُقْبَلُ متى غلب ظن القاضي بصدقهم.
- إذا سُرِقَتْ أداةٌ مدرسيةٌ أو حقيبة، ولم يُشَاهِدِ الواقعة إلا صبيان، فإن شهاداتهم يُمكِنُ أن تُعتَمَدَ بعد تحقق شروط المادة. أما إذا كان أحد المعلمين حاضرًا، أو اختلط الصبيان بغيرهم من الكبار، فإن شهادة الصغار تُسْتَبْعَدُ، ولا يُبْنَى عليها حكم.
ومن جهة أخرى، فإن هذا النص يتجاوز ما هو مقرر في المذهب الزيدي التقليدي، الذي لم يُجِزْ شهادة الصبي مطلقًا، إلا في حالات نادرة تتصل بالتواتر لا بالشهادة، كما سبق بيانہ. ولذلك، فهذا النص التشريعي يُعَدُّ تحديثًا ومواءمة قانونية لمقتضيات الواقع الاجتماعي والتربوي، دون إخلال بضوابط العدالة الأساسية.
★ثانيًا: شرح عبارات المادة:
- قولہ: "تُقبل شهادة الصبيان": المراد بالصبيان هنا: من لم يبلغ سن الرشد الشرعي، أي من هم دون سن البلوغ، سواء كانوا ذكورًا أو إناثًا، ولكنهم مميزون أي يُدرِكون المعاني ويفهمون الوقائع ويستوعبون ما يُطلب منهم.
- وقولہ "بعضهم على بعض": أي أن نطاق الشهادة مقصور على ما يقع من أفعال أو أقوال فيما بينهم كصبيان، دون أن يكون معهم من البالغين من يشهد الوقائع. فلا يمتد القبول إلى شهادة صبي على بالغ، أو العكس.
- وقولہ: "فيما يحدث بينهم": أي أن هذہ الشهادة مقيدة بالأحداث التي تدور بينهم، كالنزاعات، أو الاعتداءات، أو الإساءات، أو حتى الإقرارات فيما بينهم، لا ما يحدث خارج دائرتهم أو في وجود آخرين.
- وقولہ: "ما لم يختلطوا بغيرهم من الكبار": قَيْدٌ احترازيٌ مهم، ومعناہ أنہ إذا حضر الكبار الواقعة، أو تداخلوا فيها، أو وُجِدَ احتمالُ وجودِ من هو أهل للشهادة، فقد سقطت حجة شهادة الصبيان، وأُحِيلَ الأمر إلى شهادة الراشدين؛ لأن الأصل في الشهادة أن تُؤْخَذَ من أهلها.
- وقولہ: "مع غلبة الظن بصدقهم": شرطٌ جوهريٌّ للقبول: أن يغلب على ظن القاضي أن هؤلاء الصبيان صادقون في شهادتهم. وغلبة الظن تقديرية، تُسْتَخْلَصُ من طبيعة الواقعة، واتفاق الشهادات، وصفاء التعبير، وعدم التناقض، وسلامة السلوك الظاهر للشاهد الصبي، وغير ذلك مما يدركہ القاضي من واقع الحال.
★ثالثًا: فلسفة المشرع وحِكمَةُ النص:
ما قررتہ المادة (32) يعكس فقهًا دقيقًا بالمصلحة القضائية والواقعية الاجتماعية، إذ أن كثيرًا من الوقائع التي تقع بين الصغار -خاصة في البيئات المدرسية أو العائلية- لا يُشاهدها الكبار، ولا يُمكِنُ كشفها إلا من خلال شهادات الصغار أنفسهم.
فلو أُهمِلَتْ هذہ الشهادات كليًا، لَأَفْلَتَ المعتدي من العقوبة أو ضاعت حقوق الصغار، كما لو أُخِذَ بها على إطلاقها، لأدى الأمر إلى ظلم قائم على أقوال غير مأهولة.
لذا قرر المشرع قبول هذہ الشهادات بالشروط الثلاثة:
1. أن تقع الواقعة بين الصبيان فقط.
2. ألا يكون بينهم بالغون أو مختلطين بهم.
3. أن يغلب الظن بصدق أقوالهم.
وبذلك تُرَاعَى العدالة دون تفريط أو إفراط.
★رابعاً: تطبيقات قضائية:
- في حال حصل اعتداء من أحد الصبيان على آخر داخل الفصل الدراسي، ولم يكن ثمة معلم حاضر، فإن شهادة بقية الصبيان تُقْبَلُ متى غلب ظن القاضي بصدقهم.
- إذا سُرِقَتْ أداةٌ مدرسيةٌ أو حقيبة، ولم يُشَاهِدِ الواقعة إلا صبيان، فإن شهاداتهم يُمكِنُ أن تُعتَمَدَ بعد تحقق شروط المادة. أما إذا كان أحد المعلمين حاضرًا، أو اختلط الصبيان بغيرهم من الكبار، فإن شهادة الصغار تُسْتَبْعَدُ، ولا يُبْنَى عليها حكم.
Forwarded from المحامي احمد محمد نعمان
حصانة المحامي تمنع مأموري الضبط القضائي والنيابة العامة والمحكمة من استيقافه او حبسه فيما يصدر منه من اقوال او افعال تعد اخلالا بالمهنة او تشكل وقائع جنائية ، وماذا لو تجاوزت الجهات المذكورة هذه الحصانة ؟
لمعرفة المزيد من التفاصيل اضغط على الرابط 👈https://youtu.be/55tYdLPKiws
👈 ثم اضغط زر الاشتراك اسفل👇
الفيديو وعلى👈 زر الجرس ليصلك كل جديد في العلوم والثقافة والقانون
(جمعة مباركة)
لمعرفة المزيد من التفاصيل اضغط على الرابط 👈https://youtu.be/55tYdLPKiws
👈 ثم اضغط زر الاشتراك اسفل👇
الفيديو وعلى👈 زر الجرس ليصلك كل جديد في العلوم والثقافة والقانون
(جمعة مباركة)