طلب السلامة .. أهم ما عند الرجل

ابن القيم | بدائع الفوائد
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
سُمِّيت ليلة القدر: "سلامًا"، أىِ: سالمة من كلِّ شرٍّ، بل هي خير لا شرَّ فيها.

ابن القيم | بدائع الفوائد
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
.

فصلٌ في توجُّهِ أهلِ السنّةِ إلى ربِّ العالمينَ أنْ ينصُرَ دينَه وكتابَه ورسولَه وعبادَه المؤمنينَ

هَذَا وَنصْرُ الدِّينِ فَرْضٌ لَازِمٌ ... لَا لِلْكِفَايَة بَلْ عَلَى الأَعْيَانِ
بِيَدٍ وإمَّا بِاللِّسَانِ فَإنْ عَجَزْ ... تَ فَبِالتَّوَجُّهِ والدُّعَا بِجَنَانِ
مَا بَعْدَ ذَا وَاللهِ للإيمَانِ حبَّـ ... ـةُ خَرْدَلٍ يَا نَاصِرَ الإيمَانِ
بِحَيَاةِ وَجْهِكَ خَيْرِ مَسؤُولٍ بِهِ ... وَبِنُورِ وَجْهِكَ يَا عَظِيمَ الشَّانِ
وبِحَقِّ نِعْمَتِكَ الَّتِي أَوْلَيْتَهَا ... مِنْ غَيْرِ مَا عِوَضٍ وَلَا أثْمَانِ
وَبِحَقِّ رَحْمَتِكَ الَّتِي وَسِعَتْ جَميـ ... ـعَ الخَلْقِ مُحْسِنَهُمْ كَذَاكَ الجَانِي
وبِحَقِّ أَسْمَاءٍ لَكَ الْحُسْنَى مَعَا ... نِيهَا نُعُوتُ الْمَدْحِ لِلرَّحْمنِ
وَبِحَقِّ حَمْدِكَ وَهْوَ حَمْدٌ وَاسِعُ الْـ ... أَكْوَانِ بَلْ أَضْعَافُ ذِي الأكْوَانِ
وبأنَّكَ اللهُ الإلهُ الحَقُّ مَعْـ ... ـبُودُ الوَرَى مُتَقَدِّسٌ عَنْ ثَانِ
بَلْ كُلُّ مَعْبُودٍ سِوَاكَ فَبَاطِلٌ ... مِنْ دُونِ عَرْشِكَ لِلثَّرَى التَّحتَانِي
وَبِكَ المَعَاذُ وَلا مَلَاذَ سِواكَ أَنْـ ... ـتَ غِيَاثُ كُلِّ مُلَدَّدٍ لَهْفَانِ
مَنْ ذَاكَ لِلمُضْطَرِّ يَسْمَعُهُ سِوَا ... كَ يُجِيبُ دَعْوَتَهُ مَعَ العِصْيَانِ
إنا تَوَجَّهْنَا إِلَيْكَ لِحَاجَةٍ ... تُرْضِيكَ طَالِبُهَا أَحَقُّ مُعَانِ
فاجْعَلْ قَضَاهَا بَعْضَ أَنْعُمِكَ الَّتِي ... سَبَغَتْ عَلَيْنَا مِنْكَ كُلَّ زَمَانِ
انْصُرْ كِتَابَكَ والرَّسُولَ وَدِينَكَ الْـ ... ـعَالِي الَّذِي أَنْزَلْتَ بالبُرْهَانِ
وَاخْتَرْتَهُ دِيْنًا لِنَفْسِكَ واصْطَفَيْـ ... ـتَ مُقِيمَهُ مِنْ سائر الإنْسَانِ
وَرَضِيْتَهُ دِينًا لِمَنْ تَرْضَاهُ مِنْ ... هَذَا الوَرَى هُوَ قَيِّمُ الأدْيَانِ
وَأَقِرَّ عَيْنَ رَسُولِكَ المبْعُوثِ بالدِّ ... ينِ الحَنِيفِ بِنَصْرهِ المُتَداني
وانْصُرْهُ بالنَّصْرِ العَزِيزِ كمِثْلِ مَا ... قَدْ كُنْتَ تَنْصُرُهُ بكُلِّ زَمَانِ
يَا رَبِّ وانصُرْ خَيْرَ حِزْبَيْنَا عَلَى ... حِزْبِ الضَّلَالِ وَعَسْكَرِ الشَّيْطَانِ
يَا رَبِّ وَاجْعَلْ شَرَّ حِزْبَيْنَا فِدىً ... لِخِيَارِهِمْ ولِعَسْكَرِ القُرْآنِ
يَا رَبِّ وَاجْعَلْ حِزْبَكَ المنْصُورَ أَهْـ ... ـلَ تَرَاحُمٍ وَتَواصُل وَتَدَانِ
يَا رَبِّ وَاحْمِهِمُ مِنَ الْبدَعِ الَّتي ... قَدْ أُحْدِثَتْ فِي الدِّيْنِ كُلَّ زَمَانِ
يَا رَبِّ جَنِّبْهُمْ طَرائِقَهَا الَّتِي ... تُفْضِي بِسَالِكِهَا إِلَى النِّيرَانِ
يَا رَبِّ وَاهْدِهِمُ بِنُورِ الوَحْي كَيْ ... يَصِلُوا إِلَيْكَ فيَظْفَرُوا بِجِنَانِ
يَا رَبِّ كُنْ لَهُمُ وَلِيًّا نَاصِرًا ... وَاحْفَظْهُمُ مِنْ فِتْنَةِ الفَتَّانِ
وَانْصُرْهُمُ يَا رَبِّ بِالحَقِّ الَّذِي ... أَنْزَلْتَهُ يَا مُنْزِلَ الفرقانِ
يَا رَبِّ إِنَّهُمُ هُمُ الغُرَبَاءُ قَدْ ... أوَوا إِلَيْكَ وَأَنْتَ ذُو الإحْسَانِ
يَا رَبِّ قَدْ عَادَوْا لأَجْلِكَ كُلَّ هَـ ... ـذَا الخَلْقِ إِلَّا صَادِقَ الإيْمَانِ
قَدْ فَارَقُوهُمْ فِيكَ أحْوَجَ مَا هُمُ ... دُنْيَا إِلَيْهِمْ فِي رِضَا الرَّحْمنِ
وَرَضُوْا وَلَايَتَكَ الَّتِي مَنْ نَالَهَا ... نالَ الأمَانَ وَنَالَ كُلَّ أَمَانِي
وَرَضُوا بِوَحْيِكَ مِنْ سِوَاهُ وَمَا ارْتَضَوْا ... بِسِوَاهُ مِنْ آرَاءِ ذِي الأذهانِ
يَا رَبِّ ثَبِّتْهُمْ عَلَى الإيمَانِ وَاجْـ ... ـعَلْهُمْ هُدَاةَ التَّائِهِ الحَيْرَانِ
وَانْصُرْ عَلَى حِزْبِ النُّفَاةِ عَسَاكِرَ الْـ ... إِثْبَاتِ أَهْلَ الحَقِّ والعِرْفَانِ
وَأقِمْ لأَهْلِ السُّنَّةِ النَّبَويَّةِ الْـ ... أنْصَارَ وَانْصُرْهُمْ بِكُلِّ مكانِ
وَاجْعَلْهُمُ لِلمتَّقِينَ أئِمَّةً ... وَارْزُقْهُمُ صَبْرًا مَعَ الإيقَانِ
تهْدِي بأَمْرِكَ لَا بِمَا قَدْ أحْدَثُوا ... وَدَعَوْا إِلَيْهِ النَّاسَ بالعُدْوَانِ
وَأَعِزَّهُمْ بالحَقِّ وَانْصُرْهُمْ بِهِ ... نَصْرًا عَزِيزًا أَنْتَ ذُو السُّلْطَانِ
وَاغْفِرْ ذُنُوبَهُمُ وَأَصْلِحْ شَأْنَهُمْ ... فَلَأَنْتَ أَهْلُ الْعَفْوِ وَالْغُفْرَانِ
وَلكَ المحَامِدُ كُلُّهَا حَمْدًا كَمَا ... يُرْضِيكَ لَا يَفْنَى عَلَى الأزْمَانِ
مِلْءَ السَّموَاتِ العُلَى والأرْضِ والْـ ... ـمَوْجُودِ بَعْدُ وَمُنْتَهَى الإمْكَانِ
مِمّا تشَاءُ وَرَاءَ ذَلِكَ كُلِّهِ ... حَمْدًا بِغَيْرِ نِهَايَةٍ بِزَمَانِ
وَعَلَى رَسُولِكَ أفْضلُ الصَّلَوَاتِ والتَّـ ... ـسْلِيمِ مِنْكَ وأكمَلُ الرِّضْوَانِ
وَعَلَى صَحَابَتِهِ جَمِيعًا والأُلَى ... تَبِعُوهُمُ مِنْ بَعْدُ بِالإحْسَانِ

ابن القيم
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
القلب لا يطمئنُّ إلّا بالإيمان واليقين، ولا سبيلَ إلى حصول الإيمان واليقين إلّا من القرآن، فإنّ سكون القلب وطمأنينته من يقينه ، واضطرابه وقلقَه من شكِّه. والقرآن هو المحصِّل لليقين، الدّافع للشُّكوك والظُّنون والأوهام، فلا تطمئنُّ قلوب المؤمنين إلّا به.

ابن القيم | مدارج السالكين
من أفضل ما سئل الله ــ عزَّ وجلَّ ــ حبُّه وحبُّ من يحبُّه، وحبُّ عملٍ يقرب إلى حبِّه، ومن أجمع ذلك أن يقول :
«اللهمَّ! إني أسألك حُبَّك، وحُبَّ من يحبُّك، وحُبَّ عملٍ يقرِّبني إلى حبك،
اللهمَّ! ما رزقتني مما أُحبُّ؛ فاجعله قوَّةً لي فيما تُحبُّ، وما زوْيتَ عني مما لا أحب؛ فاجعله فراغًا لي فيما تُحبُّ؛
اللهم! اجعل حبَّك أحبَّ إليَّ من أهلي، ومالي، ومن الماء البارد على الظمأ،
اللهم! حبّبني إليك، وإلى ملائكتك، وأنبيائك ورسلك وعبادك الصالحين. واجعلني ممن يحبك ويحب ملائكتك وأنبياءك وعبادك الصالحين.
اللهمَّ! أحي قلبي بحبِّك، واجعلني لك كما تحبُّ.
اللهم! اجعلني أُحبُّك بقلبي كلِّهِ، وأرضيك بجهدي كله.
اللهم! اجعل حبي كله لك، وسعيي كله في مرضاتك.


ابن القيم | روضة المحبين
الحمد لله ذي الإفضال والإنعام، والمِنن الجِسَام، والأيادي العِظَام، ذي الجلال والإكرام، الملك القدّوس السلام، الذي قدَّر مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف عام.

فقدَّر أرزاقهم وآجالهم، وكتب آثارهم وأعمالهم، وقسم بينهم معايشهم وأموالهم ــ وعرشه على الماء ــ قبل خلق الليالي والأيام.

فأبرم القضيَّة، وقدَّر البريَّة، وقال للقلم: اكتب، فجرى بما هو كائن في هذا العالم على تعاقب السِّنين والأعوام.

ثم خلق السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام، ثم استوى على عرشه المجيد بذاته، منفردًا بتدبير خلقه بالسَّعادة والشقاوة، والعطاء والمنع، والإحياء والإماتة، والخَفض والرَّفع، والإيجاد والإفناء، والنقضِ والإبرام.

{(يَسْأَلُهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ} [الرحمن:٢٩]، فلا يشغله سَمْعٌ عن سَمْع، ولا تُغَلِّطُه المسائل، ولا يتبَرَّم بإلحاح الملحِّين على الدوام. يسمع ضجيج الأصوات، باختلاف اللغات، على تَفنُّنِ الحاجات ، ويرى دبيبَ النملة السوداء، تحت الصَّخرة الصماء، في الليلة المدلهمَّة الشديدة الظلام.

لا تسقط ورقةٌ إلا بعلمه، ولا تتحرك ذرَّة إلا بإذنه، ولا يقع حادثٌ إلا بمشيئته، ولا يخلو مقدورٌ عن حكمته، فله الحكمة الباهرة، والآيات الظاهرة، والحجَّة البالغة، والنعمة السابغة على جميع الأنام.

وسع كل شيء رحمة وعلمًا، وأوسع كل مخلوق فضلًا وجودًا وحلمًا، وقَهَر كلَّ شيءٍ عزَّةً وحُكْمًا، فَعَنَت الوُجوهُ لجلال وجهه، وعجزت العقولُ عن معرفة كُنْهِه، وقامت البراهين على استحالة مثله وشِبْهِه. فهو الأول الذي ليس قبله شيء، والآخر الذي ليس بعده شيء، والظاهر الذي ليس فوقه شيء، والباطن الذي ليس دونه شيء، ذو الأسماء الحسنى، والصفات العُلى، وهو مُسْتوٍ على عرشه، مُسْتولٍ على خلقه، يسمع ويرى. كلَّم موسى تكليمًا، وتجلَّى للجبل فجعله دكًّا هشيمًا، فهو الحيُّ القيوم الذي لا ينام، ولا ينبغي له أن ينام.

يخفض القِسْط ويرفعه، يُرفَع إليه عمل الليل قبل النهار، وعمل النهار قبل الليل، حجابه النور، لو كشفه لأحرقت سُبُحَاتُ وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه.

فهو أقرب شهيد، وأدنى حفيظ، وأعظم رقيب، وأرأف رحيم، حال دون النفوس، وأخذ بالنواصي، وكتب الآثار، ونسخ الآجال، فأزِمَّة الأمور بيديه، ومرجعها كلها إليه، فالقلوب له مُفْضِية، والسِّرُّ عنده علانية، والمستور لديه مكشوف، وكلُّ أحدٍ إليه فقير مَلْهوف على الدوام.

فسبحان مَن نفذ حكمُه في بريّته، وعدل بينهم في أقضيته، وعمَّهم برحمته، وصرَّفهم تحت مشيئته وحكمته، وأكرمهم بتوحيده ومعرفته، وجعل أهل ذكره أهل مجالسته، وأهل شكره أهل زيادته، وأهل طاعته أهل كرامته، وأهل معصيته لا يُقنطهم من رحمته، إن تابوا فهو حبيبهم، {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ} [البقرة: ٢٢٢]، وإن أصرُّوا فهو طبيبُهُم، يبتليهم بأنواع المصائب؛ ليطهّرهم من الدَّنَس والآثام...

ابن القيم | شفاء العليل
.
تبارك من جعل كلامه شفاءً لصدور المؤمنين، وحياةً لقلوبهم، ونورًا لبصائرهم، وغذاءً لقلوبهم، ودواءً لأسقامهم، وقرةً لعيونهم، وفتح به منهم أعينًا عُميًا، وآذانًا صُمًّا وقلوبًا غلفًا،...فأشرقت به الوجوه، واستنارت به القلوب.

ابن القيم | الكلام على مسألة السماع
تقبل الله منا ومنكم، وكل عام وأنتم بخير.
اسْتُدِل على تفضيل النِّكاح على التَّخَلِّي لنوافل العِبادة: بأن الله عز وجل اختار النكاحِ لأنبيائه ورسله، فقال: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرِّيَّةً} [الرعد: 38] وقال في حق آدم: {وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا} [الأعراف: 189] واقتطع من زمن كليمهِ عشرَ سنينَ في رعاية الغنم مهر الزوجة، ومعلومٌ مقدارُ هذه السنينَ العشرِ في نوافل العبادات.

واختار لنبيه محمد - صلى الله عليه وسلم - أفضلَ الأشياء فلم يخْتَر له ترك النكاح؛ بل زوَّجه بتسعٍ فما فوقهن، ولا هَدْيَ فوقَ هديه.

ولو لم يكنْ فيه إلا سرورُ النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم المباهاة بأمَّتِهِ.

ولو لم يكن فيه إلا أنه بِصَدَدِ أنه لا ينقطعُ عملُهُ بموته.

ولو لم يكُنْ فيه إلّا أنه يخرجُ من صُلْبه من يشهدُ للهِ بالوحدانية ولرسوله بالرسالة.

ولو لم يكن فيه إلا غضُّ بصره، وإحصانُ فرجه عن التفاتِهِ إلى ما حرَّم اللهُ.

ولو لم يكن فيه إلا تحصينُ امرأةِ يُعِفُّها اللهُ به، ويُثيبُه على قضاء وَطَرِه ووَطَرِها، فهو في لَذاتِه وصحائفُ حسناته تتزايَدُ.

ولو لم يكنْ فيه إلا ما يُثابُ عليه من نفقته على امرأته وكسوتها ومسكنها ورفع اللُّقمة إلى فيها.

ولو لم يكن فيه إلا تكثيرُ الإسلام وأهله وغيظُ أعداء الإسلام.

ولو لم يكنْ فيه إلا ما يترتَّب عليه من العبادات التي لا تحصل للمُتخَلِّي للنوافل.

ولو لم يكن فيه إلا تعديلُ قوته الشَّهوانية الصَّارفة له عن تعلُّق قلبه بما هو أنفع له في دينه ودنياه، فإن تعلُّقَ القلب بالشَّهوة ومجاهدته عليها تصدُّه عن تعلّقِه بما هو أنفعُ له، فإن الهمَّة متى انصرفت إلى شيءٍ انصرفتْ عن غيره.

ولو لم يكن فيه إلا تعرضه لبناتٍ إذا صَبَر عليهن وأحسنَ إليهنَّ كُنَّ له سِترًا من النار.

ولو لم يكن فيه إلا أنه إذا قدَّم له فرَطين لم يبلغا الحِنْثَ أدخلَه الله بهما الجنَّةَ.

ولو لم يكن فيه إلا استجلابُه عونَ الله له فإن في الحديث المرفوع: "ثَلاثَةٌ حَقٌّ علَى اللهِ عَوْنُهُمْ: النَّاكحُ يُريدُ العَفَافَ، وَالمُكَاتِبُ يُرِيد الأَدَاءَ، وَالمُجَاهِدُ".

ابن القيم | بدائع الفوائد
.
ذكر الله عز وجل يُذْهِب عن القلب مَخَاوِفَه كلَّها..

ابن القيم | الوابل الصيب
كان له - صلى الله عليه وسلم - حزب يقرؤه، لا يُخِلُّ به، وكانت قراءته ترتيلًا، لا هذًّا ولا عجلةً، بل قراءةً مفسَّرةً حرفًا حرفًا .

ابن القيم | زاد المعاد
فإنّ من لم ير نعمةَ الله عليه إلّا في مأكلِه وملبسِه وعافيةِ بدنه وقيامِ وجهه بين النّاس، فليس له نصيبٌ من هذا النُّور البتّة. فنعمةُ الله بالإسلامِ والإيمانِ وجذبِ عبده إلى الإقبال عليه، والتّنعُّمِ بذكره، والتّلذُّذِ بطاعته= هو أعظمُ النِّعم، وهذا إنّما يُدرَك بنورِ العقل وهدايةِ التّوفيق.

ابن القيم | مدارج السالكين
قراءةُ القرآن أفضلُ من الذِّكْر، والذِّكْرُ أفضلُ من الدعاء، هذا مِنْ حيث النظر إلى كُلٍّ منهما مُجَرَّدًا.

وقد يَعْرِضُ للمفضول ما يجعله أولى من الفاضل، بل يُعَيِّنُه، فلا يجوز أَنْ يُعْدَلَ عنه إلى الفاضل، وهذا كالتسبيح في الركوع والسجود؛ فإنه أفضل من قراءة القرآن فيهما، بل القراءةُ فيهما مَنْهِيٌّ عنها نَهْيَ تحريم أو كراهة، وكذلك التسميع والتحميد في مَحَلِّهما أفضل من القراءة ، وكذلك التشهد، وكذلك "رب اغفر لي وارحمني واهدني وعافني وارزقني" بين السَّجدتين أفضل من القراءة، وكذلك الذكر عَقِيب السلام من الصلاة -ذكرُ التهليل، والتسبيح، والتكبير، والتحميد- أفضلُ من الاشتغال عنه بالقراءة، وكذلك إجابةُ المؤذن والقولُ كما يقول أفضل من القراءة، وإن كان فضل القرآن على كلِّ كلامٍ كفضل الله تعالى على خلقه، لكنْ لكلِّ مقامٍ مقالٌ، متى فات مقالُه فيه وعُدِلَ عنه إلى غيره اخْتَلَّتْ الحكمة، وفاتت المصلحة المطلوبة منه.

وهكذا الأذكار المُقَيَّدَةُ بِمَحَالَّ مخصوصةٍ أفضلُ من القراءة المطلقة، والقراءةُ المطلقة أفضل من الأذكار المطلقة، اللَّهُمَّ إلا أن يَعْرِضَ للعبدِ ما يجعل الذكر أو الدعاء أنفع له من قراءة القرآن.

مثالُه: أن يتفكر في ذنوبه، فَيُحْدِثُ ذلك له توبة واستغفارًا، أو يَعْرِضَ له ما يَخافُ أذاه من شياطين الإنس والجن، فيَعْدِلَ إلى الأذكار والدَّعواتِ التي تُحَصِّنُه وَتَحُوطُه.

وكذلك أيضًا قد يَعْرِضُ للعبد حاجةٌ ضرورية إذا اشتغل عن سؤالها بقراءةٍ أو ذِكْرٍ لم يَحْضُرْ قلبُه فيها، وإذا أقبل على سؤالها والدعاء لها اجتمع قلبه كله على الله تعالى، وأحدث له تضرُّعًا وخشوعًا وابتهالًا، فهذا قد يكون اشتغاله بالدعاء -والحالة هذه- أنفعُ، وإن كان كلٌّ من القراءة والذكر أفضل وأعظم أجرًا .

وهذا بابٌ نافعٌ يحتاج إلى فِقْه نَفْسٍ، وفُرْقانٍ بين فضيلة الشيء في نفسه وبين فضيلته العارضة، فَيُعْطَى كلُّ ذي حقٍّ حقَّه، ويُوضَعُ كلُّ شيءٍ مَوْضِعَه .

ابن القيم | الوابل الصيب
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
ثلاثُ كلماتٍ كان يكتب بها بعضُ السلف إلى بعض، فلو نَقَشَها العبدُ في لوح قلبه يقرؤها على عدد الأنفاس لكان ذلك بعض ما يستحقه، وهي: "مَن أصلحَ سَرِيرتَه أصلحَ اللهُ علانيتَه، ومَن أصلح ما بينه وبين الله أصلحَ اللهُ ما بينَه وبينَ الناس، ومَن عَمِلَ لآخرتِه كفاه الله مَؤُوْنةَ دنياه".

ابن القيم | الرسالة التبوكية
اشتدَّ نهي النبي - صلى الله عليه وسلم - للمصلِّي أن يَرفع بصره إلى السماء، وتوعَّدهم على ذلك بخطف أبصارهم؛ إذ هذا من كمال الأدب مع مَنِ المصلي واقفٌ بين يديه، بل ينبغي له أن يقف ناكس الرَّأس، مطرقًا إلى الأرض، ولولا أن رب العالمين سبحانه فوق سمواته على عرشه؛ لم يكن فرقٌ بين النظر إلى فوق أو إلى أسفل.

ابن القيم | روضة المحبين
الحيوان يميِّز بطبعه بين مواقع ما يضرُّه وما ينفعه، فيؤثر النافع على الضارِّ، والإنسان أُعطي العقل لهذا المعنى، فإذا لم يميِّز به بين ما يضرُّه وما ينفعه، أو عرف ذلك، وآثر ما يضرُّه؛ كان حال الحيوان البهيم أحسنَ منه، ويدُلُّ على ذلك: أنَّ البهيمة تصيب من لذة المطعم، والمشرب، والمنكح ما لا يناله الإنسان مع عيش هنيءٍ خالٍ عن الفكر، والهَمِّ، ولهذا تُساق إلى منحرها، وهي منهمكةٌ على شهواتها؛ لفقدان العلم بالعواقب، والآدمي لا يناله ما يناله الحيوان لقوَّة الفكر الشَّاغل، وضعف الآلة المستعملة، وغير ذلك، فلو كان نيل المشتهى فضيلةً؛ لما بُخِسَ منه حقُّ الآدمي الَّذي هو خلاصة العالم، ووفرَ منه حظُّ البهائم، وفي توفير حظِّ الآدميِّ من العقل، والعلم، والمعرفة عوضٌ عن ذلك.

ابن القيم | روضة المحبين
2024/05/08 09:04:19
Back to Top
HTML Embed Code: