أن تجعلَ نفسَ أخي راضية مَرضية، آمنة مُطمئنّة، أن يكون في جنةِ النعيم، في فرحٍ مقيم.

أن تكون لهُ سعادة لا تُفنى وهناء لا ينتهي، وسرورًا لا ينقطع، أن يكون راضيًا مَرضيا مَقبولًا لديكَ قبولًا حَسنا، آمين .

جعله الله صباحا مُحملا بالهناء والسرور، والرحمة والنور، والنعيم الّذي لا يبور على أرواحنا التي سَبقتنا للقبور .."(

كانَ لإخوتي صَديقًا صابئيًا، هداهُ الله للإسلام، وأسلم..
فتبرأ مِنهُ أهلهُ إثرَ ذلك، وقاموا بطردهِ من المَنزل، فلم يجد مكانًا يأوي إليه، ورغم ذلك لم يجزع من إيمانهِ، فأتوا بهِ إخوتي لدارنا، واستضفناه عندنا في أول وآخر أيام هدايته..
وبَعدَ ستة أشهر مِن إسلامه..، اختارهُ الله ليُقتلَ على يَدِّ أعدائه، وكانَ برفقتهِ أخي "ليَرتقيا شهيدينِ كَما نحسبهُما عِندَ الله".. كانا قريبين جدًا من بعضهما لدرجةِ أن امتزجت دماءهما مَعًا.. وكانَ هذا آخر مَشهدٍ أرى بهِ أخي، مَحفوفًا بدمائهِ ودماءِ صاحبه، وكأنها تُحاولُ تطهيرهما من ذنوبهما ليذهبا لربهما نَقيينِ لا يُخالطهما إثمٌ ولا تُلوثهما خطيئة💔، رحِمَ الله أخي وصاحبه وأحسنَ إليهما وجَعلهُما شُفعاءَ لبعضهما..، وسيقا إلى الجنةِ زُمرا .

﴿ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ ﴾

يَعلمُ الله أن ما يحملهُ قلبي من شوقٍ إليكَ أشبهُ بالجمرات تَلتفُ حوله وتلذعه من كل جانب، وأعلمُ أنه لن يخمدها شيء سوى لقائكَ أيا حَبيبَ أختك ونَبض فؤادها، عليكَ سلامُ رَبي ورحمتهُ ونورهُ وبركته ورضاه .."(

أنا لا أخشى عليكَ شيئا
لأنّي أعلمُ أن الله يعتني بك جيدًا
وأنّ الله أرحم بك منّي وأحَنُّ عَليك
أنا فقط أحزن لأن روحًا طاهرةٍ كَروحكَ فارقتني .. أحزنُ لأنّي لم أستطع أن أكبُر مَعها
لأن كل تلك السنوات ذَهبت من دونك
وعشت بها لَوعة بُعدك
ولأنّ فقدَ الأخِ مُميت،
أي أنك تبقى بفقدانهِ حيًّا،
وداخلك ميت
لو كان العكس لَشعرتَ بما أشعرُ بهِ الآن
ولَيتهُ كان العكس 💔.

وارجو رحمتك بأخي يا الله، اجعلها تُحيطه عن يمينه وعن شماله، من فوقه ومن تحته، من خلفه ومن أمامه، اجعلهُ مُحاطًا برحمتك من كل جانب يارب العالمين .

واغفر لأخي .. وارضَ عنه يا الله وأرضهِ، واجعل ذكرهُ حيًا على ألسنة مجابي الدعاء لديك إلى يوم الدين، واجعله في شغل فاكهون وفي نعيمٍ مقيم .

للهِ ما تُحدّثُ عنهُ قلوبنا، للهِ ما نَكتمه .

ثُمّ إنكَ يا شقيقَ روحي حين رَحلتَ أخذتَ قلبيَ مَعك، دَفنوه هُناكَ حيثُ دفنوك ومنذُ ذلك اليوم لم أتمكن من استرداد عافيتي، أنتَ كُنت العافية 💔.

واجعل قبر فقيدي نورًا..
واجعلهُ مُزهرا مُشرقًا هانِئًا يملؤهُ سرورا..
ومَتعّ أخي بنعيم جنتك واجعلهُ فيها سعيدًا آمناً مَسرورا .

واجعل الجنةَ موعدًا لِلُقانا .

فاللقاء بجنتك يكون مُختلف، لا يُشبهُ أي لقاء آخر، لأنه سيكون لقاءً أبدي لا نَخشى أن يتبعهُ فراق، فاستجب لما يتمناهُ قلبيَ اللهم .

اللهم الصبرَ لقلوب الفاقدين
حَتى تجمع بينهم وبين أحبتهم على السُرر .

‏حَسْبُنَا اللَّهُ سَيُؤْتِينَا اللَّهُ مِن فَضْلِهِ

لَحظاتُ فقدِكَ كانتَ أسوء ما عِشتهُ طوال حياتي
وما زلتُ أذكرُ أولَ حُلم زُرتني بهِ بعد رَحيلك
لَم يكُن خيالًا، وكأنهُ كان حقيقيًا، وكأن الله ارسلك الي في تلك الليلة، ليُخفف عن قلبي، حينها أتيتني في حُلمي وكُنتُ نائمة داعبت شعري و قُلت لي استيقظي قد جاءَ العيد كررتها ثلاثًا حتى استيقظت لواقعي الّذي لم أجدك بهِ، ولم يكُن هُناكَ عيد..، فَعرفتُ أنك أنتَ العيدُ الّذي زارني، والآن أرجوك.. عُد لأراك في حُلمي مُجددًا، لأقولَ جاءني العيد، وَلَن انتظر بَعدها عيدًا آخر، تَكفيني رؤيتك.. أيا تَقبلَك الله 💔.

وهذهِ ليست المرة الأولى الّتي أتمنى بها رؤيتك فأنا في كل لحظة أضع بها رأسي على وسادتي قاصدةً النَوم، دعوتُ الله أن أراك ومازلتُ بإنتظارك وسأبقى أنتظرُ حتى أراكَ في منامي، أو على السُرر.. وظَنّي بربي أن لا يُخيب رجائي .

إن أخي هوَ الحُزن الوحيد الّذي لا أتمنى نسيانه ولا أتمنى أن أتخطاه أو أتخطى يومهُ الأخير الّذي فارقني بهِ..، اريدُ أن أَذكُرَهُ ماحييت وأُذَكِرَ بهِ مِنَ الناسِ ما استَطعت لكي لا يُمحى ذكرهُ من هذهِ الحياة فَيدعو لهُ كُلّ مَن يعرفه، وَمَن لا يعرفه، فإنّ أخي يَستحق كُل دَعوةٍ طَيبةٍ خارجةٍ مِن أعماقِ قلبٍ صادق ولا أقولُ هذا لأنهُ أخي، ولكن لأنه يستحقُ فعلًا، فلا تنسوهُ مِن دعائكم، سَخرَ الله لَكُم من يَدعو لكم في حياتكم وبعدَ مماتكم .

الحمدُ للهِ الّذي وهبَ لي قلمًا، لأكتُبَ بهِ عنكَ وإليكَ.. ولو لا ذلك لما وجدتُ لي مُتنفسًا آخر يخفف اختناق روحي سوى دعواتٍ في جَوف اللّيل، أخالُها تَصلُ إليك فتملأ قبركَ أنورًا .