Telegram Web Link
📌 فوائد وتوجيهات من مجلس شيخنا فركوس -حفظه الله- (الخميس ٠٨ المحرّم ١٤٤٧ هـ)

السؤال:

مما شاع وذاع في العشر ذي الحجة؛ ما تعرضت إليه أخت، واتُّهِمت به -وهي مغتربة مع أولادها- بالسحر والشعوذة، وتعرّضت حتى لنزع حجابها .. واشتهر هذا في أوساط المجتمع ..
رفعت دعوى، وحكمت المحكمة على ستّة أشخاص، وأقصى عقوبة كانت السجن لعامين وغرامة مالية.
فما هو الحدّ الشرعي لمثل هذه التصرفات شرعا؟!
والأخت هذه ليس لها نصير هنا، وفضّلت الهجرة من بلاد الكفر إلى هنا .. وزوجها بعيد عنها ..
في مسألة الثأر والانتقام؛ هناك إخوة كانوا يودون الأخذ بثأرها لرد اعتبارها ..

الجواب:

"أقول ابتداء: الأصل أن المرأة قرارها في بيتها، ومكوثها فيه، لقوله تعالى: {وقرن في بيوتكن}.

كذلك؛ المسلم لا ينبغي أن يقف في مواضع للتّهمة؛ لأنه قد تلتصق به هذه التُّهمة على وجه الباطل، وكلما كان في المواضع هذه كلما زاد شكّ الناس، وظنّوا فيه الظنون السيّئة.
لهذا ينبغي على الرجل المسلم -بله المرأة المسلمة- ألا تقف، ولا تتواجد في أماكن فيها التّهمة؛ لتصرفها عن نفسها.

إنسان تجده داخل مؤسسة ربويّة، أو معاهد موسيقية، أو غير ذلك .. والناس تراه هناك، ماذا يفعل هذا الرجل في هذا المكان؟!
إذًا أولا يبدأ التساؤل.
أو يجدون أخا بقميص مع مشجعين وأنصار في الملاعب، ماذا يفعل هناك؟! والأصل في هذا أنه في المساجد، وأماكن العلم، وغيرها .. ماذا يفعل هناك؟! ..
كان في الملعب، أول تهمة يتّهمونه أنه يتشكّل فقط بلباسه، وليس من رواده، وليس من صفات السلفيين أن يكونوا مع الذين يرفعون أصواتهم بالأهازيج، شكلهم كقوله تعالى: {إن أنكر الأصوات لصوت الحمير}، ولا يكون في أماكن يظلِمون فيها، ويعتدون على الأشخاص ..

لا يقف الإنسان في مواضع ومحالّ فيها الشبهة، فالشُّبهة يتّقيها، ولا يقف في أماكن تتحرك فيها الأهازيج بالموسيقى، ويرقصون .. وأنت تنظر، فلا يتناسب هذا، والأصل النّكير على هذا، وإن لم يقدر ينصرف.

لذا قلنا: يخاف من الله تعالى العقاب، ويخشى أن ينزل عليهم، يحاول الإنكار، وإن لم يقدر لا يتواجد في هذا المكان.

هذا كما للذكور فهو للإناث، لا ينبغي أن تتواجد المرأة في أماكن يتّهمونها فيها، وكذلك الرجل.

نعم المرأة هذه ربّما ليس لها كفيل، ولا من يعطيها مالا ..
إذًا هذه كمقدمة، لو كانت التزمت بيتها، ولم تقف في أماكن الشبهة؛ لم يكن هذا، ولم تكن الناس لترشقها بكلام سوء وهي تلبس جلبابا، ونقابا.

الإنسان لا ينبغي أن يكون في أماكن الفساد؛ لألّا يُلطَّخ به؛ أو يميل إليه.

الآن حدث هذا الحدث، واتُّهِمت بالباطل هذه المرأة، وأُهينَت بكلمات جارحة، ولعلّها بالضرب، والسبّ، ونحو ذلك .. كلّها إهانات، نقول:
الأصل أنها لابد لها أن تصبر على الأذى، وتُنكر التهمة، وتتبرّأ منها، خاصة إذا كان تواجدها في ذاك المكان مجبرة عليه، أولادها ليس لهم من يحضرهم .. واتُّهِمت؛ تفعل ما فعلت عائشة -رضي الله عنها- في حادثة الإفك لما مشت القافلة وبقيت في نفس المكان؛ لعلّهم يتفقدونها ولا يجدونها، فيعودوا للمكان الذي كانوا فيه، فلمّا يضيع الإنسان شيئا يعود إلى المكان الذي كان فيه .. وهي بقيّت، فجاء من جاء؛ ووجدها، والناس اتّهموه، وهو إنما حملها على دابّته، ومشى بها إلى القافلة، وفي الأمر ضرورة.
فما نزل بها من إفك، وكذب، وافتراء في عرضها؛ ما كان لها إلا أن تصبر، وترجع إلى الله، والله تعالى برّأها في الآية في سورة النور، وبيّن فعل الناس هؤلاء، وشنّع عليهم.

