Please open Telegram to view this post
VIEW IN TELEGRAM
يقترح أن يتم تغيير لغة العمل إلى لغة "السلوك الذاتي التكويني والمعزز للذات". نحن بحاجة إذن إلى تجاوز كل من أسطورة الهوموفابر والإنسان الديني وأن نفهم الإنسان كمخلوق ناتج عن التكرار. كما يلاحظ، يعيش البشر في عادات، وليس في مناطق. إذا كان من الممكن النظر إلى القرن التاسع عشر على أنه قرن الإنتاج، والقرن العشرين قرن الانعكاسية، فإننا نحتاج إذن إلى فهم المستقبل بوصفه خبرة، تطبيق عملي: تكنولوجيا حيوية. لا يخلو أي من أعمال التنقية والصقل هذه من أهمية فهمنا للحيوان البشري، لأنه يحمل القدرة على كشف أسرار الحيوان البشري من جديد، بما في ذلك إعادة النظر في الكلمات الرئيسية التي نفهم من خلالها ما يسمى بحياتنا الروحية: كلمات مثل "التقوى" و "الأخلاق" و "الأخلاق" و "الزهد".من الواضح أن هذا استمرار لفرع أساسي من مشروع التنوير، ويعترف سلوترديك بمثل هذا الالتزام. في الواقع، يسمى مهمته "مشروع التنوير المحافظ" الذي يقوم على الاهتمام بالحفظ. من ناحية أخرى، هناك رغبة في التمسك بسلسلة المعارف التراكمية التي تمثل التنوير وميراثه. يحرص سلوترديك على التقاط الخيوط، التي يبلغ عمرها آلاف السنين، والتي تربطنا بالمظاهر المبكرة للمعرفة الإنسانية عن الممارسة. إنها مهمة إلى حد كبير لجعل ما هو ضمني صريحًا، ويقر سلوترديك بأن عمله جزء من مجموعة غنية من تقاليد البحث الفكري. إن المفكرين والتقاليد التي يعتمد عليها لتحريك أطروحاته الأساسية ذات نطاق مذهل: فهو يشير إلى مصادر بوذية وكتابية ورواقية. نيتشه، الملهم الأول لما بعد الحداثة، وملهم سلوترديك على نحو خاص، هنا هو المشكك الأخلاقي العظيم ومعلم التنوير، يحذرنا من مخاطر التعصب، سواء كان ذلك أخلاقيًا أو دينيًا أو حتى فلسفيًا (إنه ينتقد بشكل خاص "الرتيلاء الأخلاقية"، لجان جاك روسو). على النقيض من "الدجل الدموي" للثورة الفرنسية، يفضل نيتشه نهج تنمية الذات والتحول الاجتماعي على أساس الحاجة إلى علاجات بطيئة وجرعات صغيرة، ترقى إلى فلسفة حقيقية في الصباح، و تبشر بالعديد من الانبثاقات الجديدة، فجر من المعرفة والتغلب على الذات.
هناك جانب مظلم للقصة، إذ ليس من المستغرب أن رؤية سلوترديك ما بعد الإنسانية للمستقبل ليست مثيرة للجدل فحسب، بل قد يُنظر إليها على أنها فاشية محتملة الظهور (خاصة بالنظر إلى التاريخ الألماني). هل تشير وجهة نظر سلوترديك إلى أن هناك إجبارًا متأصلًا على نوع معين من التفكير الأيديولوجي حول التكنولوجيا وإمكانياتها التي تعرض موقفًا شموليًا يروج لأوهام الكمال البشري، وبالتالي، يمكن للأعراق الخارقة أن تسود؟ إن ثمن وعواقب مثل هذه الإجراءات يذكرنا بشكل مخيف بعلم تحسين النسل النازي وقد تم انتقاده بالفعل على هذا الصعيد. فالثقافات المعاصرة، التي تعيد تقييم خطوط الفصل والحدود وتثمن الغريب والوحشي، تبتعد عن الأساطير التي بُنيت عليها حضاراتنا. بالإضافة إلى ذلك، لا تقتحم الاختراقات اليوم خطوط الأنواع فقط، حيث دخلت كل الكائنات في التعايش مع الحياة بعدة طرق: من أجهزة تنظيم ضربات القلب إلى العلامات الإلكترونية للحيوانات الأليفة، ومن غرسات الشبكية إلى العديد من الأدوات الاصطناعية المستخدمة كملحقات للجسم. تنطوي هذه الإختراقات على تحديات جديدة. تتشابك "ثقافة التقارب" السايبورغية الخاصة بنا مع الواقع الافتراضي والواقعي، والحيوي وغير الحيوي. إنه يجعل البشر والعديد من الحيوانات الأخرى يعتمدون بشكل متزايد على التقنيات ويغذي تقاليد الاستهلاك لدينا. إن التسليع الأسي للخدمات، حيث يخدم كل من الذوات والكائنات المصالح الاقتصادية، يؤدي إلى تشييء الكائنات الحية لصالح الشركات العالمية و النخب المهيمنة. كما يؤدي تسليع الحياة البشرية وغير البشرية في الهندسة الحيوية واعتماد البشر على التقنيات، مدفوعًا بالربح متعدد الجنسيات، إلى استغلال واستبعاد أفراد المجتمع الأقل قوة. لذلك، في القرن الحادي والعشرين، قرن ما بعد الداروينية وما بعد الإنسانية، يجب النظر إلى الإنسانية العبورية بحذر أكبر. يمكن الآن "خلق" الحياة وتسويقها لخدمة مصالح بشرية محددة، ويرى الكثيرون هذه التطورات على أنها أشكال جديدة من استعمار الحياة.
- إذا واصلنا فقدان القراء بهذا المستوى، كيف سيكون مستقبل البشريّة؟
- بكل تأكيد يمكننا أن نعيش ونجد السعادة دون القراءة. ولكن بمجرد قبول هذا المبدأ يطرح السؤال: ماذا سنخسر حين لا نقرأ؟ الجواب بسيط: فقدنا أهم جزء يجعلنا بشرا. فليس صدفة أن الكتب واللغة كانت هدفا لأعتى الديكتاتوريات المرعبة. لقد أحرق النّازيون أكثر من ١٠٠ مليون كتاب، وكما بيّن الأكاديمي فيكتور كليمبير، فإنهم شرعوا في عملية تجهيل لغوي أشبه بتلك التي وصفها جورج أورويل في روايته ١٩٨٤. لقد صوّر هتلر الأدب في كتابه "كفاحي" على أنه سُمّ للناس. أفضل مثال يبيّن شكل العالم الخالي من القراءة هو كتاب ألدوس هكسلي "عالم جديد شجاع" حيث يصف فيه كتلة من التقنيّين المتفانين الذين شكّلوا لتلبية الاحتياجات الاقتصاديّة ويتغذّون قسرا بالترفيه السّخيف والاكتفاء بالعبوديّة الشريرة. وعلى النقيض من ذلك يصف هكسلي نخبةً صغيرة مزوّدة باللوازم اللغويّة والثقافيّة للتفكير. ذات الفكرة في رواية "فهرنهايت ٤٥١" لراي برادبري، فمن ناحية يقف مونتاغ رجل الإطفاء الذي ملّ من حرق الكتب وهو يفكر في العالم والمجتمع. ومن ناحية أخرى زوجته ميلدريد المدمنة على العقاقير ومشاهدة التلفاز. فالقراءة هي الترياق لميلدريد. إنها طريقٌ صوب التحرّر.

- ميشيل ديسمورجيت، باحثٌ وكاتب فرنسي متخصّص في علم الأعصاب الإدراكي.
Please open Telegram to view this post
VIEW IN TELEGRAM
« فإن روسو الذي ألف بحثا عظيما في التربية قدم نفسه فيه على أنه الأب الحنون، لم يؤلفه على الرغم من تخليه عن أطفاله الخمسة، بل بسبب هذا التخلي » ص: 18

« فالفيلسوف فوكو في الوقت الذي كان فيه يعلم طلابه الشجاعة في قول الحقيقة، كان يخفي أمر إصابته بمرض السيدا الذي قضي عليه بعد أشهر قليلة من ذلك » ص: 19

« ففي الوقت نفسه الذي كانت فيه بوفوار تكتب الجنس الٱخر وتضع أسس الحركة النسوية، كانت تعيش حبا مستعرا مع كاتب أمريكي. فمن جهة كانت تنظر من أجل استقلالية النساء، ومن جهة أخرى كانت تدبج العديد من أوراقها التي تصف تلذذها في الوقوع في حب متيم مذل » ص: 21

« .. الفيلسوف التجريبي كيركيجارد الذي استطاع بفضل تأليفه تحت عدة أسماء مستعارة أن يناصر، ويعيش وفق نظريات متناقضة. فبينما يكتب خطابات دينية كان يعيش حياة ماجنة، وإذ يكتب في إحدى الصحف عن زير النساء كان يعيش حياة النسك والمتزهد » ص: 21
لماذا نتفلسف - جان فرانسوا ليوتار
الفيلسوف الجديد
لماذا نتفلسف - جان فرانسوا ليوتار
لماذا نتفلسف؟ هذا السؤال يقع في صميم عمل جان-فرانسوا ليوتار البارز، "لماذا نتفلسف؟"، مجموعة محاضرات تخترق سطح الاستفسارات الوجودية الحديثة لاستكشاف جوهر وإلحاح البحث الفلسفي. ليوتار، عملاق في عالم الفلسفة الفرنسية المعاصرة، يقدم رواية معقدة لا تقتصر فقط على استجواب دور الفلسفة في عالم اليوم، بل أيضًا على إعادة تعريف أهميتها في عصر غالبًا ما يكون متشككًا في الفكر المجرد.

يبدأ ليوتار بتحدي القارئ لمواجهة الفائض الظاهري للفلسفة في العصر الحديث، حيث تسود المعرفة العلمية والدليل التجريبي. يجادل بأن عملية التفلسف ليست بقايا متهالكة من التاريخ، ولكنها عملية حيوية، ديناميكية تمنح الحياة للهواء الراكد للحقائق والمعايير المقبولة. الفلسفة، في نظر ليوتار، تعمل كقوة لا تكل في استجواب الوضع الراهن، دافعة حدود الفهم والإدراك.

مع تكشف الرواية، يغوص ليوتار في التطور التاريخي للفكر الفلسفي، تتبع جذوره من اليونانيين القدماء إلى المفكرين الحديثين. يبرز القوة التحويلية للفلسفة ليس فقط لتفسير العالم، بل لتغييره. من خلال تحليله الثاقب، يظهر ليوتار كيف أن الاستفسار الفلسفي قدم باستمرار منصة لتحدي الأعراف الاجتماعية، والأخلاق، والمعتقدات، مما يحفز التقدم ويعزز فهمًا أعمق وأكثر تعقيدًا للوجود الإنساني.

في قلب حجة ليوتار تكمن فكرة أن الفلسفة تعمل كحارس للفكر النقدي والحرية الفكرية. في عصر يهيمن عليه التقدم التكنولوجي وزيادة المعلومات، يقول إن الفلسفة تقدم ملاذًا للتأمل النقدي، مساحة حيث يمكن استكشاف أسئلة الأخلاق، والمعنى دون قيود. هذا الرأي ذو صلة خاصة في سياق العالم اليوم، حيث تطالب التغيرات والشكوك السريعة بإطار قوي للتنقل في تعقيدات الحياة البشرية.

علاوة على ذلك، يدافع ليوتار بشغف عن ديمقراطية الفلسفة. يجادل بأن الفكر الفلسفي يجب ألا يقتصر على الأوساط الأكاديمية، بل يجب أن يتم تبنيه من الجميع كأداة للتفكير النقدي والتأمل الذاتي. هذه الديمقراطية، حسب ليوتار، ضرورية لتعزيز مجتمع أكثر تنويرًا قادرًا على مواجهة تحدياته بحكمة وبصيرة.

"لماذا نتفلسف؟" ليس مجرد سؤال بلاغي بل هو دعوة للعمل. يلح عمل ليوتار علينا للمشاركة في الفلسفة ليس كتمرين أكاديمي سلبي بل كممارسة نشطة، حيوية أساسية لفهم وتحسين عالمنا. يدعو القراء للشروع في رحلة فلسفية تتحدى الحكمة التقليدية، تشجع على الاستفسار العميق، وفي نهاية المطاف، تنمي تجربة أغنى وأكثر معنى للحياة. من خلال هذا العمل، يعيد ليوتار تأكيد القيمة الخالدة للفلسفة، مذكرًا بأنه في السعي وراء المعرفة والحقيقة، الرحلة مهمة بقدر الوجهة نفسها.
المضحك المبكي هو أن ترى أن كل هذه المعرفة والفهم لا يمارسان أي سلطة إطلاقاً على حياة البشر, وأن حياتهم لا تعبر بأقصى طريقة ماذا فهموا .

سورين كيركيغارد: كتاب المرض حتى الموت
اشتهر (ديموقريطوس) بـــشخصيته المرحة ولذلك أطلق عليه لقب "الفيلسوف الضاحك" ولكننا نرى عكس ذلك في هذه اللوحة التي رسمها الفنان الإيطالي (سلفاتور روزا) والتي تصور لنا الجانب الآخر من شخصيته..

ديموقريطوس أو ديمقريطس (460 - 370 قبل الميلاد) هو فيلسوف يوناني قديم ولد في أبديرة (تراقيا)، وهو أحد الفلاسفة المؤثرين حيث يعتبر رائدًا في الرؤية المبكرة للنظرية الذرية، ورث عن والده أموال طائلة أنفقها على رحلاته، فقد زار مصر وتعلم الرياضيات من العلماء المصريين، ثم سافر إلى بلاد فارس والهند، ثم عاد إلى أثينا..

عرف عن (ديمقريطس) أنه كان يميل بشكل دائم إلى العزلة وأنه كان يحتقر الشهرة حتى وصل به الأمر أنه استطاع التعرف على سقراط، ولكن سقراط لم يعرفه.
كما ذكر (ديوجين لايرتيوس) أيضًا في كتابه "حياة الفلاسفة البارزين" أن ديمقريطس كان يدرب نفسه عن طريق مجموعة مختلفة من الوسائل لاختبار انطباعاته الحسية، وذلك من خلال اللجوء أحيانًا إلى العزلة أو زيارة المقابر. وأنه عندما عاد من أسفاره، تحول إلى نمط حياة متواضع لأنه استنفد جميع أمواله..
وتماشيًا مع ما قاله (ديوجين) يبدو أن هذا العمل الفني للرسام الإيطالي (سلفاتور روزا) يصور ديموقريطوس وهو يتأمل نظرياته الفلسفية وسط بيئة متواضعة، ربما بالقرب من قبر...
__________

• Source: Stanford Encyclopedia of Philosophy (Democritus), published Sun, Aug 15, 2004..

• Painting: Democritus in meditation, by Salvator Rosa (c. 1615-1673)..
" لكي تغيروا المجتمع ينبغي أولاً أن تغيروا العقليات السائدة فيه عن طريق التعليم والتثقيف والتهذيب ".

- إيمانويل كانط
" ‏لا تبحثوا عن اشباع كامل رغباتكم وميولكم، بل امتلكوا في داخلكم شيئاً من الكرامة التي تجعل الإنسان أكثر نُبلاً من سائر المخلوقات الأخرى كلها ".

- إيمانويل كانط .
يرتبط اسم الفيلسوف الألماني إيمانويل كانط، الذي يعتبره البعض بمثابة أكبر فيلسوف عرفته أوروبا منذ قرنين على الأقل، ارتباطا وثيقاً بندائه الشهير الذي استهله بعبارة "اعملوا عقولكم أيها البشر."، التي يعد من أهم شعارات حركة التنوير الأوروبية التي أعادت الاعتبار إلى سلطة العقل وأوليته، علاوة على تأكيدها على ضرورة احترام فردية كل إنسان واستثمار تنوع المواهب البشرية بعيداً عن الإرث الجماعي التقليدي. وبالإضافة إلى ذلك فإن هذه الصيحة الكانطية عبرت بشكل واضح عن النقلة النوعية التي شهدتها أوروبا آنذاك في القرن الثامن عشر في عصر التنوير. وعلى هذا النحو ساهم كانط في تبديد غياهب ظلام العصور الوسطي المحيطة بالعقول.

أجاب كانط عن السؤال الجوهري الذي يستكشف ماهية عصر التنوير بقوله:" إنه خروج الإنسان عن مرحلة القصور العقلي وبلوغه سن النضج أو سن الرشد." كما عرَّف القصور العقلي على أنه "التبعية للآخرين وعدم القدرة على التفكير الشخصي أو السلوك في الحياة أو اتخاذ أي قرار بدون استشارة الشخص الوصي علينا." ومن هذا المنظور جاءت صرخته التنويرية لتقول: "اعملوا عقولكم أيها البشر! لتكن لكم الجرأة على استخدام عقولكم! فلا تتواكلوا بعد اليوم ولا تستسلموا للكسل والمقدور والمكتوب. تحركوا وانشطوا وانخرطوا في الحياة بشكل إيجابي متبصر. فالله زودكم بعقول وينبغي أن تستخدموها. لكن كانط لم يفهم التنوير نقيضاً للإيمان أو للاعتقاد الديني، وإنما شدد على أن "حدود العقل تبتدئ حدود الإيمان". كما حذر من الطاعة العمياء للقادة أو لرجال الدين كما حصل في دولة بروسيا لاحقاً.

بلور كانط مفهوما جديداً من نوعه لطبيعة العلاقات بين الدول على أرضية تقوم على القانون الدولي، كما سعى إلى إقامة السلام الدائم بين الشعوب عن طريق عدم اتخاذ الإنسان وسيلة وإنما دائماً غاية، وهو ما يعني إحترام الكرامة الإنسانية لدى الآخر بأي شكل كان. وانطلاقا من هذا المفهوم الذي يرى أن تحقيق السلام لن يتم إلا عبر تغيير الإنسان وتربيته أخلاقياً بهدف جعل الحرب أمراً مستحيلاً. يذكر أن هذه النظريات الفكرية المثالية أدت لاحقاً إلى تشكيل عصبة الأمم بعد الحرب العالمية الأولى من أجل حل الصراعات بين الدول على أساس القانون الدولي. وفي النهاية أدت أطروحاته التي لم تفقد أهميتها حتى الوقت الحاضر إلى تطوير عصبة الأمم لتتحول إلى الأمم المتحدة بعد الحرب العالمية الثانية.
الكوميدي و البذيء والتافه اصبح هو من يؤثر على العامة ويلفت انتباههم ..

يتسائل نيتشه في الصفحة 156 من كتاب (العلم المرح) بترجمة (محمد الناجي) حيث يقول :

ألا ينبغي لمن يريد أن يؤثر على العامة أن يكون كوميدي ؟
وأن يُعبر عن نفسه اولاً بصورة ذات دقة مضحكة و يمثل كل شخصيته وكل قضيته بهذا الشكل البذيء والمبسط ؟
لماذا نفتقد الأشخاص والأشياء؟ الأمر لا يتعلق بالحب فقط :

- بول هادسن

يتساءل الكاتب إن كنت لا تتذكر سوى الأوقات الطيبة ولحظات السعادة، على الرغم من الطريقة السيئة التي عاملك بها أحدهم، ويقول: إذًا أنت تفتقد للعاطفة في حياتك، للشعور بوجود أحدهم بجوارك. هذا بالطبع مفهوم بامتياز. نحن لا نُفضِّل أن نكون وحيدين.

نعم يستطيع بعضنا أن يُسيّر أموره بصورة أفضل نسبيًا من الآخرين – يقول هادسن – لكن في النهاية هذا فقط يحدث لأنَّ الضرورة تُحتِّم ذلك، لا أحد يختار بإرادته الحرة أن يكون وحيدًا، إلا إذا كانت لديه بعض المشاكل النفسية العالقة التي تدفعه نحو الوحدة، بالطبع كلنا يُفضِّل أن يُترك وحده من حين إلى آخر، لكن ليس طوال الوقت، حتمًا سنشعر بالوحدة عند نقطة ما وسنريد أن نحظى بشخص ما في حياتنا، نأنس له ونسكن إليه،هذا أمرٌ طبيعي، ولا يدعو أبدًا لأن نتنصَّل منه.

في بعض الأحيان، الصورة التي نتذكر بها شخصًا ما تكون هي حقيقته فعلًا، أو على الأقل ما كان عليه، «لكن نحن نميل دومًا إلى الرومانسية» بحسب هادسن، إذ نفضل دومًا أن نتذكر الأشخاص من منظور رومانسي حالم، بتركيزنا على الطريقة التي نتخيلهم بها، وعلى مشاعرنا التي كونَّاها عنهم، بغض النظر عن حقيقتهم أو الطريقة التي عاملونا بها.

مرة أخرى، في أحيان كثيرة يكون هذا هو الواقع فعلًا، وتكون الذكرى والافتقاد في محلهما، يمكن أن يكون لدينا كل الحق لافتقاد أحدهم، لكن ولسوء الحظ العكس أيضًا صحيح: ففي أحيان أخرى أنت لا تفتقد الشخص، وإنما فكرتك ومفهومك عنه.
أن البشر بطبيعتهم متمركزون حول ذواتهم، هذه هي فطرتنا ولا يجب أن نخجل منها. بل يجب أن نعتنقها ونتفهمها، والأفضل أن نتحكم بها. فنحن غير قادرين على تذكر من أحببناهم بشكل واقعي حقًا. فنحن لا نتفاعل أبدًا مع البشر كأشخاص، إنما نتفاعل مع مشاعرنا ومفاهيمنا عنهم. والمشاعر والمفاهيم في حقيقتها متغيرة ويمكن تشكيلها، يمكننا أن نعدل في كيفية شعورنا تجاه شخص أو أمر ما؛ مما يؤدي إلى تغيير مفاهيمنا عنهم.

بغض النظر عن هذا كله يقول الكاتب، تبقى الحقيقة أن الأشياء أو الأشخاص الذين نهتم بهم ونحبهم، هم في حقيقة الأمر من أثَّروا بنا على نحو عميق.

كثير من الناس يغضّون النظر عن هذه الحقيقة: نحن نتذكر الطريقة التي أثَّر بها الأشخاص في حياتنا، وليس الأشخاص أنفسهم. بالطبع نتذكر الأشياء التي فعلوها من أجلنا وجعلت شعورنا بهم على هذا النحو، لكن في الحقيقة دائمًا ما نركز طاقاتنا حول المشاعر، وليس الفعل ذاته.

بعد كل ما قيل يستطرد الكاتب: ما نفتقده حقًا ليس الشخص نفسه، إنما الواقع الذي خلقناه بأنفسنا نتيجة وجود هذا الشخص في حياتنا. نحن نفتقد الطريقة التي شعرنا بها، وما كنا نحن عليه فيما مضى حين كان هذا الشخص يمثل شيئًا ما في حياتنا. نحن نفتقد الشخص الذي كناه؛ لأنه كان نسخة أفضل منا. نسخة أكثر انطلاقًا، وأكثر حيوية وأكثر حبًا للحياة.

—جزء من مقالة لبول هادسن نُشرت في موقع Elite Daily..
قواعد منهج ديكارت

أربعة قواعد مؤسِّسة في منهج الفيلسوف والعالِم الفرنسي رينية ديكارت René Descartes للمعرفة، وهي كالتالي:

1️⃣ لا أقبل شيئاً على أنّه حقٌّ، ما لم أعرف بوضوحٍ أنّه كذلك، أي يجب أن أتجنَّب التسرُّع وألّا أتشبث بالأحكام السابقة، وألّا أدخل في أحكامي إلّا ما يتمثَّل لعقلي في وضوحٍ وتميُّزٍ يزول معهما كلَّ شكٍّ.

2️⃣ أن أُقَسِّم كلَّ واحدةٍ من المشكلات التي أبحثها إلى أجزاء كثيرة بقدر المستطاع، وبمقدار ما يبدو ضرورياً لحلِّها على أحسن الوجوه.

3️⃣ أن أرتِّب أفكاري، فأبدأ بالأمور الأكثر بساطةً وأيسرها معرفةً، حتى أصل شيئاً فشيئاً، أو بالتدريج، إلى معرفةٍ أكثرها تعقيداً، مفترضاً ترتيباً، حتى لو كان خياليَّاً، بين الأمور التي لا يسبق بعضها بعضاً.

4️⃣ أن أعمل في جميع الأحوال من الإحصاءات الكاملة والمراجعات الشاملة ما يجعلني على ثقةٍ من أنّني لم أُغفِل شيئاً.
لم ينشر أنطونيو غرامشي أيّ كتابٍ في حياته، إلا أنّه ترك مقالات صحفيّة ودفاتر مكتوبة بخطّ اليد (3000 صفحة) حوَت ملاحظات في التّاريخ، والفلسفة، والاقتصاد والاستراتيجيّة الثّوريّة، كتبها أثناء فترة اعتقاله، من الذّاكرة، بدون الاستعانة بالمراجع، وهو تحت المراقبة الفاشيّة.

كانت تلك الكتابات كافيةً لتجعل منه أحد ألمع المفكرين الماركسيين، نظرًا لإسهاماته القيّمة التي أعطت بعدًا جديدًا للنظرية الماركسية، وتمحورت حول دور الثقافة والمثقفين في إنهاض المجتمع، وتغيير التاريخ.

كره غرامشي اللامبالين، المتراخين الذين يثقلون كاهل التاريخ باستسلامهم، ثم يكتفون بالسّخط والتذمّر، معلّقين على القدر أسباب معاناتهم التي لا تنتهي.
«أكره اللّامبالين، لأنّ أنينهم كضحايا أزلييّن يزعجني». ولم يتعاطف معهم «من حقي أن أكون حازمًا، وألّا أهدر تعاطفي مع هؤلاء وألّا أشاركهم دموعي.»

دعا إلى الانحياز، وإلى تحمّل المسؤولية تجاه الحياة، وعدم الاتكال على قلّةٍ ممّن يضحون بأنفسهم وعدم الاكتفاءِ بمراقبة تضحياتهم عن بعد. «أن تحيا يعني أن تكون منحازًا.»

تمحورت أبرز نظرياته حول ”الهيمنة الثّقافيّة“، فشرح من خلالها كيفية سيطرة الطبقات الحاكمة على الجماهير، وتسخير الوسائل الإيديولوجية والثقافية لهذه الغاية (المدارس، وسائل الإعلام، المنابر الدينية..)، مستندًا بذلك إلى مقولة كارل ماركس «أفكار الطبقة الحاكمة، هي الأفكار الحاكمة في كلّ عصر».

أثناء محاكمته، في عام 1928، قال المدّعي العام: «يجب أن نمنع هذا الدّماغ من العمل لمدة 20 عامًا».
أمضى غرامشي في السجن 11عامًا، وتوفي جراء التّعذيب في 27 نيسان/ إبريل 1937.
2024/05/03 02:09:37
Back to Top
HTML Embed Code: