أكبر خدمة يُمكن أن نسديها إلى كاتب، أن نمنعهُ من العمل لمدة معينة. نحتاج في ذلك إلى دكتاتوريات قصيرة المدى، تعمل على إيقاف كلّ نشاط ذهني. حرّيّة التعبير من دون أيّ انقطاع، تُعرّض أصحاب المواهب إلى خطرٍ قاتل. تضطرّهم إلى جهدٍ يستنفد مواردهم ويمنعهم من تخزين الأحاسيس و التجارب.
إميل #سيوران
إميل #سيوران
Forwarded from باروخ سبينوزا
سبينوزا وشوبنهاور ونيتشه في روايات إرفين يالوم
- مازن الناصر - كاتب سوري
وظّف الروائي الأميركي إرفين يالوم (1931م- ) فنَّ الرواية في تقديم سير ثلاثة أعلام كبار في الفلسفة الحديثة ممّن كان لهم أثرٌ كبيرٌ في الثقافة الأوربية، والفكر الغربي. يعدُّ سبينوزا (1632- 1677م) من أوائل المفكرين الذين بشّروا بالعلمانية، وظهور الدولة السياسية الليبرالية، ومهدوا الطريق إلى التنوير. وقد تركت فلسفة شوبنهاور أثرًا كبيرًا لدى المفكرين والمبدعين الأوربيين في القرن العشرين مثل إميل سيوران (1911 – 1995م) وتوماس برنهارد (1931-1989م) وميلان كونديرا (1929م- ). أما نيتشه (1844- 1900م) فقد أثارت فلسفته جدلًا كبيرًا بين المفكرين المعاصرين حول الحداثة وما بعد الحداثة؛ إذ رأى يورغن هابرماس (1929م) أن فلسفته «تمثل مفترق طرق ما بعد الحداثة»(١) أما جياني فاتيمو (1936م) فقد وضع فلسفته في نهاية الحداثة(٢). شغلت حياة هؤلاء الفلاسفة وسيرهم اهتمام الروائي إرفين يالوم فكتب ثلاث روايات تناولت حياتهم ومواقفهم الفلسفية.
عندما بكى نيتشه
سردَ إرفين يالوم في رواية «عندما بكى نيتشه»، الصادرة سنة 2015م، أحداثًا مهمة من حياة نيتشه، وعرض فيها أفكاره ومواقفه حول القيم الإنسانية والدين والأساطير، وعلاقته بأخته إليزابيث، وحبه للكاتبة والمحللة النفسية لو سالومي (1861 – 1937م) التي عُرِفَت بعلاقاتها مع أبرز مفكري وأدباء القرن التاسع عشر، مثل الشاعر الألماني ريلكه (1875 – 1926م) وفرويد (1856 – 1939م).
عرف نيتشه سالومي عن طريق صديقه بول ري سنة 1882م، وأقام معها علاقة عاطفية ما لبثت أن انتهت بسبب صديقه بول ري، وأخته إليزابيث. وقد استغل الروائي هذه العلاقة ليقدم مادته السردية؛ إذ تبدأ الرواية بحدثٍ متخيّلٍ وهو وصول رسالة من لو سالومي إلى الطبيب جوزيف بروير (1842- 1925م) تطلبُ منه أن تلتقيه لكي تقترح عليه أن يقوم بعلاج نيتشه الذي يعاني اكتئابًا حادًّا. وبعد ذلك، تنشأ علاقة صداقة بين الطبيب ونيتشه تتيح للروائي إمكانية عرض مواقف نيتشه وأفكاره الفلسفية حول الإنسان والحياة والموت والقيم الأخلاقية.
يركّز إرفين يالوم في هذه الرواية على مدة زمنية محددة، وهي الشهور الأخيرة من عام 1882م، ويعود السبب في ذلك إلى أن نيتشه كان في هذه المدة يعاني الاكتئابَ الذي تبدّت آثاره من خلال الرسائل التي أرسلها إلى لو سالومي، ومنها قوله في الرسالة المؤرّخة في كانون الأول 1882م: «سواء أكنتُ أعاني كثيرًا أم لا فهذا أمر غير ذي أهمية مقارنة بالسؤال فيما إذا وجدتِ، عزيزتي لو، أم لم تجدي نفسَكِ مرةً أخرى. فلم أتعامل قط مع شخص مسكين مثلك. جاهلة لكنك سريعة البديهة… لا يُعتمد عليكِ. سيئة السلوك وفظة في أمور الشرف. عقل يدل على شخص فيه روح قطة مفترسة في ثياب حيوان أليف».
علاج شوبنهاور
تناول إرفين يالوم في هذه الرواية الصادرة سنة 2018م حياة الفيلسوف شوبنهاور من خلال مستويين في السرد، تمحور الأول منهما حول أحداث متخيّلة تبدأ بمعرفة الطبيب النفساني جوليوس بإصابته بسرطان في الجلد، ما يعني أن حياته قد اقتربت من نهايتها، وهذا ما يدفعه إلى الاتصال بمريض اسمه سلايت فيليب الذي جاء إليه قبل عشرين سنة ليعالج نفسه من تكريس حياته كلها وطاقته الحيوية لممارسة الجنس. وبعد ثلاث سنوات من بدء العلاج ينقطع فيليب فجأةً عن زيارة الطبيب الذي قرر، بعد معرفة إصابته بالسرطان، أن يتواصل معه مجددًا لكي يعرف إنْ كان قد تخلص من مشكلته أم لا، فيخبره فيليب أنه وجد علاجه في فلسفة شوبنهاور. يوفر هذا الحدث للروائي ذريعة الانتقال إلى المستوى الثاني من السرد الذي يقوم على عرض سيرة الفيلسوف شوبنهاور وحياته منذ ولادته حتى وفاته، مستعرضًا مواقفه، وأفكاره التشاؤمية، محاولًا معرفة مصدر التشاؤم في فلسفته.
مشكلة سبينوزا
يعترف إرفين يالوم في مقدمة هذه الرواية التي صدرت سنة 2019م أنه وجد صعوبة في كتابة قصة تدور حول الفيلسوف الهولندي سبينوزا؛ بسبب قلة المعلومات التي تتحدث عن حياة هذا الفيلسوف، والتي من شأنها أن تساعده في تقديم مادته السردية. ويعود السبب في قلة هذه المعلومات إلى أن رجال الدين اليهودي في هولندا قد أصدروا قرارًا يطردُ سبينوزا من اليهودية، ويفرض على كل اليهود أن ينبذوه، وأن يعرضوا عنه طوال حياته، وألا يكلموه، وألا يقيموا معه علاقة تجارية، وألا يقرؤوا أي كلمة يكتبها؛ لذلك استند الروائي في روايته إلى قصةٍ استمد أحداثها من أفكار سبينوزا وآرائه التي عبر عنها في كتابيه «رسالة في اللاهوت والسياسة» و«الأخلاق»، فضلًا عن الأحداث الواقعية التي وردت في سيرة هذا الفيلسوف، ومنها أن شابين جاءا إلى سبينوزا وتحدثا معه بغية تشجيعه على البوح بأفكاره الهرطقية، ومن ثم ذهبا إلى الحاخام مورتيرا ليقدما وشايتهما.
1
- مازن الناصر - كاتب سوري
وظّف الروائي الأميركي إرفين يالوم (1931م- ) فنَّ الرواية في تقديم سير ثلاثة أعلام كبار في الفلسفة الحديثة ممّن كان لهم أثرٌ كبيرٌ في الثقافة الأوربية، والفكر الغربي. يعدُّ سبينوزا (1632- 1677م) من أوائل المفكرين الذين بشّروا بالعلمانية، وظهور الدولة السياسية الليبرالية، ومهدوا الطريق إلى التنوير. وقد تركت فلسفة شوبنهاور أثرًا كبيرًا لدى المفكرين والمبدعين الأوربيين في القرن العشرين مثل إميل سيوران (1911 – 1995م) وتوماس برنهارد (1931-1989م) وميلان كونديرا (1929م- ). أما نيتشه (1844- 1900م) فقد أثارت فلسفته جدلًا كبيرًا بين المفكرين المعاصرين حول الحداثة وما بعد الحداثة؛ إذ رأى يورغن هابرماس (1929م) أن فلسفته «تمثل مفترق طرق ما بعد الحداثة»(١) أما جياني فاتيمو (1936م) فقد وضع فلسفته في نهاية الحداثة(٢). شغلت حياة هؤلاء الفلاسفة وسيرهم اهتمام الروائي إرفين يالوم فكتب ثلاث روايات تناولت حياتهم ومواقفهم الفلسفية.
عندما بكى نيتشه
سردَ إرفين يالوم في رواية «عندما بكى نيتشه»، الصادرة سنة 2015م، أحداثًا مهمة من حياة نيتشه، وعرض فيها أفكاره ومواقفه حول القيم الإنسانية والدين والأساطير، وعلاقته بأخته إليزابيث، وحبه للكاتبة والمحللة النفسية لو سالومي (1861 – 1937م) التي عُرِفَت بعلاقاتها مع أبرز مفكري وأدباء القرن التاسع عشر، مثل الشاعر الألماني ريلكه (1875 – 1926م) وفرويد (1856 – 1939م).
عرف نيتشه سالومي عن طريق صديقه بول ري سنة 1882م، وأقام معها علاقة عاطفية ما لبثت أن انتهت بسبب صديقه بول ري، وأخته إليزابيث. وقد استغل الروائي هذه العلاقة ليقدم مادته السردية؛ إذ تبدأ الرواية بحدثٍ متخيّلٍ وهو وصول رسالة من لو سالومي إلى الطبيب جوزيف بروير (1842- 1925م) تطلبُ منه أن تلتقيه لكي تقترح عليه أن يقوم بعلاج نيتشه الذي يعاني اكتئابًا حادًّا. وبعد ذلك، تنشأ علاقة صداقة بين الطبيب ونيتشه تتيح للروائي إمكانية عرض مواقف نيتشه وأفكاره الفلسفية حول الإنسان والحياة والموت والقيم الأخلاقية.
يركّز إرفين يالوم في هذه الرواية على مدة زمنية محددة، وهي الشهور الأخيرة من عام 1882م، ويعود السبب في ذلك إلى أن نيتشه كان في هذه المدة يعاني الاكتئابَ الذي تبدّت آثاره من خلال الرسائل التي أرسلها إلى لو سالومي، ومنها قوله في الرسالة المؤرّخة في كانون الأول 1882م: «سواء أكنتُ أعاني كثيرًا أم لا فهذا أمر غير ذي أهمية مقارنة بالسؤال فيما إذا وجدتِ، عزيزتي لو، أم لم تجدي نفسَكِ مرةً أخرى. فلم أتعامل قط مع شخص مسكين مثلك. جاهلة لكنك سريعة البديهة… لا يُعتمد عليكِ. سيئة السلوك وفظة في أمور الشرف. عقل يدل على شخص فيه روح قطة مفترسة في ثياب حيوان أليف».
علاج شوبنهاور
تناول إرفين يالوم في هذه الرواية الصادرة سنة 2018م حياة الفيلسوف شوبنهاور من خلال مستويين في السرد، تمحور الأول منهما حول أحداث متخيّلة تبدأ بمعرفة الطبيب النفساني جوليوس بإصابته بسرطان في الجلد، ما يعني أن حياته قد اقتربت من نهايتها، وهذا ما يدفعه إلى الاتصال بمريض اسمه سلايت فيليب الذي جاء إليه قبل عشرين سنة ليعالج نفسه من تكريس حياته كلها وطاقته الحيوية لممارسة الجنس. وبعد ثلاث سنوات من بدء العلاج ينقطع فيليب فجأةً عن زيارة الطبيب الذي قرر، بعد معرفة إصابته بالسرطان، أن يتواصل معه مجددًا لكي يعرف إنْ كان قد تخلص من مشكلته أم لا، فيخبره فيليب أنه وجد علاجه في فلسفة شوبنهاور. يوفر هذا الحدث للروائي ذريعة الانتقال إلى المستوى الثاني من السرد الذي يقوم على عرض سيرة الفيلسوف شوبنهاور وحياته منذ ولادته حتى وفاته، مستعرضًا مواقفه، وأفكاره التشاؤمية، محاولًا معرفة مصدر التشاؤم في فلسفته.
مشكلة سبينوزا
يعترف إرفين يالوم في مقدمة هذه الرواية التي صدرت سنة 2019م أنه وجد صعوبة في كتابة قصة تدور حول الفيلسوف الهولندي سبينوزا؛ بسبب قلة المعلومات التي تتحدث عن حياة هذا الفيلسوف، والتي من شأنها أن تساعده في تقديم مادته السردية. ويعود السبب في قلة هذه المعلومات إلى أن رجال الدين اليهودي في هولندا قد أصدروا قرارًا يطردُ سبينوزا من اليهودية، ويفرض على كل اليهود أن ينبذوه، وأن يعرضوا عنه طوال حياته، وألا يكلموه، وألا يقيموا معه علاقة تجارية، وألا يقرؤوا أي كلمة يكتبها؛ لذلك استند الروائي في روايته إلى قصةٍ استمد أحداثها من أفكار سبينوزا وآرائه التي عبر عنها في كتابيه «رسالة في اللاهوت والسياسة» و«الأخلاق»، فضلًا عن الأحداث الواقعية التي وردت في سيرة هذا الفيلسوف، ومنها أن شابين جاءا إلى سبينوزا وتحدثا معه بغية تشجيعه على البوح بأفكاره الهرطقية، ومن ثم ذهبا إلى الحاخام مورتيرا ليقدما وشايتهما.
1
Forwarded from باروخ سبينوزا
وكذلك، استند يالوم إلى تجربته وخبرته في الطب النفسي في بناء قصته، وخصوصًا ما يخص تصوير المشاعر العاطفية لسبينوزا ورد فعله بعد صدور قرار الطرد. ومع ذلك، فإن الروائي لم يكتفِ في روايته بما توافر لديه من وثائق تاريخية، وما اكتسبه من خبرة في مجال الطب النفسي، وما استمده من كتب سبينوزا، وإنما عمد إلى تقديم سيرة ذاتية للمنظر السياسي في الحزب النازي ألفريد روزنبيرغ (1893- 1946م) الذي أُعدمَ بعد نهاية الحرب العالمية الثانية.
وعلى الرغم من أن روزنبيرغ لم يعاصر سبينوزا، وأن الأول سياسيٌّ والثاني فيلسوف، فإن يالوم قد وجد في حدث تاريخي ذريعةً للربط بين هاتين الشخصيتين في الرواية؛ إذ أمرَ روزنبيرغ بعد وصول النازيين إلى هولندا بنهب جميع محتويات متحف سبينوزا، ونقلها إلى مكانٍ بعيد. يفسر يالوم هذا الحدث التاريخي بأن روزنبيرغ أراد أن يكتشف مشكلة سبينوزا. وعلى هذا الأساس، قدّم إرفين يالوم في رواية مشكلة سبينوزا سيرتين لشخصيتين متناقضتين بوصفهما تجسيدًا للصراع بين الخير والشر.
تروي هذه الروايات الثلاث سير سبينوزا، وشوبنهاور، ونيتشه، إلا أن ذلك لا يعني أن شخصية الروائي لم تظهر فيما سرده من أحداث ووقائع؛ إذ يمكن لقارئ رواية «عندما بكى نيتشه» أن يستشف تعاطف الراوي مع نيتشه ولا سيما في سياق الحديث عن علاقة الأخير بلو سالومي، وفي رواية علاج شوبنهاور لا بد للقارئ أن يدرك رفض يالوم تشاؤم شوبنهاور، ومواقفه حول الحياة الإنسانية، وهذا ما تجلى في نهاية الرواية من خلال شخصية فيليب، أما في رواية مشكلة سبينوزا فإن إعجاب يالوم بأفكار سبينوزا وفلسفته لا يخفى على قارئها.
إن هذه الروايات من شأنها أن تقدّم مادةً علميةً تمكّن القارئ من معرفة آراء هؤلاء الفلاسفة ومواقفهم وأفكارهم الفلسفية وعلاقاتهم الأسرية والاجتماعية، وأوضاع حياتهم التي أسهمت في تكوين فلسفاتهم، فضلًا عما توفّره من متعةٍ منبثقةٍ من خصوصية الجنس الروائي وتميّزه مِن غيره من الأجناس الأدبية، ولا سيما قدرته على استيعاب ما لا يمكن أن يستوعبه جنسٌ أدبي آخر.
المراجع:
(١) يورغن هابرماس: القول الفلسفي في الحداثة، ترجمة: فاطمة الجيوشي، منشورات وزارة الثقافة السورية، 1995م، ص137.
(٢) جياني فاتيمو: نهاية الحداثة، ترجمة: فاطمة الجيوشي، منشورات وزارة الثقافة السورية، 1998م، ص184.
(٣) إرفين يالوم: عندما بكى نيتشه، ترجمة: خالد الجبيلي، منشورات الجمل، بغداد- بيروت، 2015م.
(٤) إرفين يالوم: علاج شوبنهاور، ترجمة: خالد الجبيلي، منشورات الجمل، بغداد- بيروت، 2018م.
(٥) إرفين يالوم: مشكلة سبينوزا، ترجمة: خالد الجبيلي، منشورات الجمل، بغداد – بيروت، 2019م.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(*) مجلة الفيصل - يوليو 2022
2
وعلى الرغم من أن روزنبيرغ لم يعاصر سبينوزا، وأن الأول سياسيٌّ والثاني فيلسوف، فإن يالوم قد وجد في حدث تاريخي ذريعةً للربط بين هاتين الشخصيتين في الرواية؛ إذ أمرَ روزنبيرغ بعد وصول النازيين إلى هولندا بنهب جميع محتويات متحف سبينوزا، ونقلها إلى مكانٍ بعيد. يفسر يالوم هذا الحدث التاريخي بأن روزنبيرغ أراد أن يكتشف مشكلة سبينوزا. وعلى هذا الأساس، قدّم إرفين يالوم في رواية مشكلة سبينوزا سيرتين لشخصيتين متناقضتين بوصفهما تجسيدًا للصراع بين الخير والشر.
تروي هذه الروايات الثلاث سير سبينوزا، وشوبنهاور، ونيتشه، إلا أن ذلك لا يعني أن شخصية الروائي لم تظهر فيما سرده من أحداث ووقائع؛ إذ يمكن لقارئ رواية «عندما بكى نيتشه» أن يستشف تعاطف الراوي مع نيتشه ولا سيما في سياق الحديث عن علاقة الأخير بلو سالومي، وفي رواية علاج شوبنهاور لا بد للقارئ أن يدرك رفض يالوم تشاؤم شوبنهاور، ومواقفه حول الحياة الإنسانية، وهذا ما تجلى في نهاية الرواية من خلال شخصية فيليب، أما في رواية مشكلة سبينوزا فإن إعجاب يالوم بأفكار سبينوزا وفلسفته لا يخفى على قارئها.
إن هذه الروايات من شأنها أن تقدّم مادةً علميةً تمكّن القارئ من معرفة آراء هؤلاء الفلاسفة ومواقفهم وأفكارهم الفلسفية وعلاقاتهم الأسرية والاجتماعية، وأوضاع حياتهم التي أسهمت في تكوين فلسفاتهم، فضلًا عما توفّره من متعةٍ منبثقةٍ من خصوصية الجنس الروائي وتميّزه مِن غيره من الأجناس الأدبية، ولا سيما قدرته على استيعاب ما لا يمكن أن يستوعبه جنسٌ أدبي آخر.
المراجع:
(١) يورغن هابرماس: القول الفلسفي في الحداثة، ترجمة: فاطمة الجيوشي، منشورات وزارة الثقافة السورية، 1995م، ص137.
(٢) جياني فاتيمو: نهاية الحداثة، ترجمة: فاطمة الجيوشي، منشورات وزارة الثقافة السورية، 1998م، ص184.
(٣) إرفين يالوم: عندما بكى نيتشه، ترجمة: خالد الجبيلي، منشورات الجمل، بغداد- بيروت، 2015م.
(٤) إرفين يالوم: علاج شوبنهاور، ترجمة: خالد الجبيلي، منشورات الجمل، بغداد- بيروت، 2018م.
(٥) إرفين يالوم: مشكلة سبينوزا، ترجمة: خالد الجبيلي، منشورات الجمل، بغداد – بيروت، 2019م.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(*) مجلة الفيصل - يوليو 2022
2
إن الحب قناع تختفي خلفه الغريزة الجنسية، وما أن ينكشف وجه الحقيقة البشع حتى تتجلى عبودية الفرد لأهداف وغايات تتجاوزه. وفي الواقع، حتى إن اتشح الحب بثوب العذرية والنقاء، أو زين بنزعة شاعرية فإن جذوره ضاربة اطنابها في الغريزة الجنسية. بل الأدهى والأمرّ أن ذلك الذي يسمى حباً لا يهدف إلا إلى تأمين خلود النوع البشري في أنقى وأخلص صوره.
- ميتافيزيقا الحب أرثر #شوبنهاور
- ميتافيزيقا الحب أرثر #شوبنهاور
" هناك حقيقة ثابتة لابد لي ولأسفي الكبير أن اتحقق منها في كل لحظة ألا وهي أن الذين لا يفكرون أبداً هم السعداء. بعبارة أخرى الذين لا يجهدون أنفسهم في التفكير كثيراً إلا من أجل الأشياء الضرورية للحياة.
أما التفكير الحقيقي فمثله مثل شيطان يعكر منابع الحياة الصافية، أو هو شبيه بمرض يصيب الجذور ذاتها"
إميل سيوران / من كتاب :"على مرتفعات اليأس"
أما التفكير الحقيقي فمثله مثل شيطان يعكر منابع الحياة الصافية، أو هو شبيه بمرض يصيب الجذور ذاتها"
إميل سيوران / من كتاب :"على مرتفعات اليأس"
اللحظَة التِي تُسَوِّلُ لَنَا أنَنَا فَهِمْنَا كُلَ شَيءً تَمْنَحُنَا هَيئَةَ القَتَلَة.
إميل #سيوران
إميل #سيوران
من أجل القلة الذين سبقوا عصرهم والذين اهتموا بفلسفتي ، أقوم بكسر سبعة عشر عامًا من الصمت من أجل تقديم بعض الدعم الذي تلقته فلسفتي من التجريبيين غير المتحيزين الذين لم يكونوا على دراية بها ، والتي كانت طريقتها ، التي تهدف إلى المعرفة من التجربة فقط ، تسمح لهم باكتشاف ما قدمته نظريتي في نهايتها على أنها النقطة الميتافيزيقية التي يمكن من خلالها شرح التجربة بشكل عام. هذا الموقف مشجع للغاية لأنه يميز نظامي عن جميع الأنظمة السابقة ، وكلها ، باستثناء أحدثها من قبل كانط ، لا تزال تترك فجوة واسعة بين نتائجها وخبراتها ، وهي بعيدة جدًا عن الوصول الفوري إلى تجربة ولمسها. تثبت الميتافيزيقيا الخاصة بي أنها الوحيدة التي لديها بالفعل نقطة اتصال مشتركة مع العلوم الفيزيائية ، وهي النقطة التي يلتقون بها بوسائلهم الخاصة ، بحيث يتواصلون معها ويتفقون معها ؛ وفي الواقع لا يتم تحقيق ذلك عن طريق التواء وإجبار العلوم التجريبية على أن تتناسب مع الميتافيزيقيا ، ولا عن طريق تجريد الميتافيزيقيا سرًا مسبقًا من العلوم التجريبية ثم ، بطريقة شيلينغ ، إيجاد بداهة ما تعلمته لاحقًا ؛ بدلاً من ذلك ، يلتقي كلاهما بمفردهما وبدون تآمر في نفس النقطة. لذلك ، فإن نظامي ، مثل كل الأنظمة السابقة ، لا يطفو في الهواء عالياً فوق كل الواقع والخبرة ، ولكنه ينحدر إلى أرض الواقع الثابتة حيث تستقبل العلوم الفيزيائية المتعلم بدورها.
#على الجذور الرباعية لمبدأ العقل الكافي وكتابات أخرى
#شوبنهاور
_ترجمة (ب.س)..
#على الجذور الرباعية لمبدأ العقل الكافي وكتابات أخرى
#شوبنهاور
_ترجمة (ب.س)..
لا يكون الإنسان سعيداً أبداً، بل يقضي حياته كلها يصارع بحثاً عن شيء يعتقد أنه سيجعله سعيداً، ونادراً ما يصل إلى هدفه، وحتى حين يصل، يصل ليُصاب بخيبة الأمل، وفي أغلب الأحيان تتحطم سفينته في النهاية ويصل إلى المرفأ بلا أشرعة. وبعد أن يمضي كل ذلك فسيّان إذا ما كان سعيداً أو تعيساً لأن حياته لم تكن أكثر من لحظة حاضرة تتلاشى باستمرار وها هي الآن انتهت.
_آرثر شوبنهاور
_ كتاب : تهمة اليأس
_آرثر شوبنهاور
_ كتاب : تهمة اليأس