كأنّها رسالة لنا!!؟

وأعظم ما يُفسد على المرء تفكيره أو يشوّه خياله، أن تخبره بكلّ شيء فلا تدع لتفكيره أو خياله مجالًا يجول فيه، ويخلق من الصّور ما تطمئن إليه نفسه.

علي الجارم
هاتف من الاندلس

| تُحِبُّ عَينَايَ أَن تَرَاكَ |

" في أزقّة القدس القديمة، وبين عبق جدران بلدتها، كنتُ أسير، والأفكار تنهش ما بقي من نفسي بخطفاتها، وقطع عملها صوت زاد من لوعة نفسي حتّى عَظُمَت الأفكار، وراحت بقيّة النّفس في صدى ذاك الصّوت. انبثّ مصدره من أمٍّ رؤوم تبثّ ما خفي من قلبها لابنها، عساها أن تستطيع أنّ تعبّر عن هذا القلب فتقول : " تعال يا صغيري أمامي، فعيناي تحبُّ أن تراك".

جاوزتهما لكنّ أذني لم تستطع أن تفعل، جاوزتهما وبقيت نفسي معلّقة بين كلماتها، وجال فكري في أهلي، ورحلت منّي إلى غزّة هناك، كم من امرأة تحبُّ ما أحبّت هذه؟ كم من طفل لاوع أسى الفقد جنانه مرّة بعد مرّة؟ كم من مكلوم لهف قلبه لمحبوب واراه البعد حتّى جهل مكانه؟

فاللّهمّ إنّي أبرأ إليك من هذا العجز والضّعف، وأعوذ بك من القهر. اللّهمّ ارحم ضعفهم، وعجّل يا ربّ خلاصهم.

#غزة

"

| فَتَشَبَّهُوا |

" عن زيد بن وهب، قال : قال لي ابن مسعود رضي الله عنه : يا زيد ابن وهب، لا تدع -إذا كان يوم الجمعة- أن تصلي على النّبيِّ ﷺ ألف مرّة...
"

| وَلَدِي الحَبِيبُ |

" طفلي الحبيب...
أكتب لك كلمات ولم تراك عيني بعد، أأكتبها لك لتكون لك شهادة على أيامي؟ أم أكتبها لك لتبصِّرك بقابل أيامك؟

ولدي الحبيب...
ها هي بلدك تمرُّ بحرب لم أرَ مثلها، ولم أرَ مثلنا معها يا صغيري! أعجب منّا كلّ العجب لمّا أراقب بصمت النّاس من حولي، أنتظر فجر كلّ يوم أنباء انتفاضة تشتعل في بلدي! لا رغبة في خراب حالها وأنا أنا من تربّى بخيراتها، ولكن، رجاء أن تبثَّ الرُّوح في هذا الجسد المصاب، ففي عضوه علّة، وما تداعى لها الجسد بعد!!

يا صغيري...
أنا اليوم أنبذ ما كان من أفعالي الماضية، وأخاطبك خطاب الأب المشفق لولده البار المصلح. يا ولدي، أخابرك أنّ هذا المحتل قد أحسن في تفريقنا كلّ الإحسان، حتّى بلغنا ثلاث أرباع عام ما تحرّك واحد منّا في نصرة نفسه، وأقول نفسه؛ لأنّ المصاب منّا، يبعدنا عنه ثقافة شُرِّبت للعقول النّائمة أنّ هذه غزّة وأنت مقدسي!!! هذه غزّة الّتي تملك سيادتها الخاصة!!! هذه غزّة الّتي رُميت من قاموس جغرافيتنا فنسيناها أعوامًا، وقتلناها بصمتنا اليوم!
والصّريح كلّ الصّراحة يا ولدي أنّي أبثك شكواي، وأخاطب سمعك وأنت هناك في ظلمتك، حتّى تدرك بسمعك النّاشئ، وبصرك الثّاقب الحقيقة، فتنشأ خلاف ما نشأت به أجيال سبقتك وكنتُ منهم.

يا مهجة قلب أبيك...
تأمّل ما قلته لك مرارًا، وقلِّب صفحة عقلك به، واعلم أنّي كتبت لك هذه الكلمات غير مبرر لعجزي، ولا راضٍ بصمتي، وإنّما كتبتها لك وأنا حيران آسفًا، مفوِّضًا إلى الملك الدّيّان حالي، متأسِّيًا بجدّك الأكبر يعقوب قائلًا : ﴿ إِنَّمَاۤ أَشۡكُوا۟ بَثِّی وَحُزۡنِیۤ إِلَى ٱللَّهِ﴾. فهذا أدب الحزن الّذي علّم القلب حقيقة الدّعاء، وآنسه بربّه وأوحشه من النّاس.

ليلة الاثنين
لمئتان واثنى عشر يومًا مرّت على معركة طوفان الأقصى...
"

والدّنيا مظلمة ملعونة إلّا ما طلعت عليه شمس الرّسالة.

شيخ الإسلام رحمه الله.
مجموع الفتاوى ج١٩، ص٩٣.

ذكر ابن قيّم الجوزيّة بعض فضائل إبراهيم ومحمّد ﷺ وعترتهم، ثمّ قال بعدها :

حقّ لأهل بيت هذا بعض فضائلهم وخصائصهم أن لا تزال الألسن رطبة بالصّلاة عليهم والسّلام والثّناء والتّعظيم، والقلوب ممتلئة من تعظيمهم ومحبّتهم وإجلالهم، وأن يعرف المصلّي عليهم أنّه لو أنفق أنفاسه كلّها في الصّلاة عليهم ما وفّى القليل من حقّهم،... .

ابن قيّم الجوزيّة رحمه الله وقدّس روحه
جلاء الأفهام في فضل الصّلاة والسّلام على خير الأنام ﷺ

لا شيء ألذّ للقلوب ولا أشهى ولا أحلى من محبّة خالقها، والأنس به، ومعرفته، وعلى قدر معرفتها بالله ومحبّتها له يكون ذكرها له.

تفسير السّعديّ