Telegram Web Link
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
قال الله تعالى: {وَعَدَ اللهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِّنَ اللهِ أَكْبَرُ} [(٧٢) سورة التوبة]

رضوان من الله يُحله على أوليائه، هو أكبر من نعيم الجنة ـ أي ـ أكبر ممَّا في الجنة من أنواع النعيم من المطاعم، والمشارب، والملابس، ونحوها.

📚 توضيح مقاصد العقيدة الواسطية
الشيخ عبدالرحمن البراك

https://www.tg-me.com/kllaam
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
قال تعالى:- { إِنَّ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّٰلِحَٰتِ سَيَجۡعَلُ لَهُمُ ٱلرَّحۡمَٰنُ وُدّٗا }
[سُورَةُ مَرۡيَمَ: ٩٦]


هذا من نعمه على عباده، الذين جمعوا بين الإيمان والعمل الصالح، أن وعدهم أنه يجعل لهم ودا، أي: محبة وودادا في قلوب أوليائه، وأهل السماء والأرض، وإذا كان لهم في القلوب ود تيسر لهم كثير من أمورهم وحصل لهم من الخيرات والدعوات والإرشاد والقبول والإمامة ما حصل، ولهذا ورد في الحديث الصحيح: " عَنْ  أَبِي هُرَيْرَةَ  رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى إِذَا أَحَبَّ عَبْدًا نَادَى جِبْرِيلَ : إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَبَّ فُلَانًا فَأَحِبَّهُ. فَيُحِبُّهُ جِبْرِيلُ، ثُمَّ يُنَادِي جِبْرِيلُ فِي السَّمَاءِ : إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَبَّ فُلَانًا فَأَحِبُّوهُ. فَيُحِبُّهُ أَهْلُ السَّمَاءِ، وَيُوضَعُ لَهُ الْقَبُولُ فِي أَهْلِ الْأَرْضِ ".

وإنما جعل الله لهم ودا،لأنهم ودوه، فوددهم إلى أوليائه وأحبابه.

#تفسير_السعدي

https://www.tg-me.com/kllaam
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
ﻗﺎﻝَ ﺻﻠّﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠّﻢ : ‏( ﺍﻟﺼّﻼﺓُ ﻧﻮﺭٌ ‏)

ﻓﻬﻲ ﻧﻮﺭٌ ﻟﺼﺎﺣﺒﻬﺎ : ﻓﻲ ﻗﻠﺒﻪِ ﻭﻭﺟﻬﻪِ، ﻭﻓﻲ ﺧُﻠُﻘﻪ، ﻭﻓﻲ ﻗﺒﺮﻩ، ﻭﻓﻲ ﺁﺧﺮﺗﻪ، ﻭﻋﻠﻰ ﺍﻟﺼّﺮﺍﻁ
- ﻗﺎﻝ ﺗﻌﺎﻟﻰ : { ﻳَﻮْﻡَ ﺗَﺮَﻯ ﺍﻟْﻤُﺆْﻣِﻨِﻴﻦَ ﻭَﺍﻟْﻤُﺆْﻣِﻨَﺎﺕِ ﻳَﺴْﻌَﻰ ﻧُﻮﺭُﻫُﻢْ ﺑَﻴْﻦَ ﺃَﻳْﺪِﻳﻬِﻢْ ﻭَﺑِﺄَﻳْﻤَﺎﻧِﻬِﻢْ } ‏[ ﺍﻟﺤﺪﻳﺪ 12: ‏] ،
ﻭﺣﻆّ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻣِﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻨّﻮﺭ : ﺑﺤﺴﺐ ﺣﺎﻟﻪ ﻓﻲ ﺻﻼﺗﻪ .

الشيخ عبد الرحمن البراك
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
دَخَلَ عُثْمَانُ بنُ عَفَّانَ المَسْجِدَ بَعْدَ صَلَاةِ المَغْرِبِ، فَقَعَدَ وَحْدَهُ، فَقَعَدْتُ إلَيْهِ فَقالَ: يا ابْنَ أَخِي، سَمِعْتُ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ يقولُ: مَن صَلَّى العِشَاءَ في جَمَاعَةٍ فَكَأنَّما قَامَ نِصْفَ اللَّيْلِ، وَمَن صَلَّى الصُّبْحَ في جَمَاعَةٍ فَكَأنَّما صَلَّى اللَّيْلَ كُلَّهُ.
الراوي : عثمان بن عفان | المحدث : مسلم | المصدر : صحيح مسلم | الصفحة أو الرقم : 656 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
  
ضاعَفَ اللهُ عزَّ وجلَّ ثَوابَ صَلاةِ الجَماعةِ حتَّى فاقَتِ صَلاةَ الَفردِ بسَبعٍ وعِشرينَ درَجةً، وتَزدادُ فَضيلتُها إذا كانت في اللَّيلِ؛ لقُربِها مِنَ الإخْلاصِ للهِ تعالَى، فهي مِن أعظَمِ القُرباتِ إلى اللهِ.

وفي هذا الحَديثِ يَرْوي التَّابِعيُّ عبدُ الرَّحْمنِ بنُ أَبي عَمْرةَ أنَّ عُثمانَ بنَ عفَّانَ رَضيَ اللهُ عنه دخَلَ المسجدَ بعْدَ صَلاةِ المَغرِبِ، فقعَدَ وحْدَه يَنتظِرُ دخولَ وقتِ صَلاةِ العِشاءِ، فيُصلِّيها في جماعةٍ، قال عبْدُ الرَّحمنِ: «فقعَدْتُ إليه»، وكأنَّه قعَدَ لِيتعلَّمَ منه ويَسألَه عن سَبَبِ جُلوسِه وانتِظارِه، فقال له عُثمانُ رَضيَ اللهُ عنه: «يا ابنَ أخي» أرادَ أُخوَّةَ الإسْلامِ، لا أُخوَّةَ النَّسبِ، «سَمِعتُ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يقولُ: مَن صلَّى العِشاءَ في جَماعةٍ فكأنَّما قامَ نِصْفَ اللَّيلِ»، أي: أجْرُه كأجْرِ مَنِ اشتَغَلَ بالعِبادةِ مِن أوَّلِ اللَّيلِ إلى نِصفِه وأحْياهُ بالصَّلاةِ والذِّكرِ،

«ومَن صلَّى الصُّبحَ في جَماعةٍ فكأنَّما صلَّى اللَّيلَ كلَّهُ»
فأجْرُه كأجْرِ مَنِ اشتَغَلَ بالعِبادةِ اللَّيلَ كُلَّه، وأحْياهُ بالصَّلاةِ والذِّكرِ، فأجْرُ صَلاةِ الفَجرِ في جماعةٍ ضِعفُ صَلاةِ العِشاءِ في جماعةٍ، وهذا يدُلُّ على أنَّ قِيامَ الصُّبحِ أفضَلُ مِن قِيامِ العِشاءِ؛ لأنَّ الفَجرَ أشقُّ وأصعَبُ على النَّفْسِ، وأشدُّ على الشَّيطانِ؛ فالَّذي دخَلَ في النَّومِ ثمَّ قامَ أصعَبُ ممَّن أرادَ الدُّخولَ في النَّومِ.

أوِ المَعنى: أنَّ كُلًّا منهما يقومُ مَقامَ نِصفِ ليلةٍ، وإنَّ اجْتماعَهما يقومُ مَقامَ ليلةٍ، فمَن صلَّى العِشاءَ والفَجرَ في جماعةٍ كأنَّما صَلَّى اللَّيلَ، كما في رِوايةِ أبي داودَ والتِّرمذيِّ: «مَنْ شَهِدَ العِشَاءَ فِي جَمَاعَةٍ كَانَ لَهُ قِيَامُ نِصْفِ لَيْلَةٍ، وَمَنْ صَلَّى العِشَاءَ وَالفَجْرَ فِي جَمَاعَةٍ كَانَ لَهُ كَقِيَامِ لَيْلَةٍ».


وعلى كُلٍّ؛ ففي هذا حضٌّ وتَرغيبٌ في المُحافَظةِ على صَلاتَيِ الصُّبحِ والعِشاءِ في جماعةٍ.

ولعلَّ تَخصيصَهما بهذا الفَضلِ للمَشقَّةِ الموْجودةِ في حُضورِ المساجِدِ فيهما؛ منَ الظُّلمةِ، وكونِ وَقتِهما وقتَ راحةٍ، أو غَلَبةِ نومٍ، أو خَلْوةٍ بأهاليهم.


#وفي_الحديث:
بَيانُ اختِصاصِ بَعضِ الصَّلواتِ بفَضلٍ لا يُشاركُها فيهِ غيرُها.

🌐الدرر السنية
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
عَنْ عبدِ اللهِ، قالَ: مَن سَرَّهُ أَنْ يَلْقَى اللَّهَ غَدًا مُسْلِمًا، فَلْيُحَافِظْ علَى هَؤُلَاءِ الصَّلَوَاتِ حَيْثُ يُنَادَى بهِنَّ، فإنَّ اللَّهَ شَرَعَ لِنَبِيِّكُمْ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ سُنَنَ الهُدَى، وإنَّهُنَّ مَن سُنَنَ الهُدَى، ولو أنَّكُمْ صَلَّيْتُمْ في بُيُوتِكُمْ كما يُصَلِّي هذا المُتَخَلِّفُ في بَيْتِهِ، لَتَرَكْتُمْ سُنَّةَ نَبِيِّكُمْ، ولو تَرَكْتُمْ سُنَّةَ نَبِيِّكُمْ لَضَلَلْتُمْ، وَما مِن رَجُلٍ يَتَطَهَّرُ فيُحْسِنُ الطُّهُورَ، ثُمَّ يَعْمِدُ إلى مَسْجِدٍ مِن هذِه المَسَاجِدِ، إلَّا كَتَبَ اللَّهُ له بكُلِّ خَطْوَةٍ يَخْطُوهَا حَسَنَةً، وَيَرْفَعُهُ بهَا دَرَجَةً، وَيَحُطُّ عنْه بهَا سَيِّئَةً، وَلقَدْ رَأَيْتُنَا وَما يَتَخَلَّفُ عَنْهَا إلَّا مُنَافِقٌ مَعْلُومُ النِّفَاقِ، وَلقَدْ كانَ الرَّجُلُ يُؤْتَى به يُهَادَى بيْنَ الرَّجُلَيْنِ حتَّى يُقَامَ في الصَّفِّ.

الراوي : عبدالله بن مسعود
المحدث : مسلم
المصدر : صحيح مسلم
الصفحة أو الرقم : 654
خلاصة حكم المحدث : [صحيح]


قوله: ( ولقد كان الرجل يؤتى به يهادى بين الرجلين حتى يقام في الصف ) ‏معنى " يهادى " أي: يمسكه رجلان من جانبيه بعضديه يعتمد عليهما، وهو مراده بقوله في الرواية الأولى: " إن كان المريض ليمشي بين رجلين "، وفي هذا كله تأكيد أمر الجماعة، وتحمل المشقة في حضورها، وأنه إذا أمكن المريض ونحوه التوصل إليها استحب له حضورها.

📚شرح النووي على مسلم


https://www.tg-me.com/kllaam
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
قال تعالى: {وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ (١٢٤)} [البقرة: ١٢٤].

الحكمةُ مِن ابتلاءِ الأنبياءِ:

يبتلِي اللهُ مَن يشاءُ مِن عبادِه، ومنهم الأنبياءُ، وهم أَشَدُّ الناسِ بلاءً واختبارًا؛ تثبيتًا لهم، وشدًّا مِن عَزمِهم؛ فإنَّ النفوسَ لا تثبُتُ وتَقْوَى وتَصبِرُ إلا بعدَ شدةٍ وابتلاءٍ واختبارٍ ومِحَنٍ تَمُرُّ بها؛ وهذا ما أجراهُ على أنبيائِهِ حتى قَبْلَ بَعْثَتِهم؛ لأنَّهم يسْتقبِلونَ حِمْلًا شديدًا، وعِبْئًا ثقيلًا.

وبعدَ ابتلاءِ اللهِ لأنبيائِهِ يأتي أمرُ التوسُّعِ بالتشريعِ والدعوةِ ومواجهةِ الخصومِ، وأعظَمُ بلاءِ الأنبياءِ وورثتِهم عليهم هو في البداياتِ، فيصبرِونَ ويَقْوَوْنَ، ثم يَمُرُّ عليهم البلاءُ، فلا يؤثِّرُ فيهم تأثيرَهُ الأولَ.


📚التفسير والبيان للشيخ عبدالعزيز الطريفي


https://www.tg-me.com/kllaam
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
قال الله تعالى عن مؤمن آل فرعون أنه قال لقومه: {يَا قَوْمِ إِنَّمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الْآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ} [غافر:٣٩]

والمتاع: هو ما يتمتع به صاحبه برهة ثم ينقطع ويفنى

فما عيبت الدنيا بأكثر من ذكر فنائها وتقلب أحوالها وهو أدل دليل على انقضائها وزوالها فتتبدل صحتها بالسقم ووجودها بالعدم وشبيبتها بالهرم ونعيمها بالبؤس وحياتها بالموت فتفارق الأجسام النفوس وعمارتها بالخراب واجتماعها بفرقة الأحباب وكل ما فوق التراب تراب.

📘 لطائف المعارف لابن رجب


https://www.tg-me.com/kllaam
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
#منعشات_الروح

في مجلسٍ من المجالسِ العابقةِ بأنفاسه صلى الله عليه وسلم؛ جاءته هديةٌ، يبدو من خلال قراءة كلام الراوي أنها غريبة وعزيزة، لقد كانت عبارة عن ثوب حرير!

يقول الراوي: فجعلنا نلمسه، ونتعجب منه! لِمَ؟ إنهم الصحابة الذين تدثّر أغلبهم ألبِسةَ الفقر وشظفَ العيش.. فمِن أين لهم مثل هذه؟ لذا؛ فهم لما أبصروا المناديل لم يخفوا فرط اندهاشهم، وظهرَ ذلك الاستغرابُ على تصرفاتهم بشكل عفوي، صوّرها الراوي بقوله: "فجعلنا نلمسه"! فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((أتعجبون من هذا؟)) قلنا: نعم، قال: ((والذي نفس محمد بيده إن مناديل سعد بن معاذ في الجنة أحسن من هذا))([1]).

هكذا يربي صلى الله عليه وسلم صحابتَه على التعلُّق بالآخرة، ويهتبل الفرص، ويغتنم المواقف للتذكير بها، والذي يورث تذكرُها والتعلقُ بها الزهدَ في الدنيا، ذلك الزهدُ الذي لا يُقْعِدُ عن عمارتها، بل يسير وفق المنهج القرآني: ﴿وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا﴾[القصص: 77].

إن هذا المنهج النبوي في التعليق بالآخرة؛ يُنعِش الروحَ التي تَنصب وتَتعب وهي تتطلع إلى بهرج الدنيا ومتاعها الزائل، تطلعاً يملأ القلبَ حسرةً على فوات ما يراه مما يتنعّم به أهلُ الملك والثراء الفاحش.

ويكفي في تصور خطورةِ الانغماس في الدنيا تدبُّرُ هذه الآية العظيمة: ﴿قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ﴾[التوبة: 24].

وأما الأثر الملموس للانغماس فيها فلا يحتاج لاستدلال كثير؛ فيكفي من آثاره: الغفلة عن الآخرة، وتشتت القلب وقسوته، وما يتبع ذلك من رِقّةٍ في الدين، وأمراض قلبية مهلكة؛ كالشحّ والكذب، والاستهانة بالمكاسب المحرمة، والسعي للتصدر، واستعداء كل قوةٍ ممكنة ضد من يحول بينه وبين ذلك.

ولأجل ذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم يغتنم كل فرصة مناسبة ليقرر هذه الحقيقة، ومن ذلك: أنه دخل السوق مرةً، فمرّ بجدْيٍ أَسَكَّ -أي: صغير الأذنين أو مقطوعهما- ميّت، فتناوله فأخذ بأذنه، ثم قال: ((أيكم يحب أن هذا له بدرهم؟)) فقالوا: ما نحب أنه لنا بشيء، وما نصنع به؟ قال: ((أتحبون أنه لكم؟)) قالوا: والله لو كان حياً؛ كان عيباً فيه، لأنه أسكّ، فكيف وهو ميت؟ فقال: ((فوالله للدنيا أهون على الله من هذا عليكم))([2]).

فانظر كيف استعمل النبيُّ المربي صلى الله عليه وسلم لأمته الحرير مرةً -وهو أنعم ما يكون- والجديَ الأسكّ مرةً أخرى -وهو شيء تنفر النفوس عنه-، كيف استخدمها وسيلةً إيضاحية؛ لغرس القيمة التربوية، وذلك ما أدركته التربية الحديثة لاحقاً من أثر هذه الوسائل في ترسيخ المعاني!

ويخرج صلى الله عليه وسلم إلى الخندق، فإذا المهاجرون والأنصار يحفرون في غداة باردة، فلم يكن لهم عبيد يعملون ذلك لهم، فلما رأى ما بهم من النَّصَب والجوع، قال: ((اللهم إن العيش عيش الآخره، فاغفر للأنصار والمهاجره))([3]).

نعم كان صلى الله عليه وسلم يعلِّق قلوبَ أصحابه بالآخرة، ويزرع فيها الزهد في هذا المتاع الزائل، ويدفعهم دفعاً نحو حثِّ الخطى في السير إلى الله، لكن هل انتهت الحكايةُ عند مستوى الدفع نحو ذلك الطريق؟ لا، فقد كان من هديه صلى الله عليه وسلم الدفعُ والرفعُ: الدفعُ نحو الطريق، والرفع لمن مال عنه -وإن كان مسرعاً- ففي زمنه صلى الله عليه وسلم كان هناك ثلاثة نفرٍ سألوا عن عبادة النبي صلى الله عليه وسلم؛ فكأنهم تقالّوها، فقالوا: أين نحن من النبي صلى الله عليه وسلم؟ قد غفر اللهُ له ما تقدَّم من ذنبه وما تأخر! قال أحدهم: أما أنا فإني أصلي الليل أبداً، وقال آخر: أنا أصوم الدهر ولا أفطِر! وقال آخر: أنا أعتزل النساء فلا أتزوج أبداً، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ((أنتم الذين قلتم كذا وكذا؟ أما والله أني لأخشاكم لله وأتقاكم له، لكني أصوم وأفطر، وأصلي وأرقد، وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني))([4]).

فما أجدر الآباء والمربين أن يسلكوا هذا المنهج مع مَنْ تحت أيديهم من الأبناء والنشء، خاصة في هذا العصر الذي أضحت وسائل الإعلام التقليدي والجديد تضخُّ من البرامج والأفلام والدعايات ما يُصادِم هذه القيمة الشرعية المتوازنة، بل صارت تُعَظِّمُ الدنيا في العين والقلب، فيبكي ويضحك لأجلها، ويحزن ويفرح لها، ويوالي ويعادي عليها، بل صار الطفل الصغير يتحدث عن أمانٍ دنيوية بحتة، لم يكن يتحدث فيها ابن الأربعين قبل عقدين من الزمان!

حقاً إن حاجات الروح تتعارض في جملتها مع كثيرٍ من مترفات عصرنا المادي، الذي يدغدغ أجسادَنا بالنعيم الزائل، ويذَرُ أرواحنا ظامئةً تذروها الرياح!

د.عمر المقبل
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
(هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) [ الحديد آية: ٤ ]

قوله: (وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ) أي: رقيب عليكم، شهيد على أعمالكم حيث أنتم، وأين كنتم، من بر أو بحر، في ليل أو نهار، في البيوت أو القفار، الجميع في علمه على السواء، وتحت بصره وسمعه، فيسمع كلامكم ويرى مكانكم، ويعلم سركم ونجواكم، كما قال: ( أَلا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ لِيَسْتَخْفُوا مِنْهُ أَلا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ ) [هود: 5]. وقال ( سَوَاءٌ مِنْكُمْ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ ) [الرعد: 10 ] ، فلا إله غيره ولا رب سواه.
ﻭﻗﺪ ﺛﺒﺖ ﻓﻲ ﺍﻟﺼﺤﻴﺢ ﺃﻥ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﺳﻠﻢ ﻗﺎﻝ ﻟﺠﺒﺮﻳﻞ ، ﻟﻤﺎ ﺳﺄﻟﻪ ﻋﻦ ﺍﻹﺣﺴﺎﻥ : " ﺃﻥ ﺗﻌﺒﺪ ﺍﻟﻠﻪ ﻛﺄﻧﻚ ﺗﺮﺍﻩ ، ﻓﺈﻥ ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﺗﺮﺍﻩ ﻓﺈﻧﻪ ﻳﺮﺍﻙ " .

📚تفسير ابن كثير

https://www.tg-me.com/kllaam
2025/10/31 05:01:08
Back to Top
HTML Embed Code: