“هل يكتب المرء من أجل حب اللغة، كما يحب المرء امرأة أو حياة، وهل تسحر الكتابة وتحير مثل أكثر الاختراعات البشرية إثارة؟ اليوم الذي تُحيِّر فيه أي شخص قوة الكلمات هو الوقت الذي يصبح فيه شاعراً، ويشعر بهذه القوة في كل لحظة ويتعلم كيف يعيش ويعشق الحياة بشاعرية كما يقول أنطونيو!
وها أنا أكتب عندما يحين لي الوقت، عندما أُودّع، عندما أُحب، عندما أُغادر، وعندما أحّن لأن أكون أنا وأستند على حقائق أحرفي. أكتب لأن الخواء أِضْمحلَّ وأصبحت أنا حُرّة!
لازلت بطور الإستقرار النفسي لكنّي لا أنتظر، فأنا لا أُنادي برغم كلّ هذا الوميض الغير واضح، أنا فقط أعيشُ ببطءٍ وهدوء والكثير من الأبواب المفتوحة التي لم يعد بإمكاني حصر أقفالها، لكنّي أعرف وأُراقب وأستشعر معنى زوال الأشياء، التجدد، الإنصهار وأخيرًا الحنو وهو يسكن ويجعل العاصفة تهدأ بشكلٍ مّا.
تقول كاثرين:
ސު
تقول كاثرين:
”لدينا مواسم نزدهر فيها ومواسم تساقط فيها أوراقنا، وتكشف عن عظامنا العارية، وبمرور الوقت تنمو مرةً أخرى“
لا أعرف. لكنّي أعلم معنى أن يندمل أثر خُطاك وأن يندثر وكأنّ ماكان لم يكن، بأن عيناي وعين من يعرف حديثي الآن هي التي تدمع، وبأن مافعلته لم يحمي مكاني من الرحيل.
من هذا السكون عرفت معنى متعة الوصول مع الكثير من الجوابات للأسئلة، فهمت وأدركت بشدّة ضرورة وضع نقطة مع معرفة لمّ وضعت، مع الذهاب مع التيقّن بأنه مامن عودة، الصبر الذي لا يحثّ على قدوم الطرف الآخر، الجواب الكامل لأنّي أستحق ومعنى إمساكك للجوهرة من دون تعثر.
لربما أضيع على شّط المعرفة لكنّي أعرف تلك المعرفة الوليدة بإن غيابي هذا يقيني لحدٍ ما من عدم رؤيتي، الصمت بغرض ”فما وسع الرُبّ إلّا القلب“ سكون، سكون، سكون، سكون فقط لأن غفوته تسابق صحوته بكثيرٍ من الأوقات، وعلى الرغم من هذهِ العذابات فأنا لازلت لا أنضّب عن جانب بأن كلّ فجوة عذاب ماهي إلا سبيل لدخول الشمس والشعور بالأشعة، نعم فأنا لازلت أتوهج وكأنّي وكأنّا وكأنهم لم يلمسوا الليل الدامس بأيديهم
اليأس مهم! أُدرك هذا حتى أحمد وأشكر الفضل للإله، فأنا أخرج بضميرٍ يشعر بمعنى اللحظة وحقّها، وهذا مايجعلني أكثر رويةٍ عن ذي قبل، فأنا الآن لا تهمني الرؤية البعيدة ولا أنا الذي ينتظر كما كان، صحيح أنّي اتألم وهذه هي قداسة الحياة لكن ألمي ليس له طائل وهذا مايُقلص الأفئدة المجروحة.
وبكل معرفةٍ مضمونة وهذا هو النِدَّ الذي لطالما سعيت لأجله ووهِبت، ومن أجل تلاشي الصورة الضئيلة، وتوقف الإشارات التي كانت تلهو بّي وتسخر، ولأنّي أنا الشخص الذي تقدّم بالعمر مع معرفته الكاملة بمتى يتوقف لطالما أراد ويذهب بعيدًا بعيدًا بعيدًا متى أراد، وأخيرًا عاد إبتعاث الشمس لي وهاهي الآن لم تزل تسكب شعاعها على جلدي ولكن بنيّة الضوء لا الإحراق!”
Rafał Malczewski - First snow (1932)
Ulpiano Checa Sanz - Three Algerian beauties at the well (1910)
ސު
Photo
”لكن
‏لم يبق لنا
‏غير رمادٍ في القلب/
‏وأحلام تنأى
‏كطيورٍ هائمةٍ في البريّة“
هاشم شفيق
خُضت الكثير من الأحداث والمشاهد الحزينة والسعيدة في الماضي، كان الأمر أشبه بصورٍ كثيرة لا إطار لها، أن تكون في حضرة الموقف وتُفكّر بما آلت إليه الأمور من دون أن تكون قادر على إحداث إيماء قد يُغيّر هذا كُلّه ،شيء حزين وبائس. كان القدر مُكتظ بكل أسباب الحماسيّة وعدم الإكتراث، بالقدوم على تجارب لم تكن هي أصل ثوبي، والكثير الكثير من الفوز اللحظي والخسارات الفادحة. وكنت أتخفف بهذا النوع من الملاحظات حتى تكتفي منه حواسي وتتشبّع، ولأن من نحن من دون الصقلات؟
تنوّعت الأقدار وزادت سعتي المعرفيّة بأنّا سائرون وأن الخلود شيئًا عائم، أيامٌ كثيرة مضت من دون رؤيةٍ واضحة، وطريقٍ هادي ومعروف، أتذكّر كيف كانت بعض الايام والأشهر غير مجديه ومليئه بالضجر وقِلّ الحيلة نتيجة اللاشيء وبعض التجارب الفاشلة، وكيف أنّي تعرضت لدنو بعض العشم الذي كنت أكنّه لشيء، ظنًا مني أنّي أمتلكه من دون معرفتي بأنّي منحت الوهم أرجوحته، من تأخير خبر "الفرج" لإكمال الأحلام، والأكبر من هذا أن حفنة الأمل التي كانت تكسوني تحطمت وبدأ شفق اليأس بالولوج بكل لولبيّة ووضوح وهذه كانت الخيبة الأكبر.
كان احد الأشهر ومنتصفه مُعرّض للكثير من المد والجزر، الكثير من القارب الذي يذهب بك ولا يُمكنه أن يُعيدك، ولا أنسى مشاعره التي كانت تُهضم والأحّلام التي لم تعد تتعرف على قوالب عاطفتي الموهوبة. كنت أتعامل مع الأمور بشُكلٍ واضح، أطمئن أحيانًا وأكمل باقي الليالي بفؤادي القلق، المتوجس، لأنّي على معرفة أن قطع الحُطام التي أكملت أُحجيتها عادت للمسير المُفرّق والأرباع الضائعة، ولأنّي أعرف معنى أن يتداعى منك المشهد الحيّ، وتموت الظنون وتتكاثر جروح الأمل ياجروحي أنا.
في مطلع أكتوبر كان بمثابة تهدئة لما بعد الحدوث، كان أشبه باللفيف بعد الضياع، منحني العُكّاز حتى أستطيع المشي لبعض مترات ولإعادة القامة والظهر العود. كما تقول الوالدة
لم يحدث شيء بأكتوبر مجرد أيام تمضي وتراشق روتين وتغميض عين لشخص جعل الهواء يقوم بتمشيته.
أتى سبتمبر وبدأت أتخلّى عن الأشياء التي باعت، كانت الأماني شبه ضُمّدت وقادرة على رؤية مالم تستطع رؤيته من قبل، تخلصت من البراويز القديمة بنيّة العمر الذي يجري ويخصم، كنت أجرب الأشياء بفعل عشوائي حتى أمنح لكل شيءٍ حقيقته وشعوره وكان للصياغة/الفعل العشوائي نصيب من أجل مرساةٍ آمنة لا أكثر ومن أجل العهد الذي بيني وبين الأيام واللحظة.
2024/05/02 00:46:16
Back to Top
HTML Embed Code: