Telegram Web Link
لا يزال عالقًا في الأحد، بينما انتقل العالم كله إلى يوم الاثنين. يخشى أن يتحول الأسبوع إلى سبعةٍ آحاد، يخشى أكثر أن تختلط عليه الآحاد فلا يعود قادرًا على تمييز الأحد الذي يعقبه الاثنين، فتدوم الآحاد الملعونة أسبوعًا آخر.
كلما اقتربت الساعة من الثانية عشرة ليلاً فكَّر في القفز من نافذة الأحد، وليحدث ما يحدث، غير أنه في الحقيقة يخاف أن يرتطم بالجمعة. أن يعلق بالأحد أرحم بكثير من أن يعلق بالجمعة. إذا كانت جمعة واحدة في الأسبوع لا تطاق، فما بالك بسبع جُمعٍ غليظة؟
مضت الآحاد الشاقّة أخيرًا، وجاء بصعوبة الأحد المنتظر. في ذلك الأحد الثامن على التوالي كان قد تآلف مع الآحاد وبات من الصعب عليه أن يخرج منها إلى الاثنين أو حتى إلى الخميس.
ثمة طريقةٌ واحدة فقط لكي يدوم الأحد إلى الأبد، لكنه ليس من أولئك الذين يرون في كل سقفٍ مشنقة. اقتربت الثانية عشرة ليلا وصار عليه أن يختار إما الأحد أو الاثنين. السبت؟ ليس من خياراته للأسف. الأحد أو الإثنين؟ الأحد أو الإثنين؟ الأحد أو الإثنين؟
فات الأوان وانتهى الأحد، ويا للقشعريرة التي تغمره الآن. لم يأتٍ الاثنين ولاحتى الجمعة. هذا يومٌ غريب لم يعشه من قبل. متى تأتي الثانية عشرة وينتهي كل هذا؟ ينظر إلى الساعة، فيجد مكانها التقويم، يقلب صفحاته، فتطير الأيام مثل وطاويط فزعة.
كانت شخصيته تشبه الصدى إلى حدّ بعيد. كان ميّالاً إلى الصمت والخجل ولكنه، بالرغم من ذلك، لا يتأخر عن الظهور حين يحين الوقت ولا يتلعثم أبداً. ربما كان التكرار مشكلته الوحيدة ولكنه تغلب عليها بمرور الوقت بل صار يستعذبها ولم يعد يشعر بألم في الحلق أو حشرجةٍ في الصدر. كان يظن أنها موهبة حقيقية وإن افتقرت إلى شيءٍ من الأصالة والإبداع ‏فالبعض في النهاية يعيش بلا مواهب وقد تقوده يوماً ما إلى النجاح وربما الشهرة. كان بارعاً فقط في الأدوار الثانوية لذا لم يلعب أبداً دور البطولة حتى في حياته الخاصة.
قبل سنين بعيدة فكرّت بالهجرة ، و لا تسألوني إلى أين ، لأني أيضًا لا أعرف ، كانت لحظة غضب طفولة ، كنت أظن في هذه الفكرة نسيان ما يجعلني أفكر به ، أخبرت أصدقائي المقربين فضحكوا بسخرية : أهبل ، هنا انتهى كل شيء ، و بعد سنين شعرت فعلًا بأنهم على حق ، كنت كما وصفوني لأني ذكّرتهم بعد هذه السنوات بالفكرة البعيدة ذاتها فأنكسوا رؤوسهم بما يشبه الخيبة و قالوا أيضًا : أهبل.
يبقى للكلمة الحقيقية، شكلها الخاص حتى وهي محشورة بين حشد من الجمل المزيفة.
كانت كاملة لدرجة أنها كانت الجميلة والوحش معًا.
بالخيال يمكن لنافذتك أن تصبح نافذة طائرة أو قطار.
Les Arts suppliants le Destin d’épargner Mme de Pompadour - Carle Vanloo
Loggia dei Lanzi, Firenze, Italy.
كَيف يمكنك التصرف بهذه الإعتيادية ، وأنتِ محاطةٌ بكلِ هذا الجمال ، كيف تنظرين لعينيكِ في المرآة فلا تغرمين بها ، رموشك الطويلة ،نظراتك الحنونة الباردة أحقاً لا تذهبين في عوالم أُخرى عند رؤيتها ؟ أتلاحظين تفاصيلكِ كما ألاحظها ؟ ،ابتسامتكِ الآخاذة ، صوتُ ضحكتكِ وكأنها ترنيمات سماوية ، هاتان اليدان الصغيرتان ، ناعمتان كقطعٍ من حرير ، كل تفاصيلكِ رقيقة ، صغيرة مثلكِ تماماً ، عبيرك الفواح كعبقٍ من الجنة ، أيمكن أن يراكِ ملحد ولا يؤمن بالخالقِ العظيم ، لا يؤمن بالجنة ، حتى بعد أن رأى حوريةً قد تسللت منها ؟
مشاهد الخريف تستفزني.
شحوبك الجميل يستفزني.
و الشفة المشقوقة الزرقاء.. تستفزني.
و الحلق الفضي في الأذنين ..يستفزني.
و كنزة الكشمير..
و المظلة الصفراء و الخضراء..تستفزني.
جريدة الصباح..
مثل امرأة كثيرة الكلام تستفزني.
رائحة القهوة فوق الورق اليابس..
تستفزني..
فما الذي أفعله ؟
- Eternal Sunshine of the Spotless Mind (2004).
كنت أعد لكِ الكمائن بمقربة بيتكِ ..
في الشارع الذي تعبرينه لأكثر من مرة ..
على عتبة قلبي حين تمرين سريعاً بداخلي ..
لم أفلح قط في اصطيادكِ ..
كنتِ تتجاوزين الكمائن معصبة العينين ..
وكنتُ أفضل الجلوس خائباً في بهو روحكِ .. أتشاجر مع ظلكِ .. مع صوتكِ .. أختنق كلما تنفست بصعوبة، وفي الظلام حين يسرقكِ الليل .. أخرج وحيداً إلى العالم ..
أجمع فشلي، ألملم إخفاقي وأعود للبيت منكسراً مثل غصن هش ..
2024/05/15 16:49:54
Back to Top
HTML Embed Code: