الانهيار في هذا الزمان رفاهية لا نملكها.
ازرع فسيلتك وامسح دمعك وتوكل على الله وادعه أن ينجيك من وساوس نفسك ومن نائبات الدهر.

لمن لا يعلم..
فإخواتنا في الفاشر بيتعدموا بدم بارد بالرصاص ويتدفنوا في مقابر جماعية من قوات الدعم السريع.
طب إيه التهمة؟
التهمة إنهم بيحاولو يدخلوا أكل أو أي زاد للمدينة للناس الجائعة اللي قربت على الموت بسبب قلة الطعام من فترة.
ده غير التعذيب المرير.
الفاشر وصلت لمرحلة أقصى من غزة في الجوع والتعذيب والتنكيل..
ونحن هنا لا نقيس ألما بألم بل أضع الصورة أمامكم علشان بس تعرفوا حجم الكارثة.
اللهم انتقم من أعدائك يا رب.
أعينكم على إخوانكم؛ لا تغفلوا عنهم.

أسرف في حق نفسه، وكلما لاحت له التوبة يهاجمه التسويف بغدٍ.
يقول غدا أتوب، ويأتي الغد ويرى الشباب يتقطفها الموت.
ذنبه يقيده دون أن يدري، وكأن توبته ستحرمه من متعة مستقاة من آلامه وعذابه وكدّه في الدنيا.
كأن توبته ستوقف استنشاقه الراحة من ذنبه الذي يذنبه!
هكذا كان تسويفه يكبله، وغدا يأتي ويموت صاحبنا مثل غيره، غدا يأتي ويكون تحت التراب وحده، مصيره الأبدي أصبح واضحا جليا أمام عينيه.

إن سألتني ما هو أفضل شعور محبب إليك؟!
أقول لك أن أنظر في عيني إنسان قد وجد ضالته.
ضالته في الهدى بعد الضلال، ضالته في الأمن بعد الخوف، في الود بعد الجفاء!
ليس على الأرض أكثر رحابة من صدر إنسان هكذا.
يا رب يا واسع، اهدنا!

دلوقتي!!
حسبنا الله ونعم الوكيل..
لا تنسوا إخوانكم في غزة وفي الفاشر

الصور اللي شوفتها لما يحدث في الفاشر، أقسم بالله تقشعر لها الأبدان..
ودي مش قصص، لا صور وفيديوهات موثقة تبين فُحش وإيغال الإنسان في الكفر والسواد والإجرام!
إخوانكم في الفاشر ينكل بهم ويجوعون ويغتصبون ويخرجون من ديارهم بأفظع الطرق وأكثرها إجراما..
ادعوا لإخوانكم.. ادعوا بقلوب محترقة

" ولكن آلام الأمة سحقتني ".

ما حدث في فلسطين قديما يعاد بالحرف في الفاشر حديثا..
تخيل كده فاجعة الأم وهي محتضنة ابنها موجها لهم سلاح منتظرين الموت في صمت.
حسبنا الله ونعم الوكيل في الدعم السريع ومن عاونهم.
لا تغفلوا عن إخوانكم.

بعض الحنين يذل صاحبه.

التوقيت الشتوي هيبدأ العمل به من النهاردة الخميس.
الساعة هتتأخر، يعني الساعة ١٢ مساء هتتغير وتبقى ١١ مساء.
وهنا لو فيه مَنْقَبة واحدة في التوقيت ده، إن الليل هيبقى طويل جدا.
العشاء هتأذن ٦ ونصف تقريبا، ما بين العشاء والساعة ١٢ حوالي ٦ ساعات كمان!
الناس اللي بتذاكر لشغلها أو بتشتغل بالليل تاني عندها وقت طويل تعمل ده بكل أريحية.
مش هتحس بمحرقة الوقت زي الصيف اللي كانت العشاء فيه بتأذن متأخر جدا وتحس خلاص إن اليوم اتفرم.
وقت طويل تمكث فيه مع عائلتك وتصلي قيام ليلك وتذاكر وتجهز لأشغال بكرة.
الشتاء غنيمة المؤمن؛ استغلوه.

مهما كان انشغالك ومهما كان يومك، مش هيبقى واحد على ألف مما يعانيه إخوانك.
ولو قست أدنى يوم أنعم الله عليك به، مش هييجي شيء في اللي بيشوفوه ويعانوه!
وأنا هنا كمان لا أتحدث عن سلامة الصدر واليقين بالله، لأن فيهم من هم أعلى إيمانا وتوحيدا ويقينا مننا جميعا، والكلام ده نوثق صوت وصورة.
فإنت إزاي تفتر عن أخيك بالشكل ده، إنت تتقرب إلى الله بالدعاء لنصرته بكل ما تملك!
ولو بدمعة حرقت فؤادك!
اوع تفتر من الدعاء واوع تعتاد المشهد، إياك!
شعرة فاصلة دقيقة بين إنك تكون واحد معدوم الحس والشعور وبين إنك تكون العكس تماما.
لو اخترت الأولى فوالله وبالله لن تنجو في حياتك ولن يطيب لك شعور، لأن الذي لا يشعر بإخوانه ولا يرق فؤاده لهم ولا يدعو لهم، فهو في غيرها أكثر برودا وإجحافا!
لا تغفلوا عن إخوانكم، ادعوا لهم بقلب محترق وجوف مثقل بالهم والكمد لأجلهم.
اللهم أنج المستضعفين من المؤمنين.

أنا مبقتش فاهم الناس!
كل ما نتكلم عن إخواننا وآلامهم وأوجاعهم ألاقي بعضهم خرج من القناة!
وأنا حقيقة لا آبه بذلك، يشرفني من انضم ومن خرج.
ولكن السؤال؛ مش عايزني حضرتك أتكلم عن أخواني وأذكرك بمعاناتهم وأفكرك إنك تدعو لهم؟ علشان يعني منكدش عليك وأحزنك!
آسف مش هقدر أعمل ده..
يلا الله المستعان وصلوا على النبي وادعوا لإخوانكم كثيرا.

فيه دعاء لرسول الله صلى الله عليه وسلم لازم تحفظه زي اسمك وتردده كل يوم أكثر من شربك للماء:
" اللهم إني أعوذ بك من زوال نعمتك وتحول عافيتك وفجأة نقمتك وجميع سخطك ".
تعال نفصص كده الدعاء؛

- زوال النعمة، النعمة اللي في إيدك اللي بقت وأصبحت من الممارسات العادية والروتين والشيء المستحق المكتسب في يومك.
النعمة اللي أحيانا كثيرة بتنسى تحمد ربنا عليها، اللي هي جاءتك بلا حول منك ولا قوة ولا هي شطارة منك.
لأن أشطر منك وأحق منك بالمعيار الإنساني المادي مش قادرين يأخذوا ربع النعم اللي عندك لابتلاءات كثيرة أصابتهم.

- تحول العافية؛ عارف معنى العافية إيه؟
العافية إنك تكون صحي وبدنك ممتاز وتقدر تعمل مهامك وتمشي على رجلك وتتنفس بشكل طبيعي وتدخل - أعزك الله - الحمام بشكل طبيعي..
العافية هنا لو اتسلب منها جزء بتبقى زي الميت حرفيا، يجي لك دور برد صعب يرقدك في السرير، الألم يميتك تدريجيا.
فما بالك بما هو أقصى وأشد.
وانظر لحال الناس الكثيرة أصحاب المرض العضال؛ شفاهم الله وعافاهم.

- فجأة النقمة؛ وهي زي أن تؤخذ بغتة، فجأة كده متحلقش تتوب مما كنت تبادر إليه وتمشي بخطوات حثيثة منتظمة من معاص كثيرة كبلتك وبهت بها قلبك!
والفجأة هنا أشد من أن تاتي تدريجيا، لأن التدرج فيه فرصة للتوبة والرجوع..
أما الفجأة فلا، حائط سد بتدخل فيه بكل عزمك وقوتك وإقبالك على ذنوبك.

- جميع سخطك؛ هنا استعاذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بكل شيء يستجلب سخط الرب، مما لم يحصه ولا يستطيع العبد إحصاءه، فيستجلب عكسها وهو الرضا وكل شيء يستدعي رضا الرب، فيمنع عنه كل شيء ممكن أن يؤدي إلى سخطه.

الدعاء ده شامل كامل، ادعه بقلب مستحضر واستشعره علشان لما تحس إنك بعيد تلاقي حاجة تهذبك وترجعك وتقولك: أفق وَتُب وارجع.
إنت مش في الدنيا سبهللة، لك مرجع وآخرة.

أقولك أثر الموسيقى في النفس؟
لا أخفيكم؛ الموسيقى لها تأثير عظيم جدا على النفس.
مقطع موسيقي ممكن يحزنك ومقطع يفرحك ومقطع يخلي الدوبامين يجري في عروقك ومقطع يحفزك.
وأنا أجزم إن مقاطع الريلز القصيرة اللي بتتكلم عن الحب والفراق وما إلى ذلك من أمور، مش هتنتشر الانتشار الرهيب ده إلا بالموسيقى المناسبة في الخلفية.
الموسيقى اللي بتحرك شيء في الوجدان؛ أو تظن إنها كذلك.
وهنا نرجع لشيء مهم للغاية؛ هل المشاعر اللي بتكون وليدة لحظية بسبب الموسيقى دي حقيقية؟
الجواب: لا.
هي مشاعر سيّارة بتجاري الحاجة الحالية مش أكتر.
يعني إنت مثلا ممكن متكونش بتحب ولا عمر قلبك نبض لحد، لكنك تحزن على مقطع فيه فراق أحبة فيه موسيقى حزينة بشكل معين.
آه هتحزن لأن الفراق كله صعب، لكن المقطع اللي في الخلفية بيعظم من الشعور ده جدا.
فهي بتخلق مشاعر مؤقتة مش حقيقية، زي بالضبط الموسيقى التحفيزية على فيديو فيه مليونيرات وناس حققت فلوس فتحس بالنشوة المؤقتة وإنك وسطهم، لكن أول ما تقفل الموبايل بترجع لأصلك تاني، واقعك اللي إنت فيه.
الموسيقى بتخلق هواجس ومشاعر على غير حقيقتها وده اللي ممكن بيسبب خوار للنفس مع الوقت.
بالإضافة إلى إنها بتصد عن ذكر الله مع الوقت، لأن الموسيقى كما ذكرنا لها أثر خاص عن غيرها، تعلق في الذهن بطريقة غريبة، فما منك إلا أن تستزيد منها بكل طريقة ممكنة.
وفي مقابل ده تلهيك عن عزائم الأمور.
من جرب وعاين هيعرف أنا بقول إيه حقيقة.

لا أرى الأمل في الأجواء ظاهرا جليا.
ولكنى أرى الرضا خافتا في أعين الناس، وقد أبان عن اضمحلال مقيت!
وإنك متى نزعت الأمل والرضا من الناس، باتوا وحوشا لا يمكن ترويضها ولا يؤمل فيها معنى الإيمان.
وجوه مكفهرة وقلوب لم تعد تألف معنى الرحمة، وأفكار كثيرة لا يمكنك أن تجد فيها خيطا رفيعا من أمل ملموس!
الناس في حاجة ماسة للمراعاة، أعانهم الله وحفظهم من تقلب القلوب ومآلات هذا الزمان

أحب دفعة واحدة..
وتلك طامة في حق قلبي من أن يتريث في حبه!
لا أستطيع أن أتدرج في الشعور، بل ألفظه دفعة واحدة وأدفعه دفعا تجاه الآخر.
لذلك من فداحة الخسران؛ أنني أخسر أيضا دفعة واحدة.
وهكذا ديدن من لا يتريث، قاتل الله التعجل والاندفاع!

كلها بقت فرانعة دلوقتي! (بصوت باسم سمرة)
يا عم أحلى علبة جبنة دومتي - اللي هي مش جبنة - ورغيف تموين - من اللي بيتحرق على النار - عليك.

يُخذل الإنسان بإطفاء مواضع الجمال والرضا والأمل فيه؛ فينطفئ كله دفعة واحدة.

سنن أبي داود - باب في التفاخر بالأحساب

حدثنا موسى بن مروان الرَّقّي، حدثنا المعافى ح وحدثنا أحمد بن سعيد الهمداني، أخبرنا ابن وهب، وهذا حديثه، عن هشام بن سعد، عن سعيد بن أبي سعيد، عن أبيه، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ:

«إن الله عز وجل قد أذهب عنكم عُبِّيَّة الجاهلية وفَخرها بالآباء، مؤمن تقي وفاجر شقي، أنتم بنو آدم، وآدم من تراب.
ليَدعَن رجال فَخرهم بأقوام إنما هم فَحمٌ مِن فحم جهنم، أو ليكونُن أهون على الله مِن الجعلان التي تدفع بأنفها النتن».