لا يجوز أن يُتكلَّم في العرض بالظنون؛ لقوله تعالى:{يا أيّها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن إن بعض الظن إثم}، وقوله -صلى الله عليه وسلم-: (إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث).
فالإنسان ربّما يخالج في نفسه شيء؛ لكن لا يستطيع الجزم إلا إذا حصل حقيقة، وإن تكلّم بالظن فآث،م وهو كاذب، والكذب محرّم شرعا، وفيه مراتب متفاوتة من حيث العقاب، والآثام.

كان حرّيا بها أن تصبر، وإذا رافعت فليس هي من ترافع؛ لأنها إن كانت بجلبابها، وهاجرت كما تقول .. فلا تركن إلى الأحكام الوضعيّة في استرجاع مكانتها، وحقّها؛ تشارك في هذه المحاكم؛ والأصل أن تصبر لله، وانتهى .. ولمّا يعرفوا أنها لا علاقة لها بالسحر والشعوذة .. يعودون، ويعترفون أنهم على خطأ، والواجب أن يتوبوا، ويستسمحوا ..

القاعدة: الضرر يُزال بلا ضرر.
بمعنى: إذا حصل ضرر؛ أو مفسدة؛ لا يُزال بضرر؛ أو بمفسدة أكبر، والمحاكم هذه تقضي بقوانين نابليون؛ بالسجن، وغيره ..

والحكم الشرعي في هذا؛ بحسب ما يراه القاضي مناسبا لمثل هذه الأضرار التي وقعت على المرأة الّتي اتُّهِمت بالسحر، وكادت تفقد روحها -ربّما- لولا تدارك الله لها لضربوها حتى القتل ظنّا ..
يرى القاضي الحكم المناسب بحسب الضارب، والشاتم .. وكلّهم في الوزر سواء، يعالجهم بهذا.
وإذا اتُّهِمت بالزنا؛ يُجلَدون في الأصل إذا كان قذفا، وإذا كانت التُّهمة أشدّ؛ يسلّط عليهم عقابا أشد.
أما السجن عموما؛ فيدور مع الأحكام الوضعية؛ لأنه ليس فيه عقاب إلا الحبس أياما، أو شهورا، أو أعواما .. وهذه تنعكس حّتى ربّما على أسرهم وذويهم، ويصبح هو المعال لا المعيل.

الحاصل: لا ينبغي لها أن تفعل هذا ..
ومن جهة أخرى؛ إذا كانت هي التي تُرافع، واتخذت محاميا .. الأصل أن تبقى في بيتها؛ إلا لضرورة، أما السير في الأسواق، وغيرها .. فإن ما يقع عليها بسبب تحركاتها في أماكن يُخشى أن تُتّهم فيها، الرجل لا نجيز له هذا، ما بالك المرأة، لا نجيز لهم موضع الشبهة ..

تجد رجلا مع زناة، أو أصحاب مخدّرات .. ماذا تفعل هنا؟!
محلّك المسجد، وحلقات الذكر .. لا أماكن المخدرات، والملاعب .. ماذا تفعل هنا؟!
هذه منكرات، تكون هناك إما لتُنكر؛ نعم، أما أن تجلس فلا، كما يفعل جماعة التبليغ، يدخلون حانة؛ يجلسون، ويدعونهم .. والنبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يجلس في طاولة يدار عليها الخمر) الحديث، ما بالك في حانة، طاولات، وتقول دعوتهم .."
قال النووي رحمه الله: ذَكَرَ الْعُلَمَاءُ مِنْ أَصْحَابِنَا وَغَيْرِهِمْ فِي حِكْمَةِ اسْتِحْبَابِ صَوْمِ تَاسُوعَاءَ أَوْجُهًا:

( أَحَدُهَا) أَنَّ الْمُرَادَ مِنْهُ مُخَالَفَةُ الْيَهُودِ فِي اقْتِصَارِهِمْ عَلَى الْعَاشِرِ , وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ..

( الثَّانِي) أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ وَصْلُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ بِصَوْمٍ، كَمَا نَهَى أَنْ يُصَامَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ وَحْدَهُ..

( الثَّالِثَ) الاحْتِيَاطُ فِي صَوْمِ الْعَاشِرِ خَشْيَةَ نَقْصِ الْهِلالِ، وَوُقُوعِ غَلَطٍ فَيَكُونُ التَّاسِعُ فِي الْعَدَدِ هُوَ الْعَاشِرُ فِي نَفْسِ الأَمْرِ. انتهى

وأقوى هذه الأوجه هو مخالفة أهل الكتاب، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: نَهَى صلى الله عليه وسلم عَنْ التَّشَبُّهِ بِأَهْلِ الْكِتَابِ فِي أَحَادِيثَ كَثِيرَةٍ مِثْلُ قَوْلِهِ.. فِي عَاشُورَاءَ: لَئِنْ عِشْتُ إلَى قَابِلٍ لأَصُومَنَّ التَّاسِعَ. الفتاوى الكبرى ج6

وقال ابن حجر رحمه الله في تعليقه على حديث: لئن بقيت إلى قابل لأصومن التاسع:

"ما همّ به من صوم التاسع يُحتمل معناه أن لا يقتصر عليه بل يُضيفه إلى اليوم العاشر إما احتياطاً له وإما مخالفةً لليهود والنصارى وهو الأرجح وبه يُشعر بعض روايات مسلم." انتهى من فتح الباري 4/245.
روى ابن أبي شيبة في "المصنف" (2/313) عن طاوس رحمه الله أنه كان يصوم قبله وبعده يوما مخافة أن يفوته.

وقال الإمام أحمد: "من أراد أن يصوم عاشوراء صام التاسع والعاشر إلا أن تشكل الشهور فيصوم ثلاثة أيام، ابن سيرين يقول ذلك" انتهى من "المغني" (4/441).

و قال المرداوي في "الإنصاف" (3/346):

"لا يكره إفراد العاشر بالصيام على الصحيح من المذهب، ووافق الشيخ تقي الدين [ابن تيمية] أنه لا يكره" انتهى باختصار.
قال الطحاوي رحمه الله: وَقَدْ {أَذِنَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي صَوْمِ عَاشُورَاءَ وَحَضَّ عَلَيْهِ}، وَلَمْ يَقُلْ إنْ كَانَ يَوْمَ السَّبْتِ فَلا تَصُومُوهُ. فَفِي ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى دُخُولِ كُلِّ الْأَيَّامِ فِيهِ.

وَقَدْ يَجُوزُ عِنْدَنَا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، إنْ كَانَ ثَابِتًا (أي النهي عن صيام السبت)، أَنْ يَكُونَ إنَّمَا نُهِيَ عَنْ صَوْمِهِ، لِئَلّا يَعْظُمَ بِذَلِكَ، فَيُمْسَكَ عَنْ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ وَالْجِمَاعِ فِيهِ، كَمَا يَفْعَلُ الْيَهُودُ. فَأَمَّا مَنْ صَامَهُ لا لإِرَادَةِ تَعْظِيمِهِ، وََلا لِمَا تُرِيدُ الْيَهُودُ بِتَرْكِهَا السَّعْيَ فِيهِ، فَإِنَّ ذَلِكَ غَيْرُ مَكْرُوهٍ..مشكل الآثار ج2 باب صوم يوم السبت
قَالَ أَحْمَدُ: فَإِنْ اشْتَبَهَ عَلَيْهِ أَوَّلُ الشَّهْرِ صَامَ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ. وَإِنَّمَا يَفْعَلُ ذَلِكَ لِيَتَيَقَّنَ صَوْمَ التَّاسِعِ وَالْعَاشِرِ.المغني لابن قدامة ج3 - الصيام - صيام عاشوراء
سُئِلَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ ابن تيمية رحمه الله عَمَّا يَفْعَلُهُ النَّاسُ فِي يَوْمِ عَاشُورَاءَ مِنْ الْكُحْلِ، وَالِاغْتِسَالِ، وَالْحِنَّاءِ وَالْمُصَافَحَةِ، وَطَبْخِ الْحُبُوبِ وَإِظْهَارِ السُّرُورِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ.. فَهَلْ وَرَدَ فِي ذَلِكَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم حَدِيثٌ صَحِيحٌ؟ أَمْ لَا؟ وَإِذَا لَمْ يَرِدْ حَدِيثٌ صَحِيحٌ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ فَهَلْ يَكُونُ فِعْلُ ذَلِكَ بِدْعَةً أَمْ لَا؟ وَمَا تَفْعَلُهُ الطَّائِفَةُ الْأُخْرَى مِنْ الْمَأْتَمِ وَالْحُزْنِ وَالْعَطَشِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ النَّدْبِ وَالنِّيَاحَةِ، وَقِرَاءَةِ الْمَصْرُوعِ، وَشَقِّ الْجُيُوبِ. هَلْ لِذَلِكَ أَصْلٌ ؟ أَمْ لَا ؟
الْجَوَابُ:
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ
لَمْ يَرِدْ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ حَدِيثٌ صَحِيحٌ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَلا عَنْ أَصْحَابِهِ، وَلا اسْتَحَبَّ ذَلِكَ أَحَدٌ مِنْ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ لا الأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ، وَلا غَيْرِهِمْ. وَلا رَوَى أَهْلُ الْكُتُبِ الْمُعْتَمَدَةِ فِي ذَلِكَ شَيْئًا، لَا عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَلا الصَّحَابَةِ، وَلا التَّابِعِينَ، لا صَحِيحًا وَلا ضَعِيفًا، لا فِي كُتُبِ الصَّحِيحِ، وَلا فِي السُّنَنِ، وَلا الْمَسَانِيدِ، وَلا يُعْرَفُ شَيْءٌ مِنْ هَذِهِ الأَحَادِيثِ عَلَى عَهْدِ الْقُرُونِ الْفَاضِلَةِ. وَلَكِنْ رَوَى بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ فِي ذَلِكَ أَحَادِيثَ مِثْلَ مَا رَوَوْا أَنَّ مَنْ اكْتَحَلَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ لَمْ يَرْمَدْ مِنْ ذَلِكَ الْعَامِ، وَمَنْ اغْتَسَلَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ لَمْ يَمْرَضْ ذَلِكَ الْعَامِ، وَأَمْثَالِ ذَلِكَ.. وَرَوَوْا فِي حَدِيثٍ مَوْضُوعٍ مَكْذُوبٍ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: { أَنَّهُ مَنْ وَسَّعَ عَلَى أَهْلِهِ يَوْمَ عَاشُورَاءَ وَسَّعَ اللَّهُ عَلَيْهِ سَائِرَ السَّنَةِ }. وَرِوَايَةُ هَذَا كُلِّهِ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم كَذِبٌ.

ثم ذكر رحمه الله ملخصا لما مرّ بأول هذه الأمة من الفتن والأحداث ومقتل الحسين رضي الله عنه وماذا فعلت الطوائف بسبب ذلك فقال:

فَصَارَتْ طَائِفَةٌ جَاهِلَةٌ ظَالِمَةٌ: إمَّا مُلْحِدَةٌ مُنَافِقَةٌ، وَإِمَّا ضَالَّةٌ غَاوِيَةٌ، تُظْهِرُ مُوَالَاتَهُ، وَمُوَالاةَ أَهْلِ بَيْتِهِ تَتَّخِذُ يَوْمَ عَاشُورَاءَ يَوْمَ مَأْتَمٍ وَحُزْنٍ وَنِيَاحَةٍ، وَتُظْهِرُ فِيهِ شِعَارَ الْجَاهِلِيَّةِ مِنْ لَطْمِ الْخُدُودِ، وَشَقِّ الْجُيُوبِ، وَالتَّعَزِّي بِعَزَاءِ الْجَاهِلِيَّةِ.. فَكَانَ مَا زَيَّنَهُ الشَّيْطَانُ لِأَهْلِ الضَّلَالِ وَالْغَيِّ مِنْ اتِّخَاذِ يَوْمِ عَاشُورَاءَ مَأْتَمًا، وَمَا يَصْنَعُونَ فِيهِ مِنْ النَّدْبِ وَالنِّيَاحَةِ، وَإِنْشَادِ قَصَائِدِ الْحُزْنِ، وَرِوَايَةِ الْأَخْبَارِ الَّتِي فِيهَا كَذِبٌ كَثِيرٌ وَالصِّدْقُ فِيهَا لَيْسَ فِيهِ إلا تَجْدِيدُ الْحُزْنِ، وَالتَّعَصُّبُ، وَإِثَارَةُ الشَّحْنَاءِ وَالْحَرْبِ، وَإِلْقَاءُ الْفِتَنِ بَيْنَ أَهْلِ الإِسْلامِ، وَالتَّوَسُّلُ بِذَلِكَ إلَى سَبِّ السَّابِقِينَ الأَوَّلِينَ.. وَشَرُّ هَؤُلَاءِ وَضَرَرُهُمْ عَلَى أَهْلِ الإِسْلامِ، لا يُحْصِيهِ الرَّجُلُ الْفَصِيحُ فِي الْكَلامِ. فَعَارَضَ هَؤُلَاءِ قَوْمٌ إمَّا مِنْ النَّوَاصِبِ الْمُتَعَصِّبِينَ عَلَى الْحُسَيْنِ وَأَهْلِ بَيْتِهِ، وَإِمَّا مِنْ الْجُهَّالِ الَّذِينَ قَابَلُوا الْفَاسِدَ بِالْفَاسِدِ، وَالْكَذِبَ بِالْكَذِبِ، وَالشَّرَّ بِالشَّرِّ، وَالْبِدْعَةَ بِالْبِدْعَةِ، فَوَضَعُوا الْآثَارَ فِي شَعَائِرِ الْفَرَحِ وَالسُّرُورِ يَوْمَ عَاشُورَاءَ كَالِاكْتِحَالِ وَالِاخْتِضَابِ، وَتَوْسِيعِ النَّفَقَاتِ عَلَى الْعِيَالِ، وَطَبْخِ الْأَطْعِمَةِ الْخَارِجَةِ عَنْ الْعَادَةِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا يُفْعَلُ فِي الْأَعْيَادِ وَالْمَوَاسِمِ، فَصَارَ هَؤُلاءِ يَتَّخِذُونَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ مَوْسِمًا كَمَوَاسِمِ الأَعْيَادِ وَالْأَفْرَاحِ. وَأُولَئِكَ يَتَّخِذُونَهُ مَأْتَمًا يُقِيمُونَ فِيهِ الْأَحْزَانَ وَالْأَتْرَاحَ وَكِلَا الطَّائِفَتَيْنِ مُخْطِئَةٌ خَارِجَةٌ عَنْ السُّنَّةِ، وَإِنْ كَانَ أُولَئِكَ أَسْوَأَ قَصْدًا وَأَعْظَمَ جَهْلًا، وَأَظْهَرَ ظُلْمًا.. وَلَمْ يَسُنَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَلَا خُلَفَاؤُهُ الرَّاشِدُونَ فِي يَوْمِ عَاشُورَاءَ شَيْئًا مِنْ هَذِهِ الأُمُورِ، لا شَعَائِرَ الْحُزْنِ وَالتَّرَحِ، وَلا شَعَائِرَ السُّرُورِ وَالْفَرَحِ..
وَأَمَّا سَائِرُ الْأُمُورِ: مِثْلُ اتِّخَاذِ طَعَامٍ خَارِجٍ عَنْ الْعَادَةِ، إمَّا حُبُوبٌ وَإِمَّا غَيْرُ حُبُوبٍ، أَوْ تَجْدِيدُ لِبَاسٍ وَتَوْسِيعُ نَفَقَةٍ، أَوْ اشْتِرَاءُ حَوَائِجِ الْعَامِ ذَلِكَ الْيَوْمِ، أَوْ فِعْلُ عِبَادَةٍ مُخْتَصَّةٍ. كَصَلاةٍ مُخْتَصَّةٍ بِهِ، أَوْ قَصْدُ الذَّبْحِ، أَوْ ادِّخَارُ لُحُومِ الأَضَاحِيّ لِيَطْبُخَ بِهَا الْحُبُوبَ، أَوْ الاكْتِحَالُ وَالاخْتِضَابُ، أَوْ الاغْتِسَالُ أَوْ التَّصَافُحُ، أَوْ التَّزَاوُرُ أَوْ زِيَارَةُ الْمَسَاجِدِ وَالْمَشَاهِدِ، وَنَحْوُ ذَلِكَ، فَهَذَا مِنْ الْبِدَعِ الْمُنْكَرَةِ، الَّتِي لَمْ يَسُنَّهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَلا خُلَفَاؤُهُ الرَّاشِدُونَ، وَلا اسْتَحَبَّهَا أَحَدٌ مِنْ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ لا مَالِكٌ وَلا الثَّوْرِيُّ، وَلا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، وَلا أَبُو حَنِيفَةَ، وَلا الأَوْزَاعِيُّ، وَلا الشَّافِعِيُّ، وَلا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَلا إسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ، وَلا أَمْثَالُ هَؤُلاءِ مِنْ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ، وَعُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ.. (الفتاوى الكبرى لابن تيمية)

وذكر ابن الحاج رحمه الله من بدع عاشوراء تعمد إخراج الزكاة فيه تأخيرا أو تقديما وتخصيصه بذبح الدجاج واستعمال الحنّاء للنساء: (المدخل ج1 يوم عاشوراء
• منهج أهل السُّنَّة في معاملة الصَّبِي | الشيخ فركوس حفظه الله
2025/07/04 17:09:15
Back to Top
HTML Embed Code: