Telegram Web Link
يقولُ الإمامُ ابنُ رَجَبٍ الحنبليُّ: "وعمَّا قليلٍ يقفُ إخوانُكم بعرفةَ في ذلك الموقفِ، فهنيئًا لمن رُزِقَهُ، يجأرونَ إلى اللهِ بقُلوبٍ مُحتَرِقةٍ ودُموعٍ مُستَبِقةٍ.
فكم فيهم من خائفٍ أزعَجَهُ الخوفُ وأقلَقَه؟، ومُحِبٍّ ألهَبَهُ الشَّوقُ وأحرَقَه؟، وراجٍ أحسنَ الظَّنَّ بوعدِ اللهِ وصَدَّقَه؟، وتائبٍ نصحَ للهِ في التَّوبةِ وصَدَقَه؟، وهاربٍ لجأَ إلى بابِ اللهِ وطَرَقَه؟، فكم هنالك من مُستَوجِبٍ للنَّارِ أنقَذَهُ اللهُ وأعتَقَه؟، ومن أسيرٍ للأوزارِ فكَّهُ وأطلَقَه؟، وحينئذٍ يطَّلعُ عليهم أرحمُ الرُّحَماء، ويُباهي بجمعِهم أهلَ السَّماء، ويدنو ثم يقولُ: ما أراد هؤلاء؟
لقد قَطَعْنا عند وُصولِهم الحِرمان، وأعطاهم نهايةَ سُؤلِهم الرَّحمان، هو الذي أعطى ومنع ووصلَ وقطع.
مَن فاتَهُ في هذا العامِ القِيامُ بعَرَفَة؛ فلْيَقُمْ للهِ بحقِّه الذي عرَفَه! مَن عجزَ عنِ المَبيتِ بمُزدَلِفة؛ فلْيَبُتَّ عَزمَه على طاعةِ اللهِ وقد قرَّبَهُ اللهُ وأزلَفَه! مَن لم يُمكِنْهُ القِيامُ بأرجاءِ الخَيف؛ فلْيَقُمْ للهِ بحقِّ الرَّجاءِ والخوف! مَن لم يَقدِرْ على نحرِ هديِهِ بمِنى؛ فلْيَذبَحْ هواهُ هنا وقد بلغَ المُنى! مَن لم يَصِلْ إلى البيتِ لأنَّه منهُ بعيد؛ فلْيقصِدْ ربَّ البيتِ؛ فإنَّه أقربُ إلى مَن دعاهُ ورجاهُ من حبلِ الوريد!
نَفَحَتْ في هذه الأيَّامِ نفحةٌ من نفحاتِ الأُنسِ من رياضِ القُدسِ على كلِّ قلبٍ أجابَ إلى ما دُعِي، يا هِمَمَ العارفينَ! بغيرِ اللهِ لا تقنعي، يا عزائمَ النَّاسكينَ! لجميعِ أنساكِ السَّالكينَ اجمعي! لحُبِّ مولاكِ أفردِي، وبينَ خوفِه ورجائِه أقرِني، وبذكرِه تمتَّعي، يا أسرارَ المُحِبِّينَ! بكعبةِ الحُبِّ طوفي واركعي، وبين صفاءِ الصَّفا ومَروةِ المروةِ اسعَيْ وأسرعي، وفي عَرَفاتِ العِرفانِ قِفي وتضرَّعي، ثم إلى مُزدَلِفةَ الزُّلفى فادفعي، ثم إلى مِنىً نيلِ المُنى فارجعِي! فإذا قرَّبُوا القَرابِينَ فقرِّبي الأرواحَ ولا تمنعي، لقد وضحَ اليومَ الطَّريقُ ولكن قلَّ السَّالكُ على التَّحقيقِ وكَثُرَ المُدَّعي!".

لطائفُ المعارفِ ( ص٦٣٢ - ٦٣٣ ).

واللهُ أعلمُ.
وكتبَ: أبو عبدِ اللهِ الأثَريُّ.
كلّ عام وأنتم بخير
من قديم منشوراتي..
١ / ٩ / ٢٠١٧
روى الإمامُ أحمدُ ( ١٩٠٧٥ ) وأبو داودَ ( ١٧٦٥ ) وغيرُهما، عن عبدِ اللهِ بنِ قُرْطٍ، أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قال: "أعظمُ الأيَّامِ عندَ اللهِ يومُ النَّحرِ، ثم يومُ القَرِّ".

وإسنادُه صحيحٌ.
وصحَّحهُ ابنُ خُزَيمةَ وابنُ حِبَّانَ والحاكمُ والبيهقيُّ والذَّهَبيُّ والألبانيُّ.

ويومُ القَرِّ: هو اليومُ الحادي عشرَ من ذي الحِجَّةِ.
وسُمِّيَ بذلك لأنَّ النَّاسَ يقرُّونَ فيه بمنىً بعد أن فَرَغُوا من طوافِ الإفاضةِ والنَّحرِ.
اللَّهمَّ اضْرِبِ الظَّالمينَ بالظَّالمينَ، وأخرِجِ المُسلِمِينَ من بينِهم سالِمِينَ مُعافَينَ..
اللهمَّ دمِّرْ دولةَ الكُفرِ والمجوسِ إيرانَ، ودولةَ إخوانِ القِرَدةِ والخنازيرِ يهودَ..
إنِّي لأشمتُ بالجبَّارِ؛ يصرعُهُ
طاغٍ، ويُرهقُهُ ذُلًّا وطُغيانا
Please open Telegram to view this post
VIEW IN TELEGRAM
قال السَّخاويُّ في الإعلانِ بالتَّوبيخِ ( ص١١٣ ): ولمزيدِ رغبةِ ذوي الأنفُسِ الزَّكيَّةِ في التَّاريخِ قال أبو عليٍّ الحسنُ بنُ أحمدَ بنِ عبدِ اللهِ بنِ البنَّاءِ القُرَشيُّ الحنبليُّ صاحبُ رِسالةُ السُّكوتِ وغيرِها: "ليت الخطيبَ البغداديَّ ذكَرَني في تاريخِه ولو في الكذَّابِينَ".
ونحوُه قولُ بعضِهم ممن توهَّمَ اقتصاري على تراجمِ الأمواتِ: "ليتني أموتُ في حياةِ السَّخاويِّ حتَّى يُتَرجِمَني". اهـ

وقال السَّخاويُّ في الضَّوءِ اللَّامعِ لأهلِ القرنِ التَّاسعِ ( ١ / ٦ ): "بل كان بعضُ الفُضَلاءِ المُعتَبَرينَ يُصرِّحُ بتمنِّي الموتِ في حياتي لأُتَرجِمَهُ".!

والإمامُ ابنُ البنَّاءِ من أقرانِ الخطيبِ البغداديِّ، وهما من طبقةٍ واحدةٍ، تُوُفِّيَ بعد الخطيبِ بثمانِ سِنِينَ، وهما بغداديَّانِ، وقد روى الخطيبُ في كُتُبِه عن ابنِ البنَّاءِ..
ومن الغريبِ أنَّ الخطيبَ لم يُتَرجِمْ له في تاريخِه؟ مع أنَّ ابنَ البنَّاءِ سمع الحديثَ من خلقٍ كثيرٍ، وحدَّث عنه الجمُّ الغفيرُ، ودرَّسَ الفِقهَ، وأفتى زمانًا طويلًا، وصنَّفَ الكُتُبَ.

وقد ترجمَ الخطيبُ في تاريخِه لمن هو أصغرُ منه، ومن عاش بعده...

وفي روايةٍ: أنَّه سأل: هل ذكَرَني الخطيبُ في تاريخِ بغدادَ في الثِّقاتِ أو مع الكذَّابينَ؟ قيل: ما ذكَرَكَ أصلًا، فقال: ليتَهُ ذكَرَني ولو مع الكذَّابينَ.

ذكَرَهُ ياقوتُ في مُعجَمِ الأُدَباءِ ( ٢ / ٨٢٤ )، والقِفطِيُّ في إنباهِ الرُّواةِ ( ١ / ٣١١ )، والذَّهبيُّ في تاريخِه ( ١٠ / ٣٢٥ ) وفي سِيَرِ الأعلامِ ( ١٨ / ٣٨١ )، والسِّيوطيُّ في بُغيةِ الوُعاةِ ( ١ / ٤٩٦ ).

وما قال ابنُ البنَّاءِ هذا إلَّا لعِلمِهِ بأهمِّيَّةِ تاريخِ الخطيبِ، وعُلُوِّ مكانتِهِ، وعظيمِ قِيمتِه.
فوا أسفاهُ ممَّن يحزُنُ على مقتلِ "سليماني" ويَصِفُه "بالشهيد" وينعي ويدينُ ويستنكرُ ويشجبُّ ويُعزِّي…

في الحديثِ المُتَّفَقِ عليه: "رأسُ الكُفرِ نحوَ المشرقِ".
قال الحافظُ ابنُ حَجَرٍ العسقلانيُّ: "وفي ذلك إشارةٌ إلى شدَّةِ كُفرِ المجوسِ؛ لأنَّ مملكةَ الفُرسِ ومَن أطاعهم من العربِ كانتْ من جهةِ المشرقِ بالنِّسبةِ إلى المدينةِ، وكانوا في غايةِ القسوةِ والتَّكبُّرِ والتَّجبُّرِ حتَّى مزَّق مَلِكُهُم كتابَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم". اهـ

وغير ذلك؛ ألم يَرَوا بطشَ "إيران" بأهلِ السُّنَّةِ في سُوريا والعِراقِ والأهوازِ ولُبنانَ واليمنِ وغيرِها؟

أما زالتْ أعينُهم عمياءَ وآذانُهم صمَّاءَ وقُلوبُهم بلهاءَ عن هذا؟

أم أنَّ أنفسَهم راضيةٌ بكلِّ ما تفعلُه "إيران"؟

ألهذا الحدِّ دماءُ أهلِ السُّنَّةِ رخيصةٌ عندَهم؟

أسألُ اللهَ تعالى أن يحشرَهم مع مَن يُحبُّونَ، وأن يُطهِّرَ أرضَ فِلسطِينَ من دنَسِهم ورِجسِهم وخُبثِهم.
من قديمِ منشوراتِ القناةِ..
(٢٠٢٠)
عفراءُ بنتُ عُبَيدٍ الأنصاريَّةُ

صحابيَّةٌ جليلةٌ، لها خِصِّيصةٌ لا تُوجَدُ لغيرِها؛ وهي: أنَّ لها سبعةَ أولادٍ كلُّهم شَهِدوا غزوةَ بَدرٍ مع رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ.
وهم: مُعاذٌ ومُعوِّذٌ وعَوفٌ، وأبوهم هو الحارثُ بنُ رِفاعةَ.
وإياسٌ وعاقلٌ وخالدٌ وعامرٌ، وأبوهم هو البُكَيرُ بنُ عبدِ يالِيلَ اللَّيثيُّ.
فهم سبعةُ إخوةٍ لأُمٍّ، وكانوا من السَّابقينَ الأوَّلينَ، ومن شُجعانِ الصَّحابةِ، وجلُّهم نالوا الشَّهادةَ!
وكان مُعاذٌ ومُعوِّذٌ وعوفٌ مشهورينَ بالنِّسبةِ إلى أُمِّهم، فيُقالُ لهم: بنو عفراءَ، أو معاذُ ابنُ عفراءَ، وهكذا.

أمَّا عَوفٌ ومُعوِّذٌ وعاقِلٌ فاستُشهِدوا في غزوةِ بدرٍ.

وأمَّا مُعاذٌ؛ فقيل: جُرِحَ ببدرٍ فمات بالمدينةِ من جراحتِه، وقيل: بل عاش بعد ذلك إلى زمنِ عُثمانَ بنِ عفَّانَ، وقيل: إلى خلافةِ عليِّ بنِ أبي طالبٍ، وقيل: قُتِلَ في وقعةِ الحرَّةِ، وقيل غيرَ ذلك.
وشَهِدَ مُعاذٌ العَقَبَتَينِ جميعًا.

وأمَّا خالدٌ؛ فاستُشهِدَ يومَ بئرِ الرَّجيعِ مع عاصمٍ وخُبَيبٍ وأصحابِهما، وهو ابنُ أربعٍ وثلاثينَ سنةً، وهو الذي عناهُ حسَّانُ بنُ ثابتٍ بقولِه:

ألا ليتني منها شهدتُ ابنَ طارقٍ ** وزيدًا -وما تُغني الأماني- ومَرثَدا
فدافعتُ عن حِبِّي خُبَيبٍ وعاصمٍ ** وكان شفاءًا لو تدارَكتُ خالدا

وأمَّا عامرٌ؛ فشهد المشاهدَ كلَّها مع رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، واستُشهِدَ في معركةِ اليمامةِ.

وأمَّا إياسٌ؛ فشهد المشاهدَ كلَّها مع رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وشهد فتحَ مِصرَ، وتُوُفِّيَ سنةَ أربعٍ وثلاثينَ.

ومُعاذٌ ومُعوِّذٌ هما اللَّذانِ قتلا رأسَ الكُفرِ أبا جهلٍ في غزوةِ بدرٍ.

رضي اللهُ عنهم أجمعينَ.
Forwarded from بليغةٌ "ابنةُ العربيَّةِ" (لينا محمَّد السَّطوف)
ِ

اللهُ أوقــعَ ظـالـمـاً فـي ظـالـمٍ
وأحـالَـهُـم مِـزَقاً، وفـلَّ وقطَّعا

هـذا انـتـقامُ الله، فانظُر عدلَهُ
بـيـنَ الـفـريـقـيـنِ الأشـدّ تَمنُّعا

طَرِبت جوارحُنا، هوىً وشمَاتةً
ودُعـاؤنـا: يـاربّ أفـنِـهـما معا!


- حذيفة العرجي.🪶

@hadi_al_arwah
سُبحانَ المُعِزِّ المُذِلِّ..
سُبحانَ الَّذي أعَزَّنا -أهلَ الشَّامِ- وأذَلَّ إيرانَ والعَلَويَّةَ..

أربعةَ عشرَ عامًا من الحَربِ الدَّمَويَّةِ الوَحشيَّةِ على سُوريَّا من قِبَلِ عصاباتِ الإجرامِ: العَلَويَّةِ والرَّافضةِ وإيرانَ وحزبِ اللَّاتِ ورُوسيا؛ من قَتلٍ وقَصفٍ وتَهجيرٍ واعتِقالٍ وتَدميرٍ وشتَّى أنواعِ الظُّلمِ والشَّنارِ!

ففي سبعةِ أشهُرٍ فقطْ؛ رأى أهلُ الشَّامِ أثَرَ جِهادِهم ودُعائِهم وصَبرِهم طِيلةَ هذه السِّنينَ العِجافِ المريرةِ..!!
هلاكُ قادةِ حزبِ اللَّاتِ، وهُروبُ طاغوتِ الشَّامِ بشَّارٍ الأسَدِ إلى روسيا خائبًا مذمومًا مدحورًا، وسُقوطُ نظامِه، وكسرُ شوكةِ العَلَويَّةِ الرَّافضةِ بالسُّيوفِ الأُمَويَّةِ، وانسحابُ روسيا وانشِغالُها في حَربِها مع أوكرانيا، وهلاكُ قادةِ إيرانَ وانشِغالُها مع يهودَ واشتِعالُ الحربِ بينهما!

والآنَ؛ لا مصلحةَ لنا بوقفِ الحربِ بين إيرانَ ويهودَ! فاستِمرارُ الحربِ بينهما استِنزافٌ للقُوَّةِ.

اللَّهُمَّ اجْعَلْ كيدَ أعدائِنا في نُحورِهم، وتدبيرَهم في تدميرِهم.

ِوكما قال الشَّاعرُ:
طَرِبَتْ جوارحُنا هوىً وشماتةً
ودُعاؤنا: يا ربّ أفنِهِما معا

ولا عزاءَ لليهودِ، والمجوسِ، وأهلِ الرَّفضِ، والإخوانِ المُسلِمِينَ.
قال مُحمَّدُ بنُ مسعودٍ البجَّانيُّ الغسَّانيُّ:

على قَدرِ فَضلِ المَرءِ تأتي خُطوبُهُ
ويُعرَفُ عند الصَّبرِ فيما يَنوبُهُ

وعاقبةُ الصَّبرِ الجميلِ من الفتى
إلى فرَجٍ من ذي الجلالِ يُثِيبُهُ


إذا المرءُ لم يَسحَبْ إلى الهَولِ ذَيلَهُ
ولم تَعتَرِكْ بالحادثاتِ جُفونُهُ

فقد خسَّ في الدُّنيا من المالِ حظُّهُ
وقلَّ في الأُخرى لَعمري نصيبُهُ

أنشدها له الحُمَيديُّ في جذوةِ المُقتَبسِ ( ص١٣٩ ).
وذكرها الضَّبِّيُّ في بُغيةِ المُلتَمِسِ ( ص١٧٠ )، والذَّهبيُّ في تاريخِ الإسلامِ ( ٨ / ٨٣٦ ) وقال: فمن جيِّدِ شِعرِه: فذكرها.

ولابنِ ظفرٍ الصَّقَلِّيِّ:
على قدرِ فَضلِ المَرءِ تأتي خُطوبُهُ
ويُعرَفُ عند الصَّبرِ فيما يُصيبُهُ

ومَن قلَّ فيما يتَّقيهِ اصطبارُهُ
فقد قلَّ فيما يَرتَجيهِ نَصيبُهُ

ذكرها ابنُ خلِّكانَ في الوَفَياتِ ( ٤ / ٣٩٧ )، والسُّيوطيُّ في إنباهِ الرُّواةِ ( ٣ / ٧٦ ).
قال ابنُ عبدِ ربِّه الأندلُسيُّ صاحبُ كتابِ "نفحِ الطِّيبِ من غُصنِ الأندلُسِ الرَّطيبِ":

ألا إنَّما الدُّنيا غَضارةُ أيكةٍ
إذا اخضرَّ منها جانِبٌ جفَّ جانبُ

هي الدَّارُ ما الآمالُ إلَّا فجائِعٌ
عليها ولا اللَّذَّاتُ إلَّا مصائبُ

وكم سَخِنَتْ بالأمسِ عينٌ قريرةٌ
وقرَّتْ عُيونٌ دمعُها اليومَ ساكبُ

فلا تكتحلْ عيناكَ فيها بعبرةٍ
على ذاهبٍ منها فإنَّكَ ذاهبُ

ذكرها عنه: الثَّعالبيُّ في يتيمةِ الدَّهرِ ( ٢ / ٩ )، والحُمَيديُّ في جذوةِ المُقتَبسِ ( ص١٥٣ )، والضَّبِّيُّ في بُغيةِ المُلتَمسِ ( ص١٩٤ )، وابنُ دحيةَ في المُطرِبِ ( ص١٥٥ )، وياقوتُ في مُعجَمِ الأُدباءِ ( ١ / ٤٦٥ )، والذَّهبيُّ في تاريخِه ( ٧ / ٥٤٦ )، وابنُ كثيرٍ في تاريخِه ( ١٦ / ٥٣٣ )، والصَّفَديُّ في الوافي ( ٨ / ٩ )، وغيرُهم..
١٠ مُحرَّم / عاشوراء 🌿

"وأمَّا صِيامُ يومِ عاشوراءَ فإنَّه -أي النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- كان يتحرَّى صومَهُ على سائرِ الأيَّامِ، ولمَّا قَدِمَ المدينةَ وجدَ اليهودَ تصومُه وتُعظِّمُه فقال: نحنُ أحقُّ بمُوسى منكم، فصامَهُ وأمرَ بصِيامِه، وذلك قبلَ فرضِ رمضانَ، فلمَّا فُرِضَ رمضانُ قال: مَن شاءَ صامَهُ، ومَن شاءَ تَرَكَهُ".
زادُ المعادِ ( ٢ / ٦٣ ).

- فضلُ صومِهِ:
روى مُسلِمٌ ( ١١٦٢ ) عن أبي قتادةَ الأنصاريِّ قال: وسُئِلَ -أي رسولُ اللهِ- عن صومِ يومِ عاشوراءَ؟
فقال: "يُكفِّرُ السَّنَةَ الماضيةَ".

وفي روايةٍ عندَ مُسلِمٍ أيضًا: "وصيامُ يومِ عاشوراءَ أحتسبُ على اللهِ أن يُكفِّرَ السَّنَةَ التي قبلَهُ".

وروى البُخاريُّ ( ٢٠٠٦ ) واللَّفظُ له، ومُسلِمٌ ( ١١٣٢ ) عن عبدِ اللهِ بنِ عبَّاسٍ أنَّه قال: "ما رأيتُ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يتحرَّى صيامَ يومٍ فضَّلَهُ على غيرِه إلَّا هذا اليومَ؛ يومَ عاشوراءَ، وهذا الشَّهرَ". يعني شهرَ رمضانَ.

ولفظُ مُسلِمٍ: "ما علمتُ أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم صامَ يومًا يطلبُ فَضْلَهُ على الأيَّامِ إلَّا هذا اليومَ، ولا شهرًا إلَّا هذا الشَّهرَ".

- مراتبُ صيامِ عاشوراءَ:
قال الإمامُ ابنُ قيِّمِ الجوزيَّةِ في زادِ المعادِ ( ٢ / ٧٢ ): "فمراتبُ صومِه ثلاثةٌ: أكملُها: أن يُصامَ قبلَهُ يومٌ وبعدَهُ يومٌ.
ويلي ذلك: أن يُصامَ التَّاسِعُ والعاشِرُ، وعليه أكثرُ الأحاديثِ.
ويلي ذلك: إفرادُ العاشِرِ وحدَهُ بالصَّومِ". اهـ

وقال الحافظُ ابنُ حَجَرٍ في فتحِ الباري ( ٥ / ٤٣٦ ): "وعلى هذا فصِيامُ عاشوراءَ على ثلاثِ مراتبَ: أدناها: أن يُصامَ وحدَهُ.
وفوقَهُ: أن يُصامَ التَّاسِعُ معه.
وفوقَهُ: أن يُصامَ التَّاسعُ والحادي عشرَ".

كما أنَّه لا يُكرَهُ إفرادُه بالصَّومِ كما قال شيخُ الإسلامِ ابنُ تيميَّةَ وغيرُه.
شِدَّةُ حِرصِ السَّلَفِ على اغتِنامِ صومِ يومِ عاشوراءَ:

قال أبو جَبَلةَ: كنتُ معَ ابنِ شِهابٍ [الزُّهري] في سَفَرٍ فصامَ يومَ عاشوراءَ، فقِيلَ له: تصومُ يومَ عاشوراءَ في السَّفَرِ وأنتَ تُفطِرُ في رمضانَ؟
قال: "إنَّ رمضانَ له عِدَّةٌ من أيَّامٍ أُخَرَ، وإنَّ عاشوراءَ تفوتُ".

رواه البيهقيُّ في شُعَبِ الإيمانِ ( ٥ / ٣٣٥ برقم ٣٥١٨ ).
وذكَرَهُ الذَّهَبيُّ في سِيَرِ أعلامِ النُّبَلاءِ ( ٥ / ٣٤٢ )، وابنُ رَجَبٍ في لطائفِ المعارفِ ( ص١٣٣ ) وقال: "وكان طائفةٌ من السَّلَفِ يصومونَ عاشوراءَ في السَّفَرِ، منهم: ابنُ عبَّاسٍ، وأبو إسحاقَ السَّبيعيُّ، والزُّهريُّ وقال: رمضانُ له عِدَّةٌ..".
الحمدُ للهِ الّذي كتب لنا رُؤيةَ سوريا الجديدةِ وهي في عزٍّ وإباءٍ.. الحمدُ للهِ الذي أذلَّ النُّصَيريَّةَ وأربابَ البعثِ وأذنابَهما، ودحرَ الطُّغمةَ الفاسدةَ ومَن والاهم…
قال الحُمَيديُّ في "جذوةِ المُقتَبسِ" من ترجمةِ الكاتبِ عبدِ الملكِ بنِ إدريسَ الجزيريِّ ( ص٤٠٥ ): ومن مُستَحسَنِ مُطوَّلاتِه: قصيدةٌ له في الآدابِ والسُّنَّةِ، كتبَ بها إلى بنيه، لا أعلمُ لأحدٍ مِثلَها في معناها، أنشدناها أبو محمَّدٍ عبدُ اللهِ بنُ عُثمانَ بنِ مروانَ القُرَشيُّ، عن الكاتبِ أبي أحمدَ عبدِ العزيزِ بنِ عبدِ الملكِ بنِ إدريسَ، عن أبيه، ومنها:

واعْلَمْ بأنَّ العِلمَ أرفعُ رُتبةٍ
وأجلُّ مُكتَسَبٍ وأسنى مَفخَرِ


فاسْلُكْ سبيلَ المُقتَنِينَ له تَسُدْ
إنَّ السِّيادةَ تُقتَنى بالدَّفتَرِ

والعالِمُ المدعوُّ حبرًا إنَّما
سمَّاهُ باسْمِ الحَبرِ حَملُ المِحبَرِ

تسمو إلى ذي العِلمِ أبصارُ الورى
وتغضُّ عن ذي الجهلِ لا بل تزدري

وبضُمَّرِ الأقلامِ يبلُغُ أهلُها
ما ليس يُبلَغُ بالعتاقِ الضُّمَّرِ

والعِلمُ ليس بنافعٍ أربابَهُ
ما لم يُفِدْ عمَلًا وحُسنَ تَبصُّرِ


فاعْمَلْ بعِلمِكَ تُوفِ نفسَكَ وَزنَها
لا ترضَ بالتَّضييعِ وزنَ المُخسِرِ

سِيَّانِ عندي عِلمُ مَن لم يَستَفِدْ
عمَلًا به وصلاةُ مَن لم يَطهُرِ

وهي طويلةٌ، وقد كتبَ عنِّي هذه القطعةَ الخطيبُ أبو بكرٍ أحمدُ بنُ عليِّ بنِ ثابتٍ البغداديُّ الحافظُ، وأخرَجَها في بعضِ تصانيفِه في العِلمِ وفضلِه. اهــ

قلتُ: رواها الخطيبُ البغداديُّ في تقييدِ العِلمِ ( ص١٦٩ ) قال: أنشدني مُحمَّدُ بنُ أبي نَصرٍ الأندلسيُّ، به.
فذكر الإسنادَ والقصيدةَ.

ومُحمَّدُ بنُ أبي نَصرٍ هو الحُمَيديُّ، وقد الْتقى بالخطيبِ البغداديِّ في دمشقَ، وقد روى كلاهما عن الآخَرِ، وهذا يُسمَّى في عِلمِ الحديثِ المُدبَّج.

وانظر القصيدةَ بطُولِها -وليست كاملةً- عند الثَّعالبيِّ في يتيمةِ الدَّهرِ ( ٢ / ١١٧ - ١١٨ ).
إذا طلبتَ العِلمَ بنِيَّةٍ وصِدقٍ؛ تكفَّلَ اللهُ برِزقِكَ مع الأخذِ بالأسبابِ:

قال يحيى بنُ يمانٍ: قال سُفيانُ الثَّوريُّ: "لمَّا هممتُ بطلبِ الحديثِ، ورأيتُ العِلمَ يُدرَسُ، قلتُ: أيْ ربِّ، إنَّه لا بُدَّ لي من معيشةٍ، فاكْفِنِي أمرَ الرِّزقِ وفرِّغْني لطلبِه، فتشاغلتُ بالطَّلَبِ، فلم أرَ إلَّا خيرًا إلى يومي هذا".
ذكَرَهُ الذَّهبيُّ في تاريخِه ( ٤ / ٣٨٤ ).

ورواه أبو نُعَيمٍ في الحِليةِ ( ٦ / ٣٧٠ - ٣٧١ ) من طريقِ يحيى بنِ أيُّوبَ، ثنا بعضُ أصحابِنا قال: قال الثَّوريُّ: "لمَّا أردتُ أن أطلبَ العِلمَ قلتُ: يا ربِّ، إنَّه لا بُدَّ لي من معيشةٍ، ورأيتُ العِلمَ يُدرَسُ، فقلتُ: أُفرِّغُ نفسي لطلبِه، وسألتُ ربِّي الكِفايةَ، والتَّشاغُلَ لطلبِ العِلمِ، فما رأيتُ إلَّا ما أُحِبُّ إلى يومي هذا".
2025/07/13 14:21:09
Back to Top
HTML Embed Code: