Telegram Web Link
عابِر
"وَما أَدَّعي أَنّي بَريءٌ مِنَ الهَوى وَلَكِنَّني لا يَعلَمُ القَومُ ما بِيا أَعِفُّ وَفي قَلبي مِنَ الحُبِّ لَوعَةٌ وَليسَ عَفيفاً تارِكُ الحُبِّ سالِيا"
"أُمسي وَأُصبِحُ وَالأَشواقُ تَلَعَبُ بي
كَأَنَّما أَنا مِنها شارِبٌ ثَمِلُ

وَكَم أُحَمِّلُ قَلبي في مَحَبَّتِكُم
ما لَيسَ يَحمِلُهُ قَلبٌ فَيَحتَمِلُ

وارَحمَتاهُ لِصَبٍّ قَلَّ ناصِرُهُ
فيكُم وَضاقَ عَلَيهِ السَهلُ وَالجَبَلُ"

_ بهاء الدين زهير
ذكر عَن رجل كَانَ بِالْبَصْرَةِ، أَنه كَانَ ذَا يسَار، وتغيرت حَاله، فَخرج عَن الْبَصْرَة، ثمَّ عَاد إِلَيْهَا وَقد أثرى، فَجعل يحدث بألوان لقيها إِلَى أَن قَالَ: تَغَيَّرت حَالي، إِلَى أَن دخلت بَغْدَاد، غَرِيبا، سليبا، لَا أهتدي إِلَى مَذْهَب وَلَا حِيلَة.
قَالَ: فَجعلت أسأَل: أَيْن السُّوق؟ أَيْن الطَّرِيق؟ إِلَى أَن ضجرت، فَقلت وَأَنا مكروب:

غَرِيب الدَّار لَيْسَ لَهُ صديق ... جَمِيع سُؤَاله أَيْن الطَّرِيق؟
تعلق بالسؤال بِكُل صقع ... كَمَا يتَعَلَّق الرجل الغريق


وَجعلت أردد ذَلِك وأمشي، وَإِذا بِرَجُل مشرف من منظر، فَقَالَ لي:

ترفق يَا غَرِيب فَكل عبد ... تطيف بِحَالهِ سَعَة وضيق
وكل مُصِيبَة تَأتي ستمضي ... وَإِن الصَّبْر مسلكه وثيق


فخف مَا بِي، وَرفعت رَأْسِي إِلَيْهِ، وَسَأَلته عَن خَبره.
فَقَالَ: اصْعَدْ إِلَيّ أحَدثك، فَصَعدت إِلَيْهِ.
فَقَالَ: وَردت هَذَا الْبَلَد، وَأَنا غَرِيب، فتحيرت، وَالله، كتحيرك، إِلَى أَن مَرَرْت بِهَذِهِ الغرفة، فَأَشْرَف عَليّ رجل كَانَ فِيهَا، لَا أعرفهُ، فَقَالَ لي: اصْعَدْ.
فَصَعدت، فأسكننيها، ثمَّ تقلبت بِي الْأَحْوَال، فابتعت الدَّار، وأثريت، وَأَنا أتبرك بهَا، وأجلس فِيهَا كثيرا، فلعلها أَن تكون مباركة عَلَيْك أَيْضا، فَإِن لي فِيمَا سواهَا من الدّور، مسَاكِن تجذبني.
فَفعلت، وَأَقْبَلت أحوالي، واحتجت إِلَى الاتساع، فانتقلت عَنْهَا.
عابِر
Photo
"وَشَقيتُ مِنهُ بِقُربِهِ وَبِعادِهِ
وَأَخو الشَقاءِ إِلى الشَقاءِ مُوَفَّقُ
"
لم أسمع عمري عن ضيافة أهرق فيها دم آدمي كرما وحبا، بل لم أر عمري ضيفا هو الذي أكرم مضيفيه ففعل ذلك، إلا أبو خالد محمد الضيف في غزة.

فالسلام على رجل مضى على سنته في يقين وجدد وأحيا نهج أصحاب رسول الله الكرام،
وكأني بسيد الخلق ينادي "نعم الرجل أبو خالد! نعم الرجل!"

عام على الرحيل وآلاف البذور تنبت، لا في غزة وحدها التي ما فتئت تزداد قوة وتنكيلا بأرذل الخلق منذ غاب، بل في كل العالم بإذن الله. فالسلام على أبي خالد، السلام عليه!

اللهم ثبت أقدام رجاله، وأنزل عليهم نصرك وعزك، واخذل عدوهم ورد كيده عليه، واكتب لنا وقفة رباط وجهاد ننال بها خير ما عندك.
"وما لي أراك اليوم وحدك جالساً
بعيداً عن الخلاّن تأبَى التدانيا

أنابَكَ خَطب أم عَراك تعشُّقٌ
فإنّي أرى حزناً بوجهك باديا

وما بال عينيك اللتين أراهما
تُديران لحظاً يحمل الحزن وانيا

وأيُّ جَوىً قد عُدت أصفر فاقعاً
به بعد أن قد كنت أحمر قانيا"
عابِر
"وما لي أراك اليوم وحدك جالساً بعيداً عن الخلاّن تأبَى التدانيا أنابَكَ خَطب أم عَراك تعشُّقٌ فإنّي أرى حزناً بوجهك باديا وما بال عينيك اللتين أراهما تُديران لحظاً يحمل الحزن وانيا وأيُّ جَوىً قد عُدت أصفر فاقعاً به بعد أن قد كنت أحمر قانيا"
"فقال ولم يملِك بوادرَ أدمع
تناثَرْن حتى خلتهنّ لآليا

أتعجَبُ من حزني وتعلمَ أنني
قَرِيع تباريح تُشيب النواصيا

لقد عشت في الدنيا أسيفاً وليتني
تَرَحّلت عنها لا عليَّ ولا ليا
"
عابِر
"فقال ولم يملِك بوادرَ أدمع تناثَرْن حتى خلتهنّ لآليا أتعجَبُ من حزني وتعلمَ أنني قَرِيع تباريح تُشيب النواصيا لقد عشت في الدنيا أسيفاً وليتني تَرَحّلت عنها لا عليَّ ولا ليا"
"فلمّا بكى أمسكت فَضل ردائه
وكفكفت دمعاً فوق خَدَّيْه جاريا

وقلت له هَوِّن عليك فإنما
تَنوب دواهي الدهر من كان داهيا

لعلّ الذي أشجاك يُعقب راحة
فقد يَشكر الأنسان ما كان شاكيا
"
"قَالَ ابْن عَيَّاش: نزلت بِي مُصِيبَة أمضتني وأشجعتني،

فتذكرت قَول ذِي الرمة:
خليلي عوجا من صُدُور الرَّوَاحِل ...
على دارمي وابكيا فِي الْمنَازل

لَعَلَّ انحدار الدمع يعقب رَاحَة ...
من الْغم أَو يشفي نجي البلابل


فخلوت وبكيت، فسلوت وَقلت: رحم الله ذَا الرمة، فَمَا كَانَ أعرفهُ بدواء الْحزن!"
"لَوْ كانَ يَدري الميْتُ ماذا بَعْدَهُ
بالحيِّ حَلَّ بَكَى لهُ في قَبْرِهِ

غُصَصٌ تكادُ تغيظ مِنها نَفْسُهُ
وتكادُ تُخْرِجُ قَلْبَهُ مِنْ صَدْرِهِ
"
أتخيل قهر الغزّي الذي يرقب ولده والجوع يأكله وهو يذوي ويذوب كما الجليد ولا يقدر على توفير لقمة يوقف بها ذلك الذوبان، حتى إذا التصق الجلد بالعظم وغارت العيون وبرزت الأسنان والترائب أسلم الولد روحه جوعا ولفظ الوالد كبِده قهرا.

أيهنأ العيش لإنسان وهو يرى مجوّعين -من أي ملة- والطعام على أبوابهم مكدس؟

هذه أعتى صور الظلم وقهر القوي للضعيف وخذلان الأخ لأخيه على مر التاريخ.
نقضي ليلنا وقوفا في غرف العمليات وأروقة الأقسام وردهات الطوارئ بدون عائد، إلا طمعًا في إعداد النفس للغد، حيث نفيد غيرنا وننال جزاءً مؤجلًا للغد في الدنيا.

فكيف بجزاء الآخرة؟ ألن يُجمِع أهل الحِجى أن نعيمًا أبديًا يستحق وقوف ليالِ الدهر كلها؟!
"فإن كان هذا الصبي آثما فليس على هذه البسيطة إلا آثم
ذلك هو فضاء القلب والروح
فكيف ننكره على أنفسنا فننكره على الجملة؟
"
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
"بإحدى الرزايا ابك الرزايا جميعها
كذلك يدعو غائب الحزن ماثله"

أو كما قال متمم ابن نويرة بعد أن لامه رفيقه في بكاء كل قبر يراه بعد ممات أخيه مالك:

"فقلت له إن الشجى يبعث الشجى
فدعني فهذا كله قبر مالك"
7 تشرين: بداية الطوفان
8 تشرين: نهاية عملية الطوفان المباركة ورفْع ابتلائه عن أهل غزة للأبد إن شاء الله

كأنها يوم وليلة يا أهل غزة لم يضروكم فيها إلا أذى، وترجون من الله ما لا يرجون، وتحتسبون عنده ما لا يحتسبون

يوم وليلة ياغزة، سعِد فيهما من مضى إلى ربه، ومن بقي وصبر وثبَت وثبّت أسعد، ومن قاتل وأثخن وتحرف لصيد قتلة الأطفال والأنبياء فقد جمع الشرف من جوانبه

يوم وليلة
أقولها مثبّتا ومعزّيا، وأدرك أنها حق مثلما ينطق الآدمي، فما طول عامين في ملك الله؟ بل ماذا تعدل لو قابلَتها جنة عرضَ السماوات والأرض وخلود أبدي في نعيم مقيم؟!

حسبكم أن أحيا الله بكم أمما وساء بكم وجه أعدائه وفضحهم أمام البشر؛

سيذهب الظمأ والمخمصة وتُرفع الغُمة، ويثبت الأجر إن شاء الله.

وأظن في الله أجمل الظن وأحسب أن الثمن الغالي قد دُفع غير منقوص؛ وبقي السلعة، المسجد وفلسطين في الدنيا، وجنة المأوى في الأخرى.
وضعت الحرب أوزارها فقلت "الحمد لله، أخطأَت صالحا" فلم يكد يعقب ليلُ الهدنة نهارها حتى زُفّت إليه الشهادة غدْرا وغِيلة؛

فأمسى عند أحبابه ومن على شاكلته ممن ذرعوا أرض غزة في الفداء والتضحية وإغاضة الأعداء، كأنهم نادوه "هلُم إلينا، هنا -عند الله- أجمل!"

رحمات الله تتنزل عليك أخانا صالح.. وربما ما يراد لغزة أثقل من أن تقبله النفوس الشريفة فقبضها الله رأفة وتحننا، إلا أن تدركنا وإياها ألطاف الله الجبار.
2025/10/26 02:16:58
Back to Top
HTML Embed Code: