Forwarded from قناة : أحمد ياسين
تقريب_شعب_الإيمان_مفهرس_الطبعة_الثالثة_١٤٤٦هـ.pdf
46.4 MB
الحمد لله وحده..
نسخة مِن كتاب: (تقريب الجامع لشعب الإيمان) للإمام البيهقي، ط3، 1446، مفهرسة إلكترونيًّا، مهداة مِن مركز معارج للبحوث والدراسات.
نفع الله به، وكتب له القبول.
نسخة مِن كتاب: (تقريب الجامع لشعب الإيمان) للإمام البيهقي، ط3، 1446، مفهرسة إلكترونيًّا، مهداة مِن مركز معارج للبحوث والدراسات.
نفع الله به، وكتب له القبول.
Forwarded from قناة أحمد عبد المنعم
لا يصبر المؤمن على مثل هذه الابتلاءات التي نراها إلا بيقينه باليوم الآخر وحقارة هذه الدنيا وأنها لا تساوي عند الله شيئا ليجعلها جزاء للمؤمن.
فالمؤمن يعيش في الدنيا كعابر سبيل ينتظر وصوله إلى دار السلام مشتاقا لرؤية وجه مولاه سبحانه وتعالى، موقنا بوعود الوحي الأخروية له ولأعداء سيده ومولاه.
وهل ينزعُ الوهنَ من القلب مثلُ اليقين بالآخرة والشوق إليها.
وهل يُصبّر الإنسانَ عند المصيبة مثل تذكّره أنه لله وأنه إليه راجع.
اللهم أنزل الصبر واليقين على قلوب أهلنا في غزة، والطف بهم.
فالمؤمن يعيش في الدنيا كعابر سبيل ينتظر وصوله إلى دار السلام مشتاقا لرؤية وجه مولاه سبحانه وتعالى، موقنا بوعود الوحي الأخروية له ولأعداء سيده ومولاه.
وهل ينزعُ الوهنَ من القلب مثلُ اليقين بالآخرة والشوق إليها.
وهل يُصبّر الإنسانَ عند المصيبة مثل تذكّره أنه لله وأنه إليه راجع.
اللهم أنزل الصبر واليقين على قلوب أهلنا في غزة، والطف بهم.
Forwarded from قناة د. محمد علي يوسف
ضمت سلمى دميتها القماشية ضمة قوية، كادت أن تخنق نسيجها البالي وتُخرج حشوته المتكتلة.
لم تعد "بطة" كما تسميها؛ مجرد دمية
لقد صارت ظلها
رفيقتها الوحيدة تقريباً في هذا المكان المكتظ..
تلك الخيام المتلاصقة الذي تفوح منها رائحة الغبار والعرق والخوف، مختلطة برائحة أخرى تنفذ إلى الأرواح لا الأنوف
رائحة الدموع
دموع جفت على الوجوه ولم تجد مساحة من الوقت ولا البال لتُمسح.
كانت "بطة" قد فقدت إحدى عينيها الزجاجيتين في ذلك اليوم الذي تتذكره سلمى جيدا
اليوم الذي كانت أقل خسائره تلك العين وذراعا وجزءا من الشعر البلاستيكي الأشقر، الذي كان يوماً مضفرا بعناية وأصبح الآن كتلة متشابكة، ملبدة بالغبار، يتخللها بعض القش المتناثر.
كانت سلمى بين الحين والآخر، تمرر أصابعها الصغيرة على وجه الدمية القماشي بحنان غريب، وتُدني فمها من أذنها الممزقة قليلاً، لتهمس بأشياء لا يفهمها أحد..
كلمات متقطعة، كأنها تعويذة أو شكوى أو مجرد نجوى سرية لا تعرف كنهها إلا "بطة" .
لاحظت أمها هذا التعلق الذي كاد أن يكون مرضيا
الأم الناحلة تجلس بجانب سلمى على تلك الحاشية الرثة الملقاة على الأرض الباردة، وتلحظ بقلق في عيني ابنتها شيئاً أعمق من مجرد حب طفلة للعبتها.
ثمة ارتباط عجيب
حماية..
تعلق محموم
وكأن هذه الدمية الممزقة تحمل بين ثناياها آخر ما تبقى من عالمها المفقود
وكأنها تحمل بين نسيجها البالي سراً ثميناً تخشى أن ينتزعه منها أحد.
كم مرة حاولت الأم بلطف: "يا سلمى، هاتي بطة ننظفها قليلاً،
أخيط لها ثوبها الممزق هذا.
نضفر شعرها كما كان
كانت سلمى تنتفض بشراسة غير معهودة لا تناسب جسدها الهزيل الذي تضم الدمية عظامه الناتئة بعينين تتسعان بفزع حقيقي، ثم تهز رأسها الصغير بشدة حاسمة أن... لا!
اتركيها!
لا شأن لأحد ببطة!
حاولت الأم أن تطمئن نفسها بأن الأمر لا يعدو كونه أثرا عارضا ومؤقتا لتلك الصدمة.
وكيف لا يترك ما رأته أثرا في نفس طفلة في عمرها وثمة كبار أشداء قد لا يتحملون معشاره
شهيدان..
، هكذا وصفوا لها أباها وأخاها حين سألت عن معنى تبخرهما أمام عينيها الصغيرتين
لم تسطع التفريق لأول وهلة بين ما حدث لعين دميتها وما حدث لأبيها وأخيها
شهيدان..
هما في حواصل طائرين أخضرين يطيران الآن في الجنة.
لكن ما معنى الجنة؟
أكيد هي جميلة كجمال الطير في فصل الربيع بقريتها التي تتذكرها
لكن الحضن الدافيء لوالدها لم يعد موجوداً،
اليد الحانية التي كانت تمسح رأسها قد اختفت.
صيحات أخيها وهو ينتزع دميتها لم تعد تسمعها
فقط تسمع في أذنيها ذلك الطنين المخيف الذي سبق الدوي الهائل قبل أن تختفي عين بطة وذراعها ووالدها وأخوها
تمر الأيام والحال على ما هو عليه.
سلمى ودميتها كتلة واحدة لا تفترقان
لاحظ "خالد" ما تفعله سلمى كلما حاول المزاح معها بشأن بطة
خالد هو شاب متطوع يتردد كثيرا على المكان حاملاً بعض الفتات مما يمكن أن يسمى مجازا بطعام وشراب ومحاولات باهتة لرسم بسمة على وجوه أنهكها القصـ.فـ
حاول خالد أن يهديها دمية أفضل حالا من بطة الممزقة، لكنها كانت تنكمش بشدة وتختبئ خلف دميتها رافضة كل محاولته ومنتهزة كل فرصة خلوة تناجي دميتها وتستمع لهمسها
يوما ما وبينما كان خالد يمر بين الخيام سقطت من يده قطعة بسكويت صغيرة وتدحرجت حتى استقرت قرب سلمى.
انحنى ليلتقطها ويهديها لها وفي اثناء انحنائه التقطت أذناه صوتاً غريبا
همسات خافتة جداً
مشوشة مهتزة
ميز بسرعة أنها قادمة من جهة الدمية.
هل كانت صدى لكلمات سلمى؟
كلا، لقد كان الصوت مختلفاً، رتيباً، له رنين معدني كصوت تسجيل رديء
تجاهل خالد الأمر في حينه و أعطى سلمى البسكويت ومضى خصوصا أنه تعلم كونها لا تتسامح مع أي شيد يخص دميتها العزيزة
لكن السؤال ظل يتردد بإلحاح في رأسه
ما هذا الصوت العجيب؟
وما سر هذا التعلق غير الطبيعي؟
في اليوم التالي، عاد خالد وقد استقر في نفسه أمرٌ ما. جلس مع أهل الخيام يوزع ما تيسر ومتحدثا عن الأوضاع، و ضرورة الصبر والجلد وعن انكشاف الغمة يوما بإذن الله تعالى وكان عيناه ترقبان نقطة بعينها أثناء حديثه المثبت
إنها الدمية قد وضعتها سلمى بجانبها وهي تلهو ببعض الحصى أمام الخيمة
وفي لحظة خاطفة وبدون مقدمات مد خالد يده بسرعة، وأمسك بالدمية.
صرخت سلمى
هبت واقفة
لكن الدمية كانت في يده.
شعر خالد بشيء صلب غير متناسق تحت القماش البالي
بحذر، وبأصابع مرتجفة امام صرخات الصغيرة بدأ يفتق جزءاً من الخياطة الخلفية للدمية
لم تكن الكتلة مجرد حشوة يابسة.
لقد كان جهاز تسجيل رقمي صغير، من تلك التي توضع في بعض الدمى لتسجيل وإعادة تشغيل عبارات قصيرة.
لمح خالد زر تشغيل صغير، فضغطه فورا بفضول
لم تعد "بطة" كما تسميها؛ مجرد دمية
لقد صارت ظلها
رفيقتها الوحيدة تقريباً في هذا المكان المكتظ..
تلك الخيام المتلاصقة الذي تفوح منها رائحة الغبار والعرق والخوف، مختلطة برائحة أخرى تنفذ إلى الأرواح لا الأنوف
رائحة الدموع
دموع جفت على الوجوه ولم تجد مساحة من الوقت ولا البال لتُمسح.
كانت "بطة" قد فقدت إحدى عينيها الزجاجيتين في ذلك اليوم الذي تتذكره سلمى جيدا
اليوم الذي كانت أقل خسائره تلك العين وذراعا وجزءا من الشعر البلاستيكي الأشقر، الذي كان يوماً مضفرا بعناية وأصبح الآن كتلة متشابكة، ملبدة بالغبار، يتخللها بعض القش المتناثر.
كانت سلمى بين الحين والآخر، تمرر أصابعها الصغيرة على وجه الدمية القماشي بحنان غريب، وتُدني فمها من أذنها الممزقة قليلاً، لتهمس بأشياء لا يفهمها أحد..
كلمات متقطعة، كأنها تعويذة أو شكوى أو مجرد نجوى سرية لا تعرف كنهها إلا "بطة" .
لاحظت أمها هذا التعلق الذي كاد أن يكون مرضيا
الأم الناحلة تجلس بجانب سلمى على تلك الحاشية الرثة الملقاة على الأرض الباردة، وتلحظ بقلق في عيني ابنتها شيئاً أعمق من مجرد حب طفلة للعبتها.
ثمة ارتباط عجيب
حماية..
تعلق محموم
وكأن هذه الدمية الممزقة تحمل بين ثناياها آخر ما تبقى من عالمها المفقود
وكأنها تحمل بين نسيجها البالي سراً ثميناً تخشى أن ينتزعه منها أحد.
كم مرة حاولت الأم بلطف: "يا سلمى، هاتي بطة ننظفها قليلاً،
أخيط لها ثوبها الممزق هذا.
نضفر شعرها كما كان
كانت سلمى تنتفض بشراسة غير معهودة لا تناسب جسدها الهزيل الذي تضم الدمية عظامه الناتئة بعينين تتسعان بفزع حقيقي، ثم تهز رأسها الصغير بشدة حاسمة أن... لا!
اتركيها!
لا شأن لأحد ببطة!
حاولت الأم أن تطمئن نفسها بأن الأمر لا يعدو كونه أثرا عارضا ومؤقتا لتلك الصدمة.
وكيف لا يترك ما رأته أثرا في نفس طفلة في عمرها وثمة كبار أشداء قد لا يتحملون معشاره
شهيدان..
، هكذا وصفوا لها أباها وأخاها حين سألت عن معنى تبخرهما أمام عينيها الصغيرتين
لم تسطع التفريق لأول وهلة بين ما حدث لعين دميتها وما حدث لأبيها وأخيها
شهيدان..
هما في حواصل طائرين أخضرين يطيران الآن في الجنة.
لكن ما معنى الجنة؟
أكيد هي جميلة كجمال الطير في فصل الربيع بقريتها التي تتذكرها
لكن الحضن الدافيء لوالدها لم يعد موجوداً،
اليد الحانية التي كانت تمسح رأسها قد اختفت.
صيحات أخيها وهو ينتزع دميتها لم تعد تسمعها
فقط تسمع في أذنيها ذلك الطنين المخيف الذي سبق الدوي الهائل قبل أن تختفي عين بطة وذراعها ووالدها وأخوها
تمر الأيام والحال على ما هو عليه.
سلمى ودميتها كتلة واحدة لا تفترقان
لاحظ "خالد" ما تفعله سلمى كلما حاول المزاح معها بشأن بطة
خالد هو شاب متطوع يتردد كثيرا على المكان حاملاً بعض الفتات مما يمكن أن يسمى مجازا بطعام وشراب ومحاولات باهتة لرسم بسمة على وجوه أنهكها القصـ.فـ
حاول خالد أن يهديها دمية أفضل حالا من بطة الممزقة، لكنها كانت تنكمش بشدة وتختبئ خلف دميتها رافضة كل محاولته ومنتهزة كل فرصة خلوة تناجي دميتها وتستمع لهمسها
يوما ما وبينما كان خالد يمر بين الخيام سقطت من يده قطعة بسكويت صغيرة وتدحرجت حتى استقرت قرب سلمى.
انحنى ليلتقطها ويهديها لها وفي اثناء انحنائه التقطت أذناه صوتاً غريبا
همسات خافتة جداً
مشوشة مهتزة
ميز بسرعة أنها قادمة من جهة الدمية.
هل كانت صدى لكلمات سلمى؟
كلا، لقد كان الصوت مختلفاً، رتيباً، له رنين معدني كصوت تسجيل رديء
تجاهل خالد الأمر في حينه و أعطى سلمى البسكويت ومضى خصوصا أنه تعلم كونها لا تتسامح مع أي شيد يخص دميتها العزيزة
لكن السؤال ظل يتردد بإلحاح في رأسه
ما هذا الصوت العجيب؟
وما سر هذا التعلق غير الطبيعي؟
في اليوم التالي، عاد خالد وقد استقر في نفسه أمرٌ ما. جلس مع أهل الخيام يوزع ما تيسر ومتحدثا عن الأوضاع، و ضرورة الصبر والجلد وعن انكشاف الغمة يوما بإذن الله تعالى وكان عيناه ترقبان نقطة بعينها أثناء حديثه المثبت
إنها الدمية قد وضعتها سلمى بجانبها وهي تلهو ببعض الحصى أمام الخيمة
وفي لحظة خاطفة وبدون مقدمات مد خالد يده بسرعة، وأمسك بالدمية.
صرخت سلمى
هبت واقفة
لكن الدمية كانت في يده.
شعر خالد بشيء صلب غير متناسق تحت القماش البالي
بحذر، وبأصابع مرتجفة امام صرخات الصغيرة بدأ يفتق جزءاً من الخياطة الخلفية للدمية
لم تكن الكتلة مجرد حشوة يابسة.
لقد كان جهاز تسجيل رقمي صغير، من تلك التي توضع في بعض الدمى لتسجيل وإعادة تشغيل عبارات قصيرة.
لمح خالد زر تشغيل صغير، فضغطه فورا بفضول
Forwarded from قناة د. محمد علي يوسف
صوتٌ مألوفٌ عرفته الأم مباشرة
حنون دافيء رغم تعب وإرهاق واضح
"سلمى... حبيبتي... إذا سمعتِ هذا، فاعلمي أنني أحبكِ كثيراً... لا تخافي يا صغيرتي... كوني قوية .. نحن في مكان أفضل الآن... مكان لا يوجد فيه قـ.صف ولا خوف... مكان اسمه الجنة... ننتظركِ هناك... لا تستعجلي المجيء... عيشي حياتكِ... تعلمي... واضحكي..
تذكرينا دائماً...
أحبكِ بابا...
أحبكِ...".
تكررت الرسالة القصيرة المتقطعة، التي سجلها الأب غالباً في لحظة أخيرة
ربما استشعر الخطر الوشيك،
وربما أدرك أنه قد لا يعود.
تجمدت الأم في مكانها، والدموع تنهمر من عينيها بصمت وهي تستمع لصوت زوجها الذي ظنت أنها لن تسمعه مرة أخرى.
أما سلمى، فقد توقفت عن الصراخ، ونظرت إلى الدمية وإلى خالد بعينين دامعتين تحملان نظرة غريبة.
لم تكن الدمية مجرد لعبة، ولم يكن همس سلمى مجرد حديث طفولي.
كانت "بطة" هي حافظة الأسرار
صندوق بريد الذاكرة
كانت الوسيط الذي يبقي صوت الأب حياً في عالم الطفلة الممزق.
لم تكن سلمى تهمس للدمية، بل كانت تستمع مراراً وتكراراً لآخر كلمات أبيها وترد عليها
كانت تستمد منها القوة والأمل، وتحافظ عليها كأثمن كنز في الوجود
درع تحميها من وحشة الفقد وضجيج الحـ.رب.
أعاد خالد الجهاز الصغير إلى مكانه داخل الدمية، وأعاد إغلاقها بعناية، ثم أرجعها لسلمى التي احتضنتها بقوة، ولكن هذه المرة، لم يكن الذعر الشرس في عينيها، بل مزيج من الحزن الهاديء والسكينة المريحة
ابتسمت الصغيرة لخالد بهدوء وقد أدركت أنه فهم سرها الصغير..
سر "الدمية التي تهمس بصوت خافت
صوت الشـ.هيد
حنون دافيء رغم تعب وإرهاق واضح
"سلمى... حبيبتي... إذا سمعتِ هذا، فاعلمي أنني أحبكِ كثيراً... لا تخافي يا صغيرتي... كوني قوية .. نحن في مكان أفضل الآن... مكان لا يوجد فيه قـ.صف ولا خوف... مكان اسمه الجنة... ننتظركِ هناك... لا تستعجلي المجيء... عيشي حياتكِ... تعلمي... واضحكي..
تذكرينا دائماً...
أحبكِ بابا...
أحبكِ...".
تكررت الرسالة القصيرة المتقطعة، التي سجلها الأب غالباً في لحظة أخيرة
ربما استشعر الخطر الوشيك،
وربما أدرك أنه قد لا يعود.
تجمدت الأم في مكانها، والدموع تنهمر من عينيها بصمت وهي تستمع لصوت زوجها الذي ظنت أنها لن تسمعه مرة أخرى.
أما سلمى، فقد توقفت عن الصراخ، ونظرت إلى الدمية وإلى خالد بعينين دامعتين تحملان نظرة غريبة.
لم تكن الدمية مجرد لعبة، ولم يكن همس سلمى مجرد حديث طفولي.
كانت "بطة" هي حافظة الأسرار
صندوق بريد الذاكرة
كانت الوسيط الذي يبقي صوت الأب حياً في عالم الطفلة الممزق.
لم تكن سلمى تهمس للدمية، بل كانت تستمع مراراً وتكراراً لآخر كلمات أبيها وترد عليها
كانت تستمد منها القوة والأمل، وتحافظ عليها كأثمن كنز في الوجود
درع تحميها من وحشة الفقد وضجيج الحـ.رب.
أعاد خالد الجهاز الصغير إلى مكانه داخل الدمية، وأعاد إغلاقها بعناية، ثم أرجعها لسلمى التي احتضنتها بقوة، ولكن هذه المرة، لم يكن الذعر الشرس في عينيها، بل مزيج من الحزن الهاديء والسكينة المريحة
ابتسمت الصغيرة لخالد بهدوء وقد أدركت أنه فهم سرها الصغير..
سر "الدمية التي تهمس بصوت خافت
صوت الشـ.هيد
Forwarded from معهد المالية الإسلامية
حيــــاكــم الله يا كـــــرام✨
🔒 يفتتح التسجيل في معهد المالية الإسلامية الدفعة الثالثة بتاريخ 15 شــوال 1446هـ الموافق 2025/4/13م بمشيئة الله تعالى.
➿ سيُنشَر رابط التسجيل على هذه القناة ومنصات التواصل الاجتماعي للمعهد.
🔗 رابط بوت معهد المالية الإسلامية، تجدون في قسم الأسئلة الشائعة معلومات حول المعهد:
https://www.tg-me.com/ifacademyEg_bot
#⃣ تابـعـونا عبـر منـصـات التـواصـل:
👈 تـيـليـجــرام | فـيسبــوك | تـويتـر | يـوتيــوب| واتســاب| سناب شات | انستجرام | تيك توك.
#معهد_المالية_الإسلامية.
https://www.tg-me.com/ifacademyEg_bot
#معهد_المالية_الإسلامية.
Please open Telegram to view this post
VIEW IN TELEGRAM
Forwarded from قناة د.أحمد العربي
Media is too big
VIEW IN TELEGRAM
"وَاكتُب لَنا في هذِهِ الدُّنيا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ إِنّا هُدنا إِلَيكَ"
٢٧- حُب الدنيــا (٢) - و...
شريف علي
٢٧- حُب الدنيــا (٢) - وَاهْدِ قَلْبِي - شريف علي
Forwarded from قناة د. محمد علي يوسف
عاد صديقي العزيز من عمله في إحدى الدول الخليجية لقضاء إجازة العيد القصيرة في مصر.
وكالعادة التي لا أدري كيف بدأت ولا من أين أتت، لكنها صارت جزءًا من طقوسنا؛ جاء محملاً بما لذ وطاب من أنواع المكسرات الثمينة التي لا يسمع عنها إلا من كانت له صلة بعائد من الخليج أو كان من أبناء طبقة يسمح لها دخلها بدفع الأثمان الباهظة التي صارت إليها تلك المكسرات
سألته بممازحةٍ حملت شيئاً من خبثٍ لا أنكره: "هل أحضرت البيستاشيو؟" رمقني بنظرة دهشةٍ ضاحكة، وردّ بلكنته التي لم تتغير: "بيستاشيو إيه يا ابني؟ ده اسمه فستق! اتغيرت وبقيت بترطن زي الأعاجم؟"
أجبتُ متظاهراً بجديةٍ أعرف أنها لن تخدعه: "يا سيدي، يبدو أن المصطلحات تطورت وأنت غائب." طمأنني ضاحكاً: "فيه فستق، ما تقلقش."
تناولنا الفستق (البستاشيو) والكاجو واللوز، ونحن نتبادل أطراف الحديث عن أيامٍ مضت وأحلامٍ لم تكتمل.
ثم انصرف صديقي لبعض شأنه
جلست برهة بعده وجدت نفسي أتأمل ما تبقى في طبق "البيستاشيو"، أو الفستق كما يصر صديقي الأصيل أن يسميه!
تناولت حبة، أغمضت عيني وأنا أتذوقها بتمعن محاولاً استعادة نقاء التجربة.
الطعم جيد، لا شك في هذا
لكنه يفتقر لشيءٍ ما
لِـ "الأخضر" اللامع المبهج الذي يتدفق كشلالات الأحلام الزمردية على أطراف جل حلويات عصرنا هذا
ذلك الطعم الذي تذوقته مرارا بناءً على توصيةٍ ملحة من أبنائي
وأعجبني
نعم... هذه حقيقة أعترف بها
وكيف لا يعجبني هذا الكم من السكريات والزيوت المهدرجة التي تعتصر هرمونات السعادة وتنتزعها بشكل حاسم لتشعرك بالبهجة
كيف لا تعجبني نكهة صناعية صممت بعناية لأجل هذا الغرض
الأكيد أنه لا يشبه ذلك الذي أتذوقه الآن
لا تقل لي أن الفارق فقط يكمن في السكر المضاف للأخضر والملح المضاف للذي أمامي
كنت يوما أستطيع تمييز أصل الطعم مهما كانت الإضافات والنكهات
ليس هو ولا يمت له بصلة
هذا الفستق الحقيقي يبدو باهتاً مقارنةً بال "بيستاشيو".
وهذا الأمر ضايقني وأقلقني على نفسي
لقد شعرت أن الأخضر أجمل
ما الذي حدث لي؟
هل أفقدني الزيف قدرتي على تذوق الأصالة؟
أم هو الشكل المبهج واللون الفاقع والأجواء المحيطة؟
سألت نفسي بحيرة
تسلل إليّ صدري قلقٌ هامس، يخبرني أن شيئاً ما في داخلي قد تغير.
الحق أن هذا القلق ليس جديداً تماماً ولم يبدأه الـ" بيستاشيو"
لقد بدأ يزورني حين لاحظت ذلك الهوس المتزايد بتلميع الواجهات وصقل الصور
تلك المحاولة المستمرة لصناعة نسخة "مُحسّنة" من كل شيء
من أنفسنا
من حياتنا
حتى من طعامنا.
لا أعني بالطبع تلك العناية الفطرية الحقيقية بالنظافة والأناقة المحببة فهذا مطلب مشروع ومحبب
أتحدث عن شيء مختلف
عن صور زائفة لأشياء لها أصل حقيقي
لي أقارب ومعارف لم أرهم منذ سنوات بسبب غربتهم لكنني أتابع أخبارهم باهتمام وأرى صور أبنائهم عبر وسائل التواصل بشكل مستمر وحتى آخر لحظات تسبق اللقاء الذي يحدث عنده نفس السيناريو كل مرة
لا أكاد أعرفهم حين رؤيتهم
كيف هذا؟
أنا متأكد أن الصور التي رأيتهم ومقاطع الفيديو التي ينشرونها حديثة جدا
لا أقول أنهم أقبح على الحقيقة
لكن البشرة ليست بهذا النقاء المذهل
الخدود ليست متوردة لهذه الدرجة
الشفاه لا يكاد الدم يتفجر منها في الواقع
والأعين!
نعم يا عزيزي ليست ملونة
قد ظننت أن أبناءكم يشبهون الفرنجة لكنني الآن اطمأننت
هم يشبهوننا في حقيقة الأمر
لكنها الفلاتر يا عزيزي
مزيد من الزيف
زيف صرنا نعشقه
نعم... لا تفسير لهذا الكم من الفلاتر الذي يحيط بنا إلا أننا نعشق الصور
حتى لو كانت زائفة
المهم أن تكون جميلة
بل رائعة مبهرة
وما أبريء نفسي
لا تذهب بخيالك بعيدا فتتصور أنني أستعمل فلتر ما في حلقاتي فلم أصل لذلك بعد وأرجو ألا أصل لذلك أبدا
لكنني أجد نفسي كثيرا أنفق وقتا زائدا في ضبط موقع التصور وزوايا الضوء قبل أي بث على أمل واهٍ أن أخفي شيئا ممن فعلته السنين بوجهي
لكن لماذا؟
المحتوى الذي أقدمه لا قيمة فيه أبدا لشكلي
أخشى أن شيئا من التأثر بثقافة الصورة وجمالها قد طالني للأسف
أتذكر يوماً جلست فيه في مكان جميل أتناول كوبا من قهوتي المحببة
جاءت القهوة وكان الجو صحوا والمكان مبهج
فلأستمتع بقهوتي إذاً
للأسف كانت القهوة باردة لم أستطع الاستمتاع بها
لم يكن العيب في صانعها قطعا
العيب كان في إنفاقي للوقت أحاول التقاط صورة عميقة لهذا الفنجان الأنيق وتلك الخلفية المبهجة يذكرني بزمن مضى. الوقت الأطول كان قد مضى في اختيار الفلتر المثالي الذي عرضه علي برنامج التصوير
القهوة بردت والطعم شبه تلاشى
لكن الصورة بدت رائعة حصدت عددا لابأس به من الإعجابات على موقع الصور الشهير ومنحتني شعوراً لحظياً بالرضا الزائف.
وكالعادة التي لا أدري كيف بدأت ولا من أين أتت، لكنها صارت جزءًا من طقوسنا؛ جاء محملاً بما لذ وطاب من أنواع المكسرات الثمينة التي لا يسمع عنها إلا من كانت له صلة بعائد من الخليج أو كان من أبناء طبقة يسمح لها دخلها بدفع الأثمان الباهظة التي صارت إليها تلك المكسرات
سألته بممازحةٍ حملت شيئاً من خبثٍ لا أنكره: "هل أحضرت البيستاشيو؟" رمقني بنظرة دهشةٍ ضاحكة، وردّ بلكنته التي لم تتغير: "بيستاشيو إيه يا ابني؟ ده اسمه فستق! اتغيرت وبقيت بترطن زي الأعاجم؟"
أجبتُ متظاهراً بجديةٍ أعرف أنها لن تخدعه: "يا سيدي، يبدو أن المصطلحات تطورت وأنت غائب." طمأنني ضاحكاً: "فيه فستق، ما تقلقش."
تناولنا الفستق (البستاشيو) والكاجو واللوز، ونحن نتبادل أطراف الحديث عن أيامٍ مضت وأحلامٍ لم تكتمل.
ثم انصرف صديقي لبعض شأنه
جلست برهة بعده وجدت نفسي أتأمل ما تبقى في طبق "البيستاشيو"، أو الفستق كما يصر صديقي الأصيل أن يسميه!
تناولت حبة، أغمضت عيني وأنا أتذوقها بتمعن محاولاً استعادة نقاء التجربة.
الطعم جيد، لا شك في هذا
لكنه يفتقر لشيءٍ ما
لِـ "الأخضر" اللامع المبهج الذي يتدفق كشلالات الأحلام الزمردية على أطراف جل حلويات عصرنا هذا
ذلك الطعم الذي تذوقته مرارا بناءً على توصيةٍ ملحة من أبنائي
وأعجبني
نعم... هذه حقيقة أعترف بها
وكيف لا يعجبني هذا الكم من السكريات والزيوت المهدرجة التي تعتصر هرمونات السعادة وتنتزعها بشكل حاسم لتشعرك بالبهجة
كيف لا تعجبني نكهة صناعية صممت بعناية لأجل هذا الغرض
الأكيد أنه لا يشبه ذلك الذي أتذوقه الآن
لا تقل لي أن الفارق فقط يكمن في السكر المضاف للأخضر والملح المضاف للذي أمامي
كنت يوما أستطيع تمييز أصل الطعم مهما كانت الإضافات والنكهات
ليس هو ولا يمت له بصلة
هذا الفستق الحقيقي يبدو باهتاً مقارنةً بال "بيستاشيو".
