Telegram Web Link
((لا يرى اللهَ تعالى أحدٌ في الدنيا بعينه)) اتفقت الأمة على أنه لا يرى اللهَ أحدٌ في الدنيا بعينه،ولم يتنازعوا في ذلك إلا في نبينا- صلى الله عليه وسلم- خاصة،والذي دلت عليه السنة أن النبي- صلى الله عليه وسلم- لم ير ربه في الدنيا بعينه،كما في[ حديث عائشة - رضي الله عنها- لمسروق حين سألها: هل رأى محمد ربه؟ فقالت: لقد قف( اقشعر)شعري مما قلت،ثم قالت: من حدثك أن محمدا رأى ربه، فقد كذب] أخرجه الشيخان،وأحمد.
وعن أبي ذر قال:[سألت رسول الله- صلى الله عليه وسلم- هل رأيت ربك؟ فقال:" نور أنى أراه"(،أي: فكيف أراه والنور حجاب بيني وبينه يمنعني من رؤيته)] أخرجه مسلم وغيره ،فهذا صريح في نفي الرؤية،والله أعلم
(من كتاب" تهذيب شرح العقيدة الطحاوية.تهذيب وتعليق الشيخ الفاضل عبد المنعم مصطفى حليمة-- أبي بصير- حفظه الله تعالى)
[ وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ ]الفرقان:72. مِن شَهادَةِ الزُّورِ الجلُوسُ في مجَالِسِ الشِّرْكِ، والبِدَعِ، والفُسُوقِ، والعصْيَانِ مِن غَيرِ إكْرَاهٍ، ولا إنكَارٍ، ولَا قِيَام.
قال القاضي عياض نقلا عن أبي بكر الأبهري:

"دخلت مسجد طرطوس وجلست عند سارية من سواريه، فجاءني رجل فقال لي: إن كنت تقرأ فهذه حلقة قرآن، وإن كنت مقرئا فاجلس يقرأ عليك، وإن كنت متفقها فهذه مجالس الفقه قم إليها، وإن كنت فقيها فاجعل لنفسك حلقة وعلم الناس، فلا أحد يجلس في مسجدنا دون شغل".

📚 ترتيب المدارك للقاضي عياض

https://www.tg-me.com/sirajeddine12
((وقفة مع حديث شريف: "مداراة الصهر واسترضاؤه" )) عن سهل بن سعد- رضي الله عنه- قال:[ جاء رسول الله-صلى الله عليه وسلم- بيتَ فاطمةَ فلم يجد عليا في البيت،فقال: أين ابنُ عمك؟ (لم يقل لها أين زوجك،ولا ابن عم أبيك،ليعطفها على تذكر القرابة القريبة،لأنه فهم صلى الله عليه وسلم- أنه جرى بينهما شيء) قالت: كان بيني وبينه شيء فغاضبني فخرج فلم يقِلْ عندي.(من القيلولة،وهي نوم نصف النهار) فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلم- لإنسان: ( الأظهر أنه سهل راوي الحديث )انظر أين هو؟ فجاء فقال: يارسول الله،هو راقد في المسجد.فجاء رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وهو مضطجع قد سقط رداؤه عن شِقه (،أي: جانبه)وأصابه تراب، فجعل رسول الله-صلى الله عليه وسلم- يمسحه عنه ويقول: قم أبا تراب! قم أبا تراب! ] رواه البخاري
من فوائد الحديث الشريف: 1-إباحة النوم لغير الفقراء في المسجد 2- جواز الممازحة للغاضب بالتكنية بغير كنيته إذا كان لا يغضبه. ٣- مداراة الصهر واسترضاؤه 4- لين جانب النبي-صلى الله عليه وسلم- وتواضعه، وهو يخاطب صهره.. فاعلم ذلك جيدا- أخي المسلم يا عبد الله- ،وتخلق به.
رُوحُ الأمَّةِ وحيَاتُها في الأمْرِ بالمعرُوفِ والنَّهي عن المُنكَرِ، فلَا تَقتُلُوا في الأمَّةِ رُوحَها وحيَاتَها!
الذين يَأمرُون بالمنكَرِ، ويَنهونَ عن المعرُوفِ، كُثُر، وهم في حَركَةٍ لَا تَعرفُ التَّوقُّفَ، فإذَا حُجرَ على الذين يَأمرُون بالمعرُوفِ، ويَنهَون عن المنكَرِ، وضُيِّقَ عليهم، تَغرقُ السَّفينَةُ، ويَهلَكُ الجَمِيع.
[ إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا ]؛ كَفَرُوا، ونَافَقُوا، [ كَانُواْ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ ]المطففين:29. كانُوا إذَا مَرُّوا بالمؤمنِين، والمؤمِناتِ، وشَاهَدُوا عليهم آثارَ الالتزَامِ، والطَّاعَةِ، والعِبادَةِ لربِّهم .. تَضَاحَكُوا مُستهزِئين بهم، وبعبَادَتِهم، وبظاهِرهِم الذي يميزهم عن غَيرِهم .. ومَا يحملهم على هذا التضَاحُكِ سوى الحِقْد، والحسَدِ، والكراهِيَةِ للمؤمنين، ولما هم عليه من تمايُزٍ، وطُهْرٍ، وجمَالٍ .. ولو كانُوا يملكُون الحجةَ في مواجَهةِ إيمانِ المؤمنِين، لما لجَأوا إلى السُّخريَةِ والاستهزَاءِ؛ بضَاعَةُ المفْلِسِين!
[ الَّذِينَ يَسْتَحِبُّونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الآخِرَةِ ]؛ إذا خُيرُوا بين مصلحَةٍ دُنيويَّةٍ، وعَرَضٍ مِن عُروضِها، وبينَ طاعَةٍ للهِ تعالى .. وكانَ لا بُدَّ لهم من الاختيَار .. اختارُوا المصلحَةَ الدنيويَّة، وانحازُوا إليها، واستخفُّوا بالطاعَةِ التي تنفَعُهم يومَ القِيامَةِ .. فهذا دَيدَنهم على الدَّوامِ، ومن صِفاتِ هؤلاء أيضَاً، أنهم:[ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللّهِ ]؛ يَصدُّون الناسَ ـ بالتَّرغِيبِ تَارَةً، وبالترهيبِ تَارةً أُخرَى ـ عن دينِ اللهِ؛ عن الإيمانِ، وعن التوحِيدِ، وعن الطَّاعاتِ .. فلا يَرضون أن يَقتصرَ شرَّ الكُفْرِ والنفاقِ على أنفسِهم دُون غَيرِهم .. لَا .. فهَم لَا يَهدأ لهم بالٌ حتى يحملُوا الناسَ على ما هم عليه من الباطِل، والتَّفرِيطِ، [ وَيَبْغُونَهَا عِوَجَاً ]؛ وهم بفعلِهم هذا يُريدُون لدِينِ اللهِ، وسَبيلِه المستقِيم، العوجَ، والانحرافَ، والزَّيغَ، والتحريفَ بما يتوافقُ مع أهوائِهم، وأغراضِهم، وسياسَاتِهم، وتَأويلاتِهم الفَاسِدِة، [ أُوْلَـئِكَ فِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ ]إبراهيم:3. في انحرَافٍ شَدِيدٍ، وبَعِيدٍ عن الحقِّ المنزَّلِ الذي يَرتضيه اللهُ لعبَادِه .. والآيةُ فيها أنَّ مَن آثَرَ الكُفرَ لغرَضٍ دنيَوي، وإن لم يكُن مُستَحِلَّاً له، فالكُفرُ يَطَالُه؛ فاستحبابُ الحيَاةِ الدُّنيا وإيثَارُها على الآخِرةِ ليسَ مانِعَاً مِن موانِعِ التَّكفِير، كما في قوله تعالى:[ ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اسْتَحَبُّواْ الْحَيَاةَ الْدُّنْيَا عَلَى الآخِرَةِ وَأَنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ ]النحل:107. فاستحبَابُهم للحيَاةِ الدُّنيا على الآخِرَةِ لم يَكُنْ مانِعاً مِن وَصفِهم، والحكمِ عليهم بالكَافِرِين.
((التوحيد أول دعوة الرسل)) اعلم أن التوحيد أول دعوة الرسل،وأول منازل الطريق،(أي: طريق طلب العلم المؤدي إلى معرفة الله- جل وعلا-،فقد روى ابن ماجة في سننه، أن جندب بن عبد الله،قال:[ كنا مع النبي-صلى الله عليه وسلم- ونحن فتيان،فتعلمنا الإيمان " التوحيد"قبل أن نتعلم القرآن،ثم تعلمنا القرآن،فازددنا به إيمانا] صحيح سنن ابن ماجة: ١٧٠)،وأول مقام يقوم فيه السالك إلى الله- جل وعلا-،( أي: أول ما يبدأ به العبد من الأعمال نحو ربه هو التوحيد،ولو بدأ بغيره من الأعمال فلن يقبل منه،لأن الشرك يمنع من قبول الأعمال ويحبطها كليا، لذلك نجد أن الله تعالى قدم البراءة من الطواغيت والشرك على الاثبات بشهادة التوحيد أن "لا إله إلا الله. "وهذا المعنى أكد في أكثر من نص من نصوص الشريعة، لأن من قدم الإيمان والإثبات على الكفر بالطواغيت فإن إيمانه المتقدم لا ينفعه في شيء. وهو مثله كمن يقول بالشيء وضده في آن معا.فالتوحيد نفي وإثبات والنفي لا بد من أن يتقدم الاثبات بكل لوازمه ومتطلباته.)..فاعلم ذلك جيدا- أخي المسلم يا عبدالله-وكن ممن يوحد الله-جل وعلا- حق التوحيد..
(من كتاب" تهذيب شرح العقيدة الطحاوية" للشيخ الفاضل: عبد المنعم مصطفى حليمة-أبي بصير- حفظه الله تعالى-)
[ فَرَدُّواْ أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْوَاهِهِمْ ]؛ هكَذا كان الكفارُ المعانِدُون مِن قَبل، واليَوم، وغدَاً عندما يَسمعُون دَاعيَ اللهِ يَدعُوهم إلى الإيمانِ، وإلى التَّوحيدِ؛ إلى عبادةِ الله تعالى وحدَه، ونَبذ الشِّركِ، والأندَادِ .. تَراهُم يُعرِبُون عن حقدِهم، وكراهيتِهم، ورَفضِهم لما يُدعَون إليه؛ بَعَضِّ أيديَهم مِن شِدةِ الغَيظِ، [ وَقَالُواْ إِنَّا كَفَرْنَا بِمَا أُرْسِلْتُم بِهِ ]؛ وهم لَا يَكتَفُون بعَضِّ أيديهم مِن شدةِ الحقدِ والغَيظِ، ولَا يَقتصرُ غَيظُهم على ذلك، وإنما يُضيفُون إلى ذلك إعرَابَهم بالقَولِ لمن يَدعُوهم إلى اللهِ؛ قد كفَرنَا بما أرسَلَ اللهُ به الرُّسلَ، وبما تَدعونَنَا إليه من الإيمانِ، والتَّوحِيدِ، ونَبذِ الشركِ، والأندَادِ، [ وَإِنَّا لَفِي شَكٍّ مِّمَّا تَدْعُونَنَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ ]إبراهيم:9. وَإِنَّا لَفِي رَيبٍ مِن صحةِ مَا تَدعُوننا إليه .. ومِن صحَّةِ ما جاءَ به الرُّسُلِ مِن عندِ رَبِّهم.
[ مَّثَلُ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِمْ أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ لَّا يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُواْ عَلَى شَيْءٍ ]؛ لَا يَستفيدُ الكافرُ المشركُ مِن أعمَالِه الحسَنَةِ يَومَ القِيامَةِ؛ وذلك أنه أتَى بالحسنَاتِ وهو مُقِيم على الكُفرِ والشِّركِ؛ والشِّركُ يُحبطُ العمَلَ، ويمنَعُ مِن قبُوله، كما قال تعالى:[ وَلَوْ أَشْرَكُواْ لَحَبِطَ عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ ]الأنعام:88. فإذا جاءَ يومُ القيامَةِ حيثُ تَشتدُّ حاجَةُ الكَافرِ للحسَنَات .. فيشرئب ناظراً إلى حسَنَاتِه .. أينَ هي .. يتوقَّع أن يجدَ حسنَاتَه أمَامَه، وأنَّى .. فمثَل أعمالِ الكافرِين يومَ القيامَة كرمَادٍ في منتَهى الدِّقَّةِ، والخفَّةِ تَسَفُّه الريحُ العاصِفةُ الشَّديدةُ، في اتجاهاتٍ عِدَّةٍ، فتجعلُه هبَاءً منثُوراً .. فهَل يَقدرون على جمعِه، والاستفَادَةِ مِنه، بعد أن عصَفَت به الريحُ .. كذلك أعمالُهم فإنهم لا يَنتفِعُون بها، ولَا يَقدرُون .. فإن قِيل: العَدْلُ يَقضي بأن يُجزوا على حسنَاتِهم خيراً .. يُقَال: نَعَم؛ يُعطَون على حسنَاتهم في الدُّنيَا؛ فيزيدُ اللهُ في رزقِهم، والإنعَامِ عليهم، حتَّى إذا جاءوا يومَ القِيامَةِ، لا يجدُون شيئاً، كما في الحديثِ الصَّحِيح:" وأَمَّا الكافِرُ فيُطْعَمُ بحَسَناتِ ما عَمِلَ بها لِلَّهِ في الدُّنْيا، حتَّى إذا أفْضَى إلى الآخِرَةِ، لَمْ تَكُنْ له حَسَنَةٌ يُجْزَى بها "مسلم. [ ذَلِكَ هُوَ الضَّلَالُ ]؛ ذلك هو الشُّرُودُ، والإنحرافُ، والضَّياعُ، [ الْبَعِيدُ ]إبراهيم:18. شَديدُ البُعدِ عن الحقِّ، وعن صِراطِ اللهِ المستقِيم .. الذي يُورثُ صَاحبَه الحسَرَات، والنَّدَامَات.
[ وَبَرَزُواْ لِلّهِ جَمِيعاً ]؛ البرُّ والفاجرُ، المؤمنُ، والكافرُ جميعهم برَزُوا للهِ مِن غَيرِ سوَاتِر تَسترُهم، وانكشَفُوا له ظاهِرين، لا يخفَى عليه أحدٌ مِنهم، أو شيءٌ مِن أحوالهِم، وأعمالهِم .. هنالك، وفي هذا الموقِف العَصِيب، يحصلُ هذا الحوار بين الأتْبَاعِ والمتبُوعِين من الكافِرين، [ فَقَالَ الضُّعَفَاء لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُواْ إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعاً ]؛ يقولُ الأتبَاعُ لقَادَتِهم، ورؤسَائهم، كنا في الحياةِ الدُّنيا نتبعُكم، ونُطِيعكم فيما تأمرُونَنا به من الكُفر، والشِّركِ، والعُصيانِ، ومعَادَاةِ الإيمانِ وأهلِه، وكنا نظنُّ أنكم على حقٍّ، وصَوَابٍ، فاتَّبعنَاكم، [ فَهَلْ أَنتُم مُّغْنُونَ عَنَّا مِنْ عَذَابِ اللّهِ مِن شَيْءٍ ]؛ فهل تَستَطيعُون أن تمنعُوا عنَّا شَيئاً مَهمَا كان ضَئيلاً مِن عذابِ اللهِ، كما كنتم تمنُّونا وتَعدُوننا في الحياةِ الدُّنيا، [ قَالُواْ ]؛ قال المتبُوعُون مِن القَادَةِ، والرؤسَاءِ، للمتبُوعِين، [ لَوْ هَدَانَا اللّهُ ]؛ هِدايَةَ تَوفِيق .. أمَّا هدايةُ البيَانِ والدَّلالة لا يستطيعون أن ينكروها؛ فجميعُهم يُقر بأنَّ نذَارةَ الرُّسُل قد بلَغَتهُم، فقابَلُوها بالجحودِ والإعرَاضِ، [ لَهَدَيْنَاكُمْ ]؛ إلى ما هدَانا الله إليه من الإيمانِ، ولما كتَمنَا عليكم الهِدايَةَ، لكن الله تعالى لم يُقَدر لنا ولا لكُم هِدايةَ التَّوفِيق، [ سَوَاء عَلَيْنَا أَجَزِعْنَا أَمْ صَبَرْنَا مَا لَنَا مِن مَّحِيصٍ ]إبراهيم:21. أَمسِكُوا عن التَّلاوم والتَّلاعُن .. لم يَعُدْ ينفَعُنا شَيءٌ .. لا الجزعُ والخوفُ، ولا الصَّبرُ على العَذابِ .. ولا التَّلاومُ والتَّلاعُن .. فقد حقَّ علينا ـ الأتباع والمتبوعين، الرؤسَاء وأتباعهم مِن الضُّعفاءِ ـ العذَابُ .. مَا لنَا مِنه مِن مَهرَبٍ، ولا مَلجَأ نلتَجئ إليه .. فحينئذٍ تَعلُوهم الحسَرَات ـ وهي عليهم أشَدُّ مِن العذَابِ ذَاتِه ـ على ما فرَّطُوا بحقِّ اللهِ في حيَاتِهم الدُّنيا!
[ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفاً وَشَيْبَةً ]؛ قانُونٌ ثابتٌ لا يتخلَّفُ، يَشملُ الجميعَ، لَا يَستثني أحَداً .. لا يَقوَى أحَدٌ على رَدِّهِ، وإبطَالِه، أو تجاوزِه، [ اللَّهُ ]؛ وليسَ سِوَاه .. لا يجرؤ أحدٌ غَير اللهِ أن يدَّعي هذا الادِّعاءِ، [ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن ضَعْفٍ ]؛ يَبتدِئُ هذا الضَّعف مِن مرحلةِ التَّكوِين وهو في الجنِين، والأطوارِ التي يمرُّ بها وهو في بطنِ أمِّهِ .. إلى أن يولدَ فيُصبح طفلاً؛ يحتاجُ إلى حضَانَةِ ورعايَة الآخَرين، [ ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ]؛ ثم بعدَ مرحلةِ الضَّعفِ والطفُولةِ، تَأتي مرحلةُ القُوَّة؛ مرحلةُ الفتُوَّة، والشَّبَابِ، والرجُولَةِ .. ليتَمكَّن مِن القِيامِ بواجبِ الاستخلافِ في الأرضِ، وإعمَارِها بالتَّوحِيدِ، والخَيرِ .. إلَّا أنّ الكافرِين من النَّاسِ؛ تحملُهم هذه المرحلةِ على العتُو، والتِّيهِ، والتمرُّدِ، والكِبرِ، والعُدْوانِ، والمحاربَةِ للهِ الذي خلقَهم؛ يَنسُون مرحلةَ الضعفِ التي مَرُّوا بها، [ ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفاً وَشَيْبَةً ]؛ ثم بعدَ مرحلةِ القُوَّة والفتوَّةِ تَأتي مرحلةُ التَّأدِيبِ؛ مرحلةُ الضَّعفِ، والشيخُوخَةِ التي يَعلُوها الشَّيبُ، والأوجاعُ .. هذه المرحلةُ هي الفُرصةُ الأخيرةُ التي يُعطَاها الإنسَانُ، فهي بمثَابَةِ إنذَارٍ أخِيرٍ له؛ عسَاه أن يَتوبَ، ويَأوبَ، ويَعُودَ إلى رَبِّه، ويَستدرِكَ ما قَد فاتَه مِن تَقصِير .. قبلَ أن يُدركَه الموتُ؛ المرحلةُ الأخيرةُ من حياتِه، والتي تَأتي مباشرةً بعدَ مرحلَةِ الشيخوخَةِ والشَّيبِ .. فيقعُ النَّدمُ على التَّفريطِ، ولَاتَ حِين مَندَم .. هذا لمن يَكتبُ اللهُ له الحياةَ بأطوَارِها الآنفَةِ الذِّكرِ .. إذ كثيرٌ من الناسِ يُقدِّرُ اللهُ لهم الموتَ، وأن يُقبَضُوا في مرحلةِ الطفُولةِ والشَّبابِ، وأوَّلِ رجُولَتهم، لا يُعطَون فرصةَ أن يتموا المراحِلَ والأطوارَ التي يمرُّ بها الإنسانُ عادَةً .. حتى لا يَطمئنَّ الإنسانُ إلى هذهِ المرَاحِل والأطوَارِ، ويركُن إليها، ويترك العملَ، فيُؤخِّره عمداً إلى مَرحلَةِ الشيخُوخَةِ .. بينما هو لا يَضمنُ أن يعيشَ إلى يومِ غَدٍ، [ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ ]؛ الخلْقُ خَلْقُه، والملْكُ مُلْكه، لا أحَدَ يحدُّ مِن مَشيئتِه فِيما يخلقُ، وفِيما يُرِيد، [ وَهُوَ الْعَلِيمُ ]؛ بشؤونِ خَلْقِه، وما يحتَاجُونَه، وما يَصدرُ عنهم من أعمالٍ، وحرَكاتٍ، وسَكَناتٍ، ومَن تَدفَعُه الأرحَامُ، ومَن تَبلعُه القُبُورُ، لا يخفَى عليه شيءٌ مِن أحوالهِم، [ الْقَدِيرُ ]الروم:54. القادرُ على خَلْقِه، القائمُ على شؤونِهم، لا يُعجِزُه شيءٌ مِن خلقِه.
أشَدُّ أنْواعِ الفَسَادِ ضَرَرَاً؛ الفَسَادُ الذي يَحْتَمِي بالطَّائِفَةِ، ويُرْبَطُ مَصِيرُهُ بمصِيرِ الطَّائِفَةِ، فإذا ما اسْتُهْدِفَ؛ قِيلَ: هذه طَائِفِيَّة، وهذا اسْتِهْدَافٌ للطَّائِفَةِ؟!
[ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ ]؛ ما كانَ للمشركِين، ولا للطواغِيتِ، والأندَادِ الحقَّ في أن يختارُوا على خِيرَةِ اللهِ، أو أن يُقَدِّمُوا اختيَارَهم بين خِيرَةِ اللهِ؛ سواءٌ كانَت هذه الخِيَرَة كونيَّةً قدريَّةً، مُتعلقةً في الخَلْقِ والإيجَادِ، والعطَاءِ، والمنعِ، أو كانَت خَيرَةً شرعيَّةً؛ مُتعلقةً بالحلالِ والحرَامِ، والحقِّ والباطِلِ، والخَيرِ والشَّرِّ، [ سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ ]القصص:68. واللهُ تعالى مُنزَّهٌ عن شِركِ المشركِين الذين يجعلُون لشُركائِهم، وطواغِيتِهم الحقَّ في الاختِيَارِ على خِيرَةِ اللهِ، ومِن دُونِ اللهِ .. وغالبُ المشركِين ـ لعجْزِهم ـ لَا يُنَازِعُون في الاختيَارِ الكَونِي القَدَرِي، بينَمَا يَشتَدُّ نِزَاعُهم في الاختيَارِ الشَّرعِي .. وهو الجانبُ الأهَم والأخطَرِ ـ لفشوِّه وانتشَارِه ـ الذي يَنبغي للمؤمنِين الموحِّدِين أن يتَصَدَّوا له، ويَثبتُوا في مواجَهَتِه.
في العمَليَّةِ التربويَّةِ هنَاك مَن يَقفُ مع الأمهَاتِ على حِسَابِ الآبَاءِ، وهُنَاك مَن يَقِفُ مع الآبَاءِ على حِسَابِ الأمَّهاتِ، فيَفتقِد الأبناءُ التَّوازُنَ والاعتِدَالَ .. والصَّواب أن يُعزِّزَ الآبَاءُ لدَى الأبناءِ قِيمةَ وفَضلَ الأُمَّهَاتِ، وأن تُعزِّزَ الأمَّهَات لدَى الأبناءِ قِيمَةَ وفضلَ الآبَاء.
في العَمَليَّةِ التربويَّةِ الأُمَّهات غَالِباً يَمِلْنَ إلى العاطِفةِ، والآباءُ يَميلُون إلى العَقْلانيَّةِ .. والأبناءُ ـ ليُحافِظُوا على التوازُنِ والاعتِدَالِ ـ بحَاجَةٍ لأن يَرتووا مِن المعِينَين مَعَاً.
البيتُ الذي تَتَسَاوى فيه المرأةُ معَ الرجلِ في العَاطِفَةِ، والعَقْلانيَّةِ، لَا يَسلَمُ مِن المشَاكِل!
[ فَانظُرْ إِلَى آثَارِ رَحْمَتِ اللَّهِ كَيْفَ يُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا ]؛ أرضٌ ميتةٌ يَبُوسَةٌ، جَردَاء، مُصَحَّرَةٌ، مالحةٌ، ميتَةٌ لَا أثَرَ فيها للحيَاةِ، ولا للنَّباتِ .. المارُّ بها يتَساءلُ أنَّى لهذه الأرضِ القاحِلةِ الحيَاة، أو أن يُوجدَ فيها أثرٌ لحياةِ مخلوقٍ .. إلَّا أنَّ اللهَ تعالى بقوَّتِه ومشِيئتِه يُحيها بالمطَرِ، فيحولها إلى واحَةٍ خضْرَاء مليئة بالخيرِ والعطاءِ، والناسُ يَرون ذلك، ويُشاهِدونَه، [ إِنَّ ذَلِكَ لَمُحْيِي الْمَوْتَى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ]الروم:50. إن الذي يَقدرُ على أن يحيي الأرضَ بعد موتِها، لقَادرٌ على أن يحيي الموتَى، ويَبعثهم من قبُورِهم، ليومِ الحسَاب .. فهلَّا نظرتَ في ذلك يا أيها الإنسانُ الكفُور الجحُود ليومِ الحسابِ، نظرَ تَدبُّر، وتَفكُّرٍ، واعتِبَار .. واعتَبرتَ فِيما تَراه لما لا تَرَاه؟!
2025/10/27 13:45:56
Back to Top
HTML Embed Code: