❁ أوجه إثبات النبوات في سورة الفاتحة:
الحمدلله، وبعد:
ذكر ابن القيم (ت٧٥١) رحمه الله في (مدارج السالكين) تضمنَ سورة الفاتحة لثمانية أوجه في إثبات النبوات، وتلخيصها:
١. أن الله هو رب العالمين، والربُّ لا يليق به أن يترك عبادَه سدى وهملًا من غير تعريفٍ بما ينفع أو يضر، ولا يعرَّفون إلا بالرسل.
٢. أن الله هو المألوه المعبود، ولا سبيل إلى معرفة ألوهيته وعبوديته إلا برسله.
٣. أن الله هو الرحمن، ومقتضى رحمته منع إهمال عباده، ولا يتحقق إلا بالرسل.
٤. أن يوم الدين هو يوم الحساب الذي يُستحق فيه الثواب والعذاب، والله لا يعذب أحدًا قبل إقامة الحجة عليه، وإقامةُ الحجة لا تكون إلا بالرسل.
٥. أن ما يُعبَد به الرب لا يكون إلا على ما يحبه ويرضاه، وطريق التعبد لا يعرف إلا برسله، وربَط هذا الوجه بالتحسين العقلي.
٦. أن الهداية هدايةُ دلالةٍ وهدايةُ توفيقٍ، وهدايةُ التوفيق تكون بعد هداية الدلالة، وهدايةُ الدلالة لا تكون إلا بالرسل.
٧. أن المسؤول هو الصراط المستقيم، ولا يكون الطريق صراطًا إلا باستقامته، وإيصاله للمقصود، وقربه، وسعته المارِّين عليه، وتعيُّنه طريقًا للمقصود، وهذه حقيقة الصراط المستقيم.
٨. التمييز بين المنعَم عليهم وبين المغضوب عليهم والضالين، فالمنعَم عليهم من عرف الحقَّ واتبعه، والمغضوب عليهم من عرفه واتبع هواه، والضالين من جهل الحق، وهذه القسمة أوجبها ثبوت الرسالة، فيتفاضل الناس في ذلك بحسب علمهم واتباعهم، ولا يكون ذلك إلا بالرسل.

#العقيدة #القرآن

❁ الإقرار حجةٌ قضاءً إذا لم يخالف أمرًا ظاهرًا أو قرينةً قوية، والحاكم يتحقق من صحة إقرار المتداعيين:

— ابن القيم (ت٧٥١) ¦¦ الطرق الحكمية

#الفقه #تبصرة_الحكام

❁ أسماء الله الحسنى تقتضي آثارَها في العالم:
«ومنها: أن أسماءه الحسنى تقتضي آثارها اقتضاء الأسباب التامة لمسبباتها، فاسم (السميع البصير) يقتضي مسموعًا ومبصَرًا، واسم (الرزاق) يقتضي مرزوقًا، واسم (الرحيم) يقتضي مرحومًا، وكذلك اسم (الغفور) و (العفو) و (التواب) و (الحليم) يقتضي من يغفر له ويتوب عليه ويعفو عنه ويحلم عنه، ويستحيل تعطيل هذه الأسماء والصفات؛ إذ هي أسماء حسنى وصفات كمال ونعوت جلال وأفعال حكمة وإحسان وجود، فلا بد من ظهور آثارها في العالم، وقد أشار إلى هذا أعلمُ الخلق بالله صلوات الله وسلامه عليه، حيث يقول: [لو لم تذنبوا لذهب الله بكم، ولجاء بقومٍ يذنبون، ثم يستغفرون، فيغفر لهم]»

— ابن القيم (ت٧٥١) ¦¦ مدارج السالكين

#العقيدة

❁ العمل بالقرائن والأمارات الظاهرة وتقديمها على ما عداها:

— ابن القيم (ت٧٥١) ¦¦ الطرق الحكمية

#الفقه #تبصرة_الحكام

❁ أول من أطلق لقب «الحشوية» على أهل السنة والجماعة وغيرهم ممن يثبت الصفات والقدر في الجملة:

— شيخ الإسلام (ت٧٢٨) ¦¦ بيان تلبس الجهمية

#العقيدة

❁ عيب الصياغة بالنقل عن نظام آخر:
«غير أنه يلاحَظ أنَّ نصَّ المادة (٤) الآنفة الذكر يفرِّق بين الرَّشيد ومن بلغ سنَّ الرُّشد وإن كان يعترف لكل منهما بالأهلية التجارية...لذا فإننا نعتقد أنَّ نظامَ المحكمة التجارية لم يقصد التفرقة بين الرشيد ومن بلغ سن الرشد، وأنَّ المادةَ (٤) ليست سوى صياغة معيبة للمادة (١) من نظام المجلس التجاري والتي كانت تنصُّ صراحةً على أنَّ كلَّ من بلغ سنَّ الرُّشد وكان رشيدًا فله الحق في تعاطي مهنة التجارة»

— معالي د. محمد الجبر (ت١٤٢٧) ¦¦ القانون التجاري السعودي

#تبصرة_الحكام

❁ مسائل الاعتقاد التي اختلفت فيها الأمة من بعد وفاة رسول الله ﷺ إلى زمن ابن جرير:
«ثم إنه لم يزل من بعد مضيِّ رسول الله ﷺ لسبيله حوادث في كل دهرٍ تحدث، ونوازل في كل عصر تنزل، يفزع فيها الجاهل إلى العالم فيكشف فيها العالمُ سُدَفَ الظلام عن الجاهل بالعلم الذي آتاه الله وفضَّله به على غيره؛ إما من أثرٍ وإما من نظرٍ، فكان من قديم الحادثة بعد رسول الله ﷺ في الحوادث التي تنازعت فيه أمته: اختلافها في أفضلهم بعده ﷺ وأحقهم بالإمامة وأولاهم بالخلافة، ثم القول في أعمال العباد طاعتها ومعاصيها، وهل هي بقضاء الله وقدره أم الأمر إليهم في ذلك المبهم مفوَّض؟ ثم القول في الإيمان هل هو قول وعمل أم هو قول بغير عمل؟ وهل يزيد وينقص أم لا زيادة له ولا نقصان؟ ثم القول في القرآن هل هو مخلوق أو غير مخلوق؟ ثم رؤية المؤمنين ربهم تعالى يوم القيامة، ثم القول في ألفاظهم بالقرآن، ثم حدث في دهرنا هذا حماقات خاض فيها أهل الجهل والعياء ونوكى الأمة والرعاع، يتعب إحصاؤها، ويُمِلُّ تعدادها، منها القول في اسم الشيء أهو هو أم هو غيره؟»

— الإمام الكبير محمد بن جرير الطبري (ت٣١٠) ¦¦ عقيدته المسماة بـ «صريح السنة»، وهي متواترة عنه ثابتة.

#العقيدة #مقدمات_العلوم

❁ الاعتقاد المرضي عند الإمام ابن جرير الطبري هو اعتقاد إمام أهل السنة والجماعة أحمد بن حنبل:
«وأما القول في ألفاظ العباد بالقرآن؛ فلا أثر فيه نعلمه عن صحابيٍّ مضى ولا تابعيٍّ قفى، إلا عمن في قوله الغناء والشفاء رحمة الله عليه ورضوانه، وفي اتِّباعه الرشد والهدى، ومن يقوم قولُه لدينا مقام قول الأئمة الأولى: الإمام المرتضى أبي عبدالله أحمد بن محمد بن حنبل رضي الله عنه، فإن أبا إسماعيل الترمذي حدثني قال: سمعت أبا عبدالله أحمد بن حنبل يقول: (اللفظية جهمية، يقول الله جلَّ اسمُه: ﴿حَتّى يَسمَعَ كَلامَ اللَّهِ﴾ فممن يسمع؟!) ثم سمعتُ جماعةً من أصحابنا لا أحفظ أسماءهم يذكرون عنه أنه كان يقول: (من قال: لفظي بالقرآن مخلوق فهو جهمي، ومن قال: هو غير مخلوق فهو مبتدع) ولا قول في ذلك عندنا يجوز أن نقوله غير قوله، إذ لم يكن لنا فيه إمام نأتم به سواه، وفيه الكفاية والمقنع، وهو الإمام المتبع، رحمة الله عليه ورضوانه»

— ابن جرير الطبري (ت٣١٠) ¦¦ صريح السنة

#العقيدة #القرآن #عقائد_الحنابلة #أنوار_الأوائل

❁ متانة الفقه الإسلامي وصلاحيته في معالجة الإجراءات:
«وفقهنا الإسلامي يعتمد أصولًا قادرةً على معالجة كلِّ نازلةٍ إجرائية، وهو مع ذلك يحمل كلَّ مقوِّمات النمو لكل ما فيه حمايةُ الحقوق وتسهيلُ الأداء مع الضبط والإتقان، ولقد اشتمل فقهُنا الإجرائيُّ في الإسلام على فروعٍ لم يعتنِ بها الفقه الإجرائي في القانون الوضعي رغم أهميتها الإجرائية، من ذلك ما ذكره رئيس محكمة النقض المصرية سابقًا الأستاذ جمال صادق المرصفاوي إذ قال: (لم تهتم القوانين الوضعية بوضع الضوابط لترتيب الخصومات) ومن ذلك أن ضوابط تمييز المدعي من المدعى عليه لم تُولِها القوانينُ الوضعيةُ اهتمامًا، بينما بسَطَها فقهاءُ الشريعة بما يتلاءم مع أهميتها»

— عبدالله ابن خنين ¦¦ سير الدعوى القضائية

#الفقه #تبصرة_الحكام

❁ اجتهاد المجتهدين مقطوعٌ به في كتاب الله تعالى:
«وقد خطر لي هاهنا فائدةٌ، وإن لم تكن مما نحن فيه، لكن لمناسبة اللفظ والحديث ذو شجون والشيء يذكر بالشيء، وهي أنَّ اجتهادَ المجتهدين في الأحكام مقطوعٌ به في كتاب الله عز وجل، وذلك في قوله تعالى: ﴿وَكُلَّ شَيءٍ فَصَّلناهُ تَفصيلًا﴾، فهذه قضيةٌ عامةٌ تتناول الأحكامَ الشرعية؛ لأنها أشياء، فتقتضي أنها مفصلةٌ في الشرع، ثم إنا نرى كثيرًا من الأحكام غير مفصَّل، لا في كتاب الله ولا في سنة رسوله ﷺ ولا في كلام الأئمة، إذ قد تقع حوادث غرائب ليس لهم فيها كلام، فدلَّ على أن اللهَ سبحانه وتعالى أحال بالتفصيل على مجتهدي كلِّ عصرٍ، فكلُّ مجتهد مطلق أو مقيد تمسَّك في حكمٍ بما يصلح أن يتمسك به مثله في ذلك الحكم كان ما أفتى به حكمًا من الله تعالى وتفصيلًا منه بمقتضى النصِّ المذكور، ولا يرد على هذا الاستدلال أن يقال: إن قوله: ﴿وَكُلَّ شَيءٍ فَصَّلناهُ تَفصيلًا﴾ عامٌّ مخصوصٌ أو علمنا تفصيله وإن لم نذكره في الكتاب، لكن هو تخصيصٌ وتأويلٌ يحتاج إلى دليلٍ»

— نجم الدين الطوفي (ت٧١٦) ¦¦ شرح مختصر الروضة

قال ابن بدران (ت١٣٤٦) في (نزهة الخاطر العاطر) معلِّقًا على كلام الطوفي: «قلتُ: إذا أمعنتَ النَّظرَ علمتَ السرَّ في قول أصحابنا: لا يجوز خلوُّ العصر عن مجتهدٍ كما سيأتي في محله وأن القولَ بسدِّ باب الاجتهاد خطأٌ فاضحٌ».

#أصول_الفقه

❁ أول من قاس قياسًا فاسدَ الاعتبار هو إبليس:

— محمد الأمين الشنقيطي (ت١٣٩٣) ¦¦ مذكرة أصول الفقه

#أصول_الفقه #العقيدة

❁ أنواع معية الله تعالى:
«فإنَّ المعيَّة نوعان: عامَّةٌ: وهي معيَّة العلم والإحاطة، كقوله تعالى: ﴿وَهُوَ مَعَكُم أَينَ ما كُنتُم﴾، وقولِه: ﴿ما يَكونُ مِن نَجوى ثَلاثَةٍ إِلّا هُوَ رابِعُهُم وَلا خَمسَةٍ إِلّا هُوَ سادِسُهُم وَلا أَدنى مِن ذلِكَ وَلا أَكثَرَ إِلّا هُوَ مَعَهُم أَينَ ما كانوا﴾، وخاصَّةٌ: وهي معيَّة القرب، كقوله: ﴿إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذينَ اتَّقَوا وَالَّذينَ هُم مُحسِنونَ﴾، ... ﴿وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ المُحسِنينَ﴾، فهذه معيَّة قربٍ تتضمَّن الموالاة والنصر والحفظ، وكلا المعيَّتين مصاحَبةٌ منه للعبد، لكنَّ هذه مصاحبة اطِّلاعٍ وإحاطة، وهذه مصاحبة موالاةٍ ونصرٍ وإعانة»

— ابن القيم (ت٧٥١) ¦¦ مدارج السالكين

#العقيدة

❁ أحوال أمصار الإسلام في ظهور البدع:
«فأما الأعصار الثلاثة المفضلة فلم يكن فيها بالمدينة النبوية بدعةٌ ظاهرةٌ البتة ولا خرج منها بدعةٌ في أصول الدين البتة كما خرج من سائر الأمصار، فإنَّ الأمصارَ الكبارَ التي سكنها أصحابُ رسول الله ﷺ وخرج منها العلم والإيمان خمسة: الحرمان، والعراقان، والشام؛ منها خرج القرآنُ والحديثُ والفقهُ والعبادةُ وما يتبع ذلك من أمور الإسلام، وخرج من هذه الأمصار بدعٌ أصوليةٌ غير المدينة النبوية، فالكوفةُ خرج منها التشيُّعُ والإرجاءُ وانتشر بعد ذلك في غيرها، والبصرةُ خرج منها القدر والاعتزال والنسك الفاسد وانتشر بعد ذلك في غيرها، والشامُ كان بها النصب والقدر، وأما التجهم فإنما ظهر من ناحية خراسان وهو شر البدع، وكان ظهور البدع بحسب البعد عن الدار النبوية»

— شيخ الإسلام ابن تيمية (ت٧٢٨) ¦¦ مجموع الفتاوى

#العقيدة #الملل_والنحل #مقدمات_العلوم

❁ إلحاق المنطق بالأصول:
«ولم نعلم أحدًا تابع أبا حامد (ت٥٠٥) من المتأخرين على إلحاق المنطق بالأصول إلا ابن الحاجب (ت٦٤٦)، وحسبك من ذلك أن الإمام فخر الدين (ت٦٠٦) الذي هو إمام المتأخرين في المنطق والكلام ولم يذكر في كتبه الأصولية شيئًا منه»

— نجم الدين الطوفي (ت٧١٦) ¦¦ شرح مختصر الروضة

#المعقولات #أصول_الفقه

❁ ترتيب أبواب أصول الفقه:
«وقد رتب جماعة من الأصوليين أصول الفقه ترتيبًا حسنًا، فمنهم الشيخ الإمام أبو حامد الغزالي (ت٥٠٥) رحمه الله على ما حكينا عنه، ومنهم الشيخ سيف الدين الآمدي (ت٦٠٦) رحمه الله في «المنتهى» وغيره، فإنه رتبه على أربعة أصول: الأول: في تحقيق مبادئه، الثاني: في الدليل وأقسامه وأحكامه، الثالث: في أحوال المجتهدين والمفتين والمستفتين، الرابع: في ترجيحات طرق المطلوبات، وهو ترتيب مختصر جامع انتظم جميع ما يحتاج إليه في هذا العلم»

— نجم الدين الطوفي (ت٧١٦) ¦¦ شرح مختصر الروضة

وهذا المنشور له تعلق بهذا المنشور.

#أصول_الفقه

❁ وجوب أداء الحق فورًا:
«ومتى طُولِبَ بحقٍّ وجَب عليه على الفور، كردِّ المغصوب، ولا يحلُّ له أن يقول: «لا أدفعه إلا بالحكم»؛ لأن المطلَ ظلمٌ، ووقوف الناس عند الحاكم صعبٌ»

— شهاب الدين القرافي (ت٦٨٤) ¦¦ الفروق

#تبصرة_الحكام

❁ أقسام الموجودات باعتبار كمالها:

— نجم الدين الطوفي (ت٧١٦) ¦¦ شرح مختصر الروضة

#المعقولات #منتقى_الفصول

❁ أهدى هذه الأمة سلفها:
«لا يأتي آخرُ هذه الأمة بأهدى مما كان عليه أولها، ولا هم أعرف بالشريعة منهم»

— الإمام الشاطبي (ت٧٩٠) ¦¦ الموافقات

#العقيدة #أصول_الفقه #أنوار_الأوائل

❁ تعلق علم أصول الفقه بعلوم اللغة وحاجة الأصولي لها:
«ثم إن ترتيب ابن قدامة هذا حسنٌ، إلا أنه لو قدَّم البابَ الذي في تقاسيم الكلام والأسماء واللغات وجعله في الباب الأول لكان أولى كما فعل أبو إسحاق الشيرازي في (شرح اللمع)، والإمام الرازي في (المحصول)، والبيضاوي في (المنهاج)، والقرافي في (شرح تنقيح الفصول) وغيرهم؛ وذلك لأن علم أصول الفقه متوقف على معرفة اللغة؛ لورود الكتاب والسنة بها، والكتاب والسنة هما أدلة أصول الفقه، فمن لم يعرف اللغة لا يمكنه استخراج الأحكام من الكتاب والسنة»

— أ. د. عبدالكريم النملة (ت١٤٣٥) ¦¦ إتحاف ذوي البصائر

قلتُ: ما ذكره الشيخ رحمه الله ورضي عنه صحيحٌ وحقٌّ لا مرية فيه، إلا إن استدلاله بكون علم الأصول مستمَدًّا من الكتاب والسنة على تعلق علم أصول الفقه بعلم اللغة وتوقفه عليها وحاجة الأصولي له؛ ليس بقويٍّ؛ لأن الاستمداد من الكتاب والسنة لا يختص بأصول الفقه؛ فإن علومَ الشريعة كلَّها بل وعلوم اللغة مستمَدَّةٌ من الكتاب والسنة، فكل طالب علمٍ من علوم الشريعة محتاجٌ إلى علوم اللغة بالنظر إلى هذا الاعتبار.
والأولى من استدلاله بالاستمداد هو استدلاله بالوظيفة الأصولية؛ لأن وظيفة علم الأصول أقوى في إبانة تعلق علم الأصول باللغة واتصاله بها وحاجة الأصولي لها من الاستمداد، فإن من أهم أبواب هذا العلم الذي تظهر فيه وظيفة هذا العلم وتُعمَل فيه قواعده وهو ميدانه الرحب: باب دلالات الألفاظ، ولا شك أنه متعلق تعلُّقًا أصيلًا بعلم اللغة، وكذلك باب تقاسيم الكلام واللغات، وباب القياس -لا سيما مسالك العلة-، وغير ذلك مما له اتصالٌ بعلم اللغة، فكان الأولى الاستدلال بهذا -وهو وظيفة علم الأصول- لاختصاصه بعلم الأصول عن سائر العلوم، وهذا قد يفيده قول الشيخ رحمه الله: «فمن لم يعرف اللغة لا يمكنه استخراج الأحكام من الكتاب والسنة»؛ فإن استخراج الأحكام من وظيفة علم الأصول وإعمال قواعده.
وقد يقال: إن الشيخ لم يقصد إلا بيان أن تحصيل علم الأصول من حيث هو علم لا يكون إلا بمعرفة جملة من علم اللغة، فتكون وسيلةً إليه، والوسيلة تقدم.
وقد يقال: إن الشيخ في هذا الموطن لا شأن له بباقي العلوم؛ لأنه يؤلف كتابًا في علم الأصول، فلا معنى لذكر أوجه الاشتراك والانفراد بينه وبين باقي العلوم وما يتأثر به أو يؤثر فيه.
وقد يقال: إن الشيخ لم يهمل وجهًا من هذين، بل كلامه متضمن لهما، وأخَّر استدلاله بوظيفة علم الأصول لتأخرها عن التحصيل، فإنها لا تكون إلا بعد استمداد هذا العلم وقيامه وتحصيله.

والله أعلم.

#لسان_العرب #أصول_الفقه #سوانح_القرائح

وذو القلب المصاب ولو تعزَّى
مشوقٌ حين يلقى العاشقينا

— عمر بن أبي ربيعة

#أشعار_العرب