فإن الغربة عند أهل الطريقة غربتان: ظاهرة وباطنة.
فالظاهرة: غُربة أهل الصلاح بين الفساق، وغربة الصادقين بين أهل الرياء والنفاق، وغربة العلماء بين أهل الجهل وسوء الأخلاق، وغربة علماء الآخرة بين علماء الدنيا الذين سُلبوا الخشية والإشفاق، وغربة الزاهدين بين الراغبين فيما ينفد وليس بباق.
وأما الغربة الباطنة: فغربة الهمة، وهي غربة العارفين بين الخلق كلهم حتى العلماء والعباد والزهاد، فإن أولئك واقفون مع علمهم وعبادتهم وزهدهم، وهؤلاء واقفون مع معبودهم لا يعرجون بقلوبهم عنه.
فكان أبو سليمان الداراني يقول في صفتهم: وهمتهم غير همة الناس وإرادتهم الآخرة غير إرادة الناس، ودعاؤهم غير دعاء الناس.
[كشف الكُربة (ص/ ) لابن رجب]
فالظاهرة: غُربة أهل الصلاح بين الفساق، وغربة الصادقين بين أهل الرياء والنفاق، وغربة العلماء بين أهل الجهل وسوء الأخلاق، وغربة علماء الآخرة بين علماء الدنيا الذين سُلبوا الخشية والإشفاق، وغربة الزاهدين بين الراغبين فيما ينفد وليس بباق.
وأما الغربة الباطنة: فغربة الهمة، وهي غربة العارفين بين الخلق كلهم حتى العلماء والعباد والزهاد، فإن أولئك واقفون مع علمهم وعبادتهم وزهدهم، وهؤلاء واقفون مع معبودهم لا يعرجون بقلوبهم عنه.
فكان أبو سليمان الداراني يقول في صفتهم: وهمتهم غير همة الناس وإرادتهم الآخرة غير إرادة الناس، ودعاؤهم غير دعاء الناس.
[كشف الكُربة (ص/ ) لابن رجب]
العارفين
(لغربتهم من الناس ربما نُسب بعضهم إلى الجنون لبعد حاله من أحوال الناس كما كان أويس يُقال ذلك عنه. وكان أبو مسلم الخولاني كثير اللهج بالذكر لا يفتر لسانه فقال رجل لجلسائه: أمجنون صاحبكم؟ وقال: أبو مسلم: يا ابن أخي! لكن هذا دواء الجنون).
[كشف الكُربة (ص/ ) لابن رجب]
(لغربتهم من الناس ربما نُسب بعضهم إلى الجنون لبعد حاله من أحوال الناس كما كان أويس يُقال ذلك عنه. وكان أبو مسلم الخولاني كثير اللهج بالذكر لا يفتر لسانه فقال رجل لجلسائه: أمجنون صاحبكم؟ وقال: أبو مسلم: يا ابن أخي! لكن هذا دواء الجنون).
[كشف الكُربة (ص/ ) لابن رجب]
[ أحوال صيام عاشوراء ]
وكان للنبي صلى الله عليه وسلم في صيامه أربع حالات:
1️⃣ الحالة الأولى: أنه كان يصومه بمكة ولا يأمر الناس بالصوم..
2️⃣ الحالة الثانية: أن النبي صلى الله عليه وسلم لما قدم المدينة ورأى صيام أهل الكتاب له، وتعظيمهم له، وكان يحب موافقتهم فيما لم يؤمر به، صامه، وأمر الناس بصيامه، وأكد الأمر بصيامه، والحث عليه، حتى كانوا يصومونه أطفالهم..
3️⃣ الحالة الثالثة: أنه لما فرض صيام شهر رمضان ترك النبي صلى الله عليه وسلم أمر الصحابة بصيام عاشوراء وتأكيده فيه...
وخرج الإمام أحمد والنسائي وابن ماجه من حديث قيس بن سعد قال: (أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بصيام عاشوراء قبل أن ينزل رمضان فلما نزل رمضان لم يأمرنا ولم ينهنا) وفي رواية: (ونحن نفعله).
فهذه الأحاديث كلها تدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يجدد أمر الناس بصيامه بعد فرض صيام شهر رمضان بل تركهم على ما كانوا عليه من غير نهي عن صيامه.
فإن كان أمره صلى الله عليه وسلم بصيامه قبل فرض صيام شهر رمضان للوجوب فإنه ينبني على أن الوجوب إذا نسخ فهل يبقى الاستحباب أم لا، وفيه اختلاف مشهور بين العلماء رضي الله عنهم. وإن كان أمره للاستحباب المؤكد فقد قيل: إنه زال التوكيد وبقي أصل الإستحباب ولهذا قال قيس بن سعد: ونحن نفعله..
وممن روي عنه صيامه من الصحابة عمر، وعلي، وعبد الرحمن بن عوف، وأبو موسى، وقيس بن سعد، وابن عباس، وغيرهم.
ويدل على بقاء استحبابه قول ابن عباس رضي الله عنهما: (لم أر رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم يوما يتحرى فضله على الأيام إلا يوم عاشوراء وشهر رمضان) وابن عباس إنما صحب النبي صلى الله عليه وسلم بآخره، وإنما عقل منه صلى الله عليه وسلم ما كان من آخر أمره.
وفي صحيح مسلم عن أبي قتادة: أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن صيام عاشوراء؟ فقال: "أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله".
4️⃣ الحالة الرابعة: أن النبي صلى الله عليه وسلم عزم في آخر عمره على أن لا يصومه مفردا بل يضم إليه يوما آخر، مخالفة لأهل الكتاب في صيامه، ففي صحيح مسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: حين صام رسول الله صلى الله عليه وسلم عاشوراء، وأمر بصيامه، قالوا: يا رسول الله، إنه يوم تعظمه اليهود والنصارى. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فإذا كان العام المقبل -إن شاء الله- صمنا اليوم التاسع" قال: فلم يأت العام المقبل حتى توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم..
وقد صح هذا عن ابن عباس من قوله من رواية ابن جريج قال: أخبرنا عطاء أنه سمع ابن عباس يقول في يوم عاشوراء: خالفوا اليهود صوموا التاسع والعاشر. قال الإمام أحمد: أنا أذهب إليه.
[لطائف المعارف (ص/48-51) لابن رجب]
وكان للنبي صلى الله عليه وسلم في صيامه أربع حالات:
1️⃣ الحالة الأولى: أنه كان يصومه بمكة ولا يأمر الناس بالصوم..
2️⃣ الحالة الثانية: أن النبي صلى الله عليه وسلم لما قدم المدينة ورأى صيام أهل الكتاب له، وتعظيمهم له، وكان يحب موافقتهم فيما لم يؤمر به، صامه، وأمر الناس بصيامه، وأكد الأمر بصيامه، والحث عليه، حتى كانوا يصومونه أطفالهم..
3️⃣ الحالة الثالثة: أنه لما فرض صيام شهر رمضان ترك النبي صلى الله عليه وسلم أمر الصحابة بصيام عاشوراء وتأكيده فيه...
وخرج الإمام أحمد والنسائي وابن ماجه من حديث قيس بن سعد قال: (أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بصيام عاشوراء قبل أن ينزل رمضان فلما نزل رمضان لم يأمرنا ولم ينهنا) وفي رواية: (ونحن نفعله).
فهذه الأحاديث كلها تدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يجدد أمر الناس بصيامه بعد فرض صيام شهر رمضان بل تركهم على ما كانوا عليه من غير نهي عن صيامه.
فإن كان أمره صلى الله عليه وسلم بصيامه قبل فرض صيام شهر رمضان للوجوب فإنه ينبني على أن الوجوب إذا نسخ فهل يبقى الاستحباب أم لا، وفيه اختلاف مشهور بين العلماء رضي الله عنهم. وإن كان أمره للاستحباب المؤكد فقد قيل: إنه زال التوكيد وبقي أصل الإستحباب ولهذا قال قيس بن سعد: ونحن نفعله..
وممن روي عنه صيامه من الصحابة عمر، وعلي، وعبد الرحمن بن عوف، وأبو موسى، وقيس بن سعد، وابن عباس، وغيرهم.
ويدل على بقاء استحبابه قول ابن عباس رضي الله عنهما: (لم أر رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم يوما يتحرى فضله على الأيام إلا يوم عاشوراء وشهر رمضان) وابن عباس إنما صحب النبي صلى الله عليه وسلم بآخره، وإنما عقل منه صلى الله عليه وسلم ما كان من آخر أمره.
وفي صحيح مسلم عن أبي قتادة: أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن صيام عاشوراء؟ فقال: "أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله".
4️⃣ الحالة الرابعة: أن النبي صلى الله عليه وسلم عزم في آخر عمره على أن لا يصومه مفردا بل يضم إليه يوما آخر، مخالفة لأهل الكتاب في صيامه، ففي صحيح مسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: حين صام رسول الله صلى الله عليه وسلم عاشوراء، وأمر بصيامه، قالوا: يا رسول الله، إنه يوم تعظمه اليهود والنصارى. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فإذا كان العام المقبل -إن شاء الله- صمنا اليوم التاسع" قال: فلم يأت العام المقبل حتى توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم..
وقد صح هذا عن ابن عباس من قوله من رواية ابن جريج قال: أخبرنا عطاء أنه سمع ابن عباس يقول في يوم عاشوراء: خالفوا اليهود صوموا التاسع والعاشر. قال الإمام أحمد: أنا أذهب إليه.
[لطائف المعارف (ص/48-51) لابن رجب]
ويتعين افتتاح العام بتوبة نصوح تمحو ما سلف من الذنوب السالفة في الأيام الخالية.
قطعت شهور العام لهوا وغفلة
ولم تحترم فيما أتيت المحرما
فلا رجبا وافيت فيه بحقه
ولا صمت شهر الصوم صوما متمما
ولا في ليالي عشر ذي الحجة الذي
مضى كنت قواما ولا كنت محرما
فهل لك أن تمحو الذنوب بعبرة
وتبكي عليها حسرة وتندما
وتستقبل العام الجديد بتوبة
لعلك أن تمحو بها ما تقدما
[لطائف المعارف (ص/36) لابن رجب]
قطعت شهور العام لهوا وغفلة
ولم تحترم فيما أتيت المحرما
فلا رجبا وافيت فيه بحقه
ولا صمت شهر الصوم صوما متمما
ولا في ليالي عشر ذي الحجة الذي
مضى كنت قواما ولا كنت محرما
فهل لك أن تمحو الذنوب بعبرة
وتبكي عليها حسرة وتندما
وتستقبل العام الجديد بتوبة
لعلك أن تمحو بها ما تقدما
[لطائف المعارف (ص/36) لابن رجب]