يُمَثِّلُ النساءُ الغالياتُ قي المطالبة بحقوق المرأة فَصْلًا من رواية العاطفة في شكل فصلٍ من الحقِّ؛ يُرِدْنَ المُطارَدَة و السَّلام...
الرافعي
الرافعي
Forwarded from المرابطات على الثغور
"أخيَّاتي يا معاقل الإسلام، رعاكنَّ الله..!!
نحن أمام حقيقة ماثلة للعيان، يدركها كل مفكر ولا تحتاج إلى ذكاء كبير لفهم مقاصدها.
إن المجتمع الغربي الذي ملكتِ زمام ناصيتك، لم يقدم لأي امرأة في الدنيا منهجًا مدروسًا لضمان حقوقها في العفة والشرف، وهو آخذ بيدها في تيار إعصار عارم، منجرف إلى هاوية سحيقة من الرغبة الجانحة، رغبة في الوصول في أسرع وقت ممكن إلى أعلى لذة ممكنة.
أختي، يا رعاكِ الرحمن..!!
وما قطاف هذا السباق من ثمار اللذة العاجلة إلا هتك شرف، وتمريغ عرض عزيز بالوحل أمام ناظريك.
أيتها الغالية..!!
النتائج الأليمة يراها الجميع ولا ينكرها أحد. وما يريدون تصديره لكِ يا نسل الهدى بأرض التوحيد عندما يُوزن بميزان المنطق، سوف يظهر لكِ جليًّا صلته بأهواء الرجل ولا غير ذلك.
أختاه.. هذه الحقوق التي كُفلت لكِ من قبلهم لا تتعدى أن تكوني مشاعًا لكل الرجال، يا دُرَّة في سماء إسلامكِ.
حبيبتي..!!
وفي السباق للتساوي في الحرية مع الرجل، ثم الانفلات والخروج معه، ثقي أنكِ الخاسرة في نتيجته، لأن القضية ببساطة، الرجل فيها هو الخصم والحكم.
في حين أن خروج حريتك من نطاق السباق البشري إلى القضاء العلوي، إلى حكم وقضاء الرب، والمولى، والقاهر فوق العباد، تحصلين على حريتك الكاملة، ومعها العدل والإنصاف، إحقاقًا للحق أيتها العزيزة.
لأن القاضي هنا هو الله وحده.. فاتقي الله في نفسكِ وعرض أمتكِ.
إن الذنوب جراحات، أيتها الحبيبة، ورب جرح أصاب مقتلًا. وألزمي مكانكِ تحمدي، وإياكِ والهاوية..
إن السقوط فيها لن يؤسف عليه أحد سواكِ، وأول الشامتين بكِ هو من رماكِ.
أختاه، يُكمم فاكِ خئون بغيض ليخنق صيحات عرض مذاب.
وقد طمأنوكِ بورود الطريق وأمن السبيل وسحر المآب."
"فهلا أفقتِ؟! وهذا نداء حريص عليكِ لدفع المصاب.
أيرضيكِ عهر لكل الرجال؟! أخية، فبعد الصحب صحاب.
اللهم انظر بعين الرحمة لأمة التوحيد، وخذ بنواصينا إلى مرضاتك، وردنا جميعًا إليك مردًّا جميلًا.. اللهم آمين.
والله من وراء القصد،،،"
#مرابطات
نحن أمام حقيقة ماثلة للعيان، يدركها كل مفكر ولا تحتاج إلى ذكاء كبير لفهم مقاصدها.
إن المجتمع الغربي الذي ملكتِ زمام ناصيتك، لم يقدم لأي امرأة في الدنيا منهجًا مدروسًا لضمان حقوقها في العفة والشرف، وهو آخذ بيدها في تيار إعصار عارم، منجرف إلى هاوية سحيقة من الرغبة الجانحة، رغبة في الوصول في أسرع وقت ممكن إلى أعلى لذة ممكنة.
أختي، يا رعاكِ الرحمن..!!
وما قطاف هذا السباق من ثمار اللذة العاجلة إلا هتك شرف، وتمريغ عرض عزيز بالوحل أمام ناظريك.
أيتها الغالية..!!
النتائج الأليمة يراها الجميع ولا ينكرها أحد. وما يريدون تصديره لكِ يا نسل الهدى بأرض التوحيد عندما يُوزن بميزان المنطق، سوف يظهر لكِ جليًّا صلته بأهواء الرجل ولا غير ذلك.
أختاه.. هذه الحقوق التي كُفلت لكِ من قبلهم لا تتعدى أن تكوني مشاعًا لكل الرجال، يا دُرَّة في سماء إسلامكِ.
حبيبتي..!!
وفي السباق للتساوي في الحرية مع الرجل، ثم الانفلات والخروج معه، ثقي أنكِ الخاسرة في نتيجته، لأن القضية ببساطة، الرجل فيها هو الخصم والحكم.
في حين أن خروج حريتك من نطاق السباق البشري إلى القضاء العلوي، إلى حكم وقضاء الرب، والمولى، والقاهر فوق العباد، تحصلين على حريتك الكاملة، ومعها العدل والإنصاف، إحقاقًا للحق أيتها العزيزة.
لأن القاضي هنا هو الله وحده.. فاتقي الله في نفسكِ وعرض أمتكِ.
إن الذنوب جراحات، أيتها الحبيبة، ورب جرح أصاب مقتلًا. وألزمي مكانكِ تحمدي، وإياكِ والهاوية..
إن السقوط فيها لن يؤسف عليه أحد سواكِ، وأول الشامتين بكِ هو من رماكِ.
أختاه، يُكمم فاكِ خئون بغيض ليخنق صيحات عرض مذاب.
وقد طمأنوكِ بورود الطريق وأمن السبيل وسحر المآب."
"فهلا أفقتِ؟! وهذا نداء حريص عليكِ لدفع المصاب.
أيرضيكِ عهر لكل الرجال؟! أخية، فبعد الصحب صحاب.
اللهم انظر بعين الرحمة لأمة التوحيد، وخذ بنواصينا إلى مرضاتك، وردنا جميعًا إليك مردًّا جميلًا.. اللهم آمين.
والله من وراء القصد،،،"
#مرابطات
إنّ مادّة حوادث التاريخ هم أولئك العظماء...فإنّك لتجد الرّجل العظيم في أخلاقه العالية وسجاياه الكريمة...وفي تأثير هذه الأخلاق والسَّجايا على الناس- أشبهَ بالفتح التاريخي المبين...وبالنّصر القويّ العزيز...ويكون الرّجل إنساناً ولكنّه تاريخ...وتجد إلى جانبه المنافق العظيم-في أخلاقه السيّئة وطباع اللئيمة...وفي تأثير هذه الأخلاق والطّباع على الناس- أشبه بتاريخ ضَربةٍ من ضربات الله...أو مَجزرة من مجازر الحروب...ويكون إنساناً ولكنّه على ذلك تاریخ!
السحاب الأحمر 🌷
السحاب الأحمر 🌷
فهي تحت الحِجاب؛ لأنه رَمزُ الأمانةِ لمُستقبلِها، ورَمزُ الفصلِ بين ما يَحسُنُ وما لا يَحسُن، ولأنَّ وراءَه صَفاءَ روحِها الذي تخشى أن يُكَدَّر، وثباتَ كيانِها الذي تخشى أن يُزعزَع.
#وحي_القلم🍒
#وحي_القلم🍒
Forwarded from درر الإمام ابن القيم-رحمه الله-.
قال ابن القيم رحمه الله:
النظرة تُوَلِّدُ خطرة
ثم تولد الخطرة فكرة
ثم تولد الفكرة شهوة
ثم تولد الشهوة إرادة جازمة
فيقع الشر والعياذ بالله.
- فمن لم يحفظ بصره لم يحفظ فرجه ،
قالى تعالى: ( قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم
ويحفظوا فروجهم )…
الجواب الكافي ص٧٩
النظرة تُوَلِّدُ خطرة
ثم تولد الخطرة فكرة
ثم تولد الفكرة شهوة
ثم تولد الشهوة إرادة جازمة
فيقع الشر والعياذ بالله.
- فمن لم يحفظ بصره لم يحفظ فرجه ،
قالى تعالى: ( قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم
ويحفظوا فروجهم )…
الجواب الكافي ص٧٩
Forwarded from مصطفى لطفي المنفلوطي
أين الفضيلة:
قرأت في بعض الروايات أن فتى قضى حقبة من دهره مولعًا بحب فتاة خيالية لم يرها مرة واحدة في حياته، وإنما تخيل في ذهنه صورة ألفها من شتى المحاسن ومتفرقاتها في صور البشر، فلما استقرت في مخيلته تجسمت في عينيه فرآها فأحبها حبا ملك عليه قلبَه، وحال بينه وبين نفسه وذهب به كل مذهب، فأنشأ يفتش عنها بين سمع الأرض وبصرها أعوامًا طوالًا حتى وجدها.
لا أستطيع أن أكذب هذه القصة لأني أنا ذلك الفتى بعينه لا فرق بيني وبينه إلا أنه يسمي ضالته الفتاة، وأسميها الفضيلة وأنه فتش عنها فوجدها، وفتشت عنها حتى عييت بأمرها فما وجدت إليها سبيلًا.
فتشت عن الفضيلة في حوانيت التجار، فرأيت التاجر لصًّا في أثواب بائع، وجدته يبيعني بدينارين ما ثمنه دينار واحد، فعلمت أنه سارق للدينار الثاني، ولو وكل إلي أمر القضاء ما هان على أن أعاقب لصوص الدراهم، وأغفل لصوص الدنانير ما دام كل منهما يسلبني مالي ويتغفلني عنه.
أنا لا أنكر على التاجر ربحه، ولكن أنكر عليه أن يتناول منه أكثر من الجزاء الذي يستحقه على جهد نفسه في جلب السلعة وبذل راحته في صونها وإحرازها، وكل ما أعرف من الفرق بين حلال المال وحرامه أن الأول بدل الجد والعمل، والثاني بدل الغش والكذب.
فتشت عن الفضيلة في مجالس القضاء، فرأيت أن أعدل القضاة من يحرص الحرص كله على أن لا يهفو في تطبيق القانون الذي بين يديه هفوة يحاسبه عليها من منحه هذا الكرسي الذي يجلس عليه؛ مخافة أن يسلبه إياه، أما إنصاف المظلوم والضرب على يد الظالم، وإراحة الحقوق على أهلها وإنزال العقوبات منازلها من الذنوب، فهي عنده ذيول وأذناب لا يأبه1 لها ولا يحتفل بشأنها إلا إذا أشرق عليها الكوكب بسعده، فمشت مع القانون في طريق واحد مصادفة واتفاقا، فإذا اختلف طريقهما بين يديه حكم بغير ما يعتقد، ونطق بغير ما يعلم ودان البريء وبرَّأ الجاني، فإذا عتب عليه في ذلك عاتب كانت معذرته إليه حكم القانون عليه، كأنما يريد أن يجعل العقل أسير القانون وما القانون إلا حسنة من حسنات العقل وصنيعة من صنائعه، فتشت عن الفضيلة في قصور الأغنياء فرأيت الغني إما شحيحًا أو متلافًا، أما الأول فلو كان جارًا لبيت فاطمة -رضي الله عنها- وسمع في جوف الليل أنينها وأنين ولديها من الجوع ما مد أصبعيه إلى أذنيه ثقة منه أن قلبه المتحجر لا تنفذه أشعة الرحمة، ولا تمر بين طياته نسمات الإحسان، وأما الثاني فما له بين ثغر الحسناء، وثغر الصهباء، فعلى يد أي رجل من هذين الرجلين تدخل الفضيلة قصور الأغنياء.
فتشت عنها في مجالس السياسة؛ فرأيت أن المعاهدة والاتفاق والقاعدة والشرط ألفاظ مترادفة معناها الكذب، ورأيت أن الملك في كرسي مملكته، كالحوذي في كرسي عربته، لا فرق بينهما إلا أن هذا ينقض "تعريفته"، وذاك ينقض معاهدته، ورأيت أن أعدى عدو للإنسان الإنسان، وأن كل أمة قد أعدت في مخازنها ومستودعاتها، وفي بطون قلاعها وعلى ظهور سفنها، وفوق متون طياراتها ما شاء الله أن تعده لاختها من عدد الموت وأفانين العذاب، حتى إذا وقع بينهما الخلف على حد من الحدود أو لقب من الألقاب لبس الإنسان فروة السبع، واتخذ له من تلك العدد الوحشية أظفارًا كأظفاره وأنيابا كأنيابه فشحذ الأولى وكشَر عن الأخرى، ثم هجم على ولد أبيه وأمه هجمة لا يعود منها إلا به أو بنفسه التي جنبيه، وإنك لو سألت الجنديين المتقاتلين ما خطبكما، وما شأنكما وعلام تقتتلان، وما هذه الموْجدة التي تحملانها بين جنبيكما، ومتى ابتدأت الخصومة بينكما وعهدي بكما أنكما ما تعارفتما إلا في الساعة التي اقتتلتما فيها لعرفت أنهما مخدوعان عن نفسيهما، وأنهما ما خرجا من ديارهما ليضعا درّة في تاج الملك أو "نيشانا" على صدر القائد.
فتشت عنها بين رجال الدين ورجال الصحف؛ فرأيت أنهما يتجران بالعقول في أسواق الجهل، ورأيت كلا منهما قد ثغر له في كل رأس من رؤوس البشر ثغرة ينحدر منها إلى العقول فيفسدها والقلوب فيقتلها؛ ليتوسل بذلك إلى الذخائر فيسرقها والخزائن فيسلبها، هذا باسم السياسة وذاك باسم الدين.
فتشت عنها في كل مكان أعلم أنه تربتها وموطنها فلم أعثر بها فليت شعري هل أجدها في الحانات والمواخير أو في مغارات اللصوص أو بين جدران السجون.
سيقول كثير من الناس قد غلا الكاتب في حكمه، وجاوز الحد في تقديره، فالفضيلة لا تزال تجد في صدور كثير من الناس صدرًا رحبًا، وموردًا عذبًا، وإني قائل لهم قبل أن يقولوا كلمتهم: إني لا أنكر وجود الفضيلة، ولكني أجهل مكانها، فقد عقد رياء الناس أمام عيني سحابة سوداء، أظلم لها بصري حتى ما أجد في صفحة السماء نجمًا لامعًا، ولا كوكبًا طالعًا.
كل الناس يدعي الفضيلة وينتحلها، وكلهم يلبس لباسها ويرتدي رداءها ويعد لها عدتها من منظر يستهوي الأذكياء والأغبياء ومظهر يخدع أسوأ الناس بالناس ظنًا، فمن لي بالوصول اليها في هذا الظلام الحالك والليل الأليل.
قرأت في بعض الروايات أن فتى قضى حقبة من دهره مولعًا بحب فتاة خيالية لم يرها مرة واحدة في حياته، وإنما تخيل في ذهنه صورة ألفها من شتى المحاسن ومتفرقاتها في صور البشر، فلما استقرت في مخيلته تجسمت في عينيه فرآها فأحبها حبا ملك عليه قلبَه، وحال بينه وبين نفسه وذهب به كل مذهب، فأنشأ يفتش عنها بين سمع الأرض وبصرها أعوامًا طوالًا حتى وجدها.
لا أستطيع أن أكذب هذه القصة لأني أنا ذلك الفتى بعينه لا فرق بيني وبينه إلا أنه يسمي ضالته الفتاة، وأسميها الفضيلة وأنه فتش عنها فوجدها، وفتشت عنها حتى عييت بأمرها فما وجدت إليها سبيلًا.
فتشت عن الفضيلة في حوانيت التجار، فرأيت التاجر لصًّا في أثواب بائع، وجدته يبيعني بدينارين ما ثمنه دينار واحد، فعلمت أنه سارق للدينار الثاني، ولو وكل إلي أمر القضاء ما هان على أن أعاقب لصوص الدراهم، وأغفل لصوص الدنانير ما دام كل منهما يسلبني مالي ويتغفلني عنه.
أنا لا أنكر على التاجر ربحه، ولكن أنكر عليه أن يتناول منه أكثر من الجزاء الذي يستحقه على جهد نفسه في جلب السلعة وبذل راحته في صونها وإحرازها، وكل ما أعرف من الفرق بين حلال المال وحرامه أن الأول بدل الجد والعمل، والثاني بدل الغش والكذب.
فتشت عن الفضيلة في مجالس القضاء، فرأيت أن أعدل القضاة من يحرص الحرص كله على أن لا يهفو في تطبيق القانون الذي بين يديه هفوة يحاسبه عليها من منحه هذا الكرسي الذي يجلس عليه؛ مخافة أن يسلبه إياه، أما إنصاف المظلوم والضرب على يد الظالم، وإراحة الحقوق على أهلها وإنزال العقوبات منازلها من الذنوب، فهي عنده ذيول وأذناب لا يأبه1 لها ولا يحتفل بشأنها إلا إذا أشرق عليها الكوكب بسعده، فمشت مع القانون في طريق واحد مصادفة واتفاقا، فإذا اختلف طريقهما بين يديه حكم بغير ما يعتقد، ونطق بغير ما يعلم ودان البريء وبرَّأ الجاني، فإذا عتب عليه في ذلك عاتب كانت معذرته إليه حكم القانون عليه، كأنما يريد أن يجعل العقل أسير القانون وما القانون إلا حسنة من حسنات العقل وصنيعة من صنائعه، فتشت عن الفضيلة في قصور الأغنياء فرأيت الغني إما شحيحًا أو متلافًا، أما الأول فلو كان جارًا لبيت فاطمة -رضي الله عنها- وسمع في جوف الليل أنينها وأنين ولديها من الجوع ما مد أصبعيه إلى أذنيه ثقة منه أن قلبه المتحجر لا تنفذه أشعة الرحمة، ولا تمر بين طياته نسمات الإحسان، وأما الثاني فما له بين ثغر الحسناء، وثغر الصهباء، فعلى يد أي رجل من هذين الرجلين تدخل الفضيلة قصور الأغنياء.
فتشت عنها في مجالس السياسة؛ فرأيت أن المعاهدة والاتفاق والقاعدة والشرط ألفاظ مترادفة معناها الكذب، ورأيت أن الملك في كرسي مملكته، كالحوذي في كرسي عربته، لا فرق بينهما إلا أن هذا ينقض "تعريفته"، وذاك ينقض معاهدته، ورأيت أن أعدى عدو للإنسان الإنسان، وأن كل أمة قد أعدت في مخازنها ومستودعاتها، وفي بطون قلاعها وعلى ظهور سفنها، وفوق متون طياراتها ما شاء الله أن تعده لاختها من عدد الموت وأفانين العذاب، حتى إذا وقع بينهما الخلف على حد من الحدود أو لقب من الألقاب لبس الإنسان فروة السبع، واتخذ له من تلك العدد الوحشية أظفارًا كأظفاره وأنيابا كأنيابه فشحذ الأولى وكشَر عن الأخرى، ثم هجم على ولد أبيه وأمه هجمة لا يعود منها إلا به أو بنفسه التي جنبيه، وإنك لو سألت الجنديين المتقاتلين ما خطبكما، وما شأنكما وعلام تقتتلان، وما هذه الموْجدة التي تحملانها بين جنبيكما، ومتى ابتدأت الخصومة بينكما وعهدي بكما أنكما ما تعارفتما إلا في الساعة التي اقتتلتما فيها لعرفت أنهما مخدوعان عن نفسيهما، وأنهما ما خرجا من ديارهما ليضعا درّة في تاج الملك أو "نيشانا" على صدر القائد.
فتشت عنها بين رجال الدين ورجال الصحف؛ فرأيت أنهما يتجران بالعقول في أسواق الجهل، ورأيت كلا منهما قد ثغر له في كل رأس من رؤوس البشر ثغرة ينحدر منها إلى العقول فيفسدها والقلوب فيقتلها؛ ليتوسل بذلك إلى الذخائر فيسرقها والخزائن فيسلبها، هذا باسم السياسة وذاك باسم الدين.
فتشت عنها في كل مكان أعلم أنه تربتها وموطنها فلم أعثر بها فليت شعري هل أجدها في الحانات والمواخير أو في مغارات اللصوص أو بين جدران السجون.
سيقول كثير من الناس قد غلا الكاتب في حكمه، وجاوز الحد في تقديره، فالفضيلة لا تزال تجد في صدور كثير من الناس صدرًا رحبًا، وموردًا عذبًا، وإني قائل لهم قبل أن يقولوا كلمتهم: إني لا أنكر وجود الفضيلة، ولكني أجهل مكانها، فقد عقد رياء الناس أمام عيني سحابة سوداء، أظلم لها بصري حتى ما أجد في صفحة السماء نجمًا لامعًا، ولا كوكبًا طالعًا.
كل الناس يدعي الفضيلة وينتحلها، وكلهم يلبس لباسها ويرتدي رداءها ويعد لها عدتها من منظر يستهوي الأذكياء والأغبياء ومظهر يخدع أسوأ الناس بالناس ظنًا، فمن لي بالوصول اليها في هذا الظلام الحالك والليل الأليل.
Forwarded from مصطفى لطفي المنفلوطي
إن كان صحيحًا ما يتحدث به الناس من سعادة الحياة وطيبها وغبطتها ونعيمها فسعادتي فيها أن أعثر في طريقي في يوم من أيام حياتي بصديق يَصدُقني الود، وأصدقه فيقنعه مني ودي وإخلاصي دون أن يتحاوز ذلك إلى ما وراءه من مآرب وأغراض أن يكون شريف النفس، فلا يطمع في غير مطمع شريف القلب فلا يحمل حقدًا ولا يحفظ وترًا، ولا يحدث نفسه في خلوته بغير ما يحدث به الناس في محضره شريف اللسان، فلا يكذب ولا ينم ولا يلم بعرض، ولا ينطق بهجر شريف الحب، فلا يحب غير الفضيلة، ولا يبغض غير الرذيلة.
هذه هي السعادة التي أتمناها ولكني لا أراها.
#النظرات
#المنفلوطي
هذه هي السعادة التي أتمناها ولكني لا أراها.
#النظرات
#المنفلوطي
Forwarded from مصطفى لطفي المنفلوطي
الغني والفقير:
مررت ليلة أمس برجل بائس فرأيته واضعا يده على بطنه كأنما يشكو ألما فرثيت لحاله وسألته ما باله فشكا إلى الجوع ففثأته عنه ثم تركته، وذهبت إلى زيارة صديق لي من أرباب الثراء والنعمة فأدهشني أني رأيته واضعا يده على بطنه، وأنه يشكو من الألم ما يشكو ذلك البائس الفقير، فسألته عما به فشكا إلى البطنة فقلت يا للعجب: لو أعطى الغنيُّ الفقيرَ ما فضل عن حاجته من الطعام ما شكا واحد منهما سقما، ولا ألمًا، لقد كان جديرًا به أن يتناول من الطعام ما يشبع جوعته. ويطفئ غلته، ولكنه كان محبًّا لنفسه مغاليا بها فضم إلى مائدته ما اختلسه من صفحة الفقير، فعاقبه الله على قسوته بالبطنة حتى لا يهنئ للظالم ظلمه، ولا يطيب له عيشه، وهكذا يصدق المثل القائل: بطنة الغني انتقام لجوع الفقير:
ما ضنت السماء بمائها، ولا شحت الأرض بنباتها، ولكن حسد القويُّ الضعيفَ عليهما فزواهما واحتجنهما دونه فأصبح فقيرًا معدمًا. شاكيًا متظلمًا. غرماؤه المياسير الأغنياء، لا الأرض والسماء.
ليتني أملك ذلك العقل التي يملكه هؤلاء الناس، فأستطيع أن أتصور كما يتصورون حجة الأقوياء في أنهم أحق بإحراز المال، وأولى بامتلاكه من الضعفاء، إن كانت القوة حجتهم عليهم، فلم لا يملكون بهذه الحجة سلب أرواحهم كما ملكوا سلب أموالهم، وما الحياة في نظر الحي بأثمن قيمة من اللقمة في يد الجائع، وإن كانت حجتهم أنهم ورثوا ذلك المال من آبائهم، قلنا لهم: إن كانت الأبوة علة الميراث، فلم ورثتم آباءكم في أموالهم، ولم ترثوهم في مظالمهم، فلقد كان آباؤكم في أموالهم، ولم ترثوهم في مظالمهم، فلقد كان آباؤكم أقوياء؛ فاغتصبوا ذلك المال من الضعفاء، وكان حقًّا عليهم أن يردوا إليهم ما اغتصبوا منهم، فإن كنتم لا بد ورثاءهم فاخلفوهم في رد المال إلى أربابه، لا في الاستمرار على اغتصابه.
ما أظلم الأقوياء من بني الإنسان، وما أقسى قلوبهم، ينام أحدهم ملء جفنيه على فراشة الوثير ولا يقلقه في مضجعه أنه يسمع أنين جاره وهو يرعد بردًا، ويجلس أمام مائدة حافلة بصنوف الطعام قديده وشوائه حلوه ومُرّه، ولا ينغص عليه شهوته علمه أن بين أقربائه وذوي رحمه من تثب أحشاؤه شوقًا إلى فتات تلك المائدة، ويسيل لعابه تلفها على فضلاتها، بل إن بينهم من لا تخالط الرحمة قلبه، ولا يعقد الحياء لسانه، فيظل يسرد على مسمع الفقير أحاديث نعمته، وربما استعان به على عدِّ ما تشتمل عليه خزائنه من الذهب وصناديقه من الجوهر، وغرفه من الفراش والرياش ليكسر قلبه وينغص عليه عيشه ويبغض إليه حياته، وكأنه في كل كلمة من كلماته وحركة من حركاته يقول له: أنا سعيد لأني غني وأنت شقي لأنك فقير:
أحسب لولا أن الأقوياء في حاجة إلى الضعفاء يستخدمونهم في مرافقهم وحاجاتهم كما يستخدمون أدوات منازلهم ويسخرونهم في مطالبهم كما يسخرون مراكبهم، ولولا أنهم يؤثرون الإبقاء عليهم ليمتعوا أنفسهم بمشاهدة عبوديتهم لهم وسجودهم بين أيديهم لامتصوا دماءهم كما اختلسوا أرزاقهم، ولحرموهم الحياة كما حرموهم لذة العيش فيها.
لا أستطيع أن أتصور أن الإنسان إنسان حتى أراه محسنًا؛ لأني لا أعتمد فصلًا صحيحًا بين الإنسان والحيوان إلا الإحسان،وإني أرى الناس ثلاثة، رجل يحسن إلى غيره ليتخذ إحسانه إليه سبيلًا إلى الإحسان إلى نفسه، وهو المستبد الجبار الذي لا يفهم من الإحسان إلا أنه يستبعد الإنسان، ورجل يحسن إلى نفسه، ولا يحسن إلى غيره، وهو الشرة المتكالب الذي لو علم أن الدم السائل يستحيل إلى ذهب جامد لذبح في سبيله الناس جميعًا، ورجل لا يحسن إلى نفسه، ولا إلى غيره، وهو البخيل الأحمق الذي يجيع بطنه ليشبع صندوقه، أما الرابع الذي يحسن إلى غيره ويحسن إلى نفسه، فلا أعلم له مكانًا ولا أجد إليه سبيلا، وأحسب أنه هو ذلك الذي كان يفتش عنه الفيلسوف اليوناني ديوجين الكلبي حينما سئل ما يصنع بمصباحه، وكان يدور به في بياض النهار، فقال: افتش عن إنسان.
النظرات
مررت ليلة أمس برجل بائس فرأيته واضعا يده على بطنه كأنما يشكو ألما فرثيت لحاله وسألته ما باله فشكا إلى الجوع ففثأته عنه ثم تركته، وذهبت إلى زيارة صديق لي من أرباب الثراء والنعمة فأدهشني أني رأيته واضعا يده على بطنه، وأنه يشكو من الألم ما يشكو ذلك البائس الفقير، فسألته عما به فشكا إلى البطنة فقلت يا للعجب: لو أعطى الغنيُّ الفقيرَ ما فضل عن حاجته من الطعام ما شكا واحد منهما سقما، ولا ألمًا، لقد كان جديرًا به أن يتناول من الطعام ما يشبع جوعته. ويطفئ غلته، ولكنه كان محبًّا لنفسه مغاليا بها فضم إلى مائدته ما اختلسه من صفحة الفقير، فعاقبه الله على قسوته بالبطنة حتى لا يهنئ للظالم ظلمه، ولا يطيب له عيشه، وهكذا يصدق المثل القائل: بطنة الغني انتقام لجوع الفقير:
ما ضنت السماء بمائها، ولا شحت الأرض بنباتها، ولكن حسد القويُّ الضعيفَ عليهما فزواهما واحتجنهما دونه فأصبح فقيرًا معدمًا. شاكيًا متظلمًا. غرماؤه المياسير الأغنياء، لا الأرض والسماء.
ليتني أملك ذلك العقل التي يملكه هؤلاء الناس، فأستطيع أن أتصور كما يتصورون حجة الأقوياء في أنهم أحق بإحراز المال، وأولى بامتلاكه من الضعفاء، إن كانت القوة حجتهم عليهم، فلم لا يملكون بهذه الحجة سلب أرواحهم كما ملكوا سلب أموالهم، وما الحياة في نظر الحي بأثمن قيمة من اللقمة في يد الجائع، وإن كانت حجتهم أنهم ورثوا ذلك المال من آبائهم، قلنا لهم: إن كانت الأبوة علة الميراث، فلم ورثتم آباءكم في أموالهم، ولم ترثوهم في مظالمهم، فلقد كان آباؤكم في أموالهم، ولم ترثوهم في مظالمهم، فلقد كان آباؤكم أقوياء؛ فاغتصبوا ذلك المال من الضعفاء، وكان حقًّا عليهم أن يردوا إليهم ما اغتصبوا منهم، فإن كنتم لا بد ورثاءهم فاخلفوهم في رد المال إلى أربابه، لا في الاستمرار على اغتصابه.
ما أظلم الأقوياء من بني الإنسان، وما أقسى قلوبهم، ينام أحدهم ملء جفنيه على فراشة الوثير ولا يقلقه في مضجعه أنه يسمع أنين جاره وهو يرعد بردًا، ويجلس أمام مائدة حافلة بصنوف الطعام قديده وشوائه حلوه ومُرّه، ولا ينغص عليه شهوته علمه أن بين أقربائه وذوي رحمه من تثب أحشاؤه شوقًا إلى فتات تلك المائدة، ويسيل لعابه تلفها على فضلاتها، بل إن بينهم من لا تخالط الرحمة قلبه، ولا يعقد الحياء لسانه، فيظل يسرد على مسمع الفقير أحاديث نعمته، وربما استعان به على عدِّ ما تشتمل عليه خزائنه من الذهب وصناديقه من الجوهر، وغرفه من الفراش والرياش ليكسر قلبه وينغص عليه عيشه ويبغض إليه حياته، وكأنه في كل كلمة من كلماته وحركة من حركاته يقول له: أنا سعيد لأني غني وأنت شقي لأنك فقير:
أحسب لولا أن الأقوياء في حاجة إلى الضعفاء يستخدمونهم في مرافقهم وحاجاتهم كما يستخدمون أدوات منازلهم ويسخرونهم في مطالبهم كما يسخرون مراكبهم، ولولا أنهم يؤثرون الإبقاء عليهم ليمتعوا أنفسهم بمشاهدة عبوديتهم لهم وسجودهم بين أيديهم لامتصوا دماءهم كما اختلسوا أرزاقهم، ولحرموهم الحياة كما حرموهم لذة العيش فيها.
لا أستطيع أن أتصور أن الإنسان إنسان حتى أراه محسنًا؛ لأني لا أعتمد فصلًا صحيحًا بين الإنسان والحيوان إلا الإحسان،وإني أرى الناس ثلاثة، رجل يحسن إلى غيره ليتخذ إحسانه إليه سبيلًا إلى الإحسان إلى نفسه، وهو المستبد الجبار الذي لا يفهم من الإحسان إلا أنه يستبعد الإنسان، ورجل يحسن إلى نفسه، ولا يحسن إلى غيره، وهو الشرة المتكالب الذي لو علم أن الدم السائل يستحيل إلى ذهب جامد لذبح في سبيله الناس جميعًا، ورجل لا يحسن إلى نفسه، ولا إلى غيره، وهو البخيل الأحمق الذي يجيع بطنه ليشبع صندوقه، أما الرابع الذي يحسن إلى غيره ويحسن إلى نفسه، فلا أعلم له مكانًا ولا أجد إليه سبيلا، وأحسب أنه هو ذلك الذي كان يفتش عنه الفيلسوف اليوناني ديوجين الكلبي حينما سئل ما يصنع بمصباحه، وكان يدور به في بياض النهار، فقال: افتش عن إنسان.
النظرات
Forwarded from مصطفى لطفي المنفلوطي
.
ولو كان للمرأة ما للرجل من قوة العقل لاستطاعت أنْ تحجبه في المنزل، وأنْ تتولى شأنه، وأنْ تعبث بعقله، فتُعظِّم جريمته وتُصغِّر جريمتها في عينه، وأن تنفذ إلى قلبه فتلعب به لعب الصبي بالكرة، وأن تحدثه فيصدِّق، وتأمره فيأتمر، وأن تسن له القوانين الجائرة والشرائع الفاسدة فيؤمن بها إيمانه بالإله المعبود، كما صنع هو بها في جميع ذلك فبلغ منها ما أراد.
لا أريد أنَّ هذا الفرق في القوة العقلية بين الرجل والمرأة يمنحه هذا الحق في ظلمها وغلبتها على حقها؛ بل أريد أنَّ هذا الفرق هو سبب ذلك السلطان القاهر، والحكم الجائر.
وجملة القول: إنَّ حكم المجتمع الإنساني بإدانة المرأة الزانية وبراءة الرجل الزاني حكمٌ ظالمٌ، ولو أنه أنصفهما لعرف فرق ما بينهما في القوة العقلية، فجعل عقاب الرجل القوي المهاجم فوق عقاب المرأة الضعيفة المدافعة، ولكنه لم يفعل ذلك؛ لأن رجاله ظلمةٌ جائرون، ولأن نساءه ساذجاتٌ ضعيفاتٌ، يُصدِّقن الرجال في أقوالهم، وينظرن إلى المستحسنات والمستهجنات بأنظارهم، فإن أردنا أنْ تنال المرأة حقها من الرجل وأنْ تنتصف منه، فليس سبيلها إلى ذلك المغالبة والمصارعة، فإنها أضعف منه جسمًا وعقلًا، بل السبيل إليه أنْ نُعَلِّمَها العلم لتعرف كيف تستعطفه وتسترحمه، وكيف تحمله على إجلالها وإعظامها، وأنْ نُعَلِّمَهُ كذلك ليستطيع أن يكون شخصًا كريمًا، وإنسانًا رحيمًا.
#النظرات
المنفلوطي
ولو كان للمرأة ما للرجل من قوة العقل لاستطاعت أنْ تحجبه في المنزل، وأنْ تتولى شأنه، وأنْ تعبث بعقله، فتُعظِّم جريمته وتُصغِّر جريمتها في عينه، وأن تنفذ إلى قلبه فتلعب به لعب الصبي بالكرة، وأن تحدثه فيصدِّق، وتأمره فيأتمر، وأن تسن له القوانين الجائرة والشرائع الفاسدة فيؤمن بها إيمانه بالإله المعبود، كما صنع هو بها في جميع ذلك فبلغ منها ما أراد.
لا أريد أنَّ هذا الفرق في القوة العقلية بين الرجل والمرأة يمنحه هذا الحق في ظلمها وغلبتها على حقها؛ بل أريد أنَّ هذا الفرق هو سبب ذلك السلطان القاهر، والحكم الجائر.
وجملة القول: إنَّ حكم المجتمع الإنساني بإدانة المرأة الزانية وبراءة الرجل الزاني حكمٌ ظالمٌ، ولو أنه أنصفهما لعرف فرق ما بينهما في القوة العقلية، فجعل عقاب الرجل القوي المهاجم فوق عقاب المرأة الضعيفة المدافعة، ولكنه لم يفعل ذلك؛ لأن رجاله ظلمةٌ جائرون، ولأن نساءه ساذجاتٌ ضعيفاتٌ، يُصدِّقن الرجال في أقوالهم، وينظرن إلى المستحسنات والمستهجنات بأنظارهم، فإن أردنا أنْ تنال المرأة حقها من الرجل وأنْ تنتصف منه، فليس سبيلها إلى ذلك المغالبة والمصارعة، فإنها أضعف منه جسمًا وعقلًا، بل السبيل إليه أنْ نُعَلِّمَها العلم لتعرف كيف تستعطفه وتسترحمه، وكيف تحمله على إجلالها وإعظامها، وأنْ نُعَلِّمَهُ كذلك ليستطيع أن يكون شخصًا كريمًا، وإنسانًا رحيمًا.
#النظرات
المنفلوطي
متى نَظَرَتِ المَرأَةُ إلى رَجُلٍ تُعجَبُ به كانت نَظَراتُها الأُولَى مُتَحَيَّرَةً، قَلِقَةً، غَيرَ مُطمَئِنَّةً، معناها: هل هو أنتَ؟
فإذا داخَلَها الحُبُّ واطمأنَّتْ جاءتْ نَظَراتُها مُستَرسِلَةً، مُتَذَلِّلَةً، مُتَأنِّثَةً، معناها: هو أنتَ.
[كلمة وكليمة]
فإذا داخَلَها الحُبُّ واطمأنَّتْ جاءتْ نَظَراتُها مُستَرسِلَةً، مُتَذَلِّلَةً، مُتَأنِّثَةً، معناها: هو أنتَ.
[كلمة وكليمة]
يَنظُرُ الحُبُّ دائِمًا بعَينٍ واحِدَةٍ؛ فيَرَى جانِبًا ويعمى عن جانِب، ولا يَنُظُرُ بعَينَيهِ مَعًا إلا حِينَ يُريدُ أن يَتَبَيَّنَ طَريقَهُ ليَنصَرِف.
[كلمة وكليمة]
[كلمة وكليمة]
Forwarded from مصطفى لطفي المنفلوطي
حضرة السيد الفاضل
ما لك لا تكثر من الكتابة في الشئون السياسية إكثارَك منها في الشئون الأخلاقية والاجتماعية؟ وكيف يضيق بالسياسة قلمُك وقد وَسِعَ كلَّ شيء؟ فاكتب لنا في السياسة، فَأُمَّتُكَ تحب أن تراك سياسيًّا، والسلام.
أيها الكاتب
يعلم الله أني أبغض السياسة وأهلَها بُغضي للكذب والغش والخيانة والغدر.
أنا لا أحب أن أكون سياسيًّا؛ لأني لا أحب أن أكون جلًّادًا.
لا فرق عندي بين السياسيين والجلادين، إلا أنَّ هؤلاء يقتلون الأفراد، وأولئك يقتلون الأمم.
هل السياسي إلا رجلٌ عرفت أمته أنه لا يوجد بين أفرادها من هو أقسى منه قلبًا، ولا أكثر كيدًا فنصَّبته للقضاء على الأمم الضعيفة وسلبها ما وهبها الله من الحسنات وأجزل لها من الخيرات؟
أليس أكبر السياسيين مَقَامًا وأعظمهم فخرًا وأَسْيَرُهُمْ ذِكْرًا ذلك الذي نقرأ صفحات تاريخه فنرى حروفها من أشلاء القتلى، ونقطها من قطرات الدماء؟
أيستطيع الرجل أن يكون سياسيًّا إلا إذا كان كاذبًا في أقواله وأفعاله، يبطن ما لا يظهر، ويظهر ما لا يبطن، ويبسم في مواطن البكاء، ويبكي في مواطن الابتسام؟
أيستطيع الرجل أن يكون سياسيًّا إلا إذا عرف أنَّ بين جنبيه قلبًا متحجرًا لا يقلقه بؤس البائسين ولا تزعجه نكبات المنكوبين؟
كثيرًا ما يسرق السارق فإذا قضى مأربه رفع يده متضرِّعًا إلى الله أن يرزقه المال حلالًا حتى لا يتناوله حرامًا، وكثيرًا ما يقتل القاتل فإذا فرغ من أمره جلس بجانب قتيله يبكي عليه بكاء الثكلى على وحيدها، أما السياسي فلا يُرى يومًا في حياته أسعد من اليوم الذي يعلم فيه أنْ قد تم له تدبيره في إهلاك شعبٍ وإفقار أمة، وآية ذلك أنه في يوم انتصاره — كما يسميه هو — أو في يوم جنايته — كما أسميه أنا — يسمع هتاف الهاتفين مطمئن القلب، مُثْلَجَ الصدر، حتى لَيُخَيَّل إليه أنَّ الفضاء بأرضه وسمائه أضيق من أن يسع قلبه الطائر المحلِّق فرحًا وسرورًا.
يقولون: «إنَّ السياسة ليست علمًا من العلوم التي يتعلمها الإنسان في مدرسة أو يدرسها في كتاب، وإنما هي مجموعة أفكارٍ قانونها التجارب، وقاعدتها العمل.» أتدري لماذا؟
لأن العلماء أشرف من أن يدونوا المكايد والحيل في كتاب، والمدارس أجلُّ من أن تجعل بجانب دروس الأخلاق والآداب دروس الأكاذيب والأباطيل، وإلا فكل طائفةٍ من طوائف المعلومات المتشابهة تدخل بطبيعتها تحت قانون علمٍ يؤلفها ويجمع بين أشتاتها.
هؤلاء هم السياسيون، وهذه هي أخلاقهم وغرائزهم في الأعم الأغلب من شئونهم وأطوارهم، فهل تظن أيها الكاتب أنَّ رجلًا نَصَّبَ نفسَه لنصرة الحقيقة والأخذ بِضَبْعَيِ الفضيلة لاستنقاذها من بين مخالب الرذيلة، ووقف قلمه على تهذيب النفوس وترقية الأخلاق، وملأ في رسائله فضاء الأرض والسماء بكاءً ونواحًا على أمته المسكينة المستضعفة — يستطيع أن يكون سياسيًّا أو محبًّا للسياسيين؟
#النظرات
#المنفلوطي
ما لك لا تكثر من الكتابة في الشئون السياسية إكثارَك منها في الشئون الأخلاقية والاجتماعية؟ وكيف يضيق بالسياسة قلمُك وقد وَسِعَ كلَّ شيء؟ فاكتب لنا في السياسة، فَأُمَّتُكَ تحب أن تراك سياسيًّا، والسلام.
أيها الكاتب
يعلم الله أني أبغض السياسة وأهلَها بُغضي للكذب والغش والخيانة والغدر.
أنا لا أحب أن أكون سياسيًّا؛ لأني لا أحب أن أكون جلًّادًا.
لا فرق عندي بين السياسيين والجلادين، إلا أنَّ هؤلاء يقتلون الأفراد، وأولئك يقتلون الأمم.
هل السياسي إلا رجلٌ عرفت أمته أنه لا يوجد بين أفرادها من هو أقسى منه قلبًا، ولا أكثر كيدًا فنصَّبته للقضاء على الأمم الضعيفة وسلبها ما وهبها الله من الحسنات وأجزل لها من الخيرات؟
أليس أكبر السياسيين مَقَامًا وأعظمهم فخرًا وأَسْيَرُهُمْ ذِكْرًا ذلك الذي نقرأ صفحات تاريخه فنرى حروفها من أشلاء القتلى، ونقطها من قطرات الدماء؟
أيستطيع الرجل أن يكون سياسيًّا إلا إذا كان كاذبًا في أقواله وأفعاله، يبطن ما لا يظهر، ويظهر ما لا يبطن، ويبسم في مواطن البكاء، ويبكي في مواطن الابتسام؟
أيستطيع الرجل أن يكون سياسيًّا إلا إذا عرف أنَّ بين جنبيه قلبًا متحجرًا لا يقلقه بؤس البائسين ولا تزعجه نكبات المنكوبين؟
كثيرًا ما يسرق السارق فإذا قضى مأربه رفع يده متضرِّعًا إلى الله أن يرزقه المال حلالًا حتى لا يتناوله حرامًا، وكثيرًا ما يقتل القاتل فإذا فرغ من أمره جلس بجانب قتيله يبكي عليه بكاء الثكلى على وحيدها، أما السياسي فلا يُرى يومًا في حياته أسعد من اليوم الذي يعلم فيه أنْ قد تم له تدبيره في إهلاك شعبٍ وإفقار أمة، وآية ذلك أنه في يوم انتصاره — كما يسميه هو — أو في يوم جنايته — كما أسميه أنا — يسمع هتاف الهاتفين مطمئن القلب، مُثْلَجَ الصدر، حتى لَيُخَيَّل إليه أنَّ الفضاء بأرضه وسمائه أضيق من أن يسع قلبه الطائر المحلِّق فرحًا وسرورًا.
يقولون: «إنَّ السياسة ليست علمًا من العلوم التي يتعلمها الإنسان في مدرسة أو يدرسها في كتاب، وإنما هي مجموعة أفكارٍ قانونها التجارب، وقاعدتها العمل.» أتدري لماذا؟
لأن العلماء أشرف من أن يدونوا المكايد والحيل في كتاب، والمدارس أجلُّ من أن تجعل بجانب دروس الأخلاق والآداب دروس الأكاذيب والأباطيل، وإلا فكل طائفةٍ من طوائف المعلومات المتشابهة تدخل بطبيعتها تحت قانون علمٍ يؤلفها ويجمع بين أشتاتها.
هؤلاء هم السياسيون، وهذه هي أخلاقهم وغرائزهم في الأعم الأغلب من شئونهم وأطوارهم، فهل تظن أيها الكاتب أنَّ رجلًا نَصَّبَ نفسَه لنصرة الحقيقة والأخذ بِضَبْعَيِ الفضيلة لاستنقاذها من بين مخالب الرذيلة، ووقف قلمه على تهذيب النفوس وترقية الأخلاق، وملأ في رسائله فضاء الأرض والسماء بكاءً ونواحًا على أمته المسكينة المستضعفة — يستطيع أن يكون سياسيًّا أو محبًّا للسياسيين؟
#النظرات
#المنفلوطي
اللهُمَّ إنَّكَ رزقتَني العافِيَةَ في كُلِّ جَوارِحِي ولَمْ تُصِبني إلا في القَلب!
[المساكين]
[المساكين]
Forwarded from مصطفى لطفي المنفلوطي
"لا أعرف فتاة بدأت حياتها بغرام قط، فاستطاعت أن تتمتع بعده بحبٍ شريف".
النظرات (١٥٨/٣)
النظرات (١٥٨/٣)
أَبْلَغُ الرَّدِّ على هؤلاءِ الغانِيَاتِ في المُطالَبَةِ بِحُقوْقِ المَرأَةِ، أَنَّهُنَ أو أكثَرُهُنَّ؛ بين واحِدَةٍ فَقَدَتِ الرَّجُلَ، وأُخرَى سُلِبَتِ الرَّجُلَ، وثالِثَةٍ لَمْ تَنَلِ الرَّجُلَ، فهي أحلامُ إفلاسٍ كما تَرَى.
[كلمة وكليمة]
[كلمة وكليمة]
لا يُريدون أبَدًا أن تُسَمَّى الغَلطَةُ باسمِها، فإذا أخطأوا فلا تَقُولَنَّ أخطأوا، ولكِنْ قُل: إنَّهُ صَوابٌ جديد.
[تحت راية القرآن]
[تحت راية القرآن]
Forwarded from مصطفى لطفي المنفلوطي
لا بأس أن يتثبَّت الرجل قبل عقد الزواج من وجود الصفة المحبوبة لديه في المرأة التي يختارها لنفسه، ولا بأس أن تصنع المرأة صنيعه، ولكن لا على معنى أن يكون الحب الشهَويُّ هو قاعدة الزواج؛ يحيا بحياته ويموت بموته، فالقلوب متقلِّبةٌ، والأهواء نزَّاعةٌ، بل بمعنى أن يكون كلٌّ منهما لصاحبه صديقًا أكثر منه عشيقًا، فالصداقة ينمو بالمودة غَرْسُها، ويمتد ظلها، أما الحب فظلٌّ يتنقَّل، وحالٌ تتحوَّل.
النظرات
النظرات
فَلْسَفَتِي أنَّ الكِبْرِياءَ على المُتَكَبِّرِين هو أَعلَى التَّواضُع.
[كلمة وكليمة]
[كلمة وكليمة]
يا مَن تَباعَدَ عنِّي، حَفظتُ في البُعدِ عهدكْ
فكيفَ حالُكَ بعدي، قد ساءَ حاليَ بعدكْ
[ديوان الرافعي]
فكيفَ حالُكَ بعدي، قد ساءَ حاليَ بعدكْ
[ديوان الرافعي]
وظَهَرَتْ من الحُزنِ كأنَّها تِمثالٌ مَنصُوبٌ للحِداد، وهي تَلُوحُ من الذِّلَّةِ والانكِسارِ كأنَّما مات بعضُها وبَقِيَ بعضُها؛ وكأنَّما كانت حَياتُها من الأزهار، فذهب رَبيعُها ورَوضُها، وبَقِيَ جِذرُها وأرضُها.
[المساكين]
[المساكين]