Telegram Web Link
قال الله تبارك وتعالى:{ یَـٰۤأَیُّهَا ٱلنَّاسُ ٱعۡبُدُوا۟ رَبَّكُمُ ٱلَّذِی خَلَقَكُمۡ وَٱلَّذِینَ مِن قَبۡلِكُمۡ لَعَلَّكُمۡ تَتَّقُونَ }[سُورَةُ البَقَرَةِ: ٢١] .

قال الإمام ابن كثير رحمه الله:
ﺷﺮﻉ ﺗﺒﺎﺭﻙ ﻭﺗﻌﺎﻟﻰ ﻓﻲ ﺑﻴﺎﻥ ﻭﺣﺪاﻧﻴﺔ ﺃﻟﻮﻫﻴﺘﻪ، ﺑﺄﻧﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻫﻮ اﻟﻤﻨﻌﻢ ﻋﻠﻰ ﻋﺒﻴﺪﻩ، ﺑﺈﺧﺮاﺟﻬﻢ ﻣﻦ اﻟﻌﺪﻡ ﺇﻟﻰ اﻟﻮﺟﻮﺩ ﻭﺇﺳﺒﺎﻏﻪ ﻋﻠﻴﻬﻢ اﻟﻨﻌﻢ اﻟﻈﺎﻫﺮﺓ ﻭاﻟﺒﺎﻃﻨﺔ، ﺑﺄﻥ ﺟﻌﻞ ﻟﻬﻢ اﻷﺭﺽ ﻓﺮاﺷﺎ، ﺃﻱ: ﻣﻬﺪا ﻛﺎﻟﻔﺮاﺵ ﻣﻘﺮﺭﺓ ﻣﻮﻃﺄﺓ ﻣﺜﺒﺘﺔ ﺑﺎﻟﺮﻭاﺳﻲ اﻟﺸﺎﻣﺨﺎﺕ، {ﻭاﻟﺴﻤﺎء ﺑﻨﺎءً}
ﻭﻫﻮ اﻟﺴﻘﻒ، ﻛﻤﺎ ﻗﺎﻝ ﻓﻲ اﻵﻳﺔ اﻷﺧﺮﻯ: {ﻭﺟﻌﻠﻨﺎ اﻟﺴﻤﺎء ﺳﻘﻔﺎ ﻣﺤﻔﻮﻇﺎ ﻭﻫﻢ ﻋﻦ ﺁﻳﺎﺗﻬﺎ ﻣﻌﺮﺿﻮﻥ} [ اﻷﻧﺒﻴﺎء: 32]
ﻭﺃﻧﺰﻝ ﻟﻬﻢ ﻣﻦ اﻟﺴﻤﺎء ﻣﺎء -ﻭاﻟﻤﺮاﺩ ﺑﻪ اﻟﺴﺤﺎﺏ ﻫﺎﻫﻨﺎ-ﻓﻲ ﻭﻗﺘﻪ ﻋﻨﺪ اﺣﺘﻴﺎﺟﻬﻢ ﺇﻟﻴﻪ، ﻓﺄﺧﺮﺝ ﻟﻬﻢ ﺑﻪ ﻣﻦ ﺃﻧﻮاﻉ اﻟﺰﺭﻭﻉ ﻭاﻟﺜﻤﺎﺭ ﻣﺎ ﻫﻮ ﻣﺸﺎﻫﺪ؛ ﺭﺯﻗﺎ ﻟﻬﻢ ﻭﻷﻧﻌﺎﻣﻬﻢ، ﻛﻤﺎ ﻗﺮﺭ ﻫﺬا ﻓﻲ ﻏﻴﺮ ﻣﻮﺿﻊ ﻣﻦ اﻟﻘﺮﺁﻥ. ﻭﻣﻦ ﺃﺷﺒﻪ ﺁﻳﺔ ﺑﻬﺬﻩ اﻵﻳﺔ ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ: {اﻟﻠﻪ اﻟﺬﻱ ﺟﻌﻞ ﻟﻜﻢ اﻷﺭﺽ ﻗﺮاﺭا ﻭاﻟﺴﻤﺎء ﺑﻨﺎء ﻭﺻﻮﺭﻛﻢ ﻓﺄﺣﺴﻦ ﺻﻮﺭﻛﻢ ﻭﺭﺯﻗﻜﻢ ﻣﻦ اﻟﻄﻴﺒﺎﺕ ﺫﻟﻜﻢ اﻟﻠﻪ ﺭﺑﻜﻢ ﻓﺘﺒﺎﺭﻙ اﻟﻠﻪ ﺭﺏ اﻟﻌﺎﻟﻤﻴﻦ} [ ﻏﺎﻓﺮ: 64]
ﻭﻣﻀﻤﻮﻧﻪ: ﺃﻧﻪ اﻟﺨﺎﻟﻖ اﻟﺮاﺯﻕ ﻣﺎﻟﻚ اﻟﺪاﺭ، ﻭﺳﺎﻛﻨﻴﻬﺎ، ﻭﺭاﺯﻗﻬﻢ، ﻓﺒﻬﺬا ﻳﺴﺘﺤﻖ ﺃﻥ ﻳﻌﺒﺪ ﻭﺣﺪﻩ ﻭﻻ ﻳﺸﺮﻙ ﺑﻪ ﻏﻴﺮﻩ؛ ﻭﻟﻬﺬا ﻗﺎﻝ: {ﻓﻼ ﺗﺠﻌﻠﻮا ﻟﻠﻪ ﺃﻧﺪاﺩا ﻭﺃﻧﺘﻢ ﺗﻌﻠﻤﻮﻥ}
ﻭﻓﻲ اﻟﺼﺤﻴﺤﻴﻦ ﻋﻦ اﺑﻦ ﻣﺴﻌﻮﺩ، ﻗﺎﻝ: ﻗﻠﺖ: ﻳﺎ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ، ﺃﻱ اﻟﺬﻧﺐ ﺃﻋﻈﻢ؟ ﻗﺎﻝ: "ﺃﻥ ﺗﺠﻌﻞ ﻟﻠﻪ ﻧﺪا، ﻭﻫﻮ ﺧﻠﻘﻚ" اﻟﺤﺪﻳﺚ . ﻭﻛﺬا ﺣﺪﻳﺚ ﻣﻌﺎﺫ: "ﺃﺗﺪﺭﻱ ﻣﺎ ﺣﻖ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻰ ﻋﺒﺎﺩﻩ؟ ﺃﻥ ﻳﻌﺒﺪﻭﻩ وﻻ ﻳﺸﺮﻛﻮا ﺑﻪ ﺷﻴﺌﺎ" اﻟﺤﺪﻳﺚ .

📚تفسير ابن كثير ( ١ / ١٩٤ - ١٩٥ )
{ یَـٰۤأَیُّهَا ٱلنَّاسُ ٱعۡبُدُوا۟ رَبَّكُمُ ٱلَّذِی خَلَقَكُمۡ وَٱلَّذِینَ مِن قَبۡلِكُمۡ لَعَلَّكُمۡ تَتَّقُونَ } [سُورَةُ البَقَرَةِ: ٢١]

[ فائدة نفيسة وقاعدة في التفسير ]

قال الإمام البغوي رحمه الله:
{اﻋﺒﺪﻭا} ﻭﺣﺪﻭا.
ﻗﺎﻝ اﺑﻦ ﻋﺒﺎﺱ ﺭﺿﻲ اﻟﻠﻪ ﻋﻨﻬﻤﺎ: ﻛﻞ ﻣﺎ ﻭﺭﺩ ﻓﻲ اﻟﻘﺮﺁﻥ ﻣﻦ اﻟﻌﺒﺎﺩﺓ ﻓﻤﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟﺘﻮﺣﻴﺪ .

📚تفسير البغوي ( ١ / ٧١ )
قال الله تبارك وتعالى : { ٱلَّذِی جَعَلَ لَكُمُ ٱلۡأَرۡضَ فِرَ ٰ⁠شࣰا وَٱلسَّمَاۤءَ بِنَاۤءࣰ وَأَنزَلَ مِنَ ٱلسَّمَاۤءِ مَاۤءࣰ فَأَخۡرَجَ بِهِۦ مِنَ ٱلثَّمَرَ ٰ⁠تِ رِزۡقࣰا لَّكُمۡۖ فَلَا تَجۡعَلُوا۟ لِلَّهِ أَندَادࣰا وَأَنتُمۡ تَعۡلَمُونَ }
[سُورَةُ البَقَرَةِ: ٢٢]

ﻳﻘﻮﻝ ﺗﻌﺎﻟﻰ: اﻋﺒﺪﻭا ﺭﺑﻜﻢ ﺧﺎﻟﻘﻜﻢ، ﻭﺧﺎﻟﻖ ﻣﻦ ﻗﺒﻠﻜﻢ، اﻟﺬﻱ ﺟﻌﻞ ﻟﻜﻢ اﻷﺭﺽ ﻓﺮاﺷﺎ، ﺃﻱ: ﺑﺴﺎﻃﺎ ﻭاﻟﺴﻤﺎء ﺑﻨﺎء، ﺳﻘﻔﺎ ﻣﺮﻓﻮﻋﺎ، ﻭﺃﻧﺰﻝ ﻣﻦ اﻟﺴﻤﺎء، ﺃﻱ: ﻣﻦ اﻟﺴﺤﺎﺏ، ﻣﺎء ﻓﺄﺧﺮﺝ ﺑﻪ ﻣﻦ اﻟﺜﻤﺮاﺕ ﺭﺯﻗﺎ ﻟﻜﻢ، ﻃﻌﺎﻣﺎ ﻟﻜﻢ ﻭﻋﻠﻔﺎ ﻟﺪﻭاﺑﻜﻢ، ﻓﻼ ﺗﺠﻌﻠﻮا ﻟﻠﻪ ﺃﻧﺪاﺩا، ﺃﻱ: ﺃﻣﺜﺎﻻ ﺗﻌﺒﺪﻭﻧﻬﺎ ﻛﻌﺒﺎﺩﺓ اﻟﻠﻪ، ﻭﺃﻧﺘﻢ ﺗﻌﻠﻤﻮﻥ ﺃﻧﻪ ﻭاﺣﺪ ﻻ ﺧﺎﻟﻖ ﻣﻌﻪ. ﻗﺎﻝ اﺑﻦ ﻋﺒﺎﺱ: ﻓﻼ ﺗﺠﻌﻠﻮا ﻟﻠﻪ ﺃﻧﺪاﺩا ﻭﺃﻧﺘﻢ ﺗﻌﻠﻤﻮﻥ، ﺃﻱ: ﻻ ﺗﺸﺮﻛﻮا ﺑﺎﻟﻠﻪ ﻏﻴﺮﻩ ﻣﻦ اﻷﻧﺪاﺩ اﻟﺘﻲ ﻻ ﺗﻨﻔﻊ ﻭﻻ ﺗﻀﺮ، ﻭﺃﻧﺘﻢ ﺗﻌﻤﻠﻮﻥ ﺃﻧﻪ ﻻ ﺭﺏ ﻟﻜﻢ ﻳﺮﺯﻗﻜﻢ ﻏﻴﺮﻩ، ﻭﻗﺪ ﻋﻠﻤﺘﻢ ﺃﻥ اﻟﺬﻱ ﻳﺪﻋﻮﻛﻢ ﺇﻟﻴﻪ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ - ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ - ﻣﻦ اﻟﺘﻮﺣﻴﺪ، ﻫﻮ اﻟﺤﻖ اﻟﺬﻱ ﻻ ﺷﻚ ﻓﻴﻪ؟
ﻗﺎﻝ اﺑﻦ ﻛﺜﻴﺮ: اﻟﺨﺎﻟﻖ ﻟﻬﺬﻩ اﻷﺷﻴﺎء ﻫﻮ اﻟﻤﺴﺘﺤﻖ ﻟﻠﻌﺒﺎﺩﺓ.

📚 "توفيق الرحمن في دروس القرآن" للشيخ فيصل آل مبارك ( ١ / ١١٠ )
قال الله تبارك وتعالى : { وَإِن كُنتُمۡ فِی رَیۡبࣲ مِّمَّا نَزَّلۡنَا عَلَىٰ عَبۡدِنَا فَأۡتُوا۟ بِسُورَةࣲ مِّن مِّثۡلِهِۦ وَٱدۡعُوا۟ شُهَدَاۤءَكُم مِّن دُونِ اللهِ إِن كُنتُمۡ صَـٰدِقِینَ (٢٣) فَإِن لَّمۡ تَفۡعَلُوا۟ وَلَن تَفۡعَلُوا۟ فَٱتَّقُوا۟ ٱلنَّارَ ٱلَّتِی وَقُودُهَا ٱلنَّاسُ وَٱلۡحِجَارَةُۖ أُعِدَّتۡ لِلۡكَـٰفِرِینَ (٢٤) }
[سُورَةُ البَقَرَةِ: ٢٣-٢٤]


قال العلامة السعدي رحمه الله:
ﻭﻫﺬﻩ اﻵﻳﺔ ﻭﻧﺤﻮﻫﺎ ﻳﺴﻤﻮﻧﻬﺎ ﺁﻳﺎﺕ اﻟﺘﺤﺪﻱ، ﻭﻫﻮ ﺗﻌﺠﻴﺰ اﻟﺨﻠﻖ ﺃﻥ ﻳﺄﺗﻮا ﺑﻤﺜﻞ ﻫﺬا اﻟﻘﺮﺁﻥ، ﻗﺎﻝ ﺗﻌﺎﻟﻰ {ﻗﻞ ﻟﺌﻦ اﺟﺘﻤﻌﺖ اﻹﻧﺲ ﻭاﻟﺠﻦ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﻳﺄﺗﻮا ﺑﻤﺜﻞ ﻫﺬا اﻟﻘﺮﺁﻥ ﻻ ﻳﺄﺗﻮﻥ ﺑﻤﺜﻠﻪ ﻭﻟﻮ ﻛﺎﻥ ﺑﻌﻀﻬﻢ ﻟﺒﻌﺾ ﻇﻬﻴﺮا}
.
ﻭﻛﻴﻒ ﻳﻘﺪﺭ اﻟﻤﺨﻠﻮﻕ ﻣﻦ ﺗﺮاﺏ، ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻛﻼﻣﻪ ﻛﻜﻼﻡ ﺭﺏ اﻷﺭﺑﺎﺏ؟ ﺃﻡ ﻛﻴﻒ ﻳﻘﺪﺭ اﻟﻨﺎﻗﺺ اﻟﻔﻘﻴﺮ ﻣﻦ ﻛﻞ اﻟﻮﺟﻮﻩ، ﺃﻥ ﻳﺄﺗﻲ ﺑﻜﻼﻡ ﻛﻜﻼﻡ اﻟﻜﺎﻣﻞ، اﻟﺬﻱ ﻟﻪ اﻟﻜﻤﺎﻝ اﻟﻤﻄﻠﻖ، ﻭاﻟﻐﻨﻰ اﻟﻮاﺳﻊ ﻣﻦ ﻛﻞ اﻟﻮﺟﻮﻩ؟
ﻫﺬا ﻟﻴﺲ ﻓﻲ اﻹﻣﻜﺎﻥ، ﻭﻻ ﻓﻲ ﻗﺪﺭﺓ اﻹﻧﺴﺎﻥ، ﻭﻛﻞ ﻣﻦ ﻟﻪ ﺃﺩﻧﻰ ﺫﻭﻕ ﻭﻣﻌﺮﻓﺔ
[ ﺑﺄﻧﻮاﻉ] اﻟﻜﻼﻡ، ﺇﺫا ﻭﺯﻥ ﻫﺬا اﻟﻘﺮﺁﻥ اﻟﻌﻈﻴﻢ ﺑﻐﻴﺮﻩ ﻣﻦ ﻛﻼﻡ اﻟﺒﻠﻐﺎء، ﻇﻬﺮ ﻟﻪ اﻟﻔﺮﻕ اﻟﻌﻈﻴﻢ.
ﻭﻓﻲ ﻗﻮﻟﻪ: {ﻭﺇﻥ ﻛﻨﺘﻢ ﻓﻲ ﺭﻳﺐ}
ﺇﻟﻰ ﺁﺧﺮﻩ، ﺩﻟﻴﻞ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ اﻟﺬﻱ ﻳﺮﺟﻰ ﻟﻪ اﻟﻬﺪاﻳﺔ ﻣﻦ اﻟﻀﻼﻟﺔ:
[ ﻫﻮ] اﻟﺸﺎﻙ اﻟﺤﺎﺋﺮ اﻟﺬﻱ ﻟﻢ ﻳﻌﺮﻑ اﻟﺤﻖ ﻣﻦ اﻟﻀﻼﻝ، ﻓﻬﺬا ﺇﺫا ﺑﻴﻦ ﻟﻪ اﻟﺤﻖ ﻓﻬﻮ ﺣﺮﻱ ﺑﺎﻟﺘﻮﻓﻴﻖ ﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﺻﺎﺩﻗﺎ ﻓﻲ ﻃﻠﺐ اﻟﺤﻖ.
ﻭﺃﻣﺎ اﻟﻤﻌﺎﻧﺪ اﻟﺬﻱ ﻳﻌﺮﻑ اﻟﺤﻖ ﻭﻳﺘﺮﻛﻪ، ﻓﻬﺬا ﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﺭﺟﻮﻋﻪ، ﻷﻧﻪ ﺗﺮﻙ اﻟﺤﻖ ﺑﻌﺪ ﻣﺎ ﺗﺒﻴﻦ ﻟﻪ، ﻟﻢ ﻳﺘﺮﻛﻪ ﻋﻦ ﺟﻬﻞ، ﻓﻼ ﺣﻴﻠﺔ ﻓﻴﻪ.
ﻭﻛﺬﻟﻚ اﻟﺸﺎﻙ ﻏﻴﺮ اﻟﺼﺎﺩﻕ ﻓﻲ ﻃﻠﺐ اﻟﺤﻖ، ﺑﻞ ﻫﻮ ﻣﻌﺮﺽ ﻏﻴﺮ ﻣﺠﺘﻬﺪ ﻓﻲ ﻃﻠﺒﻪ، ﻓﻬﺬا ﻓﻲ اﻟﻐﺎﻟﺐ ﺃﻧﻪ ﻻ ﻳﻮﻓﻖ.
ﻭﻓﻲ ﻭﺻﻒ اﻟﺮﺳﻮﻝ ﺑﺎﻟﻌﺒﻮﺩﻳﺔ ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﻤﻘﺎﻡ اﻟﻌﻈﻴﻢ، ﺩﻟﻴﻞ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺃﻋﻈﻢ ﺃﻭﺻﺎﻓﻪ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ، ﻗﻴﺎﻣﻪ ﺑﺎﻟﻌﺒﻮﺩﻳﺔ، اﻟﺘﻲ ﻻ ﻳﻠﺤﻘﻪ ﻓﻴﻬﺎ ﺃﺣﺪ ﻣﻦ اﻷﻭﻟﻴﻦ ﻭاﻵﺧﺮﻳﻦ.
ﻛﻤﺎ ﻭﺻﻔﻪ ﺑﺎﻟﻌﺒﻮﺩﻳﺔ ﻓﻲ ﻣﻘﺎﻡ اﻹﺳﺮاء، ﻓﻘﺎﻝ: {ﺳﺒﺤﺎﻥ اﻟﺬﻱ ﺃﺳﺮﻯ ﺑﻌﺒﺪﻩ}
ﻭﻓﻲ ﻣﻘﺎﻡ اﻹﻧﺰاﻝ، ﻓﻘﺎﻝ: {ﺗﺒﺎﺭﻙ اﻟﺬﻱ ﻧﺰﻝ اﻟﻔﺮﻗﺎﻥ ﻋﻠﻰ ﻋﺒﺪﻩ}
.
ﻭﻓﻲ ﻗﻮﻟﻪ: {ﺃﻋﺪﺕ ﻟﻠﻜﺎﻓﺮﻳﻦ}
ﻭﻧﺤﻮﻫﺎ ﻣﻦ اﻵﻳﺎﺕ، ﺩﻟﻴﻞ ﻟﻤﺬﻫﺐ ﺃﻫﻞ اﻟﺴﻨﺔ ﻭاﻟﺠﻤﺎﻋﺔ، ﺃﻥ اﻟﺠﻨﺔ ﻭاﻟﻨﺎﺭ ﻣﺨﻠﻮﻗﺘﺎﻥ ﺧﻼﻓﺎ ﻟﻠﻤﻌﺘﺰﻟﺔ، ﻭﻓﻴﻬﺎ ﺃﻳﻀﺎ، ﺃﻥ اﻟﻤﻮﺣﺪﻳﻦ ﻭﺇﻥ اﺭﺗﻜﺒﻮا ﺑﻌﺾ اﻟﻜﺒﺎﺋﺮ ﻻ ﻳﺨﻠﺪﻭﻥ ﻓﻲ اﻟﻨﺎﺭ، ﻷﻧﻪ ﻗﺎﻝ: {ﺃﻋﺪﺕ ﻟﻠﻜﺎﻓﺮﻳﻦ}
ﻓﻠﻮ ﻛﺎﻥ [ ﻋﺼﺎﺓ اﻟﻤﻮﺣﺪﻳﻦ]
ﻳﺨﻠﺪﻭﻥ ﻓﻴﻬﺎ، ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﻣﻌﺪﺓ ﻟﻠﻜﺎﻓﺮﻳﻦ ﻭﺣﺪﻫﻢ، ﺧﻼﻓﺎ ﻟﻠﺨﻮاﺭﺝ ﻭاﻟﻤﻌﺘﺰﻟﺔ.
ﻭﻓﻴﻬﺎ ﺩﻻﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ اﻟﻌﺬاﺏ ﻣﺴﺘﺤﻖ ﺑﺄﺳﺒﺎﺑﻪ، ﻭﻫﻮ اﻟﻜﻔﺮ، ﻭﺃﻧﻮاﻉ اﻟﻤﻌﺎﺻﻲ ﻋﻠﻰ اﺧﺘﻼﻓﻬﺎ.

📚تفسير السعدي ص ٤٥
قال الله تبارك وتعالى : { وَإِذۡ قَالَ مُوسَىٰ لِقَوۡمِهِۦ یَـٰقَوۡمِ لِمَ تُؤۡذُونَنِی وَقَد تَّعۡلَمُونَ أَنِّی رَسُولُ اللهِ إِلَیۡكُمۡۖ فَلَمَّا زَاغُوۤا۟ أَزَاغَ اللهُ قُلُوبَهُمۡۚ واللهُ لَا یَهۡدِی ٱلۡقَوۡمَ ٱلۡفَـٰسِقِینَ } [سُورَةُ الصَّفِّ: ٥] .

" ...ﻭﻫﺬﻩ اﻵﻳﺔ اﻟﻜﺮﻳﻤﺔ ﺗﻔﻴﺪ ﺃﻥ ﺇﺿﻼﻝ اﻟﻠﻪ ﻟﻌﺒﺎﺩﻩ، ﻟﻴﺲ ﻇﻠﻤﺎ ﻣﻨﻪ، ﻭﻻ ﺣﺠﺔ ﻟﻬﻢ ﻋﻠﻴﻪ، ﻭﺇﻧﻤﺎ ﺫﻟﻚ ﺑﺴﺒﺐ ﻣﻨﻬﻢ، ﻓﺈﻧﻬﻢ اﻟﺬﻳﻦ ﺃﻏﻠﻘﻮا ﻋﻠﻰ ﺃﻧﻔﺴﻬﻢ ﺑﺎﺏ اﻟﻬﺪﻯ ﺑﻌﺪ ﻣﺎ ﻋﺮﻓﻮﻩ، ﻓﻴﺠﺎﺯﻳﻬﻢ ﺑﻌﺪ ﺫﻟﻚ ﺑﺎﻹﺿﻼﻝ ﻭاﻟﺰﻳﻎ اﻟﺬﻱ ﻻ ﺣﻴﻠﺔ ﻟﻬﻢ ﻓﻲ ﺩﻓﻌﻪ ﻭﺗﻘﻠﻴﺐ اﻟﻘﻠﻮﺏ [ ﻋﻘﻮﺑﺔ ﻟﻬﻢ ﻭﻋﺪﻻ ﻣﻨﻪ ﺑﻬﻢ]
ﻛﻤﺎ ﻗﺎﻝ ﺗﻌﺎﻟﻰ: {ﻭﻧﻘﻠﺐ ﺃﻓﺌﺪﺗﻬﻢ ﻭﺃﺑﺼﺎﺭﻫﻢ ﻛﻤﺎ ﻟﻢ ﻳﺆﻣﻨﻮا ﺑﻪ ﺃﻭﻝ ﻣﺮﺓ ﻭﻧﺬﺭﻫﻢ ﻓﻲ ﻃﻐﻴﺎﻧﻬﻢ ﻳﻌﻤﻬﻮﻥ} .

تفسير السعدي ص ٨٥٨
أبشر أيها المؤمن!

قال الله تبارك وتعالى : { وَبَشِّرِ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ وَعَمِلُوا۟ ٱلصَّـٰلِحَـٰتِ أَنَّ لَهُمۡ جَنَّـٰتࣲ تَجۡرِی مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَـٰرُۖ كُلَّمَا رُزِقُوا۟ مِنۡهَا مِن ثَمَرَةࣲ رِّزۡقࣰا قَالُوا۟ هَـٰذَا ٱلَّذِی رُزِقۡنَا مِن قَبۡلُۖ وَأُتُوا۟ بِهِۦ مُتَشَـٰبِهࣰاۖ وَلَهُمۡ فِیهَاۤ أَزۡوَ ٰ⁠جࣱ مُّطَهَّرَةࣱۖ وَهُمۡ فِیهَا خَـٰلِدُونَ } [سُورَةُ البَقَرَةِ: ٢٥]

قال ابن القيم رحمه الله:
" ﻓﺘﺄﻣﻞ ﺟﻼﻟﺔ اﻟﻤﺒﺸﺮ ﻭﻣﻨﺰﻟﺘﻪ ﻭﺻﺪﻗﻪ، ﻭﻋﻈﻤﺘﻪ ﻭﻋﻈﻤﺔ ﻣﻦ ﺃﺭﺳﻠﻪ ﺇﻟﻴﻚ ﺑﻬﺬﻩ اﻟﺒﺸﺎﺭﺓ، ﻭﻗﺪ ﺑﺸﺮﻙ ﺑﻪ، ﻭﺿﻤﻨﻪ ﻟﻚ، ﻭﺟﻌﻠﻪ ﺃﺳﻬﻞ ﺷﻲء ﻋﻠﻴﻚ ﻭﺃﻳﺴﺮﻩ، ﻭﺟﻤﻊ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻓﻲ ﻫﺬﻩ اﻟﺒﺸﺎﺭﺓ ﺑﻴﻦ ﻧﻌﻴﻢ اﻟﺒﺪﻥ ﺑﺎﻟﺠﻨﺎﺕ، ﻭﻣﺎ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻦ اﻷﻧﻬﺎﺭ ﻭاﻟﺜﻤﺎﺭ، ﻭﻧﻌﻴﻢ اﻟﻨﻔﺲ ﺑﺎﻷﺯﻭاﺝ اﻟﻤﻄﻬﺮﺓ، ﻧﻌﻴﻢ اﻟﻘﻠﺐ، ﻭﻗﺮﺓ اﻟﻌﻴﻦ ﺑﻤﻌﺮﻓﺔ ﺩﻭاﻡ ﻫﺬا اﻟﻌﻴﺶ ﺃﺑﺪ اﻵﺑﺎﺩ، ﻭﻋﺪﻡ اﻧﻘﻄﺎﻋﻪ " .

📚التفسير القيم لابن القيم ١٣١-١٣٢
قال الله تبارك وتعالى:

{ وَٱعۡبُدۡ رَبَّكَ حَتَّىٰ یَأۡتِیَكَ ٱلۡیَقِینُ }
[سُورَةُ الحِجۡرِ: ٩٩]

قال الشيخ صالح الفوزان - حفظه الله - :

《 من كان يعبد شهر رمضان فإن شهر رمضان
قد انقضى وفات، ومن كان يعبد الله
فإن الله حيٌّ لا يموت، فليستمر على عبادته
في جميع الأوقات 》.

📕 |[ إتحاف أهل الإيمان بمجالس شهر
رمضان (ص:٢١١-٢١٢) ]|
(فائدة في أحكام الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر )


﴿ قالَ يا هارونُ ما مَنَعَكَ إِذ رَأَيتَهُم ضَلّوا ﴿٩٢﴾ أَلّا تَتَّبِعَنِ أَفَعَصَيتَ أَمري ﴾

هذا كله أصل في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وتغييره ومفارقة أهله، وأن المقيم بينهم- لاسيما إذا كان راضيا- فحكمه كحكمهم.

📚[ الجامع لأحكام القرآن - القرطبي ]
﴿ وَلا تَعجَل بِالقُرآنِ مِن قَبلِ أَن يُقضى إِلَيكَ وَحيُهُ وَقُل رَبِّ زِدني عِلمًا ﴾

جاء في تفسير البغوي :أن ابن مسعود- رضي الله عنه- إذا قرأ هذه الآية قال: اللهم زدني علماً وإيماناً ويقيناً.
قال السعدي : ويؤخذ من هذه الآية الكريمة: الأدب في تلقي العلم، وأن المستمع للعلم ينبغي له أن يتأنَّى ويصبر حتى يفرغ المعلم من كلامه المتصل بعضه ببعض، فإذا فرغ منه سأل إن كان عنده سؤال، ولا يبادر بالسؤال وقطع كلام مُلْقِي العلم؛ فإنه سبب للحرمان.

[ تيسير الكريم الرحمن - السعدي ]
قال الله تبارك وتعالى:
﴿ أَلَمْ يَرَوْا۟ كَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَبْلِهِم مِّن قَرْنٍ مَّكَّنَّٰهُمْ فِى ٱلْأَرْضِ مَا لَمْ نُمَكِّن لَّكُمْ وَأَرْسَلْنَا ٱلسَّمَآءَ عَلَيْهِم مِّدْرَارًا وَجَعَلْنَا ٱلْأَنْهَٰرَ تَجْرِى مِن تَحْتِهِمْ فَأَهْلَكْنَٰهُم بِذُنُوبِهِمْ وَأَنشَأْنَا مِنۢ بَعْدِهِمْ قَرْنًا ءَاخَرِينَ ﴾ [ سورة الأنعام آية:﴿٦﴾ ]
فاحذروا أيها المخاطبون أن يصيبكم مثل ما أصابهم؛ فما أنتم بأعز على الله منهم، والرسول الذي كذبتموه أكرم على الله من رسولهم، فأنتم أولى بالعذاب، ومعاجلة العقوبة منهم؛ لولا لطفه وإحسانه.

📚تفسير ابن كثير( ٢ / ١١٧ ).
﴿ فَمَنِ ٱتَّبَعَ هُدَاىَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَىٰ ﴾

قال ابن عباس - رضي الله عنهما - : «ضمن الله تعالى لمن قرأ القرآن وعمل به ألا يضل في الدنيا، ولا يشقى في الآخرة»، وتلا الآية.

[ الجامع لأحكام القرآن - القرطبي ]
﴿ وَلَعَذابُ الآخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبقى ﴾

لكونه لا ينقطع، بخلاف عذاب الدنيا فإنه منقطع، فالواجب الخوف والحذر من عذاب الآخرة.

[ تيسير الكريم الرحمن - السعدي ]
[من فوائد ضرب الأمثال في القرآن الكريم]


قال الله تبارك وتعالى : { ۞ إِنَّ ٱللهَ لَا یَسۡتَحۡیِۦۤ أَن یَضۡرِبَ مَثَلࣰا مَّا بَعُوضَةࣰ فَمَا فَوۡقَهَاۚ فَأَمَّا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ فَیَعۡلَمُونَ أَنَّهُ ٱلۡحَقُّ مِن رَّبِّهِمۡۖ وَأَمَّا ٱلَّذِینَ كَفَرُوا۟ فَیَقُولُونَ مَاذَاۤ أَرَادَ ٱللهُ بِهَـٰذَا مَثَلࣰاۘ یُضِلُّ بِهِۦ كَثِیرࣰا وَیَهۡدِی بِهِۦ كَثِیرࣰاۚ وَمَا یُضِلُّ بِهِۦۤ إِلَّا ٱلۡفَـٰسِقِینَ }
[سُورَةُ البَقَرَةِ: ٢٦]

يقول تعالى ﴿إِنَّ اللهَ لَا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا مَا﴾ أي: أيَّ مثل كان ﴿بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا﴾ لاشتمال الأمثال على الحكمة، وإيضاح الحق، والله لا يستحيي من الحق، وكأن في هذا، جوابا لمن أنكر ضرب الأمثال في الأشياء الحقيرة، واعترض على الله في ذلك. فليس في ذلك محل اعتراض. بل هو من تعليم الله لعباده ورحمته بهم. فيجب أن تتلقى بالقبول والشكر. ولهذا قال: ﴿فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ﴾ فيتفهمونها، ويتفكرون فيها. فإن علموا ما اشتملت عليه على وجه التفصيل، ازداد بذلك علمهم وإيمانهم، وإلا علموا أنها حق، وما اشتملت عليه حق، وإن خفي عليهم وجه الحق فيها لعلمهم بأن الله لم يضربها عبثا، بل لحكمة بالغة، ونعمة سابغة. ﴿وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللهُ بِهَذَا مَثَلًا﴾ فيعترضون ويتحيرون، فيزدادون كفرا إلى كفرهم، كما ازداد المؤمنون إيمانا على إيمانهم، ولهذا قال: ﴿يُضِلُّ بِهِ كَثِيرًا وَيَهْدِي بِهِ كَثِيرًا﴾ فهذه حال المؤمنين والكافرين عند نزول الآيات القرآنية. قال تعالى: ﴿وَإِذَا مَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إِيمَانًا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا إِلَى رِجْسِهِمْ وَمَاتُوا وَهُمْ كَافِرُونَ﴾ فلا أعظم نعمة على العباد من نزول الآيات القرآنية، ومع هذا تكون لقوم محنة وحيرة [وضلالة] وزيادة شر إلى شرهم، ولقوم منحة [ورحمة] وزيادة خير إلى خيرهم، فسبحان من فاوت بين عباده، وانفرد بالهداية والإضلال. ثم ذكر حكمته في إضلال من يضلهم وأن ذلك عدل منه تعالى فقال: ﴿وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفَاسِقِينَ﴾ أي: الخارجين عن طاعة الله؛ المعاندين لرسل الله؛ الذين صار الفسق وصفهم؛ فلا يبغون به بدلا، فاقتضت حكمته تعالى إضلالهم لعدم صلاحيتهم للهدى، كما اقتضت حكمته وفضله هداية من اتصف بالإيمان وتحلى بالأعمال الصالحة. والفسق نوعان: نوع مخرج من الدين، وهو الفسق المقتضي للخروج من الإيمان؛ كالمذكور في هذه الآية ونحوها، ونوع غير مخرج من الإيمان كما في قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا﴾ [الآية].

📚تفسير السعدي
﴿ لَقَد أَنزَلنا إِلَيكُم كِتابًا فيهِ ذِكرُكُم أَفَلا تَعقِلونَ ﴾

(ذكركم) أي: شرفكم، وفخركم، وارتفاعكم؛ إن تذكرتم به ما فيه من الأخبار الصادقة فاعتقدتموها، وامتثلتم ما فيه من الأوامر، واجتنبتم ما فيه من النواهي ارتفع قدركم، وعظم أمركم.

[ تيسير الكريم الرحمن - السعدي ]
قال الله تبارك وتعالى :
{ أَوَمَن كَانَ مَیۡتࣰا فَأَحۡیَیۡنَـٰهُ وَجَعَلۡنَا لَهُۥ نُورࣰا یَمۡشِی بِهِۦ فِی ٱلنَّاسِ كَمَن مَّثَلُهُۥ فِی ٱلظُّلُمَـٰتِ لَیۡسَ بِخَارِجࣲ مِّنۡهَاۚ كَذَ ٰ⁠لِكَ زُیِّنَ لِلۡكَـٰفِرِینَ مَا كَانُوا۟ یَعۡمَلُونَ }
[سُورَةُ الأَنۡعَامِ: ١٢٢]

قال الإمام ابن كثير رحمه الله:
هَذَا مَثَلٌ ضَرَبَهُ الله تَعَالَى لِلْمُؤْمِنِ الَّذِي كَانَ مَيْتًا، أَيْ: فِي الضَّلَالَةِ، هَالِكًا حَائِرًا، فَأَحْيَاهُ الله، أَيْ: أَحْيَا قَلْبَهُ بِالْإِيمَانِ، وَهَدَاهُ لَهُ وَوَفَّقَهُ لِاتِّبَاعِ رُسُلِهِ. ﴿وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ﴾ أَيْ: يَهْتَدِي بِهِ كَيْفَ يَسْلُكُ، وَكَيْفَ يَتَصَرَّفُ بِهِ. وَالنُّورُ هُوَ: الْقُرْآنُ، كَمَا رَوَاهُ العَوْفي وَابْنُ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. وَقَالَ السُّدِّي: الْإِسْلَامُ. وَالْكُلُّ صَحِيحٌ.
﴿كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ ليس بخارج منها﴾ . أَيِ: الْجَهَالَاتِ وَالْأَهْوَاءِ وَالضَّلَالَاتِ الْمُتَفَرِّقَةِ، ﴿لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا﴾
أَيْ: لَا يَهْتَدِي إِلَى مَنْفَذٍ، وَلَا مَخْلَصٍ مِمَّا هُوَ فِيهِ...

وقال رحمه الله:
وُوَجْهُ الْمُنَاسَبَةِ فِي ضَرْبِ الْمَثَلَيْنِ هَاهُنَا بِالنُّورِ وَالظُّلُمَاتِ، مَا تَقَدَّمَ فِي أَوَّلِ السُّورَةِ: ﴿وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ﴾ [الْأَنْعَامِ: ١] .
وَزَعَمَ بَعْضُهُمْ أَنَّ الْمُرَادَ بِهَذَا الْمَثَلِ رَجُلَانِ مُعَيَّنَانِ، فَقِيلَ: عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ هُوَ الَّذِي كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَاهُ الله، وَجَعَلَ لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ. وَقِيلَ: عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ. وَأَمَّا الَّذِي فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا: أَبُو جَهْلٍ عَمْرُو بْنُ هِشَامٍ، لَعَنَهُ اللَّهُ. وَالصَّحِيحُ أَنَّ الْآيَةَ عَامَّةٌ، يَدْخُلُ فيها كل مؤمن وكافر.

وَقَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ أَيْ: حَسَّنَّا لَهُمْ مَا هُمْ فِيهِ مِنَ الْجَهَالَةِ وَالضَّلَالَةِ، قَدَرًا مِنَ اللهِ وَحِكْمَةً بَالِغَةً، لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَلَا رَبَّ سِوَاهُ وحده لا شريك له .


📚تفسير ابن كثير ( باختصار )
[ آثار الذنوب والمعاصي]

قال الله تبارك وتعالى :
{ ذَ ٰ⁠لِكَ بِأَنَّ اللهَ لَمۡ یَكُ مُغَیِّرࣰا نِّعۡمَةً أَنۡعَمَهَا عَلَىٰ قَوۡمٍ حَتَّىٰ یُغَیِّرُوا۟ مَا بِأَنفُسِهِمۡ وَأَنَّ اللهَ سَمِیعٌ عَلِیمࣱ } [سُورَةُ الأَنفَالِ: ٥٣] .

قال الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى:

" ﻭﻣﻦ ﺗﺄﻣﻞ ﻣﺎ ﻗﺺ اﻟﻠﻪ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﻪ ﻣﻦ ﺃﺣﻮاﻝ اﻷﻣﻢ اﻟﺬﻳﻦ ﺃﺯاﻝ ﻧﻌﻤﻪ ﻋﻨﻬﻢ، ﻭﺟﺪ ﺳﺒﺐ ﺫﻟﻚ ﺟﻤﻴﻌﻪ: ﺇﻧﻤﺎ ﻫﻮ ﻣﺨﺎﻟﻔﺔ ﺃﻣﺮﻩ ﻭﻋﺼﻴﺎﻥ ﺭﺳﻠﻪ.
ﻭﻛﺬﻟﻚ ﻣﻦ ﻧﻈﺮ ﻓﻲ ﺃﺣﻮاﻝ ﺃﻫﻞ ﻋﺼﺮﻩ، ﻭﻣﺎ ﺃﺯاﻝ اﻟﻠﻪ ﻋﻨﻬﻢ ﻣﻦ ﻧﻌﻤﻪ. ﻭﺟﺪ ﺫﻟﻚ ﻛﻠﻪ ﻣﻦ ﺳﻮء ﻋﻮاﻗﺐ اﻟﺬﻧﻮﺏ، ﻛﻤﺎ ﻗﻴﻞ:
ﺇﺫا ﻛﻨﺖ ﻓﻲ ﻧﻌﻤﺔ ﻓﺎﺭﻋﻬﺎ ... ﻓﺈﻥ اﻟﻤﻌﺎﺻﻲ ﺗﺰﻳﻞ اﻟﻨﻌﻢ.
ﻓﻤﺎ ﺣﻔﻈﺖ ﻧﻌﻤﺔ اﻟﻠﻪ ﺑﺸﻲء ﻗﻂ ﻣﺜﻞ ﻃﺎﻋﺘﻪ. ﻭﻻ ﺣﺼﻠﺖ ﻓﻴﻬﺎ اﻟﺰﻳﺎﺩﺓ ﺑﻤﺜﻞ ﺷﻜﺮﻩ. ﻭﻻ ﺯاﻟﺖ ﻋﻦ اﻟﻌﺒﺪ ﻧﻌﻤﺔ ﺑﻤﺜﻞ ﻣﻌﺼﻴﺘﻪ ﻟﺮﺑﻪ. ﻓﺈﻧﻬﺎ ﻧﺎﺭ اﻟﻨﻌﻢ اﻟﺘﻲ ﺗﻌﻤﻞ ﻓﻴﻬﺎ ﻛﻤﺎ ﺗﻌﻤﻞ اﻟﻨﺎﺭ ﻓﻲ اﻟﺤﻄﺐ اﻟﻴﺎﺑﺲ. ﻭﻣﻦ ﺳﺎﻓﺮ ﺑﻔﻜﺮﻩ ﻓﻲ ﺃﺣﻮاﻝ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﺳﺘﻐﻨﻰ ﻋﻦ ﺗﻌﺮﻳﻒ ﻏﻴﺮﻩ ﻟﻪ.

📚التفسير القيم ص ٦٠٩

﴿ وَتُوبُوا إِلَى اللَّـهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ ﴾

- قَالَ السَّعدِي - رَحِمَهُ اللَّـه - :

" فَلا سَبيل إلَى الفَلاحِ إلا بِالتَّوبَة ، وَهِي الرُّجُوع مِمَّا يَكرههُ اللَّـه ظَاهِرًا وبَاطنًا ، إلَى : مَا يُحبُّهُ ظَاهِرًا وبَاطنًا ..

وَدلَّ هَذَا أن كُلَّ مُؤمِن مُحتَاجٌ إلَى التَّوبةِ ، لأنَّ اللَّـهَ خَاطبَ المُؤمِنِينَ جَمِيعًا ..

وَفِيهِ الحَثُّ عَلَى الإخلاصِ بِالتَّوبَةِ فِي قَولهِ :

﴿ وَتُوبُوا إِلَى اللَّـهِ ﴾ أي : لا لِمَقصدٍ غَيرَ وَجههِ ، مِن سَلامَةٍ مِن آفَاتِ الدُّنيَا ، أو رَيَاءٍ وَسُمعَةٍ ، أو نَحوَ ذَلِكَ مِن المَقاصِد الفَاسِدة " .

[ تَيسِيرُ الكَرِيم الرَّحمَن : ١ / ٥٦٦ ]
[ من الثمرات العظيمة للتقوى ].

قال الله تبارك وتعالى :
{ یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوۤا۟ إِن تَتَّقُوا۟ اللهَ یَجۡعَل لَّكُمۡ فُرۡقَانࣰا وَیُكَفِّرۡ عَنكُمۡ سَیِّـَٔاتِكُمۡ وَیَغۡفِرۡ لَكُمۡۗ واللهُ ذُو ٱلۡفَضۡلِ ٱلۡعَظِیمِ }
[سُورَةُ الأَنفَالِ: ٢٩]

امتثال العبد لتقوى ربه عنوان السعادة، وعلامة الفلاح، وقد رتب اللّه على التقوى من خير الدنيا والآخرة شيئا كثيرا،فذكر هنا أن من اتقى اللّه حصل له أربعة أشياء، كل واحد منها خير من الدنيا وما فيها: الأول: الفرقان: وهو العلم والهدى الذي يفرق به صاحبه بين الهدى والضلال، والحق والباطل، والحلال والحرام، وأهل السعادة من أهل الشقاوة. الثاني والثالث: تكفير السيئات، ومغفرة الذنوب، وكل واحد منهما داخل في الآخر عند الإطلاق وعند الاجتماع يفسر تكفير السيئات بالذنوب الصغائر، ومغفرة الذنوب بتكفير الكبائر. الرابع: الأجر العظيم والثواب الجزيل لمن اتقاه وآثر رضاه على هوى نفسه. ﴿وَاللهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ﴾

📚تفسير السعدي
ﻗﺎﻝ الله ﺗﻌﺎﻟﻰ: {ﻛﻴﻒ ﺗﻜﻔﺮﻭﻥ ﺑﺎﻟﻠﻪ ﻭﻛﻨﺘﻢ ﺃﻣﻮاﺗﺎ ﻓﺄﺣﻴﺎﻛﻢ ﺛﻢ ﻳﻤﻴﺘﻜﻢ ﺛﻢ ﻳﺤﻴﻴﻜﻢ ﺛﻢ ﺇﻟﻴﻪ ﺗﺮﺟﻌﻮﻥ} [ البقرة: ٢٨ ]
.
ﻫﺬا اﺳﺘﻔﻬﺎﻡ ﺑﻤﻌﻨﻰ اﻟﺘﻌﺠﺐ ﻭاﻟﺘﻮﺑﻴﺦ ﻭاﻹﻧﻜﺎﺭ، ﺃﻱ: ﻛﻴﻒ ﻳﺤﺼﻞ ﻣﻨﻜﻢ اﻟﻜﻔﺮ ﺑﺎﻟﻠﻪ; اﻟﺬﻱ ﺧﻠﻘﻜﻢ ﻣﻦ اﻟﻌﺪﻡ; ﻭﺃﻧﻌﻢ ﻋﻠﻴﻜﻢ ﺑﺄﺻﻨﺎﻑ اﻟﻨﻌﻢ; ﺛﻢ ﻳﻤﻴﺘﻜﻢ ﻋﻨﺪ اﺳﺘﻜﻤﺎﻝ ﺁﺟﺎﻟﻜﻢ; ﻭﻳﺠﺎﺯﻳﻜﻢ ﻓﻲ اﻟﻘﺒﻮﺭ; ﺛﻢ ﻳﺤﻴﻴﻜﻢ ﺑﻌﺪ اﻟﺒﻌﺚ ﻭاﻟﻨﺸﻮﺭ; ﺛﻢ ﺇﻟﻴﻪ ﺗﺮﺟﻌﻮﻥ; ﻓﻴﺠﺎﺯﻳﻜﻢ اﻟﺠﺰاء اﻷﻭﻓﻰ، ﻓﺈﺫا ﻛﻨﺘﻢ ﻓﻲ ﺗﺼﺮﻓﻪ; ﻭﺗﺪﺑﻴﺮﻩ; ﻭﺑﺮﻩ; ﻭﺗﺤﺖ ﺃﻭاﻣﺮﻩ اﻟﺪﻳﻨﻴﺔ; ﻭﻣﻦ ﺑﻌﺪ ﺫﻟﻚ ﺗﺤﺖ ﺩﻳﻨﻪ اﻟﺠﺰاﺋﻲ; ﺃﻓﻴﻠﻴﻖ ﺑﻜﻢ ﺃﻥ ﺗﻜﻔﺮﻭا ﺑﻪ; ﻭﻫﻞ ﻫﺬا ﺇﻻ ﺟﻬﻞ ﻋﻈﻴﻢ ﻭﺳﻔﻪ ﻭﺣﻤﺎﻗﺔ؟!
ﺑﻞ اﻟﺬﻱ ﻳﻠﻴﻖ ﺑﻜﻢ ﺃﻥ ﺗﺆﻣﻨﻮا ﺑﻪ ﻭﺗﺘﻘﻮﻩ ﻭﺗﺸﻜﺮﻭﻩ ﻭﺗﺨﺎﻓﻮا ﻋﺬاﺑﻪ; ﻭﺗﺮﺟﻮا ﺛﻮاﺑﻪ.

📚تفسير السعدي
2024/06/12 23:39:11
Back to Top
HTML Embed Code: