جان دمّو
شوبرت الإغريقي
أمولدٌ جديد
ما يرسبه الأرق
من ريشٍ وذكريات
ورصاص؟
.رحيلٌ جديد, رحيلٌ مضاد
لا مساواة بعدُ بين
.ظلّ الثلج ورماد الظلّ
(أَيتعينُ اللجوء إلى نرسيس (أو باخوس
من أجل فك طلسمية الورد
أو الفراشات التي تنوس
في الممرات التي يفتحها نومنا
.وتحجّرنا
كم بعيدةٌ طرقُ الطفولة المعبدة
.كم قريبةٌ طرقُ الموت
المنحوتات الإغريقية كفيلة
بتصفية العقول التي ملأها بالتراب
.صدى الإغتراب
.شوبرت ثانيةً. والدموع لا تكفي
.ويتعينُ رمي المفاتيح في يد الرئيس
شوبرت الإغريقي
أمولدٌ جديد
ما يرسبه الأرق
من ريشٍ وذكريات
ورصاص؟
.رحيلٌ جديد, رحيلٌ مضاد
لا مساواة بعدُ بين
.ظلّ الثلج ورماد الظلّ
(أَيتعينُ اللجوء إلى نرسيس (أو باخوس
من أجل فك طلسمية الورد
أو الفراشات التي تنوس
في الممرات التي يفتحها نومنا
.وتحجّرنا
كم بعيدةٌ طرقُ الطفولة المعبدة
.كم قريبةٌ طرقُ الموت
المنحوتات الإغريقية كفيلة
بتصفية العقول التي ملأها بالتراب
.صدى الإغتراب
.شوبرت ثانيةً. والدموع لا تكفي
.ويتعينُ رمي المفاتيح في يد الرئيس
أَمعِنْ في صدودِكَ أيّها الواقع
,فذاكَ قد يكونُ أَوْلى بتمزيق النجوم
,النجوم! قَدَمٌ تبحثُ عمّا يماثلُها، قَدَمٌ تُورقُ مع الحلم
.قَدَمٌ تَقْطَعُ
.الفأسُ التي صُنِعَتْ لقطع الجذوع ستظلّ فأسًا دومًا
.آخِرُ وافدٍ إلى مملكةِ ذراعي كانَ يوم الثلثاء
.بينَ المطر والحقيقة يَسْقُطُ ظلّ الله
.ها أَنَذا في سبيلي إلى ممارسةِ إنسانيّتي
.الغرفة مربعةٌ، وكذلك القلب
.مع آخِر سجائري، يتّخذُ القلق مكانَه الأشدّ توحشًا
.أَسْقُطُ
_جان دمّو
,فذاكَ قد يكونُ أَوْلى بتمزيق النجوم
,النجوم! قَدَمٌ تبحثُ عمّا يماثلُها، قَدَمٌ تُورقُ مع الحلم
.قَدَمٌ تَقْطَعُ
.الفأسُ التي صُنِعَتْ لقطع الجذوع ستظلّ فأسًا دومًا
.آخِرُ وافدٍ إلى مملكةِ ذراعي كانَ يوم الثلثاء
.بينَ المطر والحقيقة يَسْقُطُ ظلّ الله
.ها أَنَذا في سبيلي إلى ممارسةِ إنسانيّتي
.الغرفة مربعةٌ، وكذلك القلب
.مع آخِر سجائري، يتّخذُ القلق مكانَه الأشدّ توحشًا
.أَسْقُطُ
_جان دمّو
لا حاجةَ بعدُ للهيروغليفيات
فهي من شأن القياصرة؛
.الذين تكاثروا من حولنا, كالوباء
أما الأقاصي, التي مَغْنَطَها الفَيْلَقِيّونَ الحمقى
.فالأجدرُ أن تُهْمَلَ, أو تُهْدى إلى شاعرٍ عاديّ
الخرائبُ لنا, هذا هو الجميل
أمّا الفراديسُ الاصطناعية, فليَهْنَأْ بها اللصوصُ, أو الأنذال
.عبورُ العدم أو الوجود ليسَ غيرَ مجرّدِ حدث
أمّا الخطيرُ فهو الوصولُ إلى الأنا
.إلى الينابيع التي هَجَرَها الشيطان
بَدَلاً من الشيخوخة, فنزولًا, نحوَ البداية
.اُبْتُلِينا ببداياتٍ لا نهايةَ لها
.لا نهايةَ لجرثومات الألم
.لا نهايةَ لطقوس البياض
.لا نهايةَ للأهوال التي يبتدعُها تعصّبُكم الأعمى
.إذن فلا نهايةَ إلّا لِما نبتدعُه الآن
.وما نبتدعُه هباءً
.هكذا تأتينا الشفرةُ عبرَ دويّ العصور
.العصورُ
ها أنذا مع
.تفّاحةٍ
.وهذا يكفي
فهي من شأن القياصرة؛
.الذين تكاثروا من حولنا, كالوباء
أما الأقاصي, التي مَغْنَطَها الفَيْلَقِيّونَ الحمقى
.فالأجدرُ أن تُهْمَلَ, أو تُهْدى إلى شاعرٍ عاديّ
الخرائبُ لنا, هذا هو الجميل
أمّا الفراديسُ الاصطناعية, فليَهْنَأْ بها اللصوصُ, أو الأنذال
.عبورُ العدم أو الوجود ليسَ غيرَ مجرّدِ حدث
أمّا الخطيرُ فهو الوصولُ إلى الأنا
.إلى الينابيع التي هَجَرَها الشيطان
بَدَلاً من الشيخوخة, فنزولًا, نحوَ البداية
.اُبْتُلِينا ببداياتٍ لا نهايةَ لها
.لا نهايةَ لجرثومات الألم
.لا نهايةَ لطقوس البياض
.لا نهايةَ للأهوال التي يبتدعُها تعصّبُكم الأعمى
.إذن فلا نهايةَ إلّا لِما نبتدعُه الآن
.وما نبتدعُه هباءً
.هكذا تأتينا الشفرةُ عبرَ دويّ العصور
.العصورُ
ها أنذا مع
.تفّاحةٍ
.وهذا يكفي
CEMETERY
لا حاجةَ بعدُ للهيروغليفيات فهي من شأن القياصرة؛ .الذين تكاثروا من حولنا, كالوباء أما الأقاصي, التي مَغْنَطَها الفَيْلَقِيّونَ الحمقى .فالأجدرُ أن تُهْمَلَ, أو تُهْدى إلى شاعرٍ عاديّ الخرائبُ لنا, هذا هو الجميل أمّا الفراديسُ الاصطناعية, فليَهْنَأْ بها اللصوصُ…
"النافذة مفتوحة ، القلب مفتوح. السماء، ايضاً ، مفتوحة . و هناك ، في مكان ما بعيدا ، تدور حرب . حرب الكل ضد الكل حرب اللا احد ضد لااحد حرب اللاحرب “.
أيكون الموت غياب الذاكرة ؟ أم صفا من طيور البطريق ينتظر مخلصا ما تحت شمس بنفسجية ؟ ماذا سنخلف لأطفالنا ؟ ماذا سنخلف لهم في القرن المقبل ؟ هل سنخلف لهم سموما حارة ؟ هل سنخلف لهم موتا جاهزا ؟ هل سنخلف لهم جنائز ؟
_جان دمّو
_جان دمّو
CEMETERY
أيكون الموت غياب الذاكرة ؟ أم صفا من طيور البطريق ينتظر مخلصا ما تحت شمس بنفسجية ؟ ماذا سنخلف لأطفالنا ؟ ماذا سنخلف لهم في القرن المقبل ؟ هل سنخلف لهم سموما حارة ؟ هل سنخلف لهم موتا جاهزا ؟ هل سنخلف لهم جنائز ؟ _جان دمّو
سفر على باب البريد ثانية يجيء البحر الحزن ، ثانية في مكان ما ، من الارق منذ ان لامس الافق زمن العالم مد البكاء على باب البريد صناديق و اشرعة مسافرة من جديد ، من فوق المطر تعصر الارصفة اوراق التسول سوى الفرح المطوي ومقهى يروي وجبة غذاء .
لم تعد ، و انا في ماض الايام ، نزهة المكتبات طرية ، كم مصباح يبحث عن فراشةٍ لا تنام ، و عن سفرٍ على قارعة الطريق . ايها الراقد كالشجرة اوراقك تشم الذاكرة و لا شيء غير مواسم الغناء و بقايا شوارع مستهلكة و قصائد بيضاء
آه ..ياجان ايها الراحل مرتان مرة صوب الانسان ومرة صوب حدود النسيان حملت وجع الجهات و افلاك التلاويح و اقمار الكلمات ، حملت نايات باركتها الاسماء ومرايا وصحوة نبوءات في كل الطرق المطهرة تناجى خاصرة الرحيل وجهك و الشعر و الحانات و اناجي ذاكرة الحزن المكسور وسفر المرافىء وطقوس الهجرات ، ايها الممهور بوشم التعب و التجوال ، سلاماً بحجم الصمت و السكون و الذكريات .
لم تعد ، و انا في ماض الايام ، نزهة المكتبات طرية ، كم مصباح يبحث عن فراشةٍ لا تنام ، و عن سفرٍ على قارعة الطريق . ايها الراقد كالشجرة اوراقك تشم الذاكرة و لا شيء غير مواسم الغناء و بقايا شوارع مستهلكة و قصائد بيضاء
آه ..ياجان ايها الراحل مرتان مرة صوب الانسان ومرة صوب حدود النسيان حملت وجع الجهات و افلاك التلاويح و اقمار الكلمات ، حملت نايات باركتها الاسماء ومرايا وصحوة نبوءات في كل الطرق المطهرة تناجى خاصرة الرحيل وجهك و الشعر و الحانات و اناجي ذاكرة الحزن المكسور وسفر المرافىء وطقوس الهجرات ، ايها الممهور بوشم التعب و التجوال ، سلاماً بحجم الصمت و السكون و الذكريات .
لأن أسياد البلاد
أقنعوا بأن دمي قاتل
فاجتنبوه
وأن دمي عار على الناس .
أعرف أني خالص لو عشت لنفسي
لكنني أحيا مراحل الغيرِ
عاريا أتيت
جائعا، قعيدا
أتيت
ما كان حلمي تساوي الماء والنار
أعبر بعد المسافات بدمي
إلى وجد الانسان
لذا لو خانني خبزهم
لا أخون.
_ياسين عبد اللطيف
۱۹۷۳
أقنعوا بأن دمي قاتل
فاجتنبوه
وأن دمي عار على الناس .
أعرف أني خالص لو عشت لنفسي
لكنني أحيا مراحل الغيرِ
عاريا أتيت
جائعا، قعيدا
أتيت
ما كان حلمي تساوي الماء والنار
أعبر بعد المسافات بدمي
إلى وجد الانسان
لذا لو خانني خبزهم
لا أخون.
_ياسين عبد اللطيف
۱۹۷۳
CEMETERY
أعدك أن أنام غير أنى متعب والمشقة فى قلبى لا فى الطريق والعتم فى عينى في سمعى فى الأعوام التى توالت عاما بعد عام ولم أر أعدك أن أنام أن أنتظر الصباح المقبل وما يليه لكنى مجبر علي الرحيل الآن، لا عمل أو موعد أو نزهة أو أى شىء من هذا القبيل فأنا متعب وقد خدمت…
إتجه إليَّ دائمًا
كأنني أول الحلول وآخرها .
كأنني أول الحلول وآخرها .
آلام وأحلام
أنا ما أنا؟ لا شيءْ
مخلوقٌ تتجاذبهُ الأحزانُ وترتطمُ على صخرِ قلبهِ آلامٌ وأحلامٌ
أحيا لأستمع إلى ألحان قلبي
حينَ يهدأُ أو يثورْ
كانتْ لي الطبيعة الشاديةُ، أناجيها فتناجيني
ولكنْ ما بالُها اليومْ
إنها ميتةٌ، ميتةٌ أشيّعها كلَّ يومٍ بلْ كلَّ ساعةْ
إنني أفنى أفنى فناءً عنيفًا هادئًا
عنيفًا كاصطخابِ الأمواجِ فوقَ الصخورْ
هادئًا كالنسائم الناعسة في ليالي الصيفِ الحالمةْ
لقد صُهرت روحي على قالب الخيال والأحلامْ
فني جسدي وبقيتُ روحًا، روحًا، حالمةً متأملةً متألمة
روحٌ تجري وراءَ الحبِّ والجمالْ
شبحٌ يجري وراءَ سرابْ
إن يديّ مثلجتان ولكنَّ النارَ تندلعُ في رأسي
إنني أقومُ بدوري في مَهزلةِ الحياةِ ولكنه دورٌ طويلٌ مملّ
لكن لا لا ها هي خاتمةُ الروايةِ تقتربْ
ما أروعها وما ألذها كم أنتَ جميلٌ أيها الموت
ويلي
إني أخالُها تبعدُ كلمات اقتربتْ
إنني لا أستطيعُ الحياةَ ولكني لا أستطيعُ الموتْ
أيتها الأفكارُ السوداءُ التي تتدافعُ في رأسي
اهدئي اهدئي قليلاً
واتركي مجالاً، لأحلامي
_منير رمزي
أنا ما أنا؟ لا شيءْ
مخلوقٌ تتجاذبهُ الأحزانُ وترتطمُ على صخرِ قلبهِ آلامٌ وأحلامٌ
أحيا لأستمع إلى ألحان قلبي
حينَ يهدأُ أو يثورْ
كانتْ لي الطبيعة الشاديةُ، أناجيها فتناجيني
ولكنْ ما بالُها اليومْ
إنها ميتةٌ، ميتةٌ أشيّعها كلَّ يومٍ بلْ كلَّ ساعةْ
إنني أفنى أفنى فناءً عنيفًا هادئًا
عنيفًا كاصطخابِ الأمواجِ فوقَ الصخورْ
هادئًا كالنسائم الناعسة في ليالي الصيفِ الحالمةْ
لقد صُهرت روحي على قالب الخيال والأحلامْ
فني جسدي وبقيتُ روحًا، روحًا، حالمةً متأملةً متألمة
روحٌ تجري وراءَ الحبِّ والجمالْ
شبحٌ يجري وراءَ سرابْ
إن يديّ مثلجتان ولكنَّ النارَ تندلعُ في رأسي
إنني أقومُ بدوري في مَهزلةِ الحياةِ ولكنه دورٌ طويلٌ مملّ
لكن لا لا ها هي خاتمةُ الروايةِ تقتربْ
ما أروعها وما ألذها كم أنتَ جميلٌ أيها الموت
ويلي
إني أخالُها تبعدُ كلمات اقتربتْ
إنني لا أستطيعُ الحياةَ ولكني لا أستطيعُ الموتْ
أيتها الأفكارُ السوداءُ التي تتدافعُ في رأسي
اهدئي اهدئي قليلاً
واتركي مجالاً، لأحلامي
_منير رمزي
Forwarded from بَهار (Tabarak taleb)
لم يختر الصمتَ أبدًا
لكنه كان يريد دائمًا شيئًا آخر غير الكلام
- الكلام الذي يحرك كيد المياه الراكدة في أعماقه -
ليخبركم كم هو حزين
أو على الأقل ..
كان يريد طريقة أخرى
أقل إيلامًا
غير الحزن ليقول لكم :
- دون أن يثقل عليكم -
أن روحهُ متألمة
وأنه حين يبكي
يسيل الدمع بغزارة
كالماء من عينيه
ليس فقط لأنه حزين
ولكن
لأن ثمة يدًا غريبة
تمتد من السديم
إلى أعماقه وتعصر روحه
بقسوة كإسفنجة
- محمد نعيمات
لكنه كان يريد دائمًا شيئًا آخر غير الكلام
- الكلام الذي يحرك كيد المياه الراكدة في أعماقه -
ليخبركم كم هو حزين
أو على الأقل ..
كان يريد طريقة أخرى
أقل إيلامًا
غير الحزن ليقول لكم :
- دون أن يثقل عليكم -
أن روحهُ متألمة
وأنه حين يبكي
يسيل الدمع بغزارة
كالماء من عينيه
ليس فقط لأنه حزين
ولكن
لأن ثمة يدًا غريبة
تمتد من السديم
إلى أعماقه وتعصر روحه
بقسوة كإسفنجة
- محمد نعيمات
وديع سعادة
إستعادة شخص ذائب
هذه البحيرة ليست ماء. كانت شخصًا تحدثتُ إليه طويلاً، ثم ذاب!
ولا أحاول الآن النظرَ إلى ماء بل استعادةَ شخص ذائب.
كيف يصير الناس هكذا بحيرات، يعلوها ورق الشجر والطحلب؟!
قطرةً قطرة ينزل الموتى على بابي
ومركبٌ يتوقف من أجلي تحت الشمس
وجالية فقيرة من الرعشات تعود إلى الرمل.
لم أرتجف. لكني جُننت. الماء بارد لكني لم أرتجف. فقط ارتعشتُ قليلاً. ثم جُننت.
على سطح البحيرة ورقة، كانت عينًا. على الضفَّة غصن، كان ضلعًا بشريًا.
أحاول الآن جَمْعَ الأوراق والغصون. أحاول جمع شخص كنت أحبُّه.
لكن مرَّ كثيرون من هنا، جمعوا ورقًا وحطبًا ليشعلوا مواقدهم.
لن يتمَّ أبدًا جمْعُ شخص. لن يتمَّ جمع أعضاء كاملة. كثير منها احترق.
مع ذلك لا بدَّ من أن أعيد شخصًا كنت أحبّه. على الأحبَّاء أن يعودوا إذا ناديتهم. عليهم أن يعودوا ولو كانوا ماء. لو كانوا أمواتًا. لو كانوا طحلبًا… على الطحلب أن يصير إنسانًا حين تستدعيه. ويأتي لو مبلَّلاً، لو مترهّلاً، لو عفنًا. عليه أن يعود صديقًا ولو مات منذ ألف عام.
يجب أن تكون هناك طريقة ما لجمع الناس عن الضفاف. طريقة لإعادة الأوراق والأغصان الطافية على البحيرات، بشرًا.
لم أرتجف. الأعضاء ارتجفت. وكان عليَّ أن أسدَّ الفراغ بين مفاصلها كي أوقف ارتجافاتها وتهدأ.
ولكن، كم طويلةٌ المسافةُ بين مفصلين! وكم أحتاجُ إلى ردم لسدّ الفراغ بينهما!
كم هي طويلة المسافة بين ضلع وضلع!
أجري بطيئًا، مثل آخر نقطة ماء نزلتْ، وتأخرتْ عن السيل.
أجري بطيئًا زاحفًا للالتحاق بالجريان، وأتبخَّر رويدًا رويدًا.
لن أصل. بعضي سيصير في الفضاء. وبعضي سيغرق في الأرض.
تأخرتُ عن رفاقي ولن أصل. أزحف لكني لن أصل.
قطَعٌ مني أفقدها، وقطعٌ ترافقني منهَكَة، وقطع تصير هباء.
حتى إذا وصلتُ، أيُّ شيء مني سيصل؟!
حولي عشب وحصى وتراب. طيرٌ ينقدُ بعضي. ونملٌ يأكل بعضي. وبعضي للعشب والحصى والتراب.
أجري بطيئًا وفوقي يصعد خيطٌ مني، وتحتي ينزل خيط مني. أجري بطيئًا بين إبرتين، تخيطان عدمي.
نزلتُ آخرَ نقطة. كنتُ في غيمة ونزلتُ. هل أنا الباحث عن شخص ذائب أم أنا الذائب؟ أم أني، من كثرة البحث عن ذوبانه، ذبتُ مثله؟
وصرتُ، عوض أن أبحث عنه، أبحث عني!
أرى على الطريق أشخاصًا عابرين. بعضُ ما بقي مني يرى أشخاصًا. هؤلاء، على الأرجح، لم يفقدوا شخصًا أحبُّوه. أم أنهم فقدوه، ومع ذلك يكملون الطريق؟!
لا أعرف كيف لا تتوقف أرجلنا عن المشي حين نفقد شخصًا نحبُّه. ألم نكن نمشي لا على قدمينا بل على قدميه؟ ألم تكن النزهة كلها من أجله؟ ألم يكن هو النزهة؟
كيف يمشي واحدٌ إذا فقد شخصًا! أنا، حين فقدت شخصًا، توقفت. كان هو الماشي وأنا تابعه. كنت الماشي فيه.و حين توقَّف، لم تعُدْ لي قدمان.
تأخرتُ وزاحفٌ وأتبخَّر. كيف إذن سأُعيد شخصًا ذاب؟ أليس عليَّ بالأحرى أن أعيد أولاً نفسي؟ أن أعود على الأقل قطرةَ ماء كاملة، تنزل على ورقة، على عين، على ضلعٍ على ضفَّة؟
أليس عليَّ، لكي أُخرج من الطحلب شخصًا، أن أكون على الأقل من ماء البحيرة؟
تأخرتُ ولن أصل. كلُّ ما أفعله أني أرى، أرى من بعيد. رؤيةٌ مشوَّشة من عين شيء لا هو غيمة، ولا هو ماء، ولا جماد ولا بخار.
إني، إذن، لا أرى.
كلُّ هذا مجرَّد خيال. عتمةٌ تستجدي عتمة. ولن أرى ولن أصل ولن أستعيد شخصًا ولن أعيده…
إني، فقط، أحاول أن أزحف. أحاول أن ألحق برفاقي.
لكنهم صاروا بعيدين، بعيدين جدًا.
ربما كنتُ في الماضي شخصًا يبحث عن شخص ذابَ أو ربما كنت أنا الذائب. الآن، حتى ولا قطرة. وفي تماهيَّ المرعب بين الماء والبخار والشخص، أبحثُ عن إسمٍ أعرّفُ به نفسي حين ألتقي النمل والعشب والطير. أنت الزاحف مثلي، ستتوقَّف حتمًا على نتوء. ارسلْ لي من هناك نداء، وبه سأسمّي نفسي.
متماه بين ماء وجماد وبخار. مع ذلك لي مفاصل!
ومفاصلي بينها فراغات. ترتطم المياهُ بها، ترتطم الرياح بها، ويرتطم الناس.
ناسٌ كثيرون يعبرون الآن بين مفاصلي. لا أعرف من أين يأتون ولا إلى أين يذهبون. لكنهم يرتطمون بعظامي.
ناسٌ التقيتُهم مرَّة، ناسٌ التقيتُهم مرات، وناس لم ألتقِهم… لكنهم يتدفَّقون الآن، ويدقُّون على عظامي.
عليَّ أن أفتح هذه العظام لكي يدخلوا.
لو كانت هذه العظام بابًا!
من أين جاؤوا؟!
أظنُّ أن الذين ننظر إليهم يدخلون في أجسادنا عَبْرَ عيوننا ويصيرون دمًا و لحمًا.
وبعضهم يصير من المارة التائهين بين مفاصلنا.
… ونستمرُّ، هكذا، نسمع طَرقات على عظامنا.
إني أسمع الآن دقَّات ماء
وعليَّ أن أفتح.
إستعادة شخص ذائب
هذه البحيرة ليست ماء. كانت شخصًا تحدثتُ إليه طويلاً، ثم ذاب!
ولا أحاول الآن النظرَ إلى ماء بل استعادةَ شخص ذائب.
كيف يصير الناس هكذا بحيرات، يعلوها ورق الشجر والطحلب؟!
قطرةً قطرة ينزل الموتى على بابي
ومركبٌ يتوقف من أجلي تحت الشمس
وجالية فقيرة من الرعشات تعود إلى الرمل.
لم أرتجف. لكني جُننت. الماء بارد لكني لم أرتجف. فقط ارتعشتُ قليلاً. ثم جُننت.
على سطح البحيرة ورقة، كانت عينًا. على الضفَّة غصن، كان ضلعًا بشريًا.
أحاول الآن جَمْعَ الأوراق والغصون. أحاول جمع شخص كنت أحبُّه.
لكن مرَّ كثيرون من هنا، جمعوا ورقًا وحطبًا ليشعلوا مواقدهم.
لن يتمَّ أبدًا جمْعُ شخص. لن يتمَّ جمع أعضاء كاملة. كثير منها احترق.
مع ذلك لا بدَّ من أن أعيد شخصًا كنت أحبّه. على الأحبَّاء أن يعودوا إذا ناديتهم. عليهم أن يعودوا ولو كانوا ماء. لو كانوا أمواتًا. لو كانوا طحلبًا… على الطحلب أن يصير إنسانًا حين تستدعيه. ويأتي لو مبلَّلاً، لو مترهّلاً، لو عفنًا. عليه أن يعود صديقًا ولو مات منذ ألف عام.
يجب أن تكون هناك طريقة ما لجمع الناس عن الضفاف. طريقة لإعادة الأوراق والأغصان الطافية على البحيرات، بشرًا.
لم أرتجف. الأعضاء ارتجفت. وكان عليَّ أن أسدَّ الفراغ بين مفاصلها كي أوقف ارتجافاتها وتهدأ.
ولكن، كم طويلةٌ المسافةُ بين مفصلين! وكم أحتاجُ إلى ردم لسدّ الفراغ بينهما!
كم هي طويلة المسافة بين ضلع وضلع!
أجري بطيئًا، مثل آخر نقطة ماء نزلتْ، وتأخرتْ عن السيل.
أجري بطيئًا زاحفًا للالتحاق بالجريان، وأتبخَّر رويدًا رويدًا.
لن أصل. بعضي سيصير في الفضاء. وبعضي سيغرق في الأرض.
تأخرتُ عن رفاقي ولن أصل. أزحف لكني لن أصل.
قطَعٌ مني أفقدها، وقطعٌ ترافقني منهَكَة، وقطع تصير هباء.
حتى إذا وصلتُ، أيُّ شيء مني سيصل؟!
حولي عشب وحصى وتراب. طيرٌ ينقدُ بعضي. ونملٌ يأكل بعضي. وبعضي للعشب والحصى والتراب.
أجري بطيئًا وفوقي يصعد خيطٌ مني، وتحتي ينزل خيط مني. أجري بطيئًا بين إبرتين، تخيطان عدمي.
نزلتُ آخرَ نقطة. كنتُ في غيمة ونزلتُ. هل أنا الباحث عن شخص ذائب أم أنا الذائب؟ أم أني، من كثرة البحث عن ذوبانه، ذبتُ مثله؟
وصرتُ، عوض أن أبحث عنه، أبحث عني!
أرى على الطريق أشخاصًا عابرين. بعضُ ما بقي مني يرى أشخاصًا. هؤلاء، على الأرجح، لم يفقدوا شخصًا أحبُّوه. أم أنهم فقدوه، ومع ذلك يكملون الطريق؟!
لا أعرف كيف لا تتوقف أرجلنا عن المشي حين نفقد شخصًا نحبُّه. ألم نكن نمشي لا على قدمينا بل على قدميه؟ ألم تكن النزهة كلها من أجله؟ ألم يكن هو النزهة؟
كيف يمشي واحدٌ إذا فقد شخصًا! أنا، حين فقدت شخصًا، توقفت. كان هو الماشي وأنا تابعه. كنت الماشي فيه.و حين توقَّف، لم تعُدْ لي قدمان.
تأخرتُ وزاحفٌ وأتبخَّر. كيف إذن سأُعيد شخصًا ذاب؟ أليس عليَّ بالأحرى أن أعيد أولاً نفسي؟ أن أعود على الأقل قطرةَ ماء كاملة، تنزل على ورقة، على عين، على ضلعٍ على ضفَّة؟
أليس عليَّ، لكي أُخرج من الطحلب شخصًا، أن أكون على الأقل من ماء البحيرة؟
تأخرتُ ولن أصل. كلُّ ما أفعله أني أرى، أرى من بعيد. رؤيةٌ مشوَّشة من عين شيء لا هو غيمة، ولا هو ماء، ولا جماد ولا بخار.
إني، إذن، لا أرى.
كلُّ هذا مجرَّد خيال. عتمةٌ تستجدي عتمة. ولن أرى ولن أصل ولن أستعيد شخصًا ولن أعيده…
إني، فقط، أحاول أن أزحف. أحاول أن ألحق برفاقي.
لكنهم صاروا بعيدين، بعيدين جدًا.
ربما كنتُ في الماضي شخصًا يبحث عن شخص ذابَ أو ربما كنت أنا الذائب. الآن، حتى ولا قطرة. وفي تماهيَّ المرعب بين الماء والبخار والشخص، أبحثُ عن إسمٍ أعرّفُ به نفسي حين ألتقي النمل والعشب والطير. أنت الزاحف مثلي، ستتوقَّف حتمًا على نتوء. ارسلْ لي من هناك نداء، وبه سأسمّي نفسي.
متماه بين ماء وجماد وبخار. مع ذلك لي مفاصل!
ومفاصلي بينها فراغات. ترتطم المياهُ بها، ترتطم الرياح بها، ويرتطم الناس.
ناسٌ كثيرون يعبرون الآن بين مفاصلي. لا أعرف من أين يأتون ولا إلى أين يذهبون. لكنهم يرتطمون بعظامي.
ناسٌ التقيتُهم مرَّة، ناسٌ التقيتُهم مرات، وناس لم ألتقِهم… لكنهم يتدفَّقون الآن، ويدقُّون على عظامي.
عليَّ أن أفتح هذه العظام لكي يدخلوا.
لو كانت هذه العظام بابًا!
من أين جاؤوا؟!
أظنُّ أن الذين ننظر إليهم يدخلون في أجسادنا عَبْرَ عيوننا ويصيرون دمًا و لحمًا.
وبعضهم يصير من المارة التائهين بين مفاصلنا.
… ونستمرُّ، هكذا، نسمع طَرقات على عظامنا.
إني أسمع الآن دقَّات ماء
وعليَّ أن أفتح.
أعطِني القُدرةَ حَتىٰ لا أموتُ،
مُنهكٌ قَلبيّ مِن الطَرقِ علىٰ كُلِّ البِيوتِ.
_أمَل دنقل
مُنهكٌ قَلبيّ مِن الطَرقِ علىٰ كُلِّ البِيوتِ.
_أمَل دنقل
Forwarded from || Soif Des Morts ||
كأن روحي دفتر رسم، لأطفال مهمتهم التمزيق فقط.
|| فتحي أبو النصر
|| فتحي أبو النصر
CEMETERY
هناك في الحياة ماهو أسوء من ان تكون وحيداً لكن غالباً مايتطلب الامر دهراً لأدراك ذلك وغالباً حين تدرك ذلك يكون قد فات الاوان وليس ثمة ماهو أسوء من فوات الاوان _بوكوفسكي
وفي الليل، دائمًا
قبيلة من الكلمات المشوهة
تبحث عن ملجأ في حلقي .
_أليخاندرا بيزارنيك .
قبيلة من الكلمات المشوهة
تبحث عن ملجأ في حلقي .
_أليخاندرا بيزارنيك .