وهذا الأمر ضايقني وأقلقني على نفسي
لقد شعرت أن الأخضر أجمل
ما الذي حدث لي؟
هل أفقدني الزيف قدرتي على تذوق الأصالة؟
أم هو الشكل المبهج واللون الفاقع والأجواء المحيطة؟
سألت نفسي بحيرة
تسلل إليّ صدري قلقٌ هامس، يخبرني أن شيئاً ما في داخلي قد تغير.
الحق أن هذا القلق ليس جديداً تماماً ولم يبدأه الـ" بيستاشيو"
لقد بدأ يزورني حين لاحظت ذلك الهوس المتزايد بتلميع الواجهات وصقل الصور
تلك المحاولة المستمرة لصناعة نسخة "مُحسّنة" من كل شيء
من أنفسنا
من حياتنا
حتى من طعامنا.
لا أعني بالطبع تلك العناية الفطرية الحقيقية بالنظافة والأناقة المحببة فهذا مطلب مشروع ومحبب
أتحدث عن شيء مختلف
عن صور زائفة لأشياء لها أصل حقيقي
لي أقارب ومعارف لم أرهم منذ سنوات بسبب غربتهم لكنني أتابع أخبارهم باهتمام وأرى صور أبنائهم عبر وسائل التواصل بشكل مستمر وحتى آخر لحظات تسبق اللقاء الذي يحدث عنده نفس السيناريو كل مرة
لا أكاد أعرفهم حين رؤيتهم
كيف هذا؟
أنا متأكد أن الصور التي رأيتهم ومقاطع الفيديو التي ينشرونها حديثة جدا
لا أقول أنهم أقبح على الحقيقة
لكن البشرة ليست بهذا النقاء المذهل
الخدود ليست متوردة لهذه الدرجة
الشفاه لا يكاد الدم يتفجر منها في الواقع
والأعين!
نعم يا عزيزي ليست ملونة
قد ظننت أن أبناءكم يشبهون الفرنجة لكنني الآن اطمأننت
هم يشبهوننا في حقيقة الأمر
لكنها الفلاتر يا عزيزي
مزيد من الزيف
زيف صرنا نعشقه
نعم... لا تفسير لهذا الكم من الفلاتر الذي يحيط بنا إلا أننا نعشق الصور
حتى لو كانت زائفة
المهم أن تكون جميلة
بل رائعة مبهرة
وما أبريء نفسي
لا تذهب بخيالك بعيدا فتتصور أنني أستعمل فلتر ما في حلقاتي فلم أصل لذلك بعد وأرجو ألا أصل لذلك أبدا
لكنني أجد نفسي كثيرا أنفق وقتا زائدا في ضبط موقع التصور وزوايا الضوء قبل أي بث على أمل واهٍ أن أخفي شيئا ممن فعلته السنين بوجهي
لكن لماذا؟
المحتوى الذي أقدمه لا قيمة فيه أبدا لشكلي
أخشى أن شيئا من التأثر بثقافة الصورة وجمالها قد طالني للأسف
أتذكر يوماً جلست فيه في مكان جميل أتناول كوبا من قهوتي المحببة
جاءت القهوة وكان الجو صحوا والمكان مبهج
فلأستمتع بقهوتي إذاً
للأسف كانت القهوة باردة لم أستطع الاستمتاع بها
لم يكن العيب في صانعها قطعا
العيب كان في إنفاقي للوقت أحاول التقاط صورة عميقة لهذا الفنجان الأنيق وتلك الخلفية المبهجة يذكرني بزمن مضى. الوقت الأطول كان قد مضى في اختيار الفلتر المثالي الذي عرضه علي برنامج التصوير
القهوة بردت والطعم شبه تلاشى
لكن الصورة بدت رائعة حصدت عددا لابأس به من الإعجابات على موقع الصور الشهير ومنحتني شعوراً لحظياً بالرضا الزائف.
Forwarded from قناة د. محمد علي يوسف
هل هذا ما صرنا إليه؟
هل أسرتنا الصور لهذه الدرجة حتى ألهتنا عن الاستمتاع بما نحب؟
أم أن المتعة صارت بصرية وحسب حتى صار البيستاشيو فاقع اللون ألذ وأطعم من الفستق الباهت؟
في زمن النكهات الصناعية صرنا نأكل بعيوننا لا بأفواهنا.
نتحدث بأصابعنا على لوحات المفاتيح، لا بأصواتنا التي تحمل دفء انفاسنا وأرواحنا.
المهم أن يكون كل ذلك مزينا وصورته جيدة
تخيل أن يظل إنسان يتزين ويضع الأصباغ التي تغير شكله تماما لكي يحب شكله ويعشق صورته حتى ينسى شكله الحقيقي وينسى أن هذا مجرد قناع وتلك مجرد صورة
نحن ندرك، في قرارة أنفسنا، أن ما يلمع على شاشاتنا ليس ذهباً خالصاً.
نعرف أن هناك تجميلاً.. إخراجاً.. فلترة للواقع.
ما يفزعني هو تحول هذه الفلترة من مجرد تجميل للصورة إلى أسلوب حياة، إلى همٍّ أكبر يشغلنا عن حقائق الأشياء.
والأدهى أن يتسلل ذلك الوباء إلى علاقاتنا لتبدو مثالية في صور منسقة
بينما تخفي خلفها فراغاً صامتاً
فراغ سيصل لا محالة إلى مشاعرنا حين نختزلها في رموز تعبيرية باردة
وكأن قلباً رقمياً يمكن أن يحل محل دفء نظرة أو صدق دمعة.
اللحظات العائلية، تلك التي كانت ملاذنا الآمن، تحولت تدريجيا إلى جلسات تصوير تصوير مرهقة، ننسى فيها أن نتحدث ونضحك ونعيش اللحظة، منشغلين بالبحث عن اللقطة "المثالية" التي سنشاركها مع غرباء افتراضيين.
حتى الحزن، صار له "فلتر"!
نكتب تدوينات باكية متألمة، ربمااستجداءً لمواساةٍ رقمية أو تعليق يزيد رصيدنا من الاهتمام الافتراضي وننسى في خضم ذلك أن الحزن الحقيقي، الذي يعتصر القلب لا مكان له في هذا المسرح الرقمي.
حتى أفكارنا لم تسلم.
صرنا نستهلك آراءً جاهزة معلبة، كوجباتٍ فكرية سريعة لا تحتاج إلى تمحيص. "تريند" جديد كل يوم
رأي رائج نتبناه لنشعر أننا بداخل الأحداث
فكرة منتشرة لابد أن يكون لنا قول فيها حتى لو لم نكن أهلا للحديث حولها أصلا
المهم أن لنا حضورا
حتى لو كان زائفا
كل ذلك لم يسلم من الزيف ونريد للطعام أن يسلم
المتوقع طبعا أننا صرنا نأكل بعيوننا أكثر مما نتذوق بقلوبنا.
فلتكن إذا النكهات الصناعية، فالمهم أن تخرج الصورة أنيقة مبهجة
وإن لم تخرج كذلك فالفلتر موجود لا تقلق سيقوم بباقي التزييف لينخر في جوهر الأشياء كالسوس في مهنتي قد يترك ظاهر الضرس يبدو سليما قويا
قشرة براقة لكنها جوفاء سرعان ما تنهار عن إزالة التسوس لتظهر حقيقة الخواء تحتها
لكن الخطر الأكبر هو أن نحب هذا الزيف وندمنه وننسى اللذة الحقيقية
سننسى طعم الفاكهة الطازجة التي نضجت تحت الشمس لتخرج عصارتها النضرة بمجرد الإمساك بها لنكتفي بعصير معلب لا يحوي إلا النكهة التي قد تشبه الأصل لكنها ليست أبدا أصيلة
وهذا الإدمان سيُفسد في النهاية حاسة التذوق الحقيقية لدينا
لا أتحدث هنا عن تذوق الطعام فما كان إلا مدخل للأهم
تذوق الصدق
تذوق العفوية
تذوق العلاقات الأصيلة
تذوق المعاني الحقيقية.
تعود الزائف يجعلنا عاجزين عن تقدير ما هو حقيقي
ثم نبدأ بالتدريج في تصديق أن هذا الزيف اللامع هو كل ما في الحياة.
سننسى دفء العناق الحقيقي، ونقنع بالقلبٍ الرقمي الذي يومض على شاشة.
سننسى عمق الحوار وجهاً لوجه، ونغرق في جدالات سطحية تحت منشورات تافهة.
ألا نشعر بظمأ الروح إلى الأصيل؟
ألا يحن القلب إلى ما هو حقيقي، حتى لو كان بسيطاً، حتى لو كان به بعض النقص؟
تخيل معي لو أننا بقليلٍ من الشجاعة قررنا أن نعيش اللحظة كما هي
بجمالها الخام وبنقصها الذي هو جزءٌ من سحرها.
تخيل لو توقفنا قليلا عن تصوير حياتنا وصرنا نعيشها فعلاً
بنظراتٍ صادقة
بضحكاتٍ لا تحتاج إلى فلتر
بأحاديث تحمل رائحة الإنسان لا رائحة الأسلاك والبلاستيك
تخيل لو بحثنا عن الطعم الحقيقي في كل شيء
في علاقاتنا، في أفكارنا، في طعامنا، في أنفسنا.
ما أعتقده أن هذه الأصالة هي وحدها ما يروي ظمأ الروح
ما يمنح الحياة طعمها الذي لا يُعوّض.
أما النكهة الصناعية، فمهما حاكت الأصل، ستظل دائمًا مجرد نكهة
بلا رائحة
بلا روح
بلا حياة.
وسيظل الفستق أفضل وأنفع وأطعم من البيستاشيو
هل أسرتنا الصور لهذه الدرجة حتى ألهتنا عن الاستمتاع بما نحب؟
أم أن المتعة صارت بصرية وحسب حتى صار البيستاشيو فاقع اللون ألذ وأطعم من الفستق الباهت؟
في زمن النكهات الصناعية صرنا نأكل بعيوننا لا بأفواهنا.
نتحدث بأصابعنا على لوحات المفاتيح، لا بأصواتنا التي تحمل دفء انفاسنا وأرواحنا.
المهم أن يكون كل ذلك مزينا وصورته جيدة
تخيل أن يظل إنسان يتزين ويضع الأصباغ التي تغير شكله تماما لكي يحب شكله ويعشق صورته حتى ينسى شكله الحقيقي وينسى أن هذا مجرد قناع وتلك مجرد صورة
نحن ندرك، في قرارة أنفسنا، أن ما يلمع على شاشاتنا ليس ذهباً خالصاً.
نعرف أن هناك تجميلاً.. إخراجاً.. فلترة للواقع.
ما يفزعني هو تحول هذه الفلترة من مجرد تجميل للصورة إلى أسلوب حياة، إلى همٍّ أكبر يشغلنا عن حقائق الأشياء.
والأدهى أن يتسلل ذلك الوباء إلى علاقاتنا لتبدو مثالية في صور منسقة
بينما تخفي خلفها فراغاً صامتاً
فراغ سيصل لا محالة إلى مشاعرنا حين نختزلها في رموز تعبيرية باردة
وكأن قلباً رقمياً يمكن أن يحل محل دفء نظرة أو صدق دمعة.
اللحظات العائلية، تلك التي كانت ملاذنا الآمن، تحولت تدريجيا إلى جلسات تصوير تصوير مرهقة، ننسى فيها أن نتحدث ونضحك ونعيش اللحظة، منشغلين بالبحث عن اللقطة "المثالية" التي سنشاركها مع غرباء افتراضيين.
حتى الحزن، صار له "فلتر"!
نكتب تدوينات باكية متألمة، ربمااستجداءً لمواساةٍ رقمية أو تعليق يزيد رصيدنا من الاهتمام الافتراضي وننسى في خضم ذلك أن الحزن الحقيقي، الذي يعتصر القلب لا مكان له في هذا المسرح الرقمي.
حتى أفكارنا لم تسلم.
صرنا نستهلك آراءً جاهزة معلبة، كوجباتٍ فكرية سريعة لا تحتاج إلى تمحيص. "تريند" جديد كل يوم
رأي رائج نتبناه لنشعر أننا بداخل الأحداث
فكرة منتشرة لابد أن يكون لنا قول فيها حتى لو لم نكن أهلا للحديث حولها أصلا
المهم أن لنا حضورا
حتى لو كان زائفا
كل ذلك لم يسلم من الزيف ونريد للطعام أن يسلم
المتوقع طبعا أننا صرنا نأكل بعيوننا أكثر مما نتذوق بقلوبنا.
فلتكن إذا النكهات الصناعية، فالمهم أن تخرج الصورة أنيقة مبهجة
وإن لم تخرج كذلك فالفلتر موجود لا تقلق سيقوم بباقي التزييف لينخر في جوهر الأشياء كالسوس في مهنتي قد يترك ظاهر الضرس يبدو سليما قويا
قشرة براقة لكنها جوفاء سرعان ما تنهار عن إزالة التسوس لتظهر حقيقة الخواء تحتها
لكن الخطر الأكبر هو أن نحب هذا الزيف وندمنه وننسى اللذة الحقيقية
سننسى طعم الفاكهة الطازجة التي نضجت تحت الشمس لتخرج عصارتها النضرة بمجرد الإمساك بها لنكتفي بعصير معلب لا يحوي إلا النكهة التي قد تشبه الأصل لكنها ليست أبدا أصيلة
وهذا الإدمان سيُفسد في النهاية حاسة التذوق الحقيقية لدينا
لا أتحدث هنا عن تذوق الطعام فما كان إلا مدخل للأهم
تذوق الصدق
تذوق العفوية
تذوق العلاقات الأصيلة
تذوق المعاني الحقيقية.
تعود الزائف يجعلنا عاجزين عن تقدير ما هو حقيقي
ثم نبدأ بالتدريج في تصديق أن هذا الزيف اللامع هو كل ما في الحياة.
سننسى دفء العناق الحقيقي، ونقنع بالقلبٍ الرقمي الذي يومض على شاشة.
سننسى عمق الحوار وجهاً لوجه، ونغرق في جدالات سطحية تحت منشورات تافهة.
ألا نشعر بظمأ الروح إلى الأصيل؟
ألا يحن القلب إلى ما هو حقيقي، حتى لو كان بسيطاً، حتى لو كان به بعض النقص؟
تخيل معي لو أننا بقليلٍ من الشجاعة قررنا أن نعيش اللحظة كما هي
بجمالها الخام وبنقصها الذي هو جزءٌ من سحرها.
تخيل لو توقفنا قليلا عن تصوير حياتنا وصرنا نعيشها فعلاً
بنظراتٍ صادقة
بضحكاتٍ لا تحتاج إلى فلتر
بأحاديث تحمل رائحة الإنسان لا رائحة الأسلاك والبلاستيك
تخيل لو بحثنا عن الطعم الحقيقي في كل شيء
في علاقاتنا، في أفكارنا، في طعامنا، في أنفسنا.
ما أعتقده أن هذه الأصالة هي وحدها ما يروي ظمأ الروح
ما يمنح الحياة طعمها الذي لا يُعوّض.
أما النكهة الصناعية، فمهما حاكت الأصل، ستظل دائمًا مجرد نكهة
بلا رائحة
بلا روح
بلا حياة.
وسيظل الفستق أفضل وأنفع وأطعم من البيستاشيو
Forwarded from هدى للناس
🔻شاهد🔻
12 تفسير سورة النجم (2)
سجد المشركون لما سمعوها
د أحمد عبد المنعم
#هدى_للناس
https://youtu.be/HCLJRBqu5xs
12 تفسير سورة النجم (2)
سجد المشركون لما سمعوها
د أحمد عبد المنعم
#هدى_للناس
https://youtu.be/HCLJRBqu5xs
YouTube
12 تفسير سورة النجم (2) سجد المشركون لما سمعوها | هدى للناس مع د أحمد عبد المنعم
تابعونا من خلال منصات البرنامج على السوشيال ميديا :
يوتيوب: https://www.youtube.com/@huda_lennas
فيسبوك: https://www.facebook.com/hudalennas/
انستجرام: https://www.instagram.com/huda_lennas/
ساوند كلاود: https://soundcloud.com/huda_lennas
تيك توك: https…
يوتيوب: https://www.youtube.com/@huda_lennas
فيسبوك: https://www.facebook.com/hudalennas/
انستجرام: https://www.instagram.com/huda_lennas/
ساوند كلاود: https://soundcloud.com/huda_lennas
تيك توك: https…
Forwarded from هدى للناس
Media is too big
VIEW IN TELEGRAM
#الحلقة 12 | تفسير سورة النجم (2) سجد المشركون لما سمعوها
برنامج هدى للناس
مع د أحمد عبد المنعم
#شاهد الحلقات على المنصات المختلفة من 👈 هنـــــا
#هدى_للناس
برنامج هدى للناس
مع د أحمد عبد المنعم
#شاهد الحلقات على المنصات المختلفة من 👈 هنـــــا
#هدى_للناس
12 تفسير سورة النجم (2) سجد المشركون لما سمعوها هدى للناس د. أحمد…
د. أحمد عبد المنعم
#الحلقة 12 | تفسير سورة النجم (2) سجد المشركون لما سمعوها (MP3 - ملف صوتي)
برنامج هدى للناس
مع د أحمد عبد المنعم
#شاهد الحلقات على المنصات المختلفة من 👈 هنـــــا
#هدى_للناس
برنامج هدى للناس
مع د أحمد عبد المنعم
#شاهد الحلقات على المنصات المختلفة من 👈 هنـــــا
#هدى_للناس