Telegram Web Link
*مساندة المظلوم*

إن من أعظم العبادات وأجلّ الطاعات أن تساند من وقعت عليه مظلمة في دمه أو ماله أو عرضه أو أي مجال من مجالات حياته بما تستطيع من مساندة، مبتغياً الأجر من الله بغض النظر عن لونه أو نسبه أو حسبه أو غير ذلك، وقد قال تعالى: *{كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ}*[آل عمران: 110]،

وقال تعالى: *{وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ}* [الأنفال: 25]،

وفي صحيح البخاري عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: *«انْصُرْ أَخَاكَ ظَالِمًا أَوْ مَظْلُومًا»* فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَنْصُرُهُ إِذَا كَانَ مَظْلُومًا، أَفَرَأَيْتَ إِذَا كَانَ ظَالِمًا كَيْفَ أَنْصُرُهُ؟ قَالَ: *«تَحْجُزُهُ، أَوْ تَمْنَعُهُ مِنَ الظُّلْمِ فَإِنَّ ذَلِكَ نَصْرُهُ»*، وفي المتفق عليه عن الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رضي الله عنه قال: أَمَرَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِسَبْعٍ: *«... وَنَصْرِ الْمَظْلُومِ»*،

وروى المنذري والطحاوي بسند حسن عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: *«أُمِرَ بِعَبْدٍ مِنْ عِبَادِ اللهِ أَنْ يُضْرَبَ فِي قَبْرِهِ مِائَةَ جَلْدَةٍ، فَلَمْ يَزَلْ يَسْأَلُ وَيَدْعُو، حَتَّى صَارَتْ جَلْدَةً وَاحِدَةً، فَجُلِدَ جَلْدَةً وَاحِدَةً فَامْتَلَأَ قَبْرُهُ عَلَيْهِ نَارًا، فَلَمَّا ارْتَفَعَ عَنْهُ قَالَ: عَلَامَ جَلَدْتُمُونِي؟ قَالُوا: إِنَّكَ صَلَّيْتَ صَلَاةً بِغَيْرِ طُهُورٍ، وَمَرَرْتَ عَلَى مَظْلُومٍ فَلَمْ تَنْصُرْهُ»*،

فإياك وخذلان المظلوم أو التقاعس عن فعل ما تستطيع مما فيه نصرة له بمنصبك بجاهك بمكانتك بتأثيرك بقلمك بدعائك بأي جهد إيجابي، وقد جاء في صحيح مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: *«الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ، لَا يَظْلِمُهُ وَلَا يَخْذُلُهُ...»*.

وفق الله الجميع.

🖋️ د. بندر الخضر.
*العناية بالمريض*

العناية بالمريض وخدمته ومرافقته، والقيام على علاجه: عبادة عظيمة وطاعة جليلة، وهو عمل نبيل وخلق فضيل، يجلب محبة الله وعونه وتوفيقه؛ فهو من الإحسان المأمور به شرعاً، وقد قال تعالى: *{وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ}* [البقرة: 195]، وفي المتفق عليه عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: *«مَنْ كَانَ في حَاجَةِ أَخِيهِ؛ كَانَ اللَّهُ في حَاجَتِهِ»*، وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: *«وَاللَّهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ؛ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ»*،

وهو من أعظم أبواب كسب الأجور، فإنه لما مرضت بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، أمر النبي صلى الله عليه وسلم زوجها عثمان بن عفان رضي الله عنه أن يبقى عندها ليمرضها، وتخلف عن غزوة بدر فقال له النبي صلى الله عليه وسلم كما في صحيح البخاري من حديث ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: *«إِنَّ لَكَ أَجْرَ رَجُلٍ مِمَّنْ شَهِدَ بَدْرًا، وَسَهْمَهُ»*، إنه فضل عظيم؛ فينبغي العناية بالمريض وإعانته، وإدخال السرور عليه، وبذل الجهد في علاجه، وتقديم الدواء له في أوقاته، والحرص على خدمته، وسؤاله عن حاله، وكلما طال به المرض كان أجر الصبر في القيام بأمره ومتابعة حالته، ومراعاة نفسيته أعظم، ولا يجعلونه يشعر أنه أصبح عبئاً عليهم، قال تعالى: *{إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ}* [يوسف: 90]، وربما فقدت مريضك فتمنيت لو ضاعفت الجهد في رعايته، والعناية به.

وكلما كان المريض أقرب كانت العناية به آكد، ويأتي في المقدّمة الوالدة والوالد، فإن الله أكّد على برهما عموماً، وفي حال الكبر والضعف خصوصاً فقال تعالى: *{وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا (23) وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا}* [الإسراء: 23، 24]، وأيضاً تتأكد الرعاية في حق المعاق، ومن لا يستطيع التعبير عما يحتاجه، وكذا المريض النفسي، وضعيف القدرات العقلية ونحوهم، وفي رعاية أمثال هؤلاء الرفعة والمكانة وسعة الرزق وقد روى الترمذي بسند صحيح عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: *«ابْغُونِي ضُعَفَاءَكُمْ؛ فَإِنَّمَا تُرْزَقُونَ وَتُنْصَرُونَ بِضُعَفَائِكُمْ»*،

وقد يوجد المريض الذي لا يستطيع أهله القيام بأمر علاجه، فإعانتهم في ذلك يعتبر من الصدقات العظيمة والعطايا الجليلة وقد قال تعالى: *{وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا}* [المائدة: 32]، وفي صحيح مسلم عن جَابِر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: *«مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يَنْفَعَ أَخَاهُ: فَلْيَفْعَلْ»*.

فليستشعر الطبيب والممرض والمرافق، ومن يقدّم أي خدمة للمريض الأجر العظيم والثواب الكبير في ذلك، ففيها فضل العبادة لله، وأجر النفع لعباده.

سائلاً الله أن يكتب ثواب الجميع، ويجمع لمرضاهم بين الأجر والعافية.

🖋️ د. بندر الخضر.
*العناية باليتيم*

إن من العناية المطلوبة شرعاً هي العناية باليتيم، ومعاملته معاملة إكرام خاصة، كما تحب أن يُصنَع بولدك من بعدك، وقد أمر الله بالإحسان لليتامى مع الأمر بالإحسان إلى أقرب الناس إليك قال تعالى: *{وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى}* [النساء: 36]، والحرص على إطعام اليتيم هو من صفات الأبرار الجالبة لرضوان الله قال تعالى: *{وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا}* [الإنسان: 8]، وهو من أسباب البعد عن النار قال تعالى: *{أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ (14) يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَةٍ (15) أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ}* [البلد: 14 - 16]، ومعنى مسغبة: حاجة شديدة،

وكفالة اليتيم طريق لمرافقة النبي صلى الله عليه وسلم في الجنة ففي صحيح البخاري عَنْ سَهْلٍ رضي الله عنه قَالَ: رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: *«أَنَا وَكَافِلُ اليَتِيمِ فِي الجَنَّةِ هَكَذَا»* وَقَالَ بِإِصْبَعَيْهِ السَّبَّابَةِ وَالوُسْطَى، وأخرج الطبراني بسند صحيح عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: *«مَنْ ضَمَّ يَتِيمًا لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ حَتَّى يُغْنِيَهُ اللَّهُ عَنْهُ؛ وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ»*، يعني سواء كان اليتيم من أقاربه أو ليس منهم، والإحسان إلى اليتيم وإكرامه عبادة تجلب راحة النفس وتُذهب قسوة القلب فقد روى أبو نعيم في الحلية بسند حسن عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: أتى النبي صلى الله عليه وسلم رَجُلٌ يَشْتَكِي قَسْوَةَ قَلْبِهِ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: *«أَتُحِبُّ أَنْ يَلِينَ قَلْبُكَ؟»* فَقَالَ: نَعَمْ، قَالَ: *«أَدْنِ الْيَتِيمَ مِنْكَ، وَامْسَحْ رَأْسَهُ، وَأَطْعِمْهُ مِنْ طَعَامِكَ؛ فَإِنَّ ذَلِكَ يُلِينُ قَلْبَكَ، وَتَقْدِرُ عَلَى حَاجَتِكَ»*، وفي رواية أحمد بسند حسن عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه: أَنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: *«إِنْ أَرَدْتَ أَنْ يَلِينَ قَلْبُكَ، فَأَطْعِمِ الْمِسْكِينَ، وَامْسَحْ رَأْسَ الْيَتِيمِ»*،

وإن مما يعرّض لغضب الله ويجلب مقته وسخطه معاملة اليتيم بقسوة وعنف قال تعالى: *{أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ (1) فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ (2) وَلَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ}* [الماعون: 1 - 3]، وقال تعالى: *{كَلَّا بَلْ لَا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ (17) وَلَا تَحَاضُّونَ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ}* [الفجر: 17، 18]، وقهر اليتيم هو من أعظم الآثام قال تعالى: *{فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ}* [الضحى: 9]، فينبغي العناية باليتيم وحسن رعايته في نفسه وماله، وفعل الأصلح له في كل أموره قال تعالى: *{وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلَاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ}* [البقرة: 220]،

وإن التعدي على حقه هو من السبع الموبقات والخطايا المهلكات، قال تعالى: *{إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا}* [النساء: 10]، وقال الله في موضعين من كتابه: *{وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}* [الأنعام: 152، الإسراء: 34]، وروى النسائي بسند جيد عَنْ أَبِي شُرَيْحٍ الْخُزَاعِيِّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: *«اللهُمَّ إِنِّي أُحَرِّجُ حَقَّ الضَّعِيفَيْنِ: حَقَّ الْيَتِيمِ، وَحَقَّ الْمَرْأَةِ»*، وفي رواية ابن حبان: *«مَالَ الضَّعِيفَيْنِ»*. ومعنى: أُحَرِّجُ أي: ألحق الحرج وهو الإثم، وأبالغ في النهي عن التعدي على حقهما، وأزجر عنه زجراً شديداً. فالواجب حسن الرعاية لليتامى، والحذر من العدوان على حقوقهم، أو الإساءة إليهم.

ومما يحسن التنبيه إليه أن تعظيم أمر الإساءة إلى اليتيم، لا يعني أن يترك له الحبل على الغارب ويتركه يضيع ويفسد دون أن يأمره وينهاه ويأخذ على يده، بل من تولى أمر اليتيم يحرص عليه كما يحرص على أولاده في التعليم والتربية وأنواع الرعاية، والأخذ على يده إن سار في طريق سوء وشر، أو ضياع وإهمال، ومنعِه من ذلك فقد روى ابن حبان بسند حسن عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مِمَّا أَضْرِبُ مِنْهُ يَتِيمِي، قَالَ: *«مِمَّا كُنْتَ ضَارِبًا مِنْهُ وَلَدَكَ غَيْرَ وَاقٍ مَالَكَ بِمَالِهِ، وَلَا مُتَأَثِّلٍ مِنْ مَالِهِ مَالًا»* متأثل، أي: جامع.

وفق الله الجميع.

🖋️ د. بندر الخضر.
*ثبات وصمود*

ثبات غزة وفلسطين صنع القوة في زمن الضعف، والعزة في زمن الذلة، والتفاؤل في زمن اليأس، والانتصار في زمن الانكسار، ووحدة الكلمة في زمن التفرق والتشتت، وأظهر بقاء الخير العظيم في هذه الأمة، رغم عظم الكيد والمكر والتآمر الموجه ضدها،

ولا بد من دروس مستفادة، منها: أن من اعتز بالله أعزه الله؛ فهو مصدر العزة وواهبها قال تعالى: *{مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا}* [فاطر: 10].

ومنها: من نصر الله نصره الله وثبّته قال تعالى: *{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ}* [محمد: 7]، وقال تعالى: *{إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ}* [آل عمران: 160].

ومنها: وجوب اليقين بكل الوعود الشرعية مهما عظم التآمر؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أنه مهما بلغ الحال بالأمة لا بد أن تبقى طائفة ثابتة على الحق لا تنكسر، ولا يضرهم من خذلهم.

ومنها: أهمية جمع الكلمة، ورصّ الصفوف، والبعد عن التنازع؛ حيث طبَّقوا هذا عملياً فأيَّدهم الله، وقد قال تعالى: *{وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ}* [الأنفال: 46].

ومنها: أهمية الدعاء الذي ربما استهان به البعض، وعدم الاستهانة بأي مساندة تقدمها لإخوانك.

ومن الدروس: مكانة إعداد العدة، وأثر القوة في دفع العدوان؛ فهم قد بذلوا كل ما في وسعهم للدفاع عن دينهم ومقدساتهم امتثالاً لأمر الله؛ فخذل الله أعداءهم قال تعالى: *{وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ}* [الأنفال: 60]،

فلنستفد إيجابياً من مثل هذه الأحداث، ولنحمد الله ونشكره على نعمته وفضله،

ونكثر من دعائه والتضرع إليه لأنفسنا وبلداننا وإخواننا المرابطين المجاهدين، وأن يعجل بتطهير المسجد الأقصى من تسلط اليهود، وإجرامهم.

🖋️ د. بندر الخضر.
*س/ هل ثبت أن الميت ترتفع درجته عند الله باستغفار الحي له؟*

ج/ 📝 نعم فالدعاء وسؤال الله المغفرة للميت، مما ينتفع به انتفاعاً عظيماً ففي صحيح مسلم عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: *«إِذَا مَاتَ الإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلاَّ مِنْ ثَلاَثَةٍ: إِلاَّ مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ»*. ومعنى عدم الانقطاع أن هذه الأعمال لا زالت توصل إليه الحسنات والثواب؛ فترتفع درجته ومنزلته عند الله بذلك، وقد روى ابن ماجه بسند صحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه قال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْه وَسَلَّمَ: *«إِنَّ الرَّجُلَ لَتُرْفَعُ دَرَجَتُهُ فِي الْجَنَّةِ فَيَقُولُ: أَنَّى هَذَا فَيُقَالُ: بِاسْتِغْفَارِ وَلَدِكَ لَكَ»*.

فلنحرص على الدعاء لأمواتنا، ودوام سؤال الله المغفرة لهم ورفعة درجاتهم وعلو منازلهم في الجنة وقد قال تعالى: *{وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ}* [الحشر: 10].
أسأل الله تعالى أن يرحم ويغفر لأمواتنا وأموات المسلمين أجمعين، ويعلي درجتهم في عليين، ويجعل قبورهم من رياض الجنة، وينزلهم منازل الصديقين والشهداء والصالحين. اللهم آمين.

🖋د. بندر الخضر.
___
http://www.tg-me.com/dr_alkhader
*س/ ما هي النصيحة لمن يكثر من اليمين والحلف؟*

ج/ 📝 ينبغي تعظيم أمر اليمين وعدم الاستهانة بها، وأن لا يحلف الشخص إلا عند الحاجة لذلك قال تعالى: *{وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ}* [المائدة: 89]،

وقال تعالى: *{وَلَا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ}* [البقرة: 224]،

وإن من الاستخفاف باليمين أن يتخذها الإنسان وسيلة لترويج البضائع والسلع ففي صحيح مسلم عَنْ أَبِى قَتَادَةَ الأَنْصَارِىِّ رضي الله عنه أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: *« إِيَّاكُمْ وَكَثْرَةَ الْحَلِفِ فِي الْبَيْعِ؛ فَإِنَّهُ يُنَفِّقُ ثُمَّ يَمْحَقُ»*.
وروى الطبراني بسند صحيح عَنْ سَلْمَانَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: *« ثَلَاثَةٌ لَا يَنْظُرُ اللهُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: ...، وَرَجُلٌ جَعَلَ اللهَ بِضَاعَةً، لَا يَشْتَرِي إِلَّا بِيَمِينِهِ، وَلَا يَبِيعُ إِلَّا بِيَمِينِهِ»*،

فكيف إذا كانت الأيمان فاجرة كاذبة؟

فالحذر.

عافاني الله وإياكم.

🖋د. بندر الخضر.
___
http://www.tg-me.com/dr_alkhader
*س/ هنالك حديث يذكر أعمالاً إذا قام بها الشخص في يوم الجمعة كان كفّارة له، فما هي هذه الأعمال؟*

ج/ يوم الجمعة هو يوم عظيم، وهو عيد الإسلام الأسبوعي، وله فضائل كثيرة؛ مما يستلزم الحرص على اغتنامه والتأدب بآدابه، والإكثار من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فيه، وتلاوة سورة الكهف، والإكثار من الدعاء ففيه ساعة إجابة، وأما المشار إليه في السؤال فقد ورد في ذلك أكثر من حديث، منها ما في صحيح البخاري عَنْ سَلْمَانَ الفَارِسِيِّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: *«لاَ يَغْتَسِلُ رَجُلٌ يَوْمَ الجُمُعَةِ، وَيَتَطَهَّرُ مَا اسْتَطَاعَ مِنْ طُهْرٍ، وَيَدَّهِنُ مِنْ دُهْنِهِ، أَوْ يَمَسُّ مِنْ طِيبِ بَيْتِهِ، ثُمَّ يَخْرُجُ فَلاَ يُفَرِّقُ بَيْنَ اثْنَيْنِ، ثُمَّ يُصَلِّي مَا كُتِبَ لَهُ، ثُمَّ يُنْصِتُ إِذَا تَكَلَّمَ الإِمَامُ، إِلَّا غُفِرَ لَهُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الجُمُعَةِ الأُخْرَى»*،

وروى أحمد وأبو داود بسند حسن عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنهما قَالَا: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: *«مَنْ اغْتَسَلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَاسْتَاكَ، وَمَسَّ مِنْ طِيبٍ إِنْ كَانَ عِنْدَهُ، وَلَبِسَ مِنْ أَحْسَنِ ثِيَابِهِ، ثُمَّ خَرَجَ حَتَّى يَأْتِيَ الْمَسْجِدَ، فَلَمْ يَتَخَطَّ رِقَابَ النَّاسِ، ثُمَّ رَكَعَ مَا شَاءَ أَنْ يَرْكَعَ، ثُمَّ أَنْصَتَ إِذَا خَرَجَ الْإِمَامُ، فَلَمْ يَتَكَلَّمْ حَتَّى يَفْرُغَ مِنْ صَلَاتِهِ، كَانَتْ كَفَّارَةً لِمَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْجُمُعَةِ الَّتِي قَبْلَهَا»*،

وروى أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه بسند صحيح عَنْ أَوْسِ بْنِ أَوْسٍ الثَّقَفِيِّ رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: *«مَنْ غَسَّلَ وَاغْتَسَلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَبَكَّرَ وَابْتَكَرَ، وَمَشَى وَلَمْ يَرْكَبْ، فَدَنَا مِنَ الْإِمَامِ وَاسْتَمَعَ وَلَمْ يَلْغُ، كَانَ لَهُ بِكُلِّ خُطْوَةٍ أَجْرُ سَنَةٍ، صِيَامِهَا وَقِيَامِهَا»*.

وفق الله الجميع.

🖋 د. بندر الخضر
___
تليجرام
http://www.tg-me.com/dr_alkhader
واتس
https://whatsapp.com/channel/0029VaJvd8w0wajzWcU6373v
*س/ ما هو أجر السعي في رفع المعاناة عن الناس؟*

ج/ السعي في نفع الناس ورفع المعاناة عنهم في أي مجال من مجالات حياتهم العامة أو الخاصة عبادة عظيمة وطاعة جليلة؛ فإن الله غفر لامرئ أزاح الشوك عن طريق المشاة المارّين، وغفر لامرئ كان يتجاوز عن المعسرين وقد أخرج الطبراني بسند حسن عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رجلاً جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله أي الناس أحب إلى الله؟ فقال: *«أحبُّ الناسِ إلى الله أنفعُهم للناس، وأحبُّ الأعمالِ إلى الله سُرُورٌ تُدْخِلُه على مسلم، أو تَكْشِفُ عنه كُرْبَةً، أو تَقْضِي عنه دَيْناً، أو تَطْرُدُ عنه جُوعاً...»*،

وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: *« ... وَاللَّهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ ...»*.

وفي المتفق عليه عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: *«مَنْ كَانَ في حَاجَةِ أَخِيهِ كَانَ اللَّهُ في حَاجَتِهِ»*،

وروى الطبراني في المعجم الأوسط بسند حسن عن عُمَرَ بْن الْخَطَّابِ رضي الله عنه قال: سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَيُّ الْأَعْمَالِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: *«إِدْخَالُكَ السُّرُورَ عَلَى مُؤْمِنٍ أَشْبَعْتَ جَوْعَتَهُ، أَوْ كَسَوْتَ عُرْيَهُ، أَوْ قَضَيْتَ لَهُ حَاجَةً»*،

فلنحرص ولا نستقل أي شيء في ذلك ففي صحيح مسلم عَنْ أَبِي ذَرٍّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: *«يَا أَبَا ذَرٍّ إِذَا طَبَخْتَ مَرَقَةً، فَأَكْثِرْ مَاءَهَا، وَتَعَاهَدْ جِيرَانَكَ»*.

وفق الله الجميع.

🖋 د. بندر الخضر
___
للاشتراك في قناة الواتس
https://whatsapp.com/channel/0029VaJvd8w0wajzWcU6373v

للاشتراك في قناة التليجرام
http://www.tg-me.com/dr_alkhader
*س/ ما هو الفضل في صيام أيام البيض؟ وفي أي أيام الشهر تكون أفضل؟*

ج/📝 صوم أيام البيض في الشهر كالتطوع بصوم الشهر كاملاً، ومن فعل ذلك كل شهر فكأنما تطوع بصيام الدهر ففي المتفق عليه عن عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: *«صُمْ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، فَذَلِكَ صَوْمُ الدَّهْرِ»*،

وروى الترمذي بسند صحيح عَنْ أَبِي ذَرٍّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " *مَنْ صَامَ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَذَلِكَ صِيَامُ الدَّهْرِ*، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ تَصْدِيقَ ذَلِكَ فِي كِتَابِهِ: *{مَنْ جَاءَ بِالحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا}* [الأنعام: 160] اليَوْمُ بِعَشْرَةِ أَيَّامٍ"،

📝 ومن فضلها أن صومها يذهب قسوة الصدر وما يحصل له من كدر فقد روى النسائي بسند صحيح عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قَالَ: *«أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِمَا يُذْهِبُ وَحَرَ الصَّدْرِ؟ صَوْمُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ»*.

📝 وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يواظب على صيامها ويوصي بذلك ففي المتفق عليه واللفظ للبخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: أَوْصَانِي خَلِيلِي بِثَلاَثٍ لاَ أَدَعُهُنَّ حَتَّى أَمُوتَ: *«صَوْمِ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ، وَصَلاَةِ الضُّحَى، وَنَوْمٍ عَلَى وِتْرٍ»*، وفي صحيح مسلم عن أَبي الدرداءِ رضي الله عنه قَالَ: أوصاني حَبِيبي صلى الله عليه وسلم بِثَلاثٍ لَنْ أدَعَهُنَّ مَا عِشتُ: *«بِصِيَامِ ثَلاثَةِ أيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ، وَصَلاَةِ الضُّحَى، وبِأنْ لا أنَامَ حَتَّى أُوتِرَ»*.

📝 والأفضل أن يصومها في أيام البيض وهي الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر كما ورد في بعض الأحاديث فقد روى أبو داود وابن ماجه بسند صحيح عَنْ قتادة بن مِلْحَانَ رضي الله عنه قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْمُرُنَا أَنْ نَصُومَ الْبِيضَ: ثَلَاثَ عَشْرَةَ، وَأَرْبَعَ عَشْرَةَ، وَخَمْسَ عَشْرَةَ، قَالَ: وَقَالَ *«هُنَّ كَهَيْئَةِ الدَّهْرِ»*، وروى الترمذي والنسائي بسند حسن عن أبي ذر رضي الله عنه قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: *«إِذَا صُمْتَ شَيْئًا مِنَ الشَّهْرِ، فَصُمْ ثَلَاثَ عَشْرَةَ، وَأَرْبَعَ عَشْرَةَ، وَخَمْسَ عَشْرَةَ»*.

📝 ولا مانع من صومها في غير الأيام المذكورة في أول الشهر أو وسطه أو آخره متتابعة أو متفرقة لإطلاق كثير من الأحاديث ففي صحيح مسلم عن مُعَاذَة الْعَدَوِيَّة أَنَّهَا سَأَلَتْ عَائِشَةَ رضي الله عنها: *«أَكَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصُومُ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ؟» قَالَتْ: «نَعَمْ»، فَقُلْتُ لَهَا: «مِنْ أَيِّ أَيَّامِ الشَّهْرِ كَانَ يَصُومُ؟» قَالَتْ: «لَمْ يَكُنْ يُبَالِي مِنْ أَيِّ أَيَّامِ الشَّهْرِ يَصُومُ»*،

◀️ فمن أمكنه صومها وسط الشهر فهو أفضل، وإلا صامها حيث يتيسر له من أيام الشهر، فلنحرص على الصيام والدعاء لأنفسنا وبلدنا وسائر بلاد المسلمين، وأن ينصر المجاهدين في غزة وفلسطين، ويهزم اليهود المعتدين، ومن ساندهم من سائر المجرمين.

🖋د. بندر الخضر.
___
http://www.tg-me.com/dr_alkhader
*س/ ما حكم مساندة المسلم لأخيه المسلم حينما يقع العدوان عليه كما يحصل أيامنا هذه في غزة وفلسطين؟*

ج/ حكم ذلك أنه واجب شرعاً كل واحد بما يمكنه ويستطيعه على مختلف الأصعدة والمجالات، وهذه المساندة هي من أعظم الطاعات وأفضل العبادات ويجني الناس ثمرتها في الدنيا والآخرة،

وهي من النصرة المأمور بها شرعاً قال تعالى: *{وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ}* [الأنفال: 72]، وفي المتفق عليه عن الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رضي الله عنه قال: أَمَرَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِسَبْعٍ: *«... وَنَصْرِ الْمَظْلُومِ»*،

وهي من التعاون الواجب قال تعالى: *{وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ}* [المائدة: 2]، وهي مما فرضه الله في موالاة المسلم لأخيه المسلم قال تعالى: *{وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ إِلَّا تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ}* [الأنفال: 73]، وأخرج أبو داود بسند صحيح عن علي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: *«الْمُؤْمِنُونَ تَكَافَأُ دِمَاؤُهُمْ، وَهُمْ يَدٌ عَلَى مَنْ سِوَاهُمْ، وَيَسْعَى بِذِمَّتِهِمْ أَدْنَاهُمْ...»*.

ثم إن المجاهدين في غزة وفلسطين هم في خط الدفاع الأول عن حرمات الأمة ومقدساتها، ومواجهة إجرام اليهود وعدوانهم، وتحطيم أمانيهم وأحلامهم في التوسع والسيطرة على كل ما في أيدي المسلمين، فشرهم لا حد له، فعلينا مساندة المجاهدين المرابطين بكل أنواع المساندة المقدور عليها والدعاء لهم وعدم خذلانهم، فإن خذلانهم حرام عظيم ومعصية كبيرة تستجلب العقوبة في الدنيا والإثم في الآخرة، وقد جاء في صحيح مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: *«الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ، لَا يَظْلِمُهُ وَلَا يَخْذُلُهُ..»*، وفي الصحيحين عن ابن عمر رضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: *«الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ لاَ يَظْلِمُهُ، وَلاَ يُسْلِمُهُ...»*، وأخرج أبو داود بسند حسن عن جابر وأبي طلحة بن سهل رضي الله عنهما قال صلى الله عليه وسلم: *«مَا مِنِ امْرِئٍ يَخْذُلُ امرأً مُسْلِمًا فِي مَوْطِنٍ يُنْتَقَصُ فِيهِ مِنْ عِرْضِهِ وَيُنْتَهَكُ فِيهِ مِنْ حُرْمَتِهِ؛ إِلاَّ خَذَلَهُ اللَّهُ فِي مَوْطِنٍ يُحِبُّ فِيهِ نُصْرَتَهُ، وَمَا مِنِ امْرِئٍ يَنْصُرُ مُسْلِمًا فِي مَوْطِنٍ يُنْتَقَصُ فِيهِ مِنْ عِرْضِهِ وَيُنْتَهَكُ فِيهِ مِنْ حُرْمَتِهِ إِلاَّ نَصَرَهُ اللَّهُ فِي مَوْطِنٍ يُحِبُّ فِيهِ نُصْرَتَهُ»*.

فهنيئاً لكل من يقف أي موقف في نصرة إخوانه، وقد جاء في المتفق عليه عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: *«مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ، إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى»*، وفي المتفق عليه عَنْ أَبِى مُوسَى رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: *«الْمُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا»*.

سائلاً الله التوفيق للجميع، وأن يكفي المسلمين شر اليهود وأن يرد كيدهم في نحورهم، وأن يرفع عدوانهم عن الأقصى وفلسطين، ولا يرفع لهم راية، ولا يحقق لهم غاية، ويجعلهم لغيرهم من المجرمين عبرة وآية، وأن يحفظ المجاهدين في غزة وفلسطين، وينصرهم، ويسدد رميهم، ويثبت أقدامهم، ويتقبل شهداءهم، ويشفي جرحاهم، ويجعل لهم من كل بلاء عافية، ويعجل بتحرير المسجد الأقصى، وصلاح أحوال بلدنا وسائر بلاد المسلمين. اللهم آمين.

🖋د. بندر الخضر.
___
http://www.tg-me.com/dr_alkhader
*س/ هنالك قاعدة يعمل بها الكثير من الناس في موضوع الدماء وهي قاعدة "الطّارف غريم" فما هو الحكم الشرعي لذلك؟*

ج/ "الطّارف غريم" قاعدة وثقافة جاهلية حرّمها الإسلام ووضعها النبي صلى الله عليه وسلم تحت قدميه في أعظم تجمّع إسلامي في عهده،

وفي هذه الثقافة الجاهلية مؤاخذة للإنسان بجريرة غيره الذي أكّد الله النهي عنه فقال في أربع سور من كتابه الكريم: *{وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى}* [الأنعام: 164، الإسراء: 15، فاطر: 18، الزمر: 7]. وفي السورة الخامسة يقول تعالى: *{أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِمَا فِي صُحُفِ مُوسَى (36) وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى (37) أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى}* [النجم: 36 - 38]. وقال تعالى: *{كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ}* [الطور: 21].

وروى الترمذي بسند حسن عن عَمْرِو بْنِ الأَحْوَصِ رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ فِي حَجَّةِ الوَدَاعِ لِلنَّاسِ: *«أَيُّ يَوْمٍ هَذَا؟»* قَالُوا: يَوْمُ الحَجِّ الأَكْبَرِ، قَالَ: *«فَإِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ بَيْنَكُمْ حَرَامٌ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا فِي بَلَدِكُمْ هَذَا، أَلَا لَا يَجْنِي جَانٍ إِلَّا عَلَى نَفْسِهِ، أَلَا لَا يَجْنِي جَانٍ عَلَى وَلَدِهِ، وَلَا مَوْلُودٌ عَلَى وَالِدِهِ،...»*، وروى النسائي بسند صحيح عَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: *«لَا تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّارًا، يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ، لَا يُؤْخَذُ الرَّجُلُ بِجِنَايَةِ أَبِيهِ، وَلَا جِنَايَةِ أَخِيهِ»*، وروى النسائي بسند صحيح عَنْ رَجُلٍ، مِنْ بَنِي ثَعْلَبَةَ بْنِ يَرْبُوعٍ قَالَ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَتَكَلَّمُ، فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَؤُلَاءِ بَنُو ثَعْلَبَةَ بْنِ يَرْبُوعٍ الَّذِينَ أَصَابُوا فُلَانًا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: *«لَا تَجْنِي نَفْسٌ عَلَى نَفْسٍ»*، فليس لك أن تنسب إليه الجناية بمجرد أنه يرتبط مع الجاني بنسب وقرابة، فهذا بعض ما ورد في التحذير من مؤاخذة الشخص بجريرة غيره، وغير ذلك كثير،

وفي ثقافة الطّارف غريم تأسيس للعيش في ظلِّ الثارات القبليِّة البغيضة التي تجعل نفوس أفراد القبيلتين معرَّضة للقتل في أي لحظة وفي أي مكان وزمان، وفيه استحلال لما حرّمه الله من الدم المعصوم وقد جاء في صحيح البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قَالَ: *«أَبْغَضُ النَّاسِ إِلَى اللَّهِ ثَلاَثَةٌ: مُلْحِدٌ فِي الحَرَمِ، وَمُبْتَغٍ فِي الإِسْلاَمِ سُنَّةَ الجَاهِلِيَّةِ، وَمُطَّلِبُ دَمِ امْرِئٍ بِغَيْرِ حَقٍّ لِيُهَرِيقَ دَمَهُ»*، وفي مسند أحمد بسند حسن عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: *«إِنَّ أَعْتَى النَّاسِ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: مَنْ قَتَلَ فِي حَرَمِ اللَّهِ، أَوْ قَتَلَ غَيْرَ قَاتِلِهِ، أَوْ قَتَلَ بِذُحُولِ الْجَاهِلِيَّةِ»*، أي بثأر الجاهلية.

فالواجب تعاون الجميع في دفع هذا الشر، وفي المقدّمة جهات الاختصاص، والعمل على إنهاء هذه الظاهرة التي تعتبر من السعي في الأرض بالفساد، ومن الوقوع في العدوان وتشتمل على نشر الخوف والقلق والفوضى والاضطراب وتعطيل الحياة،

وإنه لا خير ولا أمن ولا أمان إلا في الاحتكام لشريعة الله وتحكيمها في حياة الناس، ففي أحكامها استجلاب لكل خير ودفع لكل شر، وإنصاف لكل مظلوم، وصيانة لحرمة الدماء وسائر الحرمات وقد قال تعالى: *{أَفَحُكْمَ الجاهلية يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ الله حُكْماً لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ}* [المائدة: 50]،

فيجب استسلام الجميع لشريعة الله وإذا وقع أحد في الجناية على غيره فلا يجوز مساندته للهرب من المثول أمام العدالة ففي صحيح مسلم عن علي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: *«... وَلَعَنَ اللَّهُ مَنْ آوَى مُحْدِثًا»*، ولا يجوز للجهات المختصة أن تتهاون في ملاحقة الجاني وإنصاف أولياء الدّم قال تعالى: *{وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلَا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُورًا}* [الإسراء: 33]، وفي المتفق عليه عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: *«وَمَنْ قُتِلَ لَهُ قَتِيلٌ فَهُوَ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ: إِمَّا يُودَى، وَإِمَّا يُقَادُ»*، وفي إثبات القصاص الشرعي حفظ لحياة الناس، وحقن للدماء المعصومة، وإطفاء لفتن عظيمة.

سائلاً الله أن يدفع عن بلدنا وسائر بلاد المسلمين كل شر وسوء ومكروه، ويوفق كل من يسعى بأي جهد في نفع العباد وخير البلاد وصلاح الحال.

🖋د. بندر الخضر.
___
http://www.tg-me.com/dr_alkhader
*رفع المعاناة والأذية*

السعي في رفع المعاناة عن الناس، وإزالة الضرر والظلم والأذية، في أي مجال من مجالات حياتهم، بأي جهد مستطاع: عبادة عظيمة وطاعة جليلة، تجلب الخير في الدنيا، والأجر في الآخرة، فلنحرص على ذلك، وبخاصة أصحاب المسؤولية والمكانة والمعرفة والتأثير، فقد غفر الله لامرئ أزاح الشوك عن طريق المسلمين، وغفر لامرئ كان يتجاوز عن المعسرين،

وفي المتفق عليه عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: *«مَنْ كَانَ في حَاجَةِ أَخِيهِ؛ كَانَ اللَّهُ في حَاجَتِهِ»*، وفي صحيح مسلم عن جَابِر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: *«مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ: أَنْ يَنْفَعَ أَخَاهُ، فَلْيَفْعَلْ»*،
وروى ابن أبي الدنيا بسند حسن عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: *«ومَن مَشى مع مظلوم حتى يُثْبِتَ له حَقَّهُ؛ ثبَّت اللهُ قدميْهِ على الصراطِ يومَ تَزِلُّ الأقدام»*.

فهنيئاً لكل من يسعى في الخير ونفع الناس، ويعمل على رفع الضرر والأذى والمعاناة بأي جهد ومساندة في أي مجال من المجالات.

وفق الله الجميع.

🖋️ د. بندر الخضر.
*س/ ما حكم مساندة المسلم لأخيه المسلم حينما يقع العدوان عليه كما يحصل أيامنا هذه في غزة وفلسطين؟*

ج/ حكم ذلك أنه واجب شرعاً كل واحد بما يمكنه ويستطيعه على مختلف الأصعدة والمجالات، وهذه المساندة هي من أعظم الطاعات وأفضل العبادات ويجني الناس ثمرتها في الدنيا والآخرة،

وهي من النصرة المأمور بها شرعاً قال تعالى: *{وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ}* [الأنفال: 72]، وفي المتفق عليه عن الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رضي الله عنه قال: أَمَرَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِسَبْعٍ: *«... وَنَصْرِ الْمَظْلُومِ»*،

وهي من التعاون الواجب قال تعالى: *{وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ}* [المائدة: 2]، وهي مما فرضه الله في موالاة المسلم لأخيه المسلم قال تعالى: *{وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ إِلَّا تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ}* [الأنفال: 73]، وأخرج أبو داود بسند صحيح عن علي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: *«الْمُؤْمِنُونَ تَكَافَأُ دِمَاؤُهُمْ، وَهُمْ يَدٌ عَلَى مَنْ سِوَاهُمْ، وَيَسْعَى بِذِمَّتِهِمْ أَدْنَاهُمْ...»*.

ثم إن المجاهدين في غزة وفلسطين هم في خط الدفاع الأول عن حرمات الأمة ومقدساتها، ومواجهة إجرام اليهود وعدوانهم، وتحطيم أمانيهم وأحلامهم في التوسع والسيطرة على كل ما في أيدي المسلمين، فشرهم لا حد له، فعلينا مساندة المجاهدين المرابطين بكل أنواع المساندة المقدور عليها والدعاء لهم وعدم خذلانهم، فإن خذلانهم حرام عظيم ومعصية كبيرة تستجلب العقوبة في الدنيا والإثم في الآخرة، وقد جاء في صحيح مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: *«الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ، لَا يَظْلِمُهُ وَلَا يَخْذُلُهُ..»*، وفي الصحيحين عن ابن عمر رضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: *«الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ لاَ يَظْلِمُهُ، وَلاَ يُسْلِمُهُ...»*، وأخرج أبو داود بسند حسن عن جابر وأبي طلحة بن سهل رضي الله عنهما قال صلى الله عليه وسلم: *«مَا مِنِ امْرِئٍ يَخْذُلُ امرأً مُسْلِمًا فِي مَوْطِنٍ يُنْتَقَصُ فِيهِ مِنْ عِرْضِهِ وَيُنْتَهَكُ فِيهِ مِنْ حُرْمَتِهِ؛ إِلاَّ خَذَلَهُ اللَّهُ فِي مَوْطِنٍ يُحِبُّ فِيهِ نُصْرَتَهُ، وَمَا مِنِ امْرِئٍ يَنْصُرُ مُسْلِمًا فِي مَوْطِنٍ يُنْتَقَصُ فِيهِ مِنْ عِرْضِهِ وَيُنْتَهَكُ فِيهِ مِنْ حُرْمَتِهِ إِلاَّ نَصَرَهُ اللَّهُ فِي مَوْطِنٍ يُحِبُّ فِيهِ نُصْرَتَهُ»*.

فهنيئاً لكل من يقف أي موقف في نصرة إخوانه، وقد جاء في المتفق عليه عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: *«مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ، إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى»*، وفي المتفق عليه عَنْ أَبِى مُوسَى رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: *«الْمُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا»*.

سائلاً الله التوفيق للجميع، وأن يكفي المسلمين شر اليهود وأن يرد كيدهم في نحورهم، وأن يرفع عدوانهم عن الأقصى وفلسطين، ولا يرفع لهم راية، ولا يحقق لهم غاية، ويجعلهم لغيرهم من المجرمين عبرة وآية، وأن يحفظ المجاهدين في غزة وفلسطين، وينصرهم، ويسدد رميهم، ويثبت أقدامهم، ويتقبل شهداءهم، ويشفي جرحاهم، ويجعل لهم من كل بلاء عافية، ويعجل بتحرير المسجد الأقصى، وصلاح أحوال بلدنا وسائر بلاد المسلمين. اللهم آمين.

🖋د. بندر الخضر.
___
http://www.tg-me.com/dr_alkhader
*س/ ما هو موقف الإسلام من العنصرية؟*


📝 موقف الإسلام من العنصرية واضح وصارم فقد نهى عنها وحذّر منها وحاربها، وبيَّن قبح الوقوع فيها، وأخبر الله أن أول من تعامل بها هو إبليس اللعين حين رفض أمر الله بالسجود لآدم عليه السلام قائلاً: *{أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ }* [الأعراف: 12].

📝 إن محاربة الإسلام للعنصرية ظاهر في نصوصه وعباداته وأحكامه وتشريعاته المختلفة، ويمكن أن أبيّن ذلك من خلال ثلاثة أمور:

1️⃣ الأمر الأول: أن المدح والثناء أو الذم والقدح جاء بناءً على أوصاف وليس على ألوان أو أنساب، فجاء الثناء والمدح لوصف الإيمان والتقوى والإحسان والاستقامة والعمل الصالح، فالمؤمن والمحسن ممدوح أياً كان نسبه أو لونه، أو جنسه أو بلده، قال تعالى: *{إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ}* [البينة: 7]، وقال تعالى: *{وَالْعَصْرِ (1) إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ}* [العصر: 1 - 3]. وفي المتفق عليه عن عَمْرَو بْن العَاصِ رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جِهَارًا غَيْرَ سِرٍّ يَقُولُ: *" إِنَّ آلَ أَبِي فلان لَيْسُوا بِأَوْلِيَائِي، إِنَّمَا وَلِيِّيَ اللَّهُ وَصَالِحُ المُؤْمِنِينَ"*.
كما جاء الذم للفاسق والعاصي والمنافق، والمجرم والفاجر، أيّاً كان نسبه أو لونه، أو جنسه أو بلده قال تعالى: *{إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ (13) وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ}*[الانفطار: 13، 14]. وأخرج أبوداود والترمذي بسند حسن عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب الناس يوم فتح مكة فقال: *«يَا أَيّهَا النَّاس: إِنَّ اللَّه قَدْ أَذْهَبَ عَنْكُمْ عُبِّيَّة الْجَاهِلِيَّة، وَتَعَاظُمهَا بِآبَائِهَا، النَّاس رَجُلَانِ: مُؤْمِن تَقِيّ كَرِيم عَلَى اللَّه، وَفَاجِر شَقِيّ هَيِّن عَلَى اللَّه، وَالنَّاس بَنُو آدَم، وَخَلَقَ اللَّه آدَم مِنْ تُرَاب...»*.

2️⃣ الأمر الثاني: أن الكرامة عند الله والمكانة في ميزان الإسلام أساسها التقوى وحسن العمل قال تعالى: *{إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ}* [الحجرات: 13]. وفي صحيح مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: *«إِنَّ اللهَ لَا يَنْظُرُ إِلَى صُوَرِكُمْ وَأَمْوَالِكُمْ، وَلَكِنْ يَنْظُرُ إِلَى قُلُوبِكُمْ وَأَعْمَالِكُمْ»*، وأخرج أحمد والبيهقي بسند صحيح عن جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: *«يَا أَيُّهَا النَّاسُ: أَلَا إِنَّ رَبَّكُمْ وَاحِدٌ، وَإِنَّ أَبَاكُمْ وَاحِدٌ، أَلَا لَا فَضْلَ لِعَرَبِيٍّ عَلَى أَعْجَمِيٍّ، وَلَا لِعَجَمِيٍّ عَلَى عَرَبِيٍّ، وَلَا لِأَحْمَرَ عَلَى أَسْوَدَ، وَلَا أَسْوَدَ عَلَى أَحْمَرَ إِلَّا بِالتَّقْوَى»*، وفي صحيح مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: *«... وَمَنْ بَطَّأَ بِهِ عَمَلُهُ، لَمْ يُسْرِعْ بِهِ نَسَبُهُ»*.

3️⃣ الأمر الثالث: أن العنصرية هي من حميّة الجاهلية، وأخلاق أهلها ففي صحيح مسلم عن أبي مَالِكٍ الْأَشْعَرِيَّ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: *" أَرْبَعٌ فِي أُمَّتِي مِنْ أَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ، لَا يَتْرُكُونَهُنَّ: الْفَخْرُ فِي الْأَحْسَابِ، وَالطَّعْنُ فِي الْأَنْسَابِ، وَالْاسْتِسْقَاءُ بِالنُّجُومِ، وَالنِّيَاحَةُ".*

🛑 فالحذر من التخلق بأخلاق الجاهلية، أو رفع دعواها ففي مسند أحمد بسند صحيح عن الحارث الأشعري رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: *«... وَمَنْ دَعَا بِدَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ فَهُوَ مِنْ جُثَا جَهَنَّمَ»*، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَإِنْ صَامَ وَصَلَّى؟ قَالَ: *«وَإِنْ صَامَ وَصَلَّى، وَزَعَمَ أَنَّهُ مُسْلِمٌ، فَادْعُوا الْمُسْلِمِينَ بِمَا سَمَّاهُمُ: الْمُسْلِمِينَ، الْمُؤْمِنِينَ، عِبَادَ اللَّهِ»*.

📝 *كل هذه النصوص وغيرها كثير، تبين أن العنصرية جريمة، وأنها ليست من الإسلام في شيء، بل هي من خلال الجاهلية وقد قال تعالى: {أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ}*[المائدة: 50].
فلنحذر من العنصرية بكل أشكالها وألوانها.

عافاني الله وإياكم.

🖋د. بندر الخضر.
__
http://www.tg-me.com/dr_alkhader
*ذحول الجاهلية*

إن من ثقافة الجاهلية التي حرّمها الإسلام ووضعها النبي صلى الله عليه وسلم تحت قدميه في أعظم تجمّع إسلامي في عهده، هي ثقافة الطّارف غريم، والتي فيها مؤاخذة للشخص بجريرة غيره.

وقد أكّد الله النهي عن ذلك في آيات عديدة فقال في أربع سور من كتابه الكريم: *{وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى}* [الأنعام: 164، الإسراء: 15، فاطر: 18، الزمر: 7]. وفي السورة الخامسة يقول تعالى: *{أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِمَا فِي صُحُفِ مُوسَى (36) وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى (37) أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى}* [النجم: 36 - 38]. وقال تعالى: *{كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ}* [الطور: 21].

وروى الترمذي بسند حسن عن عَمْرِو بْنِ الأَحْوَصِ رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ فِي حَجَّةِ الوَدَاعِ لِلنَّاسِ: *«أَيُّ يَوْمٍ هَذَا؟»* قَالُوا: يَوْمُ الحَجِّ الأَكْبَرِ، قَالَ: *«فَإِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ بَيْنَكُمْ حَرَامٌ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا فِي بَلَدِكُمْ هَذَا، أَلَا لَا يَجْنِي جَانٍ إِلَّا عَلَى نَفْسِهِ، أَلَا لَا يَجْنِي جَانٍ عَلَى وَلَدِهِ، وَلَا مَوْلُودٌ عَلَى وَالِدِهِ،...»*، وروى النسائي بسند صحيح عَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: *«لَا تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّارًا، يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ، لَا يُؤْخَذُ الرَّجُلُ بِجِنَايَةِ أَبِيهِ، وَلَا جِنَايَةِ أَخِيهِ»*،

وروى النسائي بسند صحيح عَنْ رَجُلٍ، مِنْ بَنِي ثَعْلَبَةَ بْنِ يَرْبُوعٍ قَالَ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَتَكَلَّمُ، فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَؤُلَاءِ بَنُو ثَعْلَبَةَ بْنِ يَرْبُوعٍ الَّذِينَ أَصَابُوا فُلَانًا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: *«لَا تَجْنِي نَفْسٌ عَلَى نَفْسٍ»*، فليس لك أن تنسب إليه الجناية بمجرد أنه يرتبط مع الجاني بنسب وقرابة،

وفي هذا السلوك الآثم تأسيس للعيش في ظلِّ الثارات القبليِّة البغيضة التي تجعل نفوس أفراد القبيلتين معرَّضة للقتل في أي لحظة وفي أي مكان وزمان، وفيه استحلال لما حرّمه الله من الدم المعصوم وقد جاء في صحيح البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قَالَ: *«أَبْغَضُ النَّاسِ إِلَى اللَّهِ ثَلاَثَةٌ: مُلْحِدٌ فِي الحَرَمِ، وَمُبْتَغٍ فِي الإِسْلاَمِ سُنَّةَ الجَاهِلِيَّةِ، وَمُطَّلِبُ دَمِ امْرِئٍ بِغَيْرِ حَقٍّ لِيُهَرِيقَ دَمَهُ»*، وفي مسند أحمد بسند حسن عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: *«إِنَّ أَعْتَى النَّاسِ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: مَنْ قَتَلَ فِي حَرَمِ اللَّهِ، أَوْ قَتَلَ غَيْرَ قَاتِلِهِ، أَوْ قَتَلَ بِذُحُولِ الْجَاهِلِيَّةِ»*، أي بثأر الجاهلية.

فالواجب تعاون الجميع في دفع هذا الشر، وفي المقدّمة جهات الاختصاص، والعمل على إنهاء هذه الظاهرة التي تعتبر من السعي في الأرض بالفساد، ومن الوقوع في العدوان وتشتمل على نشر الخوف والقلق والفوضى والاضطراب وتعطيل الحياة،

وإنه لا خير ولا أمن ولا أمان إلا في الاحتكام لشريعة الله وتحكيمها في حياة الناس، ففي أحكامها استجلاب لكل خير ودفع لكل شر، وإنصاف لكل مظلوم، وصيانة لحرمة الدماء وسائر الحرمات وقد قال تعالى: *{أَفَحُكْمَ الجاهلية يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ الله حُكْماً لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ}* [المائدة: 50]،

فيجب استسلام الجميع لشريعة الله وإذا وقع أحد في الجناية على غيره فلا يجوز مساندته للهرب من المثول أمام العدالة ففي صحيح مسلم عن علي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: *«... وَلَعَنَ اللَّهُ مَنْ آوَى مُحْدِثًا»*،

ولا يجوز للجهات المختصة أن تتهاون في ملاحقة الجاني وإنصاف أولياء الدّم قال تعالى: *{وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلَا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُورًا}* [الإسراء: 33]، وفي المتفق عليه عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: *«وَمَنْ قُتِلَ لَهُ قَتِيلٌ فَهُوَ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ: إِمَّا يُودَى، وَإِمَّا يُقَادُ»*، وفي إثبات القصاص الشرعي حفظ لحياة الناس، وحقن للدماء المعصومة، وإطفاء لفتن عظيمة.

سائلاً الله أن يدفع عن بلدنا وسائر بلاد المسلمين كل شر وسوء ومكروه، ويوفق كل من يسعى بأي جهد في نفع العباد وخير البلاد وصلاح الحال.

🖋د. بندر الخضر.
*س/ ما هو الفضل في صيام أيام البيض؟ وفي أي أيام الشهر تكون أفضل؟*

ج/📝 صوم أيام البيض في الشهر كالتطوع بصوم الشهر كاملاً، ومن فعل ذلك كل شهر فكأنما تطوع بصيام الدهر ففي المتفق عليه عن عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: *«صُمْ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، فَذَلِكَ صَوْمُ الدَّهْرِ»*،

وروى الترمذي بسند صحيح عَنْ أَبِي ذَرٍّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " *مَنْ صَامَ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَذَلِكَ صِيَامُ الدَّهْرِ*، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ تَصْدِيقَ ذَلِكَ فِي كِتَابِهِ: *{مَنْ جَاءَ بِالحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا}* [الأنعام: 160] اليَوْمُ بِعَشْرَةِ أَيَّامٍ"،

📝 ومن فضلها أن صومها يذهب قسوة الصدر وما يحصل له من كدر فقد روى النسائي بسند صحيح عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قَالَ: *«أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِمَا يُذْهِبُ وَحَرَ الصَّدْرِ؟ صَوْمُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ»*.

📝 وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يواظب على صيامها ويوصي بذلك ففي المتفق عليه واللفظ للبخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: أَوْصَانِي خَلِيلِي بِثَلاَثٍ لاَ أَدَعُهُنَّ حَتَّى أَمُوتَ: *«صَوْمِ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ، وَصَلاَةِ الضُّحَى، وَنَوْمٍ عَلَى وِتْرٍ»*، وفي صحيح مسلم عن أَبي الدرداءِ رضي الله عنه قَالَ: أوصاني حَبِيبي صلى الله عليه وسلم بِثَلاثٍ لَنْ أدَعَهُنَّ مَا عِشتُ: *«بِصِيَامِ ثَلاثَةِ أيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ، وَصَلاَةِ الضُّحَى، وبِأنْ لا أنَامَ حَتَّى أُوتِرَ»*.

📝 والأفضل أن يصومها في أيام البيض وهي الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر كما ورد في بعض الأحاديث فقد روى أبو داود وابن ماجه بسند صحيح عَنْ قتادة بن مِلْحَانَ رضي الله عنه قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْمُرُنَا أَنْ نَصُومَ الْبِيضَ: ثَلَاثَ عَشْرَةَ، وَأَرْبَعَ عَشْرَةَ، وَخَمْسَ عَشْرَةَ، قَالَ: وَقَالَ *«هُنَّ كَهَيْئَةِ الدَّهْرِ»*، وروى الترمذي والنسائي بسند حسن عن أبي ذر رضي الله عنه قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: *«إِذَا صُمْتَ شَيْئًا مِنَ الشَّهْرِ، فَصُمْ ثَلَاثَ عَشْرَةَ، وَأَرْبَعَ عَشْرَةَ، وَخَمْسَ عَشْرَةَ»*.

📝 ولا مانع من صومها في غير الأيام المذكورة في أول الشهر أو وسطه أو آخره متتابعة أو متفرقة لإطلاق كثير من الأحاديث ففي صحيح مسلم عن مُعَاذَة الْعَدَوِيَّة أَنَّهَا سَأَلَتْ عَائِشَةَ رضي الله عنها: *«أَكَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصُومُ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ؟» قَالَتْ: «نَعَمْ»، فَقُلْتُ لَهَا: «مِنْ أَيِّ أَيَّامِ الشَّهْرِ كَانَ يَصُومُ؟» قَالَتْ: «لَمْ يَكُنْ يُبَالِي مِنْ أَيِّ أَيَّامِ الشَّهْرِ يَصُومُ»*،

◀️ فمن أمكنه صومها وسط الشهر فهو أفضل، وإلا صامها حيث يتيسر له من أيام الشهر، فلنحرص على الصيام والدعاء لأنفسنا وبلدنا وسائر بلاد المسلمين، وأن ينصر المجاهدين في غزة وفلسطين، ويهزم اليهود المعتدين، ومن ساندهم من سائر المجرمين.

🖋د. بندر الخضر.
___
http://www.tg-me.com/dr_alkhader
*س/ هل صح الحديث أن شخصاً جلد في قبره حتى اشتعل عليه ناراً بسبب أنه مر بمظلوم فلم ينصره؟*

ج/ الحديث في ذلك رواه المنذري والطحاوي وغيرهما بسند حسنه غير واحد من المحدثين عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: *«أُمِرَ بِعَبْدٍ مِنْ عِبَادِ اللهِ أَنْ يُضْرَبَ فِي قَبْرِهِ مِائَةَ جَلْدَةٍ، فَلَمْ يَزَلْ يَسْأَلُ وَيَدْعُو، حَتَّى صَارَتْ جَلْدَةً وَاحِدَةً، فَجُلِدَ جَلْدَةً وَاحِدَةً فَامْتَلَأَ قَبْرُهُ عَلَيْهِ نَارًا، فَلَمَّا ارْتَفَعَ عَنْهُ قَالَ: عَلَامَ جَلَدْتُمُونِي؟ قَالُوا: إِنَّكَ صَلَّيْتَ صَلَاةً بِغَيْرِ طُهُورٍ، وَمَرَرْتَ عَلَى مَظْلُومٍ فَلَمْ تَنْصُرْهُ»*، 

إن خذلان المظلوم ممن يقدر على نصرته معصية عظيمة تستجلب العقوبة في الدنيا والإثم في الآخرة؛ مما يوجب الحذر وقد جاء في صحيح مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: *«الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ: لَا يَظْلِمُهُ وَلَا يَخْذُلُهُ، وَلَا يَحْقِرُهُ»*،

وأخرج أبو داود بسند حسن عن جابر وأبي طلحة بن سهل رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: *«مَا مِنِ امْرِئٍ يَخْذُلُ امرأً مُسْلِمًا فِي مَوْطِنٍ يُنْتَقَصُ فِيهِ مِنْ عِرْضِهِ وَيُنْتَهَكُ فِيهِ مِنْ حُرْمَتِهِ؛ إِلاَّ خَذَلَهُ اللَّهُ فِي مَوْطِنٍ يُحِبُّ فِيهِ نُصْرَتَهُ، وَمَا مِنِ امْرِئٍ يَنْصُرُ مُسْلِمًا فِي مَوْطِنٍ يُنْتَقَصُ فِيهِ مِنْ عِرْضِهِ وَيُنْتَهَكُ فِيهِ مِنْ حُرْمَتِهِ إِلاَّ نَصَرَهُ اللَّهُ فِي مَوْطِنٍ يُحِبُّ فِيهِ نُصْرَتَهُ»*.

وفق الله الجميع.

🖋د. بندر الخضر.
___
http://www.tg-me.com/dr_alkhader
*العناية بالأولاد المفرّقين*

سبق الحديث حول موضوع العناية باليتيم وبالمريض، والذي أحب التذكير به في هذه الكتابة هو العناية بالولد المفرّق سواء كان ابناً أو بنتاً، فقد يقدّر الله الطلاق بين زوجين بينهما ولد أو أولاد، فلا بد من العناية بهم، وحسن الرعاية لهم، والحرص على متابعتهم، واستفادتهم، والقيام بحقوقهم كبقية الأولاد في تعليمهم ومختلف أمورهم، وتربيتهم على البِر والخير، وحسن الخلق، وعدم تضييع الواجب الشرعي تجاههم، والحذر عليهم من السوء والشر،

وقد بيّنت الشريعة ما لكل من الأبوين من حق، وشرَعت الأحكام الواضحة التي تحفظ الأولاد من الضياع، وتجعلهم يعيشون في أمن واستقرار، وحرّمت أن يصبح الأولاد ضحية لسعي كل من الزوجين أو أهليهما في المضارة بالآخر قال تعالى: *{لَا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلَا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ}* [البقرة: 233]، فلا يجوز أن يكون الطلاق سبباً للانتقام من الأولاد والإضرار بهم وأذيتهم، وحرمانهم من العناية والرعاية والعطف والمودة،

وإن من المضارة: حرمان هؤلاء الأولاد من مودة ورعاية أحد الوالدين، كمن ينتزع الولد من والدته، ويحرق قلبها بفراقه، في سن هي أحق فيه بالحضانة ففي سنن الترمذي بسند حسن عَنْ أَبِي أَيُّوب رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: *«مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ وَالِدَةٍ وَوَلَدِهَا؛ فَرَّقَ اللَّهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَحِبَّتِهِ يَوْمَ القِيَامَةِ»*. وشبيه بذلك: من يتعمّد حجب الولد، وإبعاده عن رؤية والده، والجلوس معه، واختلاق الأعذار إذا طلب ذلك؛ فينشأ الولد على الجفاء،

وليعلم الجميع أن مما يسخط الله، ويؤثر سلباً على الولد: العمل على زرع البغض والكراهية في قلبه لأحد والديه، وهو من العمل على قطيعة الرحم وقد قال تعالى: *{فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ}* [محمد: 22]، فلنكن وقّافين عند حدود الله، قائمين بما يجب علينا شرعاً في كل أمورنا وأحوالنا.

وفق الله الجميع.

🖋️ د. بندر الخضر.
*كلمة الحق*

كلمة عظيمة الأجر، جليلة المثوبة، رفيعة القدر عند الله، خيرها عظيم، ونفعها كبير، وفيها استجابة لأمر الله تعالى، وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم قال تعالى: *{لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ}* [آل عمران: 187]، وقال تعالى: *{وَلَا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ}* [البقرة: 42]، وروى أحمد بسند صحيح عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: *«أَلَا لَا يَمْنَعَنَّ أَحَدَكُمْ رَهْبَةُ النَّاسِ، أَنْ يَقُولَ بِحَقٍّ إِذَا رَآهُ، أَوْ شَهِدَهُ»*،

إنها كلمة تجعل الشخص من خير الناس، وأرفعهم مكانة عند الله قال تعالى: *{كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ}* [آل عمران: 110]، وهي كلمة تدفع عن الأمة الكثير من البلايا والشدائد قال تعالى: *{وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ}* [هود: 117]،

فإذا رأيت بغياً من جار على جار، أو استقواء من قوي على ضعيف، أو اعتداء من صاحب مال أو نفوذ، أو منصب ومكانة وساعِد على من ليس كذلك؛ فإن أجرك عظيم حين تقول كلمة الحق، وتكون سبباً في رفع الظلم والبغي مهما كانت قرابة المخطئ منك، أو مكانته عندك، فإن النصرة الحقيقية له أن تمنعه من الظلم، وتجعله يحتكم لشرع الله وقد قال تعالى: *{وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ}* [الأنفال: 25]، وفي صحيح البخاري عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: *«انْصُرْ أَخَاكَ ظَالِمًا أَوْ مَظْلُومًا»* فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَنْصُرُهُ إِذَا كَانَ مَظْلُومًا، أَفَرَأَيْتَ إِذَا كَانَ ظَالِمًا كَيْفَ أَنْصُرُهُ؟ قَالَ: *«تَحْجُزُهُ، أَوْ تَمْنَعُهُ مِنَ الظُّلْمِ؛ فَإِنَّ ذَلِكَ نَصْرُهُ»*.

فهنيئاً لكل من يقف الموقف الإيجابي، ويساند المظلوم بمنصبه، بجاهه، بمكانته، بتأثيره، بكلمته، بقلمه، بأي جهد يقدّمه في إنصاف أي مظلوم، والعمل على رفع الظلم عنه.

وفق الله الجميع.

🖋️ د. بندر الخضر.
*والدتك*

هي باب عظيم لدخول الجنة، والنجاة من النار، وفي برها والإحسان إليها والقيام بحقها استجلاب لخيري الدنيا والآخرة ففي سنن النسائي بسند صحيح عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ جَاهِمَةَ السَّلَمِيِّ رضي الله عنه أَنَّ النبي صلى الله عليه وسلم سأله: *«هَلْ لَكَ مِنْ أُمٍّ؟»* قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: *«فَالْزَمْهَا؛ فَإِنَّ الْجَنَّةَ تَحْتَ رِجْلَيْهَا»*، وأخرج البخاري في الأدب المفرد بسند صحيح عن ابْن عُمَرَ رضي الله عنهما أنه قال لرجل: أَتَفْرَقُ النَّارَ، وَتُحِبُّ أَنْ تَدْخُلَ الْجَنَّةَ؟ قُلْتُ: إِي وَاللَّهِ، قَالَ: أَحَيٌّ وَالِدُكَ؟ قُلْتُ: عِنْدِي أُمِّي، قَالَ: *فَوَاللَّهِ لَوْ أَلَنْتَ لَهَا الْكَلَامَ، وَأَطْعَمْتَهَا الطَّعَامَ؛ لَتَدْخُلَنَّ الْجَنَّةَ مَا اجْتَنَبْتَ الْكَبَائِرَ*.

وفق الله الجميع.

🖋️ د. بندر الخضر.
2025/07/05 06:48:54
Back to Top
HTML Embed Code: