Telegram Web Link
صَلَاةُ الْعِيدِ فِي نَازِلَةِ الْحَرْبِ
هَلْ يَجُوزُ لِلْأَخِ أَنْ يُخْرِجَ زَكَاةَ فِطْرِهِ لِأَخِيهِ الْفَقِيرِ؟
وَكَمْ نِصَابُ كَفَّارَةِ إِفْطَارِ الْمَرِيضِ عَنْ كُلِّ يَوْمٍ مِنْ أَيَّامِ رَمَضَانَ؟ وَهَلْ تَجُوزُ مَالَاً؟
وَهَلْ يَجُوزُ لِلْمَرْأَةِ الْمَرِيضَةِ أَنْ تُعْطِيَ تِلْكَ الْكَفَّارَةِ لِأَبْنَائِهَا الْفُقَرَاءِ أَوْ أَنْ تَقْسِمَ هَذِهِ الْكَفَّارَةَ بَيْنَهُمْ؟
الْجَوَابُ/ الْحَمْدُ للهِ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِ اللهِ، وَعَلَى آلِهِ، وَصَحْبِهِ، وَمَنْ وَالَاهُ، أَمَّا بَعْدُ:
إِعْطَاءُ الزَّكَاةِ سَوَاءٌ كَانَتْ زَكَاةَ فِطْرٍ أَوْ زَكَاةَ مَالٍ لِلْقَرِيبِ الْفَقِيرِ أَوْلَى مِنْ إِعْطَائِهَا لِلْغَرِيبِ الْفَقِيرِ، مَا لَمْ يَقَعِ الثَّانِي فِي حَدِّ الضَّرُورَةِ، وَالْقَرَابَةُ الَّتِي تُعْطَى مِنَ الزَّكَاةِ مُتَفَاوِتَةٌ فِي الْقُوَّةِ وَالْقُرْبِ، فَأَقْرَبُهَا وَأَقْوَاهَا: الْإِخْوَةُ وَالْأَخَوَاتُ، ثُمَّ أَبْنَاؤُهُمْ، ثُمَّ أَبْنَاءُ الْأَخِ، ثُمَّ الْأَعْمَامُ، ثُمَّ أَبْنَاؤُهُمْ، ثُمَّ أَعْمَامُ الْأَبِ، ثُمَّ أَبْنَاؤُهُمْ، ثُمَّ بَنَاتُهُمْ، مَعَ مُرَاعَاةِ هَذَا التَّدَرُّجِ.
إِذَا تَبَيَّنَ هَذَا؛ فَلْيُعْلَمْ أَنَّ مَنْ قَدَّمَ الْأَبْعَدَ عَلَى الْأَقْرَبِ؛ لَمْ يَكُنْ مُحْسِنَاً، وَتَقَعُ زَكَاتُهُ صَدَقَةً؛ تَخْرِيجَاً عَلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيَّةِ، وَتَبْقَى الذِّمَّةُ مَشْغُولَةً بِالزَّكَاةِ حَتَّى يُعِيدَ إِخْرَاجَهَا إِلَى الْقَرِيبِ الْأَقْرَبِ وَالْأَقْوَى، وَتَقَعُ زَكَاةً عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ مَعَ الْإِسَاءَةِ؛ لِإِضَاعَتِهِ حَقَّ مَنْ هُوَ أَوْلَى وَأَقْرَبُ، وَالْغَنِيُّ إِذَا أَعْطَى قَرِيبَهُ الْفَقِيرَ زَكَاةً أَوْ صَدَقَةً؛ فَلَهُ أَجْرَانَ: أَجْرُ الْعَطِيَّةِ، وَأَجْرُ الصِّلَةِ.
وَلَيْسَ لِكَفَّارَةِ الصِّيَامِ نِصَابٌ تَجِبُ بِهِ الْكَفَّارَةُ وَتَسْقُطُ بِنَقْصِهِ أَوْ بِعَدَمِهِ؛ بَلْ هِيَ مَطْلُوبَةٌ مِنْ كُلِّ أَحَدٍ يَعْجَزُ عَنِ الصَّوْمِ، فَإِنْ تَوَفَّرَتْ أَدَّاهَا، وَإِنْ غَابَتِ انْتَظَرَ حَتَّى يُرْزَقَ فَيُؤَدِّيَهَا، وَإِنْ مَاتَ وَهُوَ عَاجِزٌ؛ جَازَ لِوَلِيِّهِ أَنْ يَصُومَ عَنْهُ أَوْ يُؤَدِّيَ عَنْهُ وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ ذَلِكَ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ لَا يُسْأَلُ عَنْهَا صَاحِبُهَا؛ لِعَجْزِهِ عَنْ أَدَائِهَا، وَالْأَحْكَامُ تَسْقُطُ مَعَ الْعَجْزِ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿‌لَا ‌يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا﴾ [البقرة: 286]، وَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿فَاتَّقُوا اللَّهَ ‌مَا ‌اسْتَطَعْتُمْ﴾ [التغابن: 16].
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ فِي جُزْءِ حَدِيثِهِ: (...وَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ) [أخرجه: البخاري/صحيحه(7288)(9/ 94)، مسلم/صحيحه(1337)(2/975)].
وَالْقَدْرُ الْوَاجِبُ إِخْرَاجُهُ كَفَّارَةً عَنِ الْفِطْرِ مِنْ رَمَضَانَ لِعُذْرٍ أَوْ لِغَيْرِ عُذْرٍ مَعَ الْعَجْزِ عَنِ الْقَضَاءِ: مُدٌّ مِنْ طَعَامٍ، أَيْ: مِلْءُ كَفَّيِ الرَّجُلِ الرَّبْعَةِ مِنْ طَعَامٍ، وَالطَّعَامُ زَمَنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابِهُ رضي الله عنهم الشَّعِيرُ أَوِ الْقَمْحُ، وَيُقَاسُ عَلَيْهِمَا الْأَرُزُّ، وَيُجْزِئُ أَيْضَاً مُدٌّ مِنْ تَمْرٍ، أَوْ زَبِيبٍ. وَزِنَةُ الْمُدِّ (544 جِرَامَاً).
وَقَدْ أَجَازَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ (مِنْهُمُ الْبُخَارِيُّ وَالْحَنَفِيَّةُ) إِخْرَاجَهَا قِيمَةً. فَلَوْ أَخْرَجَ (10 شَوَاكِلَ) عَنْ كُلِّ يَوْمٍ أَجْزَأَتْ عَنْهُ عَلَى هَذَا المَذْهَبِ.
وَلَا يَجُوزُ أَنْ تُعْطَى الْكَفَّارَةُ لِأَصْلِ الْمُكَفِّرِ: أَبِيهِ أَوْ جَدِّهِ، وَلَا لِفَرْعِهِ: ابْنِهِ أَوِ ابْنَتِهِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
🖋 أ.د. سلمان نصر الدايه
مَا حُكْمُ بَعْضِ الْعَامِلِينَ فِي الْمُؤَسَّسَاتِ الْخَيْرِيَّةِ الَّذِينَ يَأْخُذُونَ مِنْ حَلِيبِ الْأَطْفَالِ لِبُيُوتِهِمْ لِاسْتِعْمَالِهِ فِي شُرْبِ (النِّسْكَافِيهْ)، عِلْمَاً أَنَّ أَبْنَاءَهُمْ كِبَارٌ؟
الْجَوَابُ/ الْحَمْدُ للهِ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِ اللهِ، وَعَلَى آلِهِ، وَصَحْبِهِ، وَمَنْ وَالَاهُ، أَمَّا بَعْدُ:
الْمُسَاعَدَاتُ الَّتِي تَأْتِي إِلَى النَّاسِ فِي غَزَّةَ؛ تُسَمَّى فِي الشَّرْعِ: حَقَّ اللهِ؛ لِارْتِبَاطِهِ بِحَقِّ جُمْهُورِ النَّاسِ، وَهَذَا الِاصْطِلَاحُ يُؤْذِنُ بِقَدَاسَةِ هَذِهِ الْأَمْوَالِ، وَفَدَاحَةِ الْجُرْأَةِ عَلَيْهَا، أَوِ التَّهَاوُنُ بِحِفْظِهَا، وَلَا الْمُحَابَاةُ فِي تَوْزِيعِهَا، وَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ هَذَا الْفَهْمُ حَاضِرَاً عِنْدَ الْمَعْنِيِّينَ بِتَوْزِيعِهَا.. أَفْرَادَاً كَانُوا أَوْ مُؤَسَّسَاتٍ، وَيَلْزَمُهُمْ تَقْدِيمُ الضُّعَفَاءِ وَذِي الْحَاجَةِ الْأَشَدِّ عَلَى غَيْرِهِمْ، وَمِنَ الضُّعَفَاءِ: الْأَطْفَالُ الرُّضَّعُ، وَالْقُصَّرُ، وَالْمَرْضَى، وَالنِّسَاءُ.. فَإِذَا جَاءَتِ الْأَرْزَاقُ مِنْ أَهْلِ الْإِحْسَانِ وَفِيهَا حَلِيبُ الْأَطْفَالِ؛ يَلْزَمُ مَنِ ائْتُمِنَ عَلَى تَوْزِيعِهَا أَنْ يُسَارِعَ بِإِيصَالِهَا إِلَى أَهْلِهَا، وَالتَّأْخِيرُ فِي ذَلِكَ لِغَيْرِ عُذْرٍ إِثْمٌ، وَإِذَا نَشَأَ عَنْ تَقْصِيرِهِ هَلَاكٌ؛ كَانَ مُسَاهِمَاً فِيهِ بِالتَّسَبُّبِ، وَلَا يَجُوزُ انْتِفَاعُ الْكَبِيرِ بِهَذَا الْحَلِيبِ مَا دَامَ الْأَطْفَالُ بِحَاجَةٍ لَهُ؛ فَاتَّقُوا اللهَ، وَرَاقِبُوهُ فِي أداء الأمانات إلى مستحقيها؛ فَإِنَّ اللهَ قَدْ أَمَرَكُمْ بِذَلِكَ بِقَوْلِهِ: ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا ‌الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا﴾ [النساء: 58]، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
🖋 أ.د. سلمان نصر الدايه
شَيْخَنَا الْفَاضِلُ.. أُرْسِلَ إِلَيَّ مَالُ زَكَاةٍ لِأُوصِلَهَا لِأَهْلِ غَزَّةَ مِنْ تُرْكِيَّا، لَكِنْ بِسَبَبِ قِلَّةِ السُّيُولَةِ سَنَتَأَخَّرُ فِي التَّوْزِيعِ، وَإِذَا عَجَّلْنَا بِهَذَا سَنَخْسَرُ كَثِيرَاً بِسَبَبِ خَصْمِ الصَّيْرَفِيُّ عُمُولَةً، وَمَا وَجَدْنَا طَرِيقَةً أُخْرَى؛ فَهَلْ يَجُوزُ التَّأْخِيرُ حَتَّى نَتَمَكَّنَ مِنْ إِيصَالِ الْمَبْلَغِ بِأَقَلِّ خَسَارَةٍ؟
الْجَوَابُ/ الْحَمْدُ للهِ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِ اللهِ، وَعَلَى آلِهِ، وَصَحْبِهِ، وَمَنْ وَالَاهُ، أَمَّا بَعْدُ:
إِذَا كَانَ مَنْ حَوْلَكَ مِنْ مَصَارِفِ الزَّكَاةِ الْفُقَرَاءُ وَالْمَسَاكِينُ وَالْغَارِمِينَ وَالَّذِينَ دُمِّرَتْ بُيُوتُهُمْ، وَذَهَبَتْ أَمْوَالُهُمْ؛ فَصَارُوا مِنْ أَبْنَاءِ السَّبِيلِ.. إِذَا كَانَ هَؤُلَاءِ قَدِ اشْتَدَّتْ بِهِمُ الْفَاقَةُ، وَعَظُمَ فِيهِمُ الْحَرَجُ، وَلَمْ يَأْتِهِمْ مَنْ يُوَاسِيهِمْ أَوْ يُخَفِّفُ مِنْ مُعَانَاتِهِمْ؛ فَلَا تُأَخِّرِ الزَّكَاةَ وَإِنْ عَلَتْ نِسْبَةُ التَّحْوِيلِ؛ اسْتِنْقَاذَاً لِلْمُهَجِ مِنَ الْهَلَكَةِ، وَحِفْظَاً لِلنُّفُوسِ مِنْ ذُلِّ السُّؤَالِ.
وَإِذَا لَمْ يَبْلُغْ بِهِمُ الْأَمْرُ مَا ذَكَرْتُ، وَعَلِمْتَ أَوْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّكَ أَنَّ الْعُمُولَةَ سَتَنْزِلُ بَعْدَ أَيَّامِ الْعِيدِ بِقَلِيلٍ؛ فَأَخِّرْ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ عَنْ عِلْمٍ وَلَا ظَنٍ؛ فَعَجِّلْ بِمُوَاسَاةِ الْمَحَاوِيجِ، وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ تَخْشَى مِنَ الْإِثْمِ؛ لِأَنَّكَ عِنْدَئِذٍ تُؤَخِّرُ الْحَقَّ عَنْ أَصْحَابِهِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
🖋 أ.د. سلمان نصر الدايه
شَيْخَنَا الْفَاضِلُ حَفِظَكَ اللهُ: الْآنَ أَنَا فِي رَفَح، وَمَعِيَ مَبْلَغٌ مِنَ الْمَالِ زَكَاة فِطْرٍ، وَأَوَدُّ إِرْسَالَهُ إِلَى غَزَّةَ لِبَعْضِ النَّاسِ بِسَبَبِ سُوءِ أَحْوَالِهِمْ، وَلَكِنَّ مَوْضُوعَ التَّحْوِيلِ فِيهِ مَشَقَّةٌ، وَقَدْ يَتَأَخَّرُ إِلَى بَعْدِ الْعِيدِ. فَهَلْ يَجُوزُ تَأْخِيرُ زَكَاةِ الْفِطْرِ بِسَبَبِ مَوْضُوعِ التَّحْوِيلِ؟
الْجَوَابُ/ الْحَمْدُ للهِ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِ اللهِ، وَعَلَى آلِهِ، وَصَحْبِهِ، وَمَنْ وَالَاهُ، أَمَّا بَعْدُ:
إِذَا سَعَيْتَ بِحِرْصٍ عَلَى تَحْوِيلِهَا لِمَنْ تُرِيدُ؛ فَلَمْ يَتَيَسَّرْ لَكَ ذَلِكَ؛ فَلَا بَأْسَ بِتَأْخِيرِهَا بَعْدَ الْعِيدِ، وَاحْذَرْ مِنَ التَّسْوِيفِ؛ لِأَنَّهُ تَأْخِيرٌ لِلْحَقِّ عَنْ أَصْحَابِهِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
🖋 أ.د. سلمان نصر الدايه
عِنْدَ التَّحْوِيلِ مِنَ الْخَارِجِ إِلَى غَزَّةَ...هَلْ يَجُوزُ أَخْذُ نِسْبَةٍ مِنَ الْمَبْلَغِ كَأُجْرَةٍ لِلتَّحْوِيلِ؟ وَمَا حَدُّ هَذِهِ النَّسْبَةُ؟
مَثَلَاً: الْحِوَالَاتُ مِنْ قَطَر أَوِ الْإِمَارَات...1000 رِيَالٍ قَطَرِيٍّ عِنْدَ تَحْوِيلِهَا إِلَى دُولَارٍ بِالسِّعْرِ الرَّسْمِيِّ 272$ وَبِسِعْرِ الْمَكْتَبِ 250$ وَفَوْقَ هَذَا يَأْخُذُ الْمَكْتَبُ نِسْبَةً...فَرَجَائِي نَعْرِفُ هَلْ هَذَا جَائِزٌ؟
الْجَوَابُ/ الْحَمْدُ للهِ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِ اللهِ، وَعَلَى آلِهِ، وَصَحْبِهِ، وَمَنْ وَالَاهُ، أَمَّا بَعْدُ:
أَيُّ تَحْرِيفٍ لِصُورَةِ الْحِوَالَةِ الْمَصْرِفِيَّةِ عَمَّا كَانَتْ عَلَيْهِ قَبْلَ نَازِلَةِ الْحَرْبِ، وَأَيُّ زِيَادَةٍ عَلَى نِسْبَةِ التَّحْوِيلِ فِي ظِلِّ مَا حَلَّ بِالنَّاسِ مِنِ ابْتَلَاءَاتٍ ذَهَبَتْ بِجُلِّ أَمْلَاكِهِمْ هُوَ مِنَ الظُّلْمِ وَالطُّغْيَانِ؛ لِأَنَّهُ مِنَ الْغَرَرِ، وَالْغَرَرُ مَمْنُوعٌ فِي الشَّرْعِ؛ فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ  قَالَ: "نَهَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ بَيْعِ الْغَرَرِ" [أخرجه: مسلم/صحيحه (1513)(5/3)].
وَيَنْبَغِي عَلَى النَّاسِ فِي مِثْلِ هَذِهِ النَّوَازِلِ التَّرَاحُمُ فِيمَا بَيْنَهُمْ، وَمُوَاسَاةُ بَعْضِهِمْ بِالْقَلِيلِ فَضْلَاً عَنِ الْكَثِيرِ، وَإِشْرَاكُهُمْ الْمَحَاوِيجَ فِي الْمَهْنَأِ، وَالسَّمَاحَةُ فِي الْمُعَامَلَةِ، وَالْقَنَاعَةُ بِاليَسِيرِ مِنَ الرِّبْحِ، وَالتَّجَاوُزُ عَنِ الْمُعْسِرِ أَوْ إِمْهَالُهُ إِلَى حِينِ الْمَيْسَرَةِ.
فَعَنْ أَبِي الْيَسَرِ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (مَنْ أَنْظَرَ مُعْسِرًا، ‌أَوْ ‌وَضَعَ ‌عَنْهُ، أَظَلَّهُ اللهُ فِي ظِلِّهِ) قَالَ: قَالَ مُعَاوِيَةُ: (يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ) [أخرجه: مسلم/صحيحه(3014)(8/ 232)].
وَعَنْ أَبِي قَتَادَةَ رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: (‌مَنْ ‌سَرَّهُ أَنْ يُنْجِيَهُ اللهُ مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، فَلْيُنَفِّسْ عَنْ مُعْسِرٍ أَوْ ‌يَضَعْ ‌عَنْهُ) [أخرجه: مسلم/صحيحه(1563)(5/ 34)].
وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما أَنَّ رَجُلًا جَاءَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ: أَيُّ النَّاسِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ؟، وَأَيُّ الْأَعْمَالِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ؟، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (أَحَبُّ النَّاسِ إِلَى اللَّهِ أَنْفَعَهُمْ لِلنَّاسِ، وَأَحَبُّ الْأَعْمَالِ إِلَى اللَّهِ سُرُورٍ تُدْخِلُهُ عَلَى مُسْلِمٍ: تَكْشِفُ عَنْهُ كُرْبَةً، أَوْ تَقْضِي عَنْهُ دِينًا، أَوْ تَطْرَدُ عَنْهُ جُوعًا...) [حسن، أخرجه: الطبراني/ المعجم الأوسط(6026)(6/ 139)].
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (‌مَنْ ‌نَفَّسَ ‌عَنْ ‌مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا نَفَّسَ اللهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ يَسَّرَ عَلَى مُعْسِرٍ يَسَّرَ اللهُ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَاللهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ) [أخرجه: مسلم/صحيحه(2699)(8/ 71)]، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
🖋 أ.د. سلمان نصر الدايه
🗒 حكم التشريك في النية بين صوم القضاء وصوم النافلة
🖊 أ.د. سلمان نصر الداية

التشريك في النية بين صوم القضاء، وصوم النافلة كالتسع من ذي الحجة، وعرفة، وتاسوعاء وعاشوراء، والاثنين والخميس، وثلاثة الأيام البيض.

اختلف أهل العلم في حكم الجمع بينهما على ثلاثة مذاهب:

المذهب الأول: أفاد أن التشريك في النية بين صوم القضاء عن رمضان، وصوم النافلة يقع عن أحدهما لا عن كليهما، على تفصيل بينهم:

فذهب أبو حنيفة وأبو يوسف إلى أنه يقع عن القضاء، ووجههما في ذلك:

أن نية التعيين في التطوع لغوٌ، فيسقط التعيين، ويبقى أصل النية، فيصير كأنه نوى قضاء رمضان والصوم، ومن ينوِ قضاء رمضان والصومَ يقع عن القضاء، وكذا هنا([1]).

وذهب محمد إلى أن من شرَّكَ بين نية قضاء رمضان، ونية النفل المعيَّن في يومٍ أو أيامٍ يقع وقته لجهتين مختلفتين متنافيتين فتتساقطا بالتعارض، ويبقى أصل النية مجرداً عن القضاء والنفل المعين، فتعد نيته صوماً مجرداً فيقع نفلاً مطلقاً([2]).

المذهب الثاني: أفاد جواز التشريك بين نية القضاء الواجب، والنفل المعين في الصوم، وبه قال المالكية وأكثر الشافعية والحنابلة في رواية المذهب عندهم([3]).

واستدلوا لذلك بالأثر:

عن الْأَسْوَدِ بْنِ قَيْسٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه أَنَّهُ قَالَ: "مَا أَيَّامٌ أَحَبُّ إلَيَّ أَنْ أَقْضِيَ فِيهَا شَهْرَ رَمَضَانَ مِنْ هَذِهِ الْأَيَّامِ لِعَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ"([4]).

وعن خَالِدِ بْنِ أَبِي عِمْرَانَ، أَنَّهُ سَأَلَ الْقَاسِمَ وَسَالِمًا عَنْ رَجُل عَلَيْهِ يَوْمٌ مِنْ رَمَضَانَ أَيَقْضِيهِ فِي الْعَشْرِ؟ فَقَالَ: "نَعَمْ وَيَقْضِيهِ يَوْمَ عَاشُورَاءَ" ([5]).

المذهب الثالث: أفاد عدم جواز التشريك، ولو حصل بطل الصوم عنهما، ولا ثواب، وبه قال الرملي من الشافعية، والحنابلة في الرواية الثانية عن أحمد ([6]).

ووجههم في ذلك: اجتماع نيتين مختلفتين: نية القضاء الواجب، ونية النفل المعين في يوم واحدٍ فتسقطان، ويكون الصوم عريَّاً عن النية فيبطل؛ لأنَّ النية ركن العمل، ويلزم من فسادها فساد العمل، والله أعلم.

المذهب المرتضى:

يرى الباحث أن الراجح ما ذهب إليه المالكية، وجمهور الشافعية، والحنابلة في رواية عندهم، والقاضي بجواز تشريك قضاء الصوم مع الصوم المعين؛ لأثر عمر بن الخطاب t؛ فقد كان يؤخر قضاء رمضان إلى التسع من ذي الحجة، وإن النبي r أمر باتباع الخلفاء الأربعة، فعن العرباض بن سارية t قال: قَامَ فِينَا رَسُولُ اللَّهِr ذَاتَ يَوْمٍ، فَوَعَظَنَا مَوْعِظَةً بَلِيغَةً وَجِلَتْ مِنْهَا الْقُلُوبُ، وَذَرَفَتْ مِنْهَا الْعُيُونُ، فَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَعَظْتَنَا مَوْعِظَةَ مُوَدِّعٍ فَاعْهَدْ إِلَيْنَا بِعَهْدٍ. فَقَالَ: "عَلَيْكُمْ بِتَقْوَى اللَّهِ، وَالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ وَإِنْ عَبْدًا حَبَشِيًّا، وَسَتَرَوْنَ مِنْ بَعْدِي اخْتِلَافًا شَدِيدًا، فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ، عَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ، وَإِيَّاكُمْ وَالْأُمُورَ الْمُحْدَثَاتِ، فَإِنَّ كُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ"([7]).

و عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ رضي الله عنهما، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "إِنِّي لَا أَدْرِي مَا قَدْرُ بَقَائِي فِيكُمْ، فَاقْتَدُوا بِاللَّذَيْنِ مِنْ بَعْدِي"، وَأَشَارَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ([8]).



ـــــــــــــــــــــــــــ

([1]) انظر: الكاساني/ بدائع الصنائع (2/85).

([2]) انظر: المرجع نفسه (2/85).

([3]) انظر: الدردير/ الشرح الكبير وحاشية الدسوقي (1/518)؛ الصاوي/ بلغة السالك (1/695)؛ السيوطي/ الأشباه والنظائر (ص22)؛ الرملي/ نهاية المحتاج (3/208)؛ البكري/ إعانة الطالبين (2/252)؛ البهوتي/ كشاف القناع (2/316)؛ البعلي/ كشف المخدرات (1/276).

([4]) صحيح، أخرجه: البيهقي/سننه الكبرى(8395) (4/472).

([5]) ذكره: مالك/ المدونة (1/279).

([6]) انظر: الرملي/ فتاوى الرملي (2/66)؛ البهوتي/ كشاف القناع (2/316)؛ ابن مفلح/ الفروع (4/456).

([7]) صحيح، أخرجه: أبو داود/سننه (4607) (4/200).

([8]) حسن، أخرجه: ابن ماجه/سننه (97) (1/73).
*شَيْخَنَا الْفَاضِلُ: لَوْ تَكَرَّمْتَ.. أَحْتَاجُ إِلَى فَتْوَى مُفَصَّلَةً فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِعِدَّةِ الْمَرْأَةِ فِي خِيَامِ النُّزُوحِ، وَمَا إِذَا أَرَادَتْ نَقْلَ خَيْمَتِهَا بِالْقُرْبِ مِنْ أَهْلِهَا مَثَلَاً، وَجَزَاكُمُ اللهُ خَيْرَاً.*
*الْجَوَابُ/* الْحَمْدُ للهِ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِ اللهِ، وَعَلَى آلِهِ، وَصَحْبِهِ، وَمَنْ وَالَاهُ، أَمَّا بَعْدُ:
أَعْظَمَ اللهُ أَجْرَكُمْ، وَأَحْسَنَ عَزَاءَكُمْ، وَآجَرَكُمْ فِي مُصِيبَتِكُمْ، وَأَخْلَفَ لَكُمْ خَيْرَاً مِنْهَا.
عِدَّةُ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا قَدْ شُرِعَتْ كَبَقِيَّةِ أَحْكَامِ الشَّرِيعَةِ ضِمْنَ مُكْنَةِ الْإِنْسَانِ وَطَاقَتِهِ، فَإِذَا ابْتُلِيَتِ الْمَرْأَةُ بِفَقْدِ زَوْجٍ وَهِيَ فِي خَيْمَتِهَا فِي أَمَاكِنِ النُّزُوحِ.. فَالْخَيْمَةُ تُنَزَّلُ مَنْزِلَةَ الْبَيْتِ، فَتَعْتَدُّ الْمَرْأَةُ فِي خَيْمَتِهَا؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ﴾ [الطلاق: 1]، وَالْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا كَالْمُطَلَّقَةِ فِي لُزُومِ الْبَيْتِ فِي الْعِدَّةِ.
وَعَنِ ابْنِ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ رضي الله عنه أَنَّهُ سَمِعَ عَمَّتَهُ تُحَدِّثُ عَنْ فُرَيْعَةَ أُخْتِ أَبِي سَعِيدٍ رضي الله عنهما أَنَّهَا كَانَتْ مَعَ زَوْجِهَا فِي قَرْيَةٍ مِنْ قُرَى الْمَدِينَةِ فَتَبِعَ أَعْلَاجًا -أَيْ: غِلْمَانَاً قَدْ أَبَقُوا- فَقَتَلُوهُ فَأَتَتِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَشَكَتِ الْوَحْشَةَ فِي مَنْزِلِهَا وَذَكَرَتْ أَنَّهَا فِي مَنْزِلٍ لَيْسَ لَهَا وَاسْتَأْذَنَتْ أَنْ تَأْتِيَ مَنْزِلَ إِخْوَتِهَا بِالْمَدِينَةِ فَأَذِنَ لَهَا ثُمَّ دَعَا أَوْ دُعِيَتْ لَهُ فَقَالَ: (اسْكُنِي فِي الْبَيْتِ الَّذِي أَتَاكِ فِيهِ نَعْيُ زَوْجِكِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ) [صحيح، أخرجه: البيهقي/السنن الكبرى(١٥٥٠٠)(7/ 713)].
وَعَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: "لَا تَبِيتُ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا، وَلَا الْمَبْتُوتَةُ إِلَّا فِي بَيْتِهَا" [حسن، أخرجه: البيهقي/السنن الكبرى(١٥٥٠٥)(7/ 715)].
فَإِذَا خَافَتِ الْفِتْنَةَ فِي نَفْسِهَا أَوْ عِرْضِهَا أَوْ مَالِهَا؛ جَازَ لَهَا أَنْ تَنْتَقِلَ إِلَى مَكَانٍ تَرْجُو فِيهِ أَمْنَهَا وَسَلَامَتَهَا، سَوَاءٌ كَانَ خَيْمَةَ أَبٍ أَوْ أَخٍ أَوْ عَمٍّ أَوْ غَيْرِهِمْ مِنَ الْمَحَارِمِ؛ فَعَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسِ رضي الله عنها أَنَّ زَوْجَهَا طَلَّقَهَا ثَلَاثَاً، وَخَافَتْ إِذَا هِيَ اعْتَدَّتْ فِي بَيْتِهَا أَنْ يَبْلُغَهَا شَرٌّ، فَأَتَتِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ: زَوْجِي طَلَّقَنِي ثَلَاثًا، وَأَخَافُ ‌أَنْ ‌يَقْتَحِمَ ‌عَلَيَّ، قَالَ: (فَأَمَرَهَا فَتَحَوَّلَتْ) [أخرجه: مسلم/صحيحه(1482)(4/ 200)]، أَيْ: تَحَوَّلَتْ إِلَى حَيْثُ أَمَانُهَا.
وَفِي رِوَايَةٍ: قَالَ: (وَانْتَقِلِي إِلَى بَيْتِ أُمِّ شَرِيكٍ).. ثُمَّ قَالَ: (إِنَّ أُمَّ شَرِيكٍ امْرَأَةٌ يَدْخُلُ إَلَيْهَا إِخْوَانُهَا مِنَ الْمُهَاجِرِينَ، وَلَكِنِ انْتَقِلِي إِلَى بَيْتِ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ، فَإِنَّهُ رَجُلٌ أَعْمَى، ‌إِنْ ‌وَضَعْتِ ‌ثِيَابَكِ لَمْ يَرَ شَيْئاً) [صحيح، أخرجه: الدارمي/مسنده(2201)(2/ 707)].
مِنْ فَوَائِدِ الْحَدِيثِ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم طَوَّعَ مَكَانَ الْعِدَّةِ لِأَمْنِ الْمُعْتَدَّةِ، فَلَمَّا خَافَ عَلَى فَاطِمَةَ الْفِتْنَةَ فِي بَيْتِ أُمِّ شَرِيكٍ رضي الله عنهما؛ أَمَرَهَا أَنْ تَعْتَدَّ فِي بَيْتِ ابْنِ عَمِّهَا ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ رضي الله عنه؛ فَإِنَّهُ رَجُلٌ أَعْمَى.. إِنْ وَضَعَتْ فَاطِمَةُ ثِيَابَهَا لَمْ يَرَ عَوْرَتَهَا، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
🖊 أ.د. سلمان نصر الداية
أَتَوَاجَدُ فِي مَأْوَىً مُشْتَرَكٍ مَعَ أُنَاسٍ آخَرِينَ مِنَ قَرَابَةٍ وَمِنْهُمْ غُرَبَاءُ، وَأَتَوَلَّى تَدْبِيرَ احْتِيَاجَهُمْ مِنْ مَاءٍ وَغَازٍ وَأَحْيَانَاً مَوَاصَلَاتٍ وَطَعَامٍ وَخِلَافُهُ.. أَشْعُرُ بِاسْتِغْلَالِ مَقْدِرَتِي الْمَالِيَّةِ أَحْيَانَاً، وَادِّعَائِهِمْ أَنَّهُمْ لَا يَمْلِكُونَ الْمَالَ، وَأُسَجِّلُ كَافَّةَ مَصَارِيفِهِمْ.. الْآنَ تَوَفَّرَ مَبْلَغٌ مِنَ الْمَالِ بِاسْمِهِمْ، إِذَا أَعْطَيْتُهُمْ إِيَّاهُ كَامِلَاً فَلَنْ أَسْتَرِدَّ مِنْ مَا أَنْفَقْتُهُ عَلَيْهِمْ، وَسَيَسْتَمِرُّونَ فِي اسْتِغْلَالِي وَادِّعَاءِ عَدَمِ امْتِلَاكِهِمْ لِلْمَالِ. هَلَ أَدَّخُرُ جُزْءَاً مِنَ الْمَالِ بِحَوْزَتِي أَسْتَرِدُّ مِنْهُ قَدِيمَ مَا أَنْفَقْتُهُ وَمَا يَسْتَحْدِثُ مِنْ مَصَارِيفَ عَلَيْهِمْ، وَبِذَلِكَ أُنْهِي حَالَةَ الِاسْتِغْلَالِ وَتَحَمُّلِي لِكَافَّةِ الْمَصَارِيفِ، وَأَكُونُ فِي رَاحَةٍ مِنْ أَمْرِي، وَأُعْطِيهِمْ مَا يَلْزَمُهُمْ وَيُعِينُهُمْ؟
الْجَوَابُ/ الْحَمْدُ للهِ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِ اللهِ، وَعَلَى آلِهِ، وَصَحْبِهِ، وَمَنْ وَالَاهُ، أَمَّا بَعْدُ:
أَثَابَكَ اللهُ عَلَى مَعْرُوفِكَ؛ فَإِنَّهُ مِنْ أَحَبِّ الْأَعْمَالِ إِلَى اللهِ عز وجل؛ لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما أَنَّ رَجُلًا جَاءَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ: أَيُّ النَّاسِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ؟، وَأَيُّ الْأَعْمَالِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ؟، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (أَحَبُّ النَّاسِ إِلَى اللَّهِ أَنْفَعَهُمْ لِلنَّاسِ، وَأَحَبُّ الْأَعْمَالِ إِلَى اللَّهِ سُرُورٍ تُدْخِلُهُ عَلَى مُسْلِمٍ: تَكْشِفُ عَنْهُ كُرْبَةً، أَوْ تَقْضِي عَنْهُ دِينًا، أَوْ تَطْرَدُ عَنْهُ جُوعًا، وَلَأَنْ أَمْشِيَ مَعَ أَخِي فِي حَاجَةٍ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَعْتَكِفَ فِي هَذَا الْمَسْجِدِ - يَعْنِي مَسْجِدَ الْمَدِينَةِ شَهْرًا - وَمَنَ كَفَّ غَضَبَهُ سَتَرَ اللهُ عَوْرَتَهُ، وَمَنْ كَظَمَ غَيْظَهُ، وَلَوْ شَاءَ أَنْ يُمْضِيَهُ أَمْضَاهُ مَلَأَ اللهُ قَلْبَهُ رَجَاءً يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ مَشَى مَعَ أَخِيهِ فِي حَاجَةٍ حَتَّى يَتَهَيَّأَ لَهُ أَثْبَتَ اللهُ قَدَمَهُ يَوْمَ تَزُولُ الْأَقْدَامِ) [حسن، أخرجه: الطبراني/ المعجم الأوسط(6026)(6/ 139)].
وَأَمَّا عَنِ الْإِجَابَةِ عَنْ سُؤَالِكَ فَأَقُولُ:
إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَوْ يَغْلِبُ عَلَى ظَنِّكَ أَنَّهُمْ عَلَى سَعَةٍ وَيَكْتُمُونَ حَقِيقَةَ أَمْرِهِمْ، وَيُظْهِرُونَ حَالَ الْفَقْرِ وَالْمَسْكَنَةِ؛ جَازَ لَكَ أَنْ تَسْتَوْفِيَ مَا دَفَعْتَهُ فِي إِعَالَتِهِمْ مِمَا أُعْطِيتَ لَهُمْ مِنْ أَهْلِ الْإِحْسَانِ؛ فَإِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَعَانَ مَنْ كَانَ يُنْفِقُ مِنْ مَالِهِ لِلْإِصْلَاحِ بَيْنَ الْمُتَخَاصِمَينَ؛ فَعَنْ قَبِيصَةَ بْنِ مُخَارِقٍ الْهِلَالِيِّ رضي الله عنه قَالَ: تَحَمَّلْتُ حَمَالَةً، فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَسْأَلُهُ فِيهَا فَقَالَ: (أَقِمْ حَتَّى تَأْتِيَنَا الصَّدَقَةُ، فَنَأْمُرَ لَكَ بِهَا) [أخرجه: مسلم/صحيحه(1044)(3/ 97)].
وَمَعْنَاهُ: أَنَّ قَبِيصَةَ رضي الله عنه كَانَ يُنْفِقُ مِنْ مَالِهِ فِي دَفْعِ الْخُصُومَةِ إِذَا وَقَعَتْ فِي بَنِي قَوْمِهِ، فَلَمَّا كَثُرَتْ نَفَقَاتُهُ أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَسْتَعِينُهُ؛ فَأَقَرَّهُ وَأَمَرَهُ أَنْ يَنْتَظِرَ لِيُعْطِيَهُ مِنْ زَكَوَاتِ الْمُسْلِمِينَ وَصَدَقَاتِهِمْ، وَيَلْحَقُ بِالْإِصْلَاحِ مِثْلُ عَمَلِكَ وَغَيْرُهُ مِنْ صَنَائِعِ الْمَعْرُوفِ.
وَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ أَوْ تَظُنُّ بِأَنَّهُمْ أَهْلُ جِدَةٍ وَسَعَةٍ، وَتَرَى مِنْهُمْ حَالَ الْفَقْرِ وَالْمَسْكَنَةِ؛ فَانْظُرْ فِي قَصْدِكَ، فَإِنْ كُنْتَ تَبْذُلُ بِسَبِيلِ الْقَرْضِ؛ جَازَ لَكَ أَنْ تَسْتَوْفِيَهُ مِمَّا بَلَغَكَ مِنْ أَهْلِ الْإِحْسَانِ، وَإِنْ كُنْتَ تَبْذُلُ بِسَبِيلِ الْهِبَةِ؛ لَمْ يَجُزْ لَكَ اسْتِيفَاؤُهُ؛ لِأَنَّ جُمْهُورَ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى تَحْرِيمِ الرُّجُوعِ بِالْهِبَةِ بَعْدَ إِقْبَاضِهَا؛ لِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: (‌لَيْسَ ‌لَنَا ‌مَثَلُ ‌السَّوْءِ، الَّذِي يَعُودُ فِي هِبَتِهِ، كَالْكَلْبِ يَرْجِعُ فِي قَيْئِهِ) [أخرجه: البخاري/صحيحه(2622)(3/ 164)]، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
🖋 أ.د. سلمان نصر الدايه
الْوَالِدُ قَسَّمَ الشَّرِكَةَ فِي حَيَاتِهِ كَالتَّالي: ٤٠٪؜ لِلْوَلَدِ الْكَبِيرِ، ٤٠٪؜ لِلْوَلَدِ الْأَصْغَرِ، ١٠٪؜ لِلزَّوْجَةِ، ١٠٪؜ لِلْبِنْتِ الْكُبْرَى، وَالْبِنْتِ الصُّغْرَى لَمْ يَكْتُبْ لَهَا.. فَهَلْ نُوَزِّعُ مَالَ الشَّرِكَةِ عَلَى هَذَا الْأَسَاسِ؟ أَمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ وَلِلزَّوْجَةِ الثُّمُنُ؟
الْجَوَابُ/ الْحَمْدُ للهِ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِ اللهِ، وَعَلَى آلِهِ، وَصَحْبِهِ، وَمَنْ وَالَاهُ، أَمَّا بَعْدُ:
إِذَا لَمْ يُشَارِكِ الْأَبْنَاءُ الذُّكُورِ فِي بِنَاءِ هَذِهِ الشَّرِكَةِ وَنَجَاحِهَا بِمَالٍ وَلَا بِجُهْدٍ وَخِبْرَةٍ؛ فَقِسْمَةُ الشَّرِكَةِ عَلَى مَا ذُكِرَ فِي السُّؤَالِ ظُلْمٌ يُعَرِّضُ الْأَبَ إِلَى لَفْحِ النَّارِ.
وَالْوَاجِبُ عَلَى الْوَرَثَةِ أَنْ يَلْتَزِمُوا حُكْمَ الشَّرِيعَةِ فِي قِسْمَةِ التَّرِكَةِ.. لِزَوْجَةِ صَاحِبِ الشَّرِكَةِ الثُّمُنُ؛ لِوُجُودِ الْفَرْعِ الْوَارِثِ مِنْهُ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ﴾ [النساء: 12]، وَالْبَاقِي بَعْدَ ثُمُنِ الزَّوْجَةِ فَلِلْأَوْلَادِ.. الْأَبْنَاءُ وَالْبَنَاتُ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ﴾ [النساء: 11].
وَمَنْ أَخَذَ فَوْقَ نَصِيبِهِ بِغَيْرِ رِضَا الْآخَرِينَ؛ كَانَتِ الزِّيَادَةُ حَرَامَاً، وَهِيَ بِمَنْزِلَةِ الْمَالِ الْمَغْصُوبِ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ﴾ [النساء: 29].
وَلِحَدِيثِ أَبِي حُرَّةَ الرَّقَاشِيِّ، عَنْ عَمِّهِ ، أَنَّ النَّبِيَّ  قَالَ فِي خُطْبَةِ الْوَدَاعِ: (... أَلَا لَا تَظْلِمُوا، أَلَا لَا تَظْلِمُوا، أَلَا لَا تَظْلِمُوا، إِنَّهُ ‌لَا ‌يَحِلُّ ‌مَالُ امْرِئٍ إِلَّا بِطِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ) [صحيح لغيره، أخرجه: أحمد/مسنده(20695)(34/ 299)].
وَإِذَا كَانَ لِلْأَبْنَاءِ مُسَاهَمَةٌ فِي مَالِ الشَّرِكَةِ وَلَهُمْ فِيهِ وَسَائِلُ شَرْعِيَّةٌ تُثْبِتُهُ؛ فَلَهُمْ أَنْ يَأْخُذُوا بِقَدْرِ سَهْمِهِمْ مِنْ مَجْمُوعِ مَالِ الشَّرِكَةِ، وَمَا سِوَاهُ؛ فَهُوَ لِلْوَرَثَةِ جَمِيعَاً عَلَى الْقِسْمَةِ الَّتِي ذَكَرْنَا، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
🖋 أ.د. سلمان نصر الدايه
مَسْأَلَةٌ فِي الْمِيرَاثِ لَوْ سَمَحْتَ شَيْخَنَا:
تُوفِّيَتْ عَنْ: (زَوْجٍ – وَ 3 بَنَاتٍ - وَجَدٍّ - وَجَدَّةٍ) وَتَرِكَةٍ (1900 دُولَارٍ)؟
الْجَوَابُ/ الْحَمْدُ للهِ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِ اللهِ، وَعَلَى آلِهِ، وَصَحْبِهِ، وَمَنْ وَالَاهُ، أَمَّا بَعْدُ:
لِلزَّوْجِ الرُّبُعُ؛ لِوُجُودِ الْفَرْعِ الْوَارِثِ مِنَ الزَّوْجَةِ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿فَإِنْ كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ﴾ [النساء: 12]، وَلِلْبَنَاتِ الثَّلَاثِ الثُّلُثَانِ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ﴾ [النساء: 11]، وَأَمَّا الْجَدُّ وَالْجَدَّةُ؛ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ؛ لِوُجُودِ الْفَرْعِ الْوَارِثِ، وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مِنَ الْمَسَائِلِ الْعَائِلَةِ، وَالْعَوْلُ: تَقْلِيلُ نِسْبَةِ السَّهْمِ الْوَاحِدِ، وَتَكْثِيرُ عَدَدِ السِّهَامِ حَتَّى يُصِيبَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَ الْوَرَثَةِ نَصِيبَهُ مِنَ التَّرِكَةِ، فَيَكُونُ نَصِيبُ الزَّوْجِ مِنَ التَّرِكَةِ (380 دُولَارَاً)، وَنَصِيبُ الْبِنْتَيْنِ (1013 دُولَارَاً) وَلِلْوَاحِدَةِ مِنْهُمَا نِصْفُهُ (506.5 دُولَارٍ)، وَنَصِيبُ الْجَدِّ (253 دُولَارٍ)، وَنَصِيبُ الْجَدَّةِ (253 دُولَارٍ)، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
🖋 أ.د. سلمان نصر الدايه
أَفْطَرْتُ فِي رَمَضَانَ أَيَّامَاً بِغَيْرِ عُذْرٍ، وَتُبْتُ إِلَى اللهِ، فَمَاذَا يَجِبُ عَلَيَّ؟
الْجَوَابُ/ الْحَمْدُ للهِ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِ اللهِ، وَعَلَى آلِهِ، وَصَحْبِهِ، وَمَنْ وَالَاهُ، أَمَّا بَعْدُ:
الفطر في رمضان بغير عذر من عظائم الذنب، ولا يَعُوضُ عنه صيام الدهر، فيلزمك التوبة النصوح، والعمل الصالح، فإن كان فطرك بوقاع لزوجك؛ يلزمك القضاء والكفارة.
وكفارة المواقع: صيام شهرين متتابعين ما لم تكن مريضاً زمناً لا تستطيع الصيام؛ فيلزمك بدلاً عن الصيام إطعام ستين مسكيناً.
والدليل على ذلك حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: هَلَكْتُ يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: (وَمَا أَهْلَكَكَ؟) قَالَ: وَقَعْتُ عَلَى امْرَأَتِي فِي رَمَضَانَ، قَالَ: (فَهَلْ تَجِدُ مَا تُعْتِقُ رَقَبَةً؟) قَالَ: لَا، قَالَ: (فَهَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تَصُومَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ؟) قَالَ: لَا، قَالَ: (فَهَلْ تَجِدُ مَا تُطْعِمُ سِتِّينَ مِسْكِينًا؟) قَالَ: لَا، قَالَ: ثُمَّ جَلَسَ، فَأُتِيَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِعَرَقٍ فِيهِ تَمْرٌ [العرق المكتل، ويقدر بخمسة عشر صاعاً من التمر] فَقَالَ: (تَصَدَّقْ بِهَذَا) فَقَالَ: أَوَ عَلَى أَفْقَرَ مِنَّا، فَمَا بَيْنَ لَابَتَيْهَا بَيْتٌ أَحْوَجُ إِلَيْهِ مِنَّا، فَضَحِكَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم حَتَّى بَدَتْ أَنْيَابُهُ، ثُمَّ قَالَ لَهُ: (اذْهَبْ فَأَطْعِمْهُ أَهْلَكَ) [أخرجه: البخاري/صحيحه(2600)(3/160)، مسلم/صحيحه(1111)(2/781)].
وتتكرر الكفارةُ بعدد الأيام التي أفطرتها بالوقاع.
وإن كان الفطر بطعام أو شراب أو استمناء؛ فعليك قضاء الأيام التي أفطرت من غير كفارة؛ قياساً على من أفطر لعذر مرض أو سفر الثابت بقوله تعالى: ﴿فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ﴾ أي: فأفطر ﴿‌فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ﴾ [البقرة: 184]، أي: فعليه قضاء الأيام التي أفطرها، والله أعلم.
🖋 أ.د. سلمان نصر الدايه
أَفْطَرْتُ فِي صَوْمِ الْقَضَاءِ بِلَا عُذْرٍ؟ هَلْ تَلْزَمُنِي الْكَفَّارَةُ؟
الْجَوَابُ/ الْحَمْدُ للهِ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِ اللهِ، وَعَلَى آلِهِ، وَصَحْبِهِ، وَمَنْ وَالَاهُ، أَمَّا بَعْدُ:
من شرع في قضاء الصوم الواجب؛ وجب عليه إتمامه، فإذا أفطر لغير عذر؛ أثم عند الله عز وجل، ولا يلزمه عليه قضاء ولا كفارة، وحسبه أن يقضي الأيام التي أفطرها من رمضان من غير زيادة، والله أعلم.
🖋 أ.د. سلمان نصر الدايه
شيخنا الفاضل: عندي سؤال في الزكاة.. نحن نبيع ماكينات، ويوجد بعض الماكينات لم تُبَعْ بعضها من 5 سنوات وبعضها من 7 سنوات وبعضها من 10 سنوات. فكيف نصنع بشأنها فيما يتعلق بمال الزكاة؟
الجواب/ الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، ومن والاه، أما بعد:
زادكم الله حرصاً، ووسع عليكم من الحلال الطيب؛ آمين.
هذه الماكينات من عروض التجارة، تُقَيَّمُ عند تمام كل سنة بسعر ما تباع به، وتؤدى زكاتها من مجموع قيمتها في كل سنة حتى تباع، والله أعلم.
🖋 أ.د. سلمان نصر الدايه
ما حكم الزوجة التي غاب عنها زوجها في الحرب ولا يوجد أي معلومة أو شاهد أو شيء مؤكد حول استشهاد الزوج، هل تعتبر مطلقة منه؟ وهل يتم توزيع تركته من المال؟
علماً أن الزوجة حامل في شهرها الرابع، فهل تأخذ من مال زوجها إن كان الحكم بتوزيع التركة لصالح الإنفاق على نفسها وحملها وأطفالها الصغار قبل توزيع التركة؟ وهل تنفق على نفسها وحملها ورضيعها حتى فترة الوضع أم حتى فترة الفطام؟
الجواب/ الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، ومن والاه، أما بعد:
لما كانت غيبة الزوج مظنونةَ الهلكة بسبب نازلة الحرب؛ وجب على امرأته أن تتربص أربع سنين، وهي في هذه المدة محبوسةٌ لأمره، ومستحقةٌ للنفقة من ماله، فإذا انقضت المدةُ ولم يَعُدِ الزوجُ؛ اعتدتْ بعد تمامها عدةَ المتوفى عنها زوجها أربعةَ أشهرٍ وعشرةَ أيامٍ، فإذا انقضت عدتها ولم يَعُدْ؛ كانتْ بعدئذٍ حلالاً، إن شاءتْ أن تتزوجَ فلها ذلك، واستحقتْ نصيبَها الإرثي واستيفاءَ تمامِ مهرِها؛ أعني به: المؤجلَ، وديونِها التي عليه إن كان لها دَين في ذمته.
والعمدة في ذلك: أثر صحيح عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه قَالَ: "أَيُّمَا امْرَأَةٍ فَقَدَتْ زَوْجَهَا، فَلَمْ تَدْرِ أَيْنَ هُوَ؟ فَإِنَّهَا تَنْتَظِرُ ‌أَرْبَعَ ‌سِنِينَ، ثُمَّ تَعْتَدُّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا، ثُمَّ تَحِلُّ" [صحيح، أخرجه: مالك/الموطأ(1/ 634)].
وإن رجع الزوج المفقود ولم تكن امرأته تحت زوج؛ عادت إليه بالعقد السابق، وإن رجع وهي تحت زوج؛ خُيِّرَ زوجها الأول بين أن تعود إليه، أو ترد إليه مهره الذي أعطاها.
والعمدة في ذلك: أثر سعيد بن المسيب رحمه الله «أَن عُمَرَ وَعُثْمَانَ قَضَيَا فِي الْمَفْقُودِ، أَنَّ امْرَأَتَهُ تَتَرَبُّصُ ‌أَرْبَعَ ‌سِنِينَ وَأَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا بَعْدَ ذَلِكَ، ثُمَّ تَزَوَّجُ فَإِنْ جَاءَ زَوْجُهَا الْأَوَّلُ خُيِّرَ بَيْنَ الصَّدَاقِ وَبَيْنَ امْرَأَتِهِ» [«مصنف عبد الرزاق» (7/ 47)]، والله أعلم.
🖋 أ.د. سلمان نصر الدايه
بالنسبة للمرأة التي غاب عنها زوجها أثناء الحرب وكان قد استشهد من أول الحرب، وهي لم تعلم بذلك إلا الآن؛ هل تبدأ العدة بعدما عرفت بوفاته، أم تكون العدة قد انتهت، وقد مضى على الحرب ستة أشهر؟
الجواب/ الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، ومن والاه، أما بعد:
إن المرأة المغيب عنها زوجها وعلمت بوفاته أو استشهاده أو طلاقه بعد زمنٍ؛ فإن عدتها تبدأ من حين الوفاة أو وقوع الطلاق، لا من حين بلوغها الخبر، وعلى ذلك جماهير أهل العلم.
وعلى ضوء هذا؛ فأيما امرأة غاب عنها زوجها من أول نازلة الحرب وما علمت بوفاته إلا بعد مدة تزيد على عدة الحائل -غير الحامل- المتوفى عنها زوجها.. أربعة أشهرٍ وعشرة أيام؛ تكون قد انقضت عدتها، وصارت حلالاً للأزواج.
وإن كانت حاملاً؛ فهي في عدتها من وفاة زوجها حتى تضع حملها؛ لقوله تعالى: ﴿وَأُولَاتُ ‌الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ﴾ [الطلاق: 4]، والله أعلم.
🖋 أ.د. سلمان نصر الدايه
شيخنا الفاضل: عطفاً على فتواكم الخاصة بمشكلة طمع الصيارفة واقتطاعهم نسبًا عالية من الحوالات المرسلة من الخارج
عندنا سؤال أهل الخارج:
ماذا بشأن "العامل" ناقل أموال الزكاة عبر هؤلاء الصيارفة، وهو يعلم بالاقتطاع الذي سيحدث من (مال الزكاة) عندما تصل الأمانة إلى غزة.
وصاحب مال الزكاة لا يعلم بهذا الاقتطاع؛ فإذا طُلِب منه أن يتحمل هذا الفرق أو هذه النسبة العالية؛ فإنه يرفض أن يتحملها من ماله الخاص، بل ويُحمّل "الناقل" كامل المسؤولية عن زكاة ماله، ويضعها في ذمّته.
ماذا يفعل العامل؟ هل يستنكف عن نقل الأمانة لِمَا في ذلك من حرج لا يطيقه؟
أو يُلزم شرعاً بتحملها من ماله الخاص؟ أو تُخصم النسبة العالية من مال الزكاة؟ أو أن هناك طريقة أخرى لحل الموضوع؟
مع مراعاة شدة حاجة الناس لهذه الأموال، ولا يوجد من ينقلها غير هذا العامل.
ملحوظة مهمة:
أنا لا أسأل عن سهم "العاملين عليها"؛ لأن الناقل مستغن وليس بحاجة لهذا السهم، فضلاً عن كون النسبة التي يأخذها الصيارفة أكثر بكثير من سهم العامل.
وكذلك لا أسأل عن تلك الجمعيات واللجان الخيرية التي تقتطع لنفسها نسبة من أموال الزكاة، كمصاريف إدارية ونحو ذلك، وجزاكم الله خيراً.
الْجَوَابُ/ الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، ومن والاه، أما بعد:
تخصم نسبة التحويل من المخرج الزكوي وإن علت تلك النسبة، سيما إذا تعذرت الوسائل دونها، وعمدتي في ذلك أمران:
الأول: أن الشارع الحكيم لما علم أن الزكاة لا تبلغ مصارفها السبعة الذين تجمعهم الحاجة إلا بعامل يقوم بجمعها من الأغنياء وإيصالها إلى تلك المصارف؛ جعل العامل على ذلك مصرفاً ثامناً، وفرض له نصيباً منها، ولم يفرض أجرة عمالته على الأغنياء.
ويلحق بالعامل جميع وسائط التيسير المنجحة في إيصال الزكاة إلى مصارفها، سواء كانت تلك الوسائط محتسبة أو كانت بأجرة من المال معلومة.
والثاني: إن المصالح في منظور الشريعة لا تتمحض مصالح وكذا المفاسد؛ فما من مصلحة إلا ويلابسها حظ من مفسدة، وما من مفسدة إلا ويلابسها حظ من مصلحة، والعبرة في الشريعة للغالب، فإذا غلب جانب المصلحة اعتبرت تلك المصلحة، وإذا غلب جانب المفسدة؛ اعتبر اندراء تلك المفسدة، ولما كان علو نسبة التحويل مفسدة دنيا إذا ما قورنت بتبليغ المال إلى مصارفه المستحقة له؛ اعتبرت مصلحة المصارف، ويتأكد اعتبار مصلحة المصارف إذا وقعت أو بعضها في حال الاضطرار.
على أن مجاوزة ارتفاع نسبة التحويل في مراعاة مصلحة المصارف يتماهى مع ما صار إليه أهل العلم باتفاق؛ أن مسائل الزكاة دائرة على الأنجح لمصالح الفقراء والمساكين والغارمين وغيرهم من مصارف الزكاة، لا على الأنجح لمصالح الأغنياء، والله تعالى أحكم وأعلم.
🖋 أ.د. سلمان نصر الدايه
شيخنا الفاضل: أنا من غزة شرعت في قضاء ما عليَّ من رمضان، وليس عندي ورقة تقويم الصلاة، فأتسحر بدون معرفة وقت الفجر، ولا يوجد مساجد ترفع الأذان؛ ثم حصلت على ورقة تقويم أوقات الصلاة، فهل تلزمني الإعادة للأيام التي صمتها دون معرفة وقت الفجر؟
الجواب/ الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، ومن والاه، أما بعد:
أختي الكريمة: إذا كنتِ تتحرين وقت الإمساك مبتدىً ومنتهىً؛ صح صومك، ولا يلزمك القضاء؛ والعمدة في ذلك: قوله تعالى: ﴿‌وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ﴾ [البقرة: 187].
من فوائد الآية: التحري لركن الإمساك، فتمسكين حين يتبين لك أول ضياء النهار، ولا تفطرين حتى يدخل عليك أول عتمة الليل الكائن بغياب قرص الشمس كله.
وإذا لم تكوني تتحرين لركن الإمساك؛ عُدَّ من التهاون؛ فيلزمك قضاء تلك الأيام احتياطاً لعبادة الله، وللقاعدة الفقهية التي تقول: (العبادات تؤخذ بالاحتياط)، ولتدفعي عن نفسك عقوبة التهاون؛ فعن أَبِي أُمَامَةَ رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: (بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ إِذْ أَتَانِي رَجُلَانِ فَأَخَذَا بِضَبْعَيَّ) وَسَاقَ الْحَدِيثَ، وَفِيهِ قَالَ: (ثُمَّ انْطَلَقَا بِي فَإِذَا قَوْمٌ مُعَلَّقُونَ بِعَرَاقِيبِهِمْ، مُشَقَّقَةٌ أَشْدَاقُهُمْ تَسِيلُ أَشْدَاقُهُمْ دَمًا)، قُلْتُ: (مَنْ هَؤُلَاءِ؟) قَالَ: (هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يُفْطِرُونَ ‌قَبْلَ ‌تَحِلَّةِ ‌صَوْمِهِمْ) [صحيح، أخرجه: النسائي/السنن الكبرى(3273)(3/ 360)]، والتهاون في الإمساك كالتهاون في الفطر، والله أعلم.
🖋 أ.د. سلمان نصر الدايه
شيخنا الكريم حفظك الله: ما حل هذه المسائل في الميراث؟
أب ترك/ ابن - ابن ابن - بنت ابن.
2. أم تركت/ ابن - ابن ابن - بنت ابن.
مع العلم أن ابن الابن وبنت الابن قد استشهد والدهما، والابن على قيد الحياة.
3. توفي رجل عن/ أخ شقيق - ابن أخ شقيق - بنت أخ شقيق.
4. توفيت امرأة عن / أخ شقيق - ابن أخ شقيق - بنت أخ شقيق.
الجواب/ الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، ومن والاه، أما بعد:
المسألة الأولى والثانية:
لا شيء لابن الابن وبنت الابن؛ فإنهما محجوبان حجب حرمان بالابن الصُّلْبِيِّ؛ فإنه أعلى منهما درجة للميت، وهذا ما قضى به أئمة المذاهب، وعمدتهم في ذلك: حديث ابن عباس رضي الله عنهما: عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (‌أَلْحِقُوا ‌الْفَرَائِضَ ‌بِأَهْلِهَا، فَمَا بَقِيَ فَهُوَ لِأَوْلَى رَجُلٍ ذَكَرٍ) [أخرجه: البخاري/صحيحه(6732)(8/ 150)، مسلم/ صحيحه(1615)(5/59)].
وليس في المسألة صاحب فرض، إنما هم العصبة، فالتركة تكون لأولى رجل، وهو الابن الصلبي؛ لأنه أقرب إلى الميت من أولاد الابن، لكن دور القضاء في بلدنا تقضي بالوصية الواجبة، وهي اجتهاد متأخر عمل به متأخرو مذهب الحنفية، وكان له حضور في الدولة العثمانية، وما زال سارياً إلى أيامنا هذه، وعلى ضوء الوصية الواجبة؛ يعطى أولاد الابن الميت نصيب أبيهم كما لو كان حياً.
ويكون توزيع التركية: للابن الصلبي الحي نصف التركة، ولابن الابن وبنت الابن من الابن الصلبي الميت نصفها الآخر يجعلانه بينهما للذكر مثل حظ الأنثيين؛ فيعطى ابن الابن سهمان، وتعطى بنت الابن سهماً واحداً، ولا فرق في الفتوى بين ما إذا كان المورث أباً أو أماً، والله أعلم.
المسألة الثالثة والرابعة:
إن الأخ الشقيق يحجب ابن الأخ الشقيق حجب حرمان؛ لأنه أعلى منه درجة، وأما بنت الأخ الشقيق فلا ترث مطلقاً بإجماع أهل العلم.
والعمدة في توريث الأخ الشقيق دون ابن الأخ الشقيق: حديث ابن عباس رضي الله عنهما: عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (‌أَلْحِقُوا ‌الْفَرَائِضَ ‌بِأَهْلِهَا، فَمَا بَقِيَ فَهُوَ لِأَوْلَى رَجُلٍ ذَكَرٍ) [أخرجه: البخاري/صحيحه(6732)(8/ 150)، مسلم/ صحيحه(1615)(5/59)].
وليس في المسألة صاحب فرض، إنما هم العصبة، فتكون التركة للأخ الشقيق، ولا شيء لابن الأخ الشقيق؛ لأن الأخ أقرب إلى الميت من ابن الأخ وأعلى منه درجة، والأقرب يحجب الأبعد إذا كانا من جهة واحدة، ولا خلاف في الفتوى بين ما إذا كان المورث أخاً أو أختاً، والله أعلم.
🖋 أ.د. سلمان نصر الدايه
2024/05/12 02:00:35
Back to Top
HTML Embed Code: