Telegram Web Link
بين جفاف الروح وغيث الدعاء - تواق
جوامع الكَلِم
عنوان اللقاء | عرفة بين جفاف الروح وغيث الدعاء.
‏..

لماذا كانت (عرفة) خارج حدود الحرم، على عكس (منى ومزدلفة) فهما داخلتان في حدود الحرم؟

‏علَّل بعض أهل العلم هذه المفارقة العجيبة؛ بما جاء عن الخليل بن أحمد قال: سمعتُ سفيان الثوري يقول:
‏(قدمتُ مكة فإذا أنا بجعفر بن محمد قد أناخ بالأبطح، فسألته:
‏لم جُعِلَ الموقف من وراء الحرم، ولم يُصَيَّرْ في المشعر الحرام؟

‏فقال: الكعبة: بيت الله، والحرم: حجابه، والموقف: بابه، فلمَّا قصدوه أوقفهم بالباب يتضرَّعون، فلمَّا أذِن لهم بالدخول، أدناهم من الباب الثاني، وهو المزدلفة، فلمَّا نظر إلى كثرة تضرُّعهم وطول اجتهادهم رحِمَهم ، فلما رحمهم أمرهم بتقريب قربانهم، فلما قربوا قربانهم، وقضوا تفثهم، وتطهروا من الذنوب، أمرهم بالزيارة لبيته.

‏قال له: فلم كُرِه الصوم أيام التشريق؟
‏قال: لأنهم في ضيافة الله، ولا يجب على الضَّيف أن يصوم عند مَنْ أضافه .


📕تاريخ الإسلام | للذهبي - ٩٢/٩
..
Please open Telegram to view this post
VIEW IN TELEGRAM
اللهم أمدَّ قلوبَنا بمدَد تُطلق به ألسنتَنا لحُسن مسألتِك.
‎⁨العيد ⁩.pdf
3.1 MB
العيد | بين الفرح المُهذّب والابتهاج المُنفلت
••
بتوقيت هذه اللحظة، جلست على صخرةٍ تقابل شلّال Štrbački buk، حيث يسرد الماء قصصه دون انقطاع، وهنا كتبت هذه الحروف، لا لأنّ الوقت كان مناسبًا، بل لأنّ الجمال كان كافيًا لاستدعاء كل من أحببنا، وجمال المشهد كان عذرًا جديدًا لاستحضار الغائبين كأنهم هنا.

ثمّة مواسم تعيد تشكيل وعينا بطريقة لا يلتفت لها كثير من الناس، والعيد أحدها؛ لا يطرق أبوابنا محمّلًا بالفرح وحده، بل يأتي ومعه فرصة رمزية لإعادة ترتيب العلاقات، ومراجعة ما مضى على مهل، كأنما يمنحنا إذنًا مؤقتًا للتوقف عن الركض، والنظر إلى ذواتنا من الخارج.

يمنحنا العيد فسحةً لنعيد النظر، لا لأنّ ملامح الأحبة تغيّرت، بل لأنّ أعيننا صارت ترى بصفاءٍ أعمق؛ وحين نرى القريب أقرب، والصديق أدفأ، ندرك أن الزمن قد ربّى فينا نوعًا من الفهم، ذلك الذي يُسمّى نُضجًا.

الطقوس التي تتكرّر كل عام — اللقاءات العائلية، القهوة المنسية، وصال مُنتظر، تبادل التهاني — هي تمارين وجدانية تُعيد إلينا يقينًا بسيطًا: أننا لا نحيا فرادى، وأن للفرح نكهة لا تكتمل إلا حين يُعاش بتآلف الأرواح، لا بعزلة المشاعر.

وفي كل عيد، تتجدد الوظائف الشعورية للعلاقات: من يدعو لنا دون أن نطلب، من يكتب اسمنا في قلبه قبل تهنئته، من يرمّم بصمته ما تصدّع من ودّ، فالعيد لا يُعيد الزمن إلى الوراء، لكنه يُعيد ترتيب الوجوه في خارطة القلب، يُبرز من كان في الأطراف، ويُنير من ظلّ في العتمة طويلًا.

ونحن نعيش لحظاته، نستعيد أنفسنا على هيئةٍ أوضح؛ تتداخل البهجة مع الوقار، ويغدو الناس أنفسهم زينة العيد، ويصبح اللقاء صادقًا أكثر من الكلمات، والبساطة أغلى من الهدايا، والنوايا الطيّبة أثمن من الأعذار المتأخرة المقبولة.

وبين ازدحام التهاني، وتعدّد الأمنيات، نُبصر نحن وحدنا موضعًا لا ينافسنا فيه أحد؛ لنا من الذكرى دفؤها، ومن الأمكنة بريقها، ومن العيد معناه الأصفى.

فأنتم جمال العيد، ونبض ذكراه، وكل عام وقلوبكم بخير، فالعيد زينة الوقت، لكن الأحبة هم زينة الوجدان، وجمال المكان لا يطوي وجوههم، فجمال اللحظة في حضورها، وجمال الأرواح في أثرها، وجمال المكان في قدرته على أن يُحيي الوجوه الغائبة كما لو أنها لم تغب يومًا.
••
••
•| المسافة تروي العلاقة |•

ليس القرب هو الغاية العليا في العلاقات، بل حسن التقدير، وما المسافة — في جوهرها — إلا ضربٌ رفيع من الذوق، ومقامٌ لا يبلغه إلا من عرف قدر نفسه، وقدر الآخرين، فبعض النفوس لا تتألّف إلا إذا أُعطيت فسحة، ولا تزدهر إلا إذا نُزِعت عنها أعباء التوقّع، وكُفّت عنها مطالب الحضور الدائم والشرح المتكرّر.

المسافة ليست برودًا كما يظنّ العاطفيون، ولا مكرًا كما يتوهم المتوجّسون؛ بل هي لغة الراشدين في إدارة المودّة، هي ما يجعل العلاقة تحتفظ ببهائها، حين لا تُهدر أسرارها في الازدحام، ولا تتآكل معانيها تحت ضغط الحضور الثقيل.

وليست العلاقة السوية تلك التي تُحيطك بالأسئلة ليل نهار، ولا تلك التي تراقب أنفاسك كي تُفسّرها، بل العلاقة التي تمنحك مجالًا لأن تكون، دون أن تفقد يقينك بأنها باقية.

إن الذين يبالغون في الحضور، ولو بحسن نية، يرهقون الأرواح من حيث لا يشعرون؛ تمامًا كما تفقد الزهرة بريقها إن تُركت تحت وهج الشمس بلا ظلّ، فالقلوب لا تحتاج إلى مَن يُرهقها بالعناية، بل إلى من يفهم متى يتراجع خطوة ليمنحها حريّتها، ومتى يتقدّم بخفة ليجعلها تبتسم.

وما أجمل أولئك الذين يُحسنون الحضور برفق، ويُجيدون الغياب بذوق، ويعرفون أن المودّة لا تُقاس بالكثرة، بل بالخِفّة والكرامة.
••
••
الإحسان ليس سلوكًا هامشيًا في منظومة التدين، بل هو ذروة المقامات، وتاج الرحلة إلى المعبود، لا يبلغه العبد إلا إذا تحرر من قيد المعاوضة، وتخفّف من ثقل الترقب، واستشعر أن أعظم العطاء ما كان خالصًا لله، مجردًا من انتظار الصدى، هو تربيةٌ للروح على الرفق حين يقسو العالم، وتكريم للآخر لا لذاته، بل لأنك ترى في كل فعل إحساني صورة من صور “العبودية الممتدة” التي تتجاوز الشعائر إلى الحياة.

وما أرقى أن يكون عطاؤك سرًّا بينك وبين الله، لا يطوف به ريب، ولا تشوبه شوائب الرياء، بل يُكتب في صحيفة الذاكرين بصمت، ويُغرس في سجل المُحسنين بلا شهرة ولا ضجيج، فالإحسان أن تعيش بمبدأ: ﴿إنما نطعمكم لوجه الله﴾، لا تترقب جزاءً ولا كلمة ثناء، بل يكفيك أن يعلم الله أنك فعلت، وله وحده أعددت.
••
Please open Telegram to view this post
VIEW IN TELEGRAM
🔆 تم تفعيل نافذة الرسائل الخاصة في القناة، فإن أثبتت كفاءتها، فقد تُغنينا عن استخدام البوت.

هذه الخاصية تظهر فقط لمن يستخدم النسخة المُحدثة من تيليجرام.
Please open Telegram to view this post
VIEW IN TELEGRAM
••
حين يستلّ القلم من غمد التأمل، ويُغمس في محبرة السير الكبرى، ويُطلّ على قامة كالإمام أبي حامد الغزالي، فإنك تكون على موعد مع رواية ليست من نسق الحكاية العارضة، بل من طراز السرد الذي يُزيل الغبار عن مرآة الروح، ويوقظ المعنى النائم في دهاليز النفس.

حين أمسك الكاتب أحمد فال بخيوط السيرة، وبدأ نسج روايته “دانشمند” – وهي الكلمة التي تعني بالفارسية: العالِم أو الحكيم – تشكّلت تحت قلمه صفحاتٌ تفيض بفلسفة الحياة، وتُسافر بك من طوس إلى بغداد، ومن حيرة القلب إلى طمأنينة المعنى.

في كل فصلٍ من فصول هذه الرواية، يحضر الإمام أبو حامد الغزالي لا كاسمٍ في سطور، بل كإنسانٍ تتقاطع عنده الأزمنة، وتحتدم في صدره صراعات السؤال والبحث والمصير. لغة الرواية مشبعة برحيق الفكرة، متدفّقة بإيقاع النفس الحائرة، ومضيئة بمصابيح التاريخ المشتعل بالفتن والتيارات والتحوّلات.

يمر القارئ بمشهد بغداد وأروقة النظامية، ويسمع خطى الوزير نظام الملك، ويرى محابر العلماء تتقاطر في حلقات العلم، ثم يُدرك كيف كانت تلك المرحلة تمور بأحداث جسام: سلطانٌ سلجوقي يُدير الدولة من وراء الستار، وخلافة عباسية تخوض صراع الهوية، وغزواتٌ صليبية تشتد في الغرب، ومجوسٌ باطنيون يُقلقون مشهد اليقين.

ثم تأخذ الرواية بيد القارئ إلى عوالم الغزالي الداخلية: انطفاء الرغبة، وتبلّد الشعور، وتغيّر طعم الأشياء… تلك الحالة التي أشار إليها علم النفس الحديث بفقدان المعنى، وتوصيف الأطباء لحالة الـ lost of interest. يتتبّع أحمد فال ملامحها في حياة الإمام، فيعبر بك إلى عمق السؤال: كيف يتعامل الصادق مع اضطراب الباطن؟ كيف يحيا المفكر حين يضيق صدره بالمعرفة الجافة؟

تغدو الرواية عند هذه اللحظة بوّابةً لفهم عزلة الغزالي لا كخوف، بل كحكمة. وقراره بترك المناصب لا كضعف، بل كقوة. وانكفاؤه إلى الداخل لا كخسارة، بل كنجاة. يتتبع الكاتب ذلك بحسّ لغوي ساحر، وتحليل ناعم، وسردٍ يفيض بدفء الفكرة وحرارة الوجدان.

لقد مررتُ بالرواية كما يمرّ المسافر بين المنازل العامرة بالمعنى، وكلما تقدّمتُ فيها، تنبّهتُ لشيءٍ في داخلي يستيقظ، هذا ليس سطرًا يُقرأ، بل مرآة تُريك كيف يَمرض القلب إذا فَقَدَ وجهته، ويَصحّ إذا صلحت نيّته.

دانشمند رواية تُشعل قنديل الفكرة، وتُنبت في القلب وَهَج المعنى.
••
قناة | توّاق
الملف التفاعلي لقائمة المحتوى.pdf
••
مبادرة تربوية تُعنى بتوفير محتوى آمن ونافع وممتع للأطفال، يجمع بين الترفيه والتوجيه، ملتزم بالضوابط الشرعية، وتنهض في وجه سطوة المحتوى الغربي على الشاشات ومنصات التواصل، ساعيةً إلى ترسيخ الهوية العربية والإسلامية في وجدان الناشئة، من خلال مواد متنوعة تشمل الرسوم المتحركة، الأناشيد، البرامج، والفواصل التربوية.

وقد رُتّب المحتوى وفق شرائح عمرية (٣–٥ / ٦–٨ / ٩ فما فوق) لتحقيق التوازن المعرفي والنفسي، ويُيسَّر الوصول إليه عبر ملف تفاعلي يضم روابط مباشرة ونبذات تعريفية، بما يجعلها مبادرة واعية تستهدف تنشئة جيل يُشاهد بعينٍ بصيرة، وينمو على قيمٍ لا تُشترى ولا تُستعار.
••
••
|• عجز المشتاق •|


كلما خمد ضجيج العالم، وسكن صوت الهاتف، وأويت إلى ركني أستعدّ لساعات الليل، هبّت على القلب ريحٌ خفيفة، ولكنها تعرف جيدًا من أين تُؤتى السكينة، ريحٌ اسمها: لماذا لا أفعل؟

إنني أشتاق. والله يعلم كم أشتاق! أشتاق لركعةٍ طويلةٍ في جوف الليل، تهمس فيها الروح بما عجز عنه اللسان في ضجيج النهار، أشتاق لصفحةٍ من القرآن تُتلى في خشوعٍ تام، كأنها أول مرة أنزل فيها الوحي، أشتاق للدعاء، للبكاء، لتلك اللحظات التي كان القلب فيها قريبًا كأن بينه وبين السماء خيطًا من نور.

ولكن مع كل هذا الشوق، لا أُقدِم، لا أبدأ، لا أُواصل، يمرّ اليوم بعد اليوم، والأمنية في مكانها، والنية على حالها، والتقصير يزداد اتساعًا، حتى كأنّ بيني وبين طاعتي سورًا من زجاج؛ أراها واضحةً، قريبةً، لكن لا أبلغها، ذلك التناقض المرير بين حرارة الشوق وجمود الإرادة، بين صدق الأمنية وخذلان التنفيذ.

وكلما أويت إلى فراشي، واستعدت شريط يومي، أخذت أتمثّل مشهدًا مكررًا: قلبٌ يتحرّق، وجوارح لا تتحرّك! فهل الشوق يكفي؟ هل إن بكيتَ لذنبك دون أن تتركه، غُفر لك؟ هل إن رغبتَ في الطاعة دون أن تسعى إليها، قُبلت؟ وهل يسعف المشتاقَ شوقُه إن قصّر في المسير؟

نظرتُ حولي، فرأيت كثيرًا من الناس يحملون هذا الهمّ ذاته، يتحدثون عن عظمة القرآن وهم لا يمسّونه، عن شرف القيام وهم لا يقومون، عن حب الله وهم لا يقرّبهم فعلهم إليه، فأدركت أن فينا داءً خفيًا اسمه: الفتور المزخرف بالشوق، فتورٌ مخادع، يُسكّن الضمير، ويعطيك شعورًا زائفًا أنك بخير، لأنك “تتألم”، رغم أنك لا “تعمل”.

ويزيد الألم حين تتلو قوله تعالى: {ومن أراد الآخرة وسعى لها سعيها وهو مؤمن فأولئك كان سعيهم مشكورًا} فمن أراد الآخرة، فليُري الله من نفسه ما يدلّ على صدق الإرادة، لا صدق التمنّي، والله لا يضيع أجر من سعى.
••
••
•| عقيدة العناد |•

العناد الأعمى ليس مجرّد خلل في السلوك، بل هو عارضٌ يدلّ على عطبٍ عميق في البنية الإدراكية للإنسان، وهو تجلٍّ صارخ لتمركز الذات حول “وهم الصواب”، حيث تتحوّل قناعات المرء إلى جدرانٍ صمّاء لا تسمح بعبور الحقيقة، ولو كانت بيّنة كالشمس.

صاحبه يعيش في حالة من الانغلاق المعرفي، يرفض فيها “المرآة النقدية”، ويضيق ذرعًا بأي صوتٍ خارجي يهدّد هندسته النفسية التي ارتاح لها، ولو كانت قائمة على باطل.

والأخطر من ذلك أن العناد إذا استقرّ، تحوّل إلى عقيدة شعورية، يدافع عنها صاحبها بنفس الحماسة التي يُفترض أن تُدافع بها عن الحق، فينقلب ميزان الفهم، وتُختطف بوصلته.

وحين تتأمل هذا النمط، تدرك كيف أن الانتصار للنفس قد يُطفئ مصابيح البصيرة، وكيف أن “الانفعال الوجداني” إذا لم يُضبط بنور الوحي ومكارم العقل، كان سببًا في انطفاء العُمر داخل دائرةٍ من المكابرة المؤذية.

وفي القرآن الكريم: {وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم}، لتفهم أن العناد لا ينفي اليقين، بل يدلّ على أن الجحود قد يكون قرارًا نفسيًا، لا جهلاً علميًا.
••
••
🔆حلقة فاخرة والدكتور فهد مميز بحق👍🏻😍
____________
منذ بدء البشرية والإنسان مولعٌ بالمعنى ودائم البحث عنه. عن معنى وجوده وعلاقاته والحياة بأكملها. لدي أسئلة كثيرة حول المعنى: ما المعنى الذي يبحث عنه الإنسان؟ كيف يجده؟ وما شكل الحياة من دونه؟ 

لذلك، استضفت في هذه الحلقة فهد القحطاني، الأستاذ المشارك في قسم السياسات التعليمية بكلية التربية في جامعة أم القرى. يرى فهد القحطاني أننا نعيش اليوم أزمة معنى، إذ طغَى الجانب المادي على حياة الإنسان، ففقد معانٍ عظيمة، عن حياته وعلاقاته بل حتى في نظرته إلى نفسه.

يقول ضيفي إن مَن لا يؤمن بالخالق فليس لحياته معنى، وإن المعاناة في ظل غياب الخالق تفتقد لمعنى. فما العلاقة بين الإيمان والمعنى؟ كيف يجِد الملحد معنًى لحياته وهو لا يؤمن بشيء؟ 

يدخل المعنى في سلوكنا على مواقع التواصل الاجتماعي، فهي اليوم عمّقت أزمة المعنى، إذ شيَّأت الإنسان وضيّقت معناه، ليصبح معرِّفًا رقميًّا تسهل أذيّته. هذه الأذية، يفسرها ضيفي بأنها ممتدة من غياب التصور الصحيح لمعنى اعتقادك وإيمانك.

حلقة رائعة تمس الإنسان العادي البسيط؛ عن الغاية والإيمان والمعاناة، وغيرها من المفاهيم التي ترتبط ارتباطًا وثيقًا بحاجته إلى المعنى.

أنامل ثمانية

📺https://youtu.be/UjXvq_YyeZ0?si=mTNTWhKLn6mG0WL3
••
Please open Telegram to view this post
VIEW IN TELEGRAM
••
يخوض الشيطان معركته مع المؤمن عبر مسار دقيق يمكن تسميته بـ“تفكيك الرجاء”، فيزرع في القلب بذور الحزن، ويغذّيها بوساوس الهمّ، حتى تترسخ في النفس مشاعر الإنهاك والتوجس، فتضعف قواها، وتخور عزيمتها، ويتضاءل فيها نور التعلّق بالله.

ومع كل خفقة حزنٍ مستديم، يميل ميزان الثقة، ويخبو وهج الإيمان، وتتمكن غيوم القلق من فضاء القلب، وفي هذه اللحظة، يفتح الحزن منفذًا لعدوٍ ماكر، يبني عبره مشروعه الكبير: تحويل المؤمن من ساحة الرجاء إلى دروب القنوط، ومن مقام التسليم إلى أودية سوء الظن، حتى يسكن في النفس شعورٌ مُثقل لا يرى لرحمة الله مخرجًا، ولا لواسع عطائه موطئًا، وقد قال الله تعالى: ﴿إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ﴾.
••
قناة | توّاق
•• يخوض الشيطان معركته مع المؤمن عبر مسار دقيق يمكن تسميته بـ“تفكيك الرجاء”، فيزرع في القلب بذور الحزن، ويغذّيها بوساوس الهمّ، حتى تترسخ في النفس مشاعر الإنهاك والتوجس، فتضعف قواها، وتخور عزيمتها، ويتضاءل فيها نور التعلّق بالله. ومع كل خفقة حزنٍ مستديم،…
••
الرسالة السابقة احتوت على التشخيص، والنفوس وإن أدركت عِلّتها، لا تنهض من كبوتها إلا إذا سُقيت بماء الإرشاد، وجُذبت بنور الهداية إلى مواطن العافية.

فأول أبواب الوقاية من هذا المسار الشعوري المُنهِك، هو ترسيخ اليقين بأن الرجاء ليس حالة وجدانية طارئة، بل هو مقام من مقامات الإيمان، يُبنى كما يُبنى الصرح: بالتدرج، والتكرار، والمجاهدة، والصدق. لذا فإن التزود بالقرآن تلاوةً وتدبّرًا هو الحصن الأول، إذ يُعيد تشكيل التصوّر، ويرفع القلب من ساحة التوجّس إلى أفق الأمان، ويكفي أن تجعل لنفسك وِردًا يوميًا من كلام الله، لا يُقطع في سرّاء ولا ضرّاء، ففيه ترميم داخلي لا يدركه إلا من ذاقه.

وثانيها: أن تُكثر من طرق باب الله بالدعاء، فإنّ الانكسار بين يديه يُسقط أوهام الاستغناء، ويجعل النفس تتقن مجددًا لغة الرجاء، وقد قال الله تعالى: ﴿أَمَّن يُجِيبُ ٱلْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ﴾ [النمل: ٦٢]، والاضطرار هنا ليس اضطرار البدن فقط، بل هو اضطرار القلب حين تعجز الحيل وتخفت الأصوات.

وثالثها: أن تُعيد ضبط علاقتك بالوقت، فإن أوسع نوافذ الحزن هي الفراغ؛ الفراغ الذي يُضخّم الوساوس، ويُعيد تدوير الجراح، ويزرع في النفس وهمًا بأن الطريق مغلق، بينما هو في حقيقته مفتوحٌ، ولكن بالعمل لا بالانتظار. فاملأ وقتك بما ينفع: علمًا، قراءة، عملاً، نفعًا للناس، وسترَ أن القلب إذا اشتغل بمرضاة الله، خفّت عليه تلك الكآبة الغائرة.

ورابعها: أن تُحسن الصحبة، فالنفس تتلوّن بمن تُجالس، فإن كان حولك من يُذكّرك بالله، ويأخذ بيدك إلى نور الذكر، خفت عليك سُبل الظلمة، وإن أحطت نفسك بمَن سقطوا في مستنقعات الشكوى والجزع، جرّوك معهم إلى قيعانها.

وخامسها: أن تستحضر دومًا أن الابتلاء ليس علامة سخط، بل مظروف يُحمَل فيه الخير الكثير، وقد قال الله تعالى: ﴿وَبَشِّرِ ٱلصَّـٰبِرِينَ﴾، ولم يُعلّق البشارة بالنتائج، بل بالصبر ذاته، لأن في عبور الألم معنى تعبّديّ يُزهر ولو بعد حين.

فإذا اجتمعت لك هذه الأبواب: وردُ القرآن، وانكسار الدعاء، وعمارة الوقت، وصحبة الخير، وحسن الفهم للبلاء، فاعلم أنك تمشي على طريق النجاة، وأنك تردّ على الشيطان عمليًا لا جدليًا، وتغلق دونه باب مشروعه الكبير: تفكيك الرجاء.
••
••
إذا صدق المرء في طويّته، طاب خُلقه وهدأ، وإذا طاب خلقه، أحبّه الخلق وارتاح، وإذا أحبوه، زانه الله بالمهابة والقبول، فإذا بلغ هذا المقام، علم أن حسن الخلق ثمرة صفاء الباطن، لا تكلّف الظاهر، وغرسُ التقوى لا حذق المداراة.
••
2025/07/05 20:07:45
Back to Top
HTML Embed Code: