إليك حديثًا طويلا ممتعا، فيه من بركات كلامه وأخلاقه وأفعاله ومعجزاته ﷺ وبيانه الشريف وبيان أصحابه رضي الله عنهم الفخم العالي؛ فاقرأه وتنعم فيه، ولا تنس نصيبك من مراجعة لفظه وحرفه؛ فإن هذا يُنهض قلبك وقلمك ويُنعش روحك:
قال الإمام الحجة مسلم بن الحجاج رحمه الله ورضي عنه في صحيحه
حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ مَعْرُوفٍ ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادٍ - وَتَقَارَبَا فِي لَفْظِ الْحَدِيثِ، وَالسِّيَاقُ لِهَارُونَ - قَالَا : حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ ، عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ مُجَاهِدٍ أَبِي حَزْرَةَ ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الْوَلِيدِ بْنِ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ ، قَالَ : خَرَجْتُ أَنَا وَأَبِي نَطْلُبُ الْعِلْمَ فِي هَذَا الْحَيِّ مِنَ الْأَنْصَارِ قَبْلَ أَنْ يَهْلِكُوا، فَكَانَ أَوَّلُ مَنْ لَقِينَا أَبَا الْيَسَرِ صَاحِبَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمَعَهُ غُلَامٌ لَهُ مَعَهُ ضِمَامَةٌ مِنْ صُحُفٍ، وَعَلَى أَبِي الْيَسَرِ بُرْدَةٌ وَمَعَافِرِيٌّ، وَعَلَى غُلَامِهِ بُرْدَةٌ وَمَعَافِرِيٌّ، فَقَالَ لَهُ أَبِي : يَا عَمِّ، إِنِّي أَرَى فِي وَجْهِكَ سَفْعَةً مِنْ غَضَبٍ. قَالَ : أَجَلْ، كَانَ لِي عَلَى فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ الْحَرَامِيِّ مَالٌ، فَأَتَيْتُ أَهْلَهُ فَسَلَّمْتُ، فَقُلْتُ : ثَمَّ هُوَ ؟ قَالُوا : لَا. فَخَرَجَ عَلَيَّ ابْنٌ لَهُ جَفْرٌ ، فَقُلْتُ لَهُ : أَيْنَ أَبُوكَ ؟ قَالَ : سَمِعَ صَوْتَكَ فَدَخَلَ أَرِيكَةَ أُمِّي.
فَقُلْتُ : اخْرُجْ إِلَيَّ، فَقَدْ عَلِمْتُ أَيْنَ أَنْتَ. فَخَرَجَ، فَقُلْتُ : مَا حَمَلَكَ عَلَى أَنِ اخْتَبَأْتَ مِنِّي ؟ قَالَ : أَنَا وَاللَّهِ أُحَدِّثُكَ ثُمَّ لَا أَكْذِبُكَ، خَشِيتُ وَاللَّهِ أَنْ أُحَدِّثَكَ فَأَكْذِبَكَ، وَأَنْ أَعِدَكَ فَأُخْلِفَكَ، وَكُنْتَ صَاحِبَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكُنْتُ وَاللَّهِ مُعْسِرًا. قَالَ : قُلْتُ : آللَّهِ ؟ قَالَ : اللَّهِ. قُلْتُ : آللَّهِ ؟ قَالَ : اللَّهِ. قُلْتُ : آللَّهِ ؟ قَالَ : اللَّهِ. قَالَ : فَأَتَى بِصَحِيفَتِهِ فَمَحَاهَا بِيَدِهِ، فَقَالَ : إِنْ وَجَدْتَ قَضَاءً فَاقْضِنِي، وَإِلَّا أَنْتَ فِي حِلٍّ، فَأَشْهَدُ بَصَرُ عَيْنَيَّ هَاتَيْنِ - وَوَضَعَ إِصْبَعَيْهِ عَلَى عَيْنَيْهِ - وَسَمْعُ أُذُنَيَّ هَاتَيْنِ، وَوَعَاهُ قَلْبِي هَذَا - وَأَشَارَ إِلَى مَنَاطِ قَلْبِهِ - رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَقُولُ : " مَنْ أَنْظَرَ مُعْسِرًا أَوْ وَضَعَ عَنْهُ ؛ أَظَلَّهُ اللَّهُ فِي ظِلِّهِ ".
(... ) قَالَ : فَقُلْتُ لَهُ أَنَا : يَا عَمِّ، لَوْ أَنَّكَ أَخَذْتَ بُرْدَةَ غُلَامِكَ وَأَعْطَيْتَهُ مَعَافِرِيَّكَ، وَأَخَذْتَ مَعَافِرِيَّهُ وَأَعْطَيْتَهُ بُرْدَتَكَ، فَكَانَتْ عَلَيْكَ حُلَّةٌ، وَعَلَيْهِ حُلَّةٌ. فَمَسَحَ رَأْسِي وَقَالَ : اللَّهُمَّ بَارِكْ فِيهِ، يَا ابْنَ أَخِي، بَصَرُ عَيْنَيَّ هَاتَيْنِ، وَسَمْعُ أُذُنَيَّ هَاتَيْنِ، وَوَعَاهُ قَلْبِي هَذَا - وَأَشَارَ إِلَى مَنَاطِ قَلْبِهِ - رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَقُولُ : " أَطْعِمُوهُمْ مِمَّا تَأْكُلُونَ، وَأَلْبِسُوهُمْ مِمَّا تَلْبَسُونَ ". وَكَانَ أَنْ أَعْطَيْتُهُ مِنْ مَتَاعِ الدُّنْيَا أَهْوَنَ عَلَيَّ مِنْ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ حَسَنَاتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ.
(... ) ثُمَّ مَضَيْنَا حَتَّى أَتَيْنَا جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ فِي مَسْجِدِهِ، وَهُوَ يُصَلِّي فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ مُشْتَمِلًا بِهِ، فَتَخَطَّيْتُ الْقَوْمَ حَتَّى جَلَسْتُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ، فَقُلْتُ : يَرْحَمُكَ اللَّهُ، أَتُصَلِّي فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ وَرِدَاؤُكَ إِلَى جَنْبِكَ ؟ قَالَ : فَقَالَ بِيَدِهِ فِي صَدْرِي هَكَذَا، وَفَرَّقَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ وَقَوَّسَهَا : أَرَدْتُ أَنْ يَدْخُلَ عَلَيَّ الْأَحْمَقُ مِثْلُكَ، فَيَرَانِي كَيْفَ أَصْنَعُ، فَيَصْنَعُ مِثْلَهُ، أَتَانَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَسْجِدِنَا هَذَا، وَفِي يَدِهِ عُرْجُونُ ابْنِ طَابٍ ، فَرَأَى فِي قِبْلَةِ الْمَسْجِدِ نُخَامَةً فَحَكَّهَا بِالْعُرْجُونِ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْنَا، فَقَالَ : " أَيُّكُمْ يُحِبُّ أَنْ يُعْرِضَ اللَّهُ عَنْهُ ؟ " قَالَ : فَخَشَعْنَا ، ثُمَّ قَالَ : " أَيُّكُمْ يُحِبُّ أَنْ يُعْرِضَ اللَّهُ عَنْهُ ؟ " قَالَ : فَخَشَعْنَا، ثُمَّ قَالَ : " أَيُّكُمْ يُحِبُّ أَنْ يُعْرِضَ اللَّهُ عَنْهُ ؟ " قُلْنَا : لَا أَيُّنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ.
قال الإمام الحجة مسلم بن الحجاج رحمه الله ورضي عنه في صحيحه
حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ مَعْرُوفٍ ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادٍ - وَتَقَارَبَا فِي لَفْظِ الْحَدِيثِ، وَالسِّيَاقُ لِهَارُونَ - قَالَا : حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ ، عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ مُجَاهِدٍ أَبِي حَزْرَةَ ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الْوَلِيدِ بْنِ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ ، قَالَ : خَرَجْتُ أَنَا وَأَبِي نَطْلُبُ الْعِلْمَ فِي هَذَا الْحَيِّ مِنَ الْأَنْصَارِ قَبْلَ أَنْ يَهْلِكُوا، فَكَانَ أَوَّلُ مَنْ لَقِينَا أَبَا الْيَسَرِ صَاحِبَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمَعَهُ غُلَامٌ لَهُ مَعَهُ ضِمَامَةٌ مِنْ صُحُفٍ، وَعَلَى أَبِي الْيَسَرِ بُرْدَةٌ وَمَعَافِرِيٌّ، وَعَلَى غُلَامِهِ بُرْدَةٌ وَمَعَافِرِيٌّ، فَقَالَ لَهُ أَبِي : يَا عَمِّ، إِنِّي أَرَى فِي وَجْهِكَ سَفْعَةً مِنْ غَضَبٍ. قَالَ : أَجَلْ، كَانَ لِي عَلَى فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ الْحَرَامِيِّ مَالٌ، فَأَتَيْتُ أَهْلَهُ فَسَلَّمْتُ، فَقُلْتُ : ثَمَّ هُوَ ؟ قَالُوا : لَا. فَخَرَجَ عَلَيَّ ابْنٌ لَهُ جَفْرٌ ، فَقُلْتُ لَهُ : أَيْنَ أَبُوكَ ؟ قَالَ : سَمِعَ صَوْتَكَ فَدَخَلَ أَرِيكَةَ أُمِّي.
فَقُلْتُ : اخْرُجْ إِلَيَّ، فَقَدْ عَلِمْتُ أَيْنَ أَنْتَ. فَخَرَجَ، فَقُلْتُ : مَا حَمَلَكَ عَلَى أَنِ اخْتَبَأْتَ مِنِّي ؟ قَالَ : أَنَا وَاللَّهِ أُحَدِّثُكَ ثُمَّ لَا أَكْذِبُكَ، خَشِيتُ وَاللَّهِ أَنْ أُحَدِّثَكَ فَأَكْذِبَكَ، وَأَنْ أَعِدَكَ فَأُخْلِفَكَ، وَكُنْتَ صَاحِبَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكُنْتُ وَاللَّهِ مُعْسِرًا. قَالَ : قُلْتُ : آللَّهِ ؟ قَالَ : اللَّهِ. قُلْتُ : آللَّهِ ؟ قَالَ : اللَّهِ. قُلْتُ : آللَّهِ ؟ قَالَ : اللَّهِ. قَالَ : فَأَتَى بِصَحِيفَتِهِ فَمَحَاهَا بِيَدِهِ، فَقَالَ : إِنْ وَجَدْتَ قَضَاءً فَاقْضِنِي، وَإِلَّا أَنْتَ فِي حِلٍّ، فَأَشْهَدُ بَصَرُ عَيْنَيَّ هَاتَيْنِ - وَوَضَعَ إِصْبَعَيْهِ عَلَى عَيْنَيْهِ - وَسَمْعُ أُذُنَيَّ هَاتَيْنِ، وَوَعَاهُ قَلْبِي هَذَا - وَأَشَارَ إِلَى مَنَاطِ قَلْبِهِ - رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَقُولُ : " مَنْ أَنْظَرَ مُعْسِرًا أَوْ وَضَعَ عَنْهُ ؛ أَظَلَّهُ اللَّهُ فِي ظِلِّهِ ".
(... ) قَالَ : فَقُلْتُ لَهُ أَنَا : يَا عَمِّ، لَوْ أَنَّكَ أَخَذْتَ بُرْدَةَ غُلَامِكَ وَأَعْطَيْتَهُ مَعَافِرِيَّكَ، وَأَخَذْتَ مَعَافِرِيَّهُ وَأَعْطَيْتَهُ بُرْدَتَكَ، فَكَانَتْ عَلَيْكَ حُلَّةٌ، وَعَلَيْهِ حُلَّةٌ. فَمَسَحَ رَأْسِي وَقَالَ : اللَّهُمَّ بَارِكْ فِيهِ، يَا ابْنَ أَخِي، بَصَرُ عَيْنَيَّ هَاتَيْنِ، وَسَمْعُ أُذُنَيَّ هَاتَيْنِ، وَوَعَاهُ قَلْبِي هَذَا - وَأَشَارَ إِلَى مَنَاطِ قَلْبِهِ - رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَقُولُ : " أَطْعِمُوهُمْ مِمَّا تَأْكُلُونَ، وَأَلْبِسُوهُمْ مِمَّا تَلْبَسُونَ ". وَكَانَ أَنْ أَعْطَيْتُهُ مِنْ مَتَاعِ الدُّنْيَا أَهْوَنَ عَلَيَّ مِنْ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ حَسَنَاتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ.
(... ) ثُمَّ مَضَيْنَا حَتَّى أَتَيْنَا جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ فِي مَسْجِدِهِ، وَهُوَ يُصَلِّي فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ مُشْتَمِلًا بِهِ، فَتَخَطَّيْتُ الْقَوْمَ حَتَّى جَلَسْتُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ، فَقُلْتُ : يَرْحَمُكَ اللَّهُ، أَتُصَلِّي فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ وَرِدَاؤُكَ إِلَى جَنْبِكَ ؟ قَالَ : فَقَالَ بِيَدِهِ فِي صَدْرِي هَكَذَا، وَفَرَّقَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ وَقَوَّسَهَا : أَرَدْتُ أَنْ يَدْخُلَ عَلَيَّ الْأَحْمَقُ مِثْلُكَ، فَيَرَانِي كَيْفَ أَصْنَعُ، فَيَصْنَعُ مِثْلَهُ، أَتَانَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَسْجِدِنَا هَذَا، وَفِي يَدِهِ عُرْجُونُ ابْنِ طَابٍ ، فَرَأَى فِي قِبْلَةِ الْمَسْجِدِ نُخَامَةً فَحَكَّهَا بِالْعُرْجُونِ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْنَا، فَقَالَ : " أَيُّكُمْ يُحِبُّ أَنْ يُعْرِضَ اللَّهُ عَنْهُ ؟ " قَالَ : فَخَشَعْنَا ، ثُمَّ قَالَ : " أَيُّكُمْ يُحِبُّ أَنْ يُعْرِضَ اللَّهُ عَنْهُ ؟ " قَالَ : فَخَشَعْنَا، ثُمَّ قَالَ : " أَيُّكُمْ يُحِبُّ أَنْ يُعْرِضَ اللَّهُ عَنْهُ ؟ " قُلْنَا : لَا أَيُّنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ.
قَالَ : " فَإِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا قَامَ يُصَلِّي، فَإِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى قِبَلَ وَجْهِهِ، فَلَا يَبْصُقَنَّ قِبَلَ وَجْهِهِ، وَلَا عَنْ يَمِينِهِ، وَلْيَبْصُقْ عَنْ يَسَارِهِ تَحْتَ رِجْلِهِ الْيُسْرَى، فَإِنْ عَجِلَتْ بِهِ بَادِرَةٌ فَلْيَقُلْ بِثَوْبِهِ هَكَذَا ". ثُمَّ طَوَى ثَوْبَهُ بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ، فَقَالَ : " أَرُونِي عَبِيرًا ". فَقَامَ فَتًى مِنَ الْحَيِّ يَشْتَدُّ إِلَى أَهْلِهِ، فَجَاءَ بِخَلُوقٍ فِي رَاحَتِهِ، فَأَخَذَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَجَعَلَهُ عَلَى رَأْسِ الْعُرْجُونِ، ثُمَّ لَطَخَ بِهِ عَلَى أَثَرِ النُّخَامَةِ، فَقَالَ جَابِرٌ : فَمِنْ هُنَاكَ جَعَلْتُمُ الْخَلُوقَ فِي مَسَاجِدِكُمْ.
(... ) سِرْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَزْوَةِ بَطْنِ بُوَاطٍ، وَهُوَ يَطْلُبُ الْمَجْدِيَّ بْنَ عَمْرٍو الْجُهَنِيَّ، وَكَانَ النَّاضِحُ يَعْتَقِبُهُ مِنَّا الْخَمْسَةُ وَالسِّتَّةُ وَالسَّبْعَةُ، فَدَارَتْ عُقْبَةُ رَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ عَلَى نَاضِحٍ لَهُ، فَأَنَاخَهُ فَرَكِبَهُ، ثُمَّ بَعَثَهُ، فَتَلَدَّنَ عَلَيْهِ بَعْضَ التَّلَدُّنِ، فَقَالَ لَهُ : شَأْ ، لَعَنَكَ اللَّهُ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " مَنْ هَذَا اللَّاعِنُ بَعِيرَهُ ؟ " قَالَ : أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ : " انْزِلْ عَنْهُ، فَلَا تَصْحَبْنَا بِمَلْعُونٍ، لَا تَدْعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ، وَلَا تَدْعُوا عَلَى أَوْلَادِكُمْ، وَلَا تَدْعُوا عَلَى أَمْوَالِكُمْ ؛ لَا تُوَافِقُوا مِنَ اللَّهِ سَاعَةً يُسْأَلُ فِيهَا عَطَاءٌ، فَيَسْتَجِيبُ لَكُمْ ".
(... ) سِرْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى إِذَا كَانَتْ عُشَيْشِيَةٌ ، وَدَنَوْنَا مَاءً مِنْ مِيَاهِ الْعَرَبِ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " مَنْ رَجُلٌ يَتَقَدَّمُنَا فَيَمْدُرُ الْحَوْضَ، فَيَشْرَبُ وَيَسْقِينَا ؟ " قَالَ جَابِرٌ : فَقُمْتُ، فَقُلْتُ : هَذَا رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " أَيُّ رَجُلٍ مَعَ جَابِرٍ ؟ " فَقَامَ جَبَّارُ بْنُ صَخْرٍ، فَانْطَلَقْنَا إِلَى الْبِئْرِ، فَنَزَعْنَا فِي الْحَوْضِ سَجْلًا أَوْ سَجْلَيْنِ، ثُمَّ مَدَرْنَاهُ، ثُمَّ نَزَعْنَا فِيهِ حَتَّى أَفْهَقْنَاهُ ، فَكَانَ أَوَّلَ طَالِعٍ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ : " أَتَأْذَنَانِ ؟ " قُلْنَا : نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَأَشْرَعَ نَاقَتَهُ، فَشَرِبَتْ، شَنَقَ لَهَا فَشَجَتْ فَبَالَتْ، ثُمَّ عَدَلَ بِهَا فَأَنَاخَهَا، ثُمَّ جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْحَوْضِ فَتَوَضَّأَ مِنْهُ، ثُمَّ قُمْتُ فَتَوَضَّأْتُ مِنْ مُتَوَضَّأِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَذَهَبَ جَبَّارُ بْنُ صَخْرٍ يَقْضِي حَاجَتَهُ، فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيُصَلِّيَ، وَكَانَتْ عَلَيَّ بُرْدَةٌ، ذَهَبْتُ أَنْ أُخَالِفَ بَيْنَ طَرَفَيْهَا فَلَمْ تَبْلُغْ لِي، وَكَانَتْ لَهَا ذَبَاذِبُ فَنَكَّسْتُهَا، ثُمَّ خَالَفْتُ بَيْنَ طَرَفَيْهَا، ثُمَّ تَوَاقَصْتُ عَلَيْهَا، ثُمَّ جِئْتُ حَتَّى قُمْتُ عَنْ يَسَارِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَخَذَ بِيَدِي فَأَدَارَنِي حَتَّى أَقَامَنِي عَنْ يَمِينِهِ، ثُمَّ جَاءَ جَبَّارُ بْنُ صَخْرٍ فَتَوَضَّأَ، ثُمَّ جَاءَ فَقَامَ عَنْ يَسَارِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدَيْنَا جَمِيعًا فَدَفَعَنَا حَتَّى أَقَامَنَا خَلْفَهُ، فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرْمُقُنِي وَأَنَا لَا أَشْعُرُ، ثُمَّ فَطِنْتُ بِهِ، فَقَالَ هَكَذَا بِيَدِهِ، يَعْنِي شُدَّ وَسَطَكَ، فَلَمَّا فَرَغَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " يَا جَابِرُ ". قُلْتُ : لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ : " إِذَا كَانَ وَاسِعًا فَخَالِفْ بَيْنَ طَرَفَيْهِ، وَإِذَا كَانَ ضَيِّقًا فَاشْدُدْهُ عَلَى حَقْوِكَ ".
(... ) سِرْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَانَ قُوتُ كُلِّ رَجُلٍ مِنَّا فِي كُلِّ يَوْمٍ تَمْرَةً، فَكَانَ يَمَصُّهَا ثُمَّ يَصُرُّهَا فِي ثَوْبِهِ، وَكُنَّا نَخْتَبِطُ بِقِسِيِّنَا وَنَأْكُلُ، حَتَّى قَرِحَتْ أَشْدَاقُنَا، فَأُقْسِمُ أُخْطِئَهَا رَجُلٌ مِنَّا يَوْمًا، فَانْطَلَقْنَا بِهِ نَنْعَشُهُ ، فَشَهِدْنَا أَنَّهُ لَمْ يُعْطَهَا، فَأُعْطِيَهَا، فَقَامَ فَأَخَذَهَا.
(...
(... ) سِرْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَزْوَةِ بَطْنِ بُوَاطٍ، وَهُوَ يَطْلُبُ الْمَجْدِيَّ بْنَ عَمْرٍو الْجُهَنِيَّ، وَكَانَ النَّاضِحُ يَعْتَقِبُهُ مِنَّا الْخَمْسَةُ وَالسِّتَّةُ وَالسَّبْعَةُ، فَدَارَتْ عُقْبَةُ رَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ عَلَى نَاضِحٍ لَهُ، فَأَنَاخَهُ فَرَكِبَهُ، ثُمَّ بَعَثَهُ، فَتَلَدَّنَ عَلَيْهِ بَعْضَ التَّلَدُّنِ، فَقَالَ لَهُ : شَأْ ، لَعَنَكَ اللَّهُ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " مَنْ هَذَا اللَّاعِنُ بَعِيرَهُ ؟ " قَالَ : أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ : " انْزِلْ عَنْهُ، فَلَا تَصْحَبْنَا بِمَلْعُونٍ، لَا تَدْعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ، وَلَا تَدْعُوا عَلَى أَوْلَادِكُمْ، وَلَا تَدْعُوا عَلَى أَمْوَالِكُمْ ؛ لَا تُوَافِقُوا مِنَ اللَّهِ سَاعَةً يُسْأَلُ فِيهَا عَطَاءٌ، فَيَسْتَجِيبُ لَكُمْ ".
(... ) سِرْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى إِذَا كَانَتْ عُشَيْشِيَةٌ ، وَدَنَوْنَا مَاءً مِنْ مِيَاهِ الْعَرَبِ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " مَنْ رَجُلٌ يَتَقَدَّمُنَا فَيَمْدُرُ الْحَوْضَ، فَيَشْرَبُ وَيَسْقِينَا ؟ " قَالَ جَابِرٌ : فَقُمْتُ، فَقُلْتُ : هَذَا رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " أَيُّ رَجُلٍ مَعَ جَابِرٍ ؟ " فَقَامَ جَبَّارُ بْنُ صَخْرٍ، فَانْطَلَقْنَا إِلَى الْبِئْرِ، فَنَزَعْنَا فِي الْحَوْضِ سَجْلًا أَوْ سَجْلَيْنِ، ثُمَّ مَدَرْنَاهُ، ثُمَّ نَزَعْنَا فِيهِ حَتَّى أَفْهَقْنَاهُ ، فَكَانَ أَوَّلَ طَالِعٍ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ : " أَتَأْذَنَانِ ؟ " قُلْنَا : نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَأَشْرَعَ نَاقَتَهُ، فَشَرِبَتْ، شَنَقَ لَهَا فَشَجَتْ فَبَالَتْ، ثُمَّ عَدَلَ بِهَا فَأَنَاخَهَا، ثُمَّ جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْحَوْضِ فَتَوَضَّأَ مِنْهُ، ثُمَّ قُمْتُ فَتَوَضَّأْتُ مِنْ مُتَوَضَّأِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَذَهَبَ جَبَّارُ بْنُ صَخْرٍ يَقْضِي حَاجَتَهُ، فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيُصَلِّيَ، وَكَانَتْ عَلَيَّ بُرْدَةٌ، ذَهَبْتُ أَنْ أُخَالِفَ بَيْنَ طَرَفَيْهَا فَلَمْ تَبْلُغْ لِي، وَكَانَتْ لَهَا ذَبَاذِبُ فَنَكَّسْتُهَا، ثُمَّ خَالَفْتُ بَيْنَ طَرَفَيْهَا، ثُمَّ تَوَاقَصْتُ عَلَيْهَا، ثُمَّ جِئْتُ حَتَّى قُمْتُ عَنْ يَسَارِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَخَذَ بِيَدِي فَأَدَارَنِي حَتَّى أَقَامَنِي عَنْ يَمِينِهِ، ثُمَّ جَاءَ جَبَّارُ بْنُ صَخْرٍ فَتَوَضَّأَ، ثُمَّ جَاءَ فَقَامَ عَنْ يَسَارِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدَيْنَا جَمِيعًا فَدَفَعَنَا حَتَّى أَقَامَنَا خَلْفَهُ، فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرْمُقُنِي وَأَنَا لَا أَشْعُرُ، ثُمَّ فَطِنْتُ بِهِ، فَقَالَ هَكَذَا بِيَدِهِ، يَعْنِي شُدَّ وَسَطَكَ، فَلَمَّا فَرَغَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " يَا جَابِرُ ". قُلْتُ : لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ : " إِذَا كَانَ وَاسِعًا فَخَالِفْ بَيْنَ طَرَفَيْهِ، وَإِذَا كَانَ ضَيِّقًا فَاشْدُدْهُ عَلَى حَقْوِكَ ".
(... ) سِرْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَانَ قُوتُ كُلِّ رَجُلٍ مِنَّا فِي كُلِّ يَوْمٍ تَمْرَةً، فَكَانَ يَمَصُّهَا ثُمَّ يَصُرُّهَا فِي ثَوْبِهِ، وَكُنَّا نَخْتَبِطُ بِقِسِيِّنَا وَنَأْكُلُ، حَتَّى قَرِحَتْ أَشْدَاقُنَا، فَأُقْسِمُ أُخْطِئَهَا رَجُلٌ مِنَّا يَوْمًا، فَانْطَلَقْنَا بِهِ نَنْعَشُهُ ، فَشَهِدْنَا أَنَّهُ لَمْ يُعْطَهَا، فَأُعْطِيَهَا، فَقَامَ فَأَخَذَهَا.
(...
) سِرْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى نَزَلْنَا وَادِيًا أَفْيَحَ ، فَذَهَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْضِي حَاجَتَهُ فَاتَّبَعْتُهُ بِإِدَاوَةٍ مِنْ مَاءٍ، فَنَظَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ يَرَ شَيْئًا يَسْتَتِرُ بِهِ، فَإِذَا شَجَرَتَانِ بِشَاطِئِ الْوَادِي، فَانْطَلَقَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى إِحْدَاهُمَا، فَأَخَذَ بِغُصْنٍ مِنْ أَغْصَانِهَا، فَقَالَ : " انْقَادِي عَلَيَّ بِإِذْنِ اللَّهِ ". فَانْقَادَتْ مَعَهُ كَالْبَعِيرِ الْمَخْشُوشِ الَّذِي يُصَانِعُ قَائِدَهُ، حَتَّى أَتَى الشَّجَرَةَ الْأُخْرَى، فَأَخَذَ بِغُصْنٍ مِنْ أَغْصَانِهَا، فَقَالَ : " انْقَادِي عَلَيَّ بِإِذْنِ اللَّهِ ". فَانْقَادَتْ مَعَهُ كَذَلِكَ حَتَّى إِذَا كَانَ بِالْمَنْصَفِ مِمَّا بَيْنَهُمَا لَأَمَ بَيْنَهُمَا - يَعْنِي جَمَعَهُمَا - فَقَالَ : " الْتَئِمَا عَلَيَّ بِإِذْنِ اللَّهِ ". فَالْتَأَمَتَا، قَالَ جَابِرٌ : فَخَرَجْتُ أُحْضِرُ ؛ مَخَافَةَ أَنْ يُحِسَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقُرْبِي فَيَبْتَعِدَ - وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادٍ : فَيَتَبَعَّدَ - فَجَلَسْتُ أُحَدِّثُ نَفْسِي، فَحَانَتْ مِنِّي لَفْتَةٌ، فَإِذَا أَنَا بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُقْبِلًا، وَإِذَا الشَّجَرَتَانِ قَدِ افْتَرَقَتَا، فَقَامَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا عَلَى سَاقٍ، فَرَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَفَ وَقْفَةً، فَقَالَ بِرَأْسِهِ هَكَذَا - وَأَشَارَ أَبُو إِسْمَاعِيلَ بِرَأْسِهِ يَمِينًا وَشِمَالًا - ثُمَّ أَقْبَلَ، فَلَمَّا انْتَهَى إِلَيَّ قَالَ : " يَا جَابِرُ، هَلْ رَأَيْتَ مَقَامِي ؟ " قُلْتُ : نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ : " فَانْطَلِقْ إِلَى الشَّجَرَتَيْنِ، فَاقْطَعْ مِنْ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا غُصْنًا، فَأَقْبِلْ بِهِمَا، حَتَّى إِذَا قُمْتَ مَقَامِي، فَأَرْسِلْ غُصْنًا عَنْ يَمِينِكَ وَغُصْنًا عَنْ يَسَارِكَ ".
قَالَ جَابِرٌ : فَقُمْتُ فَأَخَذْتُ حَجَرًا فَكَسَرْتُهُ وَحَسَرْتُهُ فَانْذَلَقَ لِي، فَأَتَيْتُ الشَّجَرَتَيْنِ، فَقَطَعْتُ مِنْ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا غُصْنًا، ثُمَّ أَقْبَلْتُ أَجُرُّهُمَا، حَتَّى قُمْتُ مَقَامَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَرْسَلْتُ غُصْنًا عَنْ يَمِينِي وَغُصْنًا عَنْ يَسَارِي، ثُمَّ لَحِقْتُهُ، فَقُلْتُ : قَدْ فَعَلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَعَمَّ ذَاكَ ؟ قَالَ : " إِنِّي مَرَرْتُ بِقَبْرَيْنِ يُعَذَّبَانِ، فَأَحْبَبْتُ بِشَفَاعَتِي أَنْ يُرَفَّهَ عَنْهُمَا مَا دَامَ الْغُصْنَانِ رَطْبَيْنِ ".
(... ) قَالَ : فَأَتَيْنَا الْعَسْكَرَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " يَا جَابِرُ، نَادِ بِوَضُوءٍ ". فَقُلْتُ : أَلَا وَضُوءَ ؟ أَلَا وَضُوءَ ؟ أَلَا وَضُوءَ ؟ قَالَ : قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا وَجَدْتُ فِي الرَّكْبِ مِنْ قَطْرَةٍ.
وَكَانَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ يُبَرِّدُ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَاءَ فِي أَشْجَابٍ لَهُ عَلَى حِمَارَةٍ مِنْ جَرِيدٍ، قَالَ : فَقَالَ لِيَ : " انْطَلِقْ إِلَى فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ الْأَنْصَارِيِّ، فَانْظُرْ هَلْ فِي أَشْجَابِهِ مِنْ شَيْءٍ ؟ " قَالَ : فَانْطَلَقْتُ إِلَيْهِ، فَنَظَرْتُ فِيهَا، فَلَمْ أَجِدْ فِيهَا إِلَّا قَطْرَةً فِي عَزْلَاءِ شَجْبٍ مِنْهَا، لَوْ أَنِّي أُفْرِغُهُ لَشَرِبَهُ يَابِسُهُ، فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي لَمْ أَجِدْ فِيهَا إِلَّا قَطْرَةً فِي عَزْلَاءِ شَجْبٍ مِنْهَا، لَوْ أَنِّي أُفْرِغُهُ لَشَرِبَهُ يَابِسُهُ. قَالَ : " اذْهَبْ فَأْتِنِي بِهِ فَأَتَيْتُهُ بِهِ ".
فَأَخَذَهُ بِيَدِهِ، فَجَعَلَ يَتَكَلَّمُ بِشَيْءٍ لَا أَدْرِي مَا هُوَ، وَيَغْمِزُهُ بِيَدَيْهِ، ثُمَّ أَعْطَانِيهِ، فَقَالَ : " يَا جَابِرُ، نَادِ بِجَفْنَةٍ ".
فَقُلْتُ : يَا جَفْنَةَ الرَّكْبِ .
فَأُتِيتُ بِهَا تُحْمَلُ، فَوَضَعْتُهَا بَيْنَ يَدَيْهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِهِ فِي الْجَفْنَةِ هَكَذَا، فَبَسَطَهَا وَفَرَّقَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ، ثُمَّ وَضَعَهَا فِي قَعْرِ الْجَفْنَةِ، وَقَالَ : " خُذْ يَا جَابِرُ، فَصُبَّ عَلَيَّ، وَقُلْ : بِاسْمِ اللَّهِ ".
قَالَ جَابِرٌ : فَقُمْتُ فَأَخَذْتُ حَجَرًا فَكَسَرْتُهُ وَحَسَرْتُهُ فَانْذَلَقَ لِي، فَأَتَيْتُ الشَّجَرَتَيْنِ، فَقَطَعْتُ مِنْ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا غُصْنًا، ثُمَّ أَقْبَلْتُ أَجُرُّهُمَا، حَتَّى قُمْتُ مَقَامَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَرْسَلْتُ غُصْنًا عَنْ يَمِينِي وَغُصْنًا عَنْ يَسَارِي، ثُمَّ لَحِقْتُهُ، فَقُلْتُ : قَدْ فَعَلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَعَمَّ ذَاكَ ؟ قَالَ : " إِنِّي مَرَرْتُ بِقَبْرَيْنِ يُعَذَّبَانِ، فَأَحْبَبْتُ بِشَفَاعَتِي أَنْ يُرَفَّهَ عَنْهُمَا مَا دَامَ الْغُصْنَانِ رَطْبَيْنِ ".
(... ) قَالَ : فَأَتَيْنَا الْعَسْكَرَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " يَا جَابِرُ، نَادِ بِوَضُوءٍ ". فَقُلْتُ : أَلَا وَضُوءَ ؟ أَلَا وَضُوءَ ؟ أَلَا وَضُوءَ ؟ قَالَ : قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا وَجَدْتُ فِي الرَّكْبِ مِنْ قَطْرَةٍ.
وَكَانَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ يُبَرِّدُ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَاءَ فِي أَشْجَابٍ لَهُ عَلَى حِمَارَةٍ مِنْ جَرِيدٍ، قَالَ : فَقَالَ لِيَ : " انْطَلِقْ إِلَى فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ الْأَنْصَارِيِّ، فَانْظُرْ هَلْ فِي أَشْجَابِهِ مِنْ شَيْءٍ ؟ " قَالَ : فَانْطَلَقْتُ إِلَيْهِ، فَنَظَرْتُ فِيهَا، فَلَمْ أَجِدْ فِيهَا إِلَّا قَطْرَةً فِي عَزْلَاءِ شَجْبٍ مِنْهَا، لَوْ أَنِّي أُفْرِغُهُ لَشَرِبَهُ يَابِسُهُ، فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي لَمْ أَجِدْ فِيهَا إِلَّا قَطْرَةً فِي عَزْلَاءِ شَجْبٍ مِنْهَا، لَوْ أَنِّي أُفْرِغُهُ لَشَرِبَهُ يَابِسُهُ. قَالَ : " اذْهَبْ فَأْتِنِي بِهِ فَأَتَيْتُهُ بِهِ ".
فَأَخَذَهُ بِيَدِهِ، فَجَعَلَ يَتَكَلَّمُ بِشَيْءٍ لَا أَدْرِي مَا هُوَ، وَيَغْمِزُهُ بِيَدَيْهِ، ثُمَّ أَعْطَانِيهِ، فَقَالَ : " يَا جَابِرُ، نَادِ بِجَفْنَةٍ ".
فَقُلْتُ : يَا جَفْنَةَ الرَّكْبِ .
فَأُتِيتُ بِهَا تُحْمَلُ، فَوَضَعْتُهَا بَيْنَ يَدَيْهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِهِ فِي الْجَفْنَةِ هَكَذَا، فَبَسَطَهَا وَفَرَّقَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ، ثُمَّ وَضَعَهَا فِي قَعْرِ الْجَفْنَةِ، وَقَالَ : " خُذْ يَا جَابِرُ، فَصُبَّ عَلَيَّ، وَقُلْ : بِاسْمِ اللَّهِ ".
فَصَبَبْتُ عَلَيْهِ، وَقُلْتُ : بِاسْمِ اللَّهِ، فَرَأَيْتُ الْمَاءَ يَتَفَوَّرُ مِنْ بَيْنِ أَصَابِعِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ فَارَتِ الْجَفْنَةُ وَدَارَتْ حَتَّى امْتَلَأَتْ، فَقَالَ : " يَا جَابِرُ، نَادِ مَنْ كَانَ لَهُ حَاجَةٌ بِمَاءٍ ". قَالَ : فَأَتَى النَّاسُ، فَاسْتَقَوْا حَتَّى رَوُوا، قَالَ : فَقُلْتُ : هَلْ بَقِيَ أَحَدٌ لَهُ حَاجَةٌ ؟ فَرَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَهُ مِنَ الْجَفْنَةِ وَهِيَ مَلْأَى.
(... ) وَشَكَا النَّاسُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْجُوعَ، فَقَالَ : " عَسَى اللَّهُ أَنْ يُطْعِمَكُمْ ". فَأَتَيْنَا سِيفَ الْبَحْرِ ، فَزَخَرَ الْبَحْرُ زَخْرَةً، فَأَلْقَى دَابَّةً، فَأَوْرَيْنَا عَلَى شِقِّهَا النَّارَ، فَاطَّبَخْنَا وَاشْتَوَيْنَا، وَأَكَلْنَا حَتَّى شَبِعْنَا، قَالَ جابِرٌ : فَدَخَلْتُ أَنَا وَفُلَانٌ وَفُلَانٌ - حَتَّى عَدَّ خَمْسَةً - فِي حِجَاجِ عَيْنِهَا، مَا يَرَانَا أَحَدٌ، حَتَّى خَرَجْنَا، فَأَخَذْنَا ضِلَعًا مِنْ أَضْلَاعِهِ فَقَوَّسْنَاهُ، ثُمَّ دَعَوْنَا بِأَعْظَمِ رَجُلٍ فِي الرَّكْبِ، وَأَعْظَمِ جَمَلٍ فِي الرَّكْبِ، وَأَعْظَمِ كِفْلٍ فِي الرَّكْبِ، فَدَخَلَ تَحْتَهُ مَا يُطَأْطِئُ رَأْسَهُ.
(... ) وَشَكَا النَّاسُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْجُوعَ، فَقَالَ : " عَسَى اللَّهُ أَنْ يُطْعِمَكُمْ ". فَأَتَيْنَا سِيفَ الْبَحْرِ ، فَزَخَرَ الْبَحْرُ زَخْرَةً، فَأَلْقَى دَابَّةً، فَأَوْرَيْنَا عَلَى شِقِّهَا النَّارَ، فَاطَّبَخْنَا وَاشْتَوَيْنَا، وَأَكَلْنَا حَتَّى شَبِعْنَا، قَالَ جابِرٌ : فَدَخَلْتُ أَنَا وَفُلَانٌ وَفُلَانٌ - حَتَّى عَدَّ خَمْسَةً - فِي حِجَاجِ عَيْنِهَا، مَا يَرَانَا أَحَدٌ، حَتَّى خَرَجْنَا، فَأَخَذْنَا ضِلَعًا مِنْ أَضْلَاعِهِ فَقَوَّسْنَاهُ، ثُمَّ دَعَوْنَا بِأَعْظَمِ رَجُلٍ فِي الرَّكْبِ، وَأَعْظَمِ جَمَلٍ فِي الرَّكْبِ، وَأَعْظَمِ كِفْلٍ فِي الرَّكْبِ، فَدَخَلَ تَحْتَهُ مَا يُطَأْطِئُ رَأْسَهُ.
الاستكثار من الصلاة على النبي ﷺ معراج القلب إلى الملأ الأعلى، وباب التهيئة لتلقي الأنوار وتزكية النفس؛ فصلاة واحدة من ربنا جل و عزَّ على عبده، تحييه وتخرجه من الظلمات إلى النور، وتجعل قلبه في أمان الإيمان وعافية الاطمئنان.
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
يوم مات سيدنا الشيخ أسامة عبد العظيم رحمه الله تعالى، كتبت فقلت:
حسبُ المرء شرفًا وتوفيقًا أن يقيمه الملك تعالى في محراب الإقبال عليه، ويعينه على تلاوة كتابه مصليًا مخبتًا، وأن يكون إمامًا في بابه، مُسلَّمًا له في محرابه!
قد عرف غايته فلزمها، وترك القيل والقال، وصراعات الغبار والأغيار!
وقد قال العارفون: أعظم الكرامة لزوم الاستقامة!
فكيف بمن تتابعت عليه أنوار التوفيق، وأمارات العناية الإلهية، فختم كلام ربه في الصلوات المشهودة بالقيام الطويل أكثر من ألفي مرة!
وهذا والله هو الشرف والسؤدد!
رضي الله عن عبده ووليه سيدنا الدكتور أسامة عبد العظيم، وآنسه في قبره بأنوار تلاوته، وجعلها سُرجًا تضيء له الظلمات، ومصابيح قبول يوم لا ينفع مال ولا بنون، إلا من أتى الله بقلب سليم.
حسبُ المرء شرفًا وتوفيقًا أن يقيمه الملك تعالى في محراب الإقبال عليه، ويعينه على تلاوة كتابه مصليًا مخبتًا، وأن يكون إمامًا في بابه، مُسلَّمًا له في محرابه!
قد عرف غايته فلزمها، وترك القيل والقال، وصراعات الغبار والأغيار!
وقد قال العارفون: أعظم الكرامة لزوم الاستقامة!
فكيف بمن تتابعت عليه أنوار التوفيق، وأمارات العناية الإلهية، فختم كلام ربه في الصلوات المشهودة بالقيام الطويل أكثر من ألفي مرة!
وهذا والله هو الشرف والسؤدد!
رضي الله عن عبده ووليه سيدنا الدكتور أسامة عبد العظيم، وآنسه في قبره بأنوار تلاوته، وجعلها سُرجًا تضيء له الظلمات، ومصابيح قبول يوم لا ينفع مال ولا بنون، إلا من أتى الله بقلب سليم.
أنت محصول ما فيك من صدق، وإنما يكون وجودك الحق على قدر ما فيك من صدق!
الصدق مع الرحمة، وخفض الجناح، والإطراق بالضعف والذل بين يدي الله تعالى، هو ما يبقيك إنسانا!
الصدق عنوان هذا الدين العظيم: "والذي جاء بالصدق وصدَّق به".. وهو الغاية التي يسعى إليها كل أواب: " حتى يُكتبَ عند الله صِِّديقا".
وما الإنسان إلا ضعف يحاول، وقلب يرجو!
اللهم ربنا أدخلنا مُدخل صدق وأخرجنا مُخرج صدق واجعل لنا من لدنك سلطانًا نصيرا!
الصدق مع الرحمة، وخفض الجناح، والإطراق بالضعف والذل بين يدي الله تعالى، هو ما يبقيك إنسانا!
الصدق عنوان هذا الدين العظيم: "والذي جاء بالصدق وصدَّق به".. وهو الغاية التي يسعى إليها كل أواب: " حتى يُكتبَ عند الله صِِّديقا".
وما الإنسان إلا ضعف يحاول، وقلب يرجو!
اللهم ربنا أدخلنا مُدخل صدق وأخرجنا مُخرج صدق واجعل لنا من لدنك سلطانًا نصيرا!
Forwarded from أيوب الجهني (أيوب الجهني)
#فائدة
لا تسرعنَّ إلى إنكار ما لم تعرف، فرُبَّ أمرٍ أنكرَتْه نفسُك هو عند سواك كالنفَسِ المُرَتَدِّ، ولو تدبَّرْتَ لرأيتَ أنَّك تألَفُ أمورًا يستوحش منها غيرُك، ويُنكرها عليك من لم يَعْرِفْها معرفَتَك.
وقُلْ مثل هذا فيما تقف عليه من أقوال أهل العلم ومذاهبهم، وتخريجاتهم وتأويلاتهم، مما لا يستريح إليه إلا مَن سلَك مسالكَهم، فقد يذكرون ما يَدِقُّ عن خاطر الكثيف، ويَعْزُب عن عقل النَّزِق.
وما أحسن قول ابن جني -وقد ذكرَ تأويلًا قد يستنكره الأجنبيُّ عن مثله-: (وليست كل نفْسٍ تنطوي معك على هذا، ولا تُقَاوِدُك فيه. ومَن عرف أَنِسَ، ومن جهل استوحش).
لا تسرعنَّ إلى إنكار ما لم تعرف، فرُبَّ أمرٍ أنكرَتْه نفسُك هو عند سواك كالنفَسِ المُرَتَدِّ، ولو تدبَّرْتَ لرأيتَ أنَّك تألَفُ أمورًا يستوحش منها غيرُك، ويُنكرها عليك من لم يَعْرِفْها معرفَتَك.
وقُلْ مثل هذا فيما تقف عليه من أقوال أهل العلم ومذاهبهم، وتخريجاتهم وتأويلاتهم، مما لا يستريح إليه إلا مَن سلَك مسالكَهم، فقد يذكرون ما يَدِقُّ عن خاطر الكثيف، ويَعْزُب عن عقل النَّزِق.
وما أحسن قول ابن جني -وقد ذكرَ تأويلًا قد يستنكره الأجنبيُّ عن مثله-: (وليست كل نفْسٍ تنطوي معك على هذا، ولا تُقَاوِدُك فيه. ومَن عرف أَنِسَ، ومن جهل استوحش).
من شواهق الشعر!
وساخرةٍ مني ولكن تبينتْ
شمائلَ بسامٍ عِجالٍ رواحلُه!
قليلُ رقادِ العينِ ترَّاكُ بلدةٍٍ
إلى جوزِ أخرى لا تِبنُّ منازله*
أخو فلواتٍ صاحب الجن وانتحى
عن الإنس، حتى قد تقضت وسائله!
له نسب الإنسيِّ يُعْرَفُ نجرُهُ!
وللجنِّ منه شكله وشمائلُهْ
عبيد بن أيوب العنبري التميمي!
*أي: لا يطيل الإقامة بمكان.
وساخرةٍ مني ولكن تبينتْ
شمائلَ بسامٍ عِجالٍ رواحلُه!
قليلُ رقادِ العينِ ترَّاكُ بلدةٍٍ
إلى جوزِ أخرى لا تِبنُّ منازله*
أخو فلواتٍ صاحب الجن وانتحى
عن الإنس، حتى قد تقضت وسائله!
له نسب الإنسيِّ يُعْرَفُ نجرُهُ!
وللجنِّ منه شكله وشمائلُهْ
عبيد بن أيوب العنبري التميمي!
*أي: لا يطيل الإقامة بمكان.
Forwarded from نبع العلوم
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
• قال لي شيخنا الشيخ بشير أحمد صديق -رحمه الله وجزاه عنّي خيرًا- مرّاتٍ عديدة، آخرها وهو على فراش مرضه الذي توفّي فيه:
«إنّما أطمع بعد اثنتين وستين سنةً مِن إقراء القرآن في المسجد النبويّ وفي أربعين دولة رحلتُ إليها للإقراء أن يصفوَ لي طالبٌ واحدٌ أخلصتُ حقّ الإخلاص في إقرائه، وأخلص هو حقّ الإخلاص في القراءة عليّ؛ فأدخل به الجنة».
«إنّما أطمع بعد اثنتين وستين سنةً مِن إقراء القرآن في المسجد النبويّ وفي أربعين دولة رحلتُ إليها للإقراء أن يصفوَ لي طالبٌ واحدٌ أخلصتُ حقّ الإخلاص في إقرائه، وأخلص هو حقّ الإخلاص في القراءة عليّ؛ فأدخل به الجنة».
❁ علي العامري
" إنني معكما أسمع وأرى".
هكذا كان كلام ربنا جوابًا لخوف سيدنا الكليم وأخيه سيدنا هارون على نبينا وعليهما صلوات الله وسلامه!
المعية، واستحضار أنه تعالى يرى ويسمع، اطمئنان غامر في وحشة السير، وعثرات الطريق!
هكذا كان كلام ربنا جوابًا لخوف سيدنا الكليم وأخيه سيدنا هارون على نبينا وعليهما صلوات الله وسلامه!
المعية، واستحضار أنه تعالى يرى ويسمع، اطمئنان غامر في وحشة السير، وعثرات الطريق!
آثار الوراثة النبوية تبدو على صاحبها خلقا وسمتا، وصمتًا غالبًا إلا في خير، ورحمةً عامةً مع الرفق والصدق، ولين الجانب وخفض الجناح، والعزة بالحق، والدلالة عليه، والخلوص من شوائب النفس والأثرة والنظر في مراد الله تعالى والاستعانة به سبحانه وبحمده في التحقق به.
أما اللغو والثرثرة والانغماس في القيل والقال، فسعي في بيداء مظلمة وراء سراب لا يغيث صاحبه يوم يقوم الناس لرب العالمين.
أما اللغو والثرثرة والانغماس في القيل والقال، فسعي في بيداء مظلمة وراء سراب لا يغيث صاحبه يوم يقوم الناس لرب العالمين.
"وأنه (هو) أضحك وأبكى".
سبحان الذي له الملك كله وبيده الأمر كله، بعد ما يبلى كل ما في الإنسان؛ همًّا وغمًا، وتحاصره معاول الألم؛ إذا بفضله تعالى يحيي كل ما كان ميتًا، ويجدِّدُ كل ما كان باليا!
" (وهو) الذي يُنزِّل الغيث من بعد ما قنطوا وينشر رحمته وهو الولي الحميد".
وليُّنا المحمود في ولايته، المتصرف بإرادته ، لا نحصي ثناء عليه هو كما أثنى على نفسه!
سبحان الذي له الملك كله وبيده الأمر كله، بعد ما يبلى كل ما في الإنسان؛ همًّا وغمًا، وتحاصره معاول الألم؛ إذا بفضله تعالى يحيي كل ما كان ميتًا، ويجدِّدُ كل ما كان باليا!
" (وهو) الذي يُنزِّل الغيث من بعد ما قنطوا وينشر رحمته وهو الولي الحميد".
وليُّنا المحمود في ولايته، المتصرف بإرادته ، لا نحصي ثناء عليه هو كما أثنى على نفسه!
Forwarded from نبع العلوم
بسم الله الرحمن الرحيم
قد زار شيخنا محمد بن محمد المختار الشنقيطي حفظه الله عصر الاثنين ١٤٤٧/٤/١٤ أبناء شيخنا بشير رحمه الله وطلابه في بيت الشيخ رحمه الله، وقد عزّانا متأثرًا، وعزّيناه في شيخه.
وافتتح الكلام في المجلس عن العلماء، وأنّ الدين يُحفظ بهم، ثم تحدّث عن تعظيم العلماء وتقديرهم، وأنّهم آباء للطلاب، وأنّ منهم من يكون أكثر أبوّة لطلابه من آبائهم صلبًا، وأنّ من هؤلاء شيخنا الشيخ بشير رحمه الله، يشهد له بذلك كل من عرفه.
ثم ذكر أنّ بداية تعرّفه على الشيخ رحمه الله أنّ حلقة الشيخ بشير في المسجد النبوي في الروضة كانت بين حلقة والده الشيخ محمد المختار الشنقيطي، وحلقة الشيخ محمد الأمين الشنقيطي، قريبًا من حلقة الشيخ حسن الشاعر، وكانت بين والده والشيخ بشير محبة وودّ، ويقول: ما كانت تحين لي التفاتة للشيخ بشير وأنا أقرأ على أبي في درسه إلا ووجدته يتبسّم لي، وكان عمري إذ ذاك تسع سنوات، فأتى الشيخ بشير لأبي يومًا وقال له: اعطني ابنك أعلّمه التجويد والقرآن، يقول: فكنتُ أمرّ عليه فيعلّمني.
قال العامري: قال لي الشيخ بشير: إنما طلبتُ من أبيه إقراءه لأنّ صلاته كانت تعجبني، وكنت أقول إن عاش فسيكون عالمًا، وقد كان، ولم يكن يأذن لي بالغياب إلا لأجل درس الشيخ الشنقيطي في الحرم.
وأخبرتُ الشيخ حفظه الله أنّ الشيخ بشيرًا رحمه الله لم يكن يغيب عن حلقته إلا في إجازة العيدين فقط، ما دام في المدينة، بل قال لي يومًا: إني لأشعر بالمرض أحيانًا من الصباح إلى قبيل المغرب، فيعتريني نشاط مفاجئ حينها، فأذهب إلى الحلقة، ثم أرجع فيعاودني المرض، فقال الشيخ حفظه الله: هذا من بركة الله عليه بسبب القرآن، لا يقطعه الله عن موعد حلقته.
ثمّ ذكر الشيخ أنّ لوالده عناية بعلوم القرآن، وله نظر دقيق في مخارج الحروف والصفات لم يره عند أحد، وذكر أنّه يتقن علم الرسم، وأنّ الشيخ عبدالعزيز قارئ سأله مرّة عن مسألة فيه فأجابه بمنظومة في الرسم، وقال له: هذا علم لم يسألني عنه أحد في المدينة، وإنّي لأحفظ مثل هذه المنظومة عشر منظومات في الرسم فقط.
ثم أثنى الشيخ على أخلاق الشيخ بشير، وحسن استقباله للناس وللطلاب، وأنّه ما قدم عليه يومًا إلا ووقف له على كبر سِنّه، وتلقّاه بالبشر والترحيب، ثم تكلم الشيخ عن أخلاق صاحب القرآن في بيته وفي سوقه وفي مسجده.
ثمّ حدثتُه عن رحلات الشيخ العلمية، وأنّه زار أربعين دولة لإقراء سورة الفاتحة فقط، مع أنّه متخصص في القراءات؛ يدخل المساجد فيقرئ الأئمة، ويدخل المعاهد والمدارس فيقرئ المعلّمين، فأكبر الشيخ ذلك، وقال: هذا من عظيم فقهه؛ انظروا كم مرة يقرأ الإنسان سورة الفاتحة في اليوم، في صلواته المفروضة والنافلة؟! وكم سيقرئ هؤلاء الأئمة والمعلّمون من الطلاب؟! إنها أعداد لا تعَدّ، وأجور لا تُحصى.
ثمّ ذكرنا تعلّق الشيخ بشير رحمه الله بالمدينة، وأنّه يستودع الله نفسه قبل خروجه منها؛ لئلا يموت خارجها، ويستخير قبل السفر استخارة خاصة بهذا، وأنّه قد منّ الله عليه بالوفاة في المدينة، وأنّ جنازته دخلت المسجد النبوي في نفس ميعاد دخوله كل يوم، وأنّ وقت دفنه هو وقت حلقته، فعجب الشيخ من حسن توكّله على الله في هذا، ثم ذكر الشيخ طرفًا من أخبار محبّي المدينة من أهلها ومن المجاورين فيها، وممّا ذكر أنّ والده رحمه الله قد مرض قبل وفاته بسنتين فجسّ نبضه حكيم يوناني خبير بالطب القديم فقال له: لو زرتنا أسبوعًا واحدًا في اليونان نطبّبك؛ فإني أخشى عليك مِن نزيف متوقّع أرى الآن أسبابه، قال: فرفض الشيخ أشدّ الرفض وقال: أنا لا أخرج من المدينة، قال: فمات أبي من نزيف بعد ذلك بسنتين، وذكر أنّ رجلًا مصريًا خفيف الروح كان يحبّه، وكان ربّما همز رجله بعد الدرس إذا تعب الشيخ من كثرة الجلوس، فقال له مرة وهو يهمز له رجله: لو زرتنا في مصر يا شيخنا، قال المصري للشيخ محمد وهو يضحك: لو رأيت أباك كيف غضب ورفسني برجله وهو يقول: تريدني أن أخرج من المدينة؟! أنا لا أخرج من المدينة.
ثمّ أخبرته بما أخبرني به الشيخ بشير مراتٍ عديدة، آخرها وهو على فراش مرضه الذي توفّي فيه، أنّه قال: https://www.tg-me.com/nbao_n7/814
فتأثر الشيخ جدًّا وأعظم هذا، وقال: إنّ هذا لَمن توفيق الله عزّ وجلّ لمَن أمضى عمره مع كلامه عزّ وجلّ أن يوفقّه لهذه المعاني العظيمة، وإن هذا ملمح آخر من فقه الشيخ في الدين، ثمّ تكلّم بكلام جليل عن الإخلاص، وعن عظمة إفناء الشيخ بشير رحمه الله عمره في القرآن، وأنّ هذا من الولاية.
ثمّ حضّني الشيخ على كتابة سيرة الشيخ وتدوين أخباره وكلماته، وقال لي إن التراجم على ضربين:
ما رأيته بنفسك من الشيخ، وما رآه غيرك منه؛ فاحرص على كتابة الخبر وتفسير الراوي له، واحرص على أن ينتفع من سيرته العوامّ والعلماء والمتخصّصون في علوم القرآن.
ثم ختم المجلس بالدعاء للشيخ رحمه الله، ولأبنائه وطلابه، وللمسلمين أجمعين.
• علي العامري
https://youtu.be/Bn9KvTWmqWg?si=xYR8mIDMEq9hGS-l
قد زار شيخنا محمد بن محمد المختار الشنقيطي حفظه الله عصر الاثنين ١٤٤٧/٤/١٤ أبناء شيخنا بشير رحمه الله وطلابه في بيت الشيخ رحمه الله، وقد عزّانا متأثرًا، وعزّيناه في شيخه.
وافتتح الكلام في المجلس عن العلماء، وأنّ الدين يُحفظ بهم، ثم تحدّث عن تعظيم العلماء وتقديرهم، وأنّهم آباء للطلاب، وأنّ منهم من يكون أكثر أبوّة لطلابه من آبائهم صلبًا، وأنّ من هؤلاء شيخنا الشيخ بشير رحمه الله، يشهد له بذلك كل من عرفه.
ثم ذكر أنّ بداية تعرّفه على الشيخ رحمه الله أنّ حلقة الشيخ بشير في المسجد النبوي في الروضة كانت بين حلقة والده الشيخ محمد المختار الشنقيطي، وحلقة الشيخ محمد الأمين الشنقيطي، قريبًا من حلقة الشيخ حسن الشاعر، وكانت بين والده والشيخ بشير محبة وودّ، ويقول: ما كانت تحين لي التفاتة للشيخ بشير وأنا أقرأ على أبي في درسه إلا ووجدته يتبسّم لي، وكان عمري إذ ذاك تسع سنوات، فأتى الشيخ بشير لأبي يومًا وقال له: اعطني ابنك أعلّمه التجويد والقرآن، يقول: فكنتُ أمرّ عليه فيعلّمني.
قال العامري: قال لي الشيخ بشير: إنما طلبتُ من أبيه إقراءه لأنّ صلاته كانت تعجبني، وكنت أقول إن عاش فسيكون عالمًا، وقد كان، ولم يكن يأذن لي بالغياب إلا لأجل درس الشيخ الشنقيطي في الحرم.
وأخبرتُ الشيخ حفظه الله أنّ الشيخ بشيرًا رحمه الله لم يكن يغيب عن حلقته إلا في إجازة العيدين فقط، ما دام في المدينة، بل قال لي يومًا: إني لأشعر بالمرض أحيانًا من الصباح إلى قبيل المغرب، فيعتريني نشاط مفاجئ حينها، فأذهب إلى الحلقة، ثم أرجع فيعاودني المرض، فقال الشيخ حفظه الله: هذا من بركة الله عليه بسبب القرآن، لا يقطعه الله عن موعد حلقته.
ثمّ ذكر الشيخ أنّ لوالده عناية بعلوم القرآن، وله نظر دقيق في مخارج الحروف والصفات لم يره عند أحد، وذكر أنّه يتقن علم الرسم، وأنّ الشيخ عبدالعزيز قارئ سأله مرّة عن مسألة فيه فأجابه بمنظومة في الرسم، وقال له: هذا علم لم يسألني عنه أحد في المدينة، وإنّي لأحفظ مثل هذه المنظومة عشر منظومات في الرسم فقط.
ثم أثنى الشيخ على أخلاق الشيخ بشير، وحسن استقباله للناس وللطلاب، وأنّه ما قدم عليه يومًا إلا ووقف له على كبر سِنّه، وتلقّاه بالبشر والترحيب، ثم تكلم الشيخ عن أخلاق صاحب القرآن في بيته وفي سوقه وفي مسجده.
ثمّ حدثتُه عن رحلات الشيخ العلمية، وأنّه زار أربعين دولة لإقراء سورة الفاتحة فقط، مع أنّه متخصص في القراءات؛ يدخل المساجد فيقرئ الأئمة، ويدخل المعاهد والمدارس فيقرئ المعلّمين، فأكبر الشيخ ذلك، وقال: هذا من عظيم فقهه؛ انظروا كم مرة يقرأ الإنسان سورة الفاتحة في اليوم، في صلواته المفروضة والنافلة؟! وكم سيقرئ هؤلاء الأئمة والمعلّمون من الطلاب؟! إنها أعداد لا تعَدّ، وأجور لا تُحصى.
ثمّ ذكرنا تعلّق الشيخ بشير رحمه الله بالمدينة، وأنّه يستودع الله نفسه قبل خروجه منها؛ لئلا يموت خارجها، ويستخير قبل السفر استخارة خاصة بهذا، وأنّه قد منّ الله عليه بالوفاة في المدينة، وأنّ جنازته دخلت المسجد النبوي في نفس ميعاد دخوله كل يوم، وأنّ وقت دفنه هو وقت حلقته، فعجب الشيخ من حسن توكّله على الله في هذا، ثم ذكر الشيخ طرفًا من أخبار محبّي المدينة من أهلها ومن المجاورين فيها، وممّا ذكر أنّ والده رحمه الله قد مرض قبل وفاته بسنتين فجسّ نبضه حكيم يوناني خبير بالطب القديم فقال له: لو زرتنا أسبوعًا واحدًا في اليونان نطبّبك؛ فإني أخشى عليك مِن نزيف متوقّع أرى الآن أسبابه، قال: فرفض الشيخ أشدّ الرفض وقال: أنا لا أخرج من المدينة، قال: فمات أبي من نزيف بعد ذلك بسنتين، وذكر أنّ رجلًا مصريًا خفيف الروح كان يحبّه، وكان ربّما همز رجله بعد الدرس إذا تعب الشيخ من كثرة الجلوس، فقال له مرة وهو يهمز له رجله: لو زرتنا في مصر يا شيخنا، قال المصري للشيخ محمد وهو يضحك: لو رأيت أباك كيف غضب ورفسني برجله وهو يقول: تريدني أن أخرج من المدينة؟! أنا لا أخرج من المدينة.
ثمّ أخبرته بما أخبرني به الشيخ بشير مراتٍ عديدة، آخرها وهو على فراش مرضه الذي توفّي فيه، أنّه قال: https://www.tg-me.com/nbao_n7/814
فتأثر الشيخ جدًّا وأعظم هذا، وقال: إنّ هذا لَمن توفيق الله عزّ وجلّ لمَن أمضى عمره مع كلامه عزّ وجلّ أن يوفقّه لهذه المعاني العظيمة، وإن هذا ملمح آخر من فقه الشيخ في الدين، ثمّ تكلّم بكلام جليل عن الإخلاص، وعن عظمة إفناء الشيخ بشير رحمه الله عمره في القرآن، وأنّ هذا من الولاية.
ثمّ حضّني الشيخ على كتابة سيرة الشيخ وتدوين أخباره وكلماته، وقال لي إن التراجم على ضربين:
ما رأيته بنفسك من الشيخ، وما رآه غيرك منه؛ فاحرص على كتابة الخبر وتفسير الراوي له، واحرص على أن ينتفع من سيرته العوامّ والعلماء والمتخصّصون في علوم القرآن.
ثم ختم المجلس بالدعاء للشيخ رحمه الله، ولأبنائه وطلابه، وللمسلمين أجمعين.
• علي العامري
https://youtu.be/Bn9KvTWmqWg?si=xYR8mIDMEq9hGS-l
Forwarded from نبع العلوم
• مفتتَحُ سورة الأحزاب مفتاحُ هزيمة الأحزاب.
﴿یَـٰۤأَیُّهَا ٱلنَّبِیُّ ٱتَّقِ ٱللهَ وَلَا تُطِعِ ٱلۡكَـٰفِرِینَ وَٱلۡمُنَـٰفِقِینَۗ إِنَّ ٱللهَ كَانَ عَلِیمًا حَكِیمࣰا ١ وَٱتَّبِعۡ مَا یُوحَىٰۤ إِلَیۡكَ مِن رَّبِّكَۚ إِنَّ ٱللهَ كَانَ بِمَا تَعۡمَلُونَ خَبِیرࣰا ٢ وَتَوَكَّلۡ عَلَى ٱللهِ وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ وَكِیلࣰا ٣﴾.
• وكرّره سبحانه -بعد وصف الفاتحين وتزكيتهم، والخائنين وفضيحتهم- في وسط السورة لئلا يضيع ويُنسى:
﴿وَلَا تُطِعِ ٱلۡكَـٰفِرِینَ وَٱلۡمُنَـٰفِقِینَ وَدَعۡ أَذَاهُمۡ وَتَوَكَّلۡ عَلَى ٱللهِ وَكَفَىٰ بِٱللهِ وَكِیلࣰا ٤٨﴾
• ثم تهدّد المنافقين والذين في قلوبهم مرض والمرجفين بالنفي واللعن والقتل، وأنّ هذه سنة الله فيهم:
﴿۞ لَّىِٕن لَّمۡ یَنتَهِ ٱلۡمُنَـٰفِقُونَ وَٱلَّذِینَ فِی قُلُوبِهِم مَّرَضࣱ وَٱلۡمُرۡجِفُونَ فِی ٱلۡمَدِینَةِ لَنُغۡرِیَنَّكَ بِهِمۡ ثُمَّ لَا یُجَاوِرُونَكَ فِیهَاۤ إِلَّا قَلِیلࣰا ٦٠ مَّلۡعُونِینَۖ أَیۡنَمَا ثُقِفُوۤا۟ أُخِذُوا۟ وَقُتِّلُوا۟ تَقۡتِیلࣰا ٦١ سُنَّةَ ٱللَّهِ فِی ٱلَّذِینَ خَلَوۡا۟ مِن قَبۡلُۖ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ ٱللَّهِ تَبۡدِیلࣰا ٦٢﴾
• ثم ذكر دعاء ضعفاء الكافريـن والمنافقيـن على ساداتهم وكبرائهم ولعنهم إياهم؛ وهم كُلٌّ فيها، قبل ختم السورة:
﴿وَقَالُوا۟ رَبَّنَاۤ إِنَّاۤ أَطَعۡنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاۤءَنَا فَأَضَلُّونَا ٱلسَّبِیلَا۠ ٦٧ رَبَّنَاۤ ءَاتِهِمۡ ضِعۡفَیۡنِ مِنَ ٱلۡعَذَابِ وَٱلۡعَنۡهُمۡ لَعۡنࣰا كَبِیرࣰا ٦٨﴾
• وقد كان في النهي عن طاعتهم أَخّر ذِكرَ المنافقيـن مرّتين؛ لأنهم ذيل الكافريـن، ثم جمعهم معهم في الاسم حِين لعنهم -كما في سورة التوبة لمّا وعدهم النار ولعنهم- ثم قدّمهم في العذاب حين قرنهم مع المشركيـن؛ لأنهم في الدرك الأسفل من النار والعياذ بالله:
﴿لِّیُعَذِّبَ ٱللهُ ٱلۡمُنَـٰفِقِینَ وَٱلۡمُنَـٰفِقَـٰتِ وَٱلۡمُشۡـرِكِینَ وَٱلۡمُشۡرِكَـٰـتِ﴾
• وختم الله هذه السورة بالمغفرة والرحمة وأهلهما كأغلب خواتيم السور التي افتتحها بنداء نبيّه ﷺ:
﴿وَیَتُوبَ ٱللهُ عَلَى ٱلۡمُؤۡمِنِینَ وَٱلۡمُؤۡمِنَـٰتِۗ وَكَانَ ٱللهُ غَفُورࣰا رَّحِیمَۢا ٧٣﴾.
❁ نبع العلوم
﴿یَـٰۤأَیُّهَا ٱلنَّبِیُّ ٱتَّقِ ٱللهَ وَلَا تُطِعِ ٱلۡكَـٰفِرِینَ وَٱلۡمُنَـٰفِقِینَۗ إِنَّ ٱللهَ كَانَ عَلِیمًا حَكِیمࣰا ١ وَٱتَّبِعۡ مَا یُوحَىٰۤ إِلَیۡكَ مِن رَّبِّكَۚ إِنَّ ٱللهَ كَانَ بِمَا تَعۡمَلُونَ خَبِیرࣰا ٢ وَتَوَكَّلۡ عَلَى ٱللهِ وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ وَكِیلࣰا ٣﴾.
• وكرّره سبحانه -بعد وصف الفاتحين وتزكيتهم، والخائنين وفضيحتهم- في وسط السورة لئلا يضيع ويُنسى:
﴿وَلَا تُطِعِ ٱلۡكَـٰفِرِینَ وَٱلۡمُنَـٰفِقِینَ وَدَعۡ أَذَاهُمۡ وَتَوَكَّلۡ عَلَى ٱللهِ وَكَفَىٰ بِٱللهِ وَكِیلࣰا ٤٨﴾
• ثم تهدّد المنافقين والذين في قلوبهم مرض والمرجفين بالنفي واللعن والقتل، وأنّ هذه سنة الله فيهم:
﴿۞ لَّىِٕن لَّمۡ یَنتَهِ ٱلۡمُنَـٰفِقُونَ وَٱلَّذِینَ فِی قُلُوبِهِم مَّرَضࣱ وَٱلۡمُرۡجِفُونَ فِی ٱلۡمَدِینَةِ لَنُغۡرِیَنَّكَ بِهِمۡ ثُمَّ لَا یُجَاوِرُونَكَ فِیهَاۤ إِلَّا قَلِیلࣰا ٦٠ مَّلۡعُونِینَۖ أَیۡنَمَا ثُقِفُوۤا۟ أُخِذُوا۟ وَقُتِّلُوا۟ تَقۡتِیلࣰا ٦١ سُنَّةَ ٱللَّهِ فِی ٱلَّذِینَ خَلَوۡا۟ مِن قَبۡلُۖ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ ٱللَّهِ تَبۡدِیلࣰا ٦٢﴾
• ثم ذكر دعاء ضعفاء الكافريـن والمنافقيـن على ساداتهم وكبرائهم ولعنهم إياهم؛ وهم كُلٌّ فيها، قبل ختم السورة:
﴿وَقَالُوا۟ رَبَّنَاۤ إِنَّاۤ أَطَعۡنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاۤءَنَا فَأَضَلُّونَا ٱلسَّبِیلَا۠ ٦٧ رَبَّنَاۤ ءَاتِهِمۡ ضِعۡفَیۡنِ مِنَ ٱلۡعَذَابِ وَٱلۡعَنۡهُمۡ لَعۡنࣰا كَبِیرࣰا ٦٨﴾
• وقد كان في النهي عن طاعتهم أَخّر ذِكرَ المنافقيـن مرّتين؛ لأنهم ذيل الكافريـن، ثم جمعهم معهم في الاسم حِين لعنهم -كما في سورة التوبة لمّا وعدهم النار ولعنهم- ثم قدّمهم في العذاب حين قرنهم مع المشركيـن؛ لأنهم في الدرك الأسفل من النار والعياذ بالله:
﴿لِّیُعَذِّبَ ٱللهُ ٱلۡمُنَـٰفِقِینَ وَٱلۡمُنَـٰفِقَـٰتِ وَٱلۡمُشۡـرِكِینَ وَٱلۡمُشۡرِكَـٰـتِ﴾
• وختم الله هذه السورة بالمغفرة والرحمة وأهلهما كأغلب خواتيم السور التي افتتحها بنداء نبيّه ﷺ:
﴿وَیَتُوبَ ٱللهُ عَلَى ٱلۡمُؤۡمِنِینَ وَٱلۡمُؤۡمِنَـٰتِۗ وَكَانَ ٱللهُ غَفُورࣰا رَّحِیمَۢا ٧٣﴾.
❁ نبع العلوم
"فإن الله تعالى لا يتعاظمه شيءٌ أعطاه" سيدنا رسول الله إمام النبيين أبو القاسم ﷺ
..
ومن عرف الله تعالى وتدبر أسماءه وصفاته تبارك اسمه=تضاعف عند الضراعة يقينه، واستحضر سمع ربنا سبحانه وبحمده، وقدرته، وحياءه من سائله أن يردَّه، وقُربه من عبده، وكرمَه، وبرَّه وعفوه، وأنه الرب الملك الذي بيده ملكوت كل شيء، وأنه تعالى الكبير الذي هو أكبر من كل شيء، وشهده سبحانه يدبر الأمر، لا شريك له، ويُقيت السموات السبع والأرضين السبع ومن فيهن، وقد أحاط سمعه وبصره وعلمه كل ذلك لا يعزب عنه مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء!
فكان دعاؤه هرولةً في ميدان المعرفة بالله، وبابًا جليلًا إلى رسوخ الإيمان واليقين فيه.
اللهم هب لنا من فضلك وأعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك! وامنن علينا بعرفان الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذِكر الله!
..
ومن عرف الله تعالى وتدبر أسماءه وصفاته تبارك اسمه=تضاعف عند الضراعة يقينه، واستحضر سمع ربنا سبحانه وبحمده، وقدرته، وحياءه من سائله أن يردَّه، وقُربه من عبده، وكرمَه، وبرَّه وعفوه، وأنه الرب الملك الذي بيده ملكوت كل شيء، وأنه تعالى الكبير الذي هو أكبر من كل شيء، وشهده سبحانه يدبر الأمر، لا شريك له، ويُقيت السموات السبع والأرضين السبع ومن فيهن، وقد أحاط سمعه وبصره وعلمه كل ذلك لا يعزب عنه مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء!
فكان دعاؤه هرولةً في ميدان المعرفة بالله، وبابًا جليلًا إلى رسوخ الإيمان واليقين فيه.
اللهم هب لنا من فضلك وأعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك! وامنن علينا بعرفان الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذِكر الله!
العرفان أول عنوان له: الافتقار، والفراغ من رؤية المِلكة والخلوص من رؤية الأغيار والانغماس في أنوار " أشهد"!
فأنى لمن ذاق هذه الطريق، وعرف شرف النسبة أن يسجد لقبر، أو يصرخ طالبا الشفاء من مخلوق؟! وأول حرف في الطريق “أشهد”؟!
والسادة أخلص الناس سرا، وأعظمهم فراغًا من الأغيار وفرارًا من الخلق ومن حُجُب الرؤية" رؤية النفس والتراب وأبناء التراب"!
لكنَّ هذا العرفان لشرفه عزيز، والدعاوى فيه كثير، والناقد بصير، والرب يغار سبحانه!
فأنى لمن ذاق هذه الطريق، وعرف شرف النسبة أن يسجد لقبر، أو يصرخ طالبا الشفاء من مخلوق؟! وأول حرف في الطريق “أشهد”؟!
والسادة أخلص الناس سرا، وأعظمهم فراغًا من الأغيار وفرارًا من الخلق ومن حُجُب الرؤية" رؤية النفس والتراب وأبناء التراب"!
لكنَّ هذا العرفان لشرفه عزيز، والدعاوى فيه كثير، والناقد بصير، والرب يغار سبحانه!
Forwarded from تباريح معرفية
[من استدرك على غيره وعذره بكثرة الاشتغال بالطاعة!]
استدرك التقي السبكي (تـ756هـ) على الإمام النووي (تـ676هـ) عبارة اختصرها من كلام الرافعي (تـ623هـ) ثم اعتذر للنووي فقال:
"والشيخ محيي الدين رضي الله عنه لا يخفى عنه ذلك ولكن لم يتأمل لفظ (كل) التي في آخر الكلام... مع محبة الاختصار والشغل الكثير عليه في طاعة الله علما وعملا فهو معذور ولو فكر أدنى فكرة تنبه لذلك"
#أخلاق_الكبار
استدرك التقي السبكي (تـ756هـ) على الإمام النووي (تـ676هـ) عبارة اختصرها من كلام الرافعي (تـ623هـ) ثم اعتذر للنووي فقال:
"والشيخ محيي الدين رضي الله عنه لا يخفى عنه ذلك ولكن لم يتأمل لفظ (كل) التي في آخر الكلام... مع محبة الاختصار والشغل الكثير عليه في طاعة الله علما وعملا فهو معذور ولو فكر أدنى فكرة تنبه لذلك"
#أخلاق_الكبار