Telegram Web Link
” عملت الإصلاحية العربية على ترويج فكرة مفادها أن القرون المتأخرة، بدءا من القرن العاشر، هي قرون الانحطاط والاجترار؛ حيث سادت الحاشية والتعليق والطرة باعتبارها أنماطا للتأليف. اعتبر الإصلاحيون أن الفكر الأشعري المتأخر كان مصدرا للضعف، فهو عتيق ومتحجّر ومعقّد للغاية بالنسبة للمسلم العادي. وهذا حكم عارٍ عن الصحة بسبب أن جل تراث تلك الحقبة الزمنية لم يحقَّق بعد ويُتَح للباحثين حتى يمكن إصدار مثل تلك الأحكام. فالإهمال الذي تعرض له الكلام الأشعري المتأخر مردُّه إلى مدرسة محمد عبده ورشيد رضا التي اعتبرت التراث الأشعري استمرارا للتقليد الذي رفضَته، ثم الاتجاه الإحيائي السلفي الذي وجد ضالّته في كتب ابن تيمية “

➖️ د. يوسف مدراري

#التاريخ_العقدي
” قام شكري الآلوسي والقاسمي بالاحتفاء بأعمال ابن تيمية وتلاميذه خصوصا ابن القيم لأسباب منهجية، ذلك أنهما وجدا فيهما منحًى نقديا تحليليا مختلفا عن المعهود في الأدبيات الدينية المتأخِّرة، عكس احتفاء واستدعاء سلفية نَجد لابن تيمية الذي كان دافعُه غايات طُهوريّة. عمل الإصلاحيون على تسخير تلك الأعمال من أجل خدمة أهدافهم الإصلاحية (...).
ولعل ما يميِّز الفكر السلفي في الشام هو أنه لم يكُن في غالب أحواله إقصائيا ومحتكرا للحق؛ فجمال الدين القاسمي قام بنشر طائفة من كتب ابن تيمية، إلا أنه نشر في نفس الوقت أعمالا مختلفة متنوعة يصعب معها تصنيف الرجل؛ فقد نشر حوالي ثلاثين رسالة في موضوعات الفلسفة والأخلاق وعلم الكلام والتصوف والفقه لطائفة متنوعة من العلماء من بينهم ابن سينا، وابن عربي، ويحيى بن عدي، وابن تومرت، وفخر الدين الرازي، وأبو شامة المقدسي، والغزالي... “

➖️ د. يوسف مدراري

#التاريخ_العقدي
” الذي وقفنا عليه في بعض الكتب المعتمدة في وصفها وبعض ما أدركناه بعقولنا من أخلاقها هو ما يأتي:
فمراكش ليس فيها إلا الشمال والجنوب، ريحها متمكّن من الجباه والجُنوب، طالعها يوم بنائها العقرب والزهرة؛ فبمناسبة الأول لا يقع فيها تعمير، بل لا يوجد فيها ثلاثة أجداد مع دوران العمارة بوسطها، ومن حيث الثاني، أهلها في سائر الأوقات فرِحون، لا يحزنهم الفزع الأكبر. وكثيرا يكون الموت بها في رجب وشعبان وبمرض السل، ومع ذلك فأهلُها كما قال عليه السلام: «يالَفون ويولَفون».
وأما مكناس، فطالع بنائها زحل، ولذلك أهلها في أقصى درجة من برودة الطّبع، ويعمّرون مع قبضٍ في خلقهم، وفيهم نوع من الكِبر والإعجاب. أمّا هواؤها وماؤها فجيّدان للغاية، وقد حدّثني شيخنا العلامة السيد المفضل السوسي أن الوليّ الشهير سيدي عبد القادر الفاسي (تـ 1091هـ) دعا لها أن تكون كسفينة نوح من كلّ زوجين اثنين.
وأما فاس فطالع بنائها أيضا زحل، ولذلك ترى أهلها في أقصى درجة الدناءة. قال صاحب «البستان» أبو القاسم الزياني (تـ 1147هـ): «هذه المدينة المباركة التي اختطّها إدريس بن إدريس هي حاضرة المغرب، وسكانها أقسى الناس قلوبا وأكثرهم كِبرا وعُجبا لحروشة مائها، وفساد هواها، مولَعون بالخلاف على الملوك في كل عصر، ومع كل دولة، ولا ينزَجِرون بما يقع لهم من المصائب، وما يلحقهم من الفضائح والنوائب، وذلك لخبث طباعهم؛ فرحم الله ابن الخطيب في وصفه لهم، وقد اتفق الحكماء على أن خبث الطباع لا يُصلحه الرفق واللين والعدل، ولا يصلحه إلا الجور وسوء السيرة» انتهى.
ثم إني لم أخرُج من فاس بعد عزمي الأكيد على التنازُل حتى صار أحَد قُضاتها يجعل يد القنصل على قلبه، ويُخاطبُه بقوله: «أحبّك أن تجعلني مثل قميصك الذي هو مُوالٍ لجسدك، وأنا أحبك، فأحبك أن تحبَّني لمحبتي لك»، والأمر لله، فمن لا يستغني بالله لا أغناه الله أبدا.
وهم يعمّرون كثيرا كأهل مكناس، وبمقابلة ذلك الطالع السعيد لزحل يوجد بعض الانشراح في قلائل بأرضهم ثم ينعكس. وأعلامها من الأشراف والأندلس. ويوجد فيها رخو في المعيشة ولو مع ارتفاع الأسعار. ثم إن مراكش من المُشاهَد فيها أن الغريب تعظُم ثروته بها حتى يكونَ أقوى من أهل البلد، وأما فاس فبالعكس لا تقبل الداخل بحال، وأما مكناس فتجد الداخل فيها فرِحا من اعتناء أهلها، ولا تنمو له بها تجارة:
وَفِي كُلِّ شَيْءٍ لَهُ ءَايَةٌ *** تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ الْوَاحِدُ “

➖️ السلطان مولاي عبد الحفيظ العلوي (تـ 1937م)، يصِفُ عواصم المغرب الثلاثة مراكش وفاس ومكناس، مختصَرا

#تاريخ_المغرب
” قال ابن العربي في قانون التأويل: وورد علينا دانشمند –یعنی الغزالي– فنزل برباط أبي سعد بإزاء المدرسة النِّظَاميّة مُعْرضًا عن الدنيا مُقبِلا على الله تعالى، فمشَينا إليه وعرضنا أمنيتَنا عليه وقلنا له: أنت ضالّتنا التي كنا ننشُد، وإمامنا الذي به نسترشد، فلقيَنا لقاء المعرفة، وشاهَدْنا منه ما كان فوق الصّفة، وتحقّقنا أن الذي نُقل إلينا، من أن الخبر عن الغائب فوق المشاهدة ليس على العموم، ولو رآه علي بن العباس لما قال:
إذا ما مدحتَ امرءًا غائبـا
فلا تغْلُ في مدحِه واقصِدِ
فإنك إن تَغْلُ تَغْلُ الظنو
نُ فـيــه إلـى الأمَـد الأبـعَــدِ
فَيَصْغُر من حيث عظّمتَه
بفضـل المغيب على المشهدِ
انتهى. وكذا في أزهار الرياض.
وهذا الكلام من الإمام أبي بكر بن العربي كافٍ فى جلالة أبي حامد الغزالي وحده، فكيف مع ثناء من لا يُحصى كثرة من المعاصرين والتالين، حسبما في غير كتاب من الدواوين “

الإمام محمد بن محمد بن عمر بن قاسم مخلوف (تـ 1360هـ) في «شجرة النور الزكية»
” الفقيه الأجلُّ، الإمام بمناقبه الثّواقب، وكرَمه المتعاقِب، وسُؤدَده المتناسق المتصاقِب، لا يُخفَر لديه الذِّمام، ولا تُبلي جِدَّةُ وُدّه الأيام، يلُمُّ الإخوان على شعَث، وينبعِثُ إلى صِلتِهم كلّ مُنبعَث، ويغفر عوراء الصديق، ويأذَن لعُذره أذن التصديق، ولا يُلزِم الضعيف ذنب المُطيق، ويرتفع جلالُه عن الظنّ، ولا يكدّر معروفَه بالمنّ، لا سيّما عند من يعرِف ويعترِف، ويَمضي في سَنَن شُكره ولا ينحرِف، فأمّا الكفر فهي لنفس المُنعِم مَخبثة، ولدفين الاعتداد مثار ومَنبَثة، وإنّي لأراهُ بما يجب له من الإعظام، وأنتظِم بهَواه كلّ الانتظام، وأرفع ذكره في كلّ ناد، وأَهيم من حُبّه في كلّ واد، وأهفو إلى لقائه ليُناولني فضل سِقائه، ومَن لي وقد فاتَتني الهجرة أن أكون من طُلَقائه، وإن عاقَني عن حظّي منه دهرٌ مُقعِد، فهَواي مع الركب اليمانين مُصعِد، وأمَلي –وعلى الله الإنجاز– يعِد، وإذا قرّب فلا بُعد ولا مُبعِد “

➖️ الإمام الكاتب الأديب الفقيه الديّن، حامل لواء النّباهة، والمعوّل عليه في البلاغة؛ أبو عبد الله محمد بنُ مسعود، ابن أبي الخصال الغافقي (تـ 540هـ) في فقيه عصره الإمام أبي بكر بن العربي المعافري (تـ 543هـ)
” بمقتضى "الوجود" الذي تبتدئ به "حياة" الذات الإنسانية، بمختلف أنشطتها وكيفما كانت درجة كمالها وتمامها، يمكن النظر إلى الذات الإنسانية كمَحَلّ "رَمْي" و"رَجم"، كذاتٍ تُرْمَى وتُرْجَم بأمور "تستفزّها" و"تهمُّها"؛ تستفزها لأنها تطلب "فزّها" وانتهاضها للفعل، وتهمُّها بما تخلّف فيها من "الهمّ" والحزن لتنهض إلى العمل على التخلص منهما.
لقد سمّى غيرُنا الأمور التي تُرمى بها الذات وتُرجَم حسيّا وطبيعيا أو ذهنيّا ومعنويا باسم (Les problèmes) الفرنسي أو (The problems) الإنكليزي. والأصل في هذا الاسم الذي يُعدّ من المصطلحات المنطقية الأساسية مكوِّنان لاتينيان هما الفعل "BALLEIN" الذي يؤدّي ما يؤدّيه فعل "رمى" العربي وفعل "Jeter" الفرنسي، والحرف اللاحق "PRO" الذي يؤدي، حين يلحق صدراً لفعلٍ من الأفعال، أن ذلك الفعل يُنجز "في الوجه"، و"في القُبُل". لفظة "Le problème" أو "The problem" إذن، من حيث دلالتها الأصلية الثابتة لها لغويا، تُحيل إلى الأمر الذي "يُرمى في الوجه"، "يُرمى أمام الوجه"، "يُرمى في القبُل"، أي "الأمر الذي يواجه" و"الأمر الذي يقابل ". ولمّا كانت "المواجهة " و"المقابلة" عائدتين إلى الإحالة إلى معنى "المعارضة" ومعنى "الاعتراض" رجع بذلك مفهوم "Le problème" إلى الإحالة أيضاً إلى "ما يعارض" وإلى "ما يعترض".
تتعزّز صحّة إرجاع مفهوم "Le problème" إلى مفهومَي "المُعارٍض" و"المعترض" بطريقٍ آخر يتمثل في تسمية غيرنا لـ"ما يُوضع" أمامنا لأجل "الوقوف عنده" أو "الوقوف عليه" باسم "L'objet" الفرنسي و"The object" الإنكليزي، وهو اسم يصِل من جهة معنى "الرمي" ("jet" و"ject") بمعنى يُخصَّص بالحرف اللاحق المتصدّر "ob" الذي يفيد المعاكسة والمقابلة، ويندرج من جهة أخرى تحت مفهوم "L'objection"، مفهوم المعارضة أو الاعتراض.
بمقتضى المفهوم من "problème" و"objet" نستطيع أن نقرّر أن الذات الإنسانية حين "تستشكِل موضوعاً" من المواضيع تكون منفعلة انفعال من يُرمى ويُقذف، انفعال من يواجه ويقابل. وبما أن لا نظر ولا تفكير إلا في "مشكل" من المشاكل و"موضوع" من المواضيع، فيترتّب ألّا نظر ولا تفكير إلا ردّا على رمي وقذف وانتصاباً للمواجهة والمقابلة. “

د. حمو النقاري
يقول العلامة أبو سالم العياشي (تـ 1090هـ) فيمن نحا إلى تحريك الخلافات والتسرّع لرمي المخالفين، إنهم إنما يستسهلون ذلك ويتسارعون إليه، فما ذلك إلا لغفلتهم أو جهلهم بما فيه من الخطر والتعرُّض لسخط الله تعالى وإغضاب رسول الله ﷺ بإثارة الخلاف بين أمّته وتفريق كلمتهم، وقد كان ذلك يشُقّ على رسول الله كثيرا ويُغضبه، ومن طالع سِيَرَه علِم ذلك، وبذلك وصَفه ربُّه تعالى: ﴿عَزیزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَريصٌ عَلَيْكُم بِالْمُومِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيم﴾
” ابن العربي في كتابه المحصول في أصول الفقه: «الاستحسان أنكره الشافعي وأصحابه، وكفّروا أبا حنيفة في القول به تارةً، وبدّعوه تارة. وقال به مالك، واختلف أصحاب أبي حنيفة في تأويله على أربعة أقوال، وأما أصحاب مالك فلم يكُن فيهم قويّ الفكر ولا شديد العارِضة يُبرِزُه إلى الوُجود، وقد تتبّعناه في مذهبنا فألفَيناه ينقسم أربعة:
1‐ ترك الدليل للعُرف، كردّ الأثمان للعُرف.
2‐ تركُه للمصلحة، كتضمين الأجير المشترك، والدليل يقتضي أنّه مؤتمَن.
3‐ تركُه لإجماع أهل المدينة، كإيجاب القيمة على من قطع ذنَب بغلة القاضي.
4‐ ترك الدليل في اليسير لرفع المشقّة، وإيثار التوسعة على الخلق، كجواز التفاضُل اليسير في المُراطلة الكثيرة، وإجازة اجتماع بيع وصرفٍ في اليسير.» “

➖️ تقييد الإمام البسيلي (تـ 830هـ) عن الإمام ابن عرفة (تـ 803هـ)

#مذاهب
” يجب البحث والنظر على طول الزمن، فإن الفائدة مع الزمان بطول الاعتبار وشدّة الاختبار “

➖️ أبو حيان التوحيدي (تـ 414هـ)
” بالنسبة للعِبَر التي استُخلصت من الأحداث في الريف، فكانت متناقضة من هذا البلد إلى ذلك. في كثير من البلدان، بما فيها المغرب، حيث كانت الملحمة الريفية قد بعثت آمالًا لا حدّ لها، بقي الناس في نهاية المطاف تحت عقدة الهزيمة، كما أدّت خيبة الآمال إلى البحث عن سبل سلمية، إن لم نقُل إلى الوفاق مع المحتلين. ومن ثم أصبحت حرب الريف ذكرى مزعجة، فتم طمسها بكل بساطة. ولئن كانت الشبيبة المغربية، على الخصوص، قد حاولت استحضارها فيما بعد، وحتما بمعالم خيالية، فإن التقدير الذي يقال إنها كانت تحظى به في الشرق، لم يكن منعدم التأثير في ذلك. وبالفعل، لم يكن عبد الكريم نبيّا في بلاده، إلا أنّه كوّن فيما يبدو مدرسة في الطرف الآخر من العالم. في بلدان الشرق، في الصين أو الهند الصينية، حيث كان يوجد شيوعيون متحدّرون من عين المكان، وعازمون على أن يلعبوا دورهم في الثورة العالمية، كانت حرب الريف تمثل تقريبا ما مثّلته بالنسبة لماركس كومونة باريس فيما قبل بنصف قرن. فعلى الرغم من أن الكومونيين انهزموا، ولمّا تمضِ على ثورتهم بضعة أسابيع، فإنهم أسّسوا حيال البرجوازية أول دولة بروليتارية في التاريخ. كذلك فقد تمكّن عبد الكريم، على الرغم من انهزامه في الأخير، من تأسيس وتسيير، لمدة خمس سنوات بلا هوادة، أول دولة فلاحية يعرفها التاريخ قامت بمحاربة الإمبريالية. لقد أبان للعالم أن لهذه الإمبريالية أيضا جلّادها، رغم ما تتوفر عليه من وسائل وتقنيات. “

➖️ المؤرخ جرمان عياش (تـ 1990م)

#تاريخ_المغرب
” اعلم أن من طبيعة هذا النّوع المغربيّ حبّ الدنيا، وبذلُها من غير مبالاة في شهواتهم حسب أغراضهم، خصوصا في الأعراس والضيافات والولائم، إلا قليل منهم، والبخلُ في صرفها في المصالح البلاديّة والدينيّة، وهُم في ذلك على قسمين: قسم يستعمل ذلك حسدا في الأمراء والأعيان، وقسم يستعمل ذلك لقلة دينه من غير مبالاة بزيدٍ ولا عَمرو. ولأجل هاتين الخصلتين يتسارعون لأخذ الحماية بكثرة.
ومن طبعهم الفخر، ولكن لا يفعلون أسبابه، وربما استعمل البعض منهم الخفاء لأجل الظهور. وإذا رأيت كل فرد على حِدَته وذاكَرتَه يُعجبك قوله ورأيُه، فإذا اجتمعت جماعة لا تُنتج شيئا؛ وسبب ذلك أمران: الأول أن كل واحد منهم يُعجبه رأيه، فلا يقبل رأي صاحبه ولو حقا، والثاني لا يكاد يعلم حقيقة ما تُكِنّ صدورهم إلا الله.
يتساقطون على أهل المناصب ولو من غير جنسهم أو دينهم، وينحرفون عنهم بسهولة إذا كبا بهم فرس الدهر. ألِفوا ذلك حتى صار لا معرّة في فعله.
أهل العهد فيهم قليل، وربما لا يكاد يوجد هذا الفرد.
يضحكون من الجد والهزل، ويُعرضون عن مراتب الترقّي. طبعهم الغريزي اللعب، فلا يستقرّون على حال، ولا ينهضون لما يحرّك دواعي الرجال.
يقدّمون العوائد على الأمور الدينية، قلّ منهم من يتسارع لتغيير المنكر.
يُعجبهم سرد مفاخر غيرهم، ولا يتحرّكون للأسباب التي بها ينالون ما وصلته يَد غيرِهم. في همّتهم انحطاط، يصلُحون مع الضّغط وتحت سلطة من لا يرحمهم، وإذا وجدوا رخوًا تأسّدوا وتنّمروا.
يتعلّقون عند الشدائد بالعنكبوت، وتقبل عقولهم إذ ذاك من زخارف القول ما لا يقبله عقل صغير من الولدان.
يعظّمون بعضهم في وجوههم، وينسبون إليهم عند مَغيبهم كل نقص، وإذا سمعوا ما لا يعلمون ولو أنه مذكور في كتب الأقدمين، يتسارعون لإنكاره، وينسبون قائله إلى غير الحق، وشنّعوا وقرّعوا؛ فطرةً جُبلوا عليها.
يتسارع لجماعتهم الفساد إذا حلّ بأيديهم "الطمع". وهذه الرذيلة عمومهم وخصوصهم فيها سواء. “

➖️ السلطان مولاي عبد الحفيظ العلوي(تـ 1937م) في طبائع أهل المغرب

#تاريخ_المغرب
” بالرجوع إلى وجهة نظر المولى عبد الحفيظ، فإن الداء الذي عانى منه المغرب بحسبه قديم، لا يمكن حصره في الأحداث والوقائع التي شهدتها سنة 1912م، فالحماية أو الاحتلال على الأصحّ هو نتيجة حتمية لعهود الضعف والاضطراب الذي أصاب البلاد، والذي يعود جانب منه إلى توتر العلاقة بين المخزن والمجتمع، والتي عبّر عنها السلطان في كتابه بما أسماه الطبائع «السيئة» لأهل المغرب، والتي لخّصها في حبّ الدنيا وبذلها بسخاء على الغرباء، وفي المقابل البخل في صرفها في «المصالح البلادية والدينية»، بالإضافة إلى ميلهم، أي المغاربة، إلى الفتن.
وكان نصيب أهل العاصمة فاس من نقد المولى عبد الحفيظ في هذا السياق وافِرا، فقد نعتهم بأقبح النعوت واستدل على ذلك بكل شاهد (...). إن هذا النقد اللاذع الذي صدر عن السلطان الذي شهِد الحماية، وبغض النظر عن مبالغاته وتحامُله الواضح والمفضوح يعكس التوتر الشديد الذي ساد بين المخزن الحفيظي والمجتمع سواء في العاصمة فاس أو في الأطراف، وهو ما عكَسته التوتّرات والاضطرابات الشديدة التي شهِدتها البلاد والتي كان الباعث عليها في أغلب الحالات الموقف من الأجنبي والتعاون والتواطؤ معه “

➖️ د. امحمد جبرون

#تاريخ_المغرب
” لو تنبّهتَ أيها الوسنان للطائف ما تُعامل به في أحوالك العارضة وشؤونك المتعارضة المتناقضة، وشاهدتَ ما يتخلّلُها من لُطف خفيّ وحِفظ إلهيّ؛ لرأيت من العجائب ما يُرقّي قدرك ويستخرج من صميم الفؤاد لِلّطيف الجوادِ حمدك وشُكرك، لكن اللطائف تتوالى عليك، وأنت ذاهل غافل، والحفظ يتواصل لديك ولست بقابل لفهمه ولا عاقل، فما أكثر اللطائف للمتدبرين، وأوضحها للمستيقظين المتفكّرين “

➖️ العلامة الأديب ابن أبي العيش التلمساني الأندلسي (تـ بعد 654هـ)
ودَيْني على الأيام زَورَةُ أحمـدٍ
فهل ينقضي دَيني ويقرُب مطلَبِ
وهل فضلت من مركب العُمر فضلَةٌ
تبلّغُـنـي أم لا بـلاغ لمَـركـبِ
وهَل أَرِدَنْ فضل الرسول بطَيبةٍ
فيا برد أحشائي ويا طيب مشرَبِ
أيا ليت زادي شَربةٌ من مياهِها
وهل مثلُها ريّـا لغلّـة مُـذنِـبِ
ويا ليتني فيها إلى الله صـائـرٌ
وقلبي عنِ الإيمان غيرُ مُقَلَّـبِ
وإنّ امرَءاً وارى البقيعُ عِظامَهُ
لَفي زُمرةٍ تُلقى بسهلٍ ومَرحَبِ
وفي ذمّةٍ من خير من وطِئ الثّرى
ومَن يعتَلِقْـه حبلُـه لا يُعَـذّبِ
وما لِيَ لا أشري الجِنان بعَزمَةٍ
يَهُون عليها كلّ طـامٍ وسَبسَبِ
وما الذي يثني عناني وإنّنـي
لَجَـوّابُ آفـاقٍ كثيـرُ التقـلُّبِ
أَ فقرٌ فـفي كفِّـيَ للـّه نعمـةٌ
وبَيـْنٌ فقـد فارقـتُ قبـلُ بني أبي
وقد مرَنَت نفسي على البُعدِ وانطَوَت
على مثل حدِّ السّمهَريِّ المُذَرَّبِ
وكم غُربـةٍ في غير حقٍّ قطعتُـها
فهَـلّا لذات الله كان تـغـرُّبِ
أراهُ وأهوى فعلَـه البرَّ قاعِدا
فيا قعـديّ البِـرّ قُـم وتـلـبَّـبِ
أمانيّ قد أفنى الشبابَ انتظارُها
وكيف بما أعيى الشبابَ لأشيَبِ
وقد كنتُ أسري في الظلام بأدهمٍ
فها أنا أغدو في الصباح بأشهَبِ
فمَن لي وأنـّى لي بريحٍ تحُطُّني
إلى ذروة البيت الرفيع المطنّبِ
إلى الهاشميّ الأبطحيّ محمّدٍ
إلى خاتم الرُّسل المَكيـن المقرَّبِ
إلى صفوة الله الأمينِ لِوَحيِهِ
أبي القاسم الهادي إلى خير مَشعَبِ
إلى ابن الذبيحَين الذي صِيغَ مجدُه
ولمّا تُصَـغْ شمسٌ ولا بدرُ غَيهَبِ
إلى المُنتقى من عهدِ آدَمَ في الذُّرى
يُردّد في سِرّ الصريح المهذَّبِ
إلى من تولّى الله تطهير بيتِه
وعِصمتَه من كلّ عـيـصٍ مؤشَّبِ
فجاء بريءَ العِرض من كلّ وصمةٍ
فما شئتَ من أمٍّ حَصانٍ ومن أبِ
كروضٍ الرُّبى كالشمس في رونَق الضُّحى
كنـاشِئِ ماءِ المُزنِ قبل التصوُّبِ
عليه من الرحمن عينُ كلاءَةٍ
تجنِّبُـه إلمـام كـلّ مجنِّـبِ

➖️ الإمام الأديب ابن أبي الخصال الغافقي (تـ 540هـ)
” الناس في الغالب يجدون صعوبة كبيرة في التعامل مع الكلمات الاعتيادية. فعندما نستخدم كلمة مثل الوعي، كلُّنا نظن أننا نعرف ما نعنيه. والمشكلة هي أن كلّا منّا يعني أمرا مختلفا. ولمّا كان كلّ منا يشعر بأنه «يمتلك الكلمة»، فإن نقاشا مريرا ينشأ عندما يشعر الأفراد بأن ملكيّتهم للكلمات مهدَّدة بسبب استخدام الآخر لها.
دَعوني أضرب لكم مثالا واحدا. فقد بدأتُ أهتم بالوعي لأول مرة عندما دُعيت للانضمام لمعهد كرازنو للدراسات المتقدمة (Krasnow Institute for Advanced Studies) في جامعة جورج ماسون (George Mason University)، لقد شُكّلت مجموعة من الباحثين في العلوم المختلفة لمناقشة المسائل العامة للوعي والأنظمة المتكيِّفة المعقّدة. وسرعان ما اتضحت مشكلة «الملكية»، لذا اقترحت وقتها أن نخصص إحدى حصص نقاشنا لمحاولة الوصول إلى اتّفاق فيما بيننا حول ما نعنيه عندما نستخدم الكلمات المختلفة. كان دافعي في الاضطلاع بذلك هو ببساطة، تجنُّب النقاشات الدلالية التي يبدو أننا نتّجه نحوها. لقد أعددت قائمة من الكلمات التي بدا أنها تثير كثيرا من الجدل، كما أعددت قائمة بالتعاريف لتقدّم أساسا للنقاش “

➖️ الكاتب الفيزيائي جيمس تريفل (James Trefil)
[الفرضيات الحيّة والميّتة عند ويليام جيمس]

” إذا آثرنا النظر في السّيل الهائل من القضايا التي تقترح نفسها لتصير موضوع اعتقاد، بوصفها فرضيات، فيجدُر بنا تصنيفها إلى فرضيات حية وأخرى ميتة؛ لنفترض أننا عزَمنا على دعوة مجموعة من الأشخاص المتشبّثين بالروح المنطقية –غير المنتَمين للسياق الإسلامي– إلى الاعتقاد بفرضية: تجلي المهدي المنتظر، لا بد أن دعوتنا هذه لن تحرّك فيهم شيئًا البتّة، إذ إنَّ هذه الفرضية لا تحتمل الصدق عدم احتمالها التحقق، فهي لا تعدو أن تكون بالنسبة إليهم فرضية ميتة. في حين نُلفي الأشخاص المنتمين إلى السياق الإسلامي –حتّى وإن لم يكونوا من المدافعين عن هذه الفرضية– ينظرون إليها بما هي فرضية تحتمل التحقُّق، الأمر الذي يجعلها فرضية حيّة. وبناء عليه يتّضح أنّ موت الفرضية وحياتها لا يتوقف على الفرضية في حدّ ذاتها، بقدر ما يتوقّف على الشخص الذي يتفكّر فيها. هكذا، يَصير معيار موت الفرضية أو حياتها رهينا برغبة الفرد، وباستعداده لإنتاج فِعل تجاهها، الأمر الذي يحمله عمليًّا على الاعتقاد بها. كلما نزع الشخص إلى الفعل، نزع إلى الاعتقاد. “

➖️ د. المهدي مستقيم
” الله وحده يعلم كم مرَّة فكَّرتُ، وقد وقعتُ في غياهب اليأس، في الرحيل عن بلاد المسيح والاحتماء بالمسلمين حتى أنعَم عندهم بالسلام مُقابل الجزية، وأعيش مسيحيا بين أعداء المسيح. قلتُ لنفسي قد يستقبلونني بشكل أفضل، خاصة وأنهم قد يعُدّون مسيحيتي ضعيفة، بناءً على شدة الاتّهامات التي كنتُ ضحيّة لها، وقد يأملون أن أعتنق دينهم بسهولة “

➖️ الفيلسوف بيار أبيلار (Pierre Abélard) (تـ 1142م/536هـ)
Forwarded from Honorius
ومِنَ الناس مَن يُدرِك مبكِّرًا أن مَضْجَعه سيُقَضُّ أبدًا، وفُؤاده سيؤلمه دَهْرًا، وأحشاؤه ستُعذّبه دومًا، لا لشيء إلا لأنّ نفسَه لا تَمْلك إلا أن ترغب في دَوَام ما تخاله جديرًا بالأبد فيظهر أنه عابِرٌ لا أكثر، وما تظنّه دائمًا فيُضحي زائلًا، وما تحسبه عصيًّا على التغيُّر فيُكتَشف أنه حُوَّلٌ قُلَّبٌ كغيره — وكذا يظلّ توقُ نفْسِه إلى الأبديّ واللا متناهي في الأشياء، لكنه لا ينظر إلى واقع الملموسات —التي يظلّ وِجْدانُه للجميل فيها وَفِيًّا وثابتًا— حتى يجدها سائرة ماضية لا تخلّف وراءها سوى التحرُّق في باطنه.
إسهامًا في تقويض ثنائيّة قهوة/شاي 😄
2025/06/27 10:40:55
Back to Top
HTML Embed Code: