Telegram Web Link
لقد بدأنا نعرف ما معنى الزمن
عندما نعود إلى البيت وحيدين
متشابكي القلوب والأصابع
بدأنا نعرف ما تعني الصخور النائمة في البحر
الشمس النائمة في السماء
والأغاني النائمة في المقبرة
بدأنا نعرف لماذا ننام ونأكل
ونسير في الشوارع بلا هدف
حيث في كلّ خطوةٍ قمرٌ مكسور
حيث في كلّ كلمةٍ قبلةٌ مذبوحة
حيث في كلّ (صباح الخير) طلقةٌ مخبأةٌ
لم نستطع أن نمزِّق بها دماغ صيَّاد
لقد بدأنا نعرف ونفكِّر ونتألَّم بشكلٍ حسنْ
محاولين أن نقول للفتاةٍ الجميلة:
(هذه المظلَّة لا تصلح للوقاية من النار هذا الثوب لا يصلح للقيام بنزهة إلى الغابة
هذه الأصابع لا تصلح لمداعبة قطَّة
وهاتان العينان المليئتان بالسنابل
لا تصلحان لرؤية الجوع
وهو يتقلَّب بعنف فوق فراشِ شائِك)

ههنا كل شيءٍ مريض:

البشر والحيوانات والأزهار
القوانين والدول
الآلهة الطيِّبة والشياطين الشرِّيرة
الذين رحلوا عنَّا
والذين ما زالوا يتشبَّثون بنا
مثلما تشبَّث السندباد بجسم حوت بليد
معتقدًا أنَّه صخرة
وها نحن نغوصُ
مرضىً ومعذَّبين ومُتعبين وجوعى
في هذه الهاوية الرحبة
التي اسمها (حياتنا)
نعرف ونفكِّر ونتألَّم بشكلٍ حسن
نعرف لون الأفق في السادسة صباحًا
لون الطفل وهو يغادرُ صباحه إلى الأبد
ولون الصباح الذي لا يزورنا
إلاَّ عندما نشعر بحاجة إلى النوم.
..
أنتَ،
اِخلع عنك الحياة وأذهب بصراحة إلى الموت
الموت يا عزيزي سمكة لن تقبضَ عليها
إلاَّ إذا كانت يداك جافَّتين
ومشاعرك حافية
..
أنتِ،
اِخلعي حياتك وأوقدي شمعة
ولا تفكِّري كثيرًا بشهداء الأقاليم
لا تفكِّري بالبحَّارة التعساء
ولا بالقرصان الجميل
ولا تفكِّري بإفريقيا الخضراء
ولا بآسيا الرماديَّة
لا تفكِّري بالبجع ولا بالتماسيح
لا بالنهر ولا بالزورق
فقط اتركي نفسك بهدوء قرب شمعة
بذاكرة بيضاء وقلب صافٍ
ولنحاول معًا أن نعرف ما معنى الزمن
عندما، كجنديٍّ مسكين
يمدُّ ذراعه السليمة
طالبًا منَّا صدقة
جنديّ مسكين أو امرأة نحيلة
على السرير العاري كانا يموتان
(بهدوء... بهدوء... بهدوء)

تفتح المرأة عينيها وتنظر إلى الجندي بدهشة
يفتح الجندي ساعديه ويضمُّ المرأة بخوف
بدهشة وخوف كانا يموتان
والعالم حولهما يتداعى ويختفي
والناس
الناس الوادعون
الطيِّبون
الأبرياء حتَّى رؤوس أصابعهم
كانوا ينظرون إليهما بلامبالاة
وحينما انتفض الجندي وطلب سيجارة
وحينما انتفضت المرأة وأعطته السيجارة
فتح الهواء الباب وأطفأ عيدان الثقاب...

أنا رجل مسكين
وأنتِ امرأةٌ نحيلة

أنا بعيد
وأنتِ مثلي مثلي مثلي بعيدة

يداك الملوَّثتان بالحبّ
لا تغسليهما
الوحش المقتول في قلبك
اتركيهِ هناك يتفصَّد موتًا
ذثِّريه بالأغاني وضعي يديه فوق صدره
وغدًا، أو اليوم،
عندما تصبح الحريَّة كالهواء مباحة
عندما يتداعى الأباطرة كالجدران القديمة
عندما يمتلك الجميع قليلاً من الرصاص
وكثيرًا من القلب
وغدًا، أو اليوم،
عندما نعرف ونفكِّر ونتألَّم بشكل حسن
وغدًا، أو اليوم،
سنحاول أن نسير في الشارع
نتكلَّم بغبطة وبلا خجل
ووحيدين نعود إلى البيت
متشابكي القلوب والأصابع
وللشجر أن يكون أشد اخضرارًا
وللبحر أن يكون أشد اتِّساعًا
ومثلما يحقُّ للسكِّين أن يكون حادًّا ومؤلمًا
فللخطيئة الجميلة حقّها في أن تتكاثر كالأرانب
حيثُ في كلّ خطوةٍ قمرٌ مكسور
حيثُ
في
كلّ
كلمةٍ
قبلةٌ
مذبوحة.

_رياض الصالح الحسين
أغمضت المقلتين
ومضيت
بعد إنطفائها
مازال الانتظار مرتحلٌ
والذي لايجيء قبضُ رمادْ
فالتجيء له
وأهجر الجدار
وسادتك الرصيف
وطعامك بقايا فضلات المزابل
التوجس والدهشة والحيرة وأيام اللاجدوى
فراشك وغطاؤك وزادك دوما
فأغمض المقلتين كذلك أنت إلى الأبد
مازلت مرتحلا وستظل،
داخل روحك
فإلى متى ياعقيل علي
مامن خلاص؟
أهذه مايسمى حياة
كلا،
أنه الموت في الحياة كل رمشة جفن
أنه إذن ماتبقى من مامحسوب عليك حياة بيديك
وكفى
كفى.

_عقيل علي
كنت تحبهم بكل يأسك
هم الذين يقفون الآن مثل جدار أمامك
انهم لا يريدون فكاكا ً من حقيقة انهم قد امتلكوك إلى الأبد
يضم أحزان العالم في صرة ثقيلة تجهد كاهله :
أنت وحدك من علمني أن أغترف بيدي أغصان المعرفة و باليد الأخرى هشيمها
ربما اجعل أحلامي محطات اذهب إليها و على كتفي جهات أربع ..

_عقيل علي
عقيل علي - لـ كرّار السّالم .
كل يوم
لا أدعي
أن تكون غير أنت .
لأجل نسيانك
بوسعي أن أكتب الشعر
بوسعي ،
أن أتأمل ارتفاع طائر السدى عموديا ..
والأمل بأن تعود
هل تعود ؟
هكذا ..
هكذا ..
كل يوم أريدك .
إنني جسد ينطق بأطرافه ،
منأجل الشجاعة اقتنيت أزهار من أحب .
إنني أقف وأغني دم هذا الفم الشائع ..
خفوت الأعماق أمام الدقات البكر لأصابعك
أريدك بسبب الطفل الذي يعكس التفاتته في المرآة
أريدك
لهذا الشغف الذي لا يكل
لما عشناه
وما تترقبه
أريدك
بسبب هذا اليم الذي يبتلع كل شئ
ولست بناج منه أنا .

_عقيل علي.
كيف ألقاكِ أيتها العزلة بكرم اللصوص ؟ ماذا أفعل بهفواتك ؟
أنت يا رحِمَ الأحجار ،
ماذا افعل بكِ ، أنت يا قامة الميت ؟
ها أنا ألقاكِ تتخفين بالأنامل ، برماد اللعبة ذاتها
و ها أنتِ تلقينني أسحبُ يدي ، جاعلاً من كل شيءٍ ذكرى
حسناً كان ما صنعتُ ، حسناً كانَ
حين أعطيتُ للغرباء خلوتي ..

_عقيل علي


آخر قصيدة كتابها الراحل عقيل علي ،عثر عليها بجيبه في ثلاجة مدينة الطب قبل دفنه.
CEMETERY
_
الآن ترى ماذا بقى غير أسئلة مجدبة لدهشة عاشق
غير نواح شفيف و مفاتيح الإسطبلات ؟
لا شئ أكثر وضوحًا من هذه الأنقاض
إقتسمنا مع القصيدة الشحوب الذي
سخرنا منه،
إنه الآن نسغها
خيط من الدم يراوغ شبحي
أغلق الباب
هذا يكفي
الدخان يتصاعد من النار
المدهشة
ماذا نقول ؟

_عقيل علي
تتبعنا اشجار لا تنكس ظلالها،انها لا تكرهنا
اشجار وتقاويم نفك فيها حبالنا , إننا لا نرحل
أرمي للكذبة رأساً من أجل أن تكون حانية
بينما الكلمات مجدبة، وهذا ما اعرفه
ولا ألوي شيئاً .
متأبطاً عنقي , مبعداً عني الخوف بالخشخشة،
أحصي شبيهي الذي يأكل أحشائي ، شبيهي القاسي ,
أشحذ رماله , لا أمنحه رهبة الظهور
إني لملاحقك أبداً
بهذا وحده ينطق الصمت، لهذا وحده أعطي القوة
متى تنفض الروح رمادها ؟
إني انظر إليها لأشير الى الأفق، إني أبعثرها لتعرف حالها
كفى الآن ودعني
ضع فخك للتثاؤب , وليس لأزهار الطفولة
ضع نهاية للشراع الذي صار صيفنا , وهو نيراننا
إلمس ماتلمسه يدي، آن للجبين آن يصير مرسى
الحنجرة سوط
لا تتباهى بمياهها غير الأضرحة، الطفل لا يعرف من الشعلة سوى انها جميلة .
أقمار ... أقمار ، استيقظ من اجلها ولها وفي الاصل استعيد الركض .
آه من النسر الذي ألف وجه
كان يلتقط السلاحف ويسعى مندفعًا نحو أوتاره
كان يخب على المنحدرات واعياً تناسله .
لنأت ... لنأت، مبتدئين الأثداء بالتحية ملجئين المواعيد قائدينها من خلفنا
لقد وصلت في إدباري الى المنتهى
رغم وجود القوة الكافية والجنون الكافي
آه ! كان العصفور يعكس مساره دائمًاحين يعكس الليل وصاله وهو مقبل .

_عقيل علي|جنائن ادم
في الصورة المسرحي رائد سيف، والشاعر عقيل علي، والشاعر السياسي حميد الصائح في جلسة أدبية خاصة .
نری-
شارعًا أو نافذة
أو من يحمل قداسي علی
ورق البحر
ويحيي الذاكرة
مدنٌ تطفو على الماء
وتنحل على الماء
وهذي الكلمات الهرمة
ايها الرائي إلىٰ شجرة النار
ونور الكلمة

صیف ۱۹۷۸ بغداد
———————-
_زاهر الجيزاني
في المقهى أشرب شايًا آخر
منتظرًا تأتينا مثل هواء
تأتينا تحملُ طائرها، تحملُ
برقًا ومياهًا، تدخلنا في مدنِ
الطينِ، تذوب الأيام
كحبات السكر في الشاي
تذوب الأشياءُ كأمواج الماءِ
ونرسب في قاع الطوفان .

خریف ۱۹۷۰
بغداد
——————
_زاهر الجيزاني
أشهد
انك تسمع هذا الكلام
وترد الجواب
فكن لي شفيعاً
فقد اثقلتني الهموم
وأتعبني
انني لا أرى أحدًا
فكيف أبدد هذا الوجوم
على سلم فارغ وسطوح كئيبة
ولا تنتهي دورة الشاي منذ الصباح
ولا ينتهي في ظلامي صفير الرياح
اشهد
انك تسمع هذا الصياح
الصياح الصموت
واشهد
انك تعرف كيف نموت؟

خریف۱۹۹۳
بیرمام العراق
——————-

_زاهر الجيزاني
2025/07/08 11:59:10
Back to Top
HTML Embed Code: