كنت أتأمل مؤخرًا بعض الحكايات والأوصاف عن سعة الدعاوى وشؤمها في كتب التراجم ونحوها (المراد بسعة الدعوى -وقاني الله وإياك- نسبة المرء لنفسه علمًا أو عملًا زائدًا عن حقيقة حاله).
ومما وقفت عليه؛ سرعة انكشاف الدعوى، فقد نقل عن قتادة رحمه الله أنه قال مرةً: ما نسيت شيئًا!، ثم قال لغلامه: ناولني نعلي. فأجابه: نعلك في رجلك!، يعلّق الذهبي: «هذه الحكاية عبرة، فإن الدعاوي لا تثمر خيرًا!»، وصدق.
كما عيب جملة من الفضلاء والعلماء بهذا العيب، فقيل عن بعضهم: «كان إمامًا، عالمًا، لَسِنًا، فصيحًا… إلا أنه كان كثير الدعَاوَى»، وبعضهم تتفاقم به الحال، جاء في بعض التراجم عن أحد الفقهاء أنه قال مرةً «على كل حال؛ أنا شيخ الإسلام». والأقبح ارتباط سعة الدعوى بضيق العلم، وهذا معروف وله شواهد، وقد قيل عن بعضهم: «كثير الدعاوى قليل العلم»، وقيل عن آخر: «كثير الدعاوى، وهو بليد ناقص الفضيلة».
ونكتة الباب ما قاله بعض صلحاء المتقدمين: «ما زالت الدعاوى مشؤومة على أربابها مذ قال إبليس: أنا خير منه!».
https://www.instagram.com/reel/DKr1ZvkMz2c/?igsh=bGZldHh1dWx2aTVr

قصتك عن نفسك، كيف ترويها؟
WordsRated. “Bestselling Books Have Never Been Shorter.” WordsRated, May 28, 2024.
«من يختلق كذبة لا يعي هول ما أقدم عليه؛ إذ سيضطر إلى اختلاق عشرين كذبة أخرى ليستقيم بها بنيان كذبته الأولى!».

Jonathan Swift (1667 – 1745)
Please open Telegram to view this post
VIEW IN TELEGRAM
Please open Telegram to view this post
VIEW IN TELEGRAM
«الفرقَ بين [المعنى اللغويِّ والتفسيريّ] واضحٌ للمتأملِ، وإن خَفِي علىٰ كثيرٍ من الأغبياءِ، وهو أنَّ اللُّغويَّ شأنُه أن يَذكُرَ ما يجوزُ لغةً استعمالُ اللفظِ له، وأمّا المفسِّرُ: فيعيِّنُ تارةً ما أراده المتكلِّمُ من بين تلك الوجوهِ الجائزةِ لغةً، وتارةً ما يناسِبُ أن يريدَه منها ذاك المتكلَّمُ بخصوصه، وتارةً ما يناسب المتكلَّمَ وذاك السياقَ منها، ومَنشأً كثرةِ الأقوالِ التفسيريّةِ هذان الأخيران غالبًا؛ ولذلك يقولُ بعضُ المحقِّقين في كثيرٍ منها: (إِنَّ اللفظَ مُتَناوِلٌ جميعَها)، أو (مُستعمَلٌ في قدْرٍ مشترَكِ بين جميعِها)».


ولي الدين محمد بن أحمد الديباجي ت٧٧٥هـ رحمه الله
‏حكى أستاذ التاريخ بجامعة كاليفورنيا روبرت هاين في سيرته الذاتية (وهي سيرة فريدة، لأن مؤلفها عايش العمى مدة 15 عامًا، ثم أجريت له عملية جراحية فاستعاد بصره جزئيًا مرةً أخرى) عن حالات الاكتئاب التي تصيب غالبية المتعافين من العمى، لأن المبصر حديثًا يعاني من ضرورة تنظيم انطباعاته عن الحس الجديد، وتحمّل مسؤولياته بوصفه مبصرًا، وربما ينزعج جراء زوال الاهتمام (أو التميّز) أو الإعجاب الذي كان يحظى به.
‏ويشير هاين إلى ملحظ دقيق يولّد هذا الشعور الممض في النفس، فالأعمى كان يتخيّل –والخيال ميدانه الأرحب- ما ينتظره من المباهج ولذّات العيون اللامتناهية لو أبصر يومًا، فإذا أنعم الله عليه بذلك لا يجد الواقع كما كان يبدو في خياله، بهيًّا برّاقًا؛ فيحزن بسبب «خيبات الأمل التي يراها، بالمقارنة مع ما تخيّله سابقًا في مقدار ما فاته خلال سنوات العمى» كما يقول.
‏وهو يعبّر بوضوح عن شوقه لأيام العمى، ويذكر سببًا هامًا لهذا الشوق، وهذا السبب يمثّل -في الوقت نفسه- مصدرًا من مصادر الكآبة الناجمة عن عودة الإبصار، وهو دور العيون في تشتيت الانتباه وفقدان التركيز، «وصعوبة العثور على العالم الداخلي»، فالنفس في هذه الحالة يكثر اضطرابها «لوفرة المنبهات [المرئية] الفائقة، والتيار المستمر من الانطباعات المتزامنة» المتولّدة عن ذلك، وهذا معروف ذائع، وإنما يغيب عن حسّ معظم المبصرين وشعورهم؛ بسبب طول الاعتياد، وتبّلد الذهن حياله، وإلا فإن انفلات البصر يشوّش النفس ويبعثرها، و«نحن نرى الإنسان إذا أراد أن يتذكّر شيئا نسيه، أغمض عينيه وفكّر، فيقع على ما شرد من حافظته» كما يلاحظ صلاح الدين الصفدي (ت764هـ)، إلا أن حداثة تجربة المبصر بعد عمى بهذا التشوش والتبعثر تكون أشدّ وأعظم بلا ريب.
ومن طريف ما يذكر في هذا الصدد، أن الفقهاء حين اختلفوا في المقارنة بين إمامة الأعمى والبصير في الصلاة، ذهب الفقيه الكبير أبو إسحاق الشيرازي (ت476هـ) رحمه الله إلى أن الأعمى أولى بإمامة الناس من المبصر؛ «لأنه لا ينظر إلى ما يلهيه ويشغله، فيكون أبعد عن تفرّق القلب وأخشع»، والخشوع –كما لا يخفى- هو لبّ الصلاة ومقصودها، ولذا اختار بعض الفقهاء من الشافعية وغيرهم أنه لا يكره تغميض العينين في الصلاة لمن احتاج إلى ذلك، بل ذهب العز بن عبدالسلام (ت660هـ) إلى أنه يندب التغميض لمن صلّى وأمامه ما يشوّش فكره ويفرّق قلبه؛ كزخارف السجاد والحوائط ونحوها.

‏من تدوينة سابقة بعنوان «الأصابع المبصرة».
حين يناجي القلب 🤍🌧️
«ذم الله تعالى في القرآن ثلاثة أنواع من المجادلة:

‏١- ذمّ صاحب المجادلة بالباطل ليدحض به الحق: فقال تعالى:"وَجَادَلُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ".

‏٢- وذمّ المجادلة في الحق بعد ما تبيّن: فقال تعالى:"يُجادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ بَعْدَ ما تَبَيَّنَ".

‏٣- وذمّ المحاجة فيما لا يعلم المحاجّ: فقال:"هَا أَنْتُمْ هَؤُلاءِ حَاجَجْتُمْ فِيمَا لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ فَلِمَ تُحَاجُّونَ فِيمَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ"».

‏ابن تيميّة رحمه الله
«لقد درستُ علم النفس الاجتماعي على مدى خمسٍ وعشرين سنة، وأُؤكّد لك أنّ ما تشعر به في أعماق نفسك إزاء العالَم لا يُطابق دائمًا ما تثبته لنا الأبحاث. تخيل أنك ربحت اليانصيب واختفَت جميع مشاكلك المالية، وأصبح بمقدورك فجأةً شراء كل ما ترغب فيه تقريبًا. أليس هذا رائعًا؟ لكن الأبحاث تؤكد أن الأمر ربّما لن يكون على قدر ما تتصوّره من الروعة. فالمرء لا يحسن التنبّؤ بما سيشعر به حين يُقبل على أحوال جديدة. وغالبًا ما يُبالغ في تقدير الأمور في كلا الجانبين: يظنّ أن الشدائد ستكون أقسى مما هي عليه حقًّا، ويتوقّع أن المسرّات ستُغمره ببهجة أعظم مما سيجدها عليه في الواقع!».


‏Brian Lowery
«في نهاية المطاف، لا يخرج التعلّم عن كونه ضربًا من الحفظ، ولا يتحقق الفهم إلا إذا تمكّن الحفظ واستحكم، وصارت المعاني مترابطة في الذهن ترابطًا يثريها، ومتشربة في النفس تشربًا يُثبّتها. فإذا قيل إن المرء “يحفظ فحسب ولا يفهم”، فالحقيقة أنه لم يبلغ من تراكم المعارف في ذاكرته مبلغًا يُنبت الفهم ويغذيه؛ إذ إن الربط بين المفاهيم إنما هو حفظٌ في جوهره، تُخزّن روابطه كما تُخزّن المفردات.
وهذا، وإن بدا ظاهرًا لكل ذي عقل، إلا أن كثيرًا من المتعلمين لا يفقهون ما يلزمه. فإن لم يُدرِك الطالب أن التعلم هو الحفظ، فلن يُدرِك أن أعظم طرائقه نفعًا هي تلك التي تُقوّي الذاكرة وتُغذيها، كالمراجعة المتقطعة، والاسترجاع المتكرر، والتدريب المتنوع.
ومن غلبت عليه الغفلة، توهّم أن “الفهم الحق” مخالف لـ”الحفظ”، فزهد في أساليب التعلّم القائمة على تقوية الذاكرة، واستبدل بها طرائق يسيرة ممتعة، لكنها ضعيفة الجدوى، فلا يلبث أن يخرج بعلم ضامر، وقد أضاع كثير جهدٍ فيما لا يُغني ولا يُثمر»


- Justin Skycak
«يمضي الذكاء الاصطناعي قُدمًا في تقويض جوانب جوهرية من التجربة الإنسانية. ومن بين أشدّ جرائمه وقعًا حتى الآن: اغتياله لطقس معرفي مفصلي لطالما شكّل مرحلة تأسيسية في حياة الطلاب حول العالم: السعي إلى استيعاب معلومات معقدة وصياغتها في نص تحليلي متماسك.
لقد كانت هذه المهمة بمثابة ساحة تدريب للملكات البشرية الأصيلة، حيث تلتقي مهارة التفكير النقدي بإتقان اللغة كأداة للفهم والتواصل.

وإن أردت أن تكتشف حقيقة رأيك في موضوعٍ ما، فاكتبه. إذ إن الكتابة كاشف صارم للأفكار الضبابية والتراكيب المرتبكة. وهذا بالضبط ما نخسره مع ظهور "شات جي بي تي"، فمن الوهم الظن بأن الغاية هي إنشاء كلمات مصفوفة في نسق منطقي، بل القيمة الحقيقية كامنة في الجهد المعرفي الذي يولّد هذه الكلمات، لا الكلمات ذاتها».

- brian klaas
في المصنّف عن الصنابحي قال: «صليت خلف أبي بكر المغرب حيث تمسّ ثيابي ثيابه، فلما كان في الركعة الآخرة قرأ فاتحة الكتاب، ثم قرأ: ﴿رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ﴾».

وفي مسائل إسحاق بن هانئ (ت٢٧٥) قال: «قلت لأبي عبدالله [أحمد بن حنبل]: تأمرني أن أقرأ كما قرأ أبو بكر الصديق رضي اللّه عنه؟ قال : نعم، إفعل فهو حسن ، وأمرني بها».
نقل التوحيدي عن أبي سليمان محمد بن طاهر السجستاني، وكان صديقًا حميمًا للقاضي ابن سّيار أنه قال عن حالهما: «ربما حدثته برؤيا فيحدثني بأختها فنراها في ذلك الوقت أو قبله بقليل، أو بعده بقليل»، وقد صرّح بذلك آخرين، فتقول المستعربة الألمانية أنّا ماري شيمل (ت2003م) مثلًا: «لقد اعتدت وأنا في سن مبكرة من حياتي أن أرى من حين لآخر رؤى في المنام تتفق مع رؤى منام أمي، التي كانت تربطني بها علاقة حميمة»، وقد تأملت أنّا شيمل هذه الحال، ورأت فيها شاهدًا على أن شدة الاتصال في اليقظة قد تفضي إلى الاتصال في المنام، وكتبت: «بدا لي فيما بعد أن الترابط الروحي بين شخصين هو الذي يمكنهما أن يريا في المنام أحلامًا متطابقة، أو متقاربة!».
وقد أخبرني بعض أصحابي أنه لربما رأى في المنام شيئًا، فإذا أصبح اتصل بأخيه التوأم يخبره بما رأى، فيجيبه توأمه بأنه قد رأى مثل ذلك، وقال لي إن هذا وقع لهما مرارًا!



من تدوينة من الإشارة إلى العبارة: بحث في المنامات
Please open Telegram to view this post
VIEW IN TELEGRAM
«حَرِيٌّ بك أن تستكثر من مفردات اللغة وألفاظها، فإن من الأفكار ما لا يدركه العقل إلا بوجود اللفظ الدالّ عليه. وقد قيل: «ما يكون للإنسان من فكرة إلا على قدر ما استقر في ذهنه من ألفاظ!»؛ فكلما ازدادت حصيلتك اللغوية؛ قوي عقلك على نحت الأفكار وصوغها».
Please open Telegram to view this post
VIEW IN TELEGRAM
2025/07/04 17:05:02
Back to Top
HTML Embed Code: