‏تقول مايا انجلو أن كل شخص يحتاج إلى يوم يقضيه بعيداً عن كل شيء. يفصل فيه بوعي بين الماضي والمستقبل، يختار فيه ألّا يرى أي مشاكل، ولا يبحث عن أي حلول. ينسحب بإرادته -ليومٍ واحد- من الهموم الروتينية التي لم ولن تنتهي.
ليستوعب حقيقة أن قلقه لا يغير وتيرة الحياة كما يعتقد.
‏كنت أزعل لجل الروابط الغالية التي تضمحل، أشعر بأن عليّ محاولتها حتى النهاية، ومتى ما تحولت إلى"رابطة محكومة بالواجب فقط" شعرت بالادانة، ثم تدرك أن ثمة غلا "قابل للنهاية"، وإنك تسلّم كواجب وتسأل كواجب وتشارك أفراحهم كواجب وتواسيهم في الحزن كواجب.. الحضور والغلا الكثيف: مرحلة.
‏"كلّما كبرت أدركت أكثر لماذا قال يعقوب عليه السلام "إنما أشكُو بَثِّي وحزني إلى الله" لأن الناس لا يفهمون آلامنا ولا يمكنهم أن يواسونا ويخفّفوا عنّا كما يستطيع الله."
‏" حتى لو أني أمر مُعقد .. حاولني "
‏ودك إن الغالي اللي يدري بغلاه، ما يزوّد جراحه ويحفظ الود ولا يحدك على دربٍ ما ودك تمشيه، لكنها الحياة
‏السَعي في الأرض سنّة من سنن الكون، لهذا كثير مننا يتعب بس يوقف.. والسعي مو بالضرورة كرف وحفر الصخر، حتى بإنك تهذب نفسك، واخلاقك، وتعاملك مع البشر.. هذا سعي.
‏"وتولّني فإني لا أدري كيف تستمر هذه الحياة دون أن أشعر بلطفك يا رب."
‏وصية لأصحابي .. وإن سبقتُكم للطين الذي خلقنا منه خبّؤا سري وامسحوا زلاتي من قلوبكم وحدّثوا الله كثيراً عني .
‏ما عمري ارتبطت ارتباط وثيق يموّت مع الآخرين، تنتهي محبة وتبدأ أخرى، تفقد الصداقة وهجها ثم تنطلق أخرى، أبكي النهايات نعم لكنما أتصالح معها، يوجعني الفقد لكنّه يمضي، والحياة في تتابع رهيب واستمرارية غريبة، وجه وحيد ارتباطي به وثيق، غيابه موتي ووجوده صلتي بالحياة.. أمي فقط.
‏وغدًا ننسى
فلا نأسى
على ماضٍ تولى.
‏العزم إنك "تحاول الحياة مرة أخرى" بعد ما عطبتها معك، مستحيل إنه اجتهاد شخصي، أتوقع دعوة أم.
‏لما كنت صغير، تشعر برغبة أن يتذكرك الآخرون، أن تكون مرئي، أن وجودك ملموس، وحضورك جليّ، وقد ترتكب من الحماقات ما يجعلك ذلك، ولا أفهم.. كيف تتحول هذه الرغبة إلى ضدّها، في كل سنة نكبر فيها، تشعر أنك حُر حينما تُنسى، تخيفك فكرة أن تترك ذكرى وراءك، ومُعذَّب أنت بالحضور.
أظن هذي اللحظة الأروع على الإطلاق في حياة الإنسان، لما يصلّ نهاية الرحلة.. ويستذكر تفاصيلها: تعبها ألمها مشقتها يأسها، وبالرغم من ذلك كلّه.. نجى منها بانتصارات عظيمة، وعزم لا يكلّ، وأمل يتجدد، وطموح لا ينتهي، وأن مقدرته تفوق ظنّه، وانجازه يفوق تصوّره. جميل الفخر لا جاء منّك إليك.
‏شخص في بودكاست قال اقتباس جميل:
"طبيعي إن شغفك يتلاشى، و إن التوازن عندك يختل لمدة من الزمن، الآلات تتعطل والجدار يتصدع، فما بالك بالبشر اللي بيتعرضوا لظروف خارجة عن الإرادة؟ وبعدين كمل وقال"لا مانع من الإنطفاء، ولكن أحرص على ألا يستمر طويلًا، خذ استراحة مؤقتة ثم عاود الطريق".
‏أن نمضي العمر في طرق نمشيها ونحن نعرف وجهتنا، أن لا تخدعنا الوجوه التي نحبّ، وأن نعرف ما نودّ، أن نعرف ما نريد، وهذا كل ما نبتغي.
‏يلا معليه عادي اجدادنا دايم يقولون:
"تراها ماهيب دايم مرابيع وحيّاه"
‏أحبّ أمي، وأدرك أن محبتها فقط.. هي التي تنقذني من نفسي والحياة وظروفها وأحكامها وتعبها ومشقتها ونكدها وكيدها وغيظها. وحدها أمي محبة نبيلة، لا أخسر الرهان فيها. الله يخليهنّ لنا ذخر، وسدّ منيع، وقوة هائلة في الأرض عامدة ظهورنا.
‏لا تنتظر من الحياة إنها تقنعك، الآمال كلما تحققت.. كبر الطموح وزادت الأهداف، والطريق لا وصلت نهايته.. ابتدأ آخر، وهدف يجرّ هدف، وولع يجرّ آخر، وانت في ركض لا ينتهي، والرحلة عريضة. السعادات الصغيرة لابد منها، والأهل لابد لهم من العمر متسع، والخوّة ثمينة، وتقدير الراحة واجب.
‏«يا ليت العمر يتوقف على حالة هَنا جنبك» هذا الشعور يزاولني في كل مرة أقابل صديقي القديم الباقّ كما عهدته، بنفس الحنوّ والدفء والأريحية. لا خلا منك مكان، ولا عدم منك شعور.
‏ما عمري اتخذت الوحدة نمط، ولا الصمت أسلوب، ولا الركود طبع، أحبّ إني أكثر بالأحبة، أحبّ إني بموت ولا في صدري كلام، أحبّ توهجي بالحركة والحديث، وأحبّ قلبي حيّ متقد، ما قلّ عزمه ولا كلّ جهده.. يفاجئني بتكوينه دايم، أنا أفسرّ الصمت تعب، الوحدة كارثة، والركود فساد.
2024/05/02 18:43:43
Back to Top
HTML Embed Code: