أنشد نفطويه لنفسه:

قالوا: حَبيبُك مَحمومٌ فقلتُ لهم:
حاشاهُ يا ليتني حُمِّلتُ حُمَّاهُ

ما غيَّرت سَطوةُ الحُمَّى مَحاسنهُ
لكن تعرَّى من التَّوريد خَدَّاهُ

لونُ البُهارِ بلونِ الوَرد أَعقبهُ
للهِ ما صنعتْ بالخدِّ شَكواهُ

• الأمالي للزجاجي (٧٧)
أنشد أبو السائب المخزومي شعرَ سابقٍ البربري الذي يقول فيه:

إن لجَّ يومًا لَجوجٌ وامتلى غضبًا
فعُد بِحلمكَ حتَّى يذهبَ الغضبُ

كأنَّ قومًا إذا ما بُدِّلوا نِعمًـا
بِنكبةٍ لم يكونوا قبلها نُكِبوا

فقال: هذا والله الكلام الذي لو قَطرت منه على الأرض قطرة للعقتها

• الأمالي للزجاجي (٧٨)
قوله: «فَطَسَ» يعني: مات، يقال: مات الرجلُّ وفَطَسَ وفاظَ بمعنًى واحد.

 • الأمالي للزجاجي (٨٣)
قال الأصمعي: أحمق شعر قالته العرب قول أبي محجن الثقفي:

إذا مُتُّ فادْفِنِّي إلى جنبِ كَرْمَةٍ
تُرَوِّي عِظامي بعد موتي عُروقُها

ولا تَدْفِنَنِّي بِالفَلاةِ فَإننَّـي
أخاف إذا ما مُتُّ ألَّا أذوقُها

• الأمالي للزجاجي (٩٢)
أنشد نفطويه:

أقولُ لصاحبيَّ وقد تبدَّى
هلالُ الفِطر من خَلَلِ الغَمَام

غدًا تغدو إلى ما قد ظَمِئنا
إليهِ من الملاهي والمُـدَامِ

ونَفْتِكُ بعدما كُنَّا نُسُـوكًا
ويُسلمنا الحلالُ إلى الحرامِ

ونشربُ سبعةً عددًا تِباعًا
ونَنْعرُ في قفا شهرِ الصِّيام

• الأمالي للزجاجي (٩٥)
قال الحسن البصري: يرى أحدكم المنام فإذا قصه قيل له: «نامت عيناك»، أَوَمَا يكفيهما ما تنامان؟ فقيل له: فكيف نقول؟ قال: قولوا: «سَهِرت عيناك في سبيل الله، وغضضتهما عن محارم الله».

قال: ويُولَد لأحدكم المولود فيقال له: يَهْنِيك بالفارس، وما يدريك لعله حائكٌ أو حارسٌ؟ قالوا: فكيف نقول؟ قال: قولوا: «شكرت الواهب، وبورك لك في الموهوب، بلغ أشده، ورزقت بره».

قال: ويمرض أحدكم فإذا برأ قيل له: صحَّ الجِسم وما صحَّ الحَسْم، قالوا: فكيف نقول؟ قال: قولوا: «لِيَهنِكَ الطُّهر»

• الأمالي للزجاجي (٩٩)
قال عمر بن الخطاب رحمة الله عليه ذات يوم: «والله لا أكون كالسراج يضيء للنَّاس ويأكل نفسه»

• الأمالي للزجاجي (١٠٢)
قال الزبير بن بكار: لما قدم الحسين بن علي صلوات الله عليه وعلى أبيه، أتاه عبيد الله بن الحر فقال له: انصرني يا عبيد الله، قال: إني إن خرج قال إني إن خرجت معك كنت عليك قال: ولِمَ؟ قال: لأن القوم كثير، ولا طاقة لك بهم فارجع، قال: لا والله لا أرجع، ولكني أمضي وأقول كما قال أخو الأنصار:

لعمركَ ما بالموتِ عارٌ على الفتى
إذا ما نوى حقًا وجاهدَ مُسلمًا

وآسى الرِّجال الصالحين بنفسه
وفارق مثبورًا وخالف مجرمًا

فإن عشتُ لم أَعجِز وإن مت لم أُلَم
كفى بك عارًا أن تُذَل فترغما

قال: أما إذا أبيت فخذ فرسي هذه فما طلبت عليها أحدًا قط إلا أدركته، ولا طلبني إلا فُتُّه، قال: يا عبيد الله إن لم تنصرني فتنحَّ. فإن من سمع داعيتي ولم يُجِب كبَّه الله على وجهه في النار. فلما أصيب الحسين صلوات الله عليه، قبض صاحب شرطة عبيد الله بن زياد على عبيد الله بن الحر بالكوفة فحبسه، وقال: كنتَ بالأمس مع عدونا، قال: لو كنتُ هناك ما خَفِي مكاني، وأنشأ يقول:

يقولُ أميرٌ غـادرٌ وابنُ غـادرٍ
ألا كنتَ قابلتَ الشهيدَ ابن فاطمهْ
ونفسي على خُذلانِه واعتزالهْ

وبيعـةِ هذا النَّاكثِ العهدِ لائمهْ

وإنِّي لأنِّي لم أكن من حُماتـه
لذُو حسرةٍ ما إن تفارقُ لا زمهْ

سقى الله أرواحَ الذين تـآزروا
على نَصره سُقيا من الغيث دائمهْ

وقفتُ على أجداثهم ومَجَالِهـم
فكادَ الحشا ينقضُّ والعينُ ساجمهْ

تأسَّوا على نصرِ ابنِ بنتِ نبيِّهم
بأسيافهم آسادُ غِيل ضراغمهْ

وما إن رأى الراؤون أصبر منهم
لدى الموتِ في الهيجا لُيوثًا قماقمهْ

أتقتلهم ظُلمًا وترجوا ودادنا
فدع خِطَّة ليستْ لنا بملائمهْ

لَعمري لقد راغمتمونا بقتله
فكم ناقمٍ منَّا عليكم وناقمهْ

أُهُّم مرارًا أن أسيرَ بجحفلٍ
إلى فئةٍ زاغت عن الحقِ ظالمهْ

فكفُّوا وإلا زُرتكم بكتائبٍ
أشدُّ عليكم من قتالِ الديالمهْ

• الأمالي للزجاجي (١٠٣)
أُتِي بيحيى بن يَعمُر يرسُف في قَيده إلى الحجاج بن يوسف فقال له: أنت الذي يزعم أن الحسن والحسين هما ابنا رسول الله صلى الله عليه وسلم! والله لتأتيني بهذا من كتاب الله عز وجل أو لأقطعن يديك ورجليك! فقال: لأتيتك بها من كتاب الله ثم قرأ: {ومن ذريته داود وسليمان وأيوب ويوسف وموسى وهارون وكذلك نجزي المحسنين * وزكريا ويحي وعيسى} فجعل عيسى من ذريته، ولا أبَ له. فخلَّى سبيله.

• الأمالي للزجاجي (١٠٨)
قال رؤبة بن الحجاج: أنشدت أبا هريرة رضي الله عنه قصيدتي التي أولها:

الحمدُ للهِ الذي استقلَّتِ
بإذنه السماءُ واطمأنَّتِ

بإذنه الأرضُ فما تعنَّتِ
دَحى لها القَرارَ فاستقرَّتِ

ومدَّها بالراسيات الثُّبَّتِ

حتى أتيت على آخرها، فقال: أشهد أنك لمؤمن.

• الأمالي للزجاجي (١١٢)
أنشد ابن الأنباري لابن المعتز:

لا أرَّقَ اللهُ من أهدَى لي الأرقَا
وأودَعَ القلبَ نارَ الحُبِّ فاحترقَا

بدرٌ تعرَّضَ لي عمدًا ليقتلني
تذبُّ أنوارُه عن وجهه الغسقَا

تعاونَتْ فيه من قَرنٍ إلى قَدَمٍ
مَحاسِنٌ بِدَعٌ تستوقفُ الحَدَقَا

فكم تَحيَّر من عَقلٍ وَمن نَظَرٍ
فيهِ، وكم تاهَ مِن قلبٍ وكم خَفَقَا

يا مُورِثَ السُّقمِ جِسمي بعدَ صِحَّتِهِ
عجِّل سَراحِي وإلَّا فالحقِ الرَّمَقَا

لم يتركِ الشَّوقُ مُذ غُيِّبتَ عَن بَصري
تخلُّقًا ليَ في صَبرٍ ولا خُلُقَا

ومحَّق الخُلْفُ وعدًا كنتُ آمُلُهُ
وَسَدَّ يأسي على آمالي الطُّرُقَا

ما كنتُ أولُ عبدٍ رافعٍ يدَهُ
مُسترزِقٍ عَطْفَ مولاهُ فما رُزِقَا

إنِّي لأحسدُ كَأسًا حِين يَلثمُها
حتَّى أبيتُ سَخِينَ العينِ مُرتفِقَا

وتَنْطَوي النَّفسُ من حُزنٍ على كمدٍ
إذا غدَا لِنِجادِ السَّيفِ مُعتنِقَا

مُزَجِّجًا كُمَّه في مَشيه عَبثًا
لا يتَّقِي في دَمِي غَيظًا ولا حَنقًا

أدارَ فِي خدِّه صَدغًا يُقرِّبهُ
وقد كَسا جَيبه من شعره حَلقَا

• الأمالي للزجاجي (١١٦)
قال علي ابن أبي طالب عليه السَّلام: «لا يُقيم أمرَ الله إلَّا من لا يُصانِع، ولا يُضارِع، ولا يَتَّبع المطامِع»

قال أبو القاسم الزجاجي: قوله: «يضارع» من الضراعة، وهي: الضعف.

• الأمالي للزجاجي (١١٩)
قال علي ابن أبي طالب عليه السَّلام: «إذا تعلَّمتم العلم فاكظموا عليه ولا تخلطوه بلعبٍ ولا هزلٍ فتَمُجَّه القلوب»

• الأمالي للزجاجي (١٢٠)
قال عبد الرحمن بن مغراء أبي زهير الدوسي قالوا: كان حممة بن رافع بن الحارث الدوسي من أجمل العرب، وكانت له جمة يقال لها: الرطبة، كان يغسلها بالماء، ثم يعقصها، وقد احتقن فيها الماء، فإذا مضى لها يومان حلها، ثم نفضها فتملأ جلساءه ماء. فحج على فرس له، فنظرت إليه الجمانة الكنانية وهي خناس، فوقع بقلبها، وكانت تحت رجل من كنانة يقال له: ابن الحمارس الكناني،، فقالت [لحممة]: من أنت؟ فوالله ما أدري أوجهك أحسن أم شعرك أم فرسك! ما أنت بالنَّجدي الثِّلْب، ولا التِّهامي التِّرْب، وقد وقعتَ في نفسي فاصدقني، قال: أنا رجلٌ من الأزدِ ثم من الدوس، منزلي بثروق، قالت: فأنتَ أحبُّ الناس إليَّ، وقد وقعتُ في نفسي، فاحملني معك، فارتدفها خلفه ومضى إلى بلده، فلما أقدمها أهله قال لها: قد علمتِ كيف كان هربك معي، لا هربتِ إلى رجلٍ بعدي، فقطعَ عرقوبيها، فأقامت عنده، فولدت له، عمرو بن حممة، وكان سيدا كريمًا، وولد عمرو بن حممة الطفيلَ بن عمرو ذا النور الذي وفد على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسأله آية تكون له دليلًا ليرجع إلى قومه ويدعوهم إلى الإيمان فأعطي نورًا بين عينيه كأنه قنديل يزهر فقال: اللهم في غير وجهي لئلا يظن قومي أنه مُثلة لمفارقتي دينهم، فجعل ذلك النُور في طرف سوطه في حديث طويل. قسمي بذلك ذا النور.

• الأمالي للزجاجي (١٢١)
قال ابن جريج: خرجتُ في السَّحَر فإذا ورقة تضربها الرياح فأخذتها فلما أضاء الصبح نظرتها فإذا فيها:

كُن معسرًا إن شئتَ أو مُوسِرًا
لا بُدَّ في الدُّنيا من الهـمِّ

وكلَّما زادكَ في نعمـةٍ
زاد الذي زادك في الغمِّ

إنِّي رأيتُ النَّاس في دهرنا
لا يطلبون العلم للعلمِ

إلا مباراة لأصحابـه
وعدة للظلم والغشم

قال ابن جريج: فوالله لقد منعتني هذه الأبيات من أشياء كثيرة.

• الأمالي للزجاجي (١٢٨)
قال بعض الحكماء: اطلب الرزق من حيث كُفِلَ لكَ به، فإن المتكفِّل لك به لا يخيس بك، ولا تطلبه من طالبٍ مثلك لا ضمان عليه لك؛ إن وعدك أخلفك، وإن ضمن لك خاس بك.

• الأمالي للزجاجي (١٣٧)
قال العُتْبِيُّ: كانت امرأة من الخوارج من الأزد يقال لها: فراشة، وكانت ذات نَبَهٍ في رأي الخوارج، تُجَهِّز أصحاب البصائر منهم، وكان الحجاج يطلبها طلبًا شديدًا فأعوزته ولم يظفر بها. وكان يدعو الله أن يمكنه من فراشة أو من بعض من جهَّزتهُ، فمكث ما شاء الله ثم جِيء برجلٍ فقيل له: هذا ممن جهزته فراشة، فخر ساجدا الله، ثم رفع رأسه فقال: إيهٍ يا عدو الله! قال: أنت أولى بها مني يا حجَّاج. قال: أين فراشة؟ قال: مرَّت تطير منذ ثلاثٍ. قال: أين تطير؟ قال: بين السماء والأرض. قال: ما عن تلك سألتك عليك لعنة الله. قال: عن تلك أخبرتك عليك غضب الله. قال: سألتك عن المرأة التي جهَّزتك وأصحابَك، قال: وما تصنع بها؟ قال: دُلَّنا عليها. قال: لتصنع بها ماذا؟ قال: أضرب عنقها. قال: ويلك يا حجاج ما أجهلك! أدُّلك وأنت عدو الله على من هو ولي الله {قد ضللتُ إذًا وما أنا من المهتدين} قال: فما رأيك في أمير المؤمنين عبدالملك؟ قال: على ذاك الفاسق لعنة الله ولعنه اللاعنين. قال: ولم لا أُمَّ لك؟ قال: لأنه أخطأ خطيئة طبَّقت بين السماء والأرض، قال: وما هي؟ قال: استعماله إياك على رقاب المسلمين. قال الحجاج لجلسائه: ما رأيكم فيه؟ قالوا: رأينا أن تقتله قتلة لم يقتل مثلها أحد. فقال: ويلك يا حجاج، جلساء أخيك كانوا أحسن مجالسة من جلسائك، قال: وأي إخواني تريد؟ قال: فرعون حين شاور في موسى فقالوا: {أرجة وأخاه}. وأشار هؤلاء عليك بقتلي. قال: أحفظتَ القرآن؟ قال: أوَ خشيتُ فرارَه فأحفظه. قال: هل جمعتَ القرآن؟ قال: ما كان متفرقًا فأجمعه. قال: هل قرأته ظاهرًا؟ قال: معاذ الله، بل قرأته وأنا أنظر إليه. قال: كيف تراك تلقى الله إن قتلتك؟ قال: ألقاه بعملي وتلقاه بدمي. قال: إذن، أُعجِّل بك إلى النَّار. قال: لو علمتُ أن ذاك إليك لأحسنت عبادتك، واتبعث طاعتك، ولم أبغ خلافك ومناقضتك. قال: إني قاتلك، قال: إذن أخاصمك يوم القيامة؛ لأن الحكم يومئذ إلى غيرك. قال: يقمعك عن الكلام السَّيف. يا حَرَسيُّ اضرب عنقه، وأوما إلى السَّيَّاف أن لا يقتله، فجعل يأتيه من بين يديه ومن خلفه، ويروعه بالسيف، فلما طال ذلك عليه رشح جبينه، فقال: جزعت من الموت يا عدو الله؟ قال: لا يا فاسق، ولكن أبطأتَ عليَّ بما فيه راحة. فقال: يا حَرَسِيُّ، أعظم جرحه، فلما أحسَّ بالسيف قال: لا إله إلا الله، فوالله لقد أتمها ورأسه في الأرض.

• الأمالي للزجاجي (١٤٢)
أنشد نفطويه:

كم قدْ خَلوتُ بمن أهوى فيمنعُنِي
منه الحياءُ وخوفُ اللهِ والحذرُ

وكم ظفرتُ بمن أهوى فيُقنِعُني
منه الفَكَاهَة والتَّحديثُ والنَّظرُ

أهوى المِلاح وأهوى أن أجالسهم
وليسَ لي في حرامٍ منهمُ وَطرُ

كذلكَ الحُبُّ لا إتيانَ فاحشـةٍ
لا خيرَ في لذةٍ من بعدها سَقَرُ

• الأمالي للزجاجي (١٤٤)
كان يزيد بن هارون إذا استثقل رجلًا في مجلسه أنشأ يقول:

فما الفيلُ تحمله ميتًا
بأثقلَ منْ بعضِ جُلَّاسِنا

فيا ليته قام من عندنا
وصار له بعض مِيراثنا

فلو عرفَ الثِّقْلَ من نفسه
لخفَّف عنَّا ولم يأتنا

• الأمالي للزجاجي (١٥١)
أنشد أبو نواس في ذم الثقلاء:

فهل لك يا ثقيلُ إلى خصالٍ
تنالُ بفوزهِ كرمَ المآبِ

إلى مالي فتأخذه جميعًا
أحلُّ لديكَ من صَوْب السحابِ

وتنتف لحيتي وتدق رأسي
وما فِي فِيِّ من سنٍّ وناب

وتَكْتِبَ لي مُكاتبة فأسعَى
مع السَّاعين في فكِّ الرِّقابِ

على أن لا أراكَ ولا تراني
على حالٍ إلى يوم الحساب

• الأمالي للزجاجي (١٥١)
2024/05/10 00:32:11
Back to Top
HTML Embed Code: