يكفيني أن أسمع أحدهم يتحدّث بصدق عن المَثَل الأعلى والمستقبل والفلسفة، يكفيني أن أسمعه يقول «نحن» بنبرة الواثق ويَذْكُرُ «الآخرين» باعتباره الناطقَ باسمهم، كي أعتبِرَهُ عدُوّي. إنّه في نظري طاغيةٌ لم يتحقّق وجلاَّدٌ لم يكتمل، يستحقّ الكراهيةَ بقدر ما يستحقُّها الطغاةُ والجلاَّدُون من الدرجة الأولى. وذلك لأنّ من طبيعةِ كُلِّ إيمانٍ أن يمارس شكلاً من الرعب، يزداد إرعابًا بقدر ما يتولّى أمرَهُ «الأنقياء». نحترزُ من الماكرين والأوغاد والمحتالين على الرغم من أنّنا لا نستطيع أن ننسب إليهم أيًّا من الهزّات التاريخيّة الكبرى. إنّهم لا يؤمنون بشيء ومن ثمّ فإنّهم لا يُفتّشون في قلوبكم ونواياكم، بل يتركونكم لِلاَمُبالاتِكم ويأسكم أو لاَجَدْواكُم. إنّ البشريّة مدينةٌ لهم بفترات الازدهار القليلة التي عرفتها. هؤلاء هم الذين يُنقِذُون الشعوب التي يعذّبها المتعصّبون ويخرّبها «المثاليّون». خلَوْا من العقيدة فإذا هم لا يملكون سوى نزواتٍ ومصالح، رذائل سهلة المراس يمكن تحمُّلُها ألفَ مرّة أكثر من الخراب الذي يُحْدِثُه الاستبدادُ باسم المبادئ، لأنّ أمراضَ الحياة كلّها ناجمةٌ عن «تصوُّرٍ للحياة».
إميل #سيوران
"رسالة في التحلّل"
ترجمة آدم فتحي
إميل #سيوران
"رسالة في التحلّل"
ترجمة آدم فتحي
" العمل والعذاب والألم والبؤس، هذا بلا شك مصير كل الجنسي البشري تقريبًا، طوال الحياة كلها.
ولكن إذا تم اشباع كل الرغبات و على الفور، كيف ستكون الحياة البشرية، بماذا سنستخدم الوقت؟
ضع هذه الفكرة في أرض يتوفر فيها كل شيء، حيث سينمو كل شيء من تلقاء نفسه، حيث ستطير الخراف مشوية داخل الأفواه من تلقاء نفسها، حيث سيجد كل واحد فينا على الفور حبيبته ويحصل عليها دون صعوبة،
بعدها، سنرى البشر يموتون مللا، أو بشنق أنفسهم، يتشاجر الآخرون، يقطعون حناجر بعضهم بعضا، سيقتلون ويتسببون في معاناة أكبر مما تفرضه الطبيعة عليهم الآن."
لذلك لا يوجد صورة أخرى لمسرحية الحياة، ولن تكون مناسبة ان وجدت ...".
-أرثر #شوبنهاور
ولكن إذا تم اشباع كل الرغبات و على الفور، كيف ستكون الحياة البشرية، بماذا سنستخدم الوقت؟
ضع هذه الفكرة في أرض يتوفر فيها كل شيء، حيث سينمو كل شيء من تلقاء نفسه، حيث ستطير الخراف مشوية داخل الأفواه من تلقاء نفسها، حيث سيجد كل واحد فينا على الفور حبيبته ويحصل عليها دون صعوبة،
بعدها، سنرى البشر يموتون مللا، أو بشنق أنفسهم، يتشاجر الآخرون، يقطعون حناجر بعضهم بعضا، سيقتلون ويتسببون في معاناة أكبر مما تفرضه الطبيعة عليهم الآن."
لذلك لا يوجد صورة أخرى لمسرحية الحياة، ولن تكون مناسبة ان وجدت ...".
-أرثر #شوبنهاور
« "ليس في وسعنا عمل شيء"، هكذا ظلت تلك العجوز التسعينية تردّ على كل ما قلت، على كل ما صرخت به في أذنيها حول الحاضر، حول المستقبل، حول سير الأشياء..
تماديتُ في عرض مخاوفي ومآخذي وشكاويّ أملاً في أن انتزع منها رداً آخر، دون أن اظفر بشيء غير تلك العبارة الهرِمة : "ليس في وسعنا عمل شيء".
حتى نفذ صبري فانصرفت ساخطاً عليها، ساخطاً على نفسي : كيف أمكن لي أن أفتح قلبي لهذه البلهاء؟
ما أن صرت في الخارج حتى انقلبت مشاعري رأسا على عقب :"العجوز على حق. كيف لم أُدرك فوراً أن مقولتها الرتيبة تلك تتضمن حقيقة، قد تكون أهم الحقائق على الإطلاق، بما أن كل ما يحدث يُنادي بها وكل ما فينا يرفضها؟»
▪إميل #سيوران
من كتاب : مثالب الولادة
تماديتُ في عرض مخاوفي ومآخذي وشكاويّ أملاً في أن انتزع منها رداً آخر، دون أن اظفر بشيء غير تلك العبارة الهرِمة : "ليس في وسعنا عمل شيء".
حتى نفذ صبري فانصرفت ساخطاً عليها، ساخطاً على نفسي : كيف أمكن لي أن أفتح قلبي لهذه البلهاء؟
ما أن صرت في الخارج حتى انقلبت مشاعري رأسا على عقب :"العجوز على حق. كيف لم أُدرك فوراً أن مقولتها الرتيبة تلك تتضمن حقيقة، قد تكون أهم الحقائق على الإطلاق، بما أن كل ما يحدث يُنادي بها وكل ما فينا يرفضها؟»
▪إميل #سيوران
من كتاب : مثالب الولادة
بعض الأمور تحدث لأنها يجب أن تحدث، والوسيلة الوحيدة لعدم معاناتها، هي تقبلها والتأقلم معها.
على مرتفعات اليأس - إميل #سيوران
على مرتفعات اليأس - إميل #سيوران
سيوران في نظري توأم ديوجين. ينبح في كلّ شذرة يكتبها. في نباحه شطحة الشاعر ولمعة المفكّر. أَدركَ أنّ الفكر لم يعد يتحمّل «الأقمطة» النسقيّة، فاستعاد توهّج اللحظة ما قبل السقراطيّة. كتب النصّ الطويل لكنّه روّضه بالشذرة. أتاح لِلَّمْعَةِ الشعريّة أن تمنح الفكرة أجنحة أخرى وأن تعود بالمفكّر إلى مملكة الحواسّ. ذاك ما أدركه نيتشه أيضاً. لذلك يصعب أن نقول «أخطأتَ الطريق» لمن يعتبر «الخطأ» علامةً من علامات طريقه. سيوران من بين القلّة الذين عثروا للشعر على طريق كي يفكّر، وللفلسفة على طريقة كي تظلّ قراءتها ممكنة. وهو إلى ذلك متشائم ضاحك. أو متشائل على طريقة إيميل حبيبي. لقد حيكت حول الرجل «أساطير» عديدة، كان هو أوّل من ساعد على «حياكتها». ذاك شرْطٌ من شروط بقاء الكاتب في نظره: ألّا يمنح عن نفسه «صورةً نهائيّة». وقف به الأرق على حدّ الجنون. اصطدم مثل الكثير من مجايليه بعلامات الانهيار والانحطاط التي غلبت على المشهد الحضاريّ الغربيّ. فحاول في بداياته أن يعترض على هذا الانهيار بطريقة «قيصريّة»، حتى كاد يقع في الغواية النازيّة. ولعلّه لم ينجُ من تلك الغواية إلّا حين قبلَ بفكرة الانحطاط والانهيار على أساس أنّها «نهاية ضروريّة». من ثمّ اشتغل على تيمات مثل الموت والسقوط منذ الولادة والانحلال أو التحلّل، من دون أن يسمح لهذه التيمات بالتحوّل إلى «عقائد». هكذا نجا من مصير فرويد وزفايغ على سبيل المثال، اللذين هالَهُمَا كمُفَكِّرَيْن أن يعجزا عن التصدّي لفظائع النازيّة، فانتحرا كي لا يتحوّلا إلى «شهود على الأنقاض». لهذه الأسباب، وغيرها الكثير، أقرأ سيوران بمتعة متحرّرة، من دون أيّ اهتمام بتصنيف ما يكتب، فهو المفكّر الشاعر أو الشاعر المفكّر. بل لعلّي أراه بنّاءً بقدْر ما يراه بعضُهم هدّاماً عدَمِيّاً، وأجد في شذراته الكثير من ملامح الأمل على العكس ممّا يتصوّر كثيرون.
أنا لا أرى في سيوران فيلسوف التشاؤم واليأس والعبث، بل أرى فيه فيلسوف «النهاية» بامتياز، تلك النهاية التي تعني بدايةً جديدة مختلفة. وهو فيلسوف الإعلان الصريح عن «الإفلاس»، ذلك الإعلان الذي لا بدّ منه للتأسيس على أرضيّة خصبة. لذلك قلتُ وأقول إنّي أترجم سيوران للحصول على جرعة من الأمل، خاصّة في مرحلتنا الراهنة التي تكاد تدفع إلى اليأس، لفرط ما انهارت القيم وتراجعت الثقافة وعمّ الفساد وتطاوسَ الجهلُ وعُوقِبت الكفاءة وسادت الأنانيّة المتوحّشة واحتُقِرت المصلحة العامّة وهيمن منطقُ الربح، وتفشّت ذهنيّةُ المحاصصة والغنيمة. فإذا نحن لا نحلم حلماً إلّا أُجهِضَ ولا نخلص من فاسدٍ إلّا حلّ محلّه فاسد، وكأنّنا أمام ديستوبيا يصرّ تاريخُنا على ترجمتها إلى واقع في شكل دعوة مفتوحة للانتحار.
لقد صوّر سيوران، على طريقته، حياةً كابوسيّةً أكثر من هذه الديستوبيا. وتوغّل فيما تدفع إليه من اليأس والإحباط حدّ اختراقهما. حدَّ النفاذ منهما. وليس من برهان على ذلك أفضل من أنّه لم يستسلم إلى اليأس ولم ينتحر، هو «مُنظّر الانتحار» بامتياز أو هكذا يبدو. ربّما لأنّه اهتدى بعد حيرةٍ مدوّخة وبعد بحثٍ مضنٍ إلى طريقة تتيح له تحمّل الحياة، وتتمثّل تلك الطريقة في مساعدة المنهار على الانهيار. هكذا شرع في تفكيك كلّ الخدع والخزعبلات التي يتشبّث بها عالَمٌ هالِكٌ وحضارةٌ منهارة كي يحافظا على بقاء لا فائدة منه. وفي هذا السياق، جاءت شذرته الشهيرة: «كم هو محزن أن نرى أمماً كبيرة تتسوَّلُ قدْراً إضافيّاً من المستقبل».
1
أنا لا أرى في سيوران فيلسوف التشاؤم واليأس والعبث، بل أرى فيه فيلسوف «النهاية» بامتياز، تلك النهاية التي تعني بدايةً جديدة مختلفة. وهو فيلسوف الإعلان الصريح عن «الإفلاس»، ذلك الإعلان الذي لا بدّ منه للتأسيس على أرضيّة خصبة. لذلك قلتُ وأقول إنّي أترجم سيوران للحصول على جرعة من الأمل، خاصّة في مرحلتنا الراهنة التي تكاد تدفع إلى اليأس، لفرط ما انهارت القيم وتراجعت الثقافة وعمّ الفساد وتطاوسَ الجهلُ وعُوقِبت الكفاءة وسادت الأنانيّة المتوحّشة واحتُقِرت المصلحة العامّة وهيمن منطقُ الربح، وتفشّت ذهنيّةُ المحاصصة والغنيمة. فإذا نحن لا نحلم حلماً إلّا أُجهِضَ ولا نخلص من فاسدٍ إلّا حلّ محلّه فاسد، وكأنّنا أمام ديستوبيا يصرّ تاريخُنا على ترجمتها إلى واقع في شكل دعوة مفتوحة للانتحار.
لقد صوّر سيوران، على طريقته، حياةً كابوسيّةً أكثر من هذه الديستوبيا. وتوغّل فيما تدفع إليه من اليأس والإحباط حدّ اختراقهما. حدَّ النفاذ منهما. وليس من برهان على ذلك أفضل من أنّه لم يستسلم إلى اليأس ولم ينتحر، هو «مُنظّر الانتحار» بامتياز أو هكذا يبدو. ربّما لأنّه اهتدى بعد حيرةٍ مدوّخة وبعد بحثٍ مضنٍ إلى طريقة تتيح له تحمّل الحياة، وتتمثّل تلك الطريقة في مساعدة المنهار على الانهيار. هكذا شرع في تفكيك كلّ الخدع والخزعبلات التي يتشبّث بها عالَمٌ هالِكٌ وحضارةٌ منهارة كي يحافظا على بقاء لا فائدة منه. وفي هذا السياق، جاءت شذرته الشهيرة: «كم هو محزن أن نرى أمماً كبيرة تتسوَّلُ قدْراً إضافيّاً من المستقبل».
1
ثمّة في هذه الرؤية السيورانيّة ما قد يصلح، في نظري، لتَحمُّل الحالة العربيّة الراهنة. لا بدّ من تجنّب التعميم طبعاً. فالمرحلة الراهنة لا تخلو من جُزُرٍ نيّرة. لكنّ تلك الجُزُر لا تمنع الإقرار بأنّ الوضع في معظمه معتم، يغلب عليه التشبّث المُقرف بالترقيع والتلفيق والترميم والرعب من الذهاب بالأمور إلى نهاياتها، كما تغلبُ عليه استماتةٌ يُرثَى لها في «التسوُّل العبثيٍّ لقدْرٍ إضافيّ من المستقبل». كأنّ بعضنا مصرٌّ على النفخ في جيفة. لقد جرّبنا «أنصاف الحلول» كُلَّهَا، فلم ننجح إلّا في منع النجاح من التحقّق، مُصرّين على إعادة إنتاج الفشل، كأنْ ليس في الإمكان أفضل ممّا كان. وكأنْ لا مناصَ لنا من معاناةِ الاستبداد والفساد والتبعيّة والعشائريّة والقبَليّة والطائفيّة والشعوبيّة إلى آخر القائمة التي لا يبدو لها أوّل ولا آخر! فإذا نحن نكتفي دائماً بالحدّ الأدنى من كلّ حلم. نتهرّب من حلّ معضلاتنا الفكريّة بشكلٍ جذريّ. نرفض الحسم في خياراتنا الحضاريّة. نتوقّف عند كلّ «هبّة» في منتصف الطريق، عاجزين من ثمّ عن النهوض الحقيقيّ وعن «الثورة الكاملة»، مُحجِمين عن ابتكار أنفُسنا في «الآن والهُنا» لِضَرْبِ موعِدٍ مع غَدِنا. لماذا؟ لأنّنا لا نملك الجرأة الكافية على «تقييد فلسة» كما نقول بالعاميّة التونسيّة. وتعني هذه العبارة الإعلان الواضح الصريح عن «إفلاس» مشروع أو رؤية أو مرحلة أو جيل، والبناء على أرضيّة صلبة للنهوض من جديد.
إنّ من شأن أعمال كأعمال سيوران أن تساعدنا على تمثُّل فكرة «النهاية» باعتبارها محطّةً لا بدّ منها في الطريق إلى كلّ بداية جديدة منشودة، لا يمكن أن تتحقّق ما لم نُتِمَّ طقسَ حِدادِنَا على المرحلة السابقة وما لم نعلن إفلاسها. من ثمّ زعمي بأنّ في قراءته وترجمته ما ينعش الأمل، إذا نحن تعمّقنا في نصوصه وتجاوزْنَا ما تَعمّدَهُ فيها أحياناً من استفزاز وتمويه ساخر لإنتاج ما يسمّيه «سوء التفاهم» الضروريّ لبقاء النصّ.
- آدم فتحي
#شوبنهاور
2
إنّ من شأن أعمال كأعمال سيوران أن تساعدنا على تمثُّل فكرة «النهاية» باعتبارها محطّةً لا بدّ منها في الطريق إلى كلّ بداية جديدة منشودة، لا يمكن أن تتحقّق ما لم نُتِمَّ طقسَ حِدادِنَا على المرحلة السابقة وما لم نعلن إفلاسها. من ثمّ زعمي بأنّ في قراءته وترجمته ما ينعش الأمل، إذا نحن تعمّقنا في نصوصه وتجاوزْنَا ما تَعمّدَهُ فيها أحياناً من استفزاز وتمويه ساخر لإنتاج ما يسمّيه «سوء التفاهم» الضروريّ لبقاء النصّ.
- آدم فتحي
#شوبنهاور
2
@audiobooking1
@kitab_sawti
▪العنوان: فلسفة شوبنهاور - المكان والزمان - حول الإرادة - حول الحياة.
▪النوع: #فلسفة #فكر #نقد #شوبنهاور
▪الوقت: 54 دقيقة
▪الحجم: 49 ميجابايت
@Schopenhauer_Cioran
▪النوع: #فلسفة #فكر #نقد #شوبنهاور
▪الوقت: 54 دقيقة
▪الحجم: 49 ميجابايت
@Schopenhauer_Cioran
خلال ليالي الأرق الطويلة، ونحن نعود بالزمن إلى الوراء، نستعيد حالات الرعب وأفراحنا القديمة، نستعيد أحداث ما قبل تاريخنا، ما قبل ذكرياتنا. يجبرنا الأرق على العودة للأصول وينتقل بنا إلى فجر البدايات؛ يطردنا خارج الزمن ويفرض علينا الإصغاء لآخر ذكرياتنا، والتي هي البدايات.
- إميل #سيوران
- إميل #سيوران
و على الرغم من أننا نعيش متوقعين أشياء أفضل،
فإننا كثيرا ما نندم و نتوق إلى إستعادة الماضي مجددا،
إننا ننظر الى الحاضر بصفته شيء يجب تحمله في أثناء إستمراره،
و على أنه ليس إلا طريقا نحو هدف،
و لذلك فإن معظم الناس إذا نظروا إلى الوراء بعد وصولهم إلى نهاية الحياة،
يكتشفون أنهم كانوا دوما يعيشون مؤقتا،
و سيتفاجؤون إذ يكتشفون أن الشيء ذاته الذي تجاهلوه و تركوه يمر دون أن يستمتعوا به،
كان هو الحياة التي قضوا كل أوقاتهم يتوقعونها .
-أرثر #شوبنهاور / من كتاب " تهمة اليأس ".
فإننا كثيرا ما نندم و نتوق إلى إستعادة الماضي مجددا،
إننا ننظر الى الحاضر بصفته شيء يجب تحمله في أثناء إستمراره،
و على أنه ليس إلا طريقا نحو هدف،
و لذلك فإن معظم الناس إذا نظروا إلى الوراء بعد وصولهم إلى نهاية الحياة،
يكتشفون أنهم كانوا دوما يعيشون مؤقتا،
و سيتفاجؤون إذ يكتشفون أن الشيء ذاته الذي تجاهلوه و تركوه يمر دون أن يستمتعوا به،
كان هو الحياة التي قضوا كل أوقاتهم يتوقعونها .
-أرثر #شوبنهاور / من كتاب " تهمة اليأس ".
« أن تكره العالم وأن تكره نفسك يعني أن تمنح العالم والذات تقديراً أكبر مما ينبغي، وأن تجعل نفسك عاجزاً عن التحرر من كليهما»
إميل #سيوران
إميل #سيوران
« الشئ الوحيد الذي أشعر بالفخر لفهمي له مبكراً جداً قبل العشرينات من عمري، هو أنه لا يجب أن تولد، إن رعب الزواج والأسرة وجميع الاعراف الإجتماعية يأتي من ذلك. إنها جريمة أن تنقل مكامن الخلل الخاصة بك إلى ذرية، وبالتالي إجبارهم على المرور بنفس المحن التي تمر بها، من خلال محنة قد تكون أسوأ من محنتك. لكي أعطي الحياة لشخص يرث مصائبي وعللي، لم أستطع أبداً الموافقة على ذلك.
الآباء جميعهم غير مسؤولين أو قاتلين، يجب أن يسعى الوحوش فقط إلى الإنجاب. الشفقة تمنعنا من أن نكون كهؤلاء الآباء»
إميل #سيوران
الآباء جميعهم غير مسؤولين أو قاتلين، يجب أن يسعى الوحوش فقط إلى الإنجاب. الشفقة تمنعنا من أن نكون كهؤلاء الآباء»
إميل #سيوران
"إقرأ طوال الليل والنهار، إلتهِم الكتب -تلك الحبوب المنوِّمة- ليس لتعرف، إنما لتنسى."
- إميل #سيوران
- إميل #سيوران
اذا كان الوجود والحياه مستحبة ومرغوب بها، فأن الجميع يذهبون الى حاله اللاوعي في النوم، ويخرحون منها مبتهجين، غير أن العكس هو الذي يحدث: الجميع يذهبون مبتهجين إلى النوم ويستيقضون على مضض.
أرثر #شوبنهاور
أرثر #شوبنهاور
Forwarded from الفيلسوف الجديد
على قمم اليأس - إميل سيوران
كوستيكا براداتان
استغرق موت «سيوران» عدّة سنوات قبل أن يبلغ منتهاه. في البداية، ظهرت عليه بعض العلامات المزعجة فقط: ذات يوم، لم يعرف طريق العودة من المدينة إلى المنزل! طريق كان يعرفها (وهو المشَّاء الماهر) حقّ المعرفة. ثم بدأ يفقد جزءاً من الذاكرة. أحياناً، يبدو كأنه لا يعرف جيّداً من يكون، ويبدو أن آخر شيء فقده هو حسّ الفكاهة الرائع لديه. ذات يوم، سأله أحد المارّة في الشارع: «هل أنت «سيوران»؟» فأجابه: «كنت». لكن علامات الخرف أصبحت كثيرة جدّاً وخطيرة: بدأ «سيوران» ينسى بمعدَّل ينذر بالخطر، فأصبح من اللازم إيداعه المستشفى. في النهاية، خانته الكلمات: لم يعد «سيوران» (أحد أفضل كتّاب عصره) قادراً على تسمية الأشياء الأساسية، ثم جاء الدور على العقل. في النهاية، نسي من يكون، تماماً.. في مرحلة من مراحل معاناته الطويلة والنهائية، في لحظة وجيزة من الصفاء الذهني، همس «سيوران» لنفسه: «إنها الاستقالة الشاملة!». لقد كان ذلك هو الفشل النهائي الكبير، وهو لم يفشل في إدراكه على حقيقته.
يرى البعض أن «سيوران» كان أحد أكثر المفكِّرين تخريباً في عصره – «نيتشه» القرن العشرين، لكنه أكثر سوداويةً ودعابةً. وقد اعتقد الكثيرون، خاصّة إبّان شبابه، أنه مجنون خطير، بينما نظر إليه آخرون على أنه مجرَّد شابّ غير مسؤول، بشكل جذّاب، وأنه لا يشكِّل أيّ خطر على الآخرين، بل على نفسه، فقط. عندما سلَّم كتابه عن التصوّف للمطبعة، رفض الذي يقوم بالطبع -وهو رجل طيب يتَّقي الله – أن يلمسه، بعدما أدرك (التجديف) الذي يتَّسم به محتواه؛ قام الناشر بنفض يده من الموضوع، فاضطر المؤلِّف إلى نشر ذلك (التجديف) في مكان آخر، على نفقته. فمن كان ذلك الرجل؟
«إميل سيوران» (1911 – 1995)، فيلسوف فرنسي، رومانيّ المولد، ومؤلِّف بما يربو على عشرين كتاباً عن الجمال المتوحِّش والمقلق. إنه كاتب مقالات على الطريقة التقليدية الفرنسية الجميلة. ورغم أن الفرنسية لم تكن هي لغته الأمّ فإن الكثيرين يعدّونه من أفضل مَنْ كتبوا بتلك اللّغة. أسلوبه في الكتابة غريب الأطوار، غير منهجي، وشذريّ. لقد تمَّ الاحتفاء به بصفته واحداً من أعظم أرباب الحِكَم. لكن «الشذرة» لم تكن، بالنسبة إلى «سيوران»، مجرد أسلوب كتابة: كانت مهنةً وأسلوبَ حياة، وقد أطلق على نفسه اسم «رجل الشذرة».
غالباً ما يناقض «سيوران» نفسه، لكن هذا آخر شيء يثير قلقه؛ فهو لا يعتبر التناقض الذاتي ضعفاً، بل دليلاً على أن العقل حيّ. فالكتابة ليست، في اعتقاده، أن يتميَّز الكاتب بالثبات، والإقناع، أو الترفيه عن القرّاء، بل إن ذلك لا يمتّ بِصِلة حتى للأدب. للكتابة، عند «سيوران»، تماماً، كما كان لها عند «مونتيني – Montaigne» قبل عدّة قرون خلت، وظيفة أداء تُميّزها عن سواها: لا يكتب الكاتب ليبدع نصّاً، بل ليشتغل على نفسه؛ ليعيد لَمَّ شمله بعد حدوث كارثة شخصية، أو ليُخرج نفسه من حالة اكتئاب سيِّئة؛ ليتعايش مع مرض مميت، أو ليبكي على فقدان صديق حميم. يكتب الكاتب لكي لا يصاب بالجنون، لكي لا يقتل نفسه أو يقتل الآخرين.
1
كوستيكا براداتان
استغرق موت «سيوران» عدّة سنوات قبل أن يبلغ منتهاه. في البداية، ظهرت عليه بعض العلامات المزعجة فقط: ذات يوم، لم يعرف طريق العودة من المدينة إلى المنزل! طريق كان يعرفها (وهو المشَّاء الماهر) حقّ المعرفة. ثم بدأ يفقد جزءاً من الذاكرة. أحياناً، يبدو كأنه لا يعرف جيّداً من يكون، ويبدو أن آخر شيء فقده هو حسّ الفكاهة الرائع لديه. ذات يوم، سأله أحد المارّة في الشارع: «هل أنت «سيوران»؟» فأجابه: «كنت». لكن علامات الخرف أصبحت كثيرة جدّاً وخطيرة: بدأ «سيوران» ينسى بمعدَّل ينذر بالخطر، فأصبح من اللازم إيداعه المستشفى. في النهاية، خانته الكلمات: لم يعد «سيوران» (أحد أفضل كتّاب عصره) قادراً على تسمية الأشياء الأساسية، ثم جاء الدور على العقل. في النهاية، نسي من يكون، تماماً.. في مرحلة من مراحل معاناته الطويلة والنهائية، في لحظة وجيزة من الصفاء الذهني، همس «سيوران» لنفسه: «إنها الاستقالة الشاملة!». لقد كان ذلك هو الفشل النهائي الكبير، وهو لم يفشل في إدراكه على حقيقته.
يرى البعض أن «سيوران» كان أحد أكثر المفكِّرين تخريباً في عصره – «نيتشه» القرن العشرين، لكنه أكثر سوداويةً ودعابةً. وقد اعتقد الكثيرون، خاصّة إبّان شبابه، أنه مجنون خطير، بينما نظر إليه آخرون على أنه مجرَّد شابّ غير مسؤول، بشكل جذّاب، وأنه لا يشكِّل أيّ خطر على الآخرين، بل على نفسه، فقط. عندما سلَّم كتابه عن التصوّف للمطبعة، رفض الذي يقوم بالطبع -وهو رجل طيب يتَّقي الله – أن يلمسه، بعدما أدرك (التجديف) الذي يتَّسم به محتواه؛ قام الناشر بنفض يده من الموضوع، فاضطر المؤلِّف إلى نشر ذلك (التجديف) في مكان آخر، على نفقته. فمن كان ذلك الرجل؟
«إميل سيوران» (1911 – 1995)، فيلسوف فرنسي، رومانيّ المولد، ومؤلِّف بما يربو على عشرين كتاباً عن الجمال المتوحِّش والمقلق. إنه كاتب مقالات على الطريقة التقليدية الفرنسية الجميلة. ورغم أن الفرنسية لم تكن هي لغته الأمّ فإن الكثيرين يعدّونه من أفضل مَنْ كتبوا بتلك اللّغة. أسلوبه في الكتابة غريب الأطوار، غير منهجي، وشذريّ. لقد تمَّ الاحتفاء به بصفته واحداً من أعظم أرباب الحِكَم. لكن «الشذرة» لم تكن، بالنسبة إلى «سيوران»، مجرد أسلوب كتابة: كانت مهنةً وأسلوبَ حياة، وقد أطلق على نفسه اسم «رجل الشذرة».
غالباً ما يناقض «سيوران» نفسه، لكن هذا آخر شيء يثير قلقه؛ فهو لا يعتبر التناقض الذاتي ضعفاً، بل دليلاً على أن العقل حيّ. فالكتابة ليست، في اعتقاده، أن يتميَّز الكاتب بالثبات، والإقناع، أو الترفيه عن القرّاء، بل إن ذلك لا يمتّ بِصِلة حتى للأدب. للكتابة، عند «سيوران»، تماماً، كما كان لها عند «مونتيني – Montaigne» قبل عدّة قرون خلت، وظيفة أداء تُميّزها عن سواها: لا يكتب الكاتب ليبدع نصّاً، بل ليشتغل على نفسه؛ ليعيد لَمَّ شمله بعد حدوث كارثة شخصية، أو ليُخرج نفسه من حالة اكتئاب سيِّئة؛ ليتعايش مع مرض مميت، أو ليبكي على فقدان صديق حميم. يكتب الكاتب لكي لا يصاب بالجنون، لكي لا يقتل نفسه أو يقتل الآخرين.
1