‏رحم الله علي بيغوفيتش القائل:

المسلم بين خيارين لا ثالث لهما إما أن يغيّر العالم
وإما أن يستسلم للتغيير..

لا شيء يُشبِه ألم الفقد.

إنه ليس وجعًا عابرًا.. بل صدعٌ في الروح لا يلتئم، ثقبٌ في الذاكرة لا يُغلق، وغصّةٌ تظلّ حاضرةً حتى بعد أن يمرّ العمر.

أقسى ما في الفقد أنّه لا يُعلِن موعده، يأتي على حين غفلة، كريحٍ باردةٍ تهبُّ على بيتٍ بلا أبواب، فيخلع ما تبقّى من دفءٍ في القلب، إنه يسرقُ منك اليقين، ويتركك تتساءل كلَّ ليلة: كيف يعيش الناس بعد أن يرحل مَن كانوا سببًا في احتمال الحياة؟

والأكثر ألمًا ليس الغياب نفسه، بل اعتياد الغياب، أن تستيقظ كلَّ يومٍ وتكتشف أنك نجوتَ مرةً أخرى، رغماً عنك، أن تضحك وفي قلبك مدينةٌ أُطفِئت أنوارها منذ رحيلهم، أن تمضي في الحياة كأنك تؤدي واجبًا ثقيلًا، لا لأنك بخير، بل لأنك لم تعد تملك رفاهية الانهيار.

يقولون إن الوقت يشفي..
لكنّ الوقت لا يشفي، بل يُدرّبك على الصمت، يُعلّمك كيف تبتسم والدمع في داخلك ساكنٌ لا يريد المغادرة، يُعلّمك أن تتقبّل أنك لن تراهم مجددًا، وأن الحب أو بالأحرى الألم الذي تركوه فيك سيبقى يتنفّس من ذاكرةٍ موجوعة.

الفقد لا يُنسى.. بل يُؤلِف فيك كائنًا جديدًا، ناضجًا، أكثر وعيًا بوجعه، وإذا كنت محظوظًا، سيتحوّل ألمك يومًا إلى حكمة، وحنينك إلى سلامٍ خافتٍ لا يؤذيك.

الفقد لا يُداوى بالوقت وحده، بل بالقبول، أن نقبل أنّ الحياة لن تعود كما كانت، لكنّها ما زالت تستحق أن تُعاش، أن نفهم أنّنا لا نُشفى من الوجع حين يختفي، بل حين نتعلّم أن نمشي به دون أن يعرّينا الألم في كل خطوة.

في النهاية، لا أحد يخرج من الفقد كما دخل إليه..
لكنّ من يتقبّل الخسارة بوعي، يخرج إنسانًا أعمق، وأكثر لطفًا، وأشدّ فهمًا لمعنى الحبّ والرحيل.

اذكرونا بدعوةٍ فضلاً 💔.