[ ما جاء عن أئمة أهل السنة في مناظرة المخالفين والمارقين ]
عن أبي علي حنبل بن إسحاق بن حنبل قال: كتب رجل إلى أبي عبد الله -يعني الإمام أحمد بن حنبل- رحمه الله كتابًا يستأذنه فيه أن يضع كتابا يشرح فيه الرد على أهل البدع ، وأن يحضر مع أهل الكلام فيناظرهم ويحتج عليهم، فكتب إليه أبو عبد الله:
بسم الله الرحمن الرحيم ، أحسن الله عاقبتك ، ودفع عنك كل مكروه ومحذور ، الذي كنا نسمع ، وأدركنا عليه من أدركنا من أهل العلم أنهم كانوا يكرهون الكلام ، والجلوس مع أهل الزيغ ، وإنما الأمور في التسليم ، والانتهاء إلى ما كان في كتاب الله ، أو سنة رسول الله لا في الجلوس مع أهل البدع والزيغ لترد عليهم ، فإنهم يلبسون عليك ، وهم لا يرجعون ، فالسلامة إن شاء الله في ترك مجالستهم ، والخوض معهم في بدعتهم وضلالتهم ، فليتق الله امرؤ ، وليصر إلى ما يعود عليه نفعه غدا من عمل صالح يقدمه لنفسه ، ولا يكن ممن يحدث أمرا ، فإذا هو خرج منه أراد الحجة ، فيحمل نفسه على المحال فيه ، وطلب الحجة لما خرج منه بحق أو بباطل ليزين به بدعته وما أحدث ، وأشد من ذلك أن يكون قد وضعه في كتاب قد حمل عنه ، فهو يريد أن يزين ذلك بالحق والباطل ، وإن وضح له الحق في غيره ، ونسأل الله التوفيق لنا ولك ، والسلام عليك. اهـ
وعن أبي الحارث الصائغ قال: سألت أبا عبد الله -يعني الإمام أحمد- فقلت: إن ههنا رجلا يناظر الجهمية، ويبين خطأهم، ويدقق عليهم المسائل فما ترى؟
قال: لست أرى الكلام في شيء من هذه الأهواء، ولا أرى لأحد أن يناظرهم، أليس قال معاوية بن قرة: (الخصومة تحبط الأعمال)؟ والكلام الرديء لا يدعو إلى خير لا يفلح صاحب كلام، تجنبوا أصحاب الجدال والكلام، عليكم بالسنن، وما كان عليه أهل العلم قبلكم، فإنهم كانوا يكرهون الكلام، والخوض في أهل البدع، والجلوس معهم، وإنما السلامة في ترك هذا، لم نؤمر بالجدال، والخصومات مع أهل الضلالة، فإنه سلامة له منه.اهـ
[ رواهما أبو عبد الله ابن بطة العكبري في الإبانة ]
وقال أبو بكر محمد بن الحسين بن عبد الله الآجُرِّيُّ:
فإن قال قائل: فإن كان رجل قد علمه الله تعالى علما، فجاءه رجل يسأله عن مسألة في الدين، ينازعه فيها ويخاصمه، ترى له أن يناظره، حتى تثبت عليه الحجة، ويرد عليه قوله؟
قيل له: هذا الذي نهينا عنه، وهو الذي حذرناه من تقدم من أئمة المسلمين فإن قال قائل: فماذا نصنع؟ قيل له: إن كان الذي يسألك مسألته مسألة مسترشد إلى طريق الحق لا مناظرة، فأرشده بألطف ما يكون من البيان بالعلم من الكتاب والسنة، وقول الصحابة، وقول أئمة المسلمين رضي الله عنهم وإن كان يريد مناظرتك، ومجادلتك، فهذا الذي كره لك العلماء، فلا تناظره، واحذره على دينك، كما قال من تقدم من أئمة المسلمين إن كنت لهم متبعا فإن قال: فندعهم يتكلمون بالباطل، ونسكت عنهم؟ قيل له: سكوتك عنهم وهجرتك لما تكلموا به أشد عليهم من مناظرتك لهم كذا قال من تقدم من السلف الصالح من علماء المسلمين.اهـ
وقال أيضًا:
فإن قال قائل: فإن اضَّطرني الأمر وقتًا من الأوقات إلى مناظرتهم، وإثبات الـحُجَّة عليهم ألا أناظرهم؟.
قيل له: الاضِّطرارُ إنما يكون مع إمامٍ له مذهبُ سوء، فيمتحن الناس، ويدعوهم إلى مذهبه، كفِعل مَن مضى في وقت أحمد بن حنبل، ثلاثةُ خلفاء امتَحنوا الناس، ودعَوهم إلى مذهبهم السوء، فلم يجد العلماء بُدًّا من الذبِّ عن الدِّين، وأرادوا بذلك معرفة العامَّـة الحقَّ من الباطل، فناظروهم ضرورةً لا اختيارًا، فأثبت الله تعالى الحقَّ مع أحمدَ بنَ حنبل، ومَن كان على طريقته، وأذلَّ الله العظيم المعتزلة وفضحهم، وعرفتِ العامَّـةُ أن الحقَّ ما كان عليه أحمد ومَن تابعه إلى يوم القيامة، وأرجو أن يعيذ اللهُ الكريم أهلَ العلم من أهل السنة والجماعة من محنةٍ تكونُ أبدًا.اهـ
عن أبي علي حنبل بن إسحاق بن حنبل قال: كتب رجل إلى أبي عبد الله -يعني الإمام أحمد بن حنبل- رحمه الله كتابًا يستأذنه فيه أن يضع كتابا يشرح فيه الرد على أهل البدع ، وأن يحضر مع أهل الكلام فيناظرهم ويحتج عليهم، فكتب إليه أبو عبد الله:
بسم الله الرحمن الرحيم ، أحسن الله عاقبتك ، ودفع عنك كل مكروه ومحذور ، الذي كنا نسمع ، وأدركنا عليه من أدركنا من أهل العلم أنهم كانوا يكرهون الكلام ، والجلوس مع أهل الزيغ ، وإنما الأمور في التسليم ، والانتهاء إلى ما كان في كتاب الله ، أو سنة رسول الله لا في الجلوس مع أهل البدع والزيغ لترد عليهم ، فإنهم يلبسون عليك ، وهم لا يرجعون ، فالسلامة إن شاء الله في ترك مجالستهم ، والخوض معهم في بدعتهم وضلالتهم ، فليتق الله امرؤ ، وليصر إلى ما يعود عليه نفعه غدا من عمل صالح يقدمه لنفسه ، ولا يكن ممن يحدث أمرا ، فإذا هو خرج منه أراد الحجة ، فيحمل نفسه على المحال فيه ، وطلب الحجة لما خرج منه بحق أو بباطل ليزين به بدعته وما أحدث ، وأشد من ذلك أن يكون قد وضعه في كتاب قد حمل عنه ، فهو يريد أن يزين ذلك بالحق والباطل ، وإن وضح له الحق في غيره ، ونسأل الله التوفيق لنا ولك ، والسلام عليك. اهـ
وعن أبي الحارث الصائغ قال: سألت أبا عبد الله -يعني الإمام أحمد- فقلت: إن ههنا رجلا يناظر الجهمية، ويبين خطأهم، ويدقق عليهم المسائل فما ترى؟
قال: لست أرى الكلام في شيء من هذه الأهواء، ولا أرى لأحد أن يناظرهم، أليس قال معاوية بن قرة: (الخصومة تحبط الأعمال)؟ والكلام الرديء لا يدعو إلى خير لا يفلح صاحب كلام، تجنبوا أصحاب الجدال والكلام، عليكم بالسنن، وما كان عليه أهل العلم قبلكم، فإنهم كانوا يكرهون الكلام، والخوض في أهل البدع، والجلوس معهم، وإنما السلامة في ترك هذا، لم نؤمر بالجدال، والخصومات مع أهل الضلالة، فإنه سلامة له منه.اهـ
[ رواهما أبو عبد الله ابن بطة العكبري في الإبانة ]
وقال أبو بكر محمد بن الحسين بن عبد الله الآجُرِّيُّ:
فإن قال قائل: فإن كان رجل قد علمه الله تعالى علما، فجاءه رجل يسأله عن مسألة في الدين، ينازعه فيها ويخاصمه، ترى له أن يناظره، حتى تثبت عليه الحجة، ويرد عليه قوله؟
قيل له: هذا الذي نهينا عنه، وهو الذي حذرناه من تقدم من أئمة المسلمين فإن قال قائل: فماذا نصنع؟ قيل له: إن كان الذي يسألك مسألته مسألة مسترشد إلى طريق الحق لا مناظرة، فأرشده بألطف ما يكون من البيان بالعلم من الكتاب والسنة، وقول الصحابة، وقول أئمة المسلمين رضي الله عنهم وإن كان يريد مناظرتك، ومجادلتك، فهذا الذي كره لك العلماء، فلا تناظره، واحذره على دينك، كما قال من تقدم من أئمة المسلمين إن كنت لهم متبعا فإن قال: فندعهم يتكلمون بالباطل، ونسكت عنهم؟ قيل له: سكوتك عنهم وهجرتك لما تكلموا به أشد عليهم من مناظرتك لهم كذا قال من تقدم من السلف الصالح من علماء المسلمين.اهـ
وقال أيضًا:
فإن قال قائل: فإن اضَّطرني الأمر وقتًا من الأوقات إلى مناظرتهم، وإثبات الـحُجَّة عليهم ألا أناظرهم؟.
قيل له: الاضِّطرارُ إنما يكون مع إمامٍ له مذهبُ سوء، فيمتحن الناس، ويدعوهم إلى مذهبه، كفِعل مَن مضى في وقت أحمد بن حنبل، ثلاثةُ خلفاء امتَحنوا الناس، ودعَوهم إلى مذهبهم السوء، فلم يجد العلماء بُدًّا من الذبِّ عن الدِّين، وأرادوا بذلك معرفة العامَّـة الحقَّ من الباطل، فناظروهم ضرورةً لا اختيارًا، فأثبت الله تعالى الحقَّ مع أحمدَ بنَ حنبل، ومَن كان على طريقته، وأذلَّ الله العظيم المعتزلة وفضحهم، وعرفتِ العامَّـةُ أن الحقَّ ما كان عليه أحمد ومَن تابعه إلى يوم القيامة، وأرجو أن يعيذ اللهُ الكريم أهلَ العلم من أهل السنة والجماعة من محنةٍ تكونُ أبدًا.اهـ
وقال أيضًا:
فإن قال قائل: هذا الذي ذكرته وبيَّنته قد عرفناه، فإذا لم تكن مناظرتنا في شيءٍ من الأهواء التي ينكرها أهلُ الحقِّ، ونُهينا عن الجدال والمراء والخصومة فيها، فإن كانت مسألة من الفقه في الأحكام مثل الطهارة والصلاة والزكاة والصيام والحجّ والنكاح والطلاق، وما أشبهه ذلك من الأحكام، هل لنا مباح أن نناظر فيه ونجادل، أم هو محظورٌ علينا؟ عرِّفنا ما يلزم فيه؟ كيف السلامةَ منه؟
قيل له: هذا الذي ذكرته ما أقلَّ مَن يسلم مِن المناظرة فيه، حتى لا يلحقَه فيه فتنةٌ ولا مأثم، ولا يظفرُ فيه الشيطان.
فإن قال: كيف؟
قيل له: هذا قد كَثُر في الناس جدًّا، في أهل العلم والفقه في كلِّ بلد، يناظر الرجلُ الرجلَ يريد مغالبته، ويعلو صوته، والاستظهار عليه بالاحتجاج، فيحمرُّ لذلك وجهه، وتنتفخ أوداجه، ويعلو صوته، وكلُّ واحدٍ منهما يحب أن يخطِّئ صاحبه، وهذا المرادُ من كلِّ واحدٍ منهما خطأٌ عظيم، لا تحمد عواقبه، ولا تحمده العلماء من العلماء، لأن مرادك أن يخطئ مناظرك خطأ منك ومعصية عظيمة، ومراده أن تخطئ خطأ منه ومعصية، فمتى يسلم الجميع؟
فإن قال قائل: فإنما نناظر لتخرج لنا الفائدة؟
قيل له: هذا كلام ظاهر، وفي الباطن غيره.
وقيل له: إذا أردت وجه السلامة في المناظرة لتطلب الفائدة كما ذكرت، فإذا كنت أنت حجازيـًّا، والذي يناظرك عراقيـًّا، وبينكما مسألة، تقول أنت: حلال. ويقول هو: بل حرام.
فإن كنتما تريدان السلامة، وطلب الفائدة، فقُل له: رحمكَ الله هذه المسألة قد اختلف فيها مَن تقدَّم من الشيوخ، فتعال حتى نتناظر فيها مناصحةً لا مغالبة، فإن يكن الحق فيها معك اتبعتك، وتركتُ قولي، وإن يكن الحق معي اتبعتني وتركتَ قولك، لا أريد أن تخطئ ولا أغالبك، ولا تريد أن أخطئ ولا تغالبني. فإن جرى الأمر على هذا فهو حسنٌ جميل، وما أعزَّ هذا في الناس.
فإذا قال كل واحد منهما: لا نطيق هذا، وصدَقَا عن أنفسهما. قيل لكلِّ واحدٍ منهما: قد عرفتَ قولك وقول صاحبك وأصحابك واحتجاجهم، وأنت فلا ترجع عن قولك، وترى أن خصمك على الخطأ، وقال خصمك كذلك، فما بكما إلى المجادلة والمراء والخصومة حاجة، إذًا كلُّ واحد منكما ليس يريد الرجوع عن مذهبه، وإنما مراد كل واحد منكما أن يخطئ صاحبه، فأنتما آثمان بهذا المراء، وأعاذ الله تعالى العلماء العقلاء عن مثل هذا المراد.
فإذا لم تجر المناظرة على المناصحة، فالسكوت أسلم، قد عرفت ما عندك وما عنده، وعرف ما عنده وعندك، والسلام.
ثم لا يُؤمَن أن يقولَ لكَ في مناظرته: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فتقولُ له: هذا حديثٌ ضعيف، أو تقول: لم يقله النبي صلى الله عليه وسلم،كلُّ ذلك لتردَّ قولَه، وهذا عظيم، وكذلك يقولُ لك أيضًا، فكلُّ واحد منكما يردُّ حُجَّة صاحبه بالمجازفة والمغالبة.
وهذا موجود في كثير ممن رأيناه يناظر ويجادل، حتى ربما خرق بعضهم على بعض.
هذا الذي خافه النبي صلى الله عليه وسلم، وكَرِهَه العلماء ممَّن تقدَّم.اهـ
[ كتاب الشريعة ]
فإن قال قائل: هذا الذي ذكرته وبيَّنته قد عرفناه، فإذا لم تكن مناظرتنا في شيءٍ من الأهواء التي ينكرها أهلُ الحقِّ، ونُهينا عن الجدال والمراء والخصومة فيها، فإن كانت مسألة من الفقه في الأحكام مثل الطهارة والصلاة والزكاة والصيام والحجّ والنكاح والطلاق، وما أشبهه ذلك من الأحكام، هل لنا مباح أن نناظر فيه ونجادل، أم هو محظورٌ علينا؟ عرِّفنا ما يلزم فيه؟ كيف السلامةَ منه؟
قيل له: هذا الذي ذكرته ما أقلَّ مَن يسلم مِن المناظرة فيه، حتى لا يلحقَه فيه فتنةٌ ولا مأثم، ولا يظفرُ فيه الشيطان.
فإن قال: كيف؟
قيل له: هذا قد كَثُر في الناس جدًّا، في أهل العلم والفقه في كلِّ بلد، يناظر الرجلُ الرجلَ يريد مغالبته، ويعلو صوته، والاستظهار عليه بالاحتجاج، فيحمرُّ لذلك وجهه، وتنتفخ أوداجه، ويعلو صوته، وكلُّ واحدٍ منهما يحب أن يخطِّئ صاحبه، وهذا المرادُ من كلِّ واحدٍ منهما خطأٌ عظيم، لا تحمد عواقبه، ولا تحمده العلماء من العلماء، لأن مرادك أن يخطئ مناظرك خطأ منك ومعصية عظيمة، ومراده أن تخطئ خطأ منه ومعصية، فمتى يسلم الجميع؟
فإن قال قائل: فإنما نناظر لتخرج لنا الفائدة؟
قيل له: هذا كلام ظاهر، وفي الباطن غيره.
وقيل له: إذا أردت وجه السلامة في المناظرة لتطلب الفائدة كما ذكرت، فإذا كنت أنت حجازيـًّا، والذي يناظرك عراقيـًّا، وبينكما مسألة، تقول أنت: حلال. ويقول هو: بل حرام.
فإن كنتما تريدان السلامة، وطلب الفائدة، فقُل له: رحمكَ الله هذه المسألة قد اختلف فيها مَن تقدَّم من الشيوخ، فتعال حتى نتناظر فيها مناصحةً لا مغالبة، فإن يكن الحق فيها معك اتبعتك، وتركتُ قولي، وإن يكن الحق معي اتبعتني وتركتَ قولك، لا أريد أن تخطئ ولا أغالبك، ولا تريد أن أخطئ ولا تغالبني. فإن جرى الأمر على هذا فهو حسنٌ جميل، وما أعزَّ هذا في الناس.
فإذا قال كل واحد منهما: لا نطيق هذا، وصدَقَا عن أنفسهما. قيل لكلِّ واحدٍ منهما: قد عرفتَ قولك وقول صاحبك وأصحابك واحتجاجهم، وأنت فلا ترجع عن قولك، وترى أن خصمك على الخطأ، وقال خصمك كذلك، فما بكما إلى المجادلة والمراء والخصومة حاجة، إذًا كلُّ واحد منكما ليس يريد الرجوع عن مذهبه، وإنما مراد كل واحد منكما أن يخطئ صاحبه، فأنتما آثمان بهذا المراء، وأعاذ الله تعالى العلماء العقلاء عن مثل هذا المراد.
فإذا لم تجر المناظرة على المناصحة، فالسكوت أسلم، قد عرفت ما عندك وما عنده، وعرف ما عنده وعندك، والسلام.
ثم لا يُؤمَن أن يقولَ لكَ في مناظرته: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فتقولُ له: هذا حديثٌ ضعيف، أو تقول: لم يقله النبي صلى الله عليه وسلم،كلُّ ذلك لتردَّ قولَه، وهذا عظيم، وكذلك يقولُ لك أيضًا، فكلُّ واحد منكما يردُّ حُجَّة صاحبه بالمجازفة والمغالبة.
وهذا موجود في كثير ممن رأيناه يناظر ويجادل، حتى ربما خرق بعضهم على بعض.
هذا الذي خافه النبي صلى الله عليه وسلم، وكَرِهَه العلماء ممَّن تقدَّم.اهـ
[ كتاب الشريعة ]
وقال أبو عبد الله عبيد الله ابن بطة العكبري:
إن قال قائل: قد حذَّرتنا الخصومة والمراء والجدال والمناظرة، وقد علِمنا أن هذا هو الحق، وأن هذا سبيل العلماء، وطريق الصحابة والعقلاء من المؤمنين والعلماء المستبصرين، فإن جاءني رَجلٌ يسألني عن شيء من هذه الأهواء التي قد ظهرت، والمذاهب القبيحة التي قد انتشرت، ويخاطبني منها بأشياء يلتمس مِني الجواب عليها، وأنا مِمَّن قد وهب الله الكريم لي العلم لي علمًا بها، بصرًا نافذًا في كشفها، أفأتركه يتكلم بما يريد ولا أجيبه، وأخليه وهواه وبدعته، ولا أردُّ عليه قبيح مقالته؟
فإني أقول له: اعلم يا أخي –رحمك الله– أن الذي تُبلَى به من أهل الشأن لن يخلوا من أن يكون واحدًا من ثلاثة: إما رجلاً قد عرفت حسن طريقته، وجميل مذهبه، ومحبته للسلامة، وقصده طريق الاستقامة، وإنما قد طرق سمعه من كلام هؤلاء الذين سكنت الشياطين قلوبهم، فهي تنطق بأنواع الكفر على ألسنتهم، وليس يعرف وجه المخرج مما قد بُلِيَ به، فسؤاله سؤال مسترشد، يلتمس المخرج مما بلي به والشفاء مما أوذي ... إلى علمك حاجته إليك حاجة الصادي إلى الماء الزلال، وأنت قد استشعرت طاعته، وأمنت مخالفته، فهذا الذي افترض عليك توفيقه وإرشاده من حبائل كيد الشياطين، وليكن ما ترشده به وتوقفه عليه من الكتاب والسنة والآثار الصحيحة من علماء الأمة من الصحابة والتابعين، وكلُّ ذلك بالحكمة والموعظة الحسنة، وإياك والتكلف لما لا تعرفه، وتمحل الرأي، والغوص على دقيق الكلام، فإن ذلك مِن فِعلك بدعة، وإن كنت تريد به السُّنة، فإن إرادتك للحقِّ من غير طريق الحقِّ باطل، وكلامك على السُّنة من غير السُّنة بدعة، ولا تلتمس لصاحبك الشفاء بسقم نفسك، ولا تطلب صلاحه بفسادك، فإنه لا ينصح الناس مَن غشَّ نفسَه، ومن لا خير فيه لنفسه لا خير فيه لغيره، فمن أراد الله وفقه وسدّده، ومن اتقى الله أعانه ونصره…، فإذا كان السائل لك هذه أوصافه، وجوابك له على النحو الذي قد شرحته، فشأنك به، ولا تألُ فيه جهدًا، فهذه سبيل العلماء الماضين الذين جعلهم الله أعلامـًا في هذا الدين، فهذا أحد الثلاثة.
ورَجلٌ آخر يحضر في مجلس أنت فيه حاضر تأمن فيه على نفسك، ويكثر ناصروك ومُعينوك، فيتكلم بكلام فيه فتنة وبليَّة على قلوب مستمعيه، ليُوقع الشكَّ في القلوب، لأنه هو ممن في قلبه زيغ يتبع المتشابه ابتغاء الفتنة والبدعة، وقد حضر معك من إخوانك وأهل مذهبك من يسمع كلامه، إلا أنه لا حجة عندهم على مقابلته، ولا علم لهم بقبيح ما يأتي به، فإن سكت لم تأمن فتنته بأن يفسد بها قلوب المستمعين، وإدخال الشكِّ على المستبصرين، فهذا أيضًا مما تُردُّ عليه بدعته، وخبيث مقالته، وتنشر ما علَّمك الله من العلم والحكمة، ولا يكن قصدك في الكلام خصومته ولا مناظرته، وليكن قصدك بكلامك خلاص إخوانك من شبكته، فإن خبثاء الملاحة إنما يبسطون شباك الشياطين ليصدوا بها المؤمنين، فليكن إقبالك بكلامك، ونشر علمك وحكمتك، وبشر وجهك، وفصيح منطقك على إخوانك، ومن قد حضر معك لا عليه، حتى تقطع أولئك عنه، وتحول بينهم وبين استماع كلامه، بل إن قدرت أن تقطع عليه كلامه بنوعٍ من العلم تحوِّل به وجوه الناس عنه فافعل…، فهذان رجلان قد عرَّفتك حالهما، ولخصت لك وجه الكلام لهما.
وثالثٌ مشئوم قد زاغَ قلبه، وزلَّت عن سبيل الرَّشاد قدمه، فَعشيت بصيرته، واستحكمت للبدعة نصرته، يجهده أن يُشكِّك في اليقين، ويفسد عليك صحيح الدِّين، فجميع الذين رويناه، وكل ما حكيناه في هذا الباب لأجله وبسببه، فإنك لن تأتي في باب حصر منه ووجيع مكيدته أبلغ من الإمساك عن جوابه، والإعراض عن خطأ به، لأن غرضه من مناظرتك أن يفتنك فتتبعه، فيملك وييأس منك فيشفي غيظه أن يسمعك في دينك ما تكرهه، فأخسئه بالإمساك عنه، وأذله بالقطيعة له، أليس قد أخبرتك بقول الحسن – رحمه الله – حين قال له القائل: يا أبا سعيد تعال حتى أخاصمك في الدِّين، فقال له الحسن: أما أنا فقد أبصرتُ ديني، فإن كنتَ قد أضللتَ دينك، فالتمسه.
وأخبرتك بقول مالك حين جاءه بعض أهل الأهواء، فقال له: أما أنا فعلى بينة من ربي، وأما أنت فشاكٌّ، فاذهب إلى شاكٍّ مثلك فخاصمه.
فهل يأتي في جواب المخالف من جميع الحجج حجَّة هي أسخن لعينه، ولا أغيظ لقلبه من مثل هذه الحجَّة والجواب.اهـ
[ الإبانة ]
إن قال قائل: قد حذَّرتنا الخصومة والمراء والجدال والمناظرة، وقد علِمنا أن هذا هو الحق، وأن هذا سبيل العلماء، وطريق الصحابة والعقلاء من المؤمنين والعلماء المستبصرين، فإن جاءني رَجلٌ يسألني عن شيء من هذه الأهواء التي قد ظهرت، والمذاهب القبيحة التي قد انتشرت، ويخاطبني منها بأشياء يلتمس مِني الجواب عليها، وأنا مِمَّن قد وهب الله الكريم لي العلم لي علمًا بها، بصرًا نافذًا في كشفها، أفأتركه يتكلم بما يريد ولا أجيبه، وأخليه وهواه وبدعته، ولا أردُّ عليه قبيح مقالته؟
فإني أقول له: اعلم يا أخي –رحمك الله– أن الذي تُبلَى به من أهل الشأن لن يخلوا من أن يكون واحدًا من ثلاثة: إما رجلاً قد عرفت حسن طريقته، وجميل مذهبه، ومحبته للسلامة، وقصده طريق الاستقامة، وإنما قد طرق سمعه من كلام هؤلاء الذين سكنت الشياطين قلوبهم، فهي تنطق بأنواع الكفر على ألسنتهم، وليس يعرف وجه المخرج مما قد بُلِيَ به، فسؤاله سؤال مسترشد، يلتمس المخرج مما بلي به والشفاء مما أوذي ... إلى علمك حاجته إليك حاجة الصادي إلى الماء الزلال، وأنت قد استشعرت طاعته، وأمنت مخالفته، فهذا الذي افترض عليك توفيقه وإرشاده من حبائل كيد الشياطين، وليكن ما ترشده به وتوقفه عليه من الكتاب والسنة والآثار الصحيحة من علماء الأمة من الصحابة والتابعين، وكلُّ ذلك بالحكمة والموعظة الحسنة، وإياك والتكلف لما لا تعرفه، وتمحل الرأي، والغوص على دقيق الكلام، فإن ذلك مِن فِعلك بدعة، وإن كنت تريد به السُّنة، فإن إرادتك للحقِّ من غير طريق الحقِّ باطل، وكلامك على السُّنة من غير السُّنة بدعة، ولا تلتمس لصاحبك الشفاء بسقم نفسك، ولا تطلب صلاحه بفسادك، فإنه لا ينصح الناس مَن غشَّ نفسَه، ومن لا خير فيه لنفسه لا خير فيه لغيره، فمن أراد الله وفقه وسدّده، ومن اتقى الله أعانه ونصره…، فإذا كان السائل لك هذه أوصافه، وجوابك له على النحو الذي قد شرحته، فشأنك به، ولا تألُ فيه جهدًا، فهذه سبيل العلماء الماضين الذين جعلهم الله أعلامـًا في هذا الدين، فهذا أحد الثلاثة.
ورَجلٌ آخر يحضر في مجلس أنت فيه حاضر تأمن فيه على نفسك، ويكثر ناصروك ومُعينوك، فيتكلم بكلام فيه فتنة وبليَّة على قلوب مستمعيه، ليُوقع الشكَّ في القلوب، لأنه هو ممن في قلبه زيغ يتبع المتشابه ابتغاء الفتنة والبدعة، وقد حضر معك من إخوانك وأهل مذهبك من يسمع كلامه، إلا أنه لا حجة عندهم على مقابلته، ولا علم لهم بقبيح ما يأتي به، فإن سكت لم تأمن فتنته بأن يفسد بها قلوب المستمعين، وإدخال الشكِّ على المستبصرين، فهذا أيضًا مما تُردُّ عليه بدعته، وخبيث مقالته، وتنشر ما علَّمك الله من العلم والحكمة، ولا يكن قصدك في الكلام خصومته ولا مناظرته، وليكن قصدك بكلامك خلاص إخوانك من شبكته، فإن خبثاء الملاحة إنما يبسطون شباك الشياطين ليصدوا بها المؤمنين، فليكن إقبالك بكلامك، ونشر علمك وحكمتك، وبشر وجهك، وفصيح منطقك على إخوانك، ومن قد حضر معك لا عليه، حتى تقطع أولئك عنه، وتحول بينهم وبين استماع كلامه، بل إن قدرت أن تقطع عليه كلامه بنوعٍ من العلم تحوِّل به وجوه الناس عنه فافعل…، فهذان رجلان قد عرَّفتك حالهما، ولخصت لك وجه الكلام لهما.
وثالثٌ مشئوم قد زاغَ قلبه، وزلَّت عن سبيل الرَّشاد قدمه، فَعشيت بصيرته، واستحكمت للبدعة نصرته، يجهده أن يُشكِّك في اليقين، ويفسد عليك صحيح الدِّين، فجميع الذين رويناه، وكل ما حكيناه في هذا الباب لأجله وبسببه، فإنك لن تأتي في باب حصر منه ووجيع مكيدته أبلغ من الإمساك عن جوابه، والإعراض عن خطأ به، لأن غرضه من مناظرتك أن يفتنك فتتبعه، فيملك وييأس منك فيشفي غيظه أن يسمعك في دينك ما تكرهه، فأخسئه بالإمساك عنه، وأذله بالقطيعة له، أليس قد أخبرتك بقول الحسن – رحمه الله – حين قال له القائل: يا أبا سعيد تعال حتى أخاصمك في الدِّين، فقال له الحسن: أما أنا فقد أبصرتُ ديني، فإن كنتَ قد أضللتَ دينك، فالتمسه.
وأخبرتك بقول مالك حين جاءه بعض أهل الأهواء، فقال له: أما أنا فعلى بينة من ربي، وأما أنت فشاكٌّ، فاذهب إلى شاكٍّ مثلك فخاصمه.
فهل يأتي في جواب المخالف من جميع الحجج حجَّة هي أسخن لعينه، ولا أغيظ لقلبه من مثل هذه الحجَّة والجواب.اهـ
[ الإبانة ]
وقال أبو القاسم هبةُ الله بن الحسن بن منصور الطبري اللالكائي:
فما جُني على المسلمين جناية أعظم من مناظرة المبتدعة، ولم يكن لهم قهر ولا ذلّ أعظم مما تركهم السلف على تلك الجملة يموتون من الغيظ كمدًا ودردًا، ولا يجدون إلى إظهار بدعتهم سبيلا، حتى جاء المغرورون ففتحوا لهم إليها طريقًا، وصاروا لهم إلى هلاك الإسلام دليلا، حتى كثرت بينهم المشاجرة وظهرت دعوتهم بالمناظرة، وطرقت أسماع من لم يكن عرفها من الخاصة والعامة، حتى تقابلت الشبه في الحجج وبلغوا من التدقيق في اللجج فصاروا أقرانـا وأخدانـًا، وعلى المداهنة خلانـًا وإخوانـًأ بعد أن كانوا في الله أعداء وأضدادًا، وفي الهجرة في الله أعوانـًا، يكفرونهم في وجوههم عيانـًا، ويلعنونهم جهارًا، وشتَّان ما بين المنزلتين، وهيهات ما بين المقامين، نسأل الله أن يحفظنا من الفتنة في أدياننا، وأن يمسكنا بالإسلام والسنة ويعصمنا بهما بفضله ورحمته.اهـ
[ شرح أصول اعتقاد أهل السنة ]
وقال أبو عمر يوسف بن عبد البر النمري الأندلسي:
وقد أجمع أهل العلم بالسنن والفقه وهم أهل السُّنة عن الكفِّ عن الجدال والمناظرة فيما سبيلهم اعتقاده بالأفئدة مما ليس تحته عمل، وعلى الإيمان بمتشابه القرآن والتسليم له، ولِمَا جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم في أحاديث الصفات كلها وما كان في معناها، وإنما يبيحون المناظرة في الحلال والحرام وما كان في سائر الأحكام يجب العمل بها.
حدثنا عبد الوارث بن سفيان قال: حدثنا قاسم بن أصبغ قال: حدثنا أحمد بن زهير قال: حدثنا مصعب بن عبد الله قال: سمعت مالكًا يقول: إن أهل بلدنا يكرهون الجدال والكلام والبحث والنظر إلا فيما تحته عمل، وأما ما سبيله الإيمان به واعتقاده والتسليم له فلا يرون فيه جدالا ولا مناظرة.اهـ
[ الاستذكار ]
وقال أيضًا:
ونهى السلف رحمهم الله عن الجدال في الله جل ثناؤه في صفاته وأسمائه، وأما الفقه فأجمعوا على الجدال فيه والتناظر، لأنه عِلمٌ يُحتاج فيه إلى ردِّ الفروع على الأصول، للحاجة إلى ذلك، وليس الاعتقادات كذلك؛ لأن الله عز وجل لا يوصف عند الجماعة أهل السُّنة إلا بما وصف به نفسه، أو وصفه به رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو أجمعت الأمة عليه، وليس كمثله شيء فيدرك بقياس أو بإنعام نظر، وقد نُهينا عن التفكير في الله، وأُمرنا بالتفكر في خلقه الدالِّ عليه. اهـ
وقال أيضًا:
ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم من نقل الثقات، وجاء عن الصحابة، وصح عنهم، فهو علم يدان به، وما أحدث بعدهم ولم يكن له أصل فيما جاء عنهم، فبدعة وضلالة، وما جاء في أسماء الله أو صفاته عنهم سلم له، ولم يناظر فيه كما لم يناظروا.اهـ
وقال أيضًا:
وتناظر القوم وتجادلوا في الفقه، ونهوا عن الجدال في الاعتقاد، لأنه يؤول إلى الانسلاخ من الدين، ألا ترى مناظرة بِشْرٍ في قوله جل وعز: { مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ } حين قال: هو بذاته في كل مكان، فقال له خصمه: هو في قلنسوتك، وفي حُشِّك، وفي جوف حمارك، تعالى الله عما يقول، حكى ذلك وكيعٌ رحمه الله، وأنا والله أكره أن أحكي كلامهم –قبَّحهم الله -، فعن هذا وشبهه نهى العلماء، وأما الفقه فلا يُوصل إليه ولا يُنال أبدًا دون تناظر فيه، وتفهم له.اهـ
[ جامع بيان العلم وفضله ]
وقال أبو عثمان إسماعيل بن عبد الرحمن الصابوني:
ويقتدون بالسلف الصالحين من أئمة الدين وعلماء المسلمين، ويتمسكون بما كانوا به متمسكين من الدين المتين والحق المبين، ويبغضون أهل البدع الذين أحدثوا في الدِّين ما ليس منه، ولا يحبونهم، ولا يصحبونهم، ولا يسمعون كلامهم، ولا يجالسونهم، ولا يجادلونهم في الدِّين، ولا يناظرونهم، ويرون صَون آذانهم عن سماع أباطيلهم التي إذا مرَّت بالآذان وقرَّت في القلوب ضرَّت، وجرت إليها من الوساوس والخطرات الفاسدة ما جرت، وفيه أنزل الله-عزَّ وجل-قوله: { وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلَا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ }.اهـ
[ اعتقاد السلف أصحاب الحديث ]
وقال أبو القاسم إسماعيل بن محمد بن الفضل التيمي الأصبهاني:
قال علماء السلف: ما وجدنا أحدًا من المتكلمين في ماضي الأزمان إلى يومنا هذا رجع إلى قول خصمه، ولا انتقل عن مذهبه إلى مذهب مُناظِرِه؛ فدلَّ أنهم اشتغلوا بما تَرْكه خيرٌ من الاشتغال به، وقد ذمَّ السلف الجدال في الدِّين، ورَووا في ذلك أحاديث، وهم لا يذمُّون ما هو الصواب.اهـ
[ الحجة في بيان المحجة ]
فما جُني على المسلمين جناية أعظم من مناظرة المبتدعة، ولم يكن لهم قهر ولا ذلّ أعظم مما تركهم السلف على تلك الجملة يموتون من الغيظ كمدًا ودردًا، ولا يجدون إلى إظهار بدعتهم سبيلا، حتى جاء المغرورون ففتحوا لهم إليها طريقًا، وصاروا لهم إلى هلاك الإسلام دليلا، حتى كثرت بينهم المشاجرة وظهرت دعوتهم بالمناظرة، وطرقت أسماع من لم يكن عرفها من الخاصة والعامة، حتى تقابلت الشبه في الحجج وبلغوا من التدقيق في اللجج فصاروا أقرانـا وأخدانـًا، وعلى المداهنة خلانـًا وإخوانـًأ بعد أن كانوا في الله أعداء وأضدادًا، وفي الهجرة في الله أعوانـًا، يكفرونهم في وجوههم عيانـًا، ويلعنونهم جهارًا، وشتَّان ما بين المنزلتين، وهيهات ما بين المقامين، نسأل الله أن يحفظنا من الفتنة في أدياننا، وأن يمسكنا بالإسلام والسنة ويعصمنا بهما بفضله ورحمته.اهـ
[ شرح أصول اعتقاد أهل السنة ]
وقال أبو عمر يوسف بن عبد البر النمري الأندلسي:
وقد أجمع أهل العلم بالسنن والفقه وهم أهل السُّنة عن الكفِّ عن الجدال والمناظرة فيما سبيلهم اعتقاده بالأفئدة مما ليس تحته عمل، وعلى الإيمان بمتشابه القرآن والتسليم له، ولِمَا جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم في أحاديث الصفات كلها وما كان في معناها، وإنما يبيحون المناظرة في الحلال والحرام وما كان في سائر الأحكام يجب العمل بها.
حدثنا عبد الوارث بن سفيان قال: حدثنا قاسم بن أصبغ قال: حدثنا أحمد بن زهير قال: حدثنا مصعب بن عبد الله قال: سمعت مالكًا يقول: إن أهل بلدنا يكرهون الجدال والكلام والبحث والنظر إلا فيما تحته عمل، وأما ما سبيله الإيمان به واعتقاده والتسليم له فلا يرون فيه جدالا ولا مناظرة.اهـ
[ الاستذكار ]
وقال أيضًا:
ونهى السلف رحمهم الله عن الجدال في الله جل ثناؤه في صفاته وأسمائه، وأما الفقه فأجمعوا على الجدال فيه والتناظر، لأنه عِلمٌ يُحتاج فيه إلى ردِّ الفروع على الأصول، للحاجة إلى ذلك، وليس الاعتقادات كذلك؛ لأن الله عز وجل لا يوصف عند الجماعة أهل السُّنة إلا بما وصف به نفسه، أو وصفه به رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو أجمعت الأمة عليه، وليس كمثله شيء فيدرك بقياس أو بإنعام نظر، وقد نُهينا عن التفكير في الله، وأُمرنا بالتفكر في خلقه الدالِّ عليه. اهـ
وقال أيضًا:
ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم من نقل الثقات، وجاء عن الصحابة، وصح عنهم، فهو علم يدان به، وما أحدث بعدهم ولم يكن له أصل فيما جاء عنهم، فبدعة وضلالة، وما جاء في أسماء الله أو صفاته عنهم سلم له، ولم يناظر فيه كما لم يناظروا.اهـ
وقال أيضًا:
وتناظر القوم وتجادلوا في الفقه، ونهوا عن الجدال في الاعتقاد، لأنه يؤول إلى الانسلاخ من الدين، ألا ترى مناظرة بِشْرٍ في قوله جل وعز: { مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ } حين قال: هو بذاته في كل مكان، فقال له خصمه: هو في قلنسوتك، وفي حُشِّك، وفي جوف حمارك، تعالى الله عما يقول، حكى ذلك وكيعٌ رحمه الله، وأنا والله أكره أن أحكي كلامهم –قبَّحهم الله -، فعن هذا وشبهه نهى العلماء، وأما الفقه فلا يُوصل إليه ولا يُنال أبدًا دون تناظر فيه، وتفهم له.اهـ
[ جامع بيان العلم وفضله ]
وقال أبو عثمان إسماعيل بن عبد الرحمن الصابوني:
ويقتدون بالسلف الصالحين من أئمة الدين وعلماء المسلمين، ويتمسكون بما كانوا به متمسكين من الدين المتين والحق المبين، ويبغضون أهل البدع الذين أحدثوا في الدِّين ما ليس منه، ولا يحبونهم، ولا يصحبونهم، ولا يسمعون كلامهم، ولا يجالسونهم، ولا يجادلونهم في الدِّين، ولا يناظرونهم، ويرون صَون آذانهم عن سماع أباطيلهم التي إذا مرَّت بالآذان وقرَّت في القلوب ضرَّت، وجرت إليها من الوساوس والخطرات الفاسدة ما جرت، وفيه أنزل الله-عزَّ وجل-قوله: { وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلَا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ }.اهـ
[ اعتقاد السلف أصحاب الحديث ]
وقال أبو القاسم إسماعيل بن محمد بن الفضل التيمي الأصبهاني:
قال علماء السلف: ما وجدنا أحدًا من المتكلمين في ماضي الأزمان إلى يومنا هذا رجع إلى قول خصمه، ولا انتقل عن مذهبه إلى مذهب مُناظِرِه؛ فدلَّ أنهم اشتغلوا بما تَرْكه خيرٌ من الاشتغال به، وقد ذمَّ السلف الجدال في الدِّين، ورَووا في ذلك أحاديث، وهم لا يذمُّون ما هو الصواب.اهـ
[ الحجة في بيان المحجة ]
وقال أبو محمد الحسن بن علي بن خلف البربهاري:
وإذا سألك أحد عن مسألة في هذا الكتاب، وهو مسترشد فكلمه، وأرشده، وإذا جاءك يناظرك، فاحذره، فإن فيالمناظرة: المراء، والجدال، والمغالبة، والخصومة، والغضب، وقد نهيت عن هذا جداً، بخرجان جميعا من طريق الحق، ولم يبلغنا عن أحد من فقهائنا، وعلمائنا أنه ناظر أو جادل أو خاصم، …، وكان ابن عمر يكره المناظرة، ومالك بن أنس، ومن فوقه، ومن دونه، إلى يومنا هذا.اهـ
[ شرح السنة ]
المصدر
وإذا سألك أحد عن مسألة في هذا الكتاب، وهو مسترشد فكلمه، وأرشده، وإذا جاءك يناظرك، فاحذره، فإن فيالمناظرة: المراء، والجدال، والمغالبة، والخصومة، والغضب، وقد نهيت عن هذا جداً، بخرجان جميعا من طريق الحق، ولم يبلغنا عن أحد من فقهائنا، وعلمائنا أنه ناظر أو جادل أو خاصم، …، وكان ابن عمر يكره المناظرة، ومالك بن أنس، ومن فوقه، ومن دونه، إلى يومنا هذا.اهـ
[ شرح السنة ]
المصدر
Forwarded from قناة || أبي عائشة سامي هوايري
مُت إذا شئت!
روى الذهبي في سيره عن يحيى بن عون قال: ”دخلت مع سحنون على ابن القصار وهو مريض، فقال: ما هذا القلق؟ قال له:
الموت والقدوم على الله.
قال له سحنون: ألست مصدقًا بالرسل والبعث والحساب، والجنة والنار، وأنَّ أفضل هذه الأمة أبو بكر ثم عمر، والقرآن كلام الله غير مخلوق، وأنَّ الله يُرى يوم القيامة، وأنَّه على العرش استوى، ولا تخرج على الأئمة بالسيف، وإن جاروا.
قال: إي والله.
فقال: مت إذا شئت، مت إذا شئت.“
هذا الأخ رأيت الإخوة ينشرون نعيه -رحمه الله وغفر له- وليس من معارفي ولكن أحسب أنه على خير.. وسرَّني أن انتشر عنه هذه التغريدة الطيبة..
وتذكرت كلام سحنون فشاركته..
وأحب دائما أن أنشر نعي إخواننا، إخوان العقيدة، يجدون من يترحم عليهم، عسى الله ييسر من يصنع بي صنيعي بإخواننا هؤلاء!
فـ ”القرابة الدينية أعظم من القرابة الطينية“ كما يقول شيخ الإسلام.
روى الذهبي في سيره عن يحيى بن عون قال: ”دخلت مع سحنون على ابن القصار وهو مريض، فقال: ما هذا القلق؟ قال له:
الموت والقدوم على الله.
قال له سحنون: ألست مصدقًا بالرسل والبعث والحساب، والجنة والنار، وأنَّ أفضل هذه الأمة أبو بكر ثم عمر، والقرآن كلام الله غير مخلوق، وأنَّ الله يُرى يوم القيامة، وأنَّه على العرش استوى، ولا تخرج على الأئمة بالسيف، وإن جاروا.
قال: إي والله.
فقال: مت إذا شئت، مت إذا شئت.“
هذا الأخ رأيت الإخوة ينشرون نعيه -رحمه الله وغفر له- وليس من معارفي ولكن أحسب أنه على خير.. وسرَّني أن انتشر عنه هذه التغريدة الطيبة..
وتذكرت كلام سحنون فشاركته..
وأحب دائما أن أنشر نعي إخواننا، إخوان العقيدة، يجدون من يترحم عليهم، عسى الله ييسر من يصنع بي صنيعي بإخواننا هؤلاء!
فـ ”القرابة الدينية أعظم من القرابة الطينية“ كما يقول شيخ الإسلام.
السكينة من مخلوقات الله عز وجل
عامة الناس يعرفون أن الله عز وجل خلق الجن والإنس والملائكة والحيوانات والجمادات والبر والبحر.
غير أن هناك مخلوقات أخرى خلقها الله لا يعرفها عامة الناس، والعجيب أنها مذكورة في القرآن!
قال الله تعالى:
﴿وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ آَيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِّمَّا تَرَكَ آلُ مُوسَىٰ وَآلُ هَارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلَائِكَةُ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَةً لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ﴾
[البقرة: 248]
قال علي بن أبي طالب:
السكينة لها وجه كوجه الإنسان، وهي ريح هفافة.
تفسير ابن أبي حاتم (2513)
وقال أيضاً:
السكينة ريح خجوج، ولها رأسان.
تفسير الطبري (5669)
وقال ابن عباس:
السكينة دابة قدر الهر، لها عينان لهما شعاع، وكان إذا التقى الجمعان أخرجت يديها ونظرت إليهم، فيهزم الجيش من ذلك من الرعب.
تفسير ابن أبي حاتم (2514)
وقال مجاهد:
السكينة لها وجه كوجه الهر وجناحان.
تفسير ابن أبي حاتم (2515)
وقد رُوي عن أبي مالك نحو هذا أيضاً.
وقد قال سفيان الثوري:
إذا جاءك التفسير عن مجاهد، فهو حسبك.
وقد جاء في تفسير السكينة غير ما تقدم، غير أن هذا القول المتقدم أبعدها عن الرأي وأعلاها سنداً فشبهة التوقيف فيه أقوى.
وانظر هنا لمزيد بيان وكذلك للوقوف على الكلام على أسانيد هذه الأخبار.
عامة الناس يعرفون أن الله عز وجل خلق الجن والإنس والملائكة والحيوانات والجمادات والبر والبحر.
غير أن هناك مخلوقات أخرى خلقها الله لا يعرفها عامة الناس، والعجيب أنها مذكورة في القرآن!
قال الله تعالى:
﴿وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ آَيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِّمَّا تَرَكَ آلُ مُوسَىٰ وَآلُ هَارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلَائِكَةُ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَةً لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ﴾
[البقرة: 248]
قال علي بن أبي طالب:
السكينة لها وجه كوجه الإنسان، وهي ريح هفافة.
تفسير ابن أبي حاتم (2513)
وقال أيضاً:
السكينة ريح خجوج، ولها رأسان.
تفسير الطبري (5669)
وقال ابن عباس:
السكينة دابة قدر الهر، لها عينان لهما شعاع، وكان إذا التقى الجمعان أخرجت يديها ونظرت إليهم، فيهزم الجيش من ذلك من الرعب.
تفسير ابن أبي حاتم (2514)
وقال مجاهد:
السكينة لها وجه كوجه الهر وجناحان.
تفسير ابن أبي حاتم (2515)
وقد رُوي عن أبي مالك نحو هذا أيضاً.
وقد قال سفيان الثوري:
إذا جاءك التفسير عن مجاهد، فهو حسبك.
وقد جاء في تفسير السكينة غير ما تقدم، غير أن هذا القول المتقدم أبعدها عن الرأي وأعلاها سنداً فشبهة التوقيف فيه أقوى.
وانظر هنا لمزيد بيان وكذلك للوقوف على الكلام على أسانيد هذه الأخبار.
قناة أبي حمزة
السكينة من مخلوقات الله عز وجل عامة الناس يعرفون أن الله عز وجل خلق الجن والإنس والملائكة والحيوانات والجمادات والبر والبحر. غير أن هناك مخلوقات أخرى خلقها الله لا يعرفها عامة الناس، والعجيب أنها مذكورة في القرآن! قال الله تعالى: ﴿وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ…
ويشهد لهذا ما جاء في الصحيحين من حديث البراء بن عازب رضي الله عنهما أنه قال: قرأ رجل الكهف وفي الدار الدابة فجعلت تنفر فسلم فإذا ضبابة أو سحابة غشيته فذكره للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: «اقرأ فلان فإنها السكينة نزلت للقرآن» أو «تنزلت للقرآن».
وفي صحيح مسلم أن الملائكة نزلت:
فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن أسيد بن حضير، بينما هو، ليلة، يقرأ في مربده. إذ جالت فرسه. فقرأ. ثم جالت أخرى. فقرأ. ثم جالت أيضا. قال أسيد: فخشيت أن تطأ يحيى. فقمت إليها. فإذا مثل الظلة فوق رأسي. فيها أمثال السرج. عرجت في الجو حتى ما أراها. قال فغدوت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله! بينما أنا البارحة من جوف الليل أقرأ في مربدي. إذ جالت فرسي. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "اقرأ. ابن حضير! " قال: فقرأت. ثم جالت أيضا. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "اقرأ. ابن حضير! " قال: فقرأت. ثم جالت أيضا. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "اقرأ. ابن حضير! " قال فانصرفت. وكان يحيى قريبا منها. خشيت أن تطأه. فرأيت مثل الظلة. فيها أمثال السرج. عرجت في الجو حتى ما أراها. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "تلك الملائكة كانت تستمع لك. ولو قرأت لأصبحت يراها الناس ما تستتر منهم".
وجمع بين الخبرين الشيخ ابن باز بقوله: مخلوق عظيم ينزل يكون معه ملائكة، يَسْمَعُ الذكر.
وفي صحيح مسلم أن الملائكة نزلت:
فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن أسيد بن حضير، بينما هو، ليلة، يقرأ في مربده. إذ جالت فرسه. فقرأ. ثم جالت أخرى. فقرأ. ثم جالت أيضا. قال أسيد: فخشيت أن تطأ يحيى. فقمت إليها. فإذا مثل الظلة فوق رأسي. فيها أمثال السرج. عرجت في الجو حتى ما أراها. قال فغدوت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله! بينما أنا البارحة من جوف الليل أقرأ في مربدي. إذ جالت فرسي. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "اقرأ. ابن حضير! " قال: فقرأت. ثم جالت أيضا. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "اقرأ. ابن حضير! " قال: فقرأت. ثم جالت أيضا. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "اقرأ. ابن حضير! " قال فانصرفت. وكان يحيى قريبا منها. خشيت أن تطأه. فرأيت مثل الظلة. فيها أمثال السرج. عرجت في الجو حتى ما أراها. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "تلك الملائكة كانت تستمع لك. ولو قرأت لأصبحت يراها الناس ما تستتر منهم".
وجمع بين الخبرين الشيخ ابن باز بقوله: مخلوق عظيم ينزل يكون معه ملائكة، يَسْمَعُ الذكر.
قال الإمام مالك رحمه الله:
"العالم يُخبر بالسنة ولا يخاصم، فإن قُبلت منه وإلا سكت."
[جامع بيان العلم وفضله لابن عبد البر]
وقال الحسن البصري رحمه الله:
"المؤمن ينشر حكمة الله، فإن قبلت منه حمد الله، وإن ردت عليه حمد الله."
وموضع الحمد في الرد: أنه قد وُفّق لأداء ما عليه.
وقال الهيثم بن جميل:
قلت لمالك بن أنس: "يا أبا عبد الله، الرجل يكون عالماً بالسنة، يُجادل عليها؟"
فقال: "لا، يُخبر بالسنة، فإن قُبلت منه وإلا أمسك."
وقال العباس بن غالب الهمداني الوراق:
قلت لأحمد بن حنبل رحمه الله:
"يا أبا عبد الله، أكون في المجلس ليس فيه من يعرف السنة غيري، فيتكلم مبتدع فيه، أرد عليه؟"
فقال: "لا تنصب نفسك لهذا."
قال: "أُخبر بالسنة ولا تُخاصم."
فأعدت عليه القول، فقال: "ما أراك إلا مخاصماً."
[رسالة السجزي]
"العالم يُخبر بالسنة ولا يخاصم، فإن قُبلت منه وإلا سكت."
[جامع بيان العلم وفضله لابن عبد البر]
وقال الحسن البصري رحمه الله:
"المؤمن ينشر حكمة الله، فإن قبلت منه حمد الله، وإن ردت عليه حمد الله."
وموضع الحمد في الرد: أنه قد وُفّق لأداء ما عليه.
وقال الهيثم بن جميل:
قلت لمالك بن أنس: "يا أبا عبد الله، الرجل يكون عالماً بالسنة، يُجادل عليها؟"
فقال: "لا، يُخبر بالسنة، فإن قُبلت منه وإلا أمسك."
وقال العباس بن غالب الهمداني الوراق:
قلت لأحمد بن حنبل رحمه الله:
"يا أبا عبد الله، أكون في المجلس ليس فيه من يعرف السنة غيري، فيتكلم مبتدع فيه، أرد عليه؟"
فقال: "لا تنصب نفسك لهذا."
قال: "أُخبر بالسنة ولا تُخاصم."
فأعدت عليه القول، فقال: "ما أراك إلا مخاصماً."
[رسالة السجزي]
حكى أبو زرعة محمد بن إبراهيم المؤذن قال: سمعت أبا عبد الله أحمد بن هارون بن عيسى الإستراباذي يقول:
إسحاق بن إبراهيم أبو بكر الطلقي، كان من أهل الرأي، ويقول: (الإيمان قول وعمل، يزيد) رجاء أن يأمر عمار بن رجاء أن يُكتب عنه، فقال لنا عمار: لا تكتبوا عنه، فإنه لا يقول: (ينقص).
[ تكملة تاريخ إستراباذ من «تاريخ جرجان» (ص516) / ترجمة: إسحاق بن إبراهيم بن خالد بن محمد الطلقي المؤذن الإستراباذي ]
عمار بن رجاء الإستراباذي أبو ياسر التغلبي، صاحب رحلة ورواية وتصنيف، صنف «المسند الكبير».
ترجمه أبو سعد الإدريسي، وقال: كان شيخا فاضلاً دَينًا كثير العبادة والزهد، ثقة في الحديث.
وحدث عن: يحيى بن آدم، ويزيد بن هارون، وطبقتهم، وعنه: أبو نعيم عبد الملك بن محمد بن عدي وكان من علماء الحديث بجرجان. توفي 267 هـ.
إسحاق بن إبراهيم أبو بكر الطلقي، كان من أهل الرأي، ويقول: (الإيمان قول وعمل، يزيد) رجاء أن يأمر عمار بن رجاء أن يُكتب عنه، فقال لنا عمار: لا تكتبوا عنه، فإنه لا يقول: (ينقص).
[ تكملة تاريخ إستراباذ من «تاريخ جرجان» (ص516) / ترجمة: إسحاق بن إبراهيم بن خالد بن محمد الطلقي المؤذن الإستراباذي ]
عمار بن رجاء الإستراباذي أبو ياسر التغلبي، صاحب رحلة ورواية وتصنيف، صنف «المسند الكبير».
ترجمه أبو سعد الإدريسي، وقال: كان شيخا فاضلاً دَينًا كثير العبادة والزهد، ثقة في الحديث.
وحدث عن: يحيى بن آدم، ويزيد بن هارون، وطبقتهم، وعنه: أبو نعيم عبد الملك بن محمد بن عدي وكان من علماء الحديث بجرجان. توفي 267 هـ.
Forwarded from قناة أبي عبد الله عادل آل حمدان
أهل الكلام وأهل تأويل وتحريف الصفات ليسوا بعلماء
روى اللالكائي (890) عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله تعالى: (إنما يخشى الله من عباده العلماء )[فاطر: 28]، قال: الذين يقولون: إن الله على كلِّ شيءٍ قدير.
- قال ابن القيم رحمه الله في «شفاء العليل» (2/98): وهذا مِن فقه ابن عباس رضي الله عنهما وعلمه بالتأويل، ومعرفته بحقائق الأسماء والصفات، فإن أكثر أهل الكلام لا يوفُّون هذه الجُملة حقَّها وإن كانوا يُقرُّون،
فمُنكِرو القدر وخلق أفعال العباد لا يُقرُّون بها على وجهها،
ومُنكِرو أفعال الرب القائمة به لا يُقرُّون بها على وجهها، بل يُصرِّحون أنه لا يقدر على فعل يقوم به.
ومَن لا يُقرُّ بأن الله سبحانه كل يومٍ هو في شأنٍ يفعلُ ما يشاء، لا يُقرُّ بأن الله على كلِّ شيءٍ قدير،
ومَن لا يُقرّ بأن قلوب العباد بين إصبعين من أصابع الرحمن يَقلِّبها كيف يشاء، وأنه سبحانه مُقلِّب القلوب حقيقة، وأنه إن شاء يُقيم القلب أقامه، وإن شاء أن يزيغه أزاغه؛ لا يُقرُّ بأنَّ الله على كل شيءٍ قدير.
ومَن لا يُقرُّ بأنه استوى على عرشه بعد أن خلق السموات والأرض، وأنه ينزل كل ليلةٍ إلى سماءِ الدنيا يقول: من يسألني فأعطيه؟ مَن يستغفرني فأغفر له؟ وأنه نزل إلى الشجرة فكلَّم موسى كلمَه منها، وأنه ينزلُ إلى الأرض قبل يوم القيامة حين تخلو مِن سُكّانها، وأنه يجيء يوم القيامة فيفصل بين عباده، وأنه يتجلَّى لهم يضحك، وأنه يُريهم نفسَه المُقدَّسة، وأنه يضع رِجله على النار فيُضيق بأهلها، وينزوي بعضها إلى بعض، إلى غير ذلك مِن شُؤنه وأفعاله التي مَن لم يُقرّ بها، لم يُقرّ بأنه على كل شيء قدير. فيا لها كلمة مِن حَبر الأُمة وترجمان القرآن). اهـ.
روى اللالكائي (890) عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله تعالى: (إنما يخشى الله من عباده العلماء )[فاطر: 28]، قال: الذين يقولون: إن الله على كلِّ شيءٍ قدير.
- قال ابن القيم رحمه الله في «شفاء العليل» (2/98): وهذا مِن فقه ابن عباس رضي الله عنهما وعلمه بالتأويل، ومعرفته بحقائق الأسماء والصفات، فإن أكثر أهل الكلام لا يوفُّون هذه الجُملة حقَّها وإن كانوا يُقرُّون،
فمُنكِرو القدر وخلق أفعال العباد لا يُقرُّون بها على وجهها،
ومُنكِرو أفعال الرب القائمة به لا يُقرُّون بها على وجهها، بل يُصرِّحون أنه لا يقدر على فعل يقوم به.
ومَن لا يُقرُّ بأن الله سبحانه كل يومٍ هو في شأنٍ يفعلُ ما يشاء، لا يُقرُّ بأن الله على كلِّ شيءٍ قدير،
ومَن لا يُقرّ بأن قلوب العباد بين إصبعين من أصابع الرحمن يَقلِّبها كيف يشاء، وأنه سبحانه مُقلِّب القلوب حقيقة، وأنه إن شاء يُقيم القلب أقامه، وإن شاء أن يزيغه أزاغه؛ لا يُقرُّ بأنَّ الله على كل شيءٍ قدير.
ومَن لا يُقرُّ بأنه استوى على عرشه بعد أن خلق السموات والأرض، وأنه ينزل كل ليلةٍ إلى سماءِ الدنيا يقول: من يسألني فأعطيه؟ مَن يستغفرني فأغفر له؟ وأنه نزل إلى الشجرة فكلَّم موسى كلمَه منها، وأنه ينزلُ إلى الأرض قبل يوم القيامة حين تخلو مِن سُكّانها، وأنه يجيء يوم القيامة فيفصل بين عباده، وأنه يتجلَّى لهم يضحك، وأنه يُريهم نفسَه المُقدَّسة، وأنه يضع رِجله على النار فيُضيق بأهلها، وينزوي بعضها إلى بعض، إلى غير ذلك مِن شُؤنه وأفعاله التي مَن لم يُقرّ بها، لم يُقرّ بأنه على كل شيء قدير. فيا لها كلمة مِن حَبر الأُمة وترجمان القرآن). اهـ.
Forwarded from أبو عبد الله فراس الرملي
باب في النهي عن الحلف بغير الله
• قال البخاري في صحيحه (٦٦٤٦): حدثنا عبد الله بن مسلمة، عن مالك، عن نافع، عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما « أن رسول الله ﷺ أدرك عمر بن الخطاب وهو يسير في ركب يحلف بأبيه، فقال: ألا إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم، من كان حالفا فليحلف بالله، أو ليصمت ».
- رواه مسلم (١٦٤٦).
* قال ابن عبد البر في التمهيد ت بشار (٩/٢٥٤): « وفي هذا الحديث من الفقه: أنه لا يجوز الحلف بغير الله عز وجل في شيء من الأشياء، ولا على حال من الأحوال، وهذا أمر مجتمع عليه ».
• قال البخاري في صحيحه (٦٦٤٧): حدثنا سعيد بن عفير، حدثنا ابن وهب، عن يونس، عن ابن شهاب، قال: قال سالم: قال ابن عمر: سمعت عمر يقول: « قال: لي رسول الله ﷺ إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم قال عمر: فوالله ما حلفت بها منذ سمعت النبي ﷺ ذاكرا، ولا آثرا ».
- رواه مسلم (١٦٤٦)، وقال أبو عبيد في غريب الحديث ط المصرية (٣/٤٢٨): « قوله: «ذاكرا»، فليس هو من الذكر بعد النسيان، إنما أراد متكلما به بعد، كقولك: ذكرت لفلان حديث كذا وكذا. وقوله: «آثرا»، يريد: ولا مخبرا عن غيري أنه حلف به يقول: لا أقول: إن فلانا قال: وأبي لا أفعل كذا وكذا ».
• قال عبد الرزاق في مصنفه ط التأصيل (١٧٠٨٨): أخبرنا ابن جريج، قال: سمعت عبد الله بن أبي مليكة يخبر، أنه سمع ابن الزبير يخبر، « أن عمر لما كان بالمخمص من عسفان استبق الناس، فسبقهم عمر، فقال ابن الزبير: فانتهزت فسبقته، فقلت: سبقته والكعبة، قال: ثم انتهز فسبقني، فقال: سبقته والله ... ثم أناخ، فقال: أرأيت حلفك بالكعبة، والله لو أعلم أنك فكرت فيها قبل أن تحلف لعاقبتك، احلف بالله، فأثم أو ابرر ».
• قال ابن أبي شيبة في مصنفه ت الشثري (١٢٦٦٩): حدثنا يزيد بن هارون، عن هشام، عن الحسن، قال: « مر عمر بالزبير وهو يقول: لا والكعبة، فرفع عليه الدرة وقال: الكعبة -لا أم لك- تطعمك وتسقيك؟! ».
• قال الفاكهي في أخبار مكة (٧٣٤): حدثنا حسين بن حسن المروزي، قال: ثنا عبد الوهاب الثقفي، قال: ثنا عبيد الله بن عمر، قال: « إن عائشة -رضي الله عنها- سمعت امرأة تقول: والكعبة، فقالت عائشة -رضي الله عنها- : أرأيتك هيه ». لعلها تصحيف عن "أربتك".
• قال سحنون في المدونة (١/٥٨٤): قال ابن وهب، عن سفيان بن عيينة، عن مسعر بن كدام، عن وبرة عن همام بن الحارث، أن عبد الله بن مسعود كان يقول: « لأن أحلف بالله كاذبا أحب إلي من أن أحلف بغيره صادقا ».
- قال ابن تيمية في جواب الحلف بغير الله (١/٢٦): « وذلك بأنه إذا حلف بالله فقد جمع سيئة الكذب مع حسنة التوحيد، وإذا حلف بغيره فقد جمع مع الصدق سيئة الشرك، والتوحيد أعظم من الصدق، والشرك أعظم من الكذب ».
• قال ابن المنذر في الأوسط (٨٩٣٧): حدثنا علي، قال: حدثنا أبو عبيد، قال: حدثني نعيم، عن عبد العزيز بن محمد، عن ثور بن زيد، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: « لأن أحلف بالله فأحنث وأكفر، أحب إلي من أن أضاهي بشيء ».
- قال ابن أبي زيد في النوادر (٤/٧): « معناه الحلف بغير الله، لأنه عظم غير الله في الحلف به، لقوله عز وجل {يضاهئون قول الذين كفروا} أي ما يشبه قولهم ».
• قال عبد الرزاق في مصنفه ط التأصيل (١٧٠٩٤): أخبرنا ابن جريج، قال: سمعت عطاء يقول: « كان خالد بن العاص، وشيبة بن عثمان، يقولان إذا أقسما: وأبي، فنهاهما أبو هريرة عن ذلك، أن يحلفا بآبائهما، قال: فغير شيبة، فقال: لعمري، وذلك أن إنسانا سأل عطاء عن لعمري، وعن لاها الله أبهما بأس؟ فقال: لا، ثم حدث هذا الحديث، عن أبي هريرة وأقول: ما لم يكن حلف بغير الله فلا بأس، فليس لعمري بقسم ».
• قال ابن أبي شيبة في مصنفه ت الشثري (١٢٦٧٠): حدثنا ابن فضيل، عن العلاء بن المسيب عن أبيه قال: قال كعب: « إنكم تشركون، قالوا: وكيف يا أبا إسحاق؟ قال: يحلف الرجل: لا وأبي، لا وأبيك ... لا وحياتك، لا وحرمة المسجد، لا والإسلام وأشباهه من القول ».
• قال ابن أبي شيبة في مصنفه ت الشثري (١٢٦٧١): حدثنا ابن فضيل، عن أشعث، عن الحسن، قال: « لقد أدركت الناس، ولو أن رجلا ركب راحلته لأنضاها قبل أن يسمع رجلا يحلف بغير الله ».
- أنضاها أي أضعف جسمها، والمعنى والله أعلم: « أن الراكب في العهد الأول من الإسلام لو سار على راحلته مسافة طويلة في البلدان لضعفت قبل أن يجد أحدا يحلف بغير الله وذلك لندرة هذا الأمر في ذلك الزمن، فالله المستعان على زماننا الذي لا تكاد تخرج فيه من باب بيتك وإلا وسمعت حالفا بغير الله! ».
• قال ابن أبي شيبة في مصنفه ت الشثري (١٢٦٧٢): حدثنا يزيد بن هارون، عن ابن عون، عن القاسم قال: « لا تحلفوا بآبائكم ولا بالطواغيت ».
• قال ابن أبي شيبة في مصنفه ت الشثري (١٢٦٧٣): حدثنا ابن مهدي، عن أبي عوانة، عن إسماعيل بن هشام، عن القاسم بن مخيمرة، قال: « ما أبالي حلفت بحياة رجل أو بالصليب ».
======
• قال البخاري في صحيحه (٦٦٤٦): حدثنا عبد الله بن مسلمة، عن مالك، عن نافع، عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما « أن رسول الله ﷺ أدرك عمر بن الخطاب وهو يسير في ركب يحلف بأبيه، فقال: ألا إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم، من كان حالفا فليحلف بالله، أو ليصمت ».
- رواه مسلم (١٦٤٦).
* قال ابن عبد البر في التمهيد ت بشار (٩/٢٥٤): « وفي هذا الحديث من الفقه: أنه لا يجوز الحلف بغير الله عز وجل في شيء من الأشياء، ولا على حال من الأحوال، وهذا أمر مجتمع عليه ».
• قال البخاري في صحيحه (٦٦٤٧): حدثنا سعيد بن عفير، حدثنا ابن وهب، عن يونس، عن ابن شهاب، قال: قال سالم: قال ابن عمر: سمعت عمر يقول: « قال: لي رسول الله ﷺ إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم قال عمر: فوالله ما حلفت بها منذ سمعت النبي ﷺ ذاكرا، ولا آثرا ».
- رواه مسلم (١٦٤٦)، وقال أبو عبيد في غريب الحديث ط المصرية (٣/٤٢٨): « قوله: «ذاكرا»، فليس هو من الذكر بعد النسيان، إنما أراد متكلما به بعد، كقولك: ذكرت لفلان حديث كذا وكذا. وقوله: «آثرا»، يريد: ولا مخبرا عن غيري أنه حلف به يقول: لا أقول: إن فلانا قال: وأبي لا أفعل كذا وكذا ».
• قال عبد الرزاق في مصنفه ط التأصيل (١٧٠٨٨): أخبرنا ابن جريج، قال: سمعت عبد الله بن أبي مليكة يخبر، أنه سمع ابن الزبير يخبر، « أن عمر لما كان بالمخمص من عسفان استبق الناس، فسبقهم عمر، فقال ابن الزبير: فانتهزت فسبقته، فقلت: سبقته والكعبة، قال: ثم انتهز فسبقني، فقال: سبقته والله ... ثم أناخ، فقال: أرأيت حلفك بالكعبة، والله لو أعلم أنك فكرت فيها قبل أن تحلف لعاقبتك، احلف بالله، فأثم أو ابرر ».
• قال ابن أبي شيبة في مصنفه ت الشثري (١٢٦٦٩): حدثنا يزيد بن هارون، عن هشام، عن الحسن، قال: « مر عمر بالزبير وهو يقول: لا والكعبة، فرفع عليه الدرة وقال: الكعبة -لا أم لك- تطعمك وتسقيك؟! ».
• قال الفاكهي في أخبار مكة (٧٣٤): حدثنا حسين بن حسن المروزي، قال: ثنا عبد الوهاب الثقفي، قال: ثنا عبيد الله بن عمر، قال: « إن عائشة -رضي الله عنها- سمعت امرأة تقول: والكعبة، فقالت عائشة -رضي الله عنها- : أرأيتك هيه ». لعلها تصحيف عن "أربتك".
• قال سحنون في المدونة (١/٥٨٤): قال ابن وهب، عن سفيان بن عيينة، عن مسعر بن كدام، عن وبرة عن همام بن الحارث، أن عبد الله بن مسعود كان يقول: « لأن أحلف بالله كاذبا أحب إلي من أن أحلف بغيره صادقا ».
- قال ابن تيمية في جواب الحلف بغير الله (١/٢٦): « وذلك بأنه إذا حلف بالله فقد جمع سيئة الكذب مع حسنة التوحيد، وإذا حلف بغيره فقد جمع مع الصدق سيئة الشرك، والتوحيد أعظم من الصدق، والشرك أعظم من الكذب ».
• قال ابن المنذر في الأوسط (٨٩٣٧): حدثنا علي، قال: حدثنا أبو عبيد، قال: حدثني نعيم، عن عبد العزيز بن محمد، عن ثور بن زيد، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: « لأن أحلف بالله فأحنث وأكفر، أحب إلي من أن أضاهي بشيء ».
- قال ابن أبي زيد في النوادر (٤/٧): « معناه الحلف بغير الله، لأنه عظم غير الله في الحلف به، لقوله عز وجل {يضاهئون قول الذين كفروا} أي ما يشبه قولهم ».
• قال عبد الرزاق في مصنفه ط التأصيل (١٧٠٩٤): أخبرنا ابن جريج، قال: سمعت عطاء يقول: « كان خالد بن العاص، وشيبة بن عثمان، يقولان إذا أقسما: وأبي، فنهاهما أبو هريرة عن ذلك، أن يحلفا بآبائهما، قال: فغير شيبة، فقال: لعمري، وذلك أن إنسانا سأل عطاء عن لعمري، وعن لاها الله أبهما بأس؟ فقال: لا، ثم حدث هذا الحديث، عن أبي هريرة وأقول: ما لم يكن حلف بغير الله فلا بأس، فليس لعمري بقسم ».
• قال ابن أبي شيبة في مصنفه ت الشثري (١٢٦٧٠): حدثنا ابن فضيل، عن العلاء بن المسيب عن أبيه قال: قال كعب: « إنكم تشركون، قالوا: وكيف يا أبا إسحاق؟ قال: يحلف الرجل: لا وأبي، لا وأبيك ... لا وحياتك، لا وحرمة المسجد، لا والإسلام وأشباهه من القول ».
• قال ابن أبي شيبة في مصنفه ت الشثري (١٢٦٧١): حدثنا ابن فضيل، عن أشعث، عن الحسن، قال: « لقد أدركت الناس، ولو أن رجلا ركب راحلته لأنضاها قبل أن يسمع رجلا يحلف بغير الله ».
- أنضاها أي أضعف جسمها، والمعنى والله أعلم: « أن الراكب في العهد الأول من الإسلام لو سار على راحلته مسافة طويلة في البلدان لضعفت قبل أن يجد أحدا يحلف بغير الله وذلك لندرة هذا الأمر في ذلك الزمن، فالله المستعان على زماننا الذي لا تكاد تخرج فيه من باب بيتك وإلا وسمعت حالفا بغير الله! ».
• قال ابن أبي شيبة في مصنفه ت الشثري (١٢٦٧٢): حدثنا يزيد بن هارون، عن ابن عون، عن القاسم قال: « لا تحلفوا بآبائكم ولا بالطواغيت ».
• قال ابن أبي شيبة في مصنفه ت الشثري (١٢٦٧٣): حدثنا ابن مهدي، عن أبي عوانة، عن إسماعيل بن هشام، عن القاسم بن مخيمرة، قال: « ما أبالي حلفت بحياة رجل أو بالصليب ».
======
Forwarded from أبو عبد الله فراس الرملي
======
• قال ابن أبي شيبة في مصنفه ت الشثري (١٢٦٧٤): حدثنا حفص، عن الأعمش، عن إبراهيم: « أنه كره أن يقول: لا وحياتك ».
• قال ابن أبي شيبة في مصنفه ت الشثري (١٢٦٧٥): حدثنا كثير بن هشام، عن جعفر بن برقان، عن ميمون، قال: سمعته يقول: « إن الله تعالى يقسم بما شاء من خلقه، وليس لأحد أن يقسم إلا بالله ومن أقسم بالله فلا يكذب ».
• قال عبد الرزاق في مصنفه ط التأصيل (١٧٠٩٥): عن ابن جريج، قال: سمعت إنسانا سأل عطاء فقال: « [حلفت بالبيت، قال: ليس لك برب]، ليست بيمين ».
• قال عبد الرزاق في مصنفه ط التأصيل (١٧٠٩٣): أخبرنا معمر، عن قتادة قال: « يكره أن يحلف إنسان بعتق، أو طلاق، وأن يحلف إلا بالله ».
• قال ابن المنذر في الأوسط ط الفلاح (١٤٧/١٢): ومن حديث معتمر بن سليمان، عن أبيه، عن أبي العلاء، « أن رجلا حلف بالمربد بمواقع النجوم فبرص ».
• جاء في الإتقان في علوم القرآن (٤/٥٥): وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن قال: « إن الله يقسم بما شاء من خلقه وليس لأحد أن يقسم إلا بالله ».
• نقل ابن نصر المروزي في اختلاف الفقهاء (١/٤٩٠)، عن الشعبي والحكم والحارث العكلي وابن أبي ليلى أنهم ذهبوا إلى: « أن اليمين لا يكون إلا بالله لأن النبي ﷺ قال: «لا تحلفوا إلا بالله». قالوا: فإذا حلف بغير الله فهو عاص وليس عليه كفارة ».
• نقل ابن المنذر في الأوسط ط الفلاح (٩٧/١٢) عن الشعبي قال: « الخالق يقسم بما شاء من خلقه، والمخلوق لا ينبغي له أن يقسم إلا بالخالق، والذي نفسي بيده، لأن أقسم بالله فأحنث أحب إلي من أن أقسم بغيره فأبر ».
• جاء في المدونة (١/٥٨٣): « قلت: أرأيت الرجل يقول للرجل وأبي وأبيك وحياتي وحياتك وعيشي وعيشك؟
قال مالك: هذا من كلام النساء وأهل الضعف من الرجال فلا يعجبني هذا وكان يكره الأيمان بغير الله تعالى، قلت: فهل كان مالك يكره للرجل أن يحلف بهذا أن يقول: والصلاة لا أفعل كذا وكذا أو شيئا مما ذكرت لك؟
قال: كان يكره ذلك لأنه كان يقول من حلف فليحلف بالله وإلا فلا يحلف، وكان يكره اليمين بغير الله ».
• قال الشافعي في الأم (٧/٦٤): « ومن حلف بشيء غير الله جل وعز مثل أن يقول الرجل، والكعبة وأبي، وكذا، وكذا ما كان فحنث فلا كفارة عليه ومثل ذلك قوله لعمري لا كفارة عليه وكل يمين بغير الله فهي مكروهة منهي عنها من قبل قول رسول الله ﷺ «إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم ومن كان حالفا فليحلف بالله أو ليسكت» ».
• جاء في مسائل الكوسج (١٧٧٧): « قلت: تكره أن يحلف الرجل بعتق أو طلاق أو مشي؟
قال أحمد بن حنبل: سبحان الله تعالى من لا يكره ذلك، لا يحلف إلا بالله عز وجل.
قال إسحاق بن راهويه: كما قال ».
• جاء في شرح البخاري لابن بطال (٦/٩٧): قال الطبري في حديث عمر: « إن الأيمان لا تصلح بغير الله تعالى كائنا ما كان، وأن من قال والكعبة أو وجبريل وميكائيل أو آدم وحوا ونوح أو قال: وعذاب الله، أو ثواب الله، أنه قد قال من القول هجرا، وتقدم على ما نهى النبي عليه السلام عنه، ولزمه الاستغفار من قوله ذلك ».
• قال ابن المنذر في الأوسط ط الفلاح (١٤٧/١٢): « فقد ثبتت الأخبار عن النبي ﷺ أنه نهى أن يحلف بغير الله، وبالتغليظ على من حلف بغيره ... فالحالف بغير الله عاص في يمينه إذا كان بالنهي عن ذلك عالما ».
======
• قال ابن أبي شيبة في مصنفه ت الشثري (١٢٦٧٤): حدثنا حفص، عن الأعمش، عن إبراهيم: « أنه كره أن يقول: لا وحياتك ».
• قال ابن أبي شيبة في مصنفه ت الشثري (١٢٦٧٥): حدثنا كثير بن هشام، عن جعفر بن برقان، عن ميمون، قال: سمعته يقول: « إن الله تعالى يقسم بما شاء من خلقه، وليس لأحد أن يقسم إلا بالله ومن أقسم بالله فلا يكذب ».
• قال عبد الرزاق في مصنفه ط التأصيل (١٧٠٩٥): عن ابن جريج، قال: سمعت إنسانا سأل عطاء فقال: « [حلفت بالبيت، قال: ليس لك برب]، ليست بيمين ».
• قال عبد الرزاق في مصنفه ط التأصيل (١٧٠٩٣): أخبرنا معمر، عن قتادة قال: « يكره أن يحلف إنسان بعتق، أو طلاق، وأن يحلف إلا بالله ».
• قال ابن المنذر في الأوسط ط الفلاح (١٤٧/١٢): ومن حديث معتمر بن سليمان، عن أبيه، عن أبي العلاء، « أن رجلا حلف بالمربد بمواقع النجوم فبرص ».
• جاء في الإتقان في علوم القرآن (٤/٥٥): وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن قال: « إن الله يقسم بما شاء من خلقه وليس لأحد أن يقسم إلا بالله ».
• نقل ابن نصر المروزي في اختلاف الفقهاء (١/٤٩٠)، عن الشعبي والحكم والحارث العكلي وابن أبي ليلى أنهم ذهبوا إلى: « أن اليمين لا يكون إلا بالله لأن النبي ﷺ قال: «لا تحلفوا إلا بالله». قالوا: فإذا حلف بغير الله فهو عاص وليس عليه كفارة ».
• نقل ابن المنذر في الأوسط ط الفلاح (٩٧/١٢) عن الشعبي قال: « الخالق يقسم بما شاء من خلقه، والمخلوق لا ينبغي له أن يقسم إلا بالخالق، والذي نفسي بيده، لأن أقسم بالله فأحنث أحب إلي من أن أقسم بغيره فأبر ».
• جاء في المدونة (١/٥٨٣): « قلت: أرأيت الرجل يقول للرجل وأبي وأبيك وحياتي وحياتك وعيشي وعيشك؟
قال مالك: هذا من كلام النساء وأهل الضعف من الرجال فلا يعجبني هذا وكان يكره الأيمان بغير الله تعالى، قلت: فهل كان مالك يكره للرجل أن يحلف بهذا أن يقول: والصلاة لا أفعل كذا وكذا أو شيئا مما ذكرت لك؟
قال: كان يكره ذلك لأنه كان يقول من حلف فليحلف بالله وإلا فلا يحلف، وكان يكره اليمين بغير الله ».
• قال الشافعي في الأم (٧/٦٤): « ومن حلف بشيء غير الله جل وعز مثل أن يقول الرجل، والكعبة وأبي، وكذا، وكذا ما كان فحنث فلا كفارة عليه ومثل ذلك قوله لعمري لا كفارة عليه وكل يمين بغير الله فهي مكروهة منهي عنها من قبل قول رسول الله ﷺ «إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم ومن كان حالفا فليحلف بالله أو ليسكت» ».
• جاء في مسائل الكوسج (١٧٧٧): « قلت: تكره أن يحلف الرجل بعتق أو طلاق أو مشي؟
قال أحمد بن حنبل: سبحان الله تعالى من لا يكره ذلك، لا يحلف إلا بالله عز وجل.
قال إسحاق بن راهويه: كما قال ».
• جاء في شرح البخاري لابن بطال (٦/٩٧): قال الطبري في حديث عمر: « إن الأيمان لا تصلح بغير الله تعالى كائنا ما كان، وأن من قال والكعبة أو وجبريل وميكائيل أو آدم وحوا ونوح أو قال: وعذاب الله، أو ثواب الله، أنه قد قال من القول هجرا، وتقدم على ما نهى النبي عليه السلام عنه، ولزمه الاستغفار من قوله ذلك ».
• قال ابن المنذر في الأوسط ط الفلاح (١٤٧/١٢): « فقد ثبتت الأخبار عن النبي ﷺ أنه نهى أن يحلف بغير الله، وبالتغليظ على من حلف بغيره ... فالحالف بغير الله عاص في يمينه إذا كان بالنهي عن ذلك عالما ».
======
Forwarded from أبو عبد الله فراس الرملي
======
باب من حلف بغير الله فقد أشرك
• قال أحمد في مسنده (٦٠٧٣): حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة، عن منصور، عن سعد بن عبيدة قال: « كنت جالسا عند عبد الله بن عمر فجئت سعيد بن المسيب وتركت عنده رجلا من كندة، فجاء الكندي مروعا، فقلت: ما وراءك؟ قال: جاء رجل إلى عبد الله بن عمر آنفا فقال: أحلف بالكعبة، فقال: احلف برب الكعبة، فإن عمر كان يحلف بأبيه، فقال له النبي ﷺ: لا تحلف بأبيك، فإنه من حلف بغير الله، فقد أشرك ». في إسناده رجل مجهول.
* قال الترمذي في سننه (١٩٤): « وفسر هذا الحديث عند بعض أهل العلم؛ أن قوله: فقد كفر أو أشرك على التغليظ. والحجة في ذلك حديث ابن عمر أن النبي ﷺ سمع عمر يقول: وأبي وأبي، فقال: ألا إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم وحديث أبي هريرة عن النبي ﷺ أنه قال: من قال في حلفه: واللات والعزى، فليقل: لا إله إلا الله هذا مثل ما روي عن النبي ﷺ أنه قال: إن الرياء شرك وقد فسر بعض أهل العلم هذه الآية فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا الآية، قال: لا يرائي ».
* قال ابن المنذر في الأوسط ط الفلاح (١٤٧/١٢): « كان إسحاق يقول يعني قوله: "من حلف بغير الله فقد كفر" فيما نرى - والله أعلم - أن يكون أراد به على الرغبة في اليمين بغيره، فذلك كفر، إذا رغب عن اليمين بالله ويمكن فيه معنى آخر، وذلك أن يرى الحالف بغير الله إن ذلك أحرى أن لا يتقدم الحالف عليه إذا كان طلاقا أو عتقا فيستحلف بعضهم بعضا لهذا المعنى.
ولقد فسر ابن المبارك قول رسول الله ﷺ: "فقد كفر" أنه أراد به التغليظ وليس بالكفر، كما روي عن ابن عباس في قوله: ﴿ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون﴾: إنهم به كفرة، وليس كمن كفر بالله وملائكته وكتبه ورسله. وكذلك قال عطاء: كفر دون كفر، وفسق دون فسق، وظلم دون ظلم. ومن ذلك ما حكي عن النبي ﷺ أنه قال: "سباب المسلم فسوق وقتاله كفر". أي أنه كفر بما أمر به، أنه لا يقتل بعضهم بعضا.
وقال غير إسحاق: كان الناس في الجاهلية يعبدون من دون الله أشياء فيحلفون بأسمائها تعظيما لها كاللات والعزى، وكانوا يعظمون آباءهم، ويعظمون الكعبة فيحلفون بها، فنهاهم رسول الله ﷺ أن يتخلقوا بأخلاق أهل الجاهلية ويتشبهوا بهم، وسمى ذلك كفرا إذ كان شبيها بأفعال أهل الكفر، لا أنه كفر بالله على الحقيقة، والعرب تشبه الشيء بالشيء فيلزمه اسمه على المجاز من ذلك قول النبي ﷺ لأنجشة: "رويدا سوقك بالقوارير"، يريد النساء، شبههن بالقوارير، لضعفهن ورقتهن، وكذلك قوله في فرس أبي طلحة حين ركبه وأجراه وجدناه بحرا، سماه بحرا تشبيها بالبحر، لسعة جريه ».
======
باب من حلف بغير الله فقد أشرك
• قال أحمد في مسنده (٦٠٧٣): حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة، عن منصور، عن سعد بن عبيدة قال: « كنت جالسا عند عبد الله بن عمر فجئت سعيد بن المسيب وتركت عنده رجلا من كندة، فجاء الكندي مروعا، فقلت: ما وراءك؟ قال: جاء رجل إلى عبد الله بن عمر آنفا فقال: أحلف بالكعبة، فقال: احلف برب الكعبة، فإن عمر كان يحلف بأبيه، فقال له النبي ﷺ: لا تحلف بأبيك، فإنه من حلف بغير الله، فقد أشرك ». في إسناده رجل مجهول.
* قال الترمذي في سننه (١٩٤): « وفسر هذا الحديث عند بعض أهل العلم؛ أن قوله: فقد كفر أو أشرك على التغليظ. والحجة في ذلك حديث ابن عمر أن النبي ﷺ سمع عمر يقول: وأبي وأبي، فقال: ألا إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم وحديث أبي هريرة عن النبي ﷺ أنه قال: من قال في حلفه: واللات والعزى، فليقل: لا إله إلا الله هذا مثل ما روي عن النبي ﷺ أنه قال: إن الرياء شرك وقد فسر بعض أهل العلم هذه الآية فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا الآية، قال: لا يرائي ».
* قال ابن المنذر في الأوسط ط الفلاح (١٤٧/١٢): « كان إسحاق يقول يعني قوله: "من حلف بغير الله فقد كفر" فيما نرى - والله أعلم - أن يكون أراد به على الرغبة في اليمين بغيره، فذلك كفر، إذا رغب عن اليمين بالله ويمكن فيه معنى آخر، وذلك أن يرى الحالف بغير الله إن ذلك أحرى أن لا يتقدم الحالف عليه إذا كان طلاقا أو عتقا فيستحلف بعضهم بعضا لهذا المعنى.
ولقد فسر ابن المبارك قول رسول الله ﷺ: "فقد كفر" أنه أراد به التغليظ وليس بالكفر، كما روي عن ابن عباس في قوله: ﴿ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون﴾: إنهم به كفرة، وليس كمن كفر بالله وملائكته وكتبه ورسله. وكذلك قال عطاء: كفر دون كفر، وفسق دون فسق، وظلم دون ظلم. ومن ذلك ما حكي عن النبي ﷺ أنه قال: "سباب المسلم فسوق وقتاله كفر". أي أنه كفر بما أمر به، أنه لا يقتل بعضهم بعضا.
وقال غير إسحاق: كان الناس في الجاهلية يعبدون من دون الله أشياء فيحلفون بأسمائها تعظيما لها كاللات والعزى، وكانوا يعظمون آباءهم، ويعظمون الكعبة فيحلفون بها، فنهاهم رسول الله ﷺ أن يتخلقوا بأخلاق أهل الجاهلية ويتشبهوا بهم، وسمى ذلك كفرا إذ كان شبيها بأفعال أهل الكفر، لا أنه كفر بالله على الحقيقة، والعرب تشبه الشيء بالشيء فيلزمه اسمه على المجاز من ذلك قول النبي ﷺ لأنجشة: "رويدا سوقك بالقوارير"، يريد النساء، شبههن بالقوارير، لضعفهن ورقتهن، وكذلك قوله في فرس أبي طلحة حين ركبه وأجراه وجدناه بحرا، سماه بحرا تشبيها بالبحر، لسعة جريه ».
======
Forwarded from أبو عبد الله فراس الرملي
======
باب في كفارة الحلف بغير الله
• قال البخاري في صحيحه (٦٦٥٠): حدثني عبد الله بن محمد، حدثنا هشام بن يوسف، أخبرنا معمر، عن الزهري، عن حميد بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي ﷺ قال: « من حلف فقال: في حلفه باللات والعزى فليقل لا إله إلا الله ».
- ورواه مسلم (١٦٤٧).
* قال الطبري كما في شرح البخاري لابن بطال (٦/٩٩): « وقول ذلك واجب مع إحداث التوبة، والندم على ما قال من ذلك، والعزم على ألا يعود، ولا يعظم غير الله، وقد روى أبو إسحاق السبيعي، عن مصعب بن سعد، عن أبيه، قال: حلفت باللات والعزى، فقال أصحابي: ما نراك قلت إلا هجرا، فأتيت رسول الله ﷺ فقلت: إن العهد كان قريبا، فحلفت باللات والعزى، فقال: «قل: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، ثلاث مرات، وانفث عن شمالك ثلاثا، وتعوذ بالله من الشيطان الرجيم، ولا تعد».
قال الطبري: وفيه الإبانة: أن كل من أتى أمرا يكرهه الله تعالى، ثم أتبعه من العمل بما يرضاه الله ويحبه بخلافه، وندم عليه، وترك العودة له؛ فإن ذلك واضع عنه وزر عمله، وماح إثم خطيئته، وذلك كالقائل يقول: كفر بالله إن فعل كذا، فالصواب له أن يندم على قوله ندامة سعد على حلفه، وأن يحدث من قول الحق خلاف ما قال من الباطل، وكذلك أعمال الجوارح، كالرجل يهم بركوب معصية، فإن توبته ترك العزم عليه، والانصراف عن فعل ما هم به، وأن يهم بعمل طاعة لله مكان همه بالمعصية، كما قال عليه السلام لمعاذ في وصيته: «إذا عملت سيئة، فأتبعها بحسنة تمحها» ».
هذا والله أعلم
#التوحيد
#اللسان
باب في كفارة الحلف بغير الله
• قال البخاري في صحيحه (٦٦٥٠): حدثني عبد الله بن محمد، حدثنا هشام بن يوسف، أخبرنا معمر، عن الزهري، عن حميد بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي ﷺ قال: « من حلف فقال: في حلفه باللات والعزى فليقل لا إله إلا الله ».
- ورواه مسلم (١٦٤٧).
* قال الطبري كما في شرح البخاري لابن بطال (٦/٩٩): « وقول ذلك واجب مع إحداث التوبة، والندم على ما قال من ذلك، والعزم على ألا يعود، ولا يعظم غير الله، وقد روى أبو إسحاق السبيعي، عن مصعب بن سعد، عن أبيه، قال: حلفت باللات والعزى، فقال أصحابي: ما نراك قلت إلا هجرا، فأتيت رسول الله ﷺ فقلت: إن العهد كان قريبا، فحلفت باللات والعزى، فقال: «قل: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، ثلاث مرات، وانفث عن شمالك ثلاثا، وتعوذ بالله من الشيطان الرجيم، ولا تعد».
قال الطبري: وفيه الإبانة: أن كل من أتى أمرا يكرهه الله تعالى، ثم أتبعه من العمل بما يرضاه الله ويحبه بخلافه، وندم عليه، وترك العودة له؛ فإن ذلك واضع عنه وزر عمله، وماح إثم خطيئته، وذلك كالقائل يقول: كفر بالله إن فعل كذا، فالصواب له أن يندم على قوله ندامة سعد على حلفه، وأن يحدث من قول الحق خلاف ما قال من الباطل، وكذلك أعمال الجوارح، كالرجل يهم بركوب معصية، فإن توبته ترك العزم عليه، والانصراف عن فعل ما هم به، وأن يهم بعمل طاعة لله مكان همه بالمعصية، كما قال عليه السلام لمعاذ في وصيته: «إذا عملت سيئة، فأتبعها بحسنة تمحها» ».
هذا والله أعلم
#التوحيد
#اللسان
الساجد يسجد على قدم الرحمن
قال الخطيب في «تالي تلخيص المتشابه» (1/ 253):
140- أخبرني أبو القاسم عبد العزيز بن علي بن أحمد بن الفضل الوراق الأزجي حدثنا يوسف بن عمر بن مسرور القواس حدثنا محمد بن مخلد بقراءتي عليه قلت له حدثكم هارون بن مسعود الدهان حدثنا الحسين بن أبي جعفر حدثنا الوليد بن مسلم عن ثور بن يزيد عن عبد الواحد بن قيس عن أبي أمامة قال: القانت يذر عليه البر حتى يركع، والراكع عليه رحمة الله حتى يسجد، والساجد يسجد على ظهر قدم الرحمن عز وجل، فليصل وليرغب.
ورواه إسحاق بن راهويه في «مسنده» فقال: أخبرنا الوليد بن مسلم عن ثور به. «الصفات» لابن المحب (1616).
عبد الواحد بن قيس فيه ضعف. «ميزان الاعتدال» (2/ 675).
وروي نحوه عن حسان بن عطية قوله:
قال أبو نعيم في «حلية الأولياء» (6/ 71):
حدثنا أحمد بن إسحاق، ثنا عبد الله بن سليمان، ثنا محمد بن الوزير، ح
وحدثنا سليمان بن أحمد، ثنا هاشم بن مرثد، ثنا صفوان بن صالح، قالا: ثنا الوليد بن مسلم، ثنا الأوزاعي، عن حسان، قال: الساجد يسجد على قدم الرحمن.
قال الوليد: قال الأوزاعي: محمله عندنا في القرب كحديثهم عن النبي صلى الله عليه وسلم: «أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد»، وكحديثه: «ما تصدق متصدق بطيب ولا يقبل الله إلا طيبا إلا وقعت في كف الرحمن عز وجل».
حسان بن عطية المحاربي الدمشقي من تابعي الشام.
وقال ابن المحب في «الصفات»:
1569 - أخبرنا عبد الرحمن بن محمد بن عبد الحميد، أبنا عبد الرحمن بن أبي عمر وعلي بن البخاري، قالا: أبنا عمر بن محمد بن مُعَمَّر، أبنا عبد الرحمن بن محمد بن عبد الواحد، أبنا أحمد بن علي بن ثابت الخطيب الحافظ، أبنا محمد بن أحمد بن محمد بن حمدان الأصبهاني، أبنا عبد الله بن محمد بن إبراهيم ، ثنا جدي عیسی بن إبراهيم العقيلي، ثنا آدم بن أبي إياس، ثنا الليث بن سعد، عن معاوية بن صالح، عن عمرو بن قيس، عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن القائم في الصلاة يذر عليه البر، فإذا ركع كان تحت ركبتي الرحمن عز وجل، فإذا سجد كان تحت قدمي الرحمن، وأقرب ما يكون العبد من الله إذا سجد.
قال محققه: الرواية من طريق «الثواب» لآدم بن أبي إياس، انظر: «المجمع المؤسس» (2/373).
وعمرو بن قيس هو السكوني الحمصي أبو ثور. وهو تابعي وفد مع أبيه على معاوية.
وحدث عن: عبد الله بن عمرو، وواثلة بن الأسقع، وأبي أمامة، والنعمان بن بشير، وعبد الله بن بسر، وعاصم بن حميد، وطائفة. «تهذيب الكمال» (22/195).
وفي «مسائل سئل عنها أبو القاسم إسماعيل بن محمد التيمي»:
مسألة:
زعم أقوام أن الخبر مسند عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن العبد إذا سجد سجد على ظهر قدم الرحمن عز وجل»، أورده الحميدي في مسنده، صحيح أم لا؟
فأجاب: هذا صحيح، يروي مرفوعًا ويروی موقوفًا، وهو من جملة الأحاديث التي نؤمن بها ونتلقى بالتسليم، ولا نجادل فيه ولا نخاصم، ونترك الخوض فيه والتفكر فيه بالعقول، آمنَّا بما قال رسول الله، على مراد رسول الله صلى الله عليه وسلم. «الصفات» لابن المحب (1615).
قال محققه: ليس هذ الخبر في المطبوع من «مسند» الحميدي.
وخبر حسان هو من جملة ما أورده ابن فورك الجهمي في «مشكله» وصنوه ابن جماعة في «إيضاحه»، وحرّفا معناه، ورد على الأول منهما أبو يعلى في «إبطال التأويلات»، وأثبته على ظاهره لكن على طريقته في نفي المماسة.
وأفادني أحد الاخوة بهذه الرواية:
قال الحكيم الترمذي في «الرد على للمعطلة»:
٢١٠ - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ : حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ رَبِيعَةَ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ أَبِي قَيْسٍ، عَنْ أَبِي فِرَاسٍ - مَوْلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو له ، قَالَ: لَا يَحُولُ بَيْنَ الْإِنْسَانِ وَبَيْنَ قَدَمِ الرَّحْمَنِ شَيْءٌ إِذَا كَانَ سَاجِدًا.
قال الخطيب في «تالي تلخيص المتشابه» (1/ 253):
140- أخبرني أبو القاسم عبد العزيز بن علي بن أحمد بن الفضل الوراق الأزجي حدثنا يوسف بن عمر بن مسرور القواس حدثنا محمد بن مخلد بقراءتي عليه قلت له حدثكم هارون بن مسعود الدهان حدثنا الحسين بن أبي جعفر حدثنا الوليد بن مسلم عن ثور بن يزيد عن عبد الواحد بن قيس عن أبي أمامة قال: القانت يذر عليه البر حتى يركع، والراكع عليه رحمة الله حتى يسجد، والساجد يسجد على ظهر قدم الرحمن عز وجل، فليصل وليرغب.
ورواه إسحاق بن راهويه في «مسنده» فقال: أخبرنا الوليد بن مسلم عن ثور به. «الصفات» لابن المحب (1616).
عبد الواحد بن قيس فيه ضعف. «ميزان الاعتدال» (2/ 675).
وروي نحوه عن حسان بن عطية قوله:
قال أبو نعيم في «حلية الأولياء» (6/ 71):
حدثنا أحمد بن إسحاق، ثنا عبد الله بن سليمان، ثنا محمد بن الوزير، ح
وحدثنا سليمان بن أحمد، ثنا هاشم بن مرثد، ثنا صفوان بن صالح، قالا: ثنا الوليد بن مسلم، ثنا الأوزاعي، عن حسان، قال: الساجد يسجد على قدم الرحمن.
قال الوليد: قال الأوزاعي: محمله عندنا في القرب كحديثهم عن النبي صلى الله عليه وسلم: «أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد»، وكحديثه: «ما تصدق متصدق بطيب ولا يقبل الله إلا طيبا إلا وقعت في كف الرحمن عز وجل».
حسان بن عطية المحاربي الدمشقي من تابعي الشام.
وقال ابن المحب في «الصفات»:
1569 - أخبرنا عبد الرحمن بن محمد بن عبد الحميد، أبنا عبد الرحمن بن أبي عمر وعلي بن البخاري، قالا: أبنا عمر بن محمد بن مُعَمَّر، أبنا عبد الرحمن بن محمد بن عبد الواحد، أبنا أحمد بن علي بن ثابت الخطيب الحافظ، أبنا محمد بن أحمد بن محمد بن حمدان الأصبهاني، أبنا عبد الله بن محمد بن إبراهيم ، ثنا جدي عیسی بن إبراهيم العقيلي، ثنا آدم بن أبي إياس، ثنا الليث بن سعد، عن معاوية بن صالح، عن عمرو بن قيس، عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن القائم في الصلاة يذر عليه البر، فإذا ركع كان تحت ركبتي الرحمن عز وجل، فإذا سجد كان تحت قدمي الرحمن، وأقرب ما يكون العبد من الله إذا سجد.
قال محققه: الرواية من طريق «الثواب» لآدم بن أبي إياس، انظر: «المجمع المؤسس» (2/373).
وعمرو بن قيس هو السكوني الحمصي أبو ثور. وهو تابعي وفد مع أبيه على معاوية.
وحدث عن: عبد الله بن عمرو، وواثلة بن الأسقع، وأبي أمامة، والنعمان بن بشير، وعبد الله بن بسر، وعاصم بن حميد، وطائفة. «تهذيب الكمال» (22/195).
وفي «مسائل سئل عنها أبو القاسم إسماعيل بن محمد التيمي»:
مسألة:
زعم أقوام أن الخبر مسند عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن العبد إذا سجد سجد على ظهر قدم الرحمن عز وجل»، أورده الحميدي في مسنده، صحيح أم لا؟
فأجاب: هذا صحيح، يروي مرفوعًا ويروی موقوفًا، وهو من جملة الأحاديث التي نؤمن بها ونتلقى بالتسليم، ولا نجادل فيه ولا نخاصم، ونترك الخوض فيه والتفكر فيه بالعقول، آمنَّا بما قال رسول الله، على مراد رسول الله صلى الله عليه وسلم. «الصفات» لابن المحب (1615).
قال محققه: ليس هذ الخبر في المطبوع من «مسند» الحميدي.
وخبر حسان هو من جملة ما أورده ابن فورك الجهمي في «مشكله» وصنوه ابن جماعة في «إيضاحه»، وحرّفا معناه، ورد على الأول منهما أبو يعلى في «إبطال التأويلات»، وأثبته على ظاهره لكن على طريقته في نفي المماسة.
وأفادني أحد الاخوة بهذه الرواية:
قال الحكيم الترمذي في «الرد على للمعطلة»:
٢١٠ - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ : حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ رَبِيعَةَ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ أَبِي قَيْسٍ، عَنْ أَبِي فِرَاسٍ - مَوْلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو له ، قَالَ: لَا يَحُولُ بَيْنَ الْإِنْسَانِ وَبَيْنَ قَدَمِ الرَّحْمَنِ شَيْءٌ إِذَا كَانَ سَاجِدًا.
عن عبيد بن عمير قال: بلغني أن داود النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول:
اللهم لا تجعل لي أهل سوء، فأكون رجل سوء.
[ رواه ابن المبارك وأحمد]
ومن ثَمَّ قيل: المرء على دين زوجته.
لما يستلزمه الميل إليها من المتابعة، ويجتذبه الحب لها من الموافقة، فلا يجد إلى المخالفة سبيلًا، ولا إلى المباينة والمشاقة طريقًا.
[ حسن التنبه ]
اللهم لا تجعل لي أهل سوء، فأكون رجل سوء.
[ رواه ابن المبارك وأحمد]
ومن ثَمَّ قيل: المرء على دين زوجته.
لما يستلزمه الميل إليها من المتابعة، ويجتذبه الحب لها من الموافقة، فلا يجد إلى المخالفة سبيلًا، ولا إلى المباينة والمشاقة طريقًا.
[ حسن التنبه ]
عَنِ عامر الشَّعْبِيِّ، قَالَ:
تَعَايَشَ النَّاسُ بِالدِّينِ زَمَنًا طَوِيلًا حَتَّى ذَهَبَ الدِّينُ،
ثُمَّ تَعَايَشَ النَّاسُ بِالْمُرُوءَةَ زَمَنًا طَوِيلًا حَتَّى ذَهَبَتِ الْمُرُوءَةُ،
ثُمَّ تَعَايَشَ النَّاسُ بِالْحَيَاءِ زَمَنًا طَوِيلًا حَتَّى ذَهَبَ الْحَيَاءُ،
ثُمَّ تَعَايَشَ النَّاسُ بِالرَّغْبَةِ وَالرَّهْبَةِ،
وَأَظُنُّ أَنَّهُ سَيَأْتِي بَعْدَ هَذَا مَا هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ.
[ رواه في الحلية ]
وصدق ظنه رحمه الله وهذا من بعد نظر أئمة السلف وحسن سبرهم لواقع الناس وأحوالهم، وقد آل الحال إلى ما نرى؛ فلا دين أهل الإسلام ولا مروءة أهل الجاهلية والله المستعان.
تَعَايَشَ النَّاسُ بِالدِّينِ زَمَنًا طَوِيلًا حَتَّى ذَهَبَ الدِّينُ،
ثُمَّ تَعَايَشَ النَّاسُ بِالْمُرُوءَةَ زَمَنًا طَوِيلًا حَتَّى ذَهَبَتِ الْمُرُوءَةُ،
ثُمَّ تَعَايَشَ النَّاسُ بِالْحَيَاءِ زَمَنًا طَوِيلًا حَتَّى ذَهَبَ الْحَيَاءُ،
ثُمَّ تَعَايَشَ النَّاسُ بِالرَّغْبَةِ وَالرَّهْبَةِ،
وَأَظُنُّ أَنَّهُ سَيَأْتِي بَعْدَ هَذَا مَا هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ.
[ رواه في الحلية ]
وصدق ظنه رحمه الله وهذا من بعد نظر أئمة السلف وحسن سبرهم لواقع الناس وأحوالهم، وقد آل الحال إلى ما نرى؛ فلا دين أهل الإسلام ولا مروءة أهل الجاهلية والله المستعان.