كل عامٍ وأنتم بِخيرٍ وعافيةٍ وسرورٍ أيها الفضلاءُ الكِرامُ، رمضان مبارك علينا وعليكم، وعلى أمتنا كلِّها، لا سيما إخواننا في كل ثَغرٍ ممن يمسحون عن وجوهنا غبارَ المذلة بدمائهم..
هذا العام فرحتي ببلوغ رمضانَ مضاعفة، فلأول مرة أخشى تلك الخشية من عدم بلوغه! فالحمد لله على فضله وعافيته وأن بلغني الشهرَ الكريم..
نحن كلُّنا في ضيافة الملك الكريم سبحانه وبحمده هذا الشهر الكريم، يُغدِقُ سبحانه علينا البركاتِ والرحماتِ والهِبات والهدايا من كل جانب، هذا نُزُلٌ كَريمٌ أعده الكريمُ الذي لا منتهى لكرمه لعباده، يصبُّ عليهم الخيراتِ صبًّا صبًّا، فأقبِلوا بالحب والرجاء من كل فج عميق، وأعلنوا حوائِجَكم للملك الكريم الوهّاب.. وتعرضوا لنفحات الله قدرَ ما تطيقون.
Forwarded from عِرفان
أقبلت الجنة، فادخلها!
رمضان بأنواره ورحماته استعادة للصدق والحقيقة فينا!
نقبل لنعلم أن الحياة بحقيقتها وصدقها مع الله تعالى وحده، وفي العبودية له وحده!
موسم القرآن بجلاله وجماله ونوره وحياته، ومواعظه وهداياته!
الأنفاس الجبريلية، والهبات القَدْرية، وصحبة الملائكة، وهمهمات أنفاس الضراعة، ومحافل دمعات الخشية والتوبة والإنابة!
موسم البركة السماوية التي تمسح عن القلوب غبار الدنيا، وزيفها، وغرورها!
موسم الصفاء الذي يُصبُّ في القلوب صبًّا، فيرفع إلى معارج العناية، ومنازل الولاية!
موسم التراحم والتغافر، والتباذل والمودة، وترك الأثرة، وإسكات الأنا والانتصار للنفس، والاعتصام بميثاق: إني صائم!
موسم التخفف من زوائد الأشغال وفضول الأقوال والأفعال والأعمال، وتجلي التوحيد بأنواره حبًّا وشوقًا وتعبدًّا ورِقًّا!
بركات " فإني قريب"، ورحمات" يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر"، ونسائم" أمن هو قانت آناء الليل ساجدًا وقائما يحذر الآخرة ويرجو رحمة ربه"!
اللهم لك الحمد لا نحصي ثناء عليك!
لك الحمد على رحمتك وشريعتك ومنتك ودينك!
لك الحمد على جمالك ونورك!
لك الحمد على سيدنا رسول الله ﷺ
لك الحمد على رمضان ورحماته وعتقه!
رمضان بأنواره ورحماته استعادة للصدق والحقيقة فينا!
نقبل لنعلم أن الحياة بحقيقتها وصدقها مع الله تعالى وحده، وفي العبودية له وحده!
موسم القرآن بجلاله وجماله ونوره وحياته، ومواعظه وهداياته!
الأنفاس الجبريلية، والهبات القَدْرية، وصحبة الملائكة، وهمهمات أنفاس الضراعة، ومحافل دمعات الخشية والتوبة والإنابة!
موسم البركة السماوية التي تمسح عن القلوب غبار الدنيا، وزيفها، وغرورها!
موسم الصفاء الذي يُصبُّ في القلوب صبًّا، فيرفع إلى معارج العناية، ومنازل الولاية!
موسم التراحم والتغافر، والتباذل والمودة، وترك الأثرة، وإسكات الأنا والانتصار للنفس، والاعتصام بميثاق: إني صائم!
موسم التخفف من زوائد الأشغال وفضول الأقوال والأفعال والأعمال، وتجلي التوحيد بأنواره حبًّا وشوقًا وتعبدًّا ورِقًّا!
بركات " فإني قريب"، ورحمات" يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر"، ونسائم" أمن هو قانت آناء الليل ساجدًا وقائما يحذر الآخرة ويرجو رحمة ربه"!
اللهم لك الحمد لا نحصي ثناء عليك!
لك الحمد على رحمتك وشريعتك ومنتك ودينك!
لك الحمد على جمالك ونورك!
لك الحمد على سيدنا رسول الله ﷺ
لك الحمد على رمضان ورحماته وعتقه!
استمتع بشبابك:
____
"أستمتع بشبابي":
(عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَالَ:
جَمَعْتُ الْقُرْآنَ فَقَرَأْتُ بِهِ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ، فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: "إِنِّي أَخْشَى أَنْ يَطُولَ عَلَيْكَ زَمَانٌ أَنْ تَمَلَّ؛ اقْرَأْهُ فِي كُلِّ شَهْرٍ".
قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ دَعْنِي أَسْتَمْتِعْ مِنْ قُوَّتِي وَشَبَابِي!
قَالَ: "اقْرَأْهُ فِي كُلِّ عِشْرِينَ".
قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ دَعْنِي أَسْتَمْتِعْ مِنْ قُوَّتِي وَشَبَابِي!
قَالَ: "اقْرَأْهُ فِي كُلِّ عَشْرٍ".
قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ دَعْنِي أَسْتَمْتِعْ مِنْ قُوَّتِي وَشَبَابِي!
قَالَ: "اقْرَأْهُ فِي كُلِّ سَبْعٍ".
قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ دَعْنِي أَسْتَمْتِعْ مِنْ قُوَّتِي وَشَبَابِي!
فَأَبَى).
رواه أحمد وابن ماجة.
_
سبحان الله! أرأيتَ؟!
أرأيتَ كيف كان يحب أن يستمتع بشبابه؟!
____
"أستمتع بشبابي":
(عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَالَ:
جَمَعْتُ الْقُرْآنَ فَقَرَأْتُ بِهِ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ، فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: "إِنِّي أَخْشَى أَنْ يَطُولَ عَلَيْكَ زَمَانٌ أَنْ تَمَلَّ؛ اقْرَأْهُ فِي كُلِّ شَهْرٍ".
قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ دَعْنِي أَسْتَمْتِعْ مِنْ قُوَّتِي وَشَبَابِي!
قَالَ: "اقْرَأْهُ فِي كُلِّ عِشْرِينَ".
قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ دَعْنِي أَسْتَمْتِعْ مِنْ قُوَّتِي وَشَبَابِي!
قَالَ: "اقْرَأْهُ فِي كُلِّ عَشْرٍ".
قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ دَعْنِي أَسْتَمْتِعْ مِنْ قُوَّتِي وَشَبَابِي!
قَالَ: "اقْرَأْهُ فِي كُلِّ سَبْعٍ".
قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ دَعْنِي أَسْتَمْتِعْ مِنْ قُوَّتِي وَشَبَابِي!
فَأَبَى).
رواه أحمد وابن ماجة.
_
سبحان الله! أرأيتَ؟!
أرأيتَ كيف كان يحب أن يستمتع بشبابه؟!
رمضانُ شهرُ النورِ والهنا والسرورِ، في الدينِ والدنيا، فأينما وجهتَ وجهكَ نفَحَتْك نفحاتُ الخير، وحيثما مددتَ كفَّك امتلأَتْ من البركات.
Forwarded from أسامة غاوجي
﴿ وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ ۖ قَالُوا بَلَىٰ ۛ شَهِدْنَا ۛ أَن تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَٰذَا غَافِلِينَ﴾
ماذا بقي من هذا هذه الذكرى؟ وما معنى هذا الميثاق؟
الحلقة الثانية من "الحال المرتحل"
https://youtu.be/ok_YaVOBSnk?si=hh16YIb9WGv9ZxAK
ماذا بقي من هذا هذه الذكرى؟ وما معنى هذا الميثاق؟
الحلقة الثانية من "الحال المرتحل"
https://youtu.be/ok_YaVOBSnk?si=hh16YIb9WGv9ZxAK
YouTube
ألست بربكم؟
﴿ وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ ۖ قَالُوا بَلَىٰ ۛ شَهِدْنَا ۛ أَن تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَٰذَا غَافِلِينَ﴾
عن الميثاق القديم، وذكرى الشهادة…
عن الميثاق القديم، وذكرى الشهادة…
Forwarded from قناة عبد القدوس الهاشمي
YouTube
انبعاث الحركة.. من دار الأرقم إلى حكم العالم - بودكاست النبي القائد
من عصر النبوة إلى عصر المقاومة، نغوص في رحلة تحليلية حول مفهوم "النبي القائد" مع الأستاذ طارق خميس، نناقش مركزية الجهاد في الإسلام، ونتناول نماذج تاريخية تُجسّد العلاقة بين الإيمان والعمل السياسي، بدءًا من تجربة النبي محمد ﷺ، وصولًا إلى شخصيات معاصرة كالسنوار…
Media is too big
VIEW IN TELEGRAM
غروبُ اليومِ الثاني من شهر رمضان..
(هذا الكتابُ الكريمُ يأبى بطبيعته أن يكونَ مِن صُنعِ البشر، وينادي بلسانِ حالِهِ أنه رسالةُ القضاءِ والقدر، حتى إنه لو وُجِدَ مُلقًى في صحراءَ لأيقنَ الناظرُ فيه أنْ ليس من هذه الأرض منبعُه ومنبتُه، وإنما كانَ من أفقِ السماء مطلعُه ومهبطُه).
محمد عبد الله دراز
#النبأ_العظيم
محمد عبد الله دراز
#النبأ_العظيم
لا تُقبِلْ على رمضانَ إقبالَ الخائفِ، بل إقبالَ المُحبِّ المشتاقِ المستزيد، ولا تقلْ -في أي لحظةٍ منه- فاتني الوقتُ، فإن هذا هو العجزُ كلُّه..
بل أبوابُ الخيرِ مُفَتَّحةٌ من كل جانب من أول ساعةٍ فيه وحتى آخر ساعة، فتلقَّفْ رحماتِ الله ونفَحَاتِه، واملأْ بها قلبَك وروحَك، فإن ضعفتَ، فخُذْ غرفةً بيدِك..
والملائكةُ تناديكَ نداءَ البشارةِ تَحثُّك: يا باغيَ الخيرِ، أقبِلْ.
ولا أراكَ إلا باغيَ خيرٍ..
والأجور مضاعفةٌ بلا عدٍّ ولا حَصْر..
ويُروَى عن السلفِ آثارٌ في المضاعفة، منها قول النخعي رحمه الله: "صومُ يومٍ من رمضان أفضلُ من ألفِ يوم، وتسبيحةٌ فيه أفضلُ من ألفِ تسبيحةٍ، وركعةٌ فيه أفضلُ من ألف ركعة".
بل أبوابُ الخيرِ مُفَتَّحةٌ من كل جانب من أول ساعةٍ فيه وحتى آخر ساعة، فتلقَّفْ رحماتِ الله ونفَحَاتِه، واملأْ بها قلبَك وروحَك، فإن ضعفتَ، فخُذْ غرفةً بيدِك..
والملائكةُ تناديكَ نداءَ البشارةِ تَحثُّك: يا باغيَ الخيرِ، أقبِلْ.
ولا أراكَ إلا باغيَ خيرٍ..
والأجور مضاعفةٌ بلا عدٍّ ولا حَصْر..
ويُروَى عن السلفِ آثارٌ في المضاعفة، منها قول النخعي رحمه الله: "صومُ يومٍ من رمضان أفضلُ من ألفِ يوم، وتسبيحةٌ فيه أفضلُ من ألفِ تسبيحةٍ، وركعةٌ فيه أفضلُ من ألف ركعة".
"ها نحنُ أولاء ندعو كلَّ من يطلبُ الحقَّ بإنصاف، أن ينظر معنا في القرآن من أي النواحي أحب: من ناحية أسلوبه، أو من ناحية علومه، أو من ناحية الأثر الذي أحدثه في العالم، وغيَّرَ به وجه التاريخ، أو من تلك النواحي مجتمعة؛ على أن يكون له الخِيَرةُ بعد ذلك أن ينظر إليه في حدود البيئةِ والعصرِ الذي ظهر فيه، أو يَفترِضُ أنه ظهر في أرقى الأوساط والعصور التاريخية.
وسواءٌ علينا أيضًا أن ينظر إلى شخصية الداعي الذي جاء به، أو يلتمسَ شخصًا خياليًّا تجمعت فيه مراناتُ الأدباء، وسلطاتُ الزعماء، ودراساتُ العلماء بكافة العلوم الإنسانية، ثم نسأله:
هل يجد فيه إلا قوةً شاذةً، تغلب كلَّ مغالب، وتتضاءل دونها قوةُ كلِْ عالم وكلِّ زعيم وكلِّ شاعرٍ وكاتب، ثم تنقضي الأجيالُ والأحقاب، ولا ينقضي ما فيه من عجائب، بل قد تنقضي الدنيا كلها ولما يُحِطِ الناسُ بتأويل كل ما فيه، {يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ} [الأعراف: 53]".
محمد عبد الله دراز
#النبأ_العظيم
وسواءٌ علينا أيضًا أن ينظر إلى شخصية الداعي الذي جاء به، أو يلتمسَ شخصًا خياليًّا تجمعت فيه مراناتُ الأدباء، وسلطاتُ الزعماء، ودراساتُ العلماء بكافة العلوم الإنسانية، ثم نسأله:
هل يجد فيه إلا قوةً شاذةً، تغلب كلَّ مغالب، وتتضاءل دونها قوةُ كلِْ عالم وكلِّ زعيم وكلِّ شاعرٍ وكاتب، ثم تنقضي الأجيالُ والأحقاب، ولا ينقضي ما فيه من عجائب، بل قد تنقضي الدنيا كلها ولما يُحِطِ الناسُ بتأويل كل ما فيه، {يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ} [الأعراف: 53]".
محمد عبد الله دراز
#النبأ_العظيم
اللهمَّ ارضَ عن قُرَّائِنا الكبارِ الذين عَجَّلوا لنا بعضَ نعيمِ الجنةِ مَسُوقًا يتهادى بينَ أيدينا..
من أهنأ "الرمضانات" التي قضيتُها يومَ دخلتُ رمضانَ متخففًا من قيودِ "التكثر" و"الضغط" و"الجري خلفَ الوقت"، لأنّ حِرصَكَ ورغبتَك على التكثرِ -على خلاف عادتك وما تعلمه من ضعفك- في زمان الخيرات يجعلك "مضغوطًا"، لا سيما إن كان من عاداتك القديمة حبُّ الاستكثار في مواسم الخيرات.
لكن أحيانًا نعلم من أنفسنا ضعفًا لازَمَها سنين، وهذا الضعف يحتاجُ سياسةً وتُؤَدة ووقتًا، وسنينَ، كما ترسَّخَ في سنين..
قلتُ لنفسي: على مهلك، افعل ما تستطيع، وعلى مَهَل، وتذوَّقْ قليلَ العمل، ينفعك أثرُه، وتستمتع به.
قلت لنفسي: "رمضان ليس عبئًا" بكل هذا الضغط! بل رمضان موسمُ حبٍّ وقُربٍ.. ولستَ في سباقٍ مع أحد، وربُّكَ ينظرُ إلى القلب السليم قبلَ كلِّ شيء، فاعتنِ به..
فكانَ خيرًا عليَّ في كَمِّه وكَيفِه.
هذه ليست دعوة لعدم الاستكثار، بل رمضان موسم الاستكثار والمنافسة، لكن هذه دعوة للتخفف من أعباء ليست حقيقية، أعباء نقيّد بها أنفسَنا رغبةً في الخير، فتأرن كما يأرن المُهرُ، ودعوة أن تستشعرَ الشعائرَ، وتذوقَ ثمراتِ العمل قليلًا كان أو كثيرًا.
ثم هي دعوة ألا تُنزّلَ أحوالَ السابقين على حالك، فتيأس، بل هم مُثُلٌ عُليا، نتمثّلُها، ونحاول، عامًا بعدَ عام، لعلنا نقترب من سعيهم، ولعلَّ ربَّنا سبحانه يشملُنا بنفحاته، ويُلحقنا بالسابقين لحبنا لهم.. والمرءُ معَ مَن أحب.
لكن أحيانًا نعلم من أنفسنا ضعفًا لازَمَها سنين، وهذا الضعف يحتاجُ سياسةً وتُؤَدة ووقتًا، وسنينَ، كما ترسَّخَ في سنين..
قلتُ لنفسي: على مهلك، افعل ما تستطيع، وعلى مَهَل، وتذوَّقْ قليلَ العمل، ينفعك أثرُه، وتستمتع به.
قلت لنفسي: "رمضان ليس عبئًا" بكل هذا الضغط! بل رمضان موسمُ حبٍّ وقُربٍ.. ولستَ في سباقٍ مع أحد، وربُّكَ ينظرُ إلى القلب السليم قبلَ كلِّ شيء، فاعتنِ به..
فكانَ خيرًا عليَّ في كَمِّه وكَيفِه.
هذه ليست دعوة لعدم الاستكثار، بل رمضان موسم الاستكثار والمنافسة، لكن هذه دعوة للتخفف من أعباء ليست حقيقية، أعباء نقيّد بها أنفسَنا رغبةً في الخير، فتأرن كما يأرن المُهرُ، ودعوة أن تستشعرَ الشعائرَ، وتذوقَ ثمراتِ العمل قليلًا كان أو كثيرًا.
ثم هي دعوة ألا تُنزّلَ أحوالَ السابقين على حالك، فتيأس، بل هم مُثُلٌ عُليا، نتمثّلُها، ونحاول، عامًا بعدَ عام، لعلنا نقترب من سعيهم، ولعلَّ ربَّنا سبحانه يشملُنا بنفحاته، ويُلحقنا بالسابقين لحبنا لهم.. والمرءُ معَ مَن أحب.
لا حُزْنَ يَبقَى ولا ظُلْمٌ ولا ظُلَمٌ
فَفِيمَ تبكينَ طُولَ الليلِ يا مُهَجُ؟!
كأنما الفجرُ مبعوثٌ يُنبِّئُنا
أنَّ الشدائدَ يأتي بعدَها الفرجُ
_
محمد المقرن
فَفِيمَ تبكينَ طُولَ الليلِ يا مُهَجُ؟!
كأنما الفجرُ مبعوثٌ يُنبِّئُنا
أنَّ الشدائدَ يأتي بعدَها الفرجُ
_
محمد المقرن
ثم ارجع إلى التاريخ فاسأله: ما بالُ القرون الأولى؟ ينبئك التاريخُ أن أحدًا لم يرفع رأسه أمام القرآن في عصر من أعصاره، وأن بضعةَ النفر الذين أنغضوا رءوسهم إليه باءوا بالخزي والهوان، وسحب الدهرُ على آثارهم ذيلَ النسيان.
أجل، لقد سجل التاريخ هذا العجز على أهل اللغة أنفسهم في عصر نزول القرآن، وما أدراك ما عصرُ نزول القرآن؟! هو أزهى عصور البيان العربي، وأرقى أدوار التهذيب اللغوي، وهل بلغت المجامع اللغوية في أمة من الأمم ما بلغته الأمة العربية في ذلك العصر من العناية بلغتها، حتى أدركت هذه اللغة أشدها؛ وتم لهم بقدر الطاقة البشرية تهذيبُ كلماتها وأساليبها؟ وما هذه الجموع المحشودة في الصحراء، وما هذه المنابر المرفوعة هنا وهناك؟ إنها أسواق العرب تعرض فيها أنفس بضائعهم وأجود صناعاتهم؛ وما هي إلا بضاعة الكلام، وصناعة الشعر والخطابة، يتبارون في عرضها ونقدها، واختيار أحسنها والمفاخرة بها، ويتنافسون فيها أشد التنافس، يستوي في ذلك رجالهم ونساؤهم، وما أمر حسان والخنساء وغيرهما بخافٍ على متأدب.
فما هو إلا أن جاء القرآن.. وإذا الأسواق قد انفضت، إلا منه، وإذا الأندية قد صَفِرت، إلا عنه، فما قدر أحدٌ منهم أن يُباريَه أو يجاريَه، أو يقترح فيه إبدال كلمة بكلمة، أو حذف كلمة أو زيادة كلمة، أو تقديم واحدة وتأخير أخرى؛ ذلك على أنه لم يسد عليهم باب المعارضة بل فتحه على مصراعيه، بل دعاهم إليه أفرادًا أو جماعات، بل تحداهم وكرر عليهم ذلك التحدي في صور شتى، متهكمًا بهم متنزلًا معهم إلى الأخف فالأخف:
فدعاهم أول مرة أن يجيئوا بمثله، ثم دعاهم أن يأتوا بعشر سور مثله، ثم أن يأتوا بسورة واحدة مثله، ثم بسورة واحدة من مثله، وأباح لهم في كل مرة أن يستعينوا بمن شاءوا ومن استطاعوا، ثم رماهم والعالمَ كله بالعجز في غير مواربة؛ فقال: ﴿لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا﴾ وقال: ﴿فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ﴾، فانظر أي إلهاب، وأي استفزاز! لقد أجهز عليهم بالحكم البات المؤبد في قوله ﴿وَلَنْ تَفْعَلُوا﴾ ثم هددهم بالنار، ثم سواهم بالأحجار!
فلعمري لو كان فيهم لسان يتحرك لما صمتوا عن منافسته وهم الأعداء الألداء، وأباة الضيم الأعزاء، وقد أصاب منهم موضعَ عزتهم وفخارهم، ولكنهم لم يجدوا ثغرة ينفذون منها إلى معارضته، ولا سُلَّمًا يصعدون به إلى مزاحمته، بل وجدوا أنفسهم منه أمامَ طود شامخ، فما اسطاعوا أن يظهروه وما استطاعوا له نقبًا... حتى إذا استيأسوا من قدرتهم واستيقنوا عجزهم، ما كان جوابهم إلا أن ركبوا متنَ الحتوف، واستنطقوا السيوفَ بدل الحروف. وتلك هي الحيلة التي يلجأ إليها كل مغلوب في الحجة والبرهان، وكل من لا يستطيع دفعًا عن نفسه بالقلم واللسان.
ومضى عصر القرآن والتحدي قائمًا فليجرب كل امرئ نفسه، وجاء العصر الذي بعده، وفي البادية وأطرافها أقوام لم تختلط أنسابهم، ولم تنحرف ألسنتهم، ولم تتغير سليقتهم، وفيهم من لو استطاعوا أن يأتوا هذا الدين من أساسه ويثبتوا أنهم قادرون من أمر القرآن على ما عجز عنه أوئلهم، لفعلوا، ولكنهم ذلت أعناقهم له خاضعين، وحيل بينهم وبين ما يشتهون كما فعل بأشياعهم من قبل.
ثم مضت تلك القرون، وورث هذه اللغة عن أهلها الوارثون، غير أن هؤلاء الذين جاءوا من بعد، كانوا أشد عجزًا وأقل طمعًا في هذا المطلب العزيز. فكانت شهادتهم على أنفسهم مضافة إلى شهادة التاريخ على أسلافهم، وكان برهان الإعجاز قائمًا أمامهم من طريقين: وجداني وبرهاني.. ولا يزال هذا دأب الناس والقرآن حتى يرث الله الأرض ومن عليها.
محمد عبد الله دراز
#النبأ_العظيم
أجل، لقد سجل التاريخ هذا العجز على أهل اللغة أنفسهم في عصر نزول القرآن، وما أدراك ما عصرُ نزول القرآن؟! هو أزهى عصور البيان العربي، وأرقى أدوار التهذيب اللغوي، وهل بلغت المجامع اللغوية في أمة من الأمم ما بلغته الأمة العربية في ذلك العصر من العناية بلغتها، حتى أدركت هذه اللغة أشدها؛ وتم لهم بقدر الطاقة البشرية تهذيبُ كلماتها وأساليبها؟ وما هذه الجموع المحشودة في الصحراء، وما هذه المنابر المرفوعة هنا وهناك؟ إنها أسواق العرب تعرض فيها أنفس بضائعهم وأجود صناعاتهم؛ وما هي إلا بضاعة الكلام، وصناعة الشعر والخطابة، يتبارون في عرضها ونقدها، واختيار أحسنها والمفاخرة بها، ويتنافسون فيها أشد التنافس، يستوي في ذلك رجالهم ونساؤهم، وما أمر حسان والخنساء وغيرهما بخافٍ على متأدب.
فما هو إلا أن جاء القرآن.. وإذا الأسواق قد انفضت، إلا منه، وإذا الأندية قد صَفِرت، إلا عنه، فما قدر أحدٌ منهم أن يُباريَه أو يجاريَه، أو يقترح فيه إبدال كلمة بكلمة، أو حذف كلمة أو زيادة كلمة، أو تقديم واحدة وتأخير أخرى؛ ذلك على أنه لم يسد عليهم باب المعارضة بل فتحه على مصراعيه، بل دعاهم إليه أفرادًا أو جماعات، بل تحداهم وكرر عليهم ذلك التحدي في صور شتى، متهكمًا بهم متنزلًا معهم إلى الأخف فالأخف:
فدعاهم أول مرة أن يجيئوا بمثله، ثم دعاهم أن يأتوا بعشر سور مثله، ثم أن يأتوا بسورة واحدة مثله، ثم بسورة واحدة من مثله، وأباح لهم في كل مرة أن يستعينوا بمن شاءوا ومن استطاعوا، ثم رماهم والعالمَ كله بالعجز في غير مواربة؛ فقال: ﴿لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا﴾ وقال: ﴿فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ﴾، فانظر أي إلهاب، وأي استفزاز! لقد أجهز عليهم بالحكم البات المؤبد في قوله ﴿وَلَنْ تَفْعَلُوا﴾ ثم هددهم بالنار، ثم سواهم بالأحجار!
فلعمري لو كان فيهم لسان يتحرك لما صمتوا عن منافسته وهم الأعداء الألداء، وأباة الضيم الأعزاء، وقد أصاب منهم موضعَ عزتهم وفخارهم، ولكنهم لم يجدوا ثغرة ينفذون منها إلى معارضته، ولا سُلَّمًا يصعدون به إلى مزاحمته، بل وجدوا أنفسهم منه أمامَ طود شامخ، فما اسطاعوا أن يظهروه وما استطاعوا له نقبًا... حتى إذا استيأسوا من قدرتهم واستيقنوا عجزهم، ما كان جوابهم إلا أن ركبوا متنَ الحتوف، واستنطقوا السيوفَ بدل الحروف. وتلك هي الحيلة التي يلجأ إليها كل مغلوب في الحجة والبرهان، وكل من لا يستطيع دفعًا عن نفسه بالقلم واللسان.
ومضى عصر القرآن والتحدي قائمًا فليجرب كل امرئ نفسه، وجاء العصر الذي بعده، وفي البادية وأطرافها أقوام لم تختلط أنسابهم، ولم تنحرف ألسنتهم، ولم تتغير سليقتهم، وفيهم من لو استطاعوا أن يأتوا هذا الدين من أساسه ويثبتوا أنهم قادرون من أمر القرآن على ما عجز عنه أوئلهم، لفعلوا، ولكنهم ذلت أعناقهم له خاضعين، وحيل بينهم وبين ما يشتهون كما فعل بأشياعهم من قبل.
ثم مضت تلك القرون، وورث هذه اللغة عن أهلها الوارثون، غير أن هؤلاء الذين جاءوا من بعد، كانوا أشد عجزًا وأقل طمعًا في هذا المطلب العزيز. فكانت شهادتهم على أنفسهم مضافة إلى شهادة التاريخ على أسلافهم، وكان برهان الإعجاز قائمًا أمامهم من طريقين: وجداني وبرهاني.. ولا يزال هذا دأب الناس والقرآن حتى يرث الله الأرض ومن عليها.
محمد عبد الله دراز
#النبأ_العظيم
الحصري، كأنهُ صوتُ الفطرةِ الذي كانَ في أصلابِ بني آدم!
مُشرِفٌ من السماءِ نداءً للبشر.
وهو وإن لم يكن -في القراء- أكثرَهم تفنُّنًا وجمالًا، فهو أظهرُهم هَيبةً وجلالًا.
مُشرِفٌ من السماءِ نداءً للبشر.
وهو وإن لم يكن -في القراء- أكثرَهم تفنُّنًا وجمالًا، فهو أظهرُهم هَيبةً وجلالًا.