رغبة مُلحّة بالبكاء
تفرض نفسها على هذه الليلة
ولا أقوى أكثرَ على مقاومتها.

في حالاتٍ كتلك
لا يسعني إلّا الغرق بجروحي
في مستنقع الملح هذا.

أحب الحنان.. وكل ما قاربه، و شابهَهُ، و أفضَى إليه.

كان من المفترض
في مثل هذا المساء
أن نكون معًا

نحتفل —ربما— بعيد زواجنا الأول
أو بعيد ميلادك
ربما بذكرى لقائنا الأول
أو، في اندفاع الخيال، بمولودنا الأوّل

المنزل دافئ
والأضواء كذلك
اللون الأصفر يبعث على السكينة
وطاولة دائرية خشبية صغيرة
وزجاجتان من البيرة
وأم كلثوم تغنّي: ابتديت دلوقت بس أحب عمري

في هذه اللحظة تحديدًا
كان يجب أن نكون هناك
نضرب الزجاجتين ببعضهما —"تشيرز" جميلة—
ونحن نجلس في المطبخ

أضع قدمي على الكرسي وأستند عليها بيدي التي تحمل زجاجة البيرة
وفي فمي سيجارة أشعلتها حديثًا

وأنتِ
تقفين عند الفرن
تحضّرين بعض المعجّنات التي أحبها
أو ربما قالب حلوى لذيذ

نتحدث ونضحك
وكأن كل أحزان الأرض قد خلدت إلى النوم مبكرًا
وبقيت السعادة برفقتنا

كم هي جميلة فكرة العائلة
تداعب خيالي دائمًا

قمتِ بتسريح شعرك على شكل ذيل حصان
يتدلّى بشكل مدهش
لا شيء أجمل منك حين تفعلين ذلك

أقول لك:
إن للحياة حافلة
تأتي للناس الواقفين على المحطات
تعطيهم شيئًا بشكل عشوائي وتمضي

وفي حافلة الحياة
كنتِ أنتِ اختيارها لي
وكان أجمل خيارٍ حدث معي منذ زمن بعيد

لكن الحياة ليست عادلة كما هي في رأسي
فها نحن ذا
كلٌّ منّا في مكانٍ مختلف
كلٌّ منّا يشرب شيئًا مختلفًا
ويستمع إلى أغنية مختلفة

كان من المفترض
في مثل هذا المساء
أن أعترف لك بحبي من جديد
أن نرقص السالسا حفاة القدمين
ونتشارك السيجارة

في رأسي
صورةٌ لنا داخل إطارٍ صغير
تنبعث منها رائحة هذا المساء
وخلف الصورة
هناك أصوات ضحكاتنا
تدغدغ المسمار
وفي كل مرة
أخاف أن يضحك...
فنسقط.

#يعرب_معروف

إنني يا رئيفة رجلٌ معجون بالخوف؛ أخاف أن أقدَّم لكِ حبَّي فلا تأخذيه، وأخاف ألا أقدَّمه لكِ فأكون حكمتُ على نفسي أن أُراقبَكِ وأراقبَكِ، حتَّى يأخذكِ غيري.

أخافُ أن أكلَّمكِ فينسكبَ خوفي في حضورك، وأخافُ ألا أُكلَّمَكِ فيجف فيَّ الكلام وأنسى كيف أتكلَّم. أخافُ أن تدخلي حياتي فلا تُعجبكِ، وأخافُ ألاَّ تدخليها فلا تُعجبني. أخافُ أن تكوني معي فتبردي، وأخافُ ألاَّ أكون معكِ فأتحوَّل إلى تمثال من الجليد.

أخافُ أن تأتي وأكتشف أنَّني لم أستعدَّ كفايةً لاستقبالِك، وأخافُ ألاَّ تأتي فأنتظرَ بتهيُّئي لكِ طويلًا حتى أموت وحدي.

- السيدة التي حسبت نفسها سوسة.