Telegram Web Link
لاتسقط الجمعة لو صادف العيد بيومها عند جماهير الفقهاء في عامة المذاهب الفقهية .
قال فقهاؤنا رضي الله عنهم :

صلاة الجمعة فرض عين على كل مسلم انطبقت عليه شروط وجوب الجمعة، ولذا إذا وافق أول أيام عيد الفطر أو عيد الأضحى يوم الجمعة، فيجب إقامة صلاة الجمعة ولا تسقط بصلاة العيد؛ لأن صلاة الجمعة فرض، وصلاة العيد سنة مؤكدة، والسنة لا تُسقط الفريضة ولا تجزئ عنها، وذلك لقول الله عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} الجمعة/9.
وقد حدث في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن وافق يومُ العيد يومَ الجمعة، فكان هدي النبي صلى الله عليه وسلم فيه أنه صلى الصلاتين، وخطب الخطبتين، ولم يترك الجمعة ولا العيد، وذلك أمر مشهور معروف في كتب السنة والحديث، وهو ما ذهب إليه جماهير فقهاء المسلمين من الحنفية والمالكية والشافعية ورواية عند الحنابلة.
وإنما رخص رسول الله صلى الله عليه وسلم في ترك الجمعة ذلك اليوم لأهل العوالي الذين بعدت منازلهم عن المسجد النبوي، ويشقّ عليهم الذهاب والإياب مرتين للصلاتين، فرخص لهم أن يصلوا الظهر في أحيائهم، وذلك في قوله صلى الله عليه وسلم: (قَدْ اجْتَمَعَ فِي يَوْمِكُمْ هَذَا عِيدَانِ؛ فَمَنْ شَاءَ أَجْزَأَهُ مِنْ الْجُمُعَةِ، وَإِنَّا مُجَمِّعُونَ) رواه أبو داود.
وقد حمل جمهور العلماء من الحنفية والمالكية والشافعية هذا الحديث على أنه واردٌ في حقّ من أتى لصلاة العيد من خارج المدينة المنورة؛ ممن لا تجب عليهم الجمعة ابتداءً؛ كونهم قاطنين خارج المدن والعمران، فهؤلاء إن انتظروا حتى يصلوا الجمعة كان في ذلك مشقة عليهم، وكذلك لو رجعوا إلى أهلهم ثم جاؤوا لصلاة الجمعة؛ فرخص لهم حينئذ في ترك الجمعة.
جاء في [مغني المحتاج 1/ 539]: "ولو وافق العيد يوم جمعة فحضر أهل القرية الذين يبلغهم النداء لصلاة العيد ولو رجعوا إلى أهلهم فاتتهم الجمعة فلهم الرجوع وترك الجمعة يومئذ على الأصح، فتستثنى هذه من إطلاق المصنف، نعم لو دخل وقتها قبل انصرافهم كأن دخل عقب سلامهم من العيد فالظاهر كما قال شيخنا أنه ليس لهم تركها".
وجاء في [البناية شرح الهداية 3/ 97]:"ثم المراد من اجتماع العيدين هاهنا اتفاق كون يوم الفطر أو يوم الأضحى في يوم الجمعة...، ولا يترك بواحد منهما: أي من العيد والجمعة، أما الجمعة فلأنها فريضة، وأما العيد فلأن تركها بدعة وضلال...، قوله: وإنما مجمعون، دليل على أن تركها لا يجوز، وإنما أطلق لهم رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وخيرهم عثمان، لأنهم كانوا أهل أبعد قرى المدينة، وإذا رجع أهل القرى قبل صلاة الجمعة لا بأس به".
🌙🌟
بمناسبة عيد الأضحى المبارك
أرسل إليكم أطيب التهاني وأجمل الأماني،
سائلًا المولى عز وجل أن يعيده علينا وعليكم
بالخير واليمن والبركات،
وأن يتقبل منا ومنكم صالح الأعمال،
ويجعل أيامكم كلها أفراح وسعادة.
عيدكم مبارك وكل عام وأنتم بخير
🕋🌹🐑
مَنْ قَالَ لَكَ إِنْ قُلْتَ وَاحِدَةً سَمِعْتَ عَشْراً، فَقُلْ إِنْ قُلْتَ عَشْراً لَمْ تَسْمَعْ وَاحِدَةً.
وَ مَنْ شَتَمَكَ فَقُلْ لَهُ إِنْ كُنْتَ صَادِقاً فِيمَا تَقُولُ فَأَسْأَلُ اللَّهَ أَنْ يَغْفِرَ لِي، وَ إِنْ كُنْتَ كَاذِباً فِيمَا تَقُولُ فَاللَّهَ أَسْأَلُ أَنْ يَغْفِرَ لَكَ.
وَ مَنْ وَعَدَكَ بِالْخَنَا فَعِدْهُ بِالنَّصِيحَةِ وَ الرِّعَاءِ.

الإمام جعفر الصادق رضي الله عنه
29 يونيو 2016 ·
قال الحافظ ابن حجر في الدرر الكامنة (1/144) في ترجمة ابن تيمية:
"أحمد بن عبد الحليم ولد سنة 661هـ، وتحوّل به أبوه من حرّان سنة 67 فسمع من ابن عبد الدائم والقاسم الإربلي والمسلم بن علان وابن أبي عمرو والفخر في ءاخرين وقرأ بنفسه.
وأوّل ما أنكروا عليه من مقالاته في شهر ربيع الأول سنة 698 قام عليه جماعة من الفقهاء بسبب الفتوى الحموية وبحثوا معه ومُنع من الكلام، ثم حضر مع القاضي إمام الدين القزويني فانتصر له وقال هو وأخوه جلال الدين: من قال عن الشيخ تقي الدين شيئًا عزرناه.
ثم طُلِب ثاني مرة في سنة 705 إلى مصر فتعصّب عليه بيبرس الجاشنكير وانتصر له سلار، ثم ءال أمره أن حبس في خزانة البنود مدة، ثم نقل في صفر سنة 709 إلى الإسكندرية، ثم أُفرج عنه وأُعيد إلى القاهرة، ثم أُعيد إلى الإسكندرية، ثم حضر الناصر من الكرك فأطلقه ووصل إلى دمشق في ءاخر سنة 712 وكان السبب في هذه المحنة أن مرسوم السلطان ورد على النائب بامتحانه في معتقده لما وقع إليه من أمور تنكر في ذلك، فعقد له مجلس في سابع رجب وسئل عن عقيدته فأملى منها شيئًا، ثم أحضروا العقيدة التي تُعرف بالواسطية فقرىء منها وبحثوا في مواضع، ثم اجتمعوا في ثاني عشرة وقرروا الصفي الهندي يبحث معه، ثم أخّروه وقدّموا الكمال الزملكاني، ثم انفصل الأمر على أنه شهد على نفسه أنه شافعي المعتقد، فأشاع أتباعه أنه انتصر، فغضب خصومه ورفعوا واحدًا من أتباع ابن تيمية إلى الجلال القزويني نائب الحكم بالعادلية فعزره، وكذا فعل الحنفي باثنين منهم.
ثم في ثاني عشري رجب قرأ المِزيُّ فصلاً من كتاب أفعال العباد للبخاري في الجامع فسمعه بعض الشافعية فغضبوا وقالوا نحن المقصودون بهذا ورفعوه إلى القاضي الشافعي فأمر بحبسه، فبلغ ابن تيمية فتوجه إلى الحبس فأخرجه بيده، فبلغ القاضي فطلع إلى القلعة فوافاه ابن تيمية فتشاجرا بحضرة النائب واشتط ابن تيمية على القاضي لكون نائبه جلال الدين ءاذى أصحابه في غيبة النائب، فأمر النائب من ينادي أن من تكلّم في العقائد فُعِل كذا به وقصد بذلك تسكين الفتنة، ثم عقد لهم مجلس في سلخ رجب، وجرى فيه بين ابن الزملكاني وابن الوكيل مباحثة فقال ابن الزملكاني لابن الوكيل: ما جرى على الشافعية قليل حتى تكون أنت رئيسهم، فظن القاضي نجم الدين بن صصرى أنه عناه فعزل نفسه وقام، فأعاده الأمراء وولاه النائب وحكم الحنفي بصحة الولاية ونفّذها المالكي، فرجع إلى منزله وعلم أن الولاية لم تصحّ، فصمّم على العزل فرسم النائب لنوّابه بالمباشرة إلى أن يرد أمر السلطان.
ثم وصل بريدي في أواخر شعبان بعوده، ثم وصل بريدي في خامس رمضان بطلب القاضي والشيخ وأن يرسلوا بصورة ما جرى للشيخ في سنة 698 ثم وصل مملوك النائب وأخبر أن الجاشنكير والقاضي المالكي قد قاما في الإنكار على الشيخ وأن الأمر اشتدّ بمصر على الحنابلة حتى صفع بعضهم. ثم توجه القاضي والشيخ إلى القاهرة ومعهما جماعة فوصلا في العشر الأخير من رمضان وعقد مجلس في ثالث عشر منه بعد صلاة الجمعة، فادعى على ابن تيمية عند المالكي، فقال هذا عدوي ولم يجب عن الدعوى فكرّر عليه فأصرّ، فحكم المالكي بحبسه فأُقيم من المجلس وحبس في برج، ثم بلغ المالكي أن الناس يترددون إليه فقال: يجب التضييق عليه إن لم يقتل وإلا فقد ثبت كفره، فنقلوه ليلة عيد الفطر إلى الجبّ، وعاد القاضي الشافعي إلى ولايته ونُودِيَ بدمشق من اعتقد عقيدة ابن تيمية حلّ دمه وماله خصوصًا الحنابلة، فنُودي بذلك وقُرىء المرسوم وقرأها ابن الشهاب محمود في الجامع. ثم جمعوا الحنابلة من الصالحية وغيرها وأشهدوا على أنفسهم أنهم على معتقد الإمام الشافعي.
وذكر ولد الشيخ جمال الدين بن الظاهري في كتاب كتَبَهُ لبعض معارفه بدمشق أن جميع من بمصر من القضاة والشيوخ والفقهاء والعلماء والعوام يحطون على ابن تيمية إلاّ الحنفي فإنه يتعصّب له وإلا الشافعي فإنه ساكت عنه، وكان من أعظم القائمين عليه الشيخ نصر المنبجي لأنه كان بلغ ابن تيمية أنه يتعصّب لابن العربي فكتب إليه كتابًا يعاتبه على ذلك. فما أعجبه لكونه بالغ في الحطّ على ابن العربي وتكفيره فصار هو يحطّ على ابن تيمية ويغري به بيبرس الجاشنكير، وكان بيبرس يفرط في محبة نصر ويعظمه، وقام القاضي زين الدين بن مخلوف قاضي المالكية مع الشيخ نصر وبالغ في أذية الحنابلة، واتّفق أن قاضي الحنابلة شرف الدين الحرّاني كان قليل البضاعة في العلم فبادر إلى إجابتهم في المعتقد واستكتبوه خطه بذلك، واتفق أن قاضي الحنفية بدمشق وهو شمس الدين ابن الحريري انتصر لابن تيمية وكتب في حقّه محضرًا بالثناء عليه بالعلم والفهم، وكتب فيه بخطه ثلاثة عشر سطرًا من جملتها أنه منذ ثلاثمائة سنة ما رأى الناس مثله فبلغ ذلك ابن مخلوف فسعى في عزل ابن الحريري فعزل وقرّر عوضه شمس الدين الأذرعي، ثم لم يلبث الأذرعي أن عزل في السنة المقبلة. وتعصب سلار لابن تيمية وأحضر القضاة الثلاثة الشافعي والمالكي والحنفي وتكلم معهم في إخراجه فاتفقوا على أنهم يشترطون فيه شروطًا وأن يرجع عن بعض العقيدة فأرسلوا إليه مرّات فامتنع من الحضور إليهم واستمر، ولم يزل ابن تيمية في الجبّ إلى أن شفع فيه مهنا أمير ءال فضل، فأخرج في ربيع الأول في الثالث وعشرين منه وأحضر إلى القلعة ووقع البحث مع بعض الفقهاء فكتب عليه محضر بأنه قال أنا أشعري. ثم وجد بخطه ما نصه: الذي اعتقد أن القرءان معنى قائم بذات الله وهو صفة من صفات ذاته القديمة وهو غير مخلوق وليس بحرف ولا صوت، وأن قوله: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى (5)} [سورة طه] ليس على ظاهره ولا أعلم كنه المراد به بل لا يعلمه إلا الله، والقول في النزول كالقول في الاستواء. وكتبه أحمد بن تيمية. ثم أشهدوا عليه أنه تاب مما ينافي ذلك مختارًا وذلك في خامس عشري ربيع الأوّل سنة 707، وشهد عليه بذلك جمع جمّ من العلماء وغيرهم وسكن الحال وأفرج عنه وسكن القاهرة.
ثم اجتمع جمع من الصوفيّة عند تاج الدين بن عطاء فطلعوا في العشر الأوسط من شوال إلى القلعة وشكوا من ابن تيمية أنه يتكلم في حقّ مشايخ الطريق وأنه قال لا يُستغاث بالنبي صلى الله عليه وسلم، فاقتضى الحال أن أمر بتسييره إلى الشام فتوجه على خيل البريديّ، وكل ذلك والقاضي زين الدين بن مخلوف مشتغل بنفسه بالمرض وقد أشرف على الموت، وبلغه سفر ابن تيمية فراسل النائب فردّه من بلبيس وادعى عليه عند ابن جماعة وشهد عليه شرف الدين ابن الصابوني، وقيل إن علاء الدين القونوي أيضًا شهد عليه فاعتقل بسجن بحارة الديلم في ثامن عشر شوال إلى سلخ صفر سنة 709، فنقل عنه أن جماعة يترددون إليه وأنه يتكلم عليهم في نحو ما تقدم، فأمر بنقله إلى الإسكندرية فنقل إليها في سلخ صفر وكان سفره صحبة أمير مقدم، ولم يمكن أحد من جهته من السفر معه وحبس ببرج شرقي. ثم توجه إليه بعض أصحابه فلم يمنعوا منه فتوجهت طائفة منهم بعد طائفة، وكان موضعه فسيحًا فصار الناس يدخلون إليه ويقرءون عليه ويبحثون معه قرأت ذلك في تاريخ البرزالي، فلم يزل إلى أن عاد الناصر إلى السلطنة فشفع فيه عنده، فأمر بإحضاره فاجتمع به في ثامن عشر شوال سنة تسع فأكرمه وجمع القضاة وأصلح بينه وبين القاضي المالكي، فاشترط المالكي أن لا يعود، فقال له السلطان قد تاب، وسكن القاهرة وتردد الناس إليه، إلى أن توجه صحبة الناصر إلى الشام بنية الغزاة في سنة 712 وذلك في شوال فوصل دمشق في مستهل ذي القعدة، فكانت مدة غيبته عنها أكثر من سبع سنين وتلقّاه جمع عظيم فرحًا بمقدمه، وكانت والدته إذ ذاك في قيد الحياة.
ثم قاموا عليه في شهر رمضان سنة 719 بسبب مسألة الطلاق وأكد عليه المنع من الفتيا، ثم عقد له مجلس ءاخر في رجب سنة عشرين، ثم حبس بالقلعة ثم أُخرج في عاشوراء سنة 721.
ثم قاموا عليه مرة أخرى في شعبان سنة 726 بسبب مسألة الزيارة واعتقل بالقلعة فلم يزل بها إلى أن مات في ليلة الاثنين والعشرين من ذي القعدة سنة 728" اهـ.
ثم قال :"وكان يتكلم على المنبر على طريقة المفسّرين مع الفقه والحديث فيورد في ساعة من الكتاب والسُّنّة واللُّغة والنظر ما لا يقدر أحد على أن يورده في عدة مجالس كأنّ هذه العلوم بين عينيه فيأخذ منها ما يشاء ويذر، ومن ثَمّ نسب أصحابه إلى الغلو فيه واقتضى له ذلك العجب بنفسه حتى زها على أبناء جنسه واستشعر أنه مجتهد فصار يرد على صغير العلماء وكبيرهم قويّهم وحديثهم حتى انتهى إلى عمر فخطّأه في شىء، فبلغ الشيخ إبراهيم الرَّقي فأنكر عليه فذهب إليه واعتذر واستغفر، وقال في حق عليّ أخطأ في سبعة عشر شيئًا خالف فيها نص الكتاب منها اعتداد المتوفى عنها زوجها أطول الأجلين. وكان لتعصبه لمذهب الحنابلة يقع في الأشاعرة حتى إنه سبّ الغزالي فقام عليه قوم كادوا يقتلونه.
ولما قدم غازان بجيوش التتر إلى الشام خرج إليه وكلّمه بكلام قوي، فهمّ بقتله ثم نجا، واشتهر أمره من يومئذ. واتفق أن الشيخ نصرًا المنبجي كان قد تقدّم في الدولة لاعتقاد بيبرس الجاشنكير فيه، فبلغه أن ابن تيمية يقع في ابن العربي لأنه كان يعتقد أنه مستقيم وأن الذي ينسب إليه من الاتحاد أو الإلحاد من قصور فهم من ينكر عليه، فأرسل ينكر عليه وكتب إليه كتابًا طويلاً ونسبه وأصحابه إلى الاتحاد الذي هو حقيقة الإلحاد، فعظم ذلك عليهم وأعانه عليه قوم ءاخرون ضبطوا عليه كلمات في العقائد مغيرة وقعت منه في مواعظه وفتاويه، فذكروا أنه ذكر حديث النزول فنزل عن المنبر درجتين فقال كنزولي هذا فنسب إلى التجسيم، وردّه على من توسّل بالنبي صلى الله عليه وسلم أو استغاث، فأشخص من دمشق في رمضان سنة خمس وسبعمائة فجرى عليه ما جرى وحبس مرارًا فأقام على ذلك نحو أربع سنين أو أكثر وهو مع ذلك يشتغل ويفتي، إلى أن اتّفق أن الشيخ نصرًا قام على الشيخ كريم الدين الآملي شيخ خانقاه سعيد السعداء فأخرجه من الخانقاه، وعلى شمس الدين الجزري فأخرجه من تدريس الشريفيّة، فيقال إن الآملي دخل الخلوة بمصر أربعين يومًا فلم يخرج حتى زالت دولة بيبرس وخمل ذكر نصر وأطلق ابن تيمية إلى الشام. وافترق الناس فيه شيعًا فمنهم من نسبه إلى التجسيم لما ذكر في العقيدة الحموية والواسطية وغيرهما من ذلك كقوله إن اليد والقدم والساق والوجه صفات حقيقيّة لله وإنه مستوٍ على العرش بذاته، فقيل له: يلزم من ذلك التحيّز والانقسام، فقال: أنا لا أسلّم أن التحيز والانقسام من خواص الأجسام، فألزم بأنه يقول بتحيّز في ذات الله. ومنهم من ينسبه إلى الزندقة لقوله إن النبي صلى الله عليه وسلم لا يُستغاث به وأن في ذلك تنقيصًا ومنعًا من تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم، وكان أشد الناس عليه في ذلك النور البكري فإنه لما عقد له المجلس بسبب ذلك قال بعض الحاضرين يعزر، فقال البكري: لا معنى لهذا القول فإنه إن كان تنقيصًا يقتل وإن لم يكن تنقيصًا لا يعزر. ومنهم من ينسبه إلى النفاق لقوله في عليّ ما تقدّم ولقوله: إنه كان مخذولاً حيثما توجه، وإنه حاول الخلافة مرارًا فلم ينلها وإنما قاتل للرياسة لا للديانة، ولقوله: إنه كان يحب الرياسة، وإن عثمان كان يحب المال، ولقوله: أبو بكر أسلم شيخًا لا يدري ما يقول وعليّ أسلم صبيّا والصبي لا يصح إسلامه على قول". انتهى كلام ابن حجر.
فتاوى تجاوزتها الدولة والشعب السعودي ، سوف تصبح تاريخا مضحكا للأجيال الآتية وتاريخا مؤلما لمن عاشه واصطلى بناره :
1-تحريم قيادة المرأة للسيارة .
2-تحريم تعيين المستشارات في مجلس الشورى .
3-منع تنظيم تزويج القاصرات .
4-تحريم كشف المرأة وجهها وكفيها عند أمنها على نفسها .
5-تحريم سفر المرأة بلا محرم حتى لو أمنت على نفسها .
6-تحريم الموسيقى مع عدم الاعتراف بسواغ الاختلاف فيها .
7-إطلاق القول بتحريم الاختلاط .
8-تحريم تهنئة غير المسلمين في أعيادهم .
9-منع إعطاء المبتدع المسلم حقوقه في الأخوة الإسلامية .
10-منع المحبة الطبيعية للكافر (كمحبة من أحسن إليك منهم)، إلى درجة الاتهام بالكفر.
11-تكفير تارك الصلاة بغير جحود (تهاونا وكسلا)، والتشنيع على قول الجمهور.
12-القول المطلق بتكفير من شك في كفر من كفروه من أهل الشهادتين .
13-تكفير الاستعانة بالكافر ضد المسلم مطلقا .
14-تكفير الشيعة الإمامية على الأعيان (بالجملة أو بالتفصيل).
15-تحريم إنتاج مسلسل طاش ما طاش وتحريم مشاهدته .
16-تحريم الجوال بكاميرا .
17-محاربة تأنيث محلات بيع مستلزمات النساء ، قبل السماح به وبغيره .
18-القطع بتحريم حلق اللحية رغم وجود الاختلاف المعتبر ، بل تحريم الأخذ من اللحية فيما تجاوز القبضة .
19- القطع بتحريم إسبال اللباس للرجال بما يتجاوز الكعبين ، ولو بغير مخيلة .
20- إطلاق القول بتحريم النمص للنساء ، حتى لو كان بغرض التزين للزوج .
21- إطلاق تحريم التصوير ، ذهب أدراج الريح مع التصوير في الجوالات .
22- القطع بوجوب صلاة الجماعة في المسجد خلافا للأئمة الأربعة : أبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد . وإجبار حتى الصيدليات ومحطات البنزين في كل مكان على الإغلاق وقت صلاة المساجد .
23- تحريم التليغراف والراديو والتليفزيون .
24- منع فتح مدارس البنات ووصف من يسمح بذهاب ابنته للمدرسة بالدياثة .
وغيرها كثير .
منشور قديم متجدد

https://www.facebook.com/share/1BvKSddUiZ/?mibextid=wwXIfr
في ترجمة أبي المواهب الشاذلي من الطبقات للإمام الشعراني،وفيها فوائد جمة:
"وكان رضي الله عنه يقول:
*انقطعت عني رؤية رسول الله ﷺ مدة،فحصل لي غم بذلك، فتوجهت بقلبي إلى شيخي ليشفع لي عند رسول الله ﷺ، فحضر عنده رسول الله ﷺ، فقال:ها أنا. فنظرت فلم أره، فقلت: مارأيته،*
*فقال عليه الصلاة والسلام: سبحان الله غلبت عليه الظلمة، وكنت قد اشتغلت بقراءة جماعة في الفقه، ووقع بيني وبينهم جدال في إدحاض حجج بعض العلماء، فتركت الاشتغال بالفقه، فرأيته، فقلت: يارسول الله، إن الفقه من شريعتك! فقال: بلى، ولكن يحتاج إلى أدب مع الأئمة "*
ابن عثيمين[ مخالفا السلف] يثبت الهرولة الحقيقة لله سبحانه [أي حلول الله في كل مكان]
ويصرح: ١. أن معناها المشي بسرعة ٢. وأن تفسيرها بالرحمة مثلا تحريف
ــــ
ولأن المشي: الانتقال من مكان لآخر
فالهرولة: الانتقال من مكان لآخر بسرعة
وعليه يلزم من الهرولة الحقيقة
١. اعتقاد حلول ذات الله في الأماكن
٢. الانتقال من مكان لآخر
٣. التغير
ولأن العباد تتقرب إلى الله في جميع أنحاء الأرض
٤. فيلزم اعتقاد هرولة الله عندهم إلى جميع أنحاء الأرض
٥. واعتقاد حلول الله في جميع أنحاء العالم
٦. ونتيجة اعتقاد الهرولة الحقيقة أن الله في كل مكان على الحقيقة
-----
ونذكر بعض أقوال السلف في تأويل الهرولة [الذين خالفهم الوهابية الزاعمين الانتساب للسلف زورًا]:
قال الإمام سليمان بن مهران المعروف بالأعمش المتوفى ١٤٧هـ : «من تقرب مني شبرا تقربت منه ذراعا، يعني: بالمغفرة والرحمة»
فلم يقل الإمام الأعمش وهو الإمام المقدم: إن التقرب على ظاهره، بل حمله على محمل مجازي مشهور لا يخفى على مستبصر بالعربية.
ـــ
وقال الإمام أبو محمد ابن قتيبة الدينوري المتوفى ٢٧٦هـ : ونحن نقول: إن هذا تمثيل وتشبيه، وإنما أراد: من أتاني مسرعًا بالطاعة، أتيته بالثواب أسرع من إتيانه، فكنى عن ذلك بالمشي وبالهرولة.
ـــ
وقال الإمام أبو عيسى الترمذي المتوفى ۲۷۹هـ : «قالوا : إنما معناه يقول: إذا تقرب إلي العبد بطاعتي وبما أمرت تسارع إليه مغفرتي ورحمتي.
--
وقال الإمام أبو بكر البزار المتوفى ۲۹۲هـ :
وَمَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ يَقُولُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: إِذَا تَقَرَّبَ الْعَبْدُ مِنِّي شِبْرًا مِنَ الطَّاعَةِ تَقَرَّبْتُ مِنْهُ ذِرَاعًا مِنَ الْقَبُولِ، فَإِذَا تَقَرَّبَ ذِرَاعًا تَقَرَّبْتُ بَاعًا، وَإِذَا أَتَانِي يَمْشِي أَتَيْتُهُ هَرْوَلَةً يَقُولُ: قَبِلْتُ مِنْهُ).
---------------
--------------
أقوال بعض علماء أهل السنة:
وقال الإمام ابن حبان المتوفى ٣٥٤هـ: «اللَّهُ أَجَلُّ وَأَعْلَى مِنْ أَنْ يُنْسَبَ إِلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ صِفَاتِ الْمَخْلُوقِ، إِذْ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ، وَهَذِهِ أَلْفَاظٌ خَرَجَتْ مِنْ أَلْفَاظِ التَّعَارُفِ عَلَى حَسَبِ مَا يَتَعَارَفُهُ النَّاسُ مِمَّا بَيْنَهُمْ... وَمَنْ أَتَى فِي أَنْوَاعِ الطَّاعَاتِ بِالسُّرْعَةِ كَالْمُشْيِ، أَتَتْهُ أَنْوَاعُ الْوَسَائِلِ وَوُجُودُ الرَّأْفَةِ وَالرَّحْمَةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِالسُّرْعَةِ كَالْهُرْ وَلَةِ».
وقال الإمام أبو الحسن ابن بطال المتوفى ٤٤٩هـ : التقرب والإتيان والمشي والهرولة محتملة للحقيقة والمجاز، وحملها على الحقيقة يقتضي قطع المسافات وتواتي الأجسام، وذلك لا يليق بالله تعالى، فاستحال حملها على الحقيقة، ووجب حملها على المجاز؛ لشهرة ذلك في كلام العرب».
وقال الإمام أبو بكر البيهقي المتوفى ٤٥٨ه : «إِنَّمَا هَذَا عِنْدَنَا عَلَى الْإِجَابَةِ »
وقال محيي السنة الإمام البغوي المتوفى ٥١٦ه : رُوِيَ عن الأعمش في تفسيره، قال: تقربت منه ذراعًا، يعني بالمغفرة والرحمة، وكذلك قال بعض أهل العلم: إن معناه: إذا تقرب إلي العبد بطاعتي واتباع أمري تتسارع إليه مغفرتي ورحمتي
. وقال الإمام أبو عبد الله المازري المتوفى ٥٣٦ه : وَقَوله : «وإن أتاني يمشي أتيته هرولة فمجاز كله، وإنما هو تمثيل بالمحسوسات، وتفاوتها في الإسراع والدنو، فإنما المراد أن من دنا مني بالطاعة دنوت منه بالإثابة»
وقال شيخ الإسلام الإمام النووي المتوفى ٦٧٦هـ : هذا الحديث من أحاديث الصفات، ويستحيل إرادة ظاهره، وقد سبق الكلام في أحاديث الصفات مرات ومعناه من تقرب إلى بطاعتي تقربت إليه برحمتي والتوفيق والإعانة، وإن زاد زدت فإن أتاني يمشي وأسرع في طاعتي أتيته هرولة، أي: صببت عليه الرحمة وسبقته بها »
وقال شيخ الإسلام الحافظ ابن حجر المتوفى ٨٥٢هـ :
ولفظ القرب والهرولة مجاز على سبيل المشاكلة أو الاستعارة أو إرادة لوازمها»
ــــ
ثم يقول د. إبراهيم المرشدي:
ويمكن أن أنقل أضعاف ذلك بما لا يكاد ينحصر عن أئمة الإسلام وحفاظه منذ عهد التابعين، وجميعهم ينفي عن الله تعالى الهرولة على ظاهرها، لأن الظاهر تجسيم وتشبيه لا يليق بالخالق جَلَّ جَلَالُهُ، ويفهمها السلف والأئمة على وفق قواعد اللغة من
معرفة المجاز والكناية. ولا أدري أين إجماع السلف الذي صار يُلاك في ألسنة الوهابية، فينسبون إلى
السلف ما هم منه براء ؟! والله أسأل أن يتوبوا إلى رشدهم، وأن يحفظوا حق أئمة العلم ومناهجهم، والله
هو الهادي إلى الصراط المستقيم، وهو حسبي ونعم الوكيل.
عن الإمام أبي الحسن الأشعري بقلم: القاضي عياض
«صنّف [أبو الحسن الأشعري] لأهل السنة التصانيف، وأقام الحجج على إثبات السنة، وما نفاه أهل البدع من صفات الله تعالى ورؤيته وقدم كلامه وقدرته، وأمور السمع الواردة من الصراط والميزان والشفاعة والحوض وفتنة القبر التي نفت المعتزلة، وغير ذلك من مذاهب أهل السنة والحديث، فأقام الحجج الواضحة عليها من الكتاب والسنة والدلائل الواضحة العقلية، ودفع شبه المبتدعة ومن بعدهم من الملحدة والرافضة، وصنف في ذلك التصانيف المبسوطة التي نفع الله بها الأمة، وناظر المعتزلة، وكان يقصدهم بنفسه للمناظرة.
وكُلِّم في ذلك، وقيل له: كيف تخالط أهل البدع وقد أُمِرت بهجرهم؟ - وكان أمرهم في ذلك الوقت شائعا، وكلمتهم غالبة - ، فقال: هم أهل الرياسة، وفيهم الوالي والقاضي، فهم لرياستهم لا ينزلون إليّ، فإن لم نسر إليهم فكيف يظهر الحق ويُعلم أن لأهله ناصرا بالحجة؟
وكان أكثر مناظرته مع الجبائي المعتزلي، وله في الظهور عليه مجالس كثيرة. وله مجلس كبير مشهود في مناظرة الأمير بالبصرة- ابن وفاء- في مسألة الإمامة، ظهر فيه علمه وتفننه.
فلما كثرت تواليفه، وانتُفع بقوله، وظهر لأهل الحديث والفقه ذبُّه عن السنن والدين، تعلَّقَ بكتبه أهل السنة، وأخذوا عنه، ودرسوا عليه، وتفقهوا في طريقه، وكثر طلبته وأتباعه لتعلُّم تلك الطرق في الذب عن السنة، وبسط الحجج والأدلة في نصر الملة، فسُمُّوا باسمه، وتلاهم أتباعهم وطلبتهم، فعُرفوا بذلك، وإنما كانوا يُعرَفون قبل ذلك بالمثبِتة، سمة عرفتهم بها المعتزلة، إذ أثبتوا من السنة والشرع ما نفوه.
فبهذه السمة أولا كان يعرف أئمة الذب عن السنة من أهل الحديث، كالمحاسبي، وابن كلاب، وعبد العزيز بن عبد الملك المكي، والكرابيسي إلى أن جاء أبو الحسن، وأشهرَ نفسه، فنسبَ طلبتَه والمتفقهة عليه في علمه بنسبه، كما نسب أصحاب الشافعي إلى نسبه، وأصحاب مالك وأبي حنيفة وغيرهم من الأئمة إلى أسماء أئمتهم، الذين درسوا كتبهم، وتفقهوا بطرقهم في الشريعة، وهم لم يحدثوا فيها ما ليس منها.
فكذلك أبو الحسن، فأهل السنة من أهل المشرق والمغرب بِحُججه يحتجُّون وعلى مناهجه يذهَبون، وقد أثنى عليه غير واحد منهم، وأثنوا على مذهبه وطريقه... ».

[من كتاب : ترتيب المدارك وتقريب المسالك لمعرفة أعلام مذهب مالك- تأليف: القاضي عياض السبتي – تحقيق: الدكتور علي عمر- طبعة: دار الأمان – الرباط/ الناشر: مكتبة الثقافة الدينية- الطبعة الأولى/2009 – ج2 – ص:524/525/526]

للمتابعة :
https://ⓣelegram.me/ahlussonna
الأشاعرة شموس الأرض ونجوم السماء

الأشاعرة شموس الأرض ونجوم السماء الأشاعرة: لقبٌ يطلق على أهل السنة أتباع الإمام أبي الحسن الأشعري في طريقة استدلاله، وهنا سؤال يفرض نفسه، إذا كانت هذه الفرقة تتبع السلف الصالح أهل السنة والجماعة، فلماذا تُنسب إلى الأمام الأشعري؟؟
والجواب: إن نسبتهم إلى هذا الإمام لكونه نهض لنصرة عقائد السلف بالنقل والعقل على وجه لم يُسبق إليه، فهي نسبة اشتهار، كما أننا نقول قراءة عاصم، وقراءة نافع، ونسبة هذه القراءات إليهم لا يعني أنهم اخترعوها، ولكن لتصديهم لجمعها وتدريسها والاعتناء بها، نسبت إليهم. وكما نقول: مذهب مالك ومذهب الشافعي ومذهب أبي حنيفة ومذهب أحمد، ولا تعني هذه النسبة أن مذاهبهم مقطوعة الصلة عن الصحابة والتابعين. قال الإمام تاج الدين السبكي في طبقات الشافعية الكبرى: (فالانتساب إليه إنما هو باعتبار أنه عقد على طريق السلف نطاقا وتمسك به وأقام الحجج والبراهين عليه، فصار الـْمُقْتَدِي به في ذلك؛ السالك سبيله في الدلائل يسمى أشعرياً).
وتأمل معي كلام الإمام الحافظ الفقيه البيهقي فقد قال: (إلى أن بلغت النوبة إلى شيخنا أبي الحسن الأشعري فلم يحدث في دين الله حدثًا ولم يأت فيه ببدعة، بل أخذ أقاويل الصحابة والتابعين ومن بعدهم من الأئمة في أصول الدين فنصرها بزيادة شرح وتبيين). ولحسن احتجاج الإمام الأشعري لعقائد السلف فقد سلك طريقته في الاستدلال أكابر العلماء والفقهاء والحفاظ من أمثال أبي بكر الإسماعيلي والبيهقي، وابن حبان صاحب الصحيح، وابن عساكر الدمشقي، والنووي، والقرطبي، وابن حجر العسقلاني، والإمام فخر الدين الرازي وابن دقيق العيد، وغيرهم. وإجمالاً فأتباعه هم سواد الأمة، قال الإمام تاج الدين عبد الوهاب السبكي في طبقات الشافعية الكبرى: (الشافعية والمالكية والحنفية وفضلاء الحنابلة أشعريون، هذه عبارة ابن عبد السلام شيخ الشافعية، وابن الحاجب شيخ المالكية، والحصيري شيخ الحنفية، ومن كلام ابن عساكر حافظ هذه الأمة الثقة الثبت: هل من الفقهاء الحنفية والمالكية والشافعية إلا موافق الأشعري). ولقب (الأشاعرة) اليوم في بعض البلاد أصبح لقباً يدل على الابتداع، حتى إنك لتسمع من البعض الاستعاذة والحوقلة والحسبلة، حين يقال فلان أشعري، ويتسارع إلى ذهنه بحسب ما تلقى من تعبئة خاطئة تعطيل الصفات، وتقديم العقل على النقل، والبدعة والخرافة، إلى آخر تلك التهم التي يوجهها من لم يعرف هذا المذهب السني العميق. وأذكر في مرة أنَّ أحدهم قدح في الأشاعرة، فقلت له: هل تعرف من هم الأشاعرة؟؟ فقال نعم: هم طائفة من المبتدعة. فقلت له: على رسلك، تعال معي، ودخلت به إلى مكتبة كبيرة واسعة، فبدأت به في صف كتب التفسير، وقلت له هذا تفسير البغوي الشافعي وهذا تفسير القرطبي المالكي، وهذا تفسير ابن عطية المالكي، وهذا تفسير ابن كثير الشافعي، وهذا تفسير السمعاني، وهذا تفسير الرازي، وهذا تفسير البيضاوي، وهذا وهذا حتى مضيت به على الصف كله، ثم قلت له: كل هؤلاء أشاعرة. ثم انتقلت به إلى كتب الحديث النبوي وشروحه، فهذا البيهقي صاحب السنن وشعب الإيمان، وهذا ابن حبان صاحب الصحيح، وهذا الإمام الحاكم صاحب المستدرك، وهذه شروح الحديث النبوي: فهذا شرح ابن بطال المالكي لصحيح البخاري، وهذا فتح الباري شرح صحيح البخاري لابن حجر العسقلاني الشافعي، وهذا شرح صحيح مسلم للإمام النووي الشافعي، وهذا وهذا، حتى مضيت به على معظم شروح الحديث، ثم قلت له: كل هؤلاء أشاعرة.
وهكذا كتب أصول الفقه وكتب مصطلح الحديث، وكتب البلاغة وكتب النحو، حتى أتينا على معظم المكتبة، فهل هؤلاء الذين نصروا سنة النبي صلى الله عليه وسلم، وفسروا كتاب الله، وشرحوا سنة رسول الله صلى الله عليه مبتدعة، وإذا كان كل هؤلاء ليسوا أهل السنة، فمن هم أهل السنة. ومن أطرف ما قرأت ما كتبه الدكتور العالم محمد حسن هيتو في تقديمه لكتاب (أهل السنة الأشاعرة شهادة علماء الأمة وأدلتهم)، فقد قال: (فإن أغرب سؤال وجه إلي في حياتي العلمية هو: هل يعتبر الأشاعرة من أهل السنة والجماعة؟ لقد استوقفتني صيغة هذا السؤال طويلا، إذ وجدتها فارغة من معنى السؤال العلمي الصحيح، مما يدل على سذاجة السائل وجهله بتاريخ هذه الأمة وعقيدتها. وذلك أن ما يعرفه كل من شم للعلم رائحة، على مدى تاريخ أمتنا الطويل هو أن الأشاعرة هم أهل السنة والجماعة. وأنه إذا أطلقت كلمة أهل السنة في كتب العلم- على اختلاف أنواعها- فإنهم هم الذين يرادون بها. وهم الذين تردد الخلافات بينهم وبين المعتزلة، أو غيرهم من الفرق الإسلامية في كتب العقيدة، والفقه، والأصول، والتفسير، والحديث، بل في كتب اللغة، وغير ذلك من كتب العلم التي تعرض للخلاف في العقيدة. وذلك أن الأشاعرة هم الذين وقفوا في وجه المعتزلة، فزيفوا أقوالهم، وأبطلوا شبههم، وأعادوا الحق إلى نصابه على طريق سلف هذه الأمة ومنهجهم...

للمتابعة :
https://ⓣelegram.me/ahlussonna
يقول الشيخ الأمير عبد القادر الجزائري
رحمه الله تعالى
:
اعلموا أنه يلزم العاقل أن ينظر في القول،
ولا ينظر إلى قائله،
فإن كان القول حقاً قبِلَه،
سواء كان قائله معروفاً بالحق أو الباطل،
فإن الذهب يُستَخرَج من التراب،
والنرجسَ من البصل،
والترياقَ من الحيات،
ويُجتنى الورد من الشوك،
فالعاقل يَعرف الرجال بالحق،
ولا يعرف الحق بالرجال،
والكلمة الحكمة ضالَّة العاقل،
يأخذها من عند كل من وجدها عنده.

.........
الشيخ جمال الدين القاسمي
في قواعد التحديث (٣٧٢).
زيارةُ الصَّحابةِ -رضيَ اللهُ عنهُمْ- قبرَ النَّبيِّ -صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-، وإقراءُ السَّلامِ عليهِ .
أخرجُ ابنُ عساكرَ في تاريخِ دمشقَ ( م7 /ص 136) .
عَنْ أبي الدَّرداءِ -رضيَ اللهُ عنهُ-، قالَ(1):
"لمَّا دخلَ عمرُ بنُ الخطَّابِ-رضيَ اللهُ عنهُ- الجابِيةَ سألَ بلالاً-رضيَ اللهُ عنهُ-
أن يَقدُمَ (2) الشَّامَ ففعلَ ذلكَ، قالَ: وأَخي أبو رُوَيْحةَ الذي آخى بَيْنهُ وبَيْني رَسولُ اللهِ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ-، فنزلَ (3) دارَيَّا (4) في خَوْلانَ فأقبلَ هوَ وأَخوهُ إلى قَوْمٍ من خَوْلانَ، فقالَ لهُمْ: قدْ جِئناكُمْ خاطبَيْنِ (5) وقد كُنَّا كافِرَيْنِ فهَدانا اللهُ ومَمْلوكَيْنِ فأعتَقَنا اللهُ وفَقيرَيْنِ فأغْنانا اللهُ فإنْ تُزَوِّجونا فالحمدُ للهِ، وأنْ تَردُّونا فلا حولَ ولا قُوَّةَ إلَّا باللهِ، فزَوّجوهُمَا،
ثمَّ إنَّ بلالاً رأى في منامِه النَّبيَّ -صَلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ-، وهوَ يقولُ لهُ: (ما هَذهِ الجَفْوةُ يا بِلالُ؟ أَمَا آنَ لكَ أنْ تَزورَنِي يا بِلالُ؟، فانْتَبَه حَزيناً وَجِلاً خائِفاً، فرَكِبَ راحلتَهُ وقَصدَ المدينةَ فأتَى قبرَ النَّبيِّ -صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ- فجَعلَ يَبكي عندَه ويُمَرِّغُ وجْهَهُ عليهِ، وأقبلَ الحَسنُ والحُسيْنُ -رضيَ اللهُ عنْهُما-، فجعلَ يَضُمُّهما ويُقبِّلُهما، فقالا لهُ: يا بلالُ نَشتهي نسمعُ أذانَك الذي كُنتَ تؤذِّنُه لرسولِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ-في السَّحَرِ فَفَعلَ، فَعَلا سَطحَ المَسجدِ، فوَقفَ مَوْقِفَه الذي كانَ يقفُ فيهِ، فلمَّا أنْ قالَ: (اللهُ أكبرُ اللهُ أكبرُ ارتجَّتِ المَدينةُ، فلمَّا أنْ قالَ: (أشهدُ أنْ لا إلهَ إلَّا اللهُ) زادَ تعاجِيجُها (6)، فلمَّا أنْ قالَ: (أشهدُ أنَّ محمَّداً رسولُ اللهِ) خرجَ العواتقُ من خدورِهنَّ، فقالوا: أبُعِثَ رسولُ اللهِ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ-؟، فما رُئِيَ يومٌ أكثرَ باكِياً ولا باكِيةً بعدَ رسولِ اللهِ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ- من ذلكَ اليومِ .اهـ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الخبر في أسد الغابة (1 / 244) ترمة بلال بن رباح
(2) كذا بالاصل، والمعنى مضطَّرب وعبارة أسد الغابة: " سأله بلالٌ أن يُقرَّه بالشام "، وهي أظهرُ
(3) في أسد الغابة: فنزلا
(4) بالاصل " دارنا " والصَّواب ما أثبت عن أسد الغابة
ودارَيا: قرية كبيرة من قريب غوطة دمشق
(معجم البلدان)
للحموي.
وفي م: داريا
وخَوْلان: قبيلةٌ عربيةٌ نزلتْ بِمِصرَ والشَّام فحملت أنسابهم. (الجمهرة: 393).
(5) الزيادة هنا والتي قبلها عن أسد الغابة
(6) في أسد الغابة: زادت رجَّتُها.
وأخرجه أيضاً ابنُ الاثير في أسد الغابة ط الفكر (1/. ،
ورواها الحافظ تقيُّ الدين السُّبْكي بإسنادٍ جيِّدٍ، والحافظ عبد الغني المقدسيُّ، ثمَّ قال السُّبْكيُّ:
وليس اعتمادُنا على رؤيا المنام فقط؛ بل على فعل بلال، وهو صحابِيٌّ لاسيما في خِلافةِ عمرَ -رضي الله عنه-، والصَّحابةُ مُتَوافرون.
وفي فتوح الشَّام: أنَّ عمرَ -رضي الله عنه- قال لكعبِ الأحبارِ بعد فتح بيت المقدس:
هَل لكَ أن تسيرَ معي إلى المدينةِ، وتزورَ قبرَ النبيِّ -صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-؟، فقال: نعم
يا أميرَ المُؤمنين، ولمَّا قدِمَ عمرُ المدينةَ كان أوَّلَ مابدأ بالمسجدِ، وسلَّمَ على رسولِ اللهِ
-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-،
وكان ابنُ عمرَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا- يفعلُ مثلَ ذلك، وكان عمرُ بنُ عبدِ العزيزِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-
يُبرِدُ البريدَ مِنَ الشَّام، ويقولُ: سلِّمْ لِي عَلى رسولِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-،أوْ يبعثُ بالرَّسولِ قاصِداً مِنَ الشَّامِ لإقراءِ السَّلامِ على رسولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلَّم-، وكان جابرُ بنُ عبدِ اللهِ -رضي الله عنهما- يَبكي عندَ قبرِ رسولِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، ويقولُ: هَهُنا تُسْكبُ العَبَراتِ.
هَكَذا كانَ حبُّهم لِرسولِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
ورحمَ اللهُ الشَّاعرَ القائلَ يخاطبُ النبيَّ
-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-:
أتَيْتُكَ زائِراً وَوَدِتُّ أنَّي
جَعَلتُ سَوادَ عَيْنِي أمْتَطيهِ
ومالِي لا أسيرُ على المَآقي
إلى قَبرٍ رَسولُ اللهِ فيهِ
-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
وقالَ آخَرُ:
إليكَ وإلَّا لاتُشَدُّ الرَّكائبُ
وعَنكَ وإلَّا فالمُحَدِّثُ كاذِبُ
ومِن مَذْهَبي حُبُّ الدِّيارِ لأهلِها
وللنَّاسِ فِيما يَعْشَقونَ مَذاهِبُ .
تحليلُ حديثِ شدِّ الرِّحالِ إلى المساجدِ الثَّلاثةِ
(الحديثُ التَّحليليُّ).
يُخطِىءُ كثيرٌ مِنَ النَّاسِ في فَهمِ حديثِ شدِّ الرِّحالِ إلى المساجدِ الثَّلاثةِ:
عَنْ أبي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللهُ عنهُ-، عَنِ النبيِّ -صلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ- قال:
(لا تُشَدُّ الرِّحَالُ إِلاَّ إِلَى ثَلاثَةِ مَسَاجِد: المَسْجِدِ الحَرَام وَمَسْجِدِي هَذَا وَالمَسْجِدِ الأَقْصَى).
رواه البخاري (1189)، ومسلم (1397).

فيَستدِلُّونَ بهِ على تحريمِ شَدِّ الرِّحالِ لزيارةِ النَّبيِّ -صلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-، ويعتبرونَ أنَّ السَّفرَ بِذلكَ سفرُ مَعْصِيةٍ وهذا الاسْتدلالُ مَردودٌ لأنَّهُ مَبنيٌّ على فَهمٍ باطلٍ، والحديثُ كما سَترى في بابٍ، والاستدلالُ في بابٍ آخرَ، وبيانُ ذلكَ: أنَّ قولَهُ -صلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-
(لا تُشَدُّ الرِّحالُ إلَّا إلى ثلاثةِ مساجدَ) جاءَ على الأسلوبِ المعروفِ عِنْدَ اللُّغويينَ بأسلوبِ الاستثناءِ، وهذا يَقتضي وجودَ مُستَثنىً ومُسْتثنى مِنهُ. فالمُسْتَثنى: هوَ ما كانَ بعدَ إلَّا، والمُستَثنى منهُ: هوَ ما كانَ قبْلَها، ولابدَّ مِنَ الأمْرَيْنِ؛ إمَّا وُجوداً أوْ تّقديراً، وهذا مُقرَّرٌ ومَعروفٌ في أبسطِ كُتِبِ النَّحوِ.
وإذا نَظَرْنا إلى هذا الحديثِ وَجَدْنا أنَّهُ قَدْ جاءَ فيهِ التَّصريحُ بِذِكرِ المُسْتَثنى، وهوَ قولُه: (إلى ثلاثةِ مساجدَ) وهوَ ما بعدَ (إلَّا) ولم يأتِ ذكرُ المُستَثنى منهُ، وهو ما قَبْلَ (إلَّا)، فلابدَّ إذاً مِنْ تَقديرِه، فإنْ فَرَضْنا أنَّ المُستَثنى منهُ (قبرٌ) كانَ اللَّفظُ المَنسوبُ لرسولِ اللهِ
-صلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-:
(لا تُشَدُّ الرِّحالُ إلى قَبرٍ إلَّا إلى ثلاثةِ مساجدَ)، وهذا السِّياقُ ظاهرٌ فيهِ عدمُ الانتظامِ، وغيرُ لائقٍ بالبلاغةِ النَّبويَّةِ. فالمُستَثنى غيرُ داخلٍ ضُمْنَ المُستثنى منهُ –، والأصلُ أنْ يكونَ المُستَثنى مِنْ جِنسِ المُستثنى منهُ، ولا يَطمئِنُّ قلبُ عالمٍ - يَتحرَّجُ من نِسبةِ كلامٍ للمُصطَفى
-صلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-
لم يَقُلْهُ - إلى نِسبةِ هذهِ اللَّفظةِ (قبر) - وهيَ لا تَتَّفقُ معَ الأصلِ في الاسْتثناءِ - إلى رسولِ اللهِ -صلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-،فلا تَصْلُحُ أنْ تكونَ هيَ المُسْتَسثنى مِنهُ.
فَلْنَفرضْ أنَّها لَفظُ (مكان)، فيكونُ السِّياقُ المَنسوبُ لرسولِ اللهِ
-صلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-
على هذا الفَرضِ (لا تُشَدُّ الرِّحالُ إلى مَكانٍ إلَّا إلى ثلاثةِ مساجدَ) ومَعنى هذا: ألَّا تُسافِرَ إلى تِجارةٍ أو عِلْمٍ أو خَيْرٍ، وهذا ضَرْبٌ مِنَ الهَوَسِ ظاهرُ البُطلانِ، فالحديثُ اشْتَملَ على ذكرِ المُستَثنى، وليسَ فيهِ ذكرُ المُستَثنى منهُ، ولذلكَ فلابُدَّ مِنْ تقديرِه باتِّفاقِ أهلِ اللُّغةِ، وتقديرُه لا يَحتَملُ إلَّا ثلاثةَ وجوهٍ - لا رابعَ لَها:
الوَجْهُ الأوَّلُ:
أنْ يكونَ تَقديرُهُ بلفظِ (قبرٍ) فيكونَ اللَّفظُ المُقَدَّرُ (لا تُشَدُّ الرِّحالُ إلى قبرٍ إلَّا إلى ثلاثةِ مساجدَ)، وهذا التَّقديرُ مَبنِيٌّ على رأيِ مَنْ يَسْتَدِلُّ بالحديثِ على منعِ السَّفرِ لِزيارةِ
النبيِّ -صلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-
وأنتَ تَرى أنَّهُ تَقديرٌ بارِدٌ مَمْجوجٌ لا يَستَسيغُهُ مَنْ عِندَهُ أدْنى إلْمامٍ بالعربيَّةِ - وهوَ لا تَليقُ نِسبتُهُ إلى أفصحِ مَنْ نَطقَ بالضَّاد:
-صلواتُ اللهِ وسلامُهُ عليهِ - فَحاشا أنْ يَرْضى بِمِثلِ هذا الأسلوبِ السَّاقِطِ.
الوَجهُ الثَّاني: أنْ يكونَ تقديرُ المُسْتَثنى مِنهُ في الحديثِ بِلفظٍ عامٍ
وهوَ لَفظُ (مكان) وهذا باطلٌ كما تقدَّمَ بِلا خِلافٍ، ولا قائِلَ بهِ
الوَجْهُ الثَّالثُ: أنْ يكونَ تقديرُ المُستَثنى منهُ في الحديثِ بلفظِ (مَسجـد) فيكونَ سِياقُ الحديثِ بِلفظِ (لا تُشَدُّ الرِّحالُ إلى مَسجدٍ إلَّا إلى ثَلاثةِ مَساجدَ) فتَرى أنَّ الكلامَ قَدِ انْتظَمَ وجَرى على الأسلوبِ اللُّغويِّ الفصيحِ، واخْتَفى التَّهافتُ الواضِحُ في الصُّورتيْنِ المُتَقدِّمتيْنِ، وأشْرَقَتْ فيهِ رُوحُ النُّبوةِ، ويَطمئِنُّ القلبُ النَّقيُّ إلى نِسبتِهِ لرسولِ اللهِ
-صلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-
هذا بِفرْضِ أنَّهُ لا توجدُ رِوايةٌ أُخرى مُصرِّحةٌ بالمُستَثنى منهُ، فإذا وُجِدتْ هذه الرِّواية فلا يَحِلُّ لِمَن لهُ دينٌ أن يَعدِلَ عَنْها إلى مَحْضِ فرْضٍ لا يَستَنِدُ إلى فصيحِ اللُّغةِ .
وقدْ وَجَدْنا بحمدِ اللهِ في السُّنةِ النَّبويَّةِ من الرِّواياتِ المُعتَبرةِ ما فيهِ التَّصريحُ بالمُستَثنى منهُ فمِنها: ما أخرجَه الإمامُ أحمدُ من طريقِ شهرِ بنِ حَوْشب قالَ: سَمعتُ أبا سعيدٍ، وذُكرتْ عِنْدَه الصَّلاةِ في الطُّورِ فقالَ: قالَ رسولُ اللهِ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ-:
(لاَ يَنْبَغِي لِلْمَطِيِّ أَنْ تُشَدَّ رِحَالُهُ إِلَى مَسْجِدٍ يَنْبَغِي فِيهِ الصَّلاَةُ غَيْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَالْمَسْجِدِ الأَْقْصَى وَمَسْجِدِي هَذَا).
مسند الإمام أحمد
( 11215).
حَالُهُ إِلَى مَسْجِدٍ يَنْبَغِي فِيهِ الصَّلاَةُ غَيْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَالْمَسْجِدِ الأَْقْصَى وَمَسْجِدِي هَذَا.
(3) زِيَارَةُ قَبْرِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-:
4 - لاَ خِلاَفَ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ فِي اسْتِحْبَابِ زِيَارَةِ قَبْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِي زِيَارَةِ قُبُورِ الأَْنْبِيَاءِ وَالأَْوْلِيَاءِ تَفْصِيلٌ يُنْظَرُ فِي (زِيَارَةِ قَبْرِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) .
آدَابُ زِيَارَةِ الْقُبُورِ:
5 - قَال الْحَنَفِيَّةُ:
السُّنَّةُ زِيَارَتُهَا قَائِمًا، وَالدُّعَاءُ
(1) حديث: " أبي بصرة الغفاري مع أبي هريرة " أخرجه أحمد (6 / 7 - ط الميمنية) وإسناده صحيح.
(2) ابن عابدين (1 / 604)، فتح الباري (3 / 65)، سبل السلام (4 / 213)، مطالب أولي النهى (2 / 931)، شرح البهجة (2 / 120).
(3) حديث: " لا ينبغي للمطي أن تشد رحاله. . . " أخرجه أحمد (3 / 64 - ط الميمنية) من حديث أبي سعيد الخدري، وأورده الهيثمي في المجمع: (3 / 3 - ط القدسي) وقال: رواه أحمد، وفيه شهر، وحديثه حسن.

وَإِسْنَادُه حسنٌ، قال الحافظ ابن حجر: وشهرٌ حسنُ الحديث وإنْ كان فيه بعضْ ضعفٍ. فتح الباري، [ج3 ص65].
وفي لفظٍ آخرَ (لا ينبغي للمَطِيِّ أن تشدَّ رحالَه إلى مسجدٍ يبتغي فيه الصلاةَ غيرَ المسجدِ الحرامِ والمسجدِ الأقصى ومسجدي هذا) قال الحافظ الهيثمي : وفيه شهر فيه كلامٌ وحديثه حسن. مجمع الزَّوائد،[ ج4 ص3].
ومنها ما جاء عن عائشةّ -رضيَ اللهُ عنها- قالتْ: قالَ رسولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-:
(أنا خاتمُ الأنبياءِ ومسجدي خاتمُ مساجدِ الأنبياءِ أحقُّ المساجدِ أن يُزارَ وتُشدَّ إليه الرَّواحِلُ المسجدُ الحرامُ ومسجدي وصلاةٌ في مسجدي أفضلُ من ألفِ صلاةٍ فيما سواه من المساجدِ إلَّا المسجدَ الحرامَ).
رواه البزَّار
(مجمع الزوائد، (ج4 ص3).
فكلامُهُ
-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
في المَساجدِ ليبيِّنَ للأمَّةِ أنَّ ما عَدا هذهِ المساجدِ الثلاثةِ مُتَساوٍ في الفضلِ فلا فائدةَ في التَّعبِ بالسفرِ إلى غيرِها.
أمَّا هيَ فلها مزيدُ فضلٍ، ولا دَخَلَ لِلمَقابرِ في هذا الحديثِ، فإقحامُها في هذا الحديثِ يُعتَبرُ ضَرْباً من الكَذِبِ على رسولِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
على مَنْ يَتحَمَّلُ إثمَ الكَذِبِ عليهِ صلواتُ اللهِ وسلامُهُ عليهِ؛ هذا مَعَ أنَّ الزِّيارةَ مَطلوبةٌ؛ بَلْ وكثيرٌ مِنَ العُلماءِ يَذكرونَها في كُتبِ المَناسكِ على أنَّها مِنَ المُستَحبَّاتِ.
عَنْ حَبِيبِ بْنِ عُبَيْدٍ الرَّحَبِيِّ، قَالَ: «تَعَلَّمُوا الْعِلْمَ وَاعْقِلُوهُ، وَانْتَفِعُوا بِهِ، وَلَا تَعَلَّمُوهُ لِتَجَمَّلُوا بِهِ، فَإِنَّهُ يُوشِكُ إِنْ طَالَ بِكُمُ الْعُمُرُ أَنْ يُتَجَمَّلَ بِالْعِلْمِ كَمَا يَتَجَمَّلُ الرَّجُلُ بِثَوْبِهِ».
[أخلاق العلماء لأبي بكر الآجُري ص 100].
الشُّهورُ في التَّقويمِ الهِجريِّ:
1. مُحَرَّمُ: (مُحَرَّمٌ الحَرَامُ) وهو أوَّلُ شهورِ السَّنةِ الهِجريَّةِ؛ ومنَ الأشهُرِ الحُرِمِ: سُمِّيَ المحرَّمَ لأنَّ العربَ قبلَ الإسلامِ كانوا يُحرِّمونَ القِتالَ فيهِ.
2. صَفَرُ: سُمِّيَ صَفراً لأنَّ دِيارَ العربِ كانَتْ تُصْفِرُ، أيْ: تَخلو من أهلِها للحَربُ، وقيلَ: لأنَّ العربَ كانوا يَغْزونَ فيهِ القبائلَ فيَتركونَ من لَقوا صُفْرَ المتاعِ.
3. ربيعٌ الأوَّلُ: سُمَّيَ بذلكَ لأنَّ تَسميتَهُ جاءَتْ في الرَّبيعِ فلَزِمَهُ ذلكَ الاسمُ.
4. ربيعٌ الآخِرُ: (أو رَبيعٌ الثَّاني) سُمِّيَ بذلكَ لأنَّهُ تَبعُ الشَّهرِ المُسمَّى بربيعٍ الأوَّلِ.
5. جُمادى الأولى: كانَتْ تُسمَّى قبلَ الإسلامِ باسْمِ جُمادى خَمسةٍ، وسُمِّيتْ جُمادى لِوقوعِها في الشِّتاءِ وَقْتَ التَّسميةِ حيثُ جَمَدَ الماءُ؛ وهي مُؤنَّثةُ النُّطقِ.
6. جُمادى الآخِرةُ: (أو جُمادى الثَّانيةُ) سُمِّيَ بذلكَ لأنَّهُ تبعُ الشَّهرِ المُسمَّى بجُمادى الأولى.
7. رَجَبٌ: وهوَ منَ الأشهرِ الحُرِمِ. سُمِّيَ رجَباً لتَرجيبِهمْ الرِّماحَ منَ الأسنَّةِ؛ لأنَّها تُنزَعُ منها فلا يُقاتِلونَ، وقيلَ: رجب أي: توقف عن القتال. ويقال رَجَبَ الشَّيءَ أيْ: هابّه وعظَّمَهُ.
8. شَعبانُ: لأنَّهُ شَعَبَ بينَ رجبَ ورمضانَ، وقيل: يَتفرَّقُ الناسُ فيهِ ويّتَشعَّبونَ طلباً للماءِ. وقيلَ: لأنَّ العربَ كانَتْ تَتَشعَّبُ فيهِ (أيْ: تَتَفرَّقُ)؛ للحربِ والإغاراتِ بعدَ قُعودِهمْ في شهرِ رَجبٍ.
9. رمضانُ: وهو شهرُ الصَّومِ عندَ المسلمينَ. سُمِّيَ بذلكَ لرُموضِ الحَرِّ وشدَّةِ وَقْعِ الشَّمسِ فيهِ وقْتَ تَسميتِهِ، حيثُ كانتِ الفَترةُ التي سُمِّيَ فيها شديدةَ الحَرِّ. ويقالُ: رَمَضتِ الحجارةُ، إذا سَخنَتْ بتأثيرِ الشَّمسِ.
10. شوَّالُ: وفيه عيدُ الفِطرِ، لشَوَلانِ النُّوقِ فيهِ بأذنابِها إذا حَمَلتْ "أيْ: نَقصَتْ وجفَّ لَبنُها"، فيقالُ تَشَوَّلتِ الإبلُ: إذا نَقصَ وجفَّ لبنُها.
11. ذو القَعْدةِ: وهو من الأشهرِ الحُرُمِ: سُمِّيَ ذا القَعْدةِ لقُعودِهم في رِحالِهمْ عن الغَزْوِ والتَّرحالِ؛ فلا يَطلبونَ كلأً ولا مِيرَةً على اعتبارِهِ من الأشهرِ الحُرُمِ.
12. ذو الحِجَّةِ: وفيهِ مَوْسمُ الحجِّ وعيدُ الأضْحى؛ وهو من الأشهرِ الحُرِمِ. سُمِّيَ بذلكَ لأنَّ العربَ قبلَ الإسلامِ يَذهبونَ للحجِّ في هذا الشهرِ.
*بحث مهم*


هل ثبت أن أحد الصحابة كان يفعل ويدعو عند قبر سيدنا النبي ﷺ؟
نعم
فمن الصحابة:
١. الصحابي الجليل أسامة بن زيد
عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة قال رأيت أسامة بن زيد عند حجرة عائشة يدعو فجاء مروان فأسمعه كلاما فقال أسامة أما إني سمعت رسول الله ﷺ يقول إن الله يبغض الفاحش البذيء.
رواه ابن حبان في صحيحه، وحسنه الضياء المقدسي في المختارة وقال الهيثمي: رواه أحمد والطبراني في الكبير والأوسط بأسانيد، وأحد أسانيد الطبراني رجاله ثقات.

فهذا سيدنا أسامة بن زيد الصحابي الجليل يدعو عند قبر سيدنا رسول الله وصاحبيه، فينقم ذلك عليه مروان فيغلظ له في القول، فيقول له الصحابي الجليل: إن الله يبغض الفاحش البذيء، فما يفعله الوهابية اليوم هو منهج مروان بن الحكم لا منهج الصحابة الكرام، فها هو سيدنا أسامة عند حجرة عائشة يدعو!!.

٢. الصحابي سيدنا عبد الله بن عمر
روى الإمام مالك في “الموطأ” عن عبد الله بن دينار أن سيدنا عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما أنه كان إذا أراد سفرا أو قدم من سفر جاء قبر النبي ﷺ فصلى عليه ودعا ثم انصرف، قال محمد: “هكذا ينبغي أن يفعله إذا قدم المدينة يأتي قبر النبي ﷺ “.
فتأمل صنيع سيدنا ابن عمر عندما يأتي القبر النبوي كما جاء في الرواية: “جاء قبر النبي ﷺ فصلى عليه ودعا ثم انصرف”.
فابن عمر رضي الله عنهما أيضا وفق كلام ابن تيمية والوهابية ضال مضل؛ لأنه يتحرى الدعاء عند القبر النبوي وهذا ضلال عند القوم!..

٣. جملة من الصحابة بأمر من أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها
روى الدارمي بسند رجاله ثقات عن أبي الجوزاء أوس بن عبد الله، قال: قحط أهل المدينة قحطا شديدا، فشكوا إلى عائشة فقالت: “انظروا قبر النبي فاجعلوا منه كوى إلى السماء حتى لا يكون بينه وبين السماء سقف، قال: ففعلوا، فمطرنا مطرا حتى نبت العشب، وسمنت الإبل حتى تفتقت من الشحم، فسمي عام الفتق.

وقد أورد الإمام الدارمي هذه الرواية عن سيدتنا عائشة رضي الله عنها تحت عنوان: باب ما أكرم الله تعالى نبيه ﷺ بعد موته”، وهو دليل منه رحمه الله وإقرار منه بمشروعية التوسل به والدعاء عند قبره الشريف بعد الموت، فهل الإمام الدارمي بتبويبه هذا مشرك قبوري؟!.، وحسنها الإمام البغوي في شرح السنة.
الكذب علي المخالف
قال تاج الدين السُّبكي في " طبقات الشافعية الكبرى"(2/16-17) :"وَقد تزايد الْحَال بالخطابية وهم المجسِّمة فِي زَمَاننَا هَذَا فصاروا يرَوْنَ الْكَذِب عَلَى مخالفيهم فِي العقيدة لَا سِيَّمَا الْقَائِم عَلَيْهِم بِكُلِّ مَا يسوءه فِي نَفسه وَمَاله .
وَبَلغنِي أَنَّ كَبِيرهمْ استفتى فِي شَافِعِيّ أيشهد عَلَيْهِ بِالْكَذِبِ ، فَقَالَ: أَلَسْت تعتقد أَنَّ دَمه حَلَال؟!! قَالَ: نعم ، قَالَ: فَمَا دون ذَلِك دون دَمه ، فاشهد وادفع فَسَاده عَن الْمُسلمين .
فَهَذِهِ عقيدتهم ويرون أَنَّهم الْمُسلمُونَ وَأَنَّهُمْ أهل السُّنَّة ، وَلَو عُدُّوا عدداً لما بلغ علماؤهم وَلَا عَالم فيهم عَلَى الْحَقِيقَة مبلغاً يعْتَبر ، ويكفِّرون غَالب عُلَمَاء الْأمَّة ، ثمَّ يعتزُّون إِلَى الإِمَام أَحْمد بن حَنْبَل رَضِي الله عَنهُ وَهُوَ مِنْهُم برِئ ...
2025/07/04 22:12:35
Back to Top
HTML Embed Code: