Telegram Web Link
••
سورة البقرة هي الوصية الأولى، والعهد المأخوذ، والمدرسة التي يُسلَّم فيها المفتاح الأول لفهم الطريق، افتُتِحت بأمر الكتاب، وخُتِمت بدعاء التمكين، وبينهما ساحة اختبار ممتدة، تتوزع فيها مواكب الطائعين، وانكسارات المعرضين، وانقلابات القلوب، هذه السورة خارطةٌ دقيقةٌ لمنازل السائرين إلى الله، فمن وعى دروسها، هانت عليه فتَن الطريق.
••
••
الجزء الأول من القرآن

يخبرك بسر، أن السير إلى الله يبدأ من تصحيح العلاقة مع الوحي، فمن استمسك به في مبتدأ الطريق، أمِن التِفاف السبيل.
••
••
حين يتأمل المرء خطاب الوحي، يدرك أن القرآن جاء لتقرير الحقائق الكبرى التي يُبنى عليها مصير الإنسان، لا ليتكلف البحث في الغوامض واللطائف الخفية، فالهداية ليست في التنقيب عن الإشارات المستكنة، بل في الامتثال للبينات الظاهرة التي خاطب الله بها عباده، لذلك، لم ينزل القرآن ليكون تمرينًا ذهنيًا للنخبة، بل نورًا للناس كافة، يهديهم إلى الحق المبين.

ولذا، كان الأنبياء يواجهون أقوامهم باليقينيات الكبرى: التوحيد، البعث، الحساب، إذ بها يثبت القلب، وعليها يقوم الدين. فالتدبر الصادق هو ما يعيد القلب إلى مركز الثقل، حيث الإيمان والعبودية والمعاد، فالمقصد إقامة الحق، لا التلهي بلطائف المعاني.
••
••
الكرام الأبرار


الذين يطرقون الباب بأدبٍ جمّ، قبل أن ينقلوا حرفًا، ويرعون المروءة في أدقّ تفاصيلها، ما أجمل هذه النفوس الطيّبةً، تتلمّس البركة، وتستأذن فيما ينشر.

وقد صدق المنذري -رحمه الله- إذ قال: وناسخ العلم النافع له أجره، وأجر من قرأه، أو كتبه، أو عمل به ما بقي خطه…، اللهم بارك في كلّ يدٍ دلّت على معروف، وكل روحٍ حملت الخير، واجعلها صدقةً جاريةً تُنير الدروب إلى يوم الدين.

وإني أقولها بملء القلب: كل ما في القناة لكم، مبذولٌ بلا شرط، ومهدى بلا قيد، فمن رام نشره فله ذلك، ومن أراد نفعًا به فدونه السبيل، فالدال على الحق شريك في بركته، والمبلغ عن الكلمة الطيبة شريك في أثرها.
••
••
طبيعة النفوس تألف الانشراح العابر، وتكره التكليف الدائم، ولذا كان أعظم الأثر ما يُنسج في القلب بخيوط اليقين، لا لأسرجة المشاعر التي تنطفئ مع الوقت.
••
قناة | توّاق
•• سورة البقرة هي الوصية الأولى، والعهد المأخوذ، والمدرسة التي يُسلَّم فيها المفتاح الأول لفهم الطريق، افتُتِحت بأمر الكتاب، وخُتِمت بدعاء التمكين، وبينهما ساحة اختبار ممتدة، تتوزع فيها مواكب الطائعين، وانكسارات المعرضين، وانقلابات القلوب، هذه السورة خارطةٌ…
••
سورة آل عمران
ميدان الثبات ومعترك الابتلاء


إذا كانت البقرة هي العهد المأخوذ، فإن آل عمران هي الامتحان الممهور، سورةٌ نزلت في منعطفٍ حاسم، حيث بدأت طلائع المواجهة بين الحق وأعدائه تتكشف، فكان لا بد من تهيئة القلوب لزمن الفتن، وإعداد النفوس ليوم الابتلاء.

افتُتحت بإعلان سلطان الكتاب، وانتهت بتكليف أهل الإيمان بالصبر والمرابطة، وبين هذا وذاك تمتد مساحاتٌ شاسعةٌ من الابتلاءات، حيث تتزلزل الصفوف، وتتفاوت القلوب، وتتجلى حقيقة الثبات والافتتان.

هنا مناظراتٌ مع أهل الكتاب، حيث المعركة ليست بالسيف وحده، بل بحجج العقل وبراهين الوحي، وهنا غزوةُ أُحد، يوم تمايز الصادقون عن المترددين، وافتُضِحت أهواء المنافقين، وتجلى أن الصفوف لا تثبت بكثرة الأعداد، بل باليقين الذي لا يتزعزع.

هذه السورة هي خطابٌ ممتدٌ لكل زمن، حيث تعصف الفتن، وتضعف العزائم، وتوشك القلوب أن تميد، فتأتي آياتها كقبضة تمسك بالقلوب المترددة، وتثبّتها على الصراط، حتى يكون الاعتصام بالله وحده هو أول الفكر وآخره.
••
قناة | توّاق
•• الجزء الأول من القرآن يخبرك بسر، أن السير إلى الله يبدأ من تصحيح العلاقة مع الوحي، فمن استمسك به في مبتدأ الطريق، أمِن التِفاف السبيل. ••
••
الجزء الثاني من القرآن

يبوح لك بسرٍّ جديد: أن الطريق إلى الله ليس دعوى تقال، بل اختبار للتسليم، وتمحيص للقلوب، كما تحوَّلت القبلة ظاهراً، كان لا بد أن تتحوَّل القلوب باطناً، فلا تبقى مترددة بين وحي الله وهوى النفس، وهنا يظهر العبد الصادق، الذي لا يجادل في أمر ربه، بل يركع قلبه قبل أن تركع جوارحه، فتتحقق العبودية في أكمل صورها، فمن جعل الله قبلته، عصمه الله من تساؤلات السفهاء.
••
••
إياك أن تمرَّ بك الأيامُ وأنت غائبٌ عنها، أن تتكدّس في عمرك الساعاتُ وهي في ميزانك خواء، أن تفتح عينيك صباحًا وتغلقهما ليلًا، ولا تسأل نفسك: ماذا أودعتُ بينهما؟ فإن المرءَ لا يُبتلى بالعمى، وإنما يُبتلى بأن يرى ولا يعتبر، ويسمع ولا يتفكر، ويمضي ولا يتوقف ليسائل نفسه.

والقلبُ، إن لم تُطهره دمعةُ الخشية، أو تهزَّه نسمةُ اليقين، غدا كالحجرِ الأصمِّ، لا يعي تلاوة، ولا يرتجفُ لموعظة، حتى إذا استبطأ الرجوع، جاءه الردُّ، وقد فاته الطريقُ إلى الوراء.
••
قناة | توّاق
•• سورة آل عمران ميدان الثبات ومعترك الابتلاء إذا كانت البقرة هي العهد المأخوذ، فإن آل عمران هي الامتحان الممهور، سورةٌ نزلت في منعطفٍ حاسم، حيث بدأت طلائع المواجهة بين الحق وأعدائه تتكشف، فكان لا بد من تهيئة القلوب لزمن الفتن، وإعداد النفوس ليوم الابتلاء.…
••
سورة النساء

مواثيق العدل وسنن التدافع

إذا كانت آل عمران ميدان الثبات، فإن النساء هي حصن العدالة التي تحفظ الصف وتمنع التصدّع، نزلت في لحظة مفصلية، إذ بدأت الأمة تتشكل، وبرزت الحاجة إلى نظامٍ يُحصّن البناء الناشئ من الظلم والتعدي، فجاءت أحكامها فاصلةً بين الحقوق والواجبات، حتى لا يُرهق القوي الضعيف، ولا يضيع حقٌ بين تلاعب الأهواء.

افتُتحت بالحديث عن أصل الإنسان، كإعلانٍ أن التمايز بين البشر لا يكون إلا بالتقوى، ثم امتدت الأحكام لترسي القسط في كل زاويةٍ من زوايا المجتمع: في المال، في القضاء، في الأسرة، وفي إدارة الصراع مع أعداء الداخل والخارج.

فهنا تتجلى حقوق النساء واليتامى، حيث يُختبر صدق الامتثال حين لا يكون للمظلوم صوتٌ يسمعه الناس، وهنا تُرسم معالم الولاية والطاعة، حين يختلط في النفوس التردد، ويصبح الحكم الشرعي ثقيلًا على من لم يتشبع بروح التسليم.

ثم يتوالى الحديث عن المنافقين، فهم في هذا البناء الجديد أشد خطرًا من الكافرين، إذ لا يرفعون رايةً واضحة، بل يتغلغلون بين الصفوف، يفرّقون حين يُظن بهم الإصلاح، ويزرعون بذور الشك في مواضع اليقين.

ويستبين للقارئ أن بناء المجتمع يكون محكمًا بالحدود والوصايا، فلا تُستباح الدماء، ولا تُضيَّع الأمانات، ولا يُهضم حق النساء، ولا يُترك المنافقون ليعبثوا في الصفوف، فكل خللٍ يعالَج، وكل ثغرةٍ تُسدّ، ليكون المجتمع مؤهلًا لحمل الرسالة، غير مشغولٍ بظلمٍ أو خصومةٍ أو تفككٍ داخلي.

فلا ينجو من خِضَمّ هذه الامتحانات إلا قلبٌ امتلأ بتسليمٍ لا يلتفت، ويقينٍ لا يرتاب، وأمانةٍ لا تخون.
••
••
التنهيدة:


دعاءٌ لا يُرفع صوته ولا يُشرح معناه؛ هي رسالة تهفو مباشرةً إلى الله دون أن تتوشح بالألفاظ، هي دعاء يتخفَّف من ثقل الحروف، ويصعد إلى السماء بلا زينة، هي نبضٌ هاربٌ من أسر الجوارح، لا يُبصره أحد، لكنه يطرق أبواب الرحمة في عليائها.

أو بالأصح دعاء بلغ من الوضوح مبلغًا لا يحتاج إلى تعبير بالكلمات، كماء نبعٍ تسرّب من شقوق الأرض، خرج خالصًا من جوفها قبل أن يُلوّثه السيل أو يُطوّقه الضفاف.
••
قناة | توّاق
•• سورة النساء مواثيق العدل وسنن التدافع إذا كانت آل عمران ميدان الثبات، فإن النساء هي حصن العدالة التي تحفظ الصف وتمنع التصدّع، نزلت في لحظة مفصلية، إذ بدأت الأمة تتشكل، وبرزت الحاجة إلى نظامٍ يُحصّن البناء الناشئ من الظلم والتعدي، فجاءت أحكامها فاصلةً بين…
••
سورة المائدة
ميثاق الوفاء وأمانة التكليف


إن كانت النساء حصن العدالة، فإن المائدة هي إعلانٌ لتمام التشريع وإلزامٌ بالوفاء بالعهود، نزلت في أواخر العهد المدني، فجاءت أحكامها فاصلة ومواقفها قاطعة، افتُتحت بأمرٍ قاطع بالوفاء بالعقود، فكما أن المؤمن لا يقبل خللًا في عبادته، فإنه لا يقبل خللًا في أماناته ومواثيقه، لأن الدين كله عقدٌ بين العبد وربه، فإذا اختلّت العقود في الأرض، دلّ ذلك على ضعف العهد مع السماء.

ثم تسرد السورة نقض بني إسرائيل لميثاقهم، لتذكير الأمة بأن الانحراف يبدأ بالتفريط قبل أن ينتهي بالتحريف، فالولاء للدين لا يكون بالمشاعر العابرة، بل بالثبات على أحكامه، ولو ضجّ من حولك بالباطل.

وتُختم بمشهدٍ مهيب، حيث يُسأل عيسى بن مريم -عليه السلام- عن أتباعه، إعلانًا أن الحساب قادم، وأن النجاة مرهونةٌ بمن أوفى بعهد الله، وقال بقلبٍ صادق: سمعنا وأطعنا.
••
Please open Telegram to view this post
VIEW IN TELEGRAM
••
كلما ازداد العبد إدراكًا لفقره، عظُم في رحاب القرب قدره، ومن سكن قلبه الانكسار، رفعه الله إلى مقام الاختيار، ومن أبصر نقصه في كمال غنى الله، أسبغ عليه نعمه وأولاه.
••
••
#نشرة_تواق_البريدية
العدد الثالث
•| بهجة الوصول |•
بين مواسم التعب ومواقيت الفرح


🔰https://nz.sa/fefIW
_____________
اطمئن، قراءة المقال الآن لا تُبطل صيامك.

ضع بريدك هنا
••
••
منذ فترة، كلما مررت بهذه الآية: “قل لو شاء الله ما تلوته عليكم”، يستوقفني هذا الاحتمال المهيب: ماذا لو غاب القرآن؟

أحاول أن أتصور هذا المشهد، فأجده مظلمًا، موحشًا، فارغًا من المعنى. كيف كانت ستبدو الحياة لو لم يُنزّل هذا الوحي؟ كيف كنت سأعرف من أنا، ولماذا خُلقت، وإلى أين أمضي؟ كيف كنت سأقف بين يدي الله، ولا أعرف كيف أناديه، وكيف أبكي له، وكيف أرجوه؟ كيف كنت سأجتاز مواسم الحياة الثقيلة دون أن تسندني آية، أو تهدأ روحي بسكينة الذكر.

لو شاء الله، لما تنعّمنا بآياتٍ تمسح عنّا الخوف، وتغرس الطمأنينة، لما وجدنا في صلواتنا ما يربطنا به، لما عرفنا كيف ندعوه، ولا بأي الكلمات نبثّ له أحزاننا، ولا كيف نرجوه حين تشتد الخطوب.

لو شاء الله، لما علمنا من نحن، ولا لماذا خلقنا، ولا إلى أين نمضي، ولظلّت قلوبنا حيرى، تتخبط بين الظنون، ولا تجد إلى اليقين سبيلًا.

لو شاء الله، لما ترددت في المساجد آياته، ولا رقّت بها قلوب العابدين في سجودهم، ولا استأنست بها الأرواح في وحدتها، ولا بكى بها المذنبون في ظلمات الليل.

لكنّ الله شاء، فأكرمنا بهذا الكتاب، وجعله رحمةً نعيش بها، ونورًا نهتدي به، وسراجًا لا تنطفئ أنواره ما دامت الحياة، فطوبى لمن وعى هذه النعمة، واستمسك بها كما يستمسك الغريق بحبل النجاة، وسقى قلبه منها حتى لا يبقى فيه ظمأ، وملأ بها روحه حتى لا يبقى فيها فراغ.
••
Media is too big
VIEW IN TELEGRAM
كلما اتسع وعاء الزمان اتسع عطاء القرآن.
﴿ولَمّا فَصَلَتِ العِيرُ قالَ أبُوهم إنِّي لَأجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْلا أنْ تُفَنِّدُونِ﴾

فصلت العير بريح الأحبة أولا
لتتهيأ النفوس لاستقبال البشائر
رأفة بالقلوب المشتاقة من فجأة الأفراح
••
كل ما تلمسه يداك، وتبصره عيناك، وتدركه حواسك، هو من عالم المادة، من طين الأرض وزينة الحياة، إلا شيئان، هما سر الوجود وأصل النور: الروح والقرآن، فالروح نفحة من أمر الله، ﴿ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِن رُوحِهِ﴾، والقرآن روحٌ يُبث في القلوب، ﴿وَكَذَٰلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِّنْ أَمْرِنَا﴾.

ولذا فالروح عطشى، لا يرويها إلا معين الوحي، ولا تستكين إلا على مائدة الذكر، تنصت لكلام ربها، تتدبره، وتحيا به، فإذا صُرفت عنه اختنقت في ظلمات الجفاف، وهامت في بيداء الضياع، ولم تُجبر على مسلكٍ واحد، بل وضعت على مفترق طريقين، تنتصب أمامها لافتة النذير: ﴿إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا﴾. فإما أن تنقاد لصوت السماء، أو تغرق في صخب الأرض، والعاقبة مرهونةٌ بالاختيار.
••
2025/07/04 09:18:40
Back to Top
HTML Embed Code: