Telegram Web Link
"لا تظنُّوا أنَّ الدُّعاءَ وحدهُ يَرُدُّ الاعتداءَ، إنَّ مادَّةَ (دعا يَدعو) لا تَنسخُ مادَّةَ (عدا يَعدو) -من العُدوانِ-، وإنَّما يَنسخُها (أعدَّ يُعِدُّ)، و(استعدَّ يستعِدُّ)، فأعِدُّوا واستعِدُّوا تَزْدَهِرْ أعيادُكم، وتَظهَرْ أمجادُكم".

🖋 الإمام محمد البشير الإبراهيمي
93👍12🔥4
ما حدث في السابع من أكتوبر 2023 كان تغييرًا جذريًّا لعجلة التاريخ، إذ طوى صفحة السادس من أكتوبر بتصوراته وأدواته. لم تقتصر آثار السابع من أكتوبر على الجوانب الجيوسياسية، بل أفرزت تحولات عميقة في العقائد الأمنية، وصار الواقع السياسي والأمني في المنطقة في تسارع لا يرحم، بحيث أن من يبني تصوراته على أوضاع سابقة سيتعرض لخسائر كبيرة. والمقصود أن "طوفان الأقصى" أنتج واقعًا جديدًا يتطلَّب فعلًا جديدًا.

على صعيد الكيان، يعتبر د. فادي نحاس (المتخصص في قضايا الجيش والأمن القومي الإسرائيلي) أن السابع من أكتوبر شكَّل زلزالًا استراتيجيًّا قلب المفاهيم العسكرية والأمنية لدى العدو؛ فـ"الكيان ما قبل السابع من أكتوبر ليست كما بعده". ويؤكد أن العقيدة الأمنية الإسرائيلية تمر بمرحلة تحوّل عميق، تسعى من خلاله إلى التكيف مع البيئة الإقليمية الجديدة.

وبحسب نحاس، فإن التوجهات الجديدة لهذه العقيدة تسعى إلى "حسم الصراع بدل إدارته"، مع الدفع نحو "هندسة أمنية وديموغرافية جديدة" تشمل مشاريع التهجير. ويضيف أن هذه الخطط ليست عبثية ولا مقتصرة على سكان قطاع غزة. كما بيّن أن الكيان يسعى إلى إعادة الإقليم إلى ما قبل اتفاقات أوسلو، وإدارة الصراع وفق رؤيته، دون القبول بوجود أي كيان سياسي فلسطيني منافس.

وعلى ضوء ذلك، يمكن القول إن العقيدة الأمنية الجديدة للكيان تتجاوز مفاهيم الاحتواء وإدارة الأزمات إلى مفاهيم الاستباق والحسم، من خلال ما يُعرَف بـ"المنع الاستباقي"، وهي استراتيجية تهدف إلى إحباط أي تهديد محتمل قبل أن يتبلور أو يتحول إلى خطر فعلي، أو ما يمكن تسميته "وأد المخاطر".

في هذا السياق، يرى الصحفي اللبناني علي هاشم أن السيد حسن نصر الله كان عالقًا في السادس من أكتوبر، ما فوّت عليه فرصة الدخول المبكر في المعركة، خلافًا لما كان يراه قائد وحدة الرضوان الحاج إبراهيم عقيل، الذي كان يرى أنه لا يمكن الذهاب إلى نصف حرب، فإما حرب كاملة أو لا شيء؛ لأن هذا سيكون مكلفًا جدًّا. وقد دفع حزب الله لاحقًا ثمنًا باهظًا نتيجة لهذا التقدير، الذي ثبت خطؤه.

لا تقتصر الخسارة التي تعرض لها حزب الله على الجانب العسكري، بل تتجاوز ذلك إلى السياسي؛ فلبنان اليوم ليس هو لبنان العام الماضي، حيث يمكن ملاحظة بوضوح حضور المبعوثة الأمريكية مورغان أورتاغوس، التي باتت صاحبة الكلمة العليا في الساحة اللبنانية. فقد شكرت من قلب بيروت الكيان على حربه ضد لبنان، واعتبرتها حربًا ضد حزب الله، كما أعلنت رفضها لوجود وزراء ممثلين للحزب في الحكومة، وأعربت عن دعمها الصريح لاعتداءات العدو المتكررة على الأراضي اللبنانية.

عند مناقشة أسباب غياب النصرة الفعَّالة التي تشكل ضغطًا حقيقيًّا على العدو، ممن يُرتَجى منهم النصرة، سواء من الأفراد أو الهيئات والأحزاب أو الدول، تبرز أسباب متعددة؛ منها: الانكفاء على المصالح الخاصة، وارتهان القرار، وحالة الردع من ردة فعل العدو. وهذه كلها تسهم في تفسير حالة إسلام غزة لعدوها.
لكن من بين أهم الأسباب -في تقديري- هو الجمود عند تصوّرات السادس من أكتوبر وأدواته، رغم التغيير الجذري الذي أحدثه السابع من أكتوبر.

إن رصد مواقف هؤلاء ينبئ أن معظمهم لا يزال عالقًا في السادس من أكتوبر، سواء في مفهوم النصرة أو وسائلها. قد يكونوا أدركوا نظريًّا حجم التحول، لكنهم عمليًّا لم يتجاوزوه بعد؛ ولهذا لم نلمس منهم نصرة مؤثّرة.

في أبريل 2025 أصدر الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين فتوى أوجب فيها الجهاد المسلح ضد الاحتلال الصهيوني، بصرف النظر عن مدى إمكانية تطبيق هذه الفتوى، لكن من يدرك لحظة التحول التاريخي كان يعلم أن زمان هذه الفتوى هو يوم السابع من أكتوبر، لا بعد سنة ونصف من المذبحة!

الشاهد أن "طوفان الأقصى" خلق واقعًا جديدًا يتطلب فعلًا جديدًا، وأن واقع ما بعد السابع من أكتوبر لا يصلح معه اعتماد الوسائل والإجراءات التكتيكية التقليدية، بل سيُورِث اعتمادُها خسائر محققة، والأمثلة في الإقليم بادية للعيان، والحبل على الجرار.
73👍26💯7
{وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ ۖ فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [آل عمران: 123]

"في بدر، لم تكن الكفتان -بين المؤمنين والمشركين- متوازنتين، ولا قريبتين من التوازن.
كان المشركون حوالي ألف، خرجوا نفيرًا لاستغاثة أبي سفيان، لحماية القافلة التي كانت معه، مزودين بالعدة والعتاد، والحرص على الأموال، والحمية للكرامة. وكان المسلمون حوالي ثلاثمائة، لم يخرجوا لقتال هذه الطائفة ذات الشوكة؛ إنما خرجوا لرحلة هينة، لمقابلة القافلة العزلاء، وأخذ الطريق عليها.

فلم يكن معهم -على قلة العدد- إلا القليل من العدة. وكان وراءهم في المدينة مشركون لا تزال لهم قوتهم، ومنافقون لهم مكانتهم، ويهود يتربصون بهم. وكانوا هم -بعد ذلك كله- قلة مسلمة في وسط خضم من الكفر والشرك في الجزيرة. ولم تكن قد زالت عنهم بعد صفة أنهم مهاجرون مطاردون من مكة، وأنصار آووا هؤلاء المهاجرين، ولكنهم ما يزالون نبتة غير مستقرة في هذه البيئة!

تم النصر يوم بدر بغير أداة من الأدوات المادية المألوفة للنصر، لقد كان نصرًا فيه رائحة المعجزة".

🖋 في ظلال القرآن
96👍5
اغتال العدو صحفيًا جريحًا في مستشفى.
جريمة مركبة تعكس طبيعة الجرائم المتواصلة التي يرتكبها العدو على مدار اللحظة منذ بدء الحرب.

حسن عبد الفتاح إصليح
نطقت بالحقيقة عدسته،
فأسكت الصاروخ قلبه.

رحم الله طيب القلب، نقيَّ اللسان، كريم الفِعَال، وانتقم من قاتليه.
😢12427👍2
في الحديث عن النبي ﷺ: "لا تزولُ قدَما عبدٍ يومَ القيامةِ حتَّى يسألَ عن أربع"، وذكر منها: "عن عمرِهِ فيما أفناهُ" (سنن الترمذي).

هؤلاء المجاهدون الشهداء حجة الله على خلقه ليس في شجاعتهم وإقدامهم في زمن الانكسار والانبطاح فحسب، بل في أعمارهم التي أَفْنَوْها في سبيل الله.
حالة عامة شائعة في المجاهدين أن يلتحق الواحد منهم بركب الجهاد وهو في مقتبل عمره (في سن الثامنة عشرة تقريبا)، ما يعني أنه يمضي نصف حياته على الأقل في هذا الطريق المبارك، ولو أمدَّ الله في عمره فكان كالضيف والسنوار، فهذا يعني أنه يمضي ثلثي عمره في هذا السبيل.

إن الانتساب إلى طريق الجهاد أشبه ما يكون بالنذر، ليس المقصود بالنذر هنا معناه الاصطلاحي عند الفقهاء –وهو التزام قُربة غير واجبة بأصل الشرع– بل معناه العام، كما في قوله تعالى: {يُوفُونَ بِالنَّذْرِ}، فإن النذر في هذه الآية يشمل كلَّ ما وجب على العبد، سواء كان مما أوجبه الله عليه ابتداءً – كالإيمان وسائر الطاعات – أو مما أوجبه العبد على نفسه باختياره، كالنذر المعهود في الفقه.
والمجاهدون الأبرار إذ اختاروا هذا الطريق، فقد نذروا أنفسهم له، ووفّوا بما عاهدوا الله عليه. لقد فعلوا ما اعتزموا من طاعات، وما التزموا من واجبات، لقد أخذوا الأمر جِدًّا خالصًا، لم يحاولوا التفلت من تبعاته، ولا التهرب من أعبائه، ولا التخلي عنه بعد اعتزامه.

إن المعنى السابق كما يبدو جليًّا في سِيَرِ المجاهدين، فإنه يظهر في سِيَرِ غيرهم من الشهداء، ممن نذروا أنفسهم لعمل صالح وصدقوا فيه، سواء أكان عملا طبيًّا أو صحفيًّا أو إغاثيًّا أو علميًّا، أو غير ذلك من ثغور الخير.

أمام هذه النماذج الملهمة التي نقرأ سيرها صباح مساء، لو أن أحدنا سأل نفسه: عن عمره فيما أفناه؛ لأخجلته الإجابة، ولأخرسته المحاسبة.

نسأل الله أن يرزقنا عملا صالحا، وأن يرزقنا الاستقامة عليه حتى يأتينا اليقين.
97👍13
رَبَّنا لَا تُؤاخِذْنا إِنْ نَسِينا أَوْ أَخْطَأْنا رَبَّنا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنا إِصْراً كَما حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنا رَبَّنا وَلا تُحَمِّلْنا مَا لَا طاقَةَ لَنا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنا وَارْحَمْنا أَنْتَ مَوْلانا فَانْصُرْنا عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ.
82😢12🙏4
أَخي ما يَئِسْنا وَلَنْ نَيْأَسَا
وَما طالَ في القَلْبِ لُبْثُ الأَسَى

وَما حَلَّ أَفْئِدَةَ المُؤْمِنِينَ
سِوَى أَمَلٍ في الجِنَانِ رَسَا

أَخي فَانْتَظِرْ وَلْتَعِشْ في غَدِ
سَيَنْبَثِقُ الأَمَلُ السَّرْمَدِي

فَإِنْ مَزَّقَتْنَا سِنِيُّ الحَيَاة
فَإِنَّا مَعَ النَّصْرِ في مَوْعِدِ
128👍11😢9
الذي ييأس في الضر من عون الله يفقد كل نافذة مضيئة، وكل نسمة رخية، وكل رجاء في الفرج، ويستبد به الضيق، ويثقل على صدره الكرب؛ فيزيد هذا كله من وقع الكرب والبلاء.

ألا إنه لا سبيل إلى احتمال البلاء إلا بالرجاء في نصر الله، ولا سبيل إلى الفرج إلا بالتوجه إلى الله، ولا سبيل إلى الاستعلاء على الضر والكفاح للخلاص إلا بالاستعانة بالله.

وكل حركة يائسة لا ثمرة لها ولا نتيجة إلا زيادة الكرب، ومضاعفة الشعور به، والعجز عن دفعه بغير عون الله. فليستبق المكروب تلك النافذة المضيئة التي تنسم عليه من روح الله.

🖋 في ظلال القرآن
108👍9💯8
ما بعد حماس: في فهم عقلية الإبادة


بتاريخ 27 أبريل 2025، نشر أ. أحمد عمر المقادمة ترجمة مقالٍ أصدره موقع معهد القدس للاستراتيجية والأمن العبري بعنوان: إلى أين تتجه حملة غزة؟(https://www.tg-me.com/gfdxddvh/80360)

تضمن المقال أربعة محاور، هي:
١) تحليل وضع الحرب ضد قطاع غزة بعد استئنافها.
٢) مفتاح تحقيق أهداف الحرب.
٣) تشجيع الهجرة.
٤) السيطرة الأمنية.

فيما يتعلق بالمحور الثاني، ينص المقال على أنه: "يكمن مفتاح تحقيق أهداف الحرب في تدمير حماس عسكريًّا وحكوميًّا، أي القضاء التام على حماس. الكيان هو الذي يسيطر على الحكومة المدنية في قطاع غزة، هذا شرط ضروري لهزيمة المنظمة هزيمة كاملة، هذا شرط ضروري، ولكنه ليس كافيًا. حماس هي أحد أعراض مشكلة أخطر وأوسع نطاقًا في قطاع غزة. البنية النفسية والوعي العام الفلسطيني  هما وعيٌ بصراع أبدي لتدمير دولة إسرائيل، ويمكن الافتراض أنه حتى لو وُجِد حكم بديل في قطاع غزة مستقبلًا بعد هزيمة حماس هزيمةً كاملة، فإن التيارات العميقة ستستمر، وفي ظل هذه الظروف، لن يكون الأمر سوى مسألة وقت حتى ينشأ تهديد متجدد لإسرائيل من قطاع غزة. لذلك، فإن الشرط الرئيسي لتحقيق هدف الحرب المتمثل في ضمان ألا يشكل قطاع غزة تهديدًا لإسرائيل بمرور الوقت يتطلب سيطرة أمنية كاملة على قطاع غزة من خلال التواجد على الأرض (بالنموذج الموجود في الضفة الغربية منذ عملية السور الواقي في عام 2002)، وليس من خلال السيطرة من الجانب (على غرار سيطرة الجيش الإسرائيلي على قطاع غزة قبل 7 أكتوبر)".

ثم يناقش المقال سبل خلق الهدوء لسنوات من منظور إستراتيجي، وهو ما يتمثل بتشجيع الهجرة والسيطرة الأمنية، مع إقراره بأن احتمالات وجود خطة فعَّالة وسريعة تبدو ضئيلة.

يتحدث المقال بوضوح عن أن حماس أحد أعراض مشكلة أخطر وأوسع نطاقًا في قطاع غزة، أي أنها ليست جوهر المشكلة، بل يتمثل جوهر المشكلة في البنية النفسية والوعي الجمعي الفلسطيني الراسخ بضرورة مقاومة الاحتلال حتى إنهائه.

في ضوء ذلك، يبدو جليًّا لمن ألقى السمع وهو شهيد أن العدو في الأساس يريد القضاء على جوهر المشكلة لا على أعراضها فقط . فهو لا يريد هزيمة حماس، أو تسليم المقاومة سلاحها أو أسرى العدو لديها، بل يريد هزيمة إرادتنا وانتمائنا لديننا ووطننا، يريد استسلامًا روحيًّا يسمح له بتشكيل الخرائط والوعي والأجيال، أو بتعبير القرآن يريد أن يصنع الناس على عينه. وهذا ما لا تملك فصائل المقاومة -فضلًا عن غيرها- التنازل عنه.

بإزاء ذلك، ليس أمامنا خيار سوى الاستمساك بديننا ووطننا، والله حسبنا، وهو نعم الوكيل.
108👍18💯12
والأمَل،
ذُرْوَةُ اليَأْسِ يا صاحبي.

تَوَجَّعْ قليلًا،
تَوَجَّعْ كثيرًا،
فَإنَّ الأملَ ذاته
مُوجِع،
حين لا يَتَبَقَّى سِواه.

🖋 مريد البرغوثي
84👍9🔥4
حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ


من استكفى بالله كفاه؛ وَكَفَى بِاللَّهِ عَلِيمًا، وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا، وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلا، وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا، وَكَفَى بِاللَّهِ وَلِيًّا، وَكَفَى بِاللَّهِ نَصِيرًا.
141👍9😢7
عن عتبة بن غزوان:

"وَلقَدْ رَأَيْتُنِي سَابِعَ سَبْعَةٍ مع رَسولِ اللهِ ﷺ، ما لَنَا طَعَامٌ إلَّا وَرَقُ الشَّجَرِ، حتَّى قَرِحَتْ أَشْدَاقُنَا (الشِّدْقُ هو جانب الفَمِ)، فَالْتَقَطْتُ بُرْدَةً فَشَقَقْتُهَا بَيْنِي وبيْنَ سَعْدِ بنِ مَالِكٍ (هو ابنُ أبي وَقَّاصٍ، أحدُ العَشَرة المبشَّرِين بالجنَّةِ)، فَاتَّزَرْتُ بنِصْفِهَا وَاتَّزَرَ سَعْدٌ بنِصْفِهَا، فَما أَصْبَحَ اليومَ مِنَّا أَحَدٌ إلَّا أَصْبَحَ أَمِيرًا علَى مِصْرٍ مِنَ الأمْصَارِ" (صحيح مسلم).

أما عتبة، فصار أميرًا على البصرة، وأما سعد، فأصبح أميرًا على الكوفة.
133💯8😢7
قراءة في آية: بين واقعي النزول والتنزيل


قال الله تعالى: ﴿لاَ يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُواْ فِي الْبِلادِ (196) مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ (197)﴾ [آل عمران].

واقع نزول الآيات يوضِّحه أن سورة آل عمران مدنية، والإجماع على أنها من أوائل المدنيات، والأقرب أنها نزلت في السنة الثالثة للهجرة كما أفاد الطاهر ابن عاشور (ابن عاشور، التحرير والتنوير، 3/144، 146). ومن دلالات هذا أن النبي وأصحابه لم يزالوا قريبي عهد بمكة التي أُخْرِجُوا منها ظلمًا، بعد أن أذاقتهم قريش فيها الويلات؛ حتى اشتكى الصحابة إلى النبي: "إِنَّ أَعْدَاءَ اللَّهِ فِيمَا نَرَى مِنَ الْخَيْرِ وَقَدْ هَلَكْنَا مِنَ الْجُوعِ وَالْجُهْدِ". كما أنهم حديثو عهد بالمدينة، التي لم يمكَّن لهم فيها بعدُ، فالسيطرة الاقتصادية في المدينة كانت بيد اليهود، وهم وإن نجوا بأنفسهم إلى المدينة إلا أن بطش قريش لاحقهم بعد أن قامت بتأليب غيرها من مشركي العرب ضد أهل المدينة، حتى صارت في شبه مقاطعة شديدة، قلَّت بسببها المستوردات، وتفاقمت الظروف، علاوة على العدو الجديد المتمثل بالمنافقين الذين كانوا لا يجدون مجالًا للمكيدة برسول الله وبالمسلمين إلا ويأتون بها.

أما واقع التنزيل -وأقصد به الواقع المعيش-؛ فليس بأحسن حالًا مما كان عليه النبي وأصحابه، فالأمة تعيش في منخفض حضاري، في مرحلة من أسوأ مراحل تاريخها، مع ما يستدعيه هذا من تخلُّفها في جوانب كثيرة، وملازمة وصف الاستضعاف لها في معظم الحالات، وتسلُّط أعدائها عليها، وتبعيَّتها لهم، ومراودتهم دعاة الإصلاح عن مبادئهم طوعًا أو كرهًا، ومحاولتهم وأد كل جيوب المقاومة التي تقاوم هذا الواقع الاستثنائي في تاريخ الأمة.

إن تقلب الذين كفروا في البلاد، وظنهم أنهم قادرون عليها وعلى المؤمنين يزيدهم عادة علوًّا في الأرض وفسادًا فيها، ويثير في أهل الإيمان التساؤل: متى نصر الله، ألسنا على الحق؟! وفي مثل هذه الظروف ينهى الله المؤمنين عن الاغترار بحال الكفار، ويعطي المتاع الذي ينعمون به وزنه الصحيح، فما هو إلا متاع قليل مقارنة بمأواهم الأبدي في جهنم؛ إذ المقاربة الزمانية تفيد أن المؤقَّت -وإن طال- في جانب المؤبد قليل. وهذا القليل في لغة الرياضيات يساوي صفرًا، لأن قسمة أي مقدار محدود -مهما كانت قيمته- على ما لا نهاية يعطي النتيجة صفر، فكذلك متاع الدنيا الفاني لا وزن له في ميزان الخلود. وفي مقابل هذا المتاع القليل جنات وخلود وتكريم من الله، ﴿لَٰكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نُزُلًا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ۗ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ لِلْأَبْرَارِ﴾ [آل عمران: 198].

مرفق الترجمة باللغة الإنجليزية
Attached is a translation to English
47💯6👍3
بلال جميل مطاوع
قراءة في آية: بين واقعي النزول والتنزيل قال الله تعالى: ﴿لاَ يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُواْ فِي الْبِلادِ (196) مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ (197)﴾ [آل عمران]. واقع نزول الآيات يوضِّحه أن سورة آل عمران مدنية،…
Reflections on an Ayah: The Reality Between the Revelation and Its Contemporary Application

Allah says: "Be not deceived by the uninhibited movement of the disbelievers throughout the land. It is but a small enjoyment; then their final refuge is Hell, and wretched is the resting place." [Quran, 3:196-197]

The context of the revelation indicates that Surah Al Imran is a Madinan surah, and there is a consensus that it is among the earliest Madinan surahs, likely revealed in the third year after the Hijrah, as mentioned by Tahir Ibn Ashur (Tafsir al-Tahrir wa al-Tanwir). This suggests that the Prophet and his companions were still fresh from the events of Makkah, from which they were unjustly expelled by the Quraysh, who subjected them to various hardships. Additionally, they were relatively new residents of Medina, where they had not yet established themselves. Economic control in Medina was in the hands of the Jews, and although the Muslims sought refuge there, the Quraysh's aggression followed them, inciting other Arab polytheists against the people of Medina. This led to a near-boycott situation, resulting in shortages and worsening conditions, compounded by the presence of hypocrites who constantly plotted against the Prophet and the Muslims.

As for the contemporary situation, it is not much better than what the Prophet and his companions experienced. The Muslim Ummah is living in a state of culture decline, perhaps one of the worst periods in its history, which manifests in various aspects of backwardness, oppression, and domination by its enemies. The enemies of the Ummah exert control over it, and it often finds itself compliant to them. Additionally, there are attempts to co-opt reformist voices into conforming to their principles, willingly or unwillingly, while efforts are made to suppress the pockets of resistance that resist this exceptional reality in the history of the Ummah.

The fluctuation of the disbelievers in the lands, and their belief that they have control over them and over the believers, only increases their arrogance on earth and corruption therein. This often raises questions among the people of faith: When will the victory of Allah come? Are we not on the right path? In such circumstances, Allah warns the believers against being deluded by the state of the disbelievers and emphasizes the true worth of the worldly possessions they enjoy. These possessions are nothing but a fleeting enjoyment compared to their eternal abode in Hell. The temporal perspective indicates that whatever is temporary, even if prolonged, is short compared to what is eternal. This small amount, in the language of mathematics, equals zero, because dividing any finite quantity — no matter how large — by infinity results in zero. Likewise, the fleeting worldly pleasures carry no weight on the scale of eternity.

In contrast to this brief enjoyment, there are gardens, eternal bliss, and honor from Allah: "But for those who feared their Lord are gardens beneath which rivers flow, abiding eternally therein, as accommodation from Allah. And that which is with Allah is best for the righteous." [Quran, 3:198]
26
ذات مرة، صرَّح جورج براون "وزير خارج بريطانيا" الأسبق، بأن لديه أسبابًا "خاصة جدًّا" تمنعه من معارضة أهداف إسرائيل. وفسَّرت صحافة بريطانيا هذه الأسباب بأنها زوجته الإسرائيلية.

السائرون في رِكاب الكيان اليوم، المُجَنِّدون أنفسهم في خندقه، كلهم -وبلا استثناء- لديهم أسباب "خاصة جدًّا" لا تمنعهم من معارضته فحسب، بل تسلخ روابطهم بالعروبة، وتفصلهم عن الإسلام بالذات.
💯7421👍13
اعلم أن معاقِدَ الخيرات على كثرتها محصورةٌ في أمرين: صِدقٌ مع الحق، وخُلُقٌ مع الخلق. والذي يتعلّق بالخلق محصورٌ في قسمين: إيصالُ نفعٍ إليهم، ودفعُ ضررٍ عنهم.

🖋 الإمام الرازي
72👍4💯3
رغم حرب الإبادة، وما خلفته من ويلات تعجز الكلمات عن وصفها، تبقى السمة الغالبة على أهلنا في القطاع الصبر والاحتساب، والثقة بالله، والأمل بنصره، بل إنك تبصر وتسمع هذه المعاني من أشد الناس بلاء. وما من عجب، فإنه الإيمان الذي يصنع المعجزات.

هذا الفعل النبيل يغيظ شرذمة قليلة، فعلها في ميزان الدين نفاق، وفي ميزان الوطن خيانة.
143👍9👏1
حَسْبُنَا اللَّهُ سَيُؤْتِينَا اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ إِنَّا إِلَى اللَّهِ رَاغِبُونَ
98💯2👍1
في حياةٍ كهذه، وفي ظروف البلاء العظيم، يكون فقد الرجال؛ هو المصاب الأعظم، الرجال الذين يُحسن أحدهم القيام في مقامه، بحيث يعزّ أن يقوم غيره مكانه، الرجال الندرة الذين تبزغ فيهم الأفكار العظيمة، وعلى أيديهم الحوادث الجسيمة، حتى ما زادوا في بعض الأوقات في التاريخ على رجلين: ﴿قالَ رَجُلانِ مِنَ الَّذينَ يَخافونَ أَنعَمَ اللَّهُ عَلَيهِمَا﴾، بل قد لا يزيدون على رجل واحد: "فَرَأَيْتُ النَّبِيَّ وَمَعَهُ الرَّهْطَ، وَالنَّبِيَّ وَمَعَهُ الرَّجُلَ وَالرَّجُلَيْنِ، وَالنَّبِيَّ وَلَيْسَ مَعَهُ أَحَدٌ"، حتى تمنّى عمر: "الدار مملوءة رجالاً مثل أبي عبيدة بن الجراح، معاذ بن جبل، سالم مولى أبي حذيفة، وحذيفة بن اليمان".

فكيف لا يكون رحيل الرجال ثُلمًا في سيف الحقّ في التاريخ، وقد رأى النبي ﷺ قبيل أحد في ذُباب سيفه ثُلمًا، فأوّله أنَّه رجلٌ من أهل بيته يُقتَل، فقُتِل حمزة؟!

🖋 أ. ساري عرابي
51😢17💯4
{أَمَّن يُجِيبُ ٱلۡمُضۡطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكۡشِفُ ٱلسُّوٓءَ وَيَجۡعَلُكُمۡ خُلَفَآءَ ٱلۡأَرۡضِۗ أَءِلَٰهٞ مَّعَ ٱللَّهِۚ قَلِيلٗا مَّا تَذَكَّرُونَ}

فالمُضْطَرّ في لحظاتِ الكُرْبَةِ والضِّيقِ لا يجد له ملجأً إلا الله، يدعوه ليكشفَ عنه الضُّرَّ والسُّوءَ، ذلك حين تَضيقُ الحلقة، وتشتدّ الخَنقةُ، وتَتَخاذل القوى، وتَتَهاوى الأَسْناد، وينظر الإنسان حواليه، فيجد نفسه مُجَرَّدًا من وسائلِ النُّصرةِ وأسبابِ الخلاص. لا قوّته، ولا قوّةٌ في الأرضِ تنجده. وكلّ ما كان يُعِدّه لساعةِ الشِّدَّةِ قد زاغَ عنه أو تخلّى، وكلّ من كان يرجوه للكُرْبَةِ قد تَنَكّر له أو تَولّى. في هذه اللحظةِ تَستَيْقِظُ الفِطرةُ، فتَلْجَأُ إلى القُوّةِ الوحيدةِ التي تَملِكُ الغوثَ والنَّجدةَ، ويتّجهُ الإنسانُ إلى الله، ولو كان قد نَسِيَه من قبل في ساعاتِ الرَّخاءِ. فهو الذي يُجيبُ المُضْطَرَّ إذا دعاه، هو وحده دون سِواه، يُجِيبُه ويَكشِفُ عنه السُّوء، ويَردُّه إلى الأمنِ والسَّلامة، ويُنَجِّيه من الضّيقةِ الآخِذةِ بالخِناق.

والناس يَغْفُلون عن هذه الحقيقةِ في ساعاتِ الرَّخاءِ، وفتراتِ الغَفْلة. يَغْفُلون عنها، فيلتمسون القُوّةَ والنُّصرةَ والحمايةَ في قوّةٍ من قُوَى الأرضِ الهزيلة. فأمّا حين تُلْجِئُهُم الشِّدّةُ، ويُضْطَرُّهُم الكَربُ، فتزولُ عن فِطرتِهم غِشاوةُ الغَفْلة، ويَرجِعون إلى ربّهم مُنيبين، مهما يكونوا من قبلُ غافلين أو مُكابرين.

🖋 في ظلال القرآن
78💯7👍3
2025/10/28 04:00:04
Back to Top
HTML Embed Code: