Telegram Web Link
★منصة إعلام الضالع★*
https://www.tg-me.com/+iksKDIcJw4U5OTVk

*دروس من هدي القرآن الكريم*
*🔹دروس من وحي عاشوراء🔹*
*ملزمة الأسبوع | اليوم الثالث*
*ألقاها السيد/حسين بدرالدين الحوثي-رضوان الله عليه*
*10/1/1422هـ | 23/3/2002م | اليمن - صعدة*
*‏〰️〰️〰️〰️〰️〰️〰️*
فنحن - أيها الإخوة - عندما نتحدث عن كربلاء لا نتحدث عنها فقط من الجانب العاطفي، الجانب العاطفي مثير لكن قد يجعل القضية تتجمد في عصرها، ويجعلنا نحن لا نستطيع أن نستلهم منها الدروس والعبر، ولـذا حاولنـا أن يكون إحياؤنا لهذه الذكرى هو فعلاً حديـث عـن مـا حـدث فيها من مآسي كشفت عن وحشية أولئك الظالمين، وخشونة طباعهم، وخبث أنفسهم. ونعرف أيضاً الأسباب التي أدت لمثل تلك؛ لأنها أسبابٌ الناس يعيشونها في كل عصر، نحن نعيش - فيما أعتقد - الأمة المسلمة هي تعيش الحالة، الحالة نفسها، الأسباب نفسها التي هيأت الظروف لأن يسقط بين أيديها مثل علي والحسن والحسين وزيد ومحمد بن عبد الله النفس الزكية وغيرهم من عظماء أهل البيت، الحالة نفسها واحدة.
سنظل دائماً نئن ونتوجع من الأحداث ولا نهتدي لحل، ولا نعرف من الذي وراء ذلك، إذا لم نعد إلى دراسة أسباب الأشياء من أولها، نعود إلى دراسة الأسباب الأولى للأحداث حتى نعرف ما إذا كان هناك في واقعنا شيء من هذه الأسباب متوفر، شيء من هذه الحالة التي أدت إلى تلك النتائج السيئة تعيش عليها الأمة، فإذا ما وجدنا أنفسنا نعيش نفس الشعور، نعيش نفس الحالة فاعرف بأنك إنما ستكون مثل أهل العراق، مثل أهل الشام الذين ظلوا دائماً يتوجعون، مثل هذه الأمة من أولها إلى حاضرها، تتوجع من الأحداث، تتوجـع مـن الكـوارث، وتئـن وتصرخ ولا ترى مخرجاً، ولا تعرف حلاً.
وحتى نعرف، وحتى يعرف كل واحد منا أنه يعيش نفسية الشخص الذي أغمض عينيه يوم صعد أبوبكر على كرسي الخلافة، وأنك تعيش نفسية ذلك العراقي الذي كان يسمع علياً يتحدث بمسجد الكوفة، وتحمل نفسية ذلك العراقي يوم خرج الحسين متجهاً إلى الكوفة، ويـوم دخـل عبيد الله بن زياد إلى الكوفة، حتى تعرف أنك لا تختلف عن أولئك، إذا ما وجدت نفسك أمام أي قضية، أمام أي حدث، تجد هناك من يذكرك بمسئوليتك، ويذكرك بخطورة عواقب تلك الأحداث يذكرك بعقوبة تفريطك ثم لا تهتم، فإنك من قد تجد نفسك في يوم من الأيام ليس فقط ضحية لتفريطك، بل تجد نفسك في موقف أسوأ من ذلك الموقف، تجد نفسك في صف الباطل تقف في وجه الحق، تساق إلى مواقف الباطل.
وهذا لم يكن فقط ما حصل للعراقيين وحدهم في التاريخ، لقد حصل للكثير من البشر على امتداد التاريخ، تاريخ هذه الأمة، كم من الأشخاص ممن هم يُحسبون على جانب الحق، ممن سمعوا توجيهات الحق، وسمعوا صوت الحق ودعوا إلى الحق ففرطوا فرأوا أنفسهم يساقون إلى ميادين نصر الباطل!
نحن - أعتقد - إذا لم ننطلق في مواجهة الباطل، في هذا الزمن فإننا من سنرى أنفسنا نساق جنوداً لأمريكا في ميادين الباطل في مواجهة الحق.
لا يجوز بحال إذا كنـا نحـن من نلوم أولئك، أي واحد منا يلوم أهل الكوفة أليس كذلك؟ يلوم أهل العراق، يلوم ذلك المجتمع الذي لم يصغ لتوجيهات الرسول (صلوات الله عليه وعلى آله) بعد أن ولى علياً، يلوم أهل المدينة، يلوم أهل البصرة، يلوم أهل الشام، يلوم. إذا كنا فقط إنما نلوم الآخرين، ولا نعرف على ماذا نلومهم، أنت تلومهم لأنهم قتلوا الحسين، أليس كذلك؟ فعلاً يلامون على أنهم قتلوا الحسين، لكن ما الذي جرّهـم إلـى أن يقتلـوا الحسيـن؟ أنـت تعيـش النفسية، تعيش الحالة التي جرتهم إلى أن يخرجوا ليواجهوا الحسين، فَلُمْ أنت نفسك، ولمُهم أنت على تفريطهم يوم كانوا يسمعون علياً، واحذر أنت أن تكون ممن يفرط وهو يتكرر عليك هدي علي، وهدي القرآن الكريم الذي هو فوق كل هدي.
أوليس القرآن الكريم حياً بين أظهرنا؟ أولسنا نقرأه؟ أولسنا نحاول أن نعرض الأحداث على القرآن الكريم لنستلهم من خلال القرآن ما هو الموقف المطلوب منا؟ بـل لنحصـل من خلال القرآن على وعي وبصيرة نفهم من خلالها ما يدور حولنا؟ فمن يُعرض، من يُفرط، من لا يهتم، من لا يبالي إنه يعيش نفسية من يلومهم قبل ألف سنة وأكثر من ألف سنة.

بل أرى أن اللوم علينا أشد. لماذا؟ عادة الناس إذا تحدث معهم رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) وحذرهم من عواقب الأمور، الكثير من الناس هو يكون من أولئك الذين يريدون أن ينظروا إلى الأشياء متجسدة أمامهم حتى يصدقوا، وحتى يستشعروا الخطـورة، وحتـى يهتمـوا، أو يكـون لهـم موقـف، يريدون كما قال بنو إسرائيل: {اجْعَلْ لَنَا إِلَهاً كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ} (الأعراف: من الآية138) بعد أن خرجوا من البحر، بعد تلك الآية العظيمة، الآية الدالة على قدرة الله سبحانه وتعالى.
وهم مؤمنون بالله، لكنهم مـا زالـوا يريدون أن يروا إلهاً متجسداً أمامهم، حتى قالوا: {لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً} (البقرة: من الآية55) ألم يقولوا هكذا؟ {لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً} هذه الروحية: [لن نصدقك حتى نرى الأحداث ماثلـة] هذا هو الغباء، هذا هو الخطأ، هذه هي الأمية الحقيقية، هذه هي الجهالة، هذه الروحية هي التي تؤدي إلى ضرب الأمة في كل عصر. الرسول (صلوات الله عليه وعلى آلـه) عندمـا كـان يتحـدث. القرآن الكريم ((فيه نبأ مـا قبلكـم وخبر ما بعدكم)) يتحدث هو أيضاً عن عواقب الأمور، عن عواقب التفريط، عن عواقب اللامبالاة، عن أضرار الضلال والباطل عليكم في الدنيا قبل الآخرة. الرسول (صلوات الله عليه وعلى آلـه) أيضـاً تحـدث لكـن لم تكـن هناك أحـداث واسعـة بسعـة مـا يسمعونـه مـن حديثـه، وهـم مـن نوعيـة مـن يقول في واقعه - من حيث لا يشعر - [لن نؤمن لك حتى نرى عواقب الأمور جهرة!]. الإمام علي (عليه السلام) تحدث مع الناس، وكانت أيضاً قد عرضت في الحياة أحداث كثيرة، فكان من المفترض أن يكون من يعيشون في عصر علي - لأن منطق علي هو منطق القرآن، ومنطق محمد (صلوات الله عليه وعلى آله) - أن يكونوا أكثر وعياً، لأنهم من قد شاهدوا الأحداث الكثيرة والمتغيرات من بعد موت الرسول (صلوات الله عليه وعلى آله) إلى أن قام علي، ورأوه فوق منبرهـم فـي الكوفـة يتحـدث معهـم ويوجههم. كذلك من جاء بعدهم، نحن في هذا العصر مـن أمامنـا رصيـد هائل من الأحداث، أمامك كربلاء، وأمامـك يـوم الحـرة، وأمامـك ضرب الكعبة، وأمامك استشهاد زيد، واستشهاد أصحاب [فَخْ]، وأمامك الأحداث تلو الأحداث الرهيبة التي تكشف لك عواقب التفريط والضلال والتقصير والجهل، أصبحت مثلاً شاهداً من واقع الحياة تستطيع أن تضربه مثلاً أمام كل قضية تتحدث عنها. إذا ما كنا نحن لا نفهم بعد ولا نعي وأمامنـا رصيـد مـن هذه الأحداث، أمامنا كربـلاء التـي نحـن فـي هـذا اليـوم نتحـدث عنها، ونستلهم العبر منها. هذا الحدث نفسه إذا لم تكن أنـت، وأنـت فـي هذا العصر من يفهم الأمور - وأمامك هذا الرصيد - فإنك أسوأ ممن خرج يقاتل الحسين، أنت أسوأ ممن خرج يقاتل الحسين. وإذا كان أولئك لتفريطهم هيئوا الساحـة لأن يتولـى يزيد فأنت هنا لتفريطك ستهيئ الساحة لأن يحكمها [بوش]، ولتحكمها إسرائيل، فيحكمها اليهود، أوليس اليهود أسوأ من يزيد؟ إن من يهيئ الساحة لتحكمها أمريكا، من يهيئ الساحة لتحكمها إسرائيل، من يهيئ الساحة لتحكمها ثقافة الملعونين من اليهود والنصارى بدل ثقافة القرآن هم أسوأ ممن شهروا سيوفهم في وجه الحسين. لأنها كلها حالـة عربيـة واحـدة، كلنـا نحن العرب حالة مترسخة لدينا: {لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً} ((حَـذْوَ بنـي إسرائيل)) هم قالوا: {لَنْ نُؤْمِنَ لَـكَ حَتّـَى نَـرَى اللَّهَ جَهْـرَةً} (البقرة: من الآية55) لن نؤمن لك يا علي عندما تقول: ((والله إني لأخشى أن يُدَال هؤلاء القوم منكم، لاجتماعهم على باطلهم وتفرقكم عن حقكم)) لن نؤمن لـك حتى نرى معاوية جهرة فوق منبرنا فنعلم أنه فعلاً أنه قد أُدِيْلَ منا.

لن نؤمن لك يا حسين، لن نؤمن لك يا علي إلا بعد أن نرى يزيد فوق منبرنا، لن نؤمن لـك إلا بعـد أن نرى سيف يزيد مشهوراً على رقابنا، لن نؤمن لك حتى نرى أمريكا ونرى الأمريكي يوجه بندقيته إلى صدورنا، لن نؤمن لك حتى نرى نساءنا يخرجن متبرجـات كالأوربيـات في شوارعنا، لن نؤمن لك حتى نرى القرآن تُمَزَّق صفحاته في مساجدنا، لن نؤمن. لن نؤمن. هي الحالة العربية التي ضربت العرب، وضربت القرآن، وضربت الدين، نحن نعيشها [لن نؤمن لك حتى نرى.] نحن - أيها الإخوة - يجب أن ننسف هذه الكلمة من مشاعرنا، ومن عقولنا، ومن أذهاننا [أنني لا أصدق إلا عندما أرى الأشياء ماثلة] إذا كنت من هذا النوع إذاً أمامـك علـى طاولة التاريخ الشواهد الحية لهذه، ألا يكفيك شواهد حية على مدى [1400 عام]؟ ألا تكفيك شواهد إذا كنت ممن يريد أن يرى الأشياء أولاً ها هي أمامـك كربـلاء، هـا هي أمامـك [الحَـرَّة]، ها هي أمامك ضرب الكعبة، ها هي أمامـك الأحداث، تلك الأحداث، هي مثلٌ على كل مـا نحدثـك عنـه. إذا كنـت لا تريد أن تكتفي بهذه الشواهد - التي هي شواهد حية، أحداث تجسدت في التاريخ بل تريد [موديلاً] جديداً من الأحداث - فأنت أيضاً أسوأ ممن قالوا: {لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً} أولئك الذين خرجوا ليشهروا سيوفهم في وجه الحسين هو ملعونون، ألسنا نلعنهم. نعتبر أنهم ارتكبوا جريمة من أفظع جرائم البشرية على طول تاريخها، لكنهم في الواقع لم يكن أمامهم رصيد من الأحـداث، والأمثلـة الحية، وهم كمثلنا نحن وهم عرب ممن يعيشون في أنفسهم وتترسخ في أنفسهم [لن نؤمن لك حتى نرى مـا تحدثنـا عنـه ماثـلاً أمام أعيننا].
نحن نشاهد في التاريخ الأمثال الكثيرة، إذا كنت أنت تريد أمثالاً جديدة فإنك أنت أيضاً تعيش حالة يجب أن تسخر فيها من نفسك، تريد [موديلاً] جديداً من الأحداث، تلـك أحـداث ماضيـة باليـة، أحداث ماضية أنا أريد أحداثاً جديدة، أريد أن أرى تلك الأحـداث ماثلـة أمـام عينـي فألمسهـا وأشاهدها، وأحس بوطأتها أنا! لا يجوز بحال - أيها الإخوة - أن نظل قاصرين في وعينا إلى هذه الدرجة وأمامنا هذا الرصيد المهم من الأحداث طوال التاريخ.
أكرر هذا، لأنهـا حالـة نلمسهـا عنـد الجميع، ولأنها حالـة قائمة لاحظ كيف أننا نقتنع بالمبررات الواهية المكذوبة التي ليست منطقية ولا معقولة ولا واقعية، يُصدِّرها الأمريكيون، يُصَدِّرها اليهود وعملاؤهم فيتحدثون بها فنقتنع، ونسكت ونجلس، بل نحن من وصلنا إلى أن نجعل تلك الحالة هي الحكمة، هي منطق الحكمة، هي منطق الحفاظ على الأمن، هي منطق الحفاظ على المصلحة العامة للشعب. والحكمة هي نفسها التي قال الله عنها: {يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً} (البقرة: من الآية269) أصبحنا نعتبر قصور وعينا وجهلنا هو الحكمة.
إن الحكمة أن تعود إلى التاريخ، وتعود إلى القرآن، وتأخذ العبر والدروس من خلال تلك الأحداث، وتأخـذ المقاييـس الثابتة والوعي والبصيرة من خلال القرآن الكريم هنا الحكمة، حتى ترى في الأخير أن التفريط، أن السكوت، أن الجمود، أن التفكير في أنك ستسلم كلها متنافية مع الحكمة، كلها ليست واقعية، كلها هي سبب النكال، وسبب الخزي في الدنيا، وسبب أن تكون من يتلقى الضربات تِلْو الضربات من أعدائك، هذه ليست حكمة.

*★منصة إعلام الضالع★*
https://www.tg-me.com/+iksKDIcJw4U5OTVk
*★منصة إعلام الضالع★*
https://www.tg-me.com/+iksKDIcJw4U5OTVk

*دروس من هدي القرآن الكريم*
*🔹دروس من وحي عاشوراء🔹*
*ملزمة الأسبوع | اليوم الرابع*
*ألقاها السيد/حسين بدرالدين الحوثي-رضوان الله عليه*
*10/1/1422هـ | 23/3/2002م | اليمن،صعدة*
*‏〰️〰️〰️〰️〰️〰️〰️*
ونحن - أيها الإخوة - أيضاً هناك ما هو أسوأ من هذا، في الوقت الـذي نحـن نشاهد زعماء العرب جميعاً في موقع نحن نسخر منهم، أنهم فرطوا في هـذه الأمـة، وأنهم دائماً يتحدثون عن السلام، ويبحثون عن السلام من أمريكا، ثم عندما وصلت الأمور إلى ساحتنا - نحن المواطنين - إذا بنا نكرر العبارة نفسها، ونتخذ الموقف نفسه، [نريد السلام، والأفضل هو أن نسكت وأن نجمد وأن نحـاول ألا نثير وأن.. وأن..] أليس هذا هو مـا كنـا نلوم عليه زعماء العرب؟ أليس هذا هو ما نلوم عليه: أننا نسمع أنه قد يمكن أن يخرج المؤتمر - مؤتمر القمة الذي سينعقد في بيروت - أن قراره قد حُسِم هي التسوية مع إسرائيل، هي المصالحة مع إسرائيل لتتوقف الانتفاضة؟ لأن تلك العمليات البطولية التي ينفذها الفلسطينيون أصبح الزعماء هؤلاء يخافون منها كما تخاف منها إسرائيل نفسها، وإلا لماذا؟ هذا موقف غير طبيعي.
الموقف الطبيعي أنك عندما تشاهد الشعب الفلسطيني في انتفاضته بدأ يستخدم الوسيلة الصحيحة فبدأ يضرب العدو ضربات موجعة هو أن تدعمه بالسلاح، أن تدعمه بالرجال، أن تسانده بالمال من أجل أن يتمكن في مواصلة أعماله ليحرر نفسه وليرفع الظلم والجبروت عن كاهله، أما أن تبادر إلى تسويات تجعل ذلك الشعب يتوقف وتصنع أمامه عائقاً، فإذا ما تحرك التحرك نفسه بدا أمام الجميع كله أنه عمل غير مشروع، لماذا؟ هذا عمل غير طبيعي.
إن هذا يدل على أنك تخاف من الانتفاضة نفسها كما يخاف منها الإسرائيليون، لأن تلك العمليات، لأن تلك الأعمال البطولية، وتلك الانتفاضة هي التي جعلت العرب، كما نشاهده اليوم مظاهرات في معظم البلدان الإسلامية، مظاهرات يرفعون فيها شعارات تهتف ضد أمريكـا وضـد إسرائيـل، ويحـرقـون فـيـهـا العَـلَـم الأمريكي، ويحرقون فيها العَلَم الإسرائيلي، سخط يتنامى ويتداعى في الساحـة العربيـة؛ يعرف هؤلاء أن هذا السخط ليس في صالحهم، أن الشعوب أن تتجه هذا الاتجاه، ليس في صالحهم هم الحاكمون أنفسهم ، إذاً فليوقفوا هذا.
نحن أسوأ من هؤلاء عندما نربط نظرتنا إلى الأحداث وموقفنا مـن هـذه الأحـداث بهـم، هـذا هـو الموقـف السيء. لماذا؟ أنت عندما تخرج في مظاهرة تؤيد فيها تلك الأعمال، وتؤيد فيها أولئك الأبطال، ألست تطلب منهم أن يواصلوا المسيرة؟ وأنك تعلن عن وقوفك إلى جانبهم، وتأييدك لأعمالهم؟ ألست بعملك هذا تحاول أن توجه رسالة إلى عدوك وعدوهم: أن الجميع قد يقفون كلهم في وجهك؟ إذاً فليس من الطبيعي أن تقف من القضية موقف زعمائك الذين هم سيضحون بهذه الأعمال البطولية، ويكون قرارهم ممـا يدعـو إلـى إيقافها. فنحن عندمـا نشاهـد هـذه الأحداث، ونحن عندما نكون من يعرف أنها أحداث موجهة ضد ديننا، وضد أمتنا، ضد أنفسنا، وضد مصالحنا ثم نقف منها موقف الزعماء فهذا هو أيضاً دليل آخر على أنك أسوأ من ذلك العراقي الذي وقف موقف يزيد من قضية مواجهة الإمام الحسين (عليه السلام)، أنت أسوأ منه.
أنت هنا تخرج في المظاهرة تعبِّر عن هذا الموقف، وترى الزعماء يعبرون عن موقف آخر، ثم أنت من يرتبط بهم، وأنت من تؤيد ما وصلوا إليه، ثم عندما تصل القضية إلى ساحتك أنت من تتبنى الموقف نفسه الذي تبنوه، أنت من تقول: (لا ينبغي أن نرفع مثل هذا الشعار، نحن نخاف أن تضربنا أمريكا، نحن نخـاف العصـا الغليظـة) العبـارة الجديـدة [العصا الغليظة] لتعرفوا صدق قول الله سبحانه وتعالى: {فَتَرَى الَّذِيـنَ فِـي قُلُوبِهِـمْ مَـرَضٌ يُسَارِعُـونَ فِيهِـمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ} (المائدة:52). ألم يكونوا دائماً يقولون: حفاظاً على مصلحة الشعب؟ إن الإمـام عليـاً (عليـه السلام) يقول: ((ما أضمر إنسان شيئاً في قلبه إلا ظهر على قسمات وجهه وفلتات لسانه)) يوم كانوا يتحدثون عن الحفاظ على الأمن ومصلحة الشعب، ومن أجل التنمية - وهو منطق الزعماء جميعاً - بدأ الصدق، صدق ما في قلوبهم: يخشون {نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ} (المائدة: 52) بعبارة: [نخاف العصا الغليظة].
نحن يجب أن نقـول: نحـن لا نخـاف تلك العصا التي تسمونها غليظة، ونحن لا يجوز أن نخاف من أي عصا في هذه الدنيا.
كلمة: {مَرَضٌ} في القرآن الكريم واسعة جـداً، واسعـة جـداً، مجمـل ما تعني: أنه موقف غير طبيعي، موقف غير سليم، موقف غير صحيح، موقف غير واقعي، أن تسارع إلى أعدائـك وأعـداء دينـك، أن تسارع إليهم، أن تثبط الأمة عن مواجهتهم، ثم تتحدث بأنه من أجل الحفاظ على الأمن والمصلحة والتنمية ونحوها.
إن الله يقول: إن ذلك موقف من في قلبه مرض، سواء كان زعيماً أو مواطناً عادياً أو وجيهاً أو كيفما كان، من يقف هذا الموقف ففي قلبه مرض، وليكن ذلك المرض في أدنى حالاته هو [الجُبن] وهل الجُبن منسجم مع الإيمان؟ أم أن الإمـام عليـاً (عليه السلام) هو الذي قال: ((لا تجد المؤمن جباناً ولا بخيلاً))، ((البخل والجبن خَلَّتان يجمعهما سوء الظن بالله)). من كلام الإمام علي (عليه السلام) ((يجمعهما سوء الظن بالله)) مرض، فـإذا كـان ذلـك مـرض فيعنـي أن ذلك الموقف موقف غير صحيح.
مـا هـو الموقـف الصحيح؟ هو الموقف الذي وجه إليه القرآن: {قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الْآخِـرِ وَلا يُحَرِّمُـونَ مَـا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَـقِّ مِـنَ الَّذِيـنَ أُوتُـوا الْكِتَـابَ حَتـَّى يُعْطُـوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} (التوبة:29) أليس هذا هو الموقف القرآني؟ يخاطب الجميع زعماءَ وشعوباً، حكوماتٍ وشعوباً، يخاطب الجميع، كل من يحمل اسم الإسلام: إن هذا هو الموقف لكن ما الذي جعلهم يتخذون مواقف أخرى؟ مرض، وليكن ذلك المرض العشق للمنصب، الحرص على المصلحة الخاصة، أو يكون جُبناً أو يكون ما كان.
بل أصبحت المسألة - وهي قضية يجب أن نعيها أيها الإخوة - يجب أن نعيها، أصبحوا هم من يتعاملون مع الشعوب، فإذا ما دعونا لمظاهرة ضد إسرائيل، أصبحت فلسطين، أصبحت فلسطين نفسها الآن تُستخدم وسيلة لامتصاص غضب الشعوب، لامتصاص غضب الساخطين في هذه الشعوب، الذين قد يصل غضبهم وسخطهم إلى التساؤل لماذا لا يكون لنا موقف؟ مـا الـذي عاقنـا عن أن يكون لنا ونحن أمة لها جيوشها، لها أسلحتها، مـا الـذي عاقهـا عن أن يكون لها موقف؟ فترى نفسها هي مـن تتفـرج علـى إخوانهـم، علـى أبنائهـم، على أمهاتهم في فلسطين، تُدمر بيوتهم وتُسفك دماؤهم. أليس الناس يتساءلون بعد مَن المسؤول وراء ذلك؟ أوليس الناس كلهـم سيحمِّلـون المسؤوليـة حكوماتهـم وزعماءهم؟ إذاً قبل أن يصل الوضع إلى هذه الحالة، قبل أن يتنامى السخط، إلى أن يخلق هذه النظرة هلمُّوا أخرجوا إلى الشوارع، اخرجوا ما في نفوسكم، اسخطوا، تكلموا تحدثوا، ثم يعود اليمني، يعود المصري إلى بيته ويرى نفسه وهو في بيته مثل حالته قبل أن يخرج من بيته، ويرى والوضع هو الوضع، والجمعة هي الجمعة، والخطبة هي الخطبة، والموقف هو الموقف، موقف الزعماء هو الموقف. هذه الطريقة ليتظاهر الناس ولو كل أسبوع على هذا النحو لا يجدي إذا لم يكن تنامي السخط فـي الأمـة هـو يتجه من منطلـق الإيمـان بضـرورة أن تُصَحِّـحَ هـذه الأمـة وضعيتها، وأن تبني نفسها، ليتجـه الجميـع لاتخـاذ موقف من ذلك العدو الذي نراه يعمل بأبنائنا وأمهاتنا وإخواننا، ببيوتهـم بمزارعهـم، بمساجدهـم، بمستشفياتهم في فلسطين، وفي أفغانستان، وفي كشمير وفي غيرها من البلدان، لنستطيع أن نوقفه عند حـده، وأن نقطع تلك اليد التي تعبث في البلاد الإسلامية، في فلسطين وفي غيرها.
وإلا فليتظاهر الناس، المظاهرة جيدة، والمظاهرة نفسها تترك أثراً أمام اليهود، وأمام النصارى: أنَّ هؤلاء يغضبون، لكنهم سيكونون هم من يأمنون من غضبنا متى ما وجدوا أنَّ غضب هذه الأمة لا يصب في قناة تحتويه فتحوله إلى صخرة تدك عروشهم، حينها سيأمنون غضبنا، وحينها نصرخ كم ما نصرخ لا يخافون منا.
يجب أن تُستغل المظاهرات، يجب أن تُستغل الخطب، يجب أن يُستغل شعار: [الله أكبر، الموت لأمريكا، الموت لإسرائيل، اللعنة على اليهود، النصر للإسلام]، وغيره من كل الهتافات التي تنمِّي السخط في الأمـة نفسها لبنـاء الأمة لتتجه هي هي، لتقف الموقف الذي يفك عن الفلسطينيين وغيرهم مـن المظلوميـن ممـن تظلمهـم أمريكـا وإسرائيـل وحلفاؤها، ليفكوا هم وإلا فكل واحد منكم - وليس محللاً سياسياً وليس مفكراً - لو سألناه إذا كنا كل أسبوع نخرج، أو كل شهر نخرج في مظاهرة من هذا النوع والوضعية على ما هي عليه، ليس هناك من يبني اقتصادنا بناءً صحيحاً حتى نرى أنفسنا نستطيع أن نتحمل حصاراً يُفرض علينا، نستطيع أن نقـف فـي وجـه عدوِّنا، إذا كنا لا نرى أنفسنا تُفتح مراكز للتدريب ليتدرب الشباب جميعاً على الأسلحة.
عندما ادعى الرئيس وقال: من يريدون الجهاد في سبيل الله فليتحركوا إلى فلسطين عبر أيّ القنوات، نقول: أنـت قنـاة من هذه القنوات فسنتحرك عبرك، إذاً افتـح مكاتـب للتطـوع، افتـح مراكـز للتدريـب وسننطلق جميعاً نتدرب، وسننطلق جميعاً لنقاتل.

هذا هو الموقف الصحيح، ونحن نشكر لك هذه العبارة التي قد نراك في أي يوم من الأيام تضطر إلى أن تسحبها: [من كان يريد الجهاد في سبيل الله فهناك إسرائيل يتجه عبر أي القنوات] أنت واحد من هذه القنوات، أنت واحد من المسؤولين على طول وعرض هذه الأمـة، أنت واحد من الزعماء الذي يجب أن يجعل من نفسه قناة تحتوي هذا الغضب، لتبني هذه الأمة بناءً صحيحاً تجعل منها أمة مؤهلة لتواجه ذلك العدو.
2025/07/04 07:29:48
Back to Top
HTML Embed Code: