Telegram Web Link
#إفـادة_مـصـريـة

اعلم أن مادة عالم العناصر واحدة بالرغم من وجود المنفصلات والكثرة، هذا مثل أمواج البحر، فالبحر شيء واحد ويجمع تعيّنات مختلفة، وينبغي أن لا نتوهّم المادة؛ لأن وحدة الهيولى هي وحدة عقلية لا وحدة امتدادية، نعم، صورة هذا منفصلة عن صورة ذلك، لكن مادة هذا هي مادة ذلك، فلكل عالم الطبيعة هيولى واحدة بالشخص، والاثنينية المتحققة –كهذا وذلك– هي بالوضع، والهيولى ليست ممتدة حتى تكون بالوضع، فلا تتوهّم، بل تتعقل، أي ليست وحدة وضعية، بل وحدة عقلية، فإذا قلنا: مادة أ هي مادة ب، نريد أن مادة أ وب واحدة بالعقل لا واحدة بالوضع.

فإيّاك إيّاك أن تتوهم الهيولى، وهذا من الأخطاء الشائعة عند الطلبة، أي توهم أن للهيولى امتدادًا بالذات، فإن الهيولى أمر معقول لا أمر موهوم، فإذن هي تعقل لا تتوهم، وهي ممتدة بالعرض لا ممتدة بالذات، فإن توهمنا الهيولى من جهة ما هي ممتدة بالعرض، نكون قد تصورنا الهيولى بالعرض لا بالذات، أي لم نتصور الشيء، بل تصورنا أمرًا مقارنًا للشيء، وهذا موضع مغلِّط، فنظن أننا أعطينا أحكامًا للهيولى بالذات، والحال أننا أعطينا أحكامًا للهيولى بالعرض، أي أن موضوع الحكم ليس هو الشيء، بل حال عارضة على الشيء.
[منفعة صناعة الجدل]

ابن طُمْلُوس | المختصر في المنطق

وفيما يلي بعض الفوائد المقتبسة من هذا الكتاب.
لِـوَاءُ الـھُـدَىٰ فِـي الـلَّـيْـلِ والـدُّجَـىٰ
[منفعة صناعة الجدل] ابن طُمْلُوس | المختصر في المنطق وفيما يلي بعض الفوائد المقتبسة من هذا الكتاب.
[في أن الإمهال نافع إلا مع صنفين من الناس]

" ومنها ألا يبادر بتسلّم المقدمات، بل يأتي قبل ذلك بكلام كأنه قد أضرب به عن السؤال، ثم يأتي أخيرًا بالسؤال، فإن المجيب حينئذٍ لم يشعر، فيسلّم المقدمة، وإن أتى بالسؤال أولًا، كان المجيب حذرًا وأسرع بالمناكرة؛ لأنه يظن أن السائل إنما وكده أن يتسلّم من المجيب المقدمة المطلوبة، وهذا الإمهال نافع إلا مع صنفين من الناس:

أحدهما: الذي في طبعه بلادة ومزاجه مزاجٌ بارد، فإن هذا ينبغي أن يبادر معه إلى ما يحتاج منه؛ فإنه أولًا قليل الشعور، فإذا طال الكلام، حميت قريحته وسخن طبعه، فتنبّه أخيرًا لما لم يتنبّه له أولًا.

والصنف الثاني: الأذكياء الطبع محسنو الظن بأنفسهم، فإنهم لحسن ظنهم بأنفسهم يدافعون ما شاؤوا دفعه متى شاؤوا، يبادرون ويسلّمون ولا يكترثون، فإذا شعروا من أنفسهم أنهم في حد من يبكت، تنكّروا أخيرًا وتصعّبوا، فلذلك ينبغي أن يؤخذ منهم أولًا ما أمكن، فإنهم للسبب الذي قلنا يعطون من أنفسهم أولًا ما لا يعلمونه أخيرًا، وكثيرًا ما تردي هذه الحالة، ولذلك يقال: «الإعجاب قاتل صاحبه»، فإن كثيرًا ما يصحبه التفريط والإهمال حتى يظفر بصاحبه. "

ابن طُمْلُوس | المختصر في المنطق
لِـوَاءُ الـھُـدَىٰ فِـي الـلَّـيْـلِ والـدُّجَـىٰ
[منفعة صناعة الجدل] ابن طُمْلُوس | المختصر في المنطق وفيما يلي بعض الفوائد المقتبسة من هذا الكتاب.
[حال السائل عندما يستعمل القياس]

" فأما مقدمات القياس فينبغي أن يعتمد منها ما كان في الغاية من الشهرة، فإن هذه المقدمات هي أحرى أن يسلِّمها المجيب، وهذه المقدمات هي صنفان: الصنف الأول ما تشنع معاندته، والثاني ما تعسر معاندته.

فالذي تشنع معاندته هي المشهورات على الإطلاق، مثل أن الله قادر وأنه موجود.

والذي تعسر معاندته هي المقدمات الكلية التي جزئياتها محسوسة، فإن المحسوسات تعسر معاندتها.

وهذه إذا أراد المجيب أن يعاندها أو يجحدها فينبغي عند ذلك للسائل أن ينتهره ويوبِّخه، فإن هذه المقدمات في صناعة الجدل بمنزلة مبادئ العلوم اليقينية التي هي بالفطرة ولا برهان عليها لكونها معلومات أول. "

ابن طُمْلُوس | المختصر في المنطق
لِـوَاءُ الـھُـدَىٰ فِـي الـلَّـيْـلِ والـدُّجَـىٰ
[منفعة صناعة الجدل] ابن طُمْلُوس | المختصر في المنطق وفيما يلي بعض الفوائد المقتبسة من هذا الكتاب.
" وينبغي أن تعلم أن ما يقال في هذه الصناعة [أي الجدل] مما يستعمل في السؤال والجواب وكيف يستعمل وفي ترتيب السؤال والجواب، فإن جميع ذلك إنما هو لمن قصد بهذه الصناعة الغاية التي ذكرت لها من قبل، وهي الرياضة وتعوّد الذهن استعمال القياس والتخرّج فيه، وأما من طلب الغلبة والمجاهرة أو اللذة بالغلبة فإن ذلك لا يبالي أن يصل إلى مقصوده بأي شيء اتفق كان سائلًا أو مجيبًا. "

ابن طُمْلُوس | المختصر في المنطق
لِـوَاءُ الـھُـدَىٰ فِـي الـلَّـيْـلِ والـدُّجَـىٰ
[منفعة صناعة الجدل] ابن طُمْلُوس | المختصر في المنطق وفيما يلي بعض الفوائد المقتبسة من هذا الكتاب.
" وينبغي للمجيب إذا أراد أن يكون محمودًا، أن لا يحفظ من الأوضاع إلا ما قد اعتاد حفظه وطالت مناظرته فيه؛ فإنه بطول الاعتياد اكتسب به مقدمات، وظهر له مواضع عناد، وتيسرت له مع طول الزمان الأشياء التي يقوى بها على حفظ وضعه، ومع ذلك، فيكون إنما يتكفّل من الأوضاع لما كان مشهورًا ومحمودًا في العلم النظري والعملي، ولا يستعمل حفظ وضع يكون بسببه مذمومًا، ويكتسب مع هذا بنصرته له ملكةً رديئة في حماية الباطل ودفع الحق، ورمي بقبيح الاعتقاد وإن كان الوضع عمليًّا، اتهم بقبح السيرة، وليس يظن به أنه إنما ينصر هذه الأوضاع الرديئة للاعتياد والتخرّج في المناظرة، بل لطبعٍ رديء وهوًى غالب. "

ابن طُمْلُوس | المختصر في المنطق
لِـوَاءُ الـھُـدَىٰ فِـي الـلَّـيْـلِ والـدُّجَـىٰ
[منفعة صناعة الجدل] ابن طُمْلُوس | المختصر في المنطق وفيما يلي بعض الفوائد المقتبسة من هذا الكتاب.
[من الأمور النافعة للسائل والمجيب]

" ومنها: أن يكون الإنسان قد بحث في كل وضعٍ عن القياس الذي يبطله، وبحث أيضًا عن الشيء الذي به يبطل تلك المقدمات، حتى تكون عنده حاضرة جميع المقدمات التي تبطل الوضع، وجميع المقدمات التي تبطل تلك المقدمات، فإن تقلَّد السؤال عن ذلك الوضع، كانت عنده حاضرة جميع المقدمات التي تبطله، وإن تقلّد الجواب، كان عنده المقدمات التي يقاوم بها المقدمات التي تبطل الوضع.

ومنها: أن يطلب في الواضع الواحد بعينه المقدمات التي تبطله والمقدمات التي تثبته، ويقايس أبدًا بين تلك المقدمات أيها كاذبة وأيها صادقة وأيها أكثر شهرة، ويستكثر من هذا ما أمكنه ويتخرّج فيه، فإنه بفعله هذا يكون متقدمًا في صناعة الجدل، فإن المتقدم في هذه الصناعة إنما يوصف بالقدرة فيها والتخرّج إذا كان قويًّا على أن يبطل الوضع ويثبته، وهذا ينفع السائل والمجيب، أما السائل فلأنه عرف المقدمات التي يتسلَّمها لإبطال الوضع، وأما المجيب فلأنه عرف المقدمات التي تثبت الوضع.

... ومنها: أن يحفظ حدود الأشياء التي هي مبادئ الصنائع، وينبغي أن تكون الحدود التي يحفظها الحدود المشهورة، فإن السائل والمجيب كل واحد منهما لمّا كان ينتفع بسؤاله عن حد الشيء، تدعو الحاجة إلى كل واحد منهما أن يكون حد الشيء المسؤول عنه محفوظًا عنده، فإن السائل ينتفع من المجيب بأن يسأل عن حد الوضع، فإنه ربما اعتاص عليه إبطال الوضع، وسهل عليه إبطال الحد، وكذلك المجيب إذا أراد أن يعاند مقدمة من مقدمات القياس وصعب عليه عنادها، سأل عن حد ما وُضِع في المقدمة، فإذا أجاب به السائل، أمكن للمجيب أن يعاند أكثر؛ لكثرة أجزاء الحد وشروطه، والعناد في أشياء كثيرة يتأتى أكثر منه في أشياء قليلة.
وبالجملة، فينبغي أن تكون عنده المبادئ والأًصول لجميع الصنائع التي ينظر فيها، وهي الحدود والمقدمات والمطالب، فإنه بحفظ هذه الأشياء يكون يقدر أن يبيِّن ما يحتاج إلى بيانه. "

ابن طُمْلُوس | المختصر في المنطق (بتصرف يسير)
لِـوَاءُ الـھُـدَىٰ فِـي الـلَّـيْـلِ والـدُّجَـىٰ
[منفعة صناعة الجدل] ابن طُمْلُوس | المختصر في المنطق وفيما يلي بعض الفوائد المقتبسة من هذا الكتاب.
[أنحاء الواحد المذكورة في صناعة الجدل]

" وذلك [المطلب الجدلي: هل هذا واحد أم هذا غير هذا] يتبيَّن إذا قلنا على كم نحو يقال الواحد بحسب ما يليق القول به في هذا الموضع، ولنوردها هكذا: الواحد إما أن يكون واحدًا بالعدد أو بالجنس أو بالنوع أو بالعرض أو بالتناسب.

فالواحد بالعدد: هما [1] الاسمان يدلان على معنى واحد، [2ٍ] والقولان [3] أو القول والاسم، والقول إما حد وإما رسم وإما قول ليس بحد ولا رسم.
فمثال الاسمين يدلان على معنى واحد: الإزار والرداء، والخمر والعقار.
ومثال القولين: الحي الناطق والحي المشَّاء ذو الرجلين أو الحيوان القابل للعلم.
ومثال الاسم والقول: الإنسان والحي الناطق، فكل واحد من هذه مع ما يدل معه على ذلك الشيء يقال في كل واحد منهما واحدٌ بالعدد.

وأما الواحد بالجنس: فهو الذي جنسهما واحد، مثل الفرس والإنسان، فإنهما واحد بالجنس؛ إذ كان جنسهما جميعًا الحيوان.

وأما الواحد بالنوع: فإني أنا وأنت واحد بالنوع؛ إذ كان نوعنا جميعًا الإنسان.

وأما الواحد بالعرض: فهي الأشياء التي تشترك في عرضٍ واحد، مثل أن فقنس والقطن واحدٌ في أن كل واحد منهما أبيض.

وأما الواحد بالتناسب: فإن الذي يتقلَّد شرع المسلمين والذي يتقلَّد شرع النصارى واحدٌ بالنسبة؛ فإن نسبة الفقيه إلى المسلمين كنسبة الذي يتقلَّد دين النصارى إلى النصارى، وكذلك السكون الموجود في الهواء والركود الموجود في البحر واحدٌ في النسبة.

فهذا هو عدد الأشياء التي يقال عليها الواحد، والغير في مقابلتها وعلى عدتها، فإن الواحد في الجنس يقابله الغير في الجنس، وكذلك كل واحد من الباقية. "

ابن طُمْلُوس | المختصر في المنطق
لِـوَاءُ الـھُـدَىٰ فِـي الـلَّـيْـلِ والـدُّجَـىٰ
[منفعة صناعة الجدل] ابن طُمْلُوس | المختصر في المنطق وفيما يلي بعض الفوائد المقتبسة من هذا الكتاب.
[الاستدلالات المستعملة في الصناعات]

" فالصنائع البرهانية إنما تستعمل القياس فقط، وإذا استعملت الاستقراء والمثال، فإن ذلك على جهة الاستظهار أو الإرشاد والتنبيه إلى جودة تصور الأمر.

وصناعة الجدل تستعمل القياس والاستقراء معًا، إلا أن القياس فيها هو أكثر إقناعًا عند العلماء من الاستقراء.

والخطابة تستعمل الضمير [القياس المضمر] والمثال، والضمير فيها أوثق من المثال.

والاستقراء في الجدل أظهر إقناعًا عند العوام؛ لاستناده إلى المحسوسات، لكن القياس أثبت حجة كما قلنا، والمثال في الخطابة نظير الاستقراء في الجدل، والضمير نظير القياس.

واستعمال القياس مع المرتاضين أولى؛ لأنه أعسر عنادًا، ومن لم يرتض فاستعمال الاستقراء معه أنجح. "

ابن طُمْلُوس | المختصر في المنطق
لِـوَاءُ الـھُـدَىٰ فِـي الـلَّـيْـلِ والـدُّجَـىٰ
[منفعة صناعة الجدل] ابن طُمْلُوس | المختصر في المنطق وفيما يلي بعض الفوائد المقتبسة من هذا الكتاب.
[مما ينتفع به في المناظرة أخذ المقدمات الأعم]

" ومما ينتفع به في المناظرة أن يعمد إلى أخذ المقدمات الكلية ويقصد منها إلى ما هو أعم كلية، فإنه بهذا الوجه يمكن أن يكون معه مقدمات كلية كثيرة مشهورة، فإنه إذا كان عنده مشهورًا أن الاعتدال على الإطلاق محمود، أمكن أن يكون عنده أن اعتدال الحار والبارد محمود واعتدال الرطب واليابس كذلك، فإنه من يعترف بالحكم على كليٍّ ما فإنه يعترف بالحكم على جزئيات ذلك الكلي ضرورة، وليس يمكنه أن ينازع في الحكم في الجزئي إذا سلَّمه في الكلي، فبهذه الطريق تكون لنا القدرة على إحضار المقدمات. "

ابن طُمْلُوس | المختصر في المنطق
لِـوَاءُ الـھُـدَىٰ فِـي الـلَّـيْـلِ والـدُّجَـىٰ
[منفعة صناعة الجدل] ابن طُمْلُوس | المختصر في المنطق وفيما يلي بعض الفوائد المقتبسة من هذا الكتاب.
[القوة التي تكون على أخذ فصول الأشياء]

" وأما الآلة الثالثة من القوى الأربع [إحضار المقدمات والاقتدار على تمييز الاسم المشترك واستخراج الفصول واستخراج التشابه] وهي القوة التي تكون على أخذ فصول الأشياء فإن تلك القوة تحصل بالتدرب والتخرّج في أخذ فصول الأشياء الشديدة الشبه، فإنّا إذا اعتدنا ذلك، سهل علينا أخذ فصول ما سواها.

والأشياء التي تتشابه ونقصد إلى أخذ فصولها ثلاثة:

أحدها: التي تتشابه بجنسها القريب، مثل الشجاعة والعدالة؛ فإنهما تحت الفضيلة، وهي الجنس القريب، والفصل بينهما أن الشجاعة تكون فضيلة في الأشياء المفزعة، والعدالة تكون فضيلة في المعاملات.

وأما النوع الثاني: فأن تتشابه بجنس متوسط فوق القريب، مثل الفهم والعفة؛ فإن الجنس الذي ترتقي إليه هو الفضيلة، لكن الفهم هو فضيلة في الجزء الفكري من النفس، والعفة في الجزء الشهواني.

وأما النوع الثالث: فهي فصول الأشياء التي تحت أجناس عالية مختلفة، مثل الفصل الذي يكون بين الحس والعلم، والحس من المضاف، والعلم من الكيفية، والتشابه بينهما كثير؛ وذلك أن نسبة الحس إلى المحسوس هي نسبة العلم إلى المعلوم. "

ابن طُمْلُوس | المختصر في المنطق
#إفـادة_مـصـريـة

تحقيق الدكتور في مسألة: هل تكثُّر البراهين يمكن أن يكون في أكثر من علمٍ واحد أم لا؟

بادئ ذي بدء، ما هو ملاك كون مسألة معيَّنة من علمٍ معيَّن؟ مثلًا كون المسألة «أ ب» من علم الطب أو من علم الكيمياء إلخ.

الجواب: أن يكون محمول المسألة عرضًا ذاتيًّا لنفس موضوع العلم.

فإذا كان «أ» موضوع العلم، وقلنا: «أ ب»، وكان «ب» من العوارض الذاتية لـ«أ»، فالمسألة «أ ب» تكون من هذا العلم.

وإذا كان «أ» موضوع العلم، وقلنا: «أ هـ»، وكان «هـ» ليس من العوارض الذاتية لـ«هـ»، فالمسألة «أ هـ» لا تكون من هذا العلم.

إذا تقرَّر هذا، فقول الشيخ: «حدَّين أوسطَين»، أي برهانين، ولا بد في البرهان أن يكون المحمول عرضًا ذاتيًّا لموضوع العلم، فإذا كان «أ» موضوع العلم، وفرضنا مسألة واحدة: «أ د»، وكان «أ ب»، وكان «أ ج»، وكان كل من «ب» و«ج» عرضًا ذاتيًّا لـ «أ»، يمكن بناء على المشهور أن يكون في علمٍ برهان: «أ ب، ب د، أ د»، وأن يكون في علمٍ آخر برهان: «أ ج، ج د، أ د»، ولكن بناء على ما تقرَّر كيف يمكن أن تكون مسألة «أ د» تبرهن في علمَين مختلفَين؟

بمعنى لمّا كان «ب» عرضًا ذاتيًّا لـ«أ»، كان «ب» حدًّا أوسط داخلًا في العلم الذي موضوعه «أ»؛ لأن العوارض الذاتية لـ«أ» تكون في العلم الذي موضوعه «أ».

بمعنى لمّا كان «ج» عرضًا ذاتيًّا لـ«أ»، كان «ج» حدًّا أوسط داخلًا في العلم الذي موضوعه «أ»؛ لأن العوارض الذاتية لـ«أ» تكون في العلم الذي موضوعه «أ».

فإذن يلزم أن يكون «أ ب» مقدمة في العلم الذي موضوعه «أ»، وأن يكون «أ ج» مقدمة في العلم الذي موضوعه «أ».

فإذا كان «أ ب» مقدمة في العلم الذي موضوعه «أ»، وكان «أ ج» مقدمة في العلم الذي موضوعه «أ»، فكيف يكون «أ ب» و«أ ج» في علمَين مختلفَين؟

وانتبه إلى أن البحث ليس حول: هل تكثر البراهين يؤدي إلى تكثر المسائل أم لا؟ (بالاتفاق لا يؤدي)، بل البحث حول: هل تكثر البراهين يمكن أن يكون في علمَين مختلفَين أم لا؟ حسب المشهور نعم يمكن، وعند الدكتور لا يمكن، وإنما يمكن أن يكون برهانان على مسألة واحدة في علمٍ واحد.

والمثال المشهور: مسألة كرّية الأرض، فهي مسألة تثبت ببرهان في علم الهيئة من علم الهندسة، وتثبت ببرهان آخر في علم السماء والعالم من علم الطبيعي، فهذه مسألة واحدة تثبت ببرهانَين (حدَّين أوسطَين) في علمَين مختلفين، لا يخلو من نظر وتوجيه.

أما النظر: فمن قبل تطبيق ما تقرَّر، حيث يظهر مما تقرَّر أن ملاك الاثنينية العلمية (أي مسألة واحدة في علمين) هو كون أحد المحمولين عرضًا ذاتيًّا لا لنفس موضوع العلم؛ إذ لو كان أحد المحمولين عرضًا ذاتيًّا لنفس موضوع العلم، فكيف صار في علمٍ آخر، فلا بد أن يكون أحد المحمولين عرضًا ذاتيًّا لا لنفس موضوع العلم، والمحمول الآخر عرضًا ذاتيًّا لنفس موضوع العلم، والحال في المثال المشهور أن المحمول ليس عرضًا ذاتيًّا لا لنفس موضوع العلم، بل المحمول –بحسب الظاهر– هو عرض ذاتي لنفس موضوع العلم (الأوسط عرض ذاتي للأرض)، فكيف صارت المسألة في علمَين؟ أي أن المفروض هو أن الحد الأوسط للمسألة هو عرض ذاتي لنفس موضوع العلم، فلماذا صارت المسألة في علمَين؟

وأما التوجيه: فبالحيثية التقييدية المكثِّرة للموضوع، يعني أن المثال المشهور هو من باب التسامح، فمع أن كرية الأرض تثبت في علمَين، لكن البرهان الإني في علم الهيئة من الهندسة هو على الأرض من حيث هي متكمِّمة، والبرهان اللمي في علم السماء والعالم من الطبيعي هو على الأرض من حيث هي عنصر بسيط، فلما أن الموضوع أخذ بالحيثية التقييدية فهو مختلف، ولكن من باب التسامح يقال: ثبتت كرية الأرض في العلمين.

مثال آخر أوضح: مسألة «الله موجود» تثبت في الطبيعيات وفي الإلهيات، ولكن ثبتت في الطبيعيات من حيث أن الله مبدأ أول بعيد لحركة الجسم، وثبتت في الإلهيات من حيث أن الله واجب الوجود، فاختلف الموضوعان، بمعنى أن عنوان الموضوع الذي ثبت في الطبيعي هو المحرِّك الأول، أي هناك محرِّك أول، وعنوان الموضوع الذي ثبت في الإلهي هو واجب الوجود، أي هناك واجب الوجود، بل كيف تكون مسألة «الله موجود» مسألة طبيعية، والحال أن موضوع علم الطبيعي هو الجسم من حيث الحركة والسكون، فمن الواضح أن الأمر ليس كما هو المشهور، بل المسألة مسألتان لا واحدة؛ إذ الحيثية التقييدية تكثِّر الموضوع، وبالموضوعات تختلف العلوم.
Media is too big
VIEW IN TELEGRAM
[العقل المقبول والعقل المرفوض عند رجال الدين وإشارات مرموزة]
لِـوَاءُ الـھُـدَىٰ فِـي الـلَّـيْـلِ والـدُّجَـىٰ
[منفعة صناعة الجدل] ابن طُمْلُوس | المختصر في المنطق وفيما يلي بعض الفوائد المقتبسة من هذا الكتاب.
[أنواع السؤال]

" والسؤال: منه ما هو علمي، ومنه ما هو جدلي، ومنه سوفسطائي.

فالسؤال العلمي: هو الذي يستدعي به السائل تعليم الشيء.

والسؤال الجدلي أو السوفسطائي: هو الذي يستدعي به تسليم الشيء، وليس يختلف الذي يستدعى به تسليم الشيء إلا باختلاف القضايا المسؤول عنها، فإن القضية إن كانت جدلية، كان السؤال جدليًّا، وإن كانت سوفسطائية، كان السؤال سوفسطائيًّا.

[أصناف السؤال الجدلي]


والسؤال الجدلي إما سؤال تخيير وإما سؤال تقرير.

فسؤال التخيير: هو الذي يطلب به من المجيب أن يسلّم أي النقيضين شاء، ويفوّض الأمر إليه في ذلك أن يختار أيهما أحب.

وسؤال التقرير: هو الذي يطلب به من المجيب أن يسلّم أحد جزأي النقيض على التحصيل دون مقابله، ويعمل فيه على أن الجزء الذي سئل منه تسليمه هو الذي شأن المجيب أن يسلّمه دون نقيضه.

وللمجيب عند كل واحد من سؤال التخيير والتقرير أن يسلِّم أي جزأي النقيض أحب أن يسلّمه.

[أصناف السؤال العلمي]

والسؤال العلمي أصناف: فمنه ما يطلب به التصور، ومنه ما يطلب به التصديق.

والذي يطلب به التصور:

[1] فمنه ما يطلب به تصور ماهية الشيء على التمام.

[2] ومنه ما يطلب به تصور جزء ماهية [2|1] إما تصور جزء ماهية مشترك [2|2] وإما جزء ماهية خاص.

[3] وإما أن يطلب به تصور حالةٍ ما [3|1] إما خاصة [3|2] وإما مشتركة.

والذي يطلب به التصديق:

[1] فإما أن يطلب به وجود الشيء على الإطلاق، وهو المطلوب المفرد، مثل قولنا: «هل القمر موجود؟» و«هل الحركة موجودة؟».

[2] ومنه ما يطلب به وجود شيء في شيء، وهو المطلوب المركب، مثل قولنا: «هل الكسوف موجود للقمر؟» و«هل الحركة موجودة للأرض؟».

والسؤال الذي يستدعى به تعليم وجود الشيء هو السؤال الذي به يستدعى برهان الشيء؛ لأن علم وجود الشيء لا يمكن دون علم برهانه. "

ابن طُمْلُوس | المختصر في المنطق
لِـوَاءُ الـھُـدَىٰ فِـي الـلَّـيْـلِ والـدُّجَـىٰ
[منفعة صناعة الجدل] ابن طُمْلُوس | المختصر في المنطق وفيما يلي بعض الفوائد المقتبسة من هذا الكتاب.
[سبيل المتعلم وسبيل المجادل في السؤال]

" وسبيل المتعلم أن يجمع في سؤال بين جزأي التضاد دون جزأي المناقضة، فيستدعي من المعلم البرهان على الجزء الذي هو الصادق منهما، كقولنا: «هل كل جسم متناهٍ أو ولا جسم واحد متناهٍ؟» [موجبة كلية وسالبة كلية].

والمجادل فسبيله في سؤاله أن يجمع بين جزأي التناقض دون جزأي التضاد، ويستدعي السؤال من المجيب أي جزأي التناقض أحب أن يسلّمه المجيب.

وأما لمَ كان السؤال للمتعلم بجزأي التضاد وللمجادل بجزأي المناقضة ففيه كلام يستدعي بسطًا في القول، ولن يخفى على من تصور البرهان وموضوع البرهان وصناعة الجدل وموضوع الجدل. "

ابن طُمْلُوس | المختصر في المنطق
لِـوَاءُ الـھُـدَىٰ فِـي الـلَّـيْـلِ والـدُّجَـىٰ
[منفعة صناعة الجدل] ابن طُمْلُوس | المختصر في المنطق وفيما يلي بعض الفوائد المقتبسة من هذا الكتاب.
[سؤال الفاحص والمباحِث في قبال العلمي والجدلي]

" وهاهنا سؤال آخر، وهو الذي يكون على طريقة الفحص والمباحثة، وذلك أن هذا السؤال يباين السؤالَين المتقدمَين [العلمي والجدلي] بفصل، وهو أن السؤال العلمي إنما يكون من المتعلِّم وهو قد علم أن عند المعلِّم البرهان على الجزء الذي يسأل عنه، والسؤال الجدلي إنما يكون من السائل بعد أن كان عنده القياس الذي به يبطل الوضع الذي يسلِّمه المجيب، وأما السؤال الذي على طريقة الفحص فإنه يكون من الفاحص أو السائل وليس عنده قياس يثبت به الشيء الذي يسأل عنه؛ لأنه لو كان عنده قياس، لم يكن فاحصًا، ولا عنده علم بأن عند المسؤول برهان الشيء الذي سأل عنه؛ لأنه لو كان كذلك، لكان أيضًا متعلِّمًا ولم يكن فاحصًا، فبهذا الذي قلنا يباين السؤال الذي على طريقة الفحص السؤالَين المتقدمَين، فلذلك ينبغي أن يكون هذا السؤال نوعًا آخر. "

ابن طُمْلُوس | المختصر في المنطق
2024/06/01 11:35:12
Back to Top
HTML Embed Code: