Telegram Web Link
#مجالس_الأسئلة_العلمية| المجلس الثامن والأربعون
🔹موعد المجلس:
الثلاثاء 13 من ذي القعدة 1445 هـ، من الساعة التاسعة إلى الساعة العاشرة مساء بتوقيت الرياض.
🔹موضوع المجلس: مسائل في التفسير.
🔹 أستقبل أسئلتكم في التعليقات، وأسأل الله التوفيق والسداد.
#مسائل_علوم_القرآن | #مسائل_الرقى
س: مما ينتشر بين الناس وخصوصا بين النساء قراءة سورة البقرة لنيل مطلب دنيوي كالزواج والإنجاب وتفريج الهموم إلى آخره، وبعضهم يحدد تكرارها بعدد معين كأربعين مرة، أو مدة شهر في كل يوم، ويستدلون بحديث فضل سورة البقرة عن أبي أمامة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (اقرءوا سورة البقرة فإنَّ أخذها بركة، وتركها حسرة، ولا تستطيعها البطلة) رواه مسلم.
سؤالي ما حكم ذلك؟
وهل هي من البدع المحدثة؟ حيث إن الشارع لم يقيد قراءتها بعدد وكذلك قراءتها لأغراض دنيوية.

الجواب:
صحّ الترغيب في قراءة سورة البقرة وتعلّمها وأخذها كما أخذها النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه.
وصحّ في فضلها أحاديث منها الحديث المذكور في السؤال، وهو حديث أبي أمامة صُديّ بن عجلان الباهلي رضي الله عنه، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول: «اقرءوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعا لأصحابه، اقرءوا الزهراوين البقرة، وسورة آل عمران، فإنهما تأتيان يوم القيامة كأنهما غمامتان، أو كأنهما غيايتان، أو كأنهما فرقان من طير صواف، تحاجان عن أصحابهما، اقرءوا سورة البقرة؛ فإن أخذها بركة، وتركها حسرة، ولا تستطيعها البطلة». رواه أحمد ومسلم من طريق عن أبي سلام ممطور الحبشي عن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه.
وحديث بريدة بن الحصيب رضي الله عنه قال: كنت جالساً عند النبي صلى الله عليه وسلم، فسمعته، يقول: «تعلموا سورة البقرة، فإنَّ أخذها بركة، وتركها حسرة، ولا يستطيعها البطلة» الحديث، رواه أحمد وابن أبي شيبة والدارمي وغيرهم.
فهذه ثلاثة ألفاظ وردت في الحديثين: القراءة، والتعلّم، والأخذ.
فالقراءة سبيل إلى التعلّم، والتعلّم سبيل إلى الأخذ.
واتفق الحديثان على تعليق البركة بالأخذ، لا بالقراءة المجرّدة، ولا بالتعلّم المجرد.
فدلّ الحديثان على أنّ للأخذ معنى أعظم منهما يدخلان فيه، ولا يستقصيانه، وبالأخذ تحصل البركة الموعودة في الحديث.
وإنما يُعرف المراد بالأخذ في الحديثين بمعرفة هدي النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه في أخذ القرآن عامة، وأخذهم سورة البقرة خاصة.
- قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: (كان الرجل منَّا إذا تعلم عشر آيات لم يجاوزهن حتى يعرف معانيهن، والعمل بهن). رواه ابن أبي شيبة وابن جرير من طريق الأعمش، عن أبي وائل، عن ابن مسعود.
- وقال جندب بن عبد الله البجلي رضي الله عنه: «كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم ونحن فتيان حزاورة، فتعلمنا الإيمان قبل أن نتعلم القرآن، ثم تعلمنا القرآن فازددنا به إيمانا» رواه البخاري في التاريخ الكبير وابن ماجة في سننه من طريق حماد بن نجيح، عن أبي عمران الجوني، عن جندب.
- وقال عبد الله بن عمر رضي الله عنه: «لقد عشنا برهة من دهرنا وإن أحدنا يؤتى الإيمان قبل القرآن، وتنزل السورة على محمد صلى الله عليه وسلم فيتعلم حلالها وحرامها، وما ينبغي أن يوقف عنده فيها كما تعلمون أنتم القرآن، ثم لقد رأيت رجالا يؤتى أحدهم القرآن؛ فيقرأ ما بين فاتحته إلى خاتمته ما يدري ما آمره ولا زاجره، ولا ما ينبغي أن يوقف عنده منه، ينثره نثر الدقل». رواه الطحاوي والحاكم، والبيهقي من طريق زيد بن أبي أنيسة، عن القاسم بن عوف الشيباني، عن ابن عمر.
- وقال أبو عبد الرحمن السلمي رحمه الله: «حدثنا من كان يقرئنا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أنهم كانوا يقترئون من رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر آياتٍ فلا يأخذون في العشر الأخرى حتى يعلموا ما في هذه من العلم والعمل قالوا فعلمنا العلم والعمل». رواه الإمام أحمد، وابن سعد في الطبقات، وابن جرير في تفسيره من طرق عن عطاء بن السائب عن أبي عبد الرحمن السلمي.
- وقال سليمان بن المغيرة، عن حميد بن هلال قال: كان أبو رفاعة العدوي يقول: (ما عزبت عني سورة البقرة منذ علَّمنيها رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذت معها ما أخذت من القرآن، وما وجعت ظهري من قيام الليل قط). رواه ابن سعد في الطبقات، وابن أبي شيبة في مصنفه.

فهذه النصوص ونظائرها تدلّ على أنّ أخذ سورة من القرآن يشمل:
1: تلقيها بالإيمان والتسليم، وذلك يستلزم تصديق ما فيها من خبر، وامتثال أحكامها وهداياتها.
2: وتعلّم ألفاظها ومعانيها وهداياتها.
3: واتباع ما فيها من الهدى.
4: وتلاوتها والقيام بها.
وهذه الأمور يقع فيها التفاضل في الأخذ؛ فمنهم محسن، ومنهم مقصّر.
فمن أحسن أخذ هذه السورة كان حصول الأثر المترتب عليه أعظم، ومن قصّر في الأخذ لم يكن مستحقاً ثواب المحسنين في أخذها، ولم يحرم من بركة أخذها مطلقاً ما دام معه أصل الإيمان بها؛ بل له نصيب من البركة بقدر نصيبه من الأخذ الصحيح؛ فمستقلّ ومستكثر.
وكلَّ ما ينافي الأخذ الشرعي لسورة البقرة لا يتحقق به المطلوب، والنبي ﷺ قد أوتي جوامع الكلم فكان قليل لفظه يدلّ على كثير من المعاني.
- فمن لم يؤمن بهذه السورة، ولم يقبل ما فيها من الهدى لم يكن آخذاً لها.
- ومن هجر تلاوتها والقيام بها لم يكن آخذاً لها.
- ومن أعرض عن تدبرها والتفقه فيها لم يكن آخذاً لها.
- ومن عرف ما فيها من الهدى ولم يتبعه لم يكن آخذاً لها.

وقد جعل الله الإيمان شرطاً للانتفاع بالقرآن؛ فقال تعالى: {قل هو للذين آمنوا هدى وشفاء والذين لا يؤمنون في آذانهم وقر وهو عليهم عمى}
وإذا كان أصل الإيمان قائماً وأصل اتباع الهدى قائماً فللعبد نصيب من الانتفاع بالقرآن، لكن ينبغي أن نفرّق بين الأخذ الناقص والأخذ الصحيح الذي رغّب فيه النبي صلى الله عليه وسلم.
ولا ينبغي أن يُفهم اشتراط الأخذ التام الكامل فهذا القدر لا يكاد يبلغه إلا نبي أو صديق.

وسورة البقرة عظيمة القدر كثيرة الهدايات، قد تضمنت كثيراً من أحكام الدين في الاعتقاد، والعبادات والمعاملات والمواعظ والقصص والأمثال والآداب؛ فمن تفقه فيها، وعرف ما فيها من الهدى واتبعه فلا ريب أنه قد حصّل علماً غزيراً مباركاً، وارتقى مرتقى عالياً في التفقه في الدين.

- قال يزيد بن هارون الواسطي: أخبرنا حُميد، عن أنس قال: (كان الرجل إذا قرأ: البقرة وآل عمران جدَّ فينا). رواه أحمد، وأصله في الصحيحين.
و(جدّ فينا) أي: عظم شأنه، وارتفع قدره.
وذكر الإمام مالك في الموطّأ أنه بلغه أن عبد الله بن عمر رضي الله عنه مكث على سورة البقرة ثماني سنين يتعلَّمها.

وقد كان لمن أخذ سورة البقرة شأن عظيم عند النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه؛ لأنهم كانوا يعلمون ما فيها من العلم والهدى، ولذلك لمّا كان يوم حنين وتولّى من تولّى خصّ النبي صلى الله عليه وسلم أصحاب سورة البقرة بالدعوة فعادوا عوداً سريعاً لعِظَم الأمانة التي تحمَّلوها بهذه السورة، ولأنهم أوثق أصحابه عنده.
ولذلك جعل الصحابة رضي الله عنهم شعارهم يوم اليمامة: "يا أصحاب سورة البقرة".

ومن الناس من يخطئ في فهم هذا الحديث الوارد في فضل سورة البقرة ويظنّ أنّ القراءة المجرّدة يتحقق بها حصول الجزاء الموعود، بل منهم من يتجاوز ذلك إلى قراءتها لأغراض دنيوية معيّنة كالزواج والوظيفة، ويظنّ أن المداومة على قراءتها بتلك النيّة المعيّنة موجب لتحققها.
بل بعضهم يغلب عليه تخصيص ذلك المقصد لقراءتها، وهذا فيه غفلة كبيرة عن مقصد الحديث، بل يخشى أن يدخل في باب من أبواب البدع؛ فإنّ هذا العمل لم يكن معروفاً عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولا عن أحد من أصحابه رضي الله عنهم.

والأصل أن تكون قراءتها امتثالاً لأمر الله تعالى ورسوله، ورغبة في اتباع ما فيها من الهدى، ثمّ ما يحصل من ثواب دنيوي بعد ذلك فهو تبع، وثمرة من ثمرات اتّباع ما فيها من الهدى.

وما يحكى من قصص وعجائب في الرزق وتيسير الأمور لمن داوموا على قراءة سورة البقرة فبعضه قد يكون صحيحاً لأحد سببين:
الأول: حصول شفاء من مانعٍ كسحرٍ أو عين كان فيه تعويق للقارئ عن كثير من مصالحه.
والثاني: توفيقه لهدى عرفه بقراءة سورة البقرة فاتّبعه وكان له بركة عظيمة عليه في حياته.

والمداومة على قراءة سورة البقرة جائز مشروع، وقد صحّ فعله عن أبي رفاعة العدوي رضي الله عنه كما تقدّم، لكن تعيين أعداد معيّنة لقراءتها لا أصل له، وكذلك اشتراط قراءتها كاملة لا أصل له، بل يكفي قراءة ما تيسّر منها، وكلما كانت القراءة أحسن كانت أحبَّ إلى الله وأعظم أثراً، وذلك يتحقق بتعظيم النية والإخلاص، وإحسان اتّباع الهدى.
#مسائل_علوم_القرآن | #فضائل_السور_الآيات
س: حديث (‌من ‌قرأ بالآيتين من آخر سورة البقرة في ليلة كفتاه)، وغيره من الأحاديث التي فيها تعليق الثواب بلفظ القراءة: من قرأ كذا فله كذا؛ هل يُشترط فيها التدبر والعمل؟ أو يكفي مجرد القراءة؟

الجواب:
النصوص التي ورد فيها تعليق الثواب على القراءة على صنفين:
الصنف الأول: ما يُذكر معه ما يدلّ على الأمر بالعمل واتباع الهدى كما في حديث أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((اقرأوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعاً لأصحابه)).
وقوله صلى الله عليه وسلم في البقرة وآل عمران: ((تحاجّان عن أصحابهما)).
وقوله في الحديث الآخر: ((تعلموا سورة البقرة فإن أخذها بركة)) فهذا كله مما يدلّ دلالة بيّنة على العمل.
لأن الصحبة لها مقتضياتها؛ فلا يعدّ صاحباً للقرآن ولا لسورة منه من لم يأخذه بالإيمان وتعاهد التلاوة واتباع الهدى.

والصنف الثاني: ما يُذكر فيه لفظ القراءة مجرداً؛ كمثل الحديث المذكور في السؤال؛ فهذا نظير كثير من العبادات التي تُذكر ألفاظها في النصوص مجردة كالصلاة والإنفاق والذكر ونحوها، كلها محمولة على العمل الشرعي الذي اجتمع فيها شرطا قبول العمل من الإخلاص والمتابعة.
فإذا قيل: من قرأ كذا وكذا فله كذا وكذا؛ فالمراد به القراءة الصحيحة شرعاً، وهي القراءة التي يحبها الله تعالى ويرضاها ويثيب عليها، وليست كلّ قراءة.
بل هي القراءة التي يخلص فيها العبد لله تعالى ويتّبع فيها هدي النبي صلى الله عليه وسلم من غير غلوّ ولا تفريط.

ويجب أن يعرف طالب العلم في هذا الباب قاعدة عامة مهمة، وهي أنَّ الأعمالَ التي تذكر في النصوص في موضع مدح؛ فالمراد بها ما وقع منها على الوجه الشرعي الصحيح؛ فقوله صلى الله عليه وسلم: (اقرءوا سورة البقرة)، وكذلك الأحاديث التي فيها: من قرأ سورة كذا وكذا فله كذا وكذا؛ يُراد بها جميعاً القراءة الصحيحة في حكم الشرع، وهي القراءة المحبوبة لله عزّ وجلّ التي يترتب عليها الثواب والأثر.
والقراءة الصحيحة هي التي استوفت شرطي قبول العمل، وهما: الإخلاص والمتابعة؛ لأنَّ القراءة التي لا يكون فيها إخلاص لله تعالى مردودة غير مقبولة، كما قال الله تعالى: {وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا}، وقال تعالى: {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ}.
وفي الحديث القدسي الذي يرويه النبي صلى الله علي وسلم عن ربّه جلّ وعلا أنه قال: [أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل عملا أشرك معي فيه غيري تركته وشركه] رواه مسلم من حديث العلاء بن عبد الرحمن بن يعقوب، عن أبيه، عن أبي هريرة رضي الله عنه.
فالعمل الذي لا يراد به وجه الله عز وجل باطل، ولا يُعدّ في الميزان الشرعي عملاً صالحاً.
وكذلك العمل المبتدع وإن أراد به صاحبه وجه الله، لكنه أتى به على غير هدي النبي صلى الله عليه وسلم فهو مردود عليه لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد). رواه مسلم من حديث سعد بن إبراهيم الزهري، عن القاسم بن محمد، عن عائشة رضي الله عنها.
وفي الصحيحين من حديث سعيد بن أبي سعيد المقبري، عن أبيه، عن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل المسجد، فدخل رجلٌ فصلى ثم جاء فسلَّم على رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فردّ رسول الله صلى الله عليه وسلم السلامَ.
قال: ((ارجع فصلّ؛ فإنك ‌لم ‌تصل)).
فرجع الرجل فصلَّى كما كان صلى، ثم جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فسلَّم عليه؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((وعليك السلام))، ثم قال: ((ارجع فصلّ؛ فإنك ‌لم ‌تصل)) حتى فعل ذلك ثلاث مرات.
فقال الرجل: (والذي بعثك بالحق! ما أحسن غير هذا فعلّمني.
قال: ((إذا قمتَ إلى الصلاة فكبر، ثم اقرأ ما تيسّر معك من القرآن، ثم اركع حتى تطمئنّ راكعا، ثم ارفع حتى تعتدل قائما، ثم اسجد حتى تطمئن ساجدا، ثم ارفع حتى تطمئنَّ جالساً، ثم افعل ذلك في صلاتك كلها).
وهذا الحديث المعروف عند أهل الحديث بحديث المسيء صلاته، وقول النبي صلى الله عليه وسلم له: (ارجع فصلِّ فإنك لم تصلِّ) دليل على أنّ من عمل عملاً ليس على هدي النبي صلى الله عليه وسلم فهو كمن لم يعمله.
فهو وإن كان قد أدّى فيما يراه الناظر صورة الصلاة، إلا أنها ليست الصلاة الصحيحة في الشرع التي يترتب عليها ثوابها وأثرها، ولذلك عُدَّ في ميزان الشريعة غير مصلٍّ.
وهو غير متّهم في قصده ونيته، وقد أقسم للنبي صلى الله عليه وسلم أنه لا يحسن غير هذا، فلم يكذّبه النبي صلى الله عليه وسلم، ومع ذلك لم يعدَّه مصلياً، لأن صلاته وقعت على خلاف هدي النبي صلى الله عليه وسلم؛ فعلَّمه النبي صلى الله عليه وسلم كيف يصلّي؛ فمن اتّبع الهدى الذي علمه النبي صلى الله عليه وسلم إياه؛ فإنَّه حينئذ يعدّ مصلياً في ميزان الشريعة.
وكذلك يقال في سائر الأعمال إذا أدّاها الإنسان مستوفياً شرطي القبول من الإخلاص لله تعالى ومتابعة رسوله صلى الله عليه وسلم؛ فإنَّ عمله يكون صالحاً صحيحاً، يُثاب عليه.
ولا يضيع عند الله عز وجل من هذه الأعمال شيءٌ مهما قلَّ العمل؛ كما قال الله تعالى: {إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا }.
ووقعت {عملاً} نكرة في سياق النفي؛ فعمَّت كلَّ عمل حسنٍ مهما قلَّ؛ فإن الله عز وجل لا يضيعه، شريطة أن يكون العمل حسناً، ولا يكون حسناً حتى يستوفي شرطي القبول من الإخلاص والمتابعة.
وكذلك يقال في الأعمال الأخر، ففي قول الله تعالى: {ومما رزقناهم ينفقون} هذا الإنفاق ورد في موضع مدح؛ فالمراد به الإنفاق الصحيح في ميزان الشريعة، وليس كلّ إنفاق.
وهذا ما يسمّيه بعض أهل العلم الحقيقة الشرعية.
فمن أخلَّ بشروط قبول العمل لم يكن عمله معتبراً، ولم يترتّب عليه أثره.

ولا ينبغي أنّ يظنّ اشتراط الكمال في الأعمال؛ فإنّ ذلك غير ممكن لما دلّ عليه قول النبي صلى الله عليه وسلم: « استقيموا ولن تحصوا ». رواه أحمد والدارمي وابن ماجة من طرق عن سالم بن أبي الجعد، عن ثوبان رضي الله عنه.
وفي صحيح البخاري من حديث سعيد بن أبي سعيد المقبري، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: « إن الدين يسر، ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه، فسددوا وقاربوا، وأبشروا، واستعينوا بالغدوة والروحة وشيء من الدلجة ».
وفي رواية من هذا الطريق: « سددوا وقاربوا، واغدوا وروحوا، وشيء من الدلجة، والقصدَ القصدَ تبلغوا».
فالمسلمون يتفاضلون في إحسان القراءة وإحسان اتباع الهدى فمن كان معه أصل الإيمان وأصل اتباع الهدى حصل له أصل الانتفاع ثمّ كلما زاد زيد له.
وفي حديث عمار بن ياسر رضي الله عنهما مرفوعاً: «إن العبد ليصلي الصلاة، ما يكتب له منها إلا ‌عشرها، ‌تسعها، ثمنها، سبعها، سدسها، خمسها، ربعها، ثلثها نصفها». رواه أحمد، وأبو داوود، وغيرهما.
فالعمل الذي يؤديه المسلم محققاً فيه شرطي القبول من الإخلاص والمتابعة فهو عمل صالح، ثم يتفاضل المسلمون في إحسان الأعمال بتفاضلهم في مقاصد القراءة، واحتساب النية فيها وتعظيمها، وفي إحسان المتابعة، وعقل العمل.
ومن الناس من يعقد العزم على الامتثال بما يعرف من الهدى؛ ثم يقع في عمله تقصير؛ فهو بمنزلته في العلم والعمل.
وما دام العمل صالحاً فيرجى لصاحبه القبول وترتب الأثر عليه.
#مجالس_الأسئلة_العلمية| المجلس التاسع والأربعون
🔹موعد المجلس: الثلاثاء 27 من ذي القعدة 1445 هـ، من الساعة التاسعة إلى الساعة العاشرة مساء بتوقيت الرياض.
🔹موضوع المجلس: مسائل في التفسير.
🔹 أستقبل أسئلتكم في التعليقات، وأسأل الله التوفيق والسداد.
#مسائل_الحديث | #فضائل_السور_والآيات
س: ما صحة الحديث الوارد في فضل سورة البقرة: (ما من عبد يقرأ بها في ركعة قبل أن يسجد ثم سأل الله شيئاً إلا أعطاه).
ج: هذه رواية في حديث أبي أمامة الباهلي مرفوعاً: (اقرؤوا سورة ‌البقرة، فإن أخْذَها بَرَكة، وتَرْكَها حَسْرَة، ولا تستطيعها البَطَلَةُ)).
وقد عزاها ابن الأثير في "جامع الأصول" لمسلم، وليست في النسخ المعروفة لصحيح مسلم، ولم نقف لها على إسناد؛ فلذلك لا تصحّ.
وقد قال السيوطي في الدر المنثور: وأخرج أبو ذر في فضائله عن سعيد بن أبي هلال قال: (بلغني أنه ليس من عبد يقرأ البقرة وآل عمران في ركعة قبل أن يسجد ثم يسأل الله شيئا الا أعطاه).
ومع جهالة رجال الإسناد فهو بلاغ ضعيف، وسعيد بن أبي هلال (ت:135هـ) من طبقة تابعي التابعين.
#مجالس_الأسئلة_العلمية| المجلس التاسع والأربعون
🔹موعد المجلس: الثلاثاء 27 من ذي القعدة 1445 هـ، من الساعة التاسعة إلى الساعة العاشرة مساء بتوقيت الرياض.
🔹موضوع المجلس: مسائل في التفسير.
🔹 أستقبل أسئلتكم في التعليقات، وأسأل الله التوفيق والسداد.
#مسائل_اللغة
س: في الأثر أن الإمام أحمد قيل له: وأي شيء تصحيح النية؟ [ في طلب العلم]
قال: (ينوي يتواضع فيه وينفي عنه الجهل).
لماذا لم يقل: ينوي أن يتواضع، وأيهما أصح؟
وهل هناك أمثلة أخرى من القرآن أو السنة أو كلام العرب ما هو مشابه لهذه الصيغة بأن يتتابع فعلان مضارعان بدون كلمة بينهما؟


الجواب:
توالي فعلين مضارعين من غير فصل يقع على أضرب في لسان العرب:
الضرب الأول: أن يكون أحدهما فعل الشرط والآخر جوابه، وهذا كثير شائع، ومنه قول الله تعالى: {وإن يتفرقا يغن الله كلا من سعته}.
والضرب الثاني: أن يكون أولهما من الأفعال الناسخة والآخر تفسيراً له، وهذا معروف مستعمل، ومنه قول الله تعالى: {إن تكونوا تألمون فإنهم يألمون كما تألمون}، وفي قراءة الأعرج [أن تكونوا] بفتح همزة أن.
والضرب الثالث: أن يكون أولهما من أفعال المقاربة والشروع؛ وهذا أيضاً كثير شائع في لسان العرب، ومنه: قوله تعالى: {وَلَا يَكَادُ يُسِيغُهُ} ، وقوله تعالى: {ولا يكاد يبين}
وقال جرير بن عطية:
ويبيت يشرب عند كل مقصص ... خضل الأنامل واكف المعصار
والضرب الرابع: أن يكون الثاني عطف بيان للأول، أو تفسيراً له؛ كأن تقول: يمشي يتهادَى؛ فالتهادي بيان لصفة المشي.
والضرب الخامس: أن يكون أولهما من أفعال القصد والإرادة، والآخر بيان له، ومنه ما يقع في الشرح كثيراً؛ من قولهم: يريد يفعل كذا.
فالكلمة المروية عن الإمام أحمد ( ينوي يتواضع فيه) هي من الضرب الرابع أو الخامس، وهي محتملة في اللغة، وإن كان الأفصح أن يقال: ينوي أن يتواضع.
وهذا الأثر مروي هكذا عن الإمام أحمد، وربما سقط الحرف من الكاتب أو من بعض النسخ، لكن إذا صح بهذا اللفظ فلا ينكر.
الحمد لله على ما منّ به علينا من إدراك عشر ذي الحجة، وهي أيام فاضلة مباركة العمل فيها أحب إلى الله من العمل فيما سواها
فينبغي لكل مؤمن أن يجتهد في عمارتها بإحسان أداء الفرائض، وبالذكر وتلاوة القرآن وفعل الخيرات، وليحذر من تضييع الأوقات الفاضلة في اللغو وما لا نفع فيه.

ومن الأحاديث الصحيحة في فضائل الذكر وجوامع الدعاء:
1. قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من قال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، عشر مرارٍ كان كمن أعتق أربعة أنفس من ولد إسماعيل). رواه مسلم من حديث أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه.
2. وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من قال: حين يصبح وحين يمسي: سبحان الله وبحمده، مائة مرة، لم يأت أحد يوم القيامة بأفضل مما جاء به، إلا أحد قال مثل ما قال أو زاد عليه). رواه مسلم.
3. وأتى رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم؛ فقال: يا رسول الله كيف أقول حين أسأل ربي؟ قال: (قل: اللهم اغفر لي، وارحمني، وعافني، وارزقني «ويجمع أصابعه إلا الإبهام» فإن هؤلاء تجمع لك دنياك وآخرتك). رواه مسلم.
4. وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن، والعجز والكسل، والجبن والبخل، وضلع الدين، وغلبة الرجال». رواه البخاري.
5. وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( كلمتان خفيفتان على اللسان، ثقيلتان في الميزان، حبيبتان إلى الرحمن: سبحان الله العظيم، سبحان الله وبحمده). رواه البخاري.
6. وعن أبي ذر رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ألا أخبرك بأحب الكلام إلى الله؟) قلت: يا رسول الله أخبرني بأحب الكلام إلى الله، فقال: (إن أحب الكلام إلى الله: سبحان الله وبحمده). رواه مسلم.
7. وعن ابن عباس رضي الله عنهما عن أم المؤمنين جويرية بنت الحارث رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج من عندها بكرة حين صلى الصبح، وهي في مسجدها، ثم رجع بعد أن أضحى، وهي جالسة، فقال: «ما زلت على الحال التي فارقتك عليها؟»
قالت: نعم
قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لقد قلت بعدك أربع كلمات، ثلاث مرات، لو وزنت بما قلت منذ اليوم لوزنتهن: سبحان الله وبحمده، عدد خلقه ورضا نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته). رواه البخاري.
8. وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (من قال: سبحان الله وبحمده، في يوم مائة مرة، حطت خطاياه، وإن كانت مثل زبد البحر). رواه مسلم.
#مسائل_الفقه | #مسائل_السلوك
س: ما حكم الجلوس في المسجد والتفرغ للدعاء والذكر عشية عرفة لغير الحاج؟ فقد انتشر مقطع فيه التحذير من ذلك وأنه بدعة.

الجواب: هذا عمل مشروع لا يصحّ وصفه بأنه بدعة، بل هو سنة من سنن الخلفاء الراشدين، وثبت فعله عن جماعة من الصحابة والتابعين رضي الله عنهم.
- قال الحسن البصري: «أول من عرف بأرضنا ابن عباس كان يتعد عشية عرفة، فيقرأ القرآن البقرة آية آية، وكان مثجا عالما». رواه عبد الرزاق، وروى نحوه ابن أبي شيبة مختصراً.
- وقال قبيصة بن عقبة: حدثنا سفيان عن موسى ابن أبي عائشة، قال: (رأيت عمرو بن حريث جالساً على المنبر عشية عرفة). رواه ابن سعد.
قال أحمد بن حنبل: أول من فعله ابن عباس وعمرو بن حريث.
فأما ابن عباس فإنّه لما عرّف بأهل البصرة كان أميراً عليها، وإمارته للبصرة كانت في أول سنة من خلافة علي بن أبي طالب رضي الله عنهما، وبقي أميراً عليها حتى قتل علي رضي الله عنه، وكان علي بالكوفة، فالأمر قريب منه، فإقرار علي بن أبي طالب لابن عباس على التعريف بأهل البصرة ، دليل على أن ذلك سنة من سنن الخلفاء الراشدين.
وكان في البصرة في زمانه جماعة من الصحابة فلم ينكروا عليه.
وأما عمرو بن حريث رضي الله عنه فصحابي جليل وقارئ فقيه، ولد قبل الهجرة بسنة أو سنتين، ودعا له النبي صلى الله عليه وسلم، وكان من القراء في زمن عمر بن الخطاب، وكان عمر يأمره بإمامة النساء في رمضان ثم انتقل إلى الكوفة
وابتنى بها داراً كبيرة قريباً من المسجد الكبير، وعلّم بها، وبورك له في ماله وولده، وكان زياد بن أبيه إذا خرج إلى البصرة استخلف عمرو بن حريث على الكوفة، وهو أوّل من عرّف بها.

ويوم عرفة يسنّ صيامه لغير الحاج، ومكث الصائم في المسجد من الأعمال المشروعة لحفظ صيامه، والدعاء والذكر، وقد صحّ عن أبي هريرة رضي الله عنه من أنه كان هو وأصحابه إذا صاموا مكثوا في المسجد.
- قال إسماعيل بن مسلم العبدي، عن أبي المتوكل الناجي قال: «كان أبو هريرة وأصحابه إذا صاموا جلسوا في المسجد».
وقالوا: «نطهر صيامنا». رواه أحمد في الزهد، وابن أبي شيبة في مصنفه، وهناد في الزهد، وغيرهم.
فهذا في عموم الأيام التي يصام فيها، ويوم عرفة أولى بهذا المعنى، أن يحفظ الصيام فيه؛ لأنه صيام فاضل، له أجر لم يذكر لغيره من الأيام في صيام النفل، فالاحتياط لحفظ صيام يوم عرفة أولى من غيره.
- وقال حاتم بن إسماعيل، عن عبد الرحمن بن حرملة أنه رأى سعيد بن المسيب عشية عرفة مسنداً ظهره إلى المقصورة، ويستقبل الشام حتى تغرب الشمس. رواه ابن أبي شيبة.
وسعيد بن المسيب من كبار أصحاب أبي هريرة، ومن علماء التابعين، وكان يمكثُ في المسجد عشية عرفة حتى تغرب الشمس.
فهذا دليل على أن المكث في المسجد يوم عرفة سنة مشتهرة، فدعوى من يدعي أنها بدعة محدثة دعوى فيها جفاء.
نعم روي عن بعض التابعين كالحكم وحماد وإبراهيم النخعي، أنهم قالوا: إنها محدثة، لكن هذا له وجهان:
أحدهما: أنه نظير إحداث صلاة التراويح، فإنَّ صلاة التراويح لم تكن تقام جماعة في زمن أبي بكر الصديق رضي الله عنه، ولا في صدر خلافة عمر، وإنما جمعهم عمر بن الخطاب فأحيا سنة بُدئ العمل بها في زمن النبي صلى الله عليه وسلم، وإنما تركها النبي صلى الله عليه وسلم لئلا تفرض على أمته، فعمل عمر بن الخطاب هو إحياء تلك السنة، وكذلك يقال في تعريف أهل الأمصار عشية عرفة.
والوجه الآخر: أنه متجّه لمعنى مضاهاة أهل الموقف بعرفة ، وأن يخرج الناس في الأمصار في صعيد، ويخطب به خطيب، ويمكثون للدعاء؛ وهذا نحو ما روى عبد الرزاق عن معمر، عن قتادة قال: قال عدي بن أرطاة للحسن: ألا تخرج بالناس فتعرّف بهم؟ وذلك بالبصرة.
قال: فقال الحسن: «إنما المعرَّف بعرفة».
فهذا ظاهر في أنه للخروج ومضاهاة عمل أهل الموقف، وهو بدعة لا ريب، فإذا كان معه لباس إحرام وتلبية فهو بدعة منكرة.
والحسن هو الذي روى عن ابن عباس أنه أوّل من عرّف بالبصرة؛ وجوابه هذا دليل على تفريقه بين التعريف البدعي والتعريف الجائز.
فمن التعريف البدعي الخروج إلى صعيد يُعرّف به؛ ولذلك قال: إنما المعرّف بعرفة.
- قال زبيد اليامي: (ما كنا نعرّف إلا في مساجدنا). رواه ابن أبي شيبة.
وهذا يدلّ بمفهومه على الإنكار على من كان يخرج للتعريف في الأمصار في صعيد بارز يتّعد الناس فيه.
وعليه يحمل قول جماعة من التابعين: (إنما المعرّف بمكة).
وأما المكث في المسجد للذكر والدعاء وحفظ الصيام ؛ فهو عمل مشروع لا ينكر، غير أنه ينبغي أن يُعلم أنه من الأعمال التي يأخذ المرء فيها بالأصلح لقلبه والأنفع له؛ فإن كان مكثه في المسجد أدعى لحضور القلب واجتماعه على الذكر والدعاء والتفرغ من الشواغل فيستحبّ له، وإن كان مكثه في البيت أنفع له وأصلح لحاله فليمكث في بيته.
ولذلك لما سُئل الإمام أحمد عن التعريف في الأمصار قال: (لا بأس به، إنما هو دعاء وذكر لله. فقيل له: تفعله أنت؟ قال: أما أنا فلا).
وروي عن يحيى بن معين أنه حضر مع الناس عشية عرفة.
- وقال ابن عون: كانوا يسألون محمدا عن إتيان المسجد عشية عرفة فيقول: «لا أعلم به بأسا، فكان يقعد في منزله فكان حديثه في تلك العشية حديثه في سائر الأيام». رواه ابن أبي شيبة.
أي: أن ابن سيرين كان يختار هو لنفسه المكث في بيته، لكنه مع ذلك كان لا يرى بأساً بمن أتى المسجد وعرّف فيه، ولو كان المكث في المسجد عشية عرفة بدعة لكان بها بأس.
والمقصود أن من العلماء من كان يختار المكث في بيته، ومنهم من كان يختار المكث في المسجد، فلا يثرب على من أراد أن يمكث في بيته ويحفظ صيامه، ولا على من أراد أن يمكث في المسجد ويدعو، إنما يتبع المرء ما كان أصلح لقلبه.
والذي ينهى عنه إنما هو الغلو في ذلك، بأن يجعل التعريف مضاهياً لموقف أهل الموقف في عشية عرفة، كأن يلبس له الإحرام، أو يلبى فيه، أو يحدث فيه ما يحدث من الأذكار الجماعية؛ أو يخرج الناس إلى صعيد يقفون فيه كوقوف أهل عرفة بعرفة؛ فذلك كله من البدع المنكرة.
#مسائل_الفقه
س: ما حكم الجمع بين نية صيام يوم عرفة ونية قضاء يوم من رمضان؟

الجواب: صيام قضاء رمضان واجب، ويشترط فيه نية معيّنة تُبيّت من الليل لحديث ابن عمر رضي الله عنه مرفوعاً: (من لم يبيّت الصيام من الليل فلا صيام له).
فإذا عُيّن اليوم لصيام القضاء؛ فهل يصحّ أن يجمع معه نية نفل معيّن؟
فيه خلاف بين أهل العلم، والمسألة فيها أصلان مؤثران في الحكم
الأصل الأول: أنه لا يجوز الجمع بين نيتين معيّنتين في صيام واحد، فلا يجوز أن يصوم بنية القضاء ونية كفارة اليمين مثلاً.
والأصل الثاني: أن من صام يوماً فاضلاً بنيّة مطلقة فقد أدرك الثواب المترتب على صيام ذلك اليوم، ومن ذلك أن من صام يوم عاشوراء وهو لا يعلم أنه يوم عاشوراء فإنه يكون ممن وقع عليه أنه صام يوم عاشوراء؛ فيُرجى له أن يدرك الثواب المترتب عليه، وكذلك يقال في يوم عرفة.
وعلى ذلك فلا يصحّ أن يجمع الصائم بين نيّتين معيّنتين، لكن إذا صامه قضاء فقد وقع الخلاف بين العلماء هل يدرك ثواب النفل أو لا يدركه؟
فمن ذهب إلى أنه يدركه احتجّ بأنه يصدق عليه أنه صام يوم عرفة.
ومن قال: لا يدركه؛ ذهب إلى أنّ منطوق الحديث يدل على صومه تطوعاً، وأن الفضل مترتب على نيّة يحتسبها العبد تطوّعاً لله تعالى.
والأحوط أن يصوم يوم عرفة تطوّعاً لفضيلة الوقت، ويجعل للقضاء يوماً آخر.
أعاود بالتهاني أهل عيدي
فأنتم بهجة العيد السعيد
تقبل ربنا منا ومنكم
وآتانا من الفضل المزيد

#تباريق | #عيد_الأضحى_١٤٤٥
2024/06/16 09:11:56
Back to Top
HTML Embed Code: