🔹‏صورة من عبث بعض المحققين لكتب السلف:
كتاب "صريح السنة" للإمام الطبري
حققه وعلَّق عليه وخرَّج أحاديثه:
أبوعبد الأعلى خالد المصري
وطبعته هذه فيها كل شيء إلا التحقيق، فضلا عن التخريج والتعليق!
ومن العجائب أن المحقق يعتمد النسخ المطبوعة السابقة مع مخطوطتين جاء بها، ولم يرمزها!
‌‎#كتاب_ينصح_به
من الكتب القيمة والنافعة في بيان منزلة أعمال القلوب وأهميتها كتاب:
( التحفة العراقية في الأعمال القلبية )
لشيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-
وهذه أفضل طبعات الكتاب:
⛔️ ‏لا يثبت في فضل ليلة النصف من شعبان حديث:

قال أبو الخطاب ابن دحية:
" قال أهل التعديل والتجريح: ليس في حديث النصف من شعبان حديث يصح ". "الباعث" لأبي شامة (127)

وقال ابن رجب : "وفي فضل ليلة نصف شعبان أحاديث متعددة ، وقد اختُلف فيها ، فضعّفها الأكثرون .. ".

"لطائف المعارف" (261)
‏الشيخ السلفي الفاضل(عبدالله بن صلفيق الظفيري)من خيرة إخواننا علما ودعوة، وله جهود علمية ودعوية كبيرة وعظيمة في نشر العقيدة والسنة ونصرة المنهج السلفي والذب عنه، أحسبه كذلك ولا أزكي على الله أحدا
جهود نافعة مميزة تذكر فيشكر
سائلا الله له التوفيق والسداد والاعانة والمزيد من فضله.
استقبال رمضان شهر المغفرة والقرآن

د.خالد بن قاسم الردادي



الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لانبي بعده.. وبعد:

تمر الليالي والأيام، وتنقضي الشهور والأعوام على العباد سواء بسواء؛ فمنهم مكتسب خيرًا، ومنهم حامل وزرًا، فلا الطاعة أبطأت باليوم على صاحبه فلم ينقض عليه، ولا المعصية أسرعت بالليل على أهل الشهوات فأدركوا النهار قبل غيرهم، فشروق الشمس هو شروقها على الأبرار والفجار، والمؤمنين والكفار، وغروبها هو غروبها على جميعهم، ولكن العبرة بالأعمال؛ فإن الأوقات أوعيتها، والوعاء يحفظ ما فيه من حسن وقبيح.

 أيام معدودة وتستقبِل الأمّة زائراً محبوباً وضيفاً غالياً بفرحٍ غامِر ، وسرورٍ ظاهرٍ؛ إنه رمضان شهر عظمه الله فعظموه، وأكرمه الله فأكرموه.

يا رَمَضان، إنّ يومَ إقبالك لهوَ يومٌ تتفتح له قلوبُنا وصدورُنا، وتمتليء فيه نفوسنا غبطةً وأمَلاً، نستبشر بعودةِ فضائِك الطاهر الذي تسبَح به أرواحُنا بعد جفافِها وركودِها، نستبشر بساعةِ صلحٍ مع الطاعاتِ بعدَ طول إعراضِنا وإباقنا، أعاننا الله على بِرِّك ورفدِك، فكم تاقت لك الأرواحُ، وهفَت لشدوِ أذانِك الآذانُ، وهمَت سحائبُك الندِيّة هتّانةً بالرّحمة والغفران .

 مَن مِنَ المسلمين لا يعرِف فضلَ هذا الشهرِ وقدرَه، فهو سيِّد الشهور وخيرُها، شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ، من صامه وقامه غفِر له ما تقدَّم من ذنبِه، فيه ليلةٌ هي خيرٌ من ألفِ شهر، وقد ثبت في الصحيحَين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: مَن صام رمَضان إيمانًا واحتسابًا غفِر له ما تقدَّم من ذنبه، ومن قام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفِر له ما تقدم من ذنبه، ومن قام ليلةَ القدر إيمانًا واحتسابًا غفِر له ما تقدَّم من ذنبه .

إن بلوغ رمضان نعمة عظيمة ، وفضل كبير من الله تعالى ، حتى إن العبد ببلوغ رمضان وصيامه وقيامه يسبق الشهداء في سبيل الله الذين لم يدركوا رمضان .

فعَنْ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ: أَنَّ رَجُلَيْنِ مِنْ بَلِيٍّ قَدِمَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فكَانَ إِسْلَامُهُمَا جَمِيعًا، وكَانَ أَحَدُهُمَا أَشَدَّ اجْتِهَادًا مِنْ الْآخَرِ، فَغَزَا الْمُجْتَهِدُ مِنْهُمَا فَاسْتُشْهِدَ، ثُمَّ مَكَثَ الْآخَرُ بَعْدَهُ سَنَةً، ثُمَّ تُوُفِّيَ. قَالَ طَلْحَةُ: فَرَأَيْتُ فِي الْمَنَامِ: بَيْنَا أَنَا عِنْدَ بَابِ الْجَنَّةِ، إِذَا أَنَا بِهِمَا، فَخَرَجَ خَارِجٌ مِنْ الْجَنَّةِ فَأَذِنَ لِلَّذِي تُوُفِّيَ الْآخِرَ مِنْهُمَا، ثُمَّ خَرَجَ فَأَذِنَ لِلَّذِي اسْتُشْهِدَ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَيَّ فَقَالَ: ارْجِعْ، فَإِنَّكَ لَمْ يَأْنِ لَكَ بَعْدُ، فَأَصْبَحَ طَلْحَةُ يُحَدِّثُ النَّاسَ، فَعَجِبُوا لِذَلِكَ، فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَحَدَّثُوهُ الْحَدِيثَ، فَقَالَ: "مِنْ أَيِّ ذَلِكَ تَعْجَبُونَ؟ " قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَذَا كَانَ أَشَدَّ الرَّجُلَيْنِ اجْتِهَادًا، ثُمَّ اسْتُشْهِدَ، وَدَخَلَ هَذَا الْآخِرُ الْجَنَّةَ قَبْلَهُ! فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "أَلَيْسَ قَدْ مَكَثَ هَذَا بَعْدَهُ سَنَةً؟ " قَالُوا: بَلَى. قَالَ: "وَأَدْرَكَ رَمَضَانَ فَصَامَ، وَصَلَّى كَذَا وَكَذَا مِنْ سَجْدَةٍ فِي السَّنَةِ؟ " قَالُوا: بَلَى. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "فَمَا بَيْنَهُمَا أَبْعَدُ مِمَّا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ" أخرجه أحمد وابن ماجه وصححه الألباني.

الله أكبر .. إنه رمضان شهرُ المرابح ، زائرٌ زاهر، وشهر عاطِر، فضلُه ظاهر، بالخيراتِ زاخر، فحُثّوا الجِدَّ والعزْم، وأروا الله خيرًا مِن أنفسكم، فبالجدّ فاز من فاز، وبالعزم جازَ مَن جاز، واعلَموا أنّ من دام كسله خاب أمله، وتحقَّق فشله، تقول عائشة رضي الله عنها: كان رسول الله يجتهِد في رمضانَ ما لا يجتهِد في غيره. أخرجه مسلم.

رمضان .. شهرُ القبول والسّعود ، والعتقِ والجود ، والترقّي والصّعود، فيا خسارة أهلِ الرّقود والصّدود، فعن أنس رضي الله عنه قال النبيّ : ((قال الله عزّ وجلّ: إذا تقرب العبد إلي شبرًا تقرّبت إليه ذِراعًا، وإذا تقرّب مني ذراعًا تقرّبت منه باعًا، وإذا أتاني مشيًا أتيته هرولة)) أخرجه البخاري .

هذا نسيم القَبول هبّ، هذا سيلُ الخير صَبّ، هذا باب الخير مفتوح لمن أحبّ، هذا الشّيطان كبّ، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أنّ رسول الله قال: ((إذا جاء رمضانُ فتِّحت أبوابُ الجنة، وغلقت أبواب النّار، وصفِّدت الشياطين)) متّفق عليه، وعنه رضي الله عنه قال: قال رسول الله : ((إذا كانت أوّلُ ليلة مِن رمضان صُفّدت الشياطين ومردة الجن، وغلِّقت أبوابُ النار فلم يفتَح منها باب، وفتِّحت أبواب الجنة فلم يُغلَق منها باب، ونادى منادٍ: يا باغي الخير أقبل، ويا باغيَ الشرّ أقصِر، ولله عتقاء من النّار، وذلك كلَّ ليلة)) أخرجه ابن ماج
ه.

أيها الأحبة ..قرُب منا رمضان فكم قريب لنا فقدناه، وكم عزيز علينا دفنّاه، وكم حبيب لنا في اللحد أضجعناه. فيا من ألِف الذنوبَ وأجرمَا، يا مَن غدا على زلاّته متندِّمَا، تُب فدونك المنى والمغنمَا، والله يحبّ أن يجود ويرحمَا، ويُنيلَ التّائبين فضلَه تكرُّمًا.

يا من أوردَ نفسَه مشارعَ البوَار، وأسامَها في مسارح الخَسار، وأقامَها في المعَاصي والأوزار، وجعلها على شَفا جُرفٍ هار، كم في كتابك من زَلل، كم في عملِك من خلَل، كم ضيّعتَ واجبًا وفرضًا، كم نقضتَ عهدًا محكمًا نقضًا، كم أتيتَ حرامًا صريحًا محضًا، فبادِر التّوبة ما دمتَ في زمن الإنظار، واستدرِك فائتًا قبل أن لا تُقال العِثار، وأقلِع عن الذنوب والأوزار، وأظهِر النّدم والاستغفار، فإنّ الله يبسُط يده بالنّهار ليتوبَ مسيء الليل، ويبسط يدَه باللّيل ليتوبَ مسيء النّهار.

يا أسيرَ المعاصي، يا سجينَ المخازي، هذا شهرٌ يُفَكّ فيه العاني، ويعتَق فيه الجاني، ويتجَاوَز عن العاصي، فبادِر الفرصَة، وحاذِر الفوتَة، ولا تكن ممّن أبى، وخرج رمضان ولم ينَل فيه الغفرانَ والمُنى، صعد رسول الله المنبَر فقال: ((آمينَ آمينَ آمين))، فقيل: يا رسول الله، إنّك صعدت المنبر فقلت: آمين آمين آمين!! فقال : ((إنّ جبريلَ عليه السلام أتاني فقال: مَن أدرك شهرَ رمضانَ فلم يُغفَر له فدخَل النار فأبعَده الله قل: آمين، قلت: آمين)) أخرجه ابن خزيمة وابن حبان .

 أيها الأحبة ..كم من مفرط على نفسه في الأعوام السابقة قد وعد ربه إن أدرك رمضان القابل أن يجتهد اجتهادًا لا مزيد عليه، ولكنه ينسى موعدته تلك، ولا يتذكرها إلا في آخر الشهر حين يرى الناس سبقوه بالأعمال الصالحة وهو لم يبارح مكانه، فليتذكر من الآن وعوده في الأعوام السابقة، ولا يجعل رمضان هذه السنة كما مضى من رمضانات أضاعها في اللهو والعبث، والنوم والغفلة.

فلنحرص على النية الصالحة والعزم الجاد على الاجتهاد في طاعة الله في رمضان .. وحري بأفراد الأسرة ، والقرابة ، والجيران ، وزملاء المهنة ، أن يتواصوا بالحق ، ويتعاونوا على أعمال البر والتقوى في هذا الموسم المبارك ، أسأل الله تعالى أن يمن علينا ببلوغه ويحسن عملنا فيه .

اللهم أيقظنا من سبات الغفلات قبل الممات، اللهم كما هديتنا للإسلام فثبتنا عليه حتى نلقاك وأنت راض عنا غيرُ غضبان .

اللهم بلغنا رمضان ، وأعنا على صيامه وقيامه وإتمامه، ووفقنا للقيام بحقك فيه وفي غيره، واجعل أعمالنا خالصة لوجهك ، صوابًا على سنة نبيك .

------------------------------

مدونة د. خالد بن قاسم الردادي:
http://kraddrdd2.blogspot.be/?m=1


قناة د. خالد بن قاسم الردادي على التليجرام:
https://www.tg-me.com/kradd2
*🔹 إعلان محاضرة يوم (الجمعة) 🔹*

يسر فرع وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد بمنطقة المدينة النبوية دعوتكم لحضور اللقاء العلمي بعنوان: ↓

📚 • *الدفاع عن السـنة النـبوية* •

🎙لفضيلة الشيخ أ.د. *عبداللّٰه بن عبدالرحيم البخاري* حفظه اللّٰه تعالى

🗓 • يوم الجمعة ٢٧ شعبان ١٤٤٥هـ
الموافق
2024/03/08 نـ

🕰 • *بعد العصر والمغرب والعشاء بمسجد سيد الشهداء* •



*🔊تنقل مباشرة عبر قناة الشيخ الرسمية*
https://www.tg-me.com/dr_elbukhary
Audio
💢خطبة جمعة بعنوان:

استقبال شهر رمضان

لفضيلة الشيخ د. / خالد بن قاسم الردادي -رحمه الله تعالى -

ألقيت في "جامع شهداء أحد" بالمدينة النبوية الموافق: ٢٩/ ٨ / ١٤٤٣ هـ
📝 «رمضان وقراءة القرآن»

كتبه الشيخ د. خالد بن قاسم الردادي رحمه الله تعالى

https://t.co/4kNu9NTZS9
4_5764610082834749710.pdf
4.7 MB
📚 دليل أرباب الفلاح
لتحقيق فن الاصطلاح


📝 تأليف: الشيخ العلامة حافظ بن أحمد الحكمي رحمه الله

📝 تحقيق: الشيخ د. خالد بن قاسم الردادي رحمه الله تعالى





قناة الشيخ د. خالد بن قاسم الردادي رحمه الله

https://www.tg-me.com/kradd2
📚صفحة فضيلة الشيخ د. خالد بن قاسم الردادي رحمه الله

▪️في موقع ميراث الأنبياء

📎 http://miraath.link/14
مسائل وأحكام في زكاة الفطر

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.. وبعد:
فهذه بعض المسائل المهمة في زكاة الفطر، سائلا الله تعالى أن ينفع الجميع بها، وأن يتقبل منهم زكاتهم، وسائر أعمالهم.

أولاً- تسميتها:
سميت بذلك لأنَّ وُجوبها بدُخول الفطر، ويُقال أيضًا: زكاة الفطرة بكسر الفاء، والتاء في آخِرها، كأنها من الفطرة التي هي الخلقة المرادة بقوله - تعالى -: ﴿ فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا ﴾ [الروم: 30]، وقال ابن الرفعة: بضم الفاء، واستُغرِب، والمعنى: أنها وجَبتْ على الخلقة تزكيةً للنفس وتنميةً لعملها.
قال النووي في "المجموع": "يُقال للمخرج: فطرة بكسر الفاء لا غير، وهي لفظة مُولَّدة لا عربية ولا مُعرَّبة، بل اصطلاحيَّة للفقهاء، فتكون حقيقة شرعيَّة على المختار كالصلاة والزكاة" ["المجموع"(6/103)].
وتعقبه العيني فقال:"وَلَو قيل: لَفْظَة إسلامية كَانَ أولى لِأَنَّهَا مَا عرفت إلاَّ فِي الْإِسْلَام، وَيُؤَيّد هَذَا مَا ذكره ابْن الْعَرَبِيّ: هُوَ اسْمهَا على لِسَان صَاحب الشَّرْع، وَيُقَال لَهَا: صَدَقَة الْفطر وَزَكَاة الْفطر وَزَكَاة رَمَضَان وَزَكَاة الصَّوْم، وَفِي حَدِيث ابْن عَبَّاس، صَدَقَة الصَّوْم، وَفِي حَدِيث أبي هُرَيْرَة: (صَدَقَة رَمَضَان) ، وَتسَمى أَيْضا صَدَقَة الرؤوس وَزَكَاة الْأَبدَان سَمَّاهَا الإِمَام مَالك، رَحمَه الله تَعَالَى"["عمدة القاري"(9/107)].
أما تعريفها في الاصطلاح: فهي صدقة تجب بالفطر من رمضان، طهرة للصائم: من اللغو، والرفث["منتهى الإرادات"(1/ 496)، "حاشية الروض المربع" لابن قاسم(3/ 269)].

ثانياً- حكمها وعلى من تجب؟:

فرضت زكاة الفطر في السنة الثانية من الهجرة - أي مع رمضان -.
وهي واجبة على كل مسلم كبير وصغير، وذكر وأنثى، وحر وعبد، وقد دلّ على مشروعيتها عموم القرآن، وصريح السنة الصحيحة، وإجماع المسلمين، قال تعالى: {قد أفلح من تزكى}[الأعلى:14] أي: فاز كل الفوز، وظفر كل الظفر من زكى نفسه بالصدقة، فنماها وطهرها.
قال سعيد بن المسيب وعمر بن عبد العزيز في قوله تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى * وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى } [الأعلى:14، 15] قال: هي صدقة الفطر.
وهكذا قال غير واحد من السلف - رحمهم الله تعالى - في الآية هي زكاة الفطر.
وروي ذلك مرفوعاً إلى النبي عند ابن خزيمة وغيره. وقال مالك - رحمه الله - هي يعني زكاة الفطر - داخلة في عموم قوله تعالى: { وآتوا الزكاة }. وأخرج البخاريُّ(1503)، ومسلمٌ(٩٨٤، ٩٨٦)عن ابن عمر - رضِي الله عنهما - قال: "فرَض رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - زكاةَ الفطر صاعًا من تمر، أو صاعًا من شعير على العبد والحر، والذَّكر والأنثى، والصغير والكبير من المسلمين، وأمَر بها أنْ تُؤدَّى قبل خُروج الناس إلى الصلاة".
وأخرج البخاريُّ(1506) ومسلمٌ(985) عن عياض بن عبدالله بن سعد بن أبي سرح، أنَّه سمع أبا سعيدٍ الخدري، يقول: "كنَّا نخرج زكاةَ الفطر صاعًا من طعام، أو صاعًا من شعير، أو صاعًا من تمر، أو صاعًا من أقط، أو صاعًا من زبيب".
وفي رواية في "صحيح مسلم" عن أبي سعيدٍ الخدري، قال: "كنَّا نُخرِج إذ كان فينا رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - زكاةَ الفطر عن كلِّ صغير وكبير، حر أو مملوك، صاعًا من طعام، أو صاعًا من أقط، أو صاعًا من شعير، أو صاعًا من تمر، أو صاعًا من زبيب، فلم نزل نُخرِجه حتى قدم علينا معاوية بن أبي سفيان حاجًّا أو معتمرًا، فكلَّم الناس على المنبر، فكان فيما كلَّم به الناس أنْ قال: "إنِّي أرى أنَّ مدين من سمراء الشام، تعدل صاعًا من تمر، فأخذ الناس بذلك"، قال أبو سعيد: "فأمَّا أنا فلا أزالُ أخرجه كما كنت أخرجه أبدًا ما عشت".
وأخرج أبوداود(1609)، وابن ماجه(1827)بإسناد حسن عن ابن عباس -رضي الله عنهما-، قال: "فرَض رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - زكاةَ الفطر طُهرةً للصائم من اللغو والرَّفث، وطُعمةً للمساكين، مَن أدَّاها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة، ومَن أدَّاها بعد الصلاة فهي صدقةٌ من الصدقات".
وأجمع عليها المسلمون قديماً وحديثاً، وكان أهل المدينة لا يرون صدقة أفضل منها.
قال ابن المنذر:"أجمع كلُّ مَن نحفظ عنه من أهل العلم، على أنَّ صدقة الفطر فرضٌ"["الإجماع"(ص 55)].
وقال إسحاق:"هو كالإجماع من أهل العلم".
ويستحبُّ إخراجُها عن الجنين إذا نُفِخَتْ فيه الرُّوح، وهو ما صار له أربعةُ أشهر؛ فقد كان السلف يُخرِجونها عنه، كما ثبت عن عثمان وغيره.
ويجبُ أنْ يُخرِجها عن نفسه وعمَّن تلزمه نفقته، من زوجةٍ أو قريبٍ، وكذا العبد فإنَّ صدقةَ الفطر تجبُ على سيِّده؛ لقوله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((ليس في العبد صدقةٌ إلا صدقة الفطر)).
ولا تجبُ إلا على مَنْ فضل عن قُوتِه وقُوت مَن تلزَمه نفقته وحَوائِجه الضَّروريَّة في يوم العيد وليلته ما يُؤدِّي به الفطرة.
فزكاة الفطر لا تجبُ إلا بشرطين:
1- الإسلام، فلا تجب على الك
افر.
2- وجود ما يفضل عن قوته وقوت عِياله، وحوائجه الأصليَّة في يوم العيد وليلته.

ثالثاً- حكمة تشريعها:

من الحِكَمِ في وجوب زكاة الفطر ما يأتي:
1- تطهير الصائم ممَّا عسى أنْ يكون قد وقَع فيه في صيامه من اللغو والرفث.
أخرج أبو داود وابن ماجه عن ابن عبَّاس، قال: "فرَض رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - زكاةَ الفطر طُهرةً للصائم من اللغو والرَّفث".
قال وكيع بن الجرَّاح: "زكاة الفطر لشهر رمضان كسجدة السهو للصلاة، تجبر نقصان الصوم كما يجبر السجود نقصان الصلاة".
2- إغناء الفقراء والمساكين عن السؤال في يوم العيد، وإدخال السرور عليهم؛ ليكون العيد يوم فرح وسُرور لجميع فِئات المجتمع؛ وذلك لحديث ابن عباس - رضِي الله عنهما -: "أغنوهم عن الطَّواف في هذا اليوم"؛ أي: أغنوا الفقراء عن السؤال في يوم العيد.
ولقوله - صلَّى الله عليه وسلَّم - في الحديث: (وطُعمةً للمساكين).
3- وفيها إظهارُ شُكرِ نعمة الله على العبْد بإتمام صيام شهر رمضان وقيامه، وفعْل ما تيسَّر من الأعمال الصالحة في هذا الشهر المبارك.

رابعاً- وقت إخراج زكاة الفطر:

إخراج زكاة الفطر على النحو الآتي:
1- وقت الجواز: فيجوز تقديم زكاة الفطر قبل العيد بيوم أو يومين؛ لحديث ابْنُ عُمَرَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا-أنه كان يُعْطِيهَا الَّذِينَ يَقْبَلُونَهَا، وَكَانُوا يُعْطُونَ قَبْلَ الفِطْرِ بِيَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ» أخرجه البخاري(1511)، وأخرج مالكٌ(1/285) عن نافعٍ: «أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يَبْعَثُ بِزَكَاةِ الْفِطْرِ إِلَى الَّذِي تُجْمَعُ عِنْدَهُ قَبْلَ الْفِطْرِ بِيَوْمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ».
قال الألباني في "إرواء الغليل"(3/335): «ويُؤيِّدُ ذلك ما وَقَعَ في روايةِ ابنِ خُزَيْمةَ(٢٣٩٧) مِنْ طريق عبد الوارث عن أيُّوب: قلتُ: «متى كان ابنُ عمر يُعطي؟» قال: «إذا قَعَدَ العاملُ»، قلت: «متى يقعد العاملُ؟» قال: «قبل الفطر بيومٍ أو يومين».
2- وقت الوجوب: هو غروب الشمس من آخر يوم من رمضان؛ فإنها تجب بغروب الشمس من آخر شهر رمضان، فمن تزوج، أو ملك عبداً، أو وُلِد له ولد، أو أسلم قبل غروب الشمس، فعليه الفطرة، وإن كان ذلك بعد الغروب لم تلزمه، ومن مات بعد غروب الشمس ليلة الفطر فعليه صدقة الفطر.
3- وقت استحباب وهو: إخراجها يوم الفطر قبل صلاة العيد؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- أمر بها أن تؤدَّى قبل خروج الناس إلى صلاة العيد، كما في حديث ابن عمر رضي الله عنهما، وكما قال ابن عباس -رضي الله عنهما-: (فمن أداها قبل الصلاة فهي صدقة مقبولة، ومن أدَّاها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات).
4- لا يجوز تأخيرها بعد صلاة العيد على القول الصحيح، فمن أخَّرها بعد الصلاة بدون عذر، فعليه التوبة، وعليه أن يخرجها على الفور، وقال الإمام عبدالعزيز ابن عبدالله ابن باز -رحمه الله-: "الواجب... إخراجها قبل صلاة العيد، ولا يجوز تأخيرها إلى ما بعد صلاة العيد"["مجموع الفتاوى"(14/201)].
وقال العلامة محمد بن صالح العثيمين، -رحمه الله-، في تعمد إخراجها بعد صلاة العيد: "والصحيح أن إخراجها في هذا الوقت محرم، وأنها لا تجزئ "["الشرح الممتع"(6/173)].

خامساً- مقدار الواجب، ومِمَّ يخرج؟:

الواجب في زكاة الفطر صاعٌ من غالب قُوت أهل البلد من بر، أو شعير، أو تمر، أو زبيب، أو أَقط، أو أرز، أو ذرة... أو غير ذلك؛ لثبوت ذلك عن النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - في الأحاديث الصحيحة؛ كحديث ابن عمر - رضي الله عنهما - المتقدِّم.
وعن أبي سعيدٍ الخُدْريِّ -رضي الله عنه- أنه قال: «كُنَّا نُخْرِجُ إِذْ كَانَ فِينَا رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- زَكَاةَ الْفِطْرِ، عَنْ كُلِّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ، حُرٍّ أَوْ مَمْلُوكٍ، صَاعًا مِنْ طَعَامٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ أَقِطٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ زَبِيبٍ، فَلَمْ نَزَلْ نُخْرِجُهُ حَتَّى قَدِمَ عَلَيْنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ حَاجًّا أَوْ مُعْتَمِرًا، فَكَلَّمَ النَّاسَ عَلَى الْمِنْبَرِ، فَكَانَ فِيمَا كَلَّمَ بِهِ النَّاسَ أَنْ قَالَ: «إِنِّي أَرَى أَنَّ مُدَّيْنِ مِنْ سَمْرَاءِ الشَّامِ تَعْدِلُ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ»؛ فَأَخَذَ النَّاسُ بِذَلِكَ»، قَالَ أَبُو سَعِيدٍ: «فَأَمَّا أَنَا فَلَا أَزَالُ أُخْرِجُهُ كَمَا كُنْتُ أُخْرِجُهُ، أَبَدًا مَا عِشْتُ» أخرجه البخاري (١٥٠٨)، ومسلم (٩٨٥) واللفظ له.
أمَّا إخراجُ زكاةِ الفطر بالقيمة فقَدْ مَنَعَ مِنْ ذلك الجمهورُ [المالكيةُ والشافعيةُ والحنابلةُ].
قال الإمام أحمد-رحمه الله-: لا يعطي القيمة. قيل له: قوم يقولون: عمر بن عبدالعزيز كان يأخذ القيمة؟ قال: يدعون قول رسول الله ويقولون: قال فلان. وقد قال ابن عمر: "فرض رسول الله زكاة الفطر ".
وقال ابن قدامة -رحمه الله-: (ولا تجزئ القيمة؛ لأنه عدول عن المنصوص)[«المُغْنيَ»(٣/ ٦٥)].
وقال النوويُّ ـ رحمه الله ـ: «ولم يُجِزْ عامَّةُ الفُقَه
اءِ إخراجَ القيمةِ وأجازَهُ أبو حنيفة»[«شرح مسلم» للنووي (٧/ ٦٠)، وينظر: «المجموع» للنووي (٦/ ١٤٤)].
وقال ابن باز -رحمه الله-: (ولا يجوز إخراج القيمة عند جمهور أهل العلم، وهو أصح دليلاً، بل الواجب إخراجها من الطعام، كما فعله النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه -رضي الله عنهم- ).
والصاع والصواع (بالكسر وبالضم) لغةً: مكيال يُكال به، وهو أربعة أمداد.
والمراد به: صاع النبي-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وهو أربعة أمداد. والمد: ملء كفيّ الرجل المتوسط اليدين من البرّ الجيد ونحوه من الحب، وهو كيلوان ونصف على وجه التقريب، ويختلف تقدير الصاع بالكيلو جرام بحسب الطعام المُخرج، ومن أخرَج عن الواحد كيلوين ونِصف إلى ثلاثة كيلو جرامات تقريبًا من الأرز أو غيره، فقد أخرَج المِقدار الواجب بيقين.

سادساً- في مَصْرِف زكاة الفطر:

اختلف الفُقَهاءُ في مَصْرِف زكاة الفطر على قولين:
أحَدُهما: أنَّ مَصْرِفَ زكاةِ الفطر هو مَصْرِفُ زكاةِ المال الثمانية؛ عملًا بقوله تعالى: ﴿إِنَّمَا ٱلصَّدَقَٰتُ لِلۡفُقَرَآءِ وَٱلۡمَسَٰكِينِ وَٱلۡعَٰمِلِينَ عَلَيۡهَا وَٱلۡمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمۡ وَفِي ٱلرِّقَابِ وَٱلۡغَٰرِمِينَ وَفِي سَبِيلِ ٱللَّهِ وَٱبۡنِ ٱلسَّبِيلِ﴾ [التوبة: ٦٠]، وهذا هو مذهبُ جمهورِ العُلَماء مِنَ الحنفية والشافعية، والمشهورُ عن الحنابلة.
والثاني: أنَّ زكاةَ الفطرِ خاصَّةٌ بالفُقَراءِ والمساكينِ ولا تُصْرَفُ إلَّا إليهم، وهو مذهبُ المالكيةِ والحنابلةِ على قولٍ، واختارَهُ ابنُ تيمية ـ رحمه الله ـ[ ينظر: «بداية المجتهد» لابن رشد (١/ ٢٨٢)، «المغنيَ» لابن قدامة (٣/ ٧٨)، «المجموع» للنووي (٦/ ١٤٤، ١٨٦)، و"مجموع فتاوى ابن تيمية"(25/73)].
قال ابن القيم -رحمه الله-:"وكان من هديه -صلى الله عليه وسلم- تخصيص المساكين بهذه الصدقة، ولم يكن يقسمها على الأصناف الثمانية قبضة قبضة، ولا أمر بذلك، ولا فعله أحد من أصحابه، ولا من بعدهم، بل أحد القولين عندنا: إنه لا يجوز إخراجها إلا على المساكين خاصة، وهذا القول أرجح من القول بوجوب قسمتها على الأصناف الثمانية"["زاد المعاد"(2/21)].
ومن الخطأ دفعها لغير الفقراء و المساكين ، كما جرت به عادة بعض الناس من إعطاء الزكاة للأقارب أو الجيران أو على سبيل التبادل بينهم و إن كانوا لا يستحقونها ، أو دفعها لأسر معينة كل سنة دون نظر في حال تلك الأسر ؛ هل هي من أهل الزكاة أو لا ؟ .
ويجوز أن يعطي الجماعة أو أهل البيت زكاتهم لمسكين واحد وأن تقسم صدقة الواحد على أكثر من مسكين للحاجة الشديدة.
ولكن ينبغي أن تسلم لنفس المسكين أو لوكيله المفوض في استلامها من قبله.
وزكاة الفطر الأفضل أن تخرج في البلد الذي فيه الإنسان، إلا لحاجة أو مصلحة راجحة فيجوز حينئذ إخراجها في غيره، ويجوز دفع الزكاة لجمعيات البر المصرح بها من الدولة، وعندها إذن منها وهي نائبة عن الدولة، والدولة نائبة عن الفقراء، وعلى هذا إذا وصلتهم الفطرة في وقتها أجزأت، ولو لم تصرف للفقراء إلا بعد العيد؛ لأنهم قد يرون المصلحة تأخير صرفها[ينظر: "الشرح الممتع"(6/175و208)].

وآخِرُ دعوانا أنِ الحمدُ لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، وسلَّم تسليمًا.

• رابط المقال في المدونة :
http://kraddrdd2.blogspot.com/2016/06/blog-post_96.html

• تابعوا جديدنا على التليجرام :
https://www.tg-me.com/kradd2
‏من الكتب التي ينصح بها طلاب العلم المتخصصين في علم الحديث كتاب:
(بين الإمامين مسلم والدارقطني)
لشيخنا الوالد العلامة ربيع المدخلي-حفظه الله-وهو أطروحة علمية كثيرة الفوائد وفيها تمكن من علم العلل وقوة في عرض الأقوال ومناقشتهاوتحليلها ودراستها مع طول نفس وغزارة في المادة العلمية


https://www.tg-me.com/kradd2
2024/05/03 08:43:34
Back to Top
HTML Embed Code: