Telegram Web Link
بوسع الإنسان أن يظل صامتاً، ولكن دوماً ما كان الجمود يرافق الصمت في كل مكان وحين. وأسكت لأن الحيرة تكون قد أصابت عمق قلبي، فلا أجد جرأة للكلام. بينما معنى أن يتخذ المرء السكوت الذي يتجلى له حلاً واحداً بين الآلاف من الحلول الأخرى لن يكون ذو قابلية للتفسير، إلا أنه يطول فيما بعد، لأنه يتحول في داخله من الحيرة إلى الخجل، تحول يغير كل معانيه وتفسيراته، وهو يغير معه شعورنا تجاه كل شيء، حتى تتلوى يد الحيرة على نفسها وتتبخر، فما يعود موجوداً غير الخجل الذي يكبر ويكبر حتى يغطي كل شيء لضخامته.
لقد أفنيت في عمري صراعاً عقيماً مع الناس، حيث لم أجد من الناس من يتقبل محبتي، فصرت أتقيأ هذا القهر حتى أصاب الخفوت ملامح وجهي فما عدت غير كائن يبصر الكل في عينيه الجمود والخسارة.

ب.
هو لا يتحدث على الإطلاق لأنه لا يعرف كيف يقول لها: صباح الخير، مرحباً، كيف الحال.. ولا متى يقول ذلك.

دابادا - حسن مطلك
بعد سفر طويل.. حطت الفراشة
تنظر إلى المرج الذي يتفجر بالأزهار
هل تنسى هذه الشمس القديمة كل ما زرع بصمت؟

وهل كان كل ما مضى
بمشقاته الكثيرة كلها
بلياليه الطويلة الساهرة
غير أننا انتظرنا يوم راحتنا الأخير
حين نشعر حقاً أننا قد صرنا أحراراً أخيراً
بعد سفر طويلٍ، شاقٍ، ومتعب

قريباّ، سيغدو وجه هذا المرج أخضر ينبع بحياة لا تنقطع
وتنمو من قلبه أشجار خضراء
تثبت، تماماً كما تثبت أشجار الزيتون بعد أن زرعها الأجداد
واليد الدافئة، اليد الطيبة، ستظل طيبة
والقلب الذي فطر على الرحمة سيظل حاملاً للخير أينما حل

قريباً، ستخبرنا كل ورقة تنمو على أجسادنا أن ما قدمناه كان رائعاً أكثر مما يجب، وأننا واجهنا كل شيء، في سبيل إن نصل إلى ما نحن عليه الآن، وأن نمتن لذكرياتنا كلها، لأصغر تفاصيلنا التي عشناها، لأكثرها جمالاً، وللسيئة. ولما تبقى من الذكريات، لأنها جعلت منا ما نحن عليه اليوم، دون أن نميز بين أي شيء عشناه.

هو ذا، نور الله الهادئ ينبعث من قرارة قلوبنا، يمتزج بأرواحنا لنهدأ، ونقر ونستكين. يرفعنا عالياً نحو السماء المضيئة النيرة، مثل فراشة حطت لتهدأ لحظة، ثم تطير..

______
تسجيل للنص لمن أراد سماعه

Listen to فراشة by Bassam Zaki on #SoundCloud
https://on.soundcloud.com/6Pc7y
وأشكو التبجح الذي أسمعه، والقبح الذي يهاجمني، من كلمات طنينها دوماً مستمر، فأقابلها بصمت تعلمت أن أملأ به نفسي، "صمتٍ عميقٍ عمق مياه دجلة الجارية".

جبرا إبراهيم جبرا، شارع الأميرات
سألته: «إذن لماذا تخاف أنت أيضاً عندما نمر بالتينة وفي الليل؟»
هز رأسه وقال: ««لست أدري. يجب ألا نخاف، أنا وأنت ابتداءً من هذا المساء لن نخاف! اتفقنا؟»
قلت: «اتفقنا! لن نخاف!»

جبرا إبراهيم جبرا - البئر الأولى. متحدثاً عنه وعن أخيه.
مهما ابتعدت فلن تحل المسافات شيئاً.

كافكا على الشاطئ - هاروكي موراكامي
في هذا العالم سكون كبير، يدركه الإنسان ما إن يتخلى عن كل شيء. وفيه يضمحل شعور الإنسان بكل ما هو من حوله، فيمسي روحاً واحدة هو وكل نقاء خلقه الله في هذه الدنيا.

لربما تقود هذه العبارة إلى تساؤلات كثيرة عما أفكر به، والحق أني لا أعرف بمَ أفكر، إذ أني أجد نفسي في دوامة من الأفكار منذ عدة أيام. أخال أني فقدت علاقتي بما هو من حولي من تفاهات الأمور، وأني أمتزج بروح الحياة، بالخيط الأثيري النابع عن الجوهر لكل مشاعر حياتنا بصورة عامة.

تجرني الأيام إلى منحدرات صعبة، وليس ثمة ما أرسو عليه. أكتب هذه الرسالة بينما تتبدى السماء كلها أمام نظري، وتتحرك السحب بليونة فتغطي القمر وتظهره. تقودنا الحياة إلى ما هو أبعد من مشاعرنا هذه، تقودنا إلى هوة عميقة بلا قرار. وترمي على أكف أيادينا مهمة أن ننجو من كل هذه العواصف الهوجاء.

لقد كبرت. لقد آن لي أن أصبح الشخص الذي لطالما حلمت به بأن أكونه في الماضي. ولكن، ولسبب ما أجهله، يسقط علي كالصاعقة، أجد أن ذلك غير ممكن حدوثه الآن، ولا حتى في المستقبل. ولكني في المقابل أجدني ساكناً وقد قدّر لي أن تمتزج روحي بروح الطبيعة الممتدة، وبأفق السماء الذي لا ينحصر، وبحركة النسيم الدائمة. كل هذه الأقدار، انتهت في النهاية إلى أن تمزجني بالكامل بالتأمل.. هذا التأمل الذي يقود إلى سبيل واحدة، في نهايتها إدراك ملامح المشاعر المجردة.

"عليك أن تنجو من وسط تلك العاصفة الباطشة الميتافيزيقية الرمزية" يقول موراكامي. علينا أن ننجو إذن.. علينا أن ننجو. ولكن، ممَ ننجو، وأعيننا لا تكاد تدرك شيئاً بملامح تامة الأوصاف لنحدد هوياتها؟ علينا أن ننجو فحسب، ولا تهم تلك الطريقة التي نعيش بها حياتنا. ليس مهماً بأي طريقة يسلك الإنسان حياته، بقدر أهمية أن يسلك في النهاية مسلكاً حسناً.

ب ز
أحسست بغصة في فمي ولكنني لم أشعر بألم. لم أشعر إلا ببرودة تسري في أطرافي، وضباب رقيق يكتنفني. كان كل شيء ساكناً. لا عصفور يغرد في السماء، ولا ورقة تهتز على الأغصان. لا شيء سوى شعاع من الضوء مستقر في الأيكة وفوق الجبل. وفي وسط هذا السكون رقدت في هدوء.

راشومون - يونوسومي أكوناچاوا
عزَّت عليَّ مشاعري فدفنتُها

- ماجد عبد الله
من غسان كنفاني إلى غادة السمان
أذاكرٌ أنتَ وجهي إنهُ زمنٌ

عليه مرسومةٌ أيامنا الأوَلُ
أرى أنَّني في بُحورِ الظلام
وقدْ لفَّني كلَّ كربٍ وضيق

أرى أنَّ يومي وليدُ الأسى
وفي ظُلمةٍ نائمٌ لا يفيق
ربي إني أحاول، فأعني
وإني أسير، فتابع خطاي
2024/05/20 03:28:16
Back to Top
HTML Embed Code: