Telegram Web Link
البُعدُ عن الأشياءِ يدفعكُ إلى أن تراها من حيثُ أنت، كم تبدو صغيرةً تلكَ الأشياءُ العملاقة- أو هكذا تراءت لَك-، الأمرُ لَم يتعلق يومًا بها، إنّهُ أنتَ دومًا وأينَ تقِفُ منها حين تبتعد، تُدرك أنّك ياللدهشة تستطيعُ العيشَ بدونها، تفقِدُ الأشياءُ تأثيرَها بالتعلّقٍ عليك، تبدو كما هي مجردةً من كلٍ بريقٍ ألبستُه نفسكَ إياها، وأحيانًا قد تبدو باهتةً و مملة تِلكَ الأمورُ التي كنتَ تقفزُ لأجلها، ابتعدتُ كثيرًا عن أمورٍ شتى، ومع كُل عودةٍ تتضائلُ الأشياءُ في نفسي، هناك براحُ ما في البُعد، فسحةَ يعبرُ منها الهواء، ثِقَلّ يخِفُّ من على القلب، مركزُ ما من مراكزِ الدماغِ يتوقفُ عن العمل، فتهدأُ الأفكارُ قليلاً في رأسك، فلا تعودُ تعبأُ أو تهتم، كمنطادٍ يَقطعُ حبالهُ شيئًا فشيئًا ويبتعدُ عن الأرض، فيسهُلُ على الهواءِ حمله، يُريدُ الطيران، لكن في داخلِهِ خوفُ ما من تسليم نفسه للرياح، تُرى إلى أين ستحملُه، هل سيكون وحيدًا أم ستؤنسهُ الطيور، وان كان يا تُرى يودُّ الهبوط هل ستقبلهُ أرض؟ أم أنّهُ في حقيقةِ الأمرِ لم يقُمْ إلاّ بنفي نفسِه !
لا يستطيع العقل المُفكّر أن يفهم "الحضور" وبالتالي يُحاول دائماً أن يسيء تفسيره، يقول لك إنك غير مُبال، وبعيد، ولا عاطفة لديك، ولا تتواصل، والحقيقة هي أنك تتواصل لكن على مستوى أعمق من الفكر والعاطفة، في الحقيقة عند هذا المستوى هناك تواصل فعلي، تضامن حقيقي، يتجاوز التواصل المألوف، في سكون "الحضور" يُمكنك أن تحسّ بالجوهر مُنعدم الشكل في ذاتك، وفي الطرف الآخر، على أنهُ واحد، معرفة الوحدة في ذاتك وفي الآخر هي حبّ حقيقي، واهتمام حقيقي، وتعاطف حقيقي لا يفهمه أكثر الناس .
إذا أردت أن تلتقط صورة لنفسك، فلتتصوّر وحدك، ولا تتصوّر في مكانٍ لك فيه حكاية، فكل صورة تجمع اثنين تنطوي على مصيدة مؤجلة للحنين، كل صورة يُمكنها أن تكون صيغةً موحشةً للعالم .
يسعى المرء بشكل جنوني إلى شيءٍ ما، ثم يتخلى عنه فجأة وسط الطريق دون أن يعرف لماذا، أو كيف .
كمن يعذب في المنتصف،
لم يرى نور الإنتصار، ولا رماد الهزيمة .
2025/07/07 12:52:01
Back to Top
HTML Embed Code: