"صدرك متعب؟
حاجتك طالت؟
في نفسك دعوة تتمنى لو تصبحُ واقعًا؟
الحياة تضيق؟
كل الأبواب أغلقت!
مفتاحك قيام الليل، ركعتان بوقت قليل.. لكنهما كثيرات الأثر، تسند ضعفك، وتعينك على كل هذا وذاك".
حاجتك طالت؟
في نفسك دعوة تتمنى لو تصبحُ واقعًا؟
الحياة تضيق؟
كل الأبواب أغلقت!
مفتاحك قيام الليل، ركعتان بوقت قليل.. لكنهما كثيرات الأثر، تسند ضعفك، وتعينك على كل هذا وذاك".
﴿وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ﴾
الحمد لله الذي أذن لنا بيوم جديد لنعبده ونشكره ونتوب إليه
تَوَلّنا وَتول أختياراتِنا وَحياتَنا ياربّ لطريقٍ تُحِبه ونُحِبُه يا الله 🤎
الحمد لله الذي أذن لنا بيوم جديد لنعبده ونشكره ونتوب إليه
تَوَلّنا وَتول أختياراتِنا وَحياتَنا ياربّ لطريقٍ تُحِبه ونُحِبُه يا الله 🤎
اللهُم لاتدع لنا ذنبًا إلا غفرته ولا مريضًا إلا شفيته ولا ميتًا إلا رحمته ولا دعاء إلا استجبتهُ ولا تائبًا إلا قبلته 💗
" فاللهم أيقظ أمّتنا من سُباتها وثبّت عليها دينها وعافيتها ورد للأمّة عزها، وانصر أهلنا ".
الأذكار
وورد القرآن
والانتظام في العبادات..
كلها صمامات أمان في عالَم يموجُ اليومَ بالفتن والشدائد والابتلاءات.
-د. خالد أبو شادي.
وورد القرآن
والانتظام في العبادات..
كلها صمامات أمان في عالَم يموجُ اليومَ بالفتن والشدائد والابتلاءات.
-د. خالد أبو شادي.
”اللهمّ صلّ على محمّدٍ كلّما ذكركَ الذّاكرون، وصلّ على محمّدٍ وعلى آلِ محمّدٍ كلّما غفلَ عن ذِكرهِ الغافلون!“.
-الإمام الشافعي.
-الإمام الشافعي.
❤1
«يرزق سبحانه بالأسباب، وبدون الأسباب، وباستحالة الأسباب؛ لتعلم أنَّ مفاتيح الأرزاق بيد الله لا بيد البشر وأنّه إذا أراد لك حظًّا وصلكَ ولو على أكفِّ المُستحيل» 🤍.
❤1
يتعافىٰ المرء في الجنة..
" لَا يَمَسُّهُمْ فِيهَا نَصَبٌ وَمَا هُم مِّنْهَا بِمُخْرَجِينَ ."
" وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا ."
" لَا يَمَسُّهُمْ فِيهَا نَصَبٌ وَمَا هُم مِّنْهَا بِمُخْرَجِينَ ."
" وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا ."
❤1
﴿ وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَىٰ تَنفَعُ الْمُؤْمِنِينَ ﴾
- سُبحان الله .
- الحَمد لله .
- لا إله إلا الله .
- الله أكبر .
- لا حَول و لا قوة إلا بالله العلي العظيم .
- سُبحان الله و بِحمده .
- سُبحان الله العَظيم .
- أستغفِرُ الله الْعَلِيُّ الْعَظِيم وَ أَتُوبُ إِلَيْهِ .
- لا إِلَهَ إِلا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ .
- اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ .
- يا مقلِّبَ القلوبِ ثَبِّتْ قلبِي على دينِك .
- سُبحان الله .
- الحَمد لله .
- لا إله إلا الله .
- الله أكبر .
- لا حَول و لا قوة إلا بالله العلي العظيم .
- سُبحان الله و بِحمده .
- سُبحان الله العَظيم .
- أستغفِرُ الله الْعَلِيُّ الْعَظِيم وَ أَتُوبُ إِلَيْهِ .
- لا إِلَهَ إِلا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ .
- اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ .
- يا مقلِّبَ القلوبِ ثَبِّتْ قلبِي على دينِك .
❤1
- طب وكلام الناس؟
= ناس مين؟ أنا هقابل ربنا لوحدي.
" وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا "🤎.
= ناس مين؟ أنا هقابل ربنا لوحدي.
" وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا "🤎.
❤1
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
يقول الله تعالى: {...فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ}
التوكل على الله مش مجرد كلمة باللسان
ده معنى حقيقي بيعيشه قلبك
ولو عاشه؛ هتبقى مطمن إن ربنا بيدبر لك كل خير حتى لو ما كنتش شايفه.
فتوكل على الله واسعى، والله لن يُضيعك.
يقول الله تعالى: {...فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ}
التوكل على الله مش مجرد كلمة باللسان
ده معنى حقيقي بيعيشه قلبك
ولو عاشه؛ هتبقى مطمن إن ربنا بيدبر لك كل خير حتى لو ما كنتش شايفه.
فتوكل على الله واسعى، والله لن يُضيعك.
❤1
السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ
سنتحدث اليوم عن شخصية أغلبنا يعرفها أو كلنا لأنها مشهورة جدا وهي
🌸حَلِيمَةُ السَّعْدِيَّةُ🌸
أُم الرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم مِن الرضاعِ فهي عزيزه على كل مؤمن فمن ثدييها الطاهرينِ رَضَعَ الغلام السعِيدُ محمد ابنُ عبد الله عليه افضل الصلاه والسلام وعلى صدرِها المُفعم بالمحبه غفا وفِي حِجرها الطافِح بالحنان دَرج ومِن فصاحتِها وفصاحةِ قومها بَنِي سَعْدٍ نهل فكان من أبين الأَبيِناءِ كَلاَماً
وأفصح الفصحاء نُطقا فخبرُها عن النبي الكريم صلى الله عليه وسلم من روائع الأخبار
قالت حليمه السعديه:خَرَجَتْ مِنْ مَنَازِلِنَا أَنَا وَزَوْجِي وَابْن لَنَا صَغِيرٌ نَلْتَمِسُ الرُّضَعَاءَ فِي مَكَّةَ وَكَانَ مَعَنَا نِسْوَةٍ مِنْ قَوْمِي بَنِي سَعْدِ لَقَدْ خَرَجْن لِمِثْلِ مَا خَرَجْتُ إلَيْهِ وَكَانَ ذَلِكَ فِي سَنَةِ قَاحِلَةٍ مُجْدِبَةٍ أَيِسَتِ الزَّرْع وَأَهْلَكْت الضَّرْع فَلَمْ تُبْقِ لَنَا شَيْئًا وَكَانَ مَعَنَا دَابَّتَان عجفاوانِ مُسِنَّتَان لَا ترشحان بِقَطْرَةٍ مِنْ لَبَنٍ فَرَكِبْت أَنَا وَغُلَامِي الصَّغِير أَحَدُهُمَا إمَّا زَوْجِي فَرَكِب الْأُخْرَى وَكَانَت نَاقَتِه أَكْبَرَ سِنًّا وَأَشَدُّه هُزَّالًا
وكنا والله ما ننام لحظه في ليلنا كُله لشدة بكاء طفلنا من الجُوع إذ لم يكُن في ثديِي ما يُغنِيِه ولم يكُن في ضِرعي ناقتِنا ما يُغذيهِ ولقد أبطأنا بِالركبِ بسبب هُزال أتانِنا وضعفِهِا فضجِر رِفاقُنا مِنا وشق عليهِم السفر بِسببِنا فلما بلغنا مكه وبحثنا عن الرضعاء وقعتُ في أمر لم يكُن بالحُسبان .... ذلك أنه لم تبق امرأه إلا وعُرِض عليها الغُلام الصغِير مُحمدُ بن عبد الله فكُنا نأباهُ لأنه يتِيم وكُنا نقولُ: وما عسى أن تنفعنا أُم صبي لا أب لهُ وما عسى اغن يصنع لنا جدهُ
ثم إنه لم يمضِ علينا غير يومين اثنين حتي ظفِرت كُل امرأة معنا بواحِدٍ من الرُضعاء أما أنا فلم اظفر بأحد فلما أزمعنا الرحيل قُلتُ لزوجي: إني لأ كره أن أرجع إلى منازِلنا وألقى بني قومِنا خاويه الوِفاضِ دون أن أخذ رضِيعاً فليس فِي صُوَيحِبَاتِي امرأة الا ومعها رضيع واللهِ لأذهبن إلى ذلك اليتيم ولآخُذنهُ فقال لها زوجُها: لا بأس عليكِ خذيه فعسى أن يجعل اللهُ فيه خيرا فذهبت إلى أُمه واخذته ووالله ما حملني على أخذه إلا أني لم اجد غلاما سواه فلما رجعت به إلى رحلي وضعتُهُ في حِجرِي وألقمته ثَدْيِي فَدَرّ عَلَيْهِ مِنْ اللَّبَنِ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَدْرِ بَعْدَ أَنْ كَانَ خَاوِيًا خَالِيًا فَشَرِب الْغُلَامُ حَتَّى رَوِيَ ثُمّ شَرِبَ أَخُوهُ حَتّى رَوَى أَيْضًا ثُمَّ نَامَا فاضجفتُ أَنَا وَزَوْجِي إلَى جانبهما لِننام بَعْدَ أَنْ كُنَّا لانحظي بالنوْمَ إلَّا غرارا بِسَبَب صَبِيّنَا الصَّغِيرِ ثُمَّ حَانَت مِنْ زَوْجِي الْتِفَاتَه إلَى ناقتِنا الْمُسِنَّة الْعَجْفَاء فَإِذَا ضرعاها حافِلانِ مُمتلِئانِ فَقَامَ إلَيْهَا دَهِشاً وَهُوَ لَا يُصَدَّقُ عَيْنَيْهِ وَحَلَب مِنْهَا وَشَرِبَ ثُمَّ حَلَبَ لِي فَشَرِبَت مَعَهُ حَتَّى امتلأنا رِيّا وَشِبَعاً وَبِتْنَا فِي خَيْرٍ لَيْلَة
فلما اصبحنا قال لِي زوجي: أتدرين يا حليمه أنك قد ظفِرتِ بطفل مبارك
فقُلتُ له: أنه لكذلِك واني لارجو منه خيرا كثيرا
ثُم خرجنا من مكه فركِبت أتاننا المُسِنه وحملتُهُ معِي عليها ؛فمضت نشيطة تتقدم دواب القوم جميعاً حتى ما يلحق بها أي من دوابهم فجعلت صواحِبي يقُلن لِي: ويحكِ يا ابنة أبي ذُوئبِ تمهلي علينا أليست هذِه أتانك المُسنة التي خرجتم عليها
فأقول لهُن: بلي ...واللهِ انها هِي
فيقُلن: واللهِ إن لها لشأناً
ثُمّ قَدِمْنَا مَنَازِلَنَا فِي بِلَادِ بَنِي سَعْدِ وَمَا أَعْلَمُ أَرْضًا مِنْ أَرْضِ اللهِ أَشَدُّ قَحْطًا مِنْهَا وَلَا أَقْسَى جَذْبًا لَكِنْ غَنِمْنَا جعِلَت تَغْدُو إلَيْهَا مِع كُلِّ صَبَاحٍ فترعى فِيهَا ثُمَّ تَعُودُ مَع الْمَسَاء فتحلِبُ مِنْهَا مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ نحلب وَنَشْرَب مِنْ لَبَنِهَا مَا طَابَ لَنَا أَنْ نَشْرَبَ وَمَا يَحْلُبُ أَحَدٌ غَيْرُنَا مِنْ غَنَمِهِ قَطْرَة
فَجَعَل بَنُو قَوْمِي يَقُولُونَ لِرُعْيَانِهِمْ : وَيْلَكُمْ اسْرَحُوا بغنمكم حَيْثُ يَسْرَحُ رَاعِي بِنْتِ أَبِي ذُؤَيْبٍ فَصَارُوا يَسْرَحُون بأغنامهم وَرَاء غَنمِنَا غَيْرَ أَنَّهُمْ كَانُوا يَعُودُونَ بِهَا وَهِيَ جَائِعَةٌ مَا تَرَشَّح لَهُم بِقَطْرَة وَلَم نَزَل نَلْتَقِي مِنْ اللَّهِ الْبَرَكَةَ وَالْخَيْرُ حَتّى انْقَضَتْ سَنَّتَا رَضَاع الصَّبِيّ وَتَمّ فِطَامُهُ
سنتحدث اليوم عن شخصية أغلبنا يعرفها أو كلنا لأنها مشهورة جدا وهي
🌸حَلِيمَةُ السَّعْدِيَّةُ🌸
أُم الرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم مِن الرضاعِ فهي عزيزه على كل مؤمن فمن ثدييها الطاهرينِ رَضَعَ الغلام السعِيدُ محمد ابنُ عبد الله عليه افضل الصلاه والسلام وعلى صدرِها المُفعم بالمحبه غفا وفِي حِجرها الطافِح بالحنان دَرج ومِن فصاحتِها وفصاحةِ قومها بَنِي سَعْدٍ نهل فكان من أبين الأَبيِناءِ كَلاَماً
وأفصح الفصحاء نُطقا فخبرُها عن النبي الكريم صلى الله عليه وسلم من روائع الأخبار
قالت حليمه السعديه:خَرَجَتْ مِنْ مَنَازِلِنَا أَنَا وَزَوْجِي وَابْن لَنَا صَغِيرٌ نَلْتَمِسُ الرُّضَعَاءَ فِي مَكَّةَ وَكَانَ مَعَنَا نِسْوَةٍ مِنْ قَوْمِي بَنِي سَعْدِ لَقَدْ خَرَجْن لِمِثْلِ مَا خَرَجْتُ إلَيْهِ وَكَانَ ذَلِكَ فِي سَنَةِ قَاحِلَةٍ مُجْدِبَةٍ أَيِسَتِ الزَّرْع وَأَهْلَكْت الضَّرْع فَلَمْ تُبْقِ لَنَا شَيْئًا وَكَانَ مَعَنَا دَابَّتَان عجفاوانِ مُسِنَّتَان لَا ترشحان بِقَطْرَةٍ مِنْ لَبَنٍ فَرَكِبْت أَنَا وَغُلَامِي الصَّغِير أَحَدُهُمَا إمَّا زَوْجِي فَرَكِب الْأُخْرَى وَكَانَت نَاقَتِه أَكْبَرَ سِنًّا وَأَشَدُّه هُزَّالًا
وكنا والله ما ننام لحظه في ليلنا كُله لشدة بكاء طفلنا من الجُوع إذ لم يكُن في ثديِي ما يُغنِيِه ولم يكُن في ضِرعي ناقتِنا ما يُغذيهِ ولقد أبطأنا بِالركبِ بسبب هُزال أتانِنا وضعفِهِا فضجِر رِفاقُنا مِنا وشق عليهِم السفر بِسببِنا فلما بلغنا مكه وبحثنا عن الرضعاء وقعتُ في أمر لم يكُن بالحُسبان .... ذلك أنه لم تبق امرأه إلا وعُرِض عليها الغُلام الصغِير مُحمدُ بن عبد الله فكُنا نأباهُ لأنه يتِيم وكُنا نقولُ: وما عسى أن تنفعنا أُم صبي لا أب لهُ وما عسى اغن يصنع لنا جدهُ
ثم إنه لم يمضِ علينا غير يومين اثنين حتي ظفِرت كُل امرأة معنا بواحِدٍ من الرُضعاء أما أنا فلم اظفر بأحد فلما أزمعنا الرحيل قُلتُ لزوجي: إني لأ كره أن أرجع إلى منازِلنا وألقى بني قومِنا خاويه الوِفاضِ دون أن أخذ رضِيعاً فليس فِي صُوَيحِبَاتِي امرأة الا ومعها رضيع واللهِ لأذهبن إلى ذلك اليتيم ولآخُذنهُ فقال لها زوجُها: لا بأس عليكِ خذيه فعسى أن يجعل اللهُ فيه خيرا فذهبت إلى أُمه واخذته ووالله ما حملني على أخذه إلا أني لم اجد غلاما سواه فلما رجعت به إلى رحلي وضعتُهُ في حِجرِي وألقمته ثَدْيِي فَدَرّ عَلَيْهِ مِنْ اللَّبَنِ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَدْرِ بَعْدَ أَنْ كَانَ خَاوِيًا خَالِيًا فَشَرِب الْغُلَامُ حَتَّى رَوِيَ ثُمّ شَرِبَ أَخُوهُ حَتّى رَوَى أَيْضًا ثُمَّ نَامَا فاضجفتُ أَنَا وَزَوْجِي إلَى جانبهما لِننام بَعْدَ أَنْ كُنَّا لانحظي بالنوْمَ إلَّا غرارا بِسَبَب صَبِيّنَا الصَّغِيرِ ثُمَّ حَانَت مِنْ زَوْجِي الْتِفَاتَه إلَى ناقتِنا الْمُسِنَّة الْعَجْفَاء فَإِذَا ضرعاها حافِلانِ مُمتلِئانِ فَقَامَ إلَيْهَا دَهِشاً وَهُوَ لَا يُصَدَّقُ عَيْنَيْهِ وَحَلَب مِنْهَا وَشَرِبَ ثُمَّ حَلَبَ لِي فَشَرِبَت مَعَهُ حَتَّى امتلأنا رِيّا وَشِبَعاً وَبِتْنَا فِي خَيْرٍ لَيْلَة
فلما اصبحنا قال لِي زوجي: أتدرين يا حليمه أنك قد ظفِرتِ بطفل مبارك
فقُلتُ له: أنه لكذلِك واني لارجو منه خيرا كثيرا
ثُم خرجنا من مكه فركِبت أتاننا المُسِنه وحملتُهُ معِي عليها ؛فمضت نشيطة تتقدم دواب القوم جميعاً حتى ما يلحق بها أي من دوابهم فجعلت صواحِبي يقُلن لِي: ويحكِ يا ابنة أبي ذُوئبِ تمهلي علينا أليست هذِه أتانك المُسنة التي خرجتم عليها
فأقول لهُن: بلي ...واللهِ انها هِي
فيقُلن: واللهِ إن لها لشأناً
ثُمّ قَدِمْنَا مَنَازِلَنَا فِي بِلَادِ بَنِي سَعْدِ وَمَا أَعْلَمُ أَرْضًا مِنْ أَرْضِ اللهِ أَشَدُّ قَحْطًا مِنْهَا وَلَا أَقْسَى جَذْبًا لَكِنْ غَنِمْنَا جعِلَت تَغْدُو إلَيْهَا مِع كُلِّ صَبَاحٍ فترعى فِيهَا ثُمَّ تَعُودُ مَع الْمَسَاء فتحلِبُ مِنْهَا مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ نحلب وَنَشْرَب مِنْ لَبَنِهَا مَا طَابَ لَنَا أَنْ نَشْرَبَ وَمَا يَحْلُبُ أَحَدٌ غَيْرُنَا مِنْ غَنَمِهِ قَطْرَة
فَجَعَل بَنُو قَوْمِي يَقُولُونَ لِرُعْيَانِهِمْ : وَيْلَكُمْ اسْرَحُوا بغنمكم حَيْثُ يَسْرَحُ رَاعِي بِنْتِ أَبِي ذُؤَيْبٍ فَصَارُوا يَسْرَحُون بأغنامهم وَرَاء غَنمِنَا غَيْرَ أَنَّهُمْ كَانُوا يَعُودُونَ بِهَا وَهِيَ جَائِعَةٌ مَا تَرَشَّح لَهُم بِقَطْرَة وَلَم نَزَل نَلْتَقِي مِنْ اللَّهِ الْبَرَكَةَ وَالْخَيْرُ حَتّى انْقَضَتْ سَنَّتَا رَضَاع الصَّبِيّ وَتَمّ فِطَامُهُ
❤1
وَكَان خِلَال عَامَيْةِ هَذَيْن يَنْمُو نُمُوّا لَا يُشْبِهُ نُمُوّ أَقْرَانِه فَهُوَ مَا كَادَ يُتِمّ سَنَتَيْه عِنْدَنَا حَتَّى غَدًا غُلَامًا قَوِيًّا مكتملا
عِنْدَ ذَلِكَ قَدِمْنَا بِهِ عَلَى أُمِّهِ وَنَحْنُ أَحْرَصُ مَا نَكُون عَلَى مُكْثِهِ عِنْدَنَا وَبَقَائِه فِينَا لَمّا كُنّا نَرَى فِي بَرَكَتِهِ فَلَمَّا لَقِيت أُمِّه طمأنتها عَلَيْهِ وَقُلْت : ليتك تتركين بُنَيّ عِنْدِي حَتّى يزاداد فُتوة وَقُوَّة فَإِنِّي أَخْشَى عَلَيْهِ وَبَاءُ مَكَّة
وَلَمْ أَزَلْ بِهَا اقنعها وارغبها حَتّى رَدّتْهُ مَعِي فَرَجَعْنَا بِهِ فَرِحِين مستبشرين
ثُمَّ إنَّهُ لَمْ يَمْضِ عَلِيّ مَقَدَّمٌ الْغُلَام مَعَنَا غَيْرِ أَشْهُرِ مَعْدُودَات حَتَّى وَقَعَ لَهُ أَمْرًا أَخَافَنَا واقلقنا وهزنا هَزَا
فَلَقَد خَرَجَ ذَاتَ صَبَاح مَعَ أَخِيهِ فِي غُنَيْمَات لَنَا يَرْعَيَانِهَا خَلْفَ بُيُوتِنَا فَمَا هُوَ إلَّا قَلِيلٌ حَتَّى أَقْبَلَ عَلَيْنَا أَخُوه يَعْدُو وَقَال : أَلْحَقَا بِأَخِي الْقُرَشِيّ فَقَد أَخَذَهُ رَجُلَانِ عَلَيْهِمَا ثِيَابٌ فَأَضْجَعَاه وَشَقّا بَطْنِه فَانْطَلَقْتُ أَنَا وَزَوْجِي نغدو نَحْو الْغُلَام فَوَجَدْنَاه مُنتقِع الْوَجْه مرتجفا فَالْتَزَمَه زَوْجِي وَضَمَمْته إلَى صَدْرِي وَقُلْت لَهُ : مَالَك يَا بُنَيَّ
فَقَال : جَاءَنِي رَجُلَانِ عَلَيْهِمَا ثِيَابٌ بِيضٌ فَأَضْجَعَانِي وَشَقّا بَطْنِي وَالْتَمَسَا شَيْئًا فِيهِ لَا أَدْرِي مَا هُوَ ثُمَّ خلياني وَمَضَيَا فَرَجَعْنَا بِالْغُلَام مضطرين خَائِفِين
فَلَمَّا بَلَغَنَا خِباءنا الْتَفَتَ إلَى زَوْجِي وَعَيْنَاه تَدْمَعَان ثُمَّ قَالَ : إنِّي لَا أَخْشَى أَنْ يَكُونَ هَذَا الْغُلَامُ الْمُبَارَك قَدْ أُصِيبَ بِأَمْرٍ لَا قَبْلَ لَنَا بُرْدَة
فَأَلْحِقِيهِ بِأَهْلِهِ فَإِنَّهُم أَقْدِر مِنَّا عَلَى ذَلِكَ فَاحْتَمَلْنَا الْغُلَام وَمَضَيْنَا حَتَّى بَلَغَنَا مَكَّة وَدَخَلْنَا بَيْتِ أُمِّهِ فَلَمَّا رأتنا حدقت فِي وَجْهِهِ وَلَدِهَا ثُمّ بادرتني قَائِلُه : مَا أَقْدَمَك بِمُحَمَّد يَا حَلِيمَةُ وَلَقَدْ كُنْت حَرِيصَةً عَلَيْهِ شَدِيدَة الرِّعَايَة الرَّغْبَةِ فِي مُكْثِهِ عِنْدَك فَقُلْت : لَقَد قُوَى عَوْدِه واكتملت فتوته وَقَضَيْت الّذِي عَلَيَّ نَحْوَهُ وَتَخَوّفْت عَلَيْهِ مِنْ الْأَحْدَاثِ فَأَدّيْتُهُ إلَيْك
فَقَالَت : اُصْدُقِينِي الْخَبَرُ فَمَا أَنْتَ بِاَلَّتِي تَرْغَب عَنْ الصَّبِيِّ لِهَذَا الَّذِي ذَكَرْتِهِ
ثُمَّ مَا زَالَتْ تُلِح عَلَيَّ وَلَمْ تَدَعْنِي حَتّى أَخْبَرْتهَا بِمَا وَقَعَ لَهُ فهدات ثُمَّ قَالَتْ : وَهَل تَخَوَّفْتِ عَلَيْهِ الشَّيْطَانُ يَا حَلِيمَةُ
فَقَالَت : نَعَم
فَقَالَت : كَلًّا وَاَللَّهِ مَا لِلشّيْطَانِ عَلَيْهِ مِنْ سَبِيلٍ وَإِنّ لِابْنَي لَشَأْنًا فَهَل أُخْبِرُك خَبَرَهُ
فَقُلْت : بَلِي
قَالَت : رَأَيْت حِينَ حَمَلَتْ بِهِ أَنَّهُ خَرَجَ مِنِّي نُورٌ أَضَاءَ لِي قُصُورَ بَصْرِيٌّ مِنْ أَرْضِ الشّامِ ثُمَّ إنِّي حِينَ وَلَدَتْهُ نَزَل وَاضِعًا يَدَيْهِ عَلَى الْأَرْضِ رَافِعًا رَأْسَهُ إِلَيَّ السَّمَاءِ ثُمَّ قَالَتْ دَعِيهِ عَنْك وَانْطَلِقِي رَاشِدَةً وجُزِيتِ عَنَّا وَعَنْهُ خَيْرًا فَمَضَيْتُ أَنَا وَزَوْجِي مَحْزُونِين أَشَدّ الْحُزْنَ عَلَى فِرَاقِهِ وَلَمْ يَكُنْ غُلامنا بِأَقَلّ مِنَّا حُزْنًا عَلَيْه واسي ولوعه عَلَى فِرَاقِهِ
وَبَعْد فَلَقَد عَاشَت حَلِيمًا السَّعْدِيَّة حَتَّى بَلَغَتْ مِنْ الْكِبْرِ عتيا
ثُمَّ رَأَتْ الطِّفْل الْيَتِيمِ الَّذِي أَرْضَعَتْه قَد غَدًا لِلْعَرَب سَيِّدًا وللانسانيه مُرْشِدًا وللبشريه نَبِيًّا
وَلَقَد وَفَدْت عَلَيْهِ بَعْدَ أَنْ أَمِنَتْ بِهِ وَصَدَّقَت بِالْكِتَاب
الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْهِ فَمَا إنْ رَآهَا حَتَّى اِسْتَطار بِهَا سُرُورًا وَطَفِق يَقُول : أُمِّي أُمّي ثُمّ خَلَعَ لَهَا رِدَاءَهُ وَبَسَطَه تَحْتَهَا وَأَكْرِم وفادتها أبلغ الإكرام وعيون الصحابة تنظر إليه وإليها في إجلال صلوات الله وسلامُهُ علي محمد صاحب الخُلُق الكريم ورِضوانُ الله علي السيده حليمه ظِئرِ النبي صلى الله عليه وسلم
عِنْدَ ذَلِكَ قَدِمْنَا بِهِ عَلَى أُمِّهِ وَنَحْنُ أَحْرَصُ مَا نَكُون عَلَى مُكْثِهِ عِنْدَنَا وَبَقَائِه فِينَا لَمّا كُنّا نَرَى فِي بَرَكَتِهِ فَلَمَّا لَقِيت أُمِّه طمأنتها عَلَيْهِ وَقُلْت : ليتك تتركين بُنَيّ عِنْدِي حَتّى يزاداد فُتوة وَقُوَّة فَإِنِّي أَخْشَى عَلَيْهِ وَبَاءُ مَكَّة
وَلَمْ أَزَلْ بِهَا اقنعها وارغبها حَتّى رَدّتْهُ مَعِي فَرَجَعْنَا بِهِ فَرِحِين مستبشرين
ثُمَّ إنَّهُ لَمْ يَمْضِ عَلِيّ مَقَدَّمٌ الْغُلَام مَعَنَا غَيْرِ أَشْهُرِ مَعْدُودَات حَتَّى وَقَعَ لَهُ أَمْرًا أَخَافَنَا واقلقنا وهزنا هَزَا
فَلَقَد خَرَجَ ذَاتَ صَبَاح مَعَ أَخِيهِ فِي غُنَيْمَات لَنَا يَرْعَيَانِهَا خَلْفَ بُيُوتِنَا فَمَا هُوَ إلَّا قَلِيلٌ حَتَّى أَقْبَلَ عَلَيْنَا أَخُوه يَعْدُو وَقَال : أَلْحَقَا بِأَخِي الْقُرَشِيّ فَقَد أَخَذَهُ رَجُلَانِ عَلَيْهِمَا ثِيَابٌ فَأَضْجَعَاه وَشَقّا بَطْنِه فَانْطَلَقْتُ أَنَا وَزَوْجِي نغدو نَحْو الْغُلَام فَوَجَدْنَاه مُنتقِع الْوَجْه مرتجفا فَالْتَزَمَه زَوْجِي وَضَمَمْته إلَى صَدْرِي وَقُلْت لَهُ : مَالَك يَا بُنَيَّ
فَقَال : جَاءَنِي رَجُلَانِ عَلَيْهِمَا ثِيَابٌ بِيضٌ فَأَضْجَعَانِي وَشَقّا بَطْنِي وَالْتَمَسَا شَيْئًا فِيهِ لَا أَدْرِي مَا هُوَ ثُمَّ خلياني وَمَضَيَا فَرَجَعْنَا بِالْغُلَام مضطرين خَائِفِين
فَلَمَّا بَلَغَنَا خِباءنا الْتَفَتَ إلَى زَوْجِي وَعَيْنَاه تَدْمَعَان ثُمَّ قَالَ : إنِّي لَا أَخْشَى أَنْ يَكُونَ هَذَا الْغُلَامُ الْمُبَارَك قَدْ أُصِيبَ بِأَمْرٍ لَا قَبْلَ لَنَا بُرْدَة
فَأَلْحِقِيهِ بِأَهْلِهِ فَإِنَّهُم أَقْدِر مِنَّا عَلَى ذَلِكَ فَاحْتَمَلْنَا الْغُلَام وَمَضَيْنَا حَتَّى بَلَغَنَا مَكَّة وَدَخَلْنَا بَيْتِ أُمِّهِ فَلَمَّا رأتنا حدقت فِي وَجْهِهِ وَلَدِهَا ثُمّ بادرتني قَائِلُه : مَا أَقْدَمَك بِمُحَمَّد يَا حَلِيمَةُ وَلَقَدْ كُنْت حَرِيصَةً عَلَيْهِ شَدِيدَة الرِّعَايَة الرَّغْبَةِ فِي مُكْثِهِ عِنْدَك فَقُلْت : لَقَد قُوَى عَوْدِه واكتملت فتوته وَقَضَيْت الّذِي عَلَيَّ نَحْوَهُ وَتَخَوّفْت عَلَيْهِ مِنْ الْأَحْدَاثِ فَأَدّيْتُهُ إلَيْك
فَقَالَت : اُصْدُقِينِي الْخَبَرُ فَمَا أَنْتَ بِاَلَّتِي تَرْغَب عَنْ الصَّبِيِّ لِهَذَا الَّذِي ذَكَرْتِهِ
ثُمَّ مَا زَالَتْ تُلِح عَلَيَّ وَلَمْ تَدَعْنِي حَتّى أَخْبَرْتهَا بِمَا وَقَعَ لَهُ فهدات ثُمَّ قَالَتْ : وَهَل تَخَوَّفْتِ عَلَيْهِ الشَّيْطَانُ يَا حَلِيمَةُ
فَقَالَت : نَعَم
فَقَالَت : كَلًّا وَاَللَّهِ مَا لِلشّيْطَانِ عَلَيْهِ مِنْ سَبِيلٍ وَإِنّ لِابْنَي لَشَأْنًا فَهَل أُخْبِرُك خَبَرَهُ
فَقُلْت : بَلِي
قَالَت : رَأَيْت حِينَ حَمَلَتْ بِهِ أَنَّهُ خَرَجَ مِنِّي نُورٌ أَضَاءَ لِي قُصُورَ بَصْرِيٌّ مِنْ أَرْضِ الشّامِ ثُمَّ إنِّي حِينَ وَلَدَتْهُ نَزَل وَاضِعًا يَدَيْهِ عَلَى الْأَرْضِ رَافِعًا رَأْسَهُ إِلَيَّ السَّمَاءِ ثُمَّ قَالَتْ دَعِيهِ عَنْك وَانْطَلِقِي رَاشِدَةً وجُزِيتِ عَنَّا وَعَنْهُ خَيْرًا فَمَضَيْتُ أَنَا وَزَوْجِي مَحْزُونِين أَشَدّ الْحُزْنَ عَلَى فِرَاقِهِ وَلَمْ يَكُنْ غُلامنا بِأَقَلّ مِنَّا حُزْنًا عَلَيْه واسي ولوعه عَلَى فِرَاقِهِ
وَبَعْد فَلَقَد عَاشَت حَلِيمًا السَّعْدِيَّة حَتَّى بَلَغَتْ مِنْ الْكِبْرِ عتيا
ثُمَّ رَأَتْ الطِّفْل الْيَتِيمِ الَّذِي أَرْضَعَتْه قَد غَدًا لِلْعَرَب سَيِّدًا وللانسانيه مُرْشِدًا وللبشريه نَبِيًّا
وَلَقَد وَفَدْت عَلَيْهِ بَعْدَ أَنْ أَمِنَتْ بِهِ وَصَدَّقَت بِالْكِتَاب
الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْهِ فَمَا إنْ رَآهَا حَتَّى اِسْتَطار بِهَا سُرُورًا وَطَفِق يَقُول : أُمِّي أُمّي ثُمّ خَلَعَ لَهَا رِدَاءَهُ وَبَسَطَه تَحْتَهَا وَأَكْرِم وفادتها أبلغ الإكرام وعيون الصحابة تنظر إليه وإليها في إجلال صلوات الله وسلامُهُ علي محمد صاحب الخُلُق الكريم ورِضوانُ الله علي السيده حليمه ظِئرِ النبي صلى الله عليه وسلم
السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ
سنتحدث اليوم عن حياه شخص من التابعين إسمه
✨عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ✨
قال عنه سَلَمَةُ بْنُ كُهَيْلٍ ((ما رايت احدا يريد بالعلم وجه الله عز وجل غير هؤلاء الثلاثه عطاء وطَاوُوس ومُجاهِدً))
ها نحن أولاء في العشر الأخير من شهر ذي الحجه سنه 97 للهجره وهذا البيت العتيق يَمُوجُ بالوافِدِين على الله من كل فَجّ نِسَاءً ورِجالاً وشُيوخاً وشُباناً فيهم الأسود والابيض وَالعَجَمِيُّ وَالْعَرَبِيّ لقد قدِموا جميعاً على ملك الناس مُخْبِتين مُلبًينَ راجِين مؤمنين وهذا سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ خليفة المُسلِمِين وأعظم مُلوك الأرضِ يطوف بالبيت العتيق حَاسِر الرأسِ حافِي القدمين ليس عليه إلا إِزار ورِداء شأنه في ذلِك كشأن بقية رعاياهُ من إخوانِهِ في وكان مِن خلفِهِ وَلَدَاهُ
وهما غُلامان كطلعةِ البدر بَهَاءً ورُوَاءً وما أن انتهى من طوافِهِ حتى مال على رجُلٍ منه خاصته وقال: أين صاحِبكُم ؟فقال: إنه هناك قائما يُصلي
وأشار إلى الناحيه الغربية من المسجد الحرام
فاتجه الخليفه ومن ورائِهِ ولداهُ إلى حيث أُشير إليه وهَمَّ رجال الحاشيِة بأن يتبعوا الخليفه ليفسحو له الطريق ويدفعوا عنه أذي الزحام فثناهم عن ذلك وقال: هذا مقام يتساوى فيه المُلُوكُ والسُّوقَةُ ولا يَفضُلُ فيه أحد ً أحداً إلا بالقبول والتقوى ورب أَشْعَتَ أغْبَرَ قدم علي الله فتقبلهُ بِما لم يتقبل بِهِ المُلُوك ثم مضى نحو الرَجُل فوجدهُ ما يزالُ دَاخِلاً في صلاتِهِ غارقاً فِي رُكُوعِهِ وسُجُودِهِ والناس جُلُوس وراءهُ وعن يمينِهِ وعن شمالِهِ فجلس حيث انتهى به المجلس وأجلس معه وَلَدَيْهِ
وطفق الفتيان القُرَشِيانِ يتأملان ذلك الرجل الذي قصدهُ أمير المؤمنين وجلس مع الناس ينتظِرُ فراغهُ من صلاتِهِ.
فَإِذَا هُوَ شَيْخُ حَبَشِيٌّ أَسْوَد الْبَشَرَة مُفَلْفَل الشَّعْر أَفْطَس الْأَنْفِ إذَا جَلَسَ بَدَأ الْغُرَاب الْأَسْوَد.
ولما انتهى الرجُلُ من صلاته مال بِشِقِّهِ على الجِهةِ التي فيها الخليفه فَحَيَّاهُ سليمان بن عبد الملك فرد التحيه بِمِثلِهَا وهنا أقبل عليه الخليفه وجعل يسأله عن مناسِكِ الحج منسكاً منسكاً وهو يَفِيضُ بالإجابة عن كل مسألةٍ و يُفصلُ القول فيها تفصيلاً لا يدع سبيل لِمُستزِيد ويُشنِدُ كل قول إلي الرسول صلى الله عليه وسلم ولما انتهى الخليفه من مساءلته جزاه خيرا وقال لولديه: قوما فقاما ومضى الثلاثه نحو المسعٰى وفيما هم في طريقهم الى السعي بين الصفا والمروه سمع الفتيان المُنَادِينَ يُنادون: يا معشر المسلمين لا يُفتِي الناس في هذا المقام إلا عطاء ابن ابي رباح فان لم يوجد فَعَبْدُ اللَّهِ بْنِ أَبِي نَجِيحٍ
فالتفت احد الغلامين إلي أبيه وقال:كيف يأمُرُ عامل أمير المؤمنين الناس بألا يَستفُتوا أحد غير عطاء بن ابي رباح وصاحبه
ثم جئنا نحن نستفتِي هذا الرجل الذي لم يأبه للخليفه ولم يُوفهِ حقهُ من التعظيم !!
فقال سليمان لولده: هذا الذي رأيته يا بُني ورأيت ذُلنَا بين يديه هوعطاء بن ابي رباح صاحب الفُتيا في المسجد الحرام ووارِثُ عبد الله بن عباس في هذا المنصب القدير ثم أردف يقول: يا بني تعلموا العِلم فبالعلم يَشرُفُ الوضِيعُ ويعلو الارقاءُ على مراتب الملوك
لم يكن سليمان بن عبد الملك مبالغا فيما قاله لابنه في شأن العلم فقد كان عطاء بن ابي رباح في صِغرهِ عبدا مملوكا لامرأة من أهل مكه غير أن الله عز وجل أكرم الغُلام بان وضع قدمه منذ نعومه أظافره في طريق العلم فقسم وقته اقسام الثلاثه:قِسم جعله لِسيدتِهِ يخدمها فيه احسن ما تكون ما الخدمه ويؤدي لها الحقوق وقسم جعله لربه يَفرُغُ فيه لعبادته أصفى ما تكون العباده واخلصها لله عز وجل وقسم جعله لطلب العلم حيث أقبل على من بقى حيا من صحابه رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذ عن ابي هُريره وعبد الله بن عمر وعبد الله بن عباس وعبد الله بن الزبير وغيره من الصحابه الكرام رضوان الله عليهم حتى امتلأ صدره علما وفِقها ورواية عن رسول صلى الله عليه وسلم ولما رأت السيده ذلك ان غلامها قد باع نفسه لله ووقف حياته على طلب العلم تخلت عن حقها فيه وأعتقت رقبته تقربا لله عز وجل لعل الله ينفع به الاسلام والمسلمين ومنذ ذلك اليوم اتخذ عطاء ابن ابي رباح البيت الحرام مقاما له فجعله دارهُ التي يأوي إليها ومدرسته التي يتعلم فيها ومُصلاة الذي يتقرب فيه إلى الله بالتقوى والطاعه
حتى قال المؤرخون: كان المسجد فراشه عطاء بن ابي رباح نحوا من 20 عام وقد بلغ التابعي الخليل عطاء منزلة لم ينلها إلا نفر قليل من المعاصرين
سنتحدث اليوم عن حياه شخص من التابعين إسمه
✨عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ✨
قال عنه سَلَمَةُ بْنُ كُهَيْلٍ ((ما رايت احدا يريد بالعلم وجه الله عز وجل غير هؤلاء الثلاثه عطاء وطَاوُوس ومُجاهِدً))
ها نحن أولاء في العشر الأخير من شهر ذي الحجه سنه 97 للهجره وهذا البيت العتيق يَمُوجُ بالوافِدِين على الله من كل فَجّ نِسَاءً ورِجالاً وشُيوخاً وشُباناً فيهم الأسود والابيض وَالعَجَمِيُّ وَالْعَرَبِيّ لقد قدِموا جميعاً على ملك الناس مُخْبِتين مُلبًينَ راجِين مؤمنين وهذا سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ خليفة المُسلِمِين وأعظم مُلوك الأرضِ يطوف بالبيت العتيق حَاسِر الرأسِ حافِي القدمين ليس عليه إلا إِزار ورِداء شأنه في ذلِك كشأن بقية رعاياهُ من إخوانِهِ في وكان مِن خلفِهِ وَلَدَاهُ
وهما غُلامان كطلعةِ البدر بَهَاءً ورُوَاءً وما أن انتهى من طوافِهِ حتى مال على رجُلٍ منه خاصته وقال: أين صاحِبكُم ؟فقال: إنه هناك قائما يُصلي
وأشار إلى الناحيه الغربية من المسجد الحرام
فاتجه الخليفه ومن ورائِهِ ولداهُ إلى حيث أُشير إليه وهَمَّ رجال الحاشيِة بأن يتبعوا الخليفه ليفسحو له الطريق ويدفعوا عنه أذي الزحام فثناهم عن ذلك وقال: هذا مقام يتساوى فيه المُلُوكُ والسُّوقَةُ ولا يَفضُلُ فيه أحد ً أحداً إلا بالقبول والتقوى ورب أَشْعَتَ أغْبَرَ قدم علي الله فتقبلهُ بِما لم يتقبل بِهِ المُلُوك ثم مضى نحو الرَجُل فوجدهُ ما يزالُ دَاخِلاً في صلاتِهِ غارقاً فِي رُكُوعِهِ وسُجُودِهِ والناس جُلُوس وراءهُ وعن يمينِهِ وعن شمالِهِ فجلس حيث انتهى به المجلس وأجلس معه وَلَدَيْهِ
وطفق الفتيان القُرَشِيانِ يتأملان ذلك الرجل الذي قصدهُ أمير المؤمنين وجلس مع الناس ينتظِرُ فراغهُ من صلاتِهِ.
فَإِذَا هُوَ شَيْخُ حَبَشِيٌّ أَسْوَد الْبَشَرَة مُفَلْفَل الشَّعْر أَفْطَس الْأَنْفِ إذَا جَلَسَ بَدَأ الْغُرَاب الْأَسْوَد.
ولما انتهى الرجُلُ من صلاته مال بِشِقِّهِ على الجِهةِ التي فيها الخليفه فَحَيَّاهُ سليمان بن عبد الملك فرد التحيه بِمِثلِهَا وهنا أقبل عليه الخليفه وجعل يسأله عن مناسِكِ الحج منسكاً منسكاً وهو يَفِيضُ بالإجابة عن كل مسألةٍ و يُفصلُ القول فيها تفصيلاً لا يدع سبيل لِمُستزِيد ويُشنِدُ كل قول إلي الرسول صلى الله عليه وسلم ولما انتهى الخليفه من مساءلته جزاه خيرا وقال لولديه: قوما فقاما ومضى الثلاثه نحو المسعٰى وفيما هم في طريقهم الى السعي بين الصفا والمروه سمع الفتيان المُنَادِينَ يُنادون: يا معشر المسلمين لا يُفتِي الناس في هذا المقام إلا عطاء ابن ابي رباح فان لم يوجد فَعَبْدُ اللَّهِ بْنِ أَبِي نَجِيحٍ
فالتفت احد الغلامين إلي أبيه وقال:كيف يأمُرُ عامل أمير المؤمنين الناس بألا يَستفُتوا أحد غير عطاء بن ابي رباح وصاحبه
ثم جئنا نحن نستفتِي هذا الرجل الذي لم يأبه للخليفه ولم يُوفهِ حقهُ من التعظيم !!
فقال سليمان لولده: هذا الذي رأيته يا بُني ورأيت ذُلنَا بين يديه هوعطاء بن ابي رباح صاحب الفُتيا في المسجد الحرام ووارِثُ عبد الله بن عباس في هذا المنصب القدير ثم أردف يقول: يا بني تعلموا العِلم فبالعلم يَشرُفُ الوضِيعُ ويعلو الارقاءُ على مراتب الملوك
لم يكن سليمان بن عبد الملك مبالغا فيما قاله لابنه في شأن العلم فقد كان عطاء بن ابي رباح في صِغرهِ عبدا مملوكا لامرأة من أهل مكه غير أن الله عز وجل أكرم الغُلام بان وضع قدمه منذ نعومه أظافره في طريق العلم فقسم وقته اقسام الثلاثه:قِسم جعله لِسيدتِهِ يخدمها فيه احسن ما تكون ما الخدمه ويؤدي لها الحقوق وقسم جعله لربه يَفرُغُ فيه لعبادته أصفى ما تكون العباده واخلصها لله عز وجل وقسم جعله لطلب العلم حيث أقبل على من بقى حيا من صحابه رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذ عن ابي هُريره وعبد الله بن عمر وعبد الله بن عباس وعبد الله بن الزبير وغيره من الصحابه الكرام رضوان الله عليهم حتى امتلأ صدره علما وفِقها ورواية عن رسول صلى الله عليه وسلم ولما رأت السيده ذلك ان غلامها قد باع نفسه لله ووقف حياته على طلب العلم تخلت عن حقها فيه وأعتقت رقبته تقربا لله عز وجل لعل الله ينفع به الاسلام والمسلمين ومنذ ذلك اليوم اتخذ عطاء ابن ابي رباح البيت الحرام مقاما له فجعله دارهُ التي يأوي إليها ومدرسته التي يتعلم فيها ومُصلاة الذي يتقرب فيه إلى الله بالتقوى والطاعه
حتى قال المؤرخون: كان المسجد فراشه عطاء بن ابي رباح نحوا من 20 عام وقد بلغ التابعي الخليل عطاء منزلة لم ينلها إلا نفر قليل من المعاصرين
فقد روى ان عبد الله بن عمرو رضي الله عنه وعن ابيه
فاقبل الناس عليه يسألونه ويستفتونه فقال: إني لأعجب لكم يا اهل مكه اتجمعون المسائل لتسألوني عنها وفيكم عطاء ابن ابي رباح
وقد وصل عطاء بن ابي رباح إلى ما وصل إليه من درجه في الدين والعلم بخصلتين اثنين :
أُولَاهُمَا : أَنَّه أَحْكَم سُلْطَانُهُ عَلَى نَفْسِهِ فَلَمْ يَدَعْ لَهَا سَبِيلًا لِتَرْتَعَ فِيمَا لَا يَنْفَعُ وَثَانِيهِمَا : أَنَّه أَحْكَم سُلْطَانُهُ عَلَى وَقْتِهِ فَلَمْ يهدره فِي فُضُولِ الْكَلَامِ وَالْعَمَل
حدث محمد بن سُوقَةَ جماعه من زُوارِهِ قال:ألا أسمعكم حديثا لعله ينفعكم كما نفعني؟
قالوا: بلى
قال نصحني عطاء ابن ابي رباح ذات يوم، فقال: يا بن أخي إن الذين من قبلنا كانوا يكرهون فضول الكلام
فقلت: وما فضول الكلام عندهم؟
فقال :كانوا يعُدُّون كُل كلام فضولا ما عدا كِتاب الله عز وجل أن ن يُقرأ ويفهم
وحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ان يُرْوَيٰ ويُدريٰ
أو أمرا بالمعروف ونهيا عن المنكر أو علما يُتقربُ به إلى الله عز وجل أو تتكلم بحاجتك ومعيشتك التي لابد لك منها
ثم حدق الى وجهي وقال: أتنكرون ( وَإِنَّ عَلَيۡكُمۡ لَحَـٰفِظِينَ* كِرَامًا كَـٰتِبِينَ)
وأن مع كل منكم ملكين
(إِذۡ يَتَلَقَّى ٱلۡمُتَلَقِّيَانِ عَنِ ٱلۡيَمِينِ وَعَنِ ٱلشِّمَالِ قَعِيدٌ* مَّا يَلۡفِظُ مِن قَوۡلٍ إِلَّا لَدَيۡهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ)
ثم قال: أما يستحي أحدنا لو نُشرت عليه صحيفتُهُ التي أملاها صدر نهاره فوجد اكثر ما فيها ليس من امر دِينِهِ ولا امر دُنياهُ ولقد نفع الله عز وجل بعلم عطاء بن ابي رباح كثيرا من الناس منهم اهل العلم المتخصصون ومنهم أرباب الصناعات المحترفون ومنهم غير ذلك
حدث الإمام ابو حنيفه النعمان عن نفسه قال: اخطات في خمسه أبواب من المناسك بمكه فعلمنيها حجام وذلك أني أردت ان احلِق لأخرج من الإحرام فأتيت حلاقا وقلت: بكم تحلق لي رأسي
فقال: هداك الله ان النُسُك لا يُشارطُ فيه اجلس وأعط ما تيسر لك فخجلت وجلست غير أني جلست مُنحرفا عن القبله فأوما إلي بان استقبل القبله ففعلت وازددت خجلاً على خجلي ثم اعطيتُهُ رأسي من الجانب الأيسر لِيحلِقهُ فقال: أدر شقق الايمن فأدرته
وجعل يحلق رأسي وأنا ساكت أنظر إليه وأعجب منه فقال لي : ما لي أراك ساكتا؟ كبر
فجعلت اكبر حتى قمت لأذهب
فقال: اين تريد
فقلت: أريد ان أمضي إلى رَحلِي
فقال: صلي ركعتين ثم امضِ إلى حيث تشاء فصليت ركعتين وقلت في نفسي: ما ينبغي ان يقع مثل هذا من حجام إلا إذا كان ذا علم فقلت له: من أين لك ما امرتني به من المناسك؟ فقال: لله أنت لقد رأيت عطاء بن أبي رابح يفعله فأخذته عنه وجهت إليه الناس
ولقد أقبلت الدنيا على عطاء بن ابي رباح فأعرض عنها اشد الإعراض وأباها أعظم الإباء وعاش عمره كله يلبس قميصا لا يزيد ثَمنُهُ على خمسة دراهم ولقد دعاه الخلفاء الي مصاحبتهم فلم يجب دعوتهم لخشيتهعلى دينه من دنياهم لكنه مع ذلك كان يفد عليهم اذا وجد في ذلك فائده للمسلمين أو خيرا للإسلام من ذلك ما حدث به عثمان بن عطاء الخرساني قال: انطلقتُ مع أبي نُريد هشام بن عبد الملك فلما غدونا قريبا من دمشق إذا نحنُ بشيخ على حمار اسود علىه قميص صفيق وجُبه بالية وقلنسوة لازقه برأسه ورِكاباهُ من خشب فضحكت منه وقلت لأبي: من هذا
فقال: اسكت هذا سيد فُقهاء الحجاز عطاء ابن ابي رباح فلما قرب منا نزل أبي عن بغلتِه ونزل هو عن حماره فاعتنقا وتساءلا ثم عدا فركبا وانطلقا حتى وقفا على باب قصر هشام ابن عبد الملك
فما ان استقر بهما الجلوس حتى أذن لهما فلما خرج أبي قلت له: حدثني بما كان منكما فقال: لما علم هشام أن عطاء بن ابي رباح بالباب بادر فإذن له ووالله ما دخلت إلا بسببه فلما رآه هشام قال: مرحبا مرحبا ها هنا ها هنا ولا داري يقول له:ههنا ههنا حتى اجلسه معه على سريره ومس بِرُكبتِهِ رُكبتَهُ وكان في المجلس اشرف الناس وكانوا يتحدثون فسكتوا ثم أقبل عليه هشام وقال: ما حاجتك يا ابا محمد
قال: يا أمير المؤمنين اهل الحرمين اهل الله وجيران رسوله تُقسم عليهم أرزاقهم وأعطياتهم فقال: نعم يا غلام اكتب لاهل مكه والمدينه بعطاياهم وأرزاقهم لسنة ثم قال: هل من حاجه غيرها يا ابا محمد
قال : نعم يا أمير المؤمنين اهل الحجاز واهل نجد اصل العرب وقاده الإسلام ترد فيهم فضول صدقهم فقال نعم يا غلام اكتب بان تزد فيهم فضول صدقاتهم
فقال:نعم يا غلام اكتب بأن تزد فيهم فضول صدقاتهم هل من حاجه غير ذلك يا ابا محمد
قال: نعم يا أمير المؤمنين اهل الثغور يقفون في وُجُوه عدوكم ويقتُلُون من رام المسلمين بشر تجري عليهم أرزاقا تدرها عليهم فإنهم ان هلكوا ضاعت الثغور
فاقبل الناس عليه يسألونه ويستفتونه فقال: إني لأعجب لكم يا اهل مكه اتجمعون المسائل لتسألوني عنها وفيكم عطاء ابن ابي رباح
وقد وصل عطاء بن ابي رباح إلى ما وصل إليه من درجه في الدين والعلم بخصلتين اثنين :
أُولَاهُمَا : أَنَّه أَحْكَم سُلْطَانُهُ عَلَى نَفْسِهِ فَلَمْ يَدَعْ لَهَا سَبِيلًا لِتَرْتَعَ فِيمَا لَا يَنْفَعُ وَثَانِيهِمَا : أَنَّه أَحْكَم سُلْطَانُهُ عَلَى وَقْتِهِ فَلَمْ يهدره فِي فُضُولِ الْكَلَامِ وَالْعَمَل
حدث محمد بن سُوقَةَ جماعه من زُوارِهِ قال:ألا أسمعكم حديثا لعله ينفعكم كما نفعني؟
قالوا: بلى
قال نصحني عطاء ابن ابي رباح ذات يوم، فقال: يا بن أخي إن الذين من قبلنا كانوا يكرهون فضول الكلام
فقلت: وما فضول الكلام عندهم؟
فقال :كانوا يعُدُّون كُل كلام فضولا ما عدا كِتاب الله عز وجل أن ن يُقرأ ويفهم
وحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ان يُرْوَيٰ ويُدريٰ
أو أمرا بالمعروف ونهيا عن المنكر أو علما يُتقربُ به إلى الله عز وجل أو تتكلم بحاجتك ومعيشتك التي لابد لك منها
ثم حدق الى وجهي وقال: أتنكرون ( وَإِنَّ عَلَيۡكُمۡ لَحَـٰفِظِينَ* كِرَامًا كَـٰتِبِينَ)
وأن مع كل منكم ملكين
(إِذۡ يَتَلَقَّى ٱلۡمُتَلَقِّيَانِ عَنِ ٱلۡيَمِينِ وَعَنِ ٱلشِّمَالِ قَعِيدٌ* مَّا يَلۡفِظُ مِن قَوۡلٍ إِلَّا لَدَيۡهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ)
ثم قال: أما يستحي أحدنا لو نُشرت عليه صحيفتُهُ التي أملاها صدر نهاره فوجد اكثر ما فيها ليس من امر دِينِهِ ولا امر دُنياهُ ولقد نفع الله عز وجل بعلم عطاء بن ابي رباح كثيرا من الناس منهم اهل العلم المتخصصون ومنهم أرباب الصناعات المحترفون ومنهم غير ذلك
حدث الإمام ابو حنيفه النعمان عن نفسه قال: اخطات في خمسه أبواب من المناسك بمكه فعلمنيها حجام وذلك أني أردت ان احلِق لأخرج من الإحرام فأتيت حلاقا وقلت: بكم تحلق لي رأسي
فقال: هداك الله ان النُسُك لا يُشارطُ فيه اجلس وأعط ما تيسر لك فخجلت وجلست غير أني جلست مُنحرفا عن القبله فأوما إلي بان استقبل القبله ففعلت وازددت خجلاً على خجلي ثم اعطيتُهُ رأسي من الجانب الأيسر لِيحلِقهُ فقال: أدر شقق الايمن فأدرته
وجعل يحلق رأسي وأنا ساكت أنظر إليه وأعجب منه فقال لي : ما لي أراك ساكتا؟ كبر
فجعلت اكبر حتى قمت لأذهب
فقال: اين تريد
فقلت: أريد ان أمضي إلى رَحلِي
فقال: صلي ركعتين ثم امضِ إلى حيث تشاء فصليت ركعتين وقلت في نفسي: ما ينبغي ان يقع مثل هذا من حجام إلا إذا كان ذا علم فقلت له: من أين لك ما امرتني به من المناسك؟ فقال: لله أنت لقد رأيت عطاء بن أبي رابح يفعله فأخذته عنه وجهت إليه الناس
ولقد أقبلت الدنيا على عطاء بن ابي رباح فأعرض عنها اشد الإعراض وأباها أعظم الإباء وعاش عمره كله يلبس قميصا لا يزيد ثَمنُهُ على خمسة دراهم ولقد دعاه الخلفاء الي مصاحبتهم فلم يجب دعوتهم لخشيتهعلى دينه من دنياهم لكنه مع ذلك كان يفد عليهم اذا وجد في ذلك فائده للمسلمين أو خيرا للإسلام من ذلك ما حدث به عثمان بن عطاء الخرساني قال: انطلقتُ مع أبي نُريد هشام بن عبد الملك فلما غدونا قريبا من دمشق إذا نحنُ بشيخ على حمار اسود علىه قميص صفيق وجُبه بالية وقلنسوة لازقه برأسه ورِكاباهُ من خشب فضحكت منه وقلت لأبي: من هذا
فقال: اسكت هذا سيد فُقهاء الحجاز عطاء ابن ابي رباح فلما قرب منا نزل أبي عن بغلتِه ونزل هو عن حماره فاعتنقا وتساءلا ثم عدا فركبا وانطلقا حتى وقفا على باب قصر هشام ابن عبد الملك
فما ان استقر بهما الجلوس حتى أذن لهما فلما خرج أبي قلت له: حدثني بما كان منكما فقال: لما علم هشام أن عطاء بن ابي رباح بالباب بادر فإذن له ووالله ما دخلت إلا بسببه فلما رآه هشام قال: مرحبا مرحبا ها هنا ها هنا ولا داري يقول له:ههنا ههنا حتى اجلسه معه على سريره ومس بِرُكبتِهِ رُكبتَهُ وكان في المجلس اشرف الناس وكانوا يتحدثون فسكتوا ثم أقبل عليه هشام وقال: ما حاجتك يا ابا محمد
قال: يا أمير المؤمنين اهل الحرمين اهل الله وجيران رسوله تُقسم عليهم أرزاقهم وأعطياتهم فقال: نعم يا غلام اكتب لاهل مكه والمدينه بعطاياهم وأرزاقهم لسنة ثم قال: هل من حاجه غيرها يا ابا محمد
قال : نعم يا أمير المؤمنين اهل الحجاز واهل نجد اصل العرب وقاده الإسلام ترد فيهم فضول صدقهم فقال نعم يا غلام اكتب بان تزد فيهم فضول صدقاتهم
فقال:نعم يا غلام اكتب بأن تزد فيهم فضول صدقاتهم هل من حاجه غير ذلك يا ابا محمد
قال: نعم يا أمير المؤمنين اهل الثغور يقفون في وُجُوه عدوكم ويقتُلُون من رام المسلمين بشر تجري عليهم أرزاقا تدرها عليهم فإنهم ان هلكوا ضاعت الثغور
فقال: نعم يا غلام اكتب بحمل ارزاقهم اليهم هل من حاجه غيرها يا ابا محمد
فقال: نعم يا أمير المؤمنين اهل ذمتكم لا يُكلفون ما لا يُطيقون فإن ما تجبونه منهم معونه لكم على عدوكم
فقال: يا غلام اكتب لأهل بألا يُكفوا ما لا يُطيقون هل من حاجه غيرها يا ابا محمد
قال: نعم اتق الله في نفسك يا أمير المؤمنين واعلم أنك خُلقت وحدك وتموتُ وحدك وتُحشر وحدك وتحاسب وحدك ولا واللهِ ما معك ممن ترى احد
فأكب هشام ينكُثُ في الأرض وهو يبكي
فقام عطاء فقُمتُ معهُ فلما صرنا عند الباب إذا رجلا قد تبعه بكيس لا ادري ما فيه وقال له: أن أمير المؤمنين بعث لك بهذا
فقال : هيهات
(وَمَآ أَسۡـَٔلُكُمۡ عَلَيۡهِ مِنۡ أَجۡرٍ إِنۡ أَجۡرِىَ إِلَّا عَلَىٰ رَبِّ ٱلۡعَـٰلَمِينَ)
والله انه دخل على الخليفه وخرج من عنده ولم يشرب قطره ماء
وبعد، فَقَدْ عُمر عطاء بن أبي رباح حتى بلغ 100 عام ملأها بالعلم والعمل وأترعها بالبر والتقوى وزكاها بالزهاده بما في أيدي الناس والرغبه بما عند الله فلما أتاه اليقين وجدهُ خفِيف الحِمل من أثقال الدنيا
كثير الزاد من عمل الآخرة ومعه فوق ذلك 70 حجه وقف خلالها 70 مرة على عرفات وهو يسأل الله تعالى رضاهُ والجنه ويتعيذ به من سخطه والنار
فقال: نعم يا أمير المؤمنين اهل ذمتكم لا يُكلفون ما لا يُطيقون فإن ما تجبونه منهم معونه لكم على عدوكم
فقال: يا غلام اكتب لأهل بألا يُكفوا ما لا يُطيقون هل من حاجه غيرها يا ابا محمد
قال: نعم اتق الله في نفسك يا أمير المؤمنين واعلم أنك خُلقت وحدك وتموتُ وحدك وتُحشر وحدك وتحاسب وحدك ولا واللهِ ما معك ممن ترى احد
فأكب هشام ينكُثُ في الأرض وهو يبكي
فقام عطاء فقُمتُ معهُ فلما صرنا عند الباب إذا رجلا قد تبعه بكيس لا ادري ما فيه وقال له: أن أمير المؤمنين بعث لك بهذا
فقال : هيهات
(وَمَآ أَسۡـَٔلُكُمۡ عَلَيۡهِ مِنۡ أَجۡرٍ إِنۡ أَجۡرِىَ إِلَّا عَلَىٰ رَبِّ ٱلۡعَـٰلَمِينَ)
والله انه دخل على الخليفه وخرج من عنده ولم يشرب قطره ماء
وبعد، فَقَدْ عُمر عطاء بن أبي رباح حتى بلغ 100 عام ملأها بالعلم والعمل وأترعها بالبر والتقوى وزكاها بالزهاده بما في أيدي الناس والرغبه بما عند الله فلما أتاه اليقين وجدهُ خفِيف الحِمل من أثقال الدنيا
كثير الزاد من عمل الآخرة ومعه فوق ذلك 70 حجه وقف خلالها 70 مرة على عرفات وهو يسأل الله تعالى رضاهُ والجنه ويتعيذ به من سخطه والنار
السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ
سنتحدث اليوم عن صحابي إسْمُه ✨سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ الْجُمَحِيُّ✨
قال عنه المؤرخون (رجل اشترى الآخرة بالدنيا وآثر اللَّه ورسوله على سواهما)
كان سعيد ابن عامر واحد من الآلافِ المؤلفةِ الذين خرجوا إلى منطقه التنعيم في ظاهِرِ مكه بدعوةٍ من زُعماءِ قُريشٍ ليشهدوا مصرع خُبَيبٍ بنِ عَدِيَّ احد اصحاب محمدٍ بعد أنْ ظفروا بِه غَدْراً وقد مكَّنه شبابه من ان يزاحم الناس بالمناكِبِ ،حتى حاز شُيوخ قريش من امثال أبي سفيانَ بنٍ حربٍ وصفوانَ بنٍ أُمَيَّة وغيرهما مما يتصدرون الموكب وقد اتاح له ذلك ان يرى اسير قريش مكبَّلاَّ بقيودِه، وأكُفُّ النساءِ والصبيان والشباب تدفعه الى ساحه الموت لينتقموا من محمد في شخصِه وليثاروا لقتلاهم في بدر بقتله.
ولما وصلت هذه الجموع الحاشدة بأسيرها الى المكان المعد لِقتلِه وقف سعيد بن عامر بمقامه يُطلُّ على خبيب وهو يُقدَّمُ إلى خشبه الصُلبِ وسمع صوته الثابت الهادىء من خلال صياح النسوة والصبيان يقول :إنْ شِئْتُمْ أَنْ تتركوني أَرْكَعُ رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ مَصْرَعِي فَافْعَلُوا
ثم نظر إليه وهو يستقبِلُ الكعبه ويصلي ركعتين يا لحسنهما ويا لتاملهما.... ثم رأه يُقبلُ على زعماء القوم ويقول: واللَّهِ لولا ان تظنوا أني اطلت الصلاه جذعا من الموت لاستكثرت من الصلاه.. ثم شهد قومه بعينه وهم يمثلونه بخبيب حيا فيقطعون من جسده القطعة تلو القطعة وهم يقولون له: أَتُحِبُّ أَنْ يَكُونَ مُحَمّدٌ مَكَانِك وَأَنْتَ نَاجٍ؟
فيقول والدماء تنزف منه: والله ما احب ان اكون آمنا وادعا في اهلي وولدي وأن محمد يؤخز بشوكه.. فيلوح الناس بأيديهم في الفضاء ويتعالى صياحهم ان اقتلوه اقتلوه ثم أبصر سعيد بن عامر خبيبا يرفع بصره إلي السماء من فوق خشبه الصلب ويقول: اللَّهُمَّ أَحْصِهِمْ عَدَدًا وَاقْتُلْهُمْ بَدَدًا وَلَا تُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَدًا ثم لفظ انفاسه الاخيره وبه ما لم يستطع احصائه من ضربات السيوف وطعنات الرماه وعادت قريش الى مكه ونسيت في زحمه الاحداث ما حدث لخبيب
لكن سعيد بن عامر لم يغب خبيبا عن خاطري لحظه كان يراه في حلمه اذا نام ويراه بخياله وهو مستيقظ ويتمثل امامه وهو يصلي ركعتين امام خشبه ويسمع رنين صوته وهو يدعو على قريش فيخشى ان تصعقه صاعقه او تخرع عليه صخره من السماء ثم ان خبيب علم سعيد ما لم يكن يعلم من قبل علمه ان الحياه الحقة عقيده وجهاد في سبيل العقيده حتى الموت وعلمه ايضا ان الايمان الراسخ يفعل الاعاجيب ويصنع المعجزات وعلمه هو ان الرجل الذي يحب اصحابه كل هذا الحب انما هو نبي مؤيد من السماء
عند ذلك شرح الله صدر سعيد الى الاسلام فقام في الملا من الناس واعلن براءته من اثام قريش واوزارها ودخل في دين الله هاجر سعيد بن عامر الى المدينه ولزم رسول الله صلى الله عليه وسلم وشهد معه خيبر وما بعدها من الغزوات ولما انتقل النبي الكريم الى جوار ربه وهو راض عنه الذي وظل من بعده سيفا مسلولا في ايدي خليفتيه أبي بكر وعمر عاش مثلا فذا للمؤمن الذي اشترى الاخره بالدنيا واثر مرضاة الله وثوابه على سائر رغبات النفس والشهوات الجسد
وكان خليفتا رسول الله صلى الله عليه وسلم يستمعان إلي نُصحِه ويصغيان إلي قوله.
دخل على عمر بن الخطاب في اول خلافته فقال يا عمر: أُوصِيك أَنْ تَخْشَى اللَّهَ فِي النَّاسِ وَلَا تَخْشَى النَّاسَ فِي اللَّهِ وَإِلَّا يُخَالَفَ قَوْلِك فِعْلِك فَإِنَّ خَيْرَ الْقَوْلُ مَا صَدَّقَهُ الْفِعْلُ..
يا عمر: أَقِم وَجْهَك لِمَن وَلَّاك اللَّه أَمْرَهُ مِنْ بَعِيدٍ الْمُسْلِمِين وقريبهم وَاجِبٌ لَهُمْ مَا تَجِبُ لِنَفْسِك وَأَهْلِ بَيْتِك وَأَكْرَهُ لَهُمْ مَا تَكْرَهُ لِنَفْسِك وَأَهْلِ بَيْتِك وخض الْغَمَرَات إلَى الْحَقِّ وَلَا تَخَفْ فِي اللَّهِ لَوْمَةَ لَائِمٍ فقال عمر: ومن يستطع ذلك يا سعيد؟!
فقال: يستطيعه رجل مثلك مما ولاهم الله امر أمه محمد وليس بينه وبينه احد.
عند ذلك داع عمر ابن الخطاب سعيدا الى موازاته وقال: يا سعيد ان مولوك على اهل «حمص» فقال: يا عمر نشدتك الله الا تفتنني فغضب عمر وقال :ويحكم وضعتم هذا الامر في عنقي ثم تخليتم عني!! والله لا أدعك
ثم ولاه على حمص وقال: الا نفرض لك رزقا؟
قال: وما أفعل به يا أمير المؤمنين؟! فإن عطائي من بيت المال يزيد عن حاجتي ثم مضى الى حمص
وما هو الا قليل حتى وفد على امير المؤمنين بعضً من يثق بهم من اهل حمص فقال لهم: اكتبوا لي اسماء فُقرائِكم حتى أسُد حاجتهم فرفعوا كتابا فاذا فيه :فلان وفلان وسعيد بن عامر
فقال: ومن سعيد بن عامر؟!
سنتحدث اليوم عن صحابي إسْمُه ✨سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ الْجُمَحِيُّ✨
قال عنه المؤرخون (رجل اشترى الآخرة بالدنيا وآثر اللَّه ورسوله على سواهما)
كان سعيد ابن عامر واحد من الآلافِ المؤلفةِ الذين خرجوا إلى منطقه التنعيم في ظاهِرِ مكه بدعوةٍ من زُعماءِ قُريشٍ ليشهدوا مصرع خُبَيبٍ بنِ عَدِيَّ احد اصحاب محمدٍ بعد أنْ ظفروا بِه غَدْراً وقد مكَّنه شبابه من ان يزاحم الناس بالمناكِبِ ،حتى حاز شُيوخ قريش من امثال أبي سفيانَ بنٍ حربٍ وصفوانَ بنٍ أُمَيَّة وغيرهما مما يتصدرون الموكب وقد اتاح له ذلك ان يرى اسير قريش مكبَّلاَّ بقيودِه، وأكُفُّ النساءِ والصبيان والشباب تدفعه الى ساحه الموت لينتقموا من محمد في شخصِه وليثاروا لقتلاهم في بدر بقتله.
ولما وصلت هذه الجموع الحاشدة بأسيرها الى المكان المعد لِقتلِه وقف سعيد بن عامر بمقامه يُطلُّ على خبيب وهو يُقدَّمُ إلى خشبه الصُلبِ وسمع صوته الثابت الهادىء من خلال صياح النسوة والصبيان يقول :إنْ شِئْتُمْ أَنْ تتركوني أَرْكَعُ رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ مَصْرَعِي فَافْعَلُوا
ثم نظر إليه وهو يستقبِلُ الكعبه ويصلي ركعتين يا لحسنهما ويا لتاملهما.... ثم رأه يُقبلُ على زعماء القوم ويقول: واللَّهِ لولا ان تظنوا أني اطلت الصلاه جذعا من الموت لاستكثرت من الصلاه.. ثم شهد قومه بعينه وهم يمثلونه بخبيب حيا فيقطعون من جسده القطعة تلو القطعة وهم يقولون له: أَتُحِبُّ أَنْ يَكُونَ مُحَمّدٌ مَكَانِك وَأَنْتَ نَاجٍ؟
فيقول والدماء تنزف منه: والله ما احب ان اكون آمنا وادعا في اهلي وولدي وأن محمد يؤخز بشوكه.. فيلوح الناس بأيديهم في الفضاء ويتعالى صياحهم ان اقتلوه اقتلوه ثم أبصر سعيد بن عامر خبيبا يرفع بصره إلي السماء من فوق خشبه الصلب ويقول: اللَّهُمَّ أَحْصِهِمْ عَدَدًا وَاقْتُلْهُمْ بَدَدًا وَلَا تُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَدًا ثم لفظ انفاسه الاخيره وبه ما لم يستطع احصائه من ضربات السيوف وطعنات الرماه وعادت قريش الى مكه ونسيت في زحمه الاحداث ما حدث لخبيب
لكن سعيد بن عامر لم يغب خبيبا عن خاطري لحظه كان يراه في حلمه اذا نام ويراه بخياله وهو مستيقظ ويتمثل امامه وهو يصلي ركعتين امام خشبه ويسمع رنين صوته وهو يدعو على قريش فيخشى ان تصعقه صاعقه او تخرع عليه صخره من السماء ثم ان خبيب علم سعيد ما لم يكن يعلم من قبل علمه ان الحياه الحقة عقيده وجهاد في سبيل العقيده حتى الموت وعلمه ايضا ان الايمان الراسخ يفعل الاعاجيب ويصنع المعجزات وعلمه هو ان الرجل الذي يحب اصحابه كل هذا الحب انما هو نبي مؤيد من السماء
عند ذلك شرح الله صدر سعيد الى الاسلام فقام في الملا من الناس واعلن براءته من اثام قريش واوزارها ودخل في دين الله هاجر سعيد بن عامر الى المدينه ولزم رسول الله صلى الله عليه وسلم وشهد معه خيبر وما بعدها من الغزوات ولما انتقل النبي الكريم الى جوار ربه وهو راض عنه الذي وظل من بعده سيفا مسلولا في ايدي خليفتيه أبي بكر وعمر عاش مثلا فذا للمؤمن الذي اشترى الاخره بالدنيا واثر مرضاة الله وثوابه على سائر رغبات النفس والشهوات الجسد
وكان خليفتا رسول الله صلى الله عليه وسلم يستمعان إلي نُصحِه ويصغيان إلي قوله.
دخل على عمر بن الخطاب في اول خلافته فقال يا عمر: أُوصِيك أَنْ تَخْشَى اللَّهَ فِي النَّاسِ وَلَا تَخْشَى النَّاسَ فِي اللَّهِ وَإِلَّا يُخَالَفَ قَوْلِك فِعْلِك فَإِنَّ خَيْرَ الْقَوْلُ مَا صَدَّقَهُ الْفِعْلُ..
يا عمر: أَقِم وَجْهَك لِمَن وَلَّاك اللَّه أَمْرَهُ مِنْ بَعِيدٍ الْمُسْلِمِين وقريبهم وَاجِبٌ لَهُمْ مَا تَجِبُ لِنَفْسِك وَأَهْلِ بَيْتِك وَأَكْرَهُ لَهُمْ مَا تَكْرَهُ لِنَفْسِك وَأَهْلِ بَيْتِك وخض الْغَمَرَات إلَى الْحَقِّ وَلَا تَخَفْ فِي اللَّهِ لَوْمَةَ لَائِمٍ فقال عمر: ومن يستطع ذلك يا سعيد؟!
فقال: يستطيعه رجل مثلك مما ولاهم الله امر أمه محمد وليس بينه وبينه احد.
عند ذلك داع عمر ابن الخطاب سعيدا الى موازاته وقال: يا سعيد ان مولوك على اهل «حمص» فقال: يا عمر نشدتك الله الا تفتنني فغضب عمر وقال :ويحكم وضعتم هذا الامر في عنقي ثم تخليتم عني!! والله لا أدعك
ثم ولاه على حمص وقال: الا نفرض لك رزقا؟
قال: وما أفعل به يا أمير المؤمنين؟! فإن عطائي من بيت المال يزيد عن حاجتي ثم مضى الى حمص
وما هو الا قليل حتى وفد على امير المؤمنين بعضً من يثق بهم من اهل حمص فقال لهم: اكتبوا لي اسماء فُقرائِكم حتى أسُد حاجتهم فرفعوا كتابا فاذا فيه :فلان وفلان وسعيد بن عامر
فقال: ومن سعيد بن عامر؟!
فقالوا : أميرنا
فقال: أميركم فقير؟!
قالوا : نعم والله إنه لتمر علي الايام الطوال ولا يُوقَدُ في بيته نار فبكى عمر حتى بللت دموع لِحيَتَه ثم عمد إلى ألف دينار فجعلها في صُرةٍ وقال: اقرؤوا عليه السلام مني وقولوا له: بعث إليك امير المؤمنين بهذا المال لتستعين به على قضاء حاجاتك.
جاء الوفد لسعيد بالسره فنظر اليها فاذا هي دنانير فجعل يبعدها عنه وهو يقول إنا لله وإنا إليه راجعون كأنما نزلت به نازله او حل بساحتِهِ خطب فهبت زوجته مذعوره وقالت: ما شانك يا سعيد أمات أمير المؤمنين؟!
قال :بل اعظم من ذلك قالت: أأصيب المسلمون في وقعه؟!
قال: بل أعظم من ذلك قالت :وما أعظم من ذلك؟!
قال :دخلت عليَّ الدنيا لتفسد آخرتي، وحلت الفِتْنَهُ في بيتي
قالت: تخلص منها وهي لا تدري من أمر الدنانير شيئاً قال: اوتعينينني على ذلك؟
قالت: نعم
فاخذ الدنانير فجعلها فقراء المسلمين
لم يمضي على ذلك طويل وقت حتى أتى عمر بن الخطاب رضي الله عنه ديار الشام يتفقد احولها فلما نزل بحمص وكانت تدعي الكويفة وهو تصغير للكوفه وتشبيه لحمص بها لكثرة شكوي أهلها من عمالهم وولاتهم كما كان يفعل أهل الكوفة فلما نزل بها لقيه أهلها للسلام عليه فقال:كيف وجدتم أميركم ؟
فشكوه إليه وذكروا اربعاً من افعاله كل واحد منها أعظم من الآخرِ
قال عمر: فجمعتُ بينه وبينهم ودعوت الله الا يخيب ظني فيه فقد كنتُ عظيم الثقه به.
فلما اصبحوا عندي هم واميرهم قلت: ما تشكون من اميركم ؟قالوا: لا يخرج إلينا حتى يتعالى النهار فقلت: وما تقول في ذلك يا سعيد فسكت قليلا ثم قال: والله اني كنت اكره ان اقول ذلك أما وإنه لابُد منه فإنه ليس لأهلي خادم فأقوم في كل صباح فأعجن لهم عجينهم ثم اتريثُ قليلاً حتى يختمِر ثم اخبِزُه لهم ثم اتوضأ وأخرجُ للناس
قال عمر :فقلت لهم : وما تشكون منه ايضا؟
قالوا: انه لا يجيب احد بالليل
قلت :وما تقول في ذلك يا سعيد
قال: إني واللهِ كنت اكره ان أُعلن هذا ايضا فأنا قد جعلت النهار لهم والليل لله عز وجل
قلت :وما تشكون منه ايضا
قالوا: انه لا يخرج إلينا يوما في الشهر
قلت: وما في هذا يا سعيد قال ليس لي خادم يا أمير المؤمنين وليس عندي ثياب غيرُ التي عليَّ فأنا اغسِلُها في الشهر مرة وانتظِرُها حتى تَجِف ثم أخرج إليهم في اخرِ النهار
ثم قلت: وما تشكون منه ايضا؟ قالوا :تُصيبُه من حين الى آخر غشية فيغيب عمن في مجلسه فقلت :وما هذا يا سعيد فقال: شهدت مصرع خُبَيبٍ بن عدي وانا مشرك ورأيت قريشا تقطع جسده وهي تقول: أتحب أن يكون محمد مكانك فيقول: والله ما أحب أن أكون آمنا في أهلي وولدي وأن محمد تشوكه شوكه… واني واللهِ ما ذكرت ذلك اليوم وكيف إني تركت نُصرتَهُ إلا ظننت أن الله لايغفر لي..... واصابتني تلك الغشية
عند ذلك قال عمر: الحمد لله الذي لم يخيب ظني به
ثم بعث له بألف دينار ليستعين بها على حاجته فلما رأتها زوجته قالت له: الحمد لله الذي اغنانا عن خِدمَتِك اِشتر لنا مؤنة واستأجِر لنا خادماً
فقال لها: وهل لَكِ فيما هو خير من ذلك؟
فقالت: وما ذاك؟!
قال: ندفاعها إلى من يأتينا بها ونحن أحوج ما نكون إليها
قالت: وما ذاك؟!
قال :نقرضها اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا
قالت: نعم، وجُزِيت خيراً فما غادر مجلِسهُ الذي هو فيه حتى جعل الدنانير في صره وقال لواحدٍ من اهله: انطلق بها إلى أرمله فلان والى أيتام فلان والى مساكين الف فلان وإلى مساكين فلان وإلي مُعوِزِي آل فلان رضي الله عن سعيد بن عامر الجمحي فَقَدْ كَانَ مِنْ الَّذِينَ يُؤْثِرُون عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ
فقال: أميركم فقير؟!
قالوا : نعم والله إنه لتمر علي الايام الطوال ولا يُوقَدُ في بيته نار فبكى عمر حتى بللت دموع لِحيَتَه ثم عمد إلى ألف دينار فجعلها في صُرةٍ وقال: اقرؤوا عليه السلام مني وقولوا له: بعث إليك امير المؤمنين بهذا المال لتستعين به على قضاء حاجاتك.
جاء الوفد لسعيد بالسره فنظر اليها فاذا هي دنانير فجعل يبعدها عنه وهو يقول إنا لله وإنا إليه راجعون كأنما نزلت به نازله او حل بساحتِهِ خطب فهبت زوجته مذعوره وقالت: ما شانك يا سعيد أمات أمير المؤمنين؟!
قال :بل اعظم من ذلك قالت: أأصيب المسلمون في وقعه؟!
قال: بل أعظم من ذلك قالت :وما أعظم من ذلك؟!
قال :دخلت عليَّ الدنيا لتفسد آخرتي، وحلت الفِتْنَهُ في بيتي
قالت: تخلص منها وهي لا تدري من أمر الدنانير شيئاً قال: اوتعينينني على ذلك؟
قالت: نعم
فاخذ الدنانير فجعلها فقراء المسلمين
لم يمضي على ذلك طويل وقت حتى أتى عمر بن الخطاب رضي الله عنه ديار الشام يتفقد احولها فلما نزل بحمص وكانت تدعي الكويفة وهو تصغير للكوفه وتشبيه لحمص بها لكثرة شكوي أهلها من عمالهم وولاتهم كما كان يفعل أهل الكوفة فلما نزل بها لقيه أهلها للسلام عليه فقال:كيف وجدتم أميركم ؟
فشكوه إليه وذكروا اربعاً من افعاله كل واحد منها أعظم من الآخرِ
قال عمر: فجمعتُ بينه وبينهم ودعوت الله الا يخيب ظني فيه فقد كنتُ عظيم الثقه به.
فلما اصبحوا عندي هم واميرهم قلت: ما تشكون من اميركم ؟قالوا: لا يخرج إلينا حتى يتعالى النهار فقلت: وما تقول في ذلك يا سعيد فسكت قليلا ثم قال: والله اني كنت اكره ان اقول ذلك أما وإنه لابُد منه فإنه ليس لأهلي خادم فأقوم في كل صباح فأعجن لهم عجينهم ثم اتريثُ قليلاً حتى يختمِر ثم اخبِزُه لهم ثم اتوضأ وأخرجُ للناس
قال عمر :فقلت لهم : وما تشكون منه ايضا؟
قالوا: انه لا يجيب احد بالليل
قلت :وما تقول في ذلك يا سعيد
قال: إني واللهِ كنت اكره ان أُعلن هذا ايضا فأنا قد جعلت النهار لهم والليل لله عز وجل
قلت :وما تشكون منه ايضا
قالوا: انه لا يخرج إلينا يوما في الشهر
قلت: وما في هذا يا سعيد قال ليس لي خادم يا أمير المؤمنين وليس عندي ثياب غيرُ التي عليَّ فأنا اغسِلُها في الشهر مرة وانتظِرُها حتى تَجِف ثم أخرج إليهم في اخرِ النهار
ثم قلت: وما تشكون منه ايضا؟ قالوا :تُصيبُه من حين الى آخر غشية فيغيب عمن في مجلسه فقلت :وما هذا يا سعيد فقال: شهدت مصرع خُبَيبٍ بن عدي وانا مشرك ورأيت قريشا تقطع جسده وهي تقول: أتحب أن يكون محمد مكانك فيقول: والله ما أحب أن أكون آمنا في أهلي وولدي وأن محمد تشوكه شوكه… واني واللهِ ما ذكرت ذلك اليوم وكيف إني تركت نُصرتَهُ إلا ظننت أن الله لايغفر لي..... واصابتني تلك الغشية
عند ذلك قال عمر: الحمد لله الذي لم يخيب ظني به
ثم بعث له بألف دينار ليستعين بها على حاجته فلما رأتها زوجته قالت له: الحمد لله الذي اغنانا عن خِدمَتِك اِشتر لنا مؤنة واستأجِر لنا خادماً
فقال لها: وهل لَكِ فيما هو خير من ذلك؟
فقالت: وما ذاك؟!
قال: ندفاعها إلى من يأتينا بها ونحن أحوج ما نكون إليها
قالت: وما ذاك؟!
قال :نقرضها اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا
قالت: نعم، وجُزِيت خيراً فما غادر مجلِسهُ الذي هو فيه حتى جعل الدنانير في صره وقال لواحدٍ من اهله: انطلق بها إلى أرمله فلان والى أيتام فلان والى مساكين الف فلان وإلى مساكين فلان وإلي مُعوِزِي آل فلان رضي الله عن سعيد بن عامر الجمحي فَقَدْ كَانَ مِنْ الَّذِينَ يُؤْثِرُون عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ
السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ
سنتحدث اليوم عن صحابي إسْمُه ✨عبدُاللّٰه بنُ حُذافَةَ السَّهِيميُّ✨
قال عنه عمر بن الخطاب
حق عَلَى كُلِّ مُسلِم أَن يُقَبِّلَ رَأْسَ عَبْدِ الله بن حُذَافَة ،وأنا أبدأ بذلك .
بَطَل قصتنا هذه رجل من الصحابة يدعى عبد الله بن حذافة السهمي .
لقد كان في وسع التاريخ أن يمر بهذا الرجل كما مر بملايين العرب من قَبْلِهِ دُونَ أَنْ يَأْبَه لهم أو يخطروا له على بال .
لكن الإسلام العظيم أتاح لعبد الله بن حذافة السهمي أن يَلْقَى سيِّدَي الدنيا في زمانه : كِسرى ملك الفرس ، وقيصر عظيم الروم ، وأن تكون له مع كل منهما قصة ما تزال تعيها ذاكِرَةُ الدَّهْرِ وَيَرويها لسان التاريخ .
***
أَمَّا قِصَّتُه مَعَ كِسْرَى ملك الفرس فكانت في السنة السادسة للهجرة حين عزم النبي ﷺ أَن يَبْعَثَ طَائِفَةً مِنْ أَصْحَابِهِ بِكُتب إلى ملوك الأعاجم يدعوهم فيها إلى الإسلام .
ولقد كان الرسول ﷺ يقدر خطورة هذه المهمة .
فهؤلاء الرسل سيذهبون إلى بلاد نائية لا عهد لهم بها من قبل .
وهم يجهلون لغات تلك البلاد ولا يعرفون شيئاً عن أمزجة ملوكها .
ثم إنهم سيدعون هؤلاء الملوك إلى تَرْكِ أديانهم ، ومُفَارَقَة عِزَّهِمْ
وسلطانهم ، والدخول في دين قوم كانوا إلى الأمس القريب من بعض أتباعهم
إِنَّهَا رِحْلَةٌ خَطِرَة ، الذَّاهِبُ فيها مفقود والعائد منها مولود .
لذا جمع الرسول عليه الصلاة والسلام أصحابه ، وقام فيهم خطيباً ، فحمد الله وأثنى عليه ، وتشهد ، ثم قال :
(أَمَّا بَعْدُ ، فإني أريدُ أَنْ أَبْعَثَ بَعْضَكُم إلى ملوك الأعاجم ، فلا تختلفوا علي كما اختلفت بنو إسرائيل على عيسى بن مريم ) .
فقال أصحاب رسول الله ﷺ : نحن يا رسول الله نُؤدِّي عَنْكَ ما تُريدُ فَابْعَثْنَا حَيْثُ شِئْتَ .
***
انتدب عليه الصلاة والسلام سنةً من الصحابة لِيَحْمِلُوا كتبه إلى ملوك العرب والعجم ، وكان أحد هؤلاء السنة عبد الله بن حذافة السهمي ، فقد اختير لحمل رسالة النبي صلوات الله عليه إلى كسرى ملك الفرس .
جهز عبد الله بن حذافة راحلته ، وودع صاحبته وَوَلَدَه ، وَمَضَى إلى غايته ترفعه النجاد (۱) وتحطه الوهاد (۲) ؛ وحيداً فريداً لَيْسَ مَعَهُ إِلَّا الله ، حَتَّى بَلَغَ ديار فارس ، فاسْتَأْذَنَ بالدخول على ملكها ، وأخطر الحاشية (3) بالرسالة التي يَحْمِلُها له.
عند ذلك أمر كسرى بإيوانه فزين ، ودعا عظماء فارس الحضور مجلسه فحضروا ، ثم أذن لعبد الله بن حذافة بالدخول عليه .
دخل عبد الله بن حُذَافَة على سيد فارس مُشْتَمِلًا شَمْلَتَه (4) الرقيقة ، مرتدياً عبَاءَتَه الصَّفِيقَة (5) ، عليه بساطة الأعراب .
لكنه كان عالي الهامة (6) ، مشدود القامةِ ، تَتَأَجَّجُ بَيْنَ جَوانِحِهِ (7) عِزَّةُ الإسلام ، وتتوقد في فؤاده كبرياء الإيمان .
فما إن رأه كسْرَى مُقبلا حتى أوما إلى أحد رجاله بأن يأخذ الكتاب من يده فقال :
لا ، إنما أمرني رسولُ اللهِ ﷺ أن أدفعه لك يداً بيد وأنا لا أخالِفُ أمراً الرسول الله .
بیده فقال كسرى لرجاله : اتركوه يدنو مني ، فدنا من كسْرَى حَتَّى نَاوَلَهُ الكِتاب
ثم دعا كسرى كاتباً عربياً من أهل الجيزة (8) ، وأمره أنْ يَفْضُ (9) الكتاب بَيْنَ يَدَيه ، وأن يقرأه عليه فإذا فيه :
( بسم الله الرحمن الرحيم ، من محمد رسول الله إلى كسرى عظيم فارس ، سلام على من اتبع الهدى ... ) .
فما إن سمع كسرى من الرسالة هذا المقدار حتى اشْتَعَلَتْ نارُ الغَضَب في صدره ، فاحمر وجهه ، وانتفخت أوداجه (10) لأن الرسول عليه الصلاة والسلام بدأ بنفسه فَجَذَبَ الرسالة من يد كاتبه وجَعَلَ يُمَزِّقُها دونَ أَنْ يَعْلَمَ ما فيها وهو
يصيح : أَيَكْتُبُ لي بهذا ، وهو عبدي ؟!! ثم أَمَرَ بِعِبدِ اللَّهِ بْنِ حُذَافَةً أَنْ يُخْرَجَ من مجلسه ، فأخرج .
***
خرَجَ عبدُ اللَّهِ بْنُ حُذَافَةَ مِنْ مَجْلِس كِسْرَى ، وهو لا يَدْرِي مَا يَفْعَلُ اللَّهُ له
أَيُقْتَلُ أم يُترك حراً طليقاً ؟
لكنه ما لبث أن قال :
والله ما أبالي على أي حال أكون بعد أنْ ادَّيْتُ كِتَابَ رسول الله ﷺ ، وَرَكِبَ راحلته وانطلق .
ولما سكت عن كِسْرَى الغَضَبُ ، أمر بأن يُدْخَلَ عليه عبد الله ؛ فلم يوجد..
فالتمسوه فلم يقفوا له على أثر ...
فطلبوه في الطريق إلى جزيرة العرب فوجدوه قد سبق .
فلما قَدِمَ عَبْدُ اللهِ على النبي ﷺ أخبره بما كان من أمر كسرى وتمزيقه الكتاب ، فما زاد عليه الصلاة والسلام على أن قال : ( مرق اللهُ مُلْكَه ) .
...
أما كِسْرَى فقد كتب إلى « باذان ، نائبه على اليمن : أن ابعث إلى هذا الرجل الذي ظهر بالحجاز رجلين جلدين (11) من عِنْدِكَ ، ومرهما أن يأتياني به ... فبعث و باذان ، رجلين من خيرة رجاله إلى رسول الله ﷺ ، وَحَمَّلَهما رسالة له ، يأمره فيها بأن يتصرف معهما إلى لقاء كسرى دون إبطاء ......
سنتحدث اليوم عن صحابي إسْمُه ✨عبدُاللّٰه بنُ حُذافَةَ السَّهِيميُّ✨
قال عنه عمر بن الخطاب
حق عَلَى كُلِّ مُسلِم أَن يُقَبِّلَ رَأْسَ عَبْدِ الله بن حُذَافَة ،وأنا أبدأ بذلك .
بَطَل قصتنا هذه رجل من الصحابة يدعى عبد الله بن حذافة السهمي .
لقد كان في وسع التاريخ أن يمر بهذا الرجل كما مر بملايين العرب من قَبْلِهِ دُونَ أَنْ يَأْبَه لهم أو يخطروا له على بال .
لكن الإسلام العظيم أتاح لعبد الله بن حذافة السهمي أن يَلْقَى سيِّدَي الدنيا في زمانه : كِسرى ملك الفرس ، وقيصر عظيم الروم ، وأن تكون له مع كل منهما قصة ما تزال تعيها ذاكِرَةُ الدَّهْرِ وَيَرويها لسان التاريخ .
***
أَمَّا قِصَّتُه مَعَ كِسْرَى ملك الفرس فكانت في السنة السادسة للهجرة حين عزم النبي ﷺ أَن يَبْعَثَ طَائِفَةً مِنْ أَصْحَابِهِ بِكُتب إلى ملوك الأعاجم يدعوهم فيها إلى الإسلام .
ولقد كان الرسول ﷺ يقدر خطورة هذه المهمة .
فهؤلاء الرسل سيذهبون إلى بلاد نائية لا عهد لهم بها من قبل .
وهم يجهلون لغات تلك البلاد ولا يعرفون شيئاً عن أمزجة ملوكها .
ثم إنهم سيدعون هؤلاء الملوك إلى تَرْكِ أديانهم ، ومُفَارَقَة عِزَّهِمْ
وسلطانهم ، والدخول في دين قوم كانوا إلى الأمس القريب من بعض أتباعهم
إِنَّهَا رِحْلَةٌ خَطِرَة ، الذَّاهِبُ فيها مفقود والعائد منها مولود .
لذا جمع الرسول عليه الصلاة والسلام أصحابه ، وقام فيهم خطيباً ، فحمد الله وأثنى عليه ، وتشهد ، ثم قال :
(أَمَّا بَعْدُ ، فإني أريدُ أَنْ أَبْعَثَ بَعْضَكُم إلى ملوك الأعاجم ، فلا تختلفوا علي كما اختلفت بنو إسرائيل على عيسى بن مريم ) .
فقال أصحاب رسول الله ﷺ : نحن يا رسول الله نُؤدِّي عَنْكَ ما تُريدُ فَابْعَثْنَا حَيْثُ شِئْتَ .
***
انتدب عليه الصلاة والسلام سنةً من الصحابة لِيَحْمِلُوا كتبه إلى ملوك العرب والعجم ، وكان أحد هؤلاء السنة عبد الله بن حذافة السهمي ، فقد اختير لحمل رسالة النبي صلوات الله عليه إلى كسرى ملك الفرس .
جهز عبد الله بن حذافة راحلته ، وودع صاحبته وَوَلَدَه ، وَمَضَى إلى غايته ترفعه النجاد (۱) وتحطه الوهاد (۲) ؛ وحيداً فريداً لَيْسَ مَعَهُ إِلَّا الله ، حَتَّى بَلَغَ ديار فارس ، فاسْتَأْذَنَ بالدخول على ملكها ، وأخطر الحاشية (3) بالرسالة التي يَحْمِلُها له.
عند ذلك أمر كسرى بإيوانه فزين ، ودعا عظماء فارس الحضور مجلسه فحضروا ، ثم أذن لعبد الله بن حذافة بالدخول عليه .
دخل عبد الله بن حُذَافَة على سيد فارس مُشْتَمِلًا شَمْلَتَه (4) الرقيقة ، مرتدياً عبَاءَتَه الصَّفِيقَة (5) ، عليه بساطة الأعراب .
لكنه كان عالي الهامة (6) ، مشدود القامةِ ، تَتَأَجَّجُ بَيْنَ جَوانِحِهِ (7) عِزَّةُ الإسلام ، وتتوقد في فؤاده كبرياء الإيمان .
فما إن رأه كسْرَى مُقبلا حتى أوما إلى أحد رجاله بأن يأخذ الكتاب من يده فقال :
لا ، إنما أمرني رسولُ اللهِ ﷺ أن أدفعه لك يداً بيد وأنا لا أخالِفُ أمراً الرسول الله .
بیده فقال كسرى لرجاله : اتركوه يدنو مني ، فدنا من كسْرَى حَتَّى نَاوَلَهُ الكِتاب
ثم دعا كسرى كاتباً عربياً من أهل الجيزة (8) ، وأمره أنْ يَفْضُ (9) الكتاب بَيْنَ يَدَيه ، وأن يقرأه عليه فإذا فيه :
( بسم الله الرحمن الرحيم ، من محمد رسول الله إلى كسرى عظيم فارس ، سلام على من اتبع الهدى ... ) .
فما إن سمع كسرى من الرسالة هذا المقدار حتى اشْتَعَلَتْ نارُ الغَضَب في صدره ، فاحمر وجهه ، وانتفخت أوداجه (10) لأن الرسول عليه الصلاة والسلام بدأ بنفسه فَجَذَبَ الرسالة من يد كاتبه وجَعَلَ يُمَزِّقُها دونَ أَنْ يَعْلَمَ ما فيها وهو
يصيح : أَيَكْتُبُ لي بهذا ، وهو عبدي ؟!! ثم أَمَرَ بِعِبدِ اللَّهِ بْنِ حُذَافَةً أَنْ يُخْرَجَ من مجلسه ، فأخرج .
***
خرَجَ عبدُ اللَّهِ بْنُ حُذَافَةَ مِنْ مَجْلِس كِسْرَى ، وهو لا يَدْرِي مَا يَفْعَلُ اللَّهُ له
أَيُقْتَلُ أم يُترك حراً طليقاً ؟
لكنه ما لبث أن قال :
والله ما أبالي على أي حال أكون بعد أنْ ادَّيْتُ كِتَابَ رسول الله ﷺ ، وَرَكِبَ راحلته وانطلق .
ولما سكت عن كِسْرَى الغَضَبُ ، أمر بأن يُدْخَلَ عليه عبد الله ؛ فلم يوجد..
فالتمسوه فلم يقفوا له على أثر ...
فطلبوه في الطريق إلى جزيرة العرب فوجدوه قد سبق .
فلما قَدِمَ عَبْدُ اللهِ على النبي ﷺ أخبره بما كان من أمر كسرى وتمزيقه الكتاب ، فما زاد عليه الصلاة والسلام على أن قال : ( مرق اللهُ مُلْكَه ) .
...
أما كِسْرَى فقد كتب إلى « باذان ، نائبه على اليمن : أن ابعث إلى هذا الرجل الذي ظهر بالحجاز رجلين جلدين (11) من عِنْدِكَ ، ومرهما أن يأتياني به ... فبعث و باذان ، رجلين من خيرة رجاله إلى رسول الله ﷺ ، وَحَمَّلَهما رسالة له ، يأمره فيها بأن يتصرف معهما إلى لقاء كسرى دون إبطاء